محمد أمين الحسيني

ولد محمد أمين محمد طاهر الحسيني في مدينة القدس المحتلة عام 1897، وهو متزوج وله ابن وست بنات. درس المرحلة الأساسية في فلسطين، والتحق بالأزهر وبدار الدعوة والإرشاد في القاهرة حتى عام 1913. خدم في الفرقة 46 التابعة للجيش العثماني إبان الحرب العالمية الأولى، ورابط في ولاية أزمير، ثمَّ عُيِّن معاونًا لحاكم قلقيلية عام 1918، وكاتبًا في مكتب الجنرال غبريال باشا حداد، ثم مدرِّسًا في مدرستي الرشيدية وروضة المعارف، وكاتبًا في جريدة سوريا الجنوبية، ورئيسًا للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى (1921-1937).

نشط الحسيني في العمل السياسي منذ الأيام الأولى للاحتلال البريطاني لفلسطين، فساهم في إنشاء الجمعيات والنوادي مثل النادي العربي في القدس عام 1918، وشارك في أحداث موسم النبي موسى عام 1920، وتمكَّن من تحويل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى إلى حاضنة للوطنيين الفلسطينيين ومرجعًا لهم، وقاعدة للتثقيف السياسي، وحامية لمؤسسات الوقف الإسلامي وممتلكاتها، وقد بنى من خلاله المدارس ودشَّنَ المساجد وأنشأ الجمعيات.

 كان الحسيني من أبرز المنظمين للمؤتمرات الفلسطينية التي هدفت في حينه لتجميع القوى السياسية والعمل على برنامج وطني موحد، ومن القائمين على المؤتمرات الإسلامية مثل المؤتمر الإسلامي الكبير في القدس عام 1928، والمؤتمر الإسلامي العام في القدس عام 1931، وشارك في الوفود الفلسطينية التي فاوضت بريطانيا، وحاول استنهاض العرب والمسلمين من أجل فلسطين، فزار أكثر من بلد عربي وإسلامي، وأقام علاقات وطيدة مع جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا.

انتخب رئيسًا للجنة العربية العليا بعيد إعلان الإضراب الكبير عام 1936، وخرج من فلسطين سرًا عام 1937، وأدار شؤون الثورة الفلسطينية الكبرى من مقر إقامته في لبنان، وغادر لبنان إلى بغداد عام 1939، وشارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق عام 1941، وتواصل مع ألمانيا النازية من أجل استقلال المنطقة العربية، وتمكَّن من الفرار من مقر إقامته الجبرية في فرنسا بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين ووصل مصر سرًا عام 1946، وأصبح رئيسًا للهيئة العربية العليا عام 1946 (الإطار السياسي الجامع للأحزاب الفلسطينية)، وأشرف على تأسيس تنظيم الجهاد المقدس عام 1947 ليكون ذراعها العسكري، وشكّل حكومة عموم فلسطين في غزة عام 1948 ورئس المجلس الوطني الفلسطيني في نفس العام، ثمَّ أجبره النظام المصري على الانتقال للعيش في القاهرة حتى عام 1959، ثم غادرها إلى بيروت.

 كثَّف الحسيني نشاطه السياسي بعد النكبة وتواصل مع القوى الإقليمية والدولية خدمة للقضية الفلسطينية، وزار عددًا كبيرًا من الدول، وحضر العديد من المؤتمرات الإسلامية وترأس بعضها مثل مؤتمر العالم الإسلامي، ومثَّل فلسطين في أكثر من مؤتمر دولي مثل مؤتمر باندونغ في أندونيسيا عام 1955، والذي انبثقت عنه حركة عدم الانحياز، وعمل على استعادة نشاط المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني، والوقوف في وجه مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين، وعارض مشروع الملك الأردني عبد الله الأول لضم الضفة الغربية.

 تراجعت مكانة الحسيني خصوصًا بعد صعود حركات وأحزاب فلسطينية جديدة، ووجه كثيرون لتجربته نقدًا لاذعًا؛ فاتهم بالتفرد في صناعة القرار، واستخدام الاغتيالات ضد خصومه الفلسطينيين، وعدم إيمانه بالمؤسساتية، وحضور البعد العائلي في خياراته السياسية وسلوكه الميداني، وطموحاته الشخصية في الزعامة، ورغم ذلك يُحسب له تمسكه بالثوابت الفلسطينية، ورفضه لأُطروحات التسوية بما فيها الاعتراف بدولة الاحتلال، وتبنيه لفكرة التحرير الشامل لفلسطين التاريخية طوال حياته، كما أنَّه ظل مرجعًا للوطنيين الفلسطينيين حتى وفاته في بيروت في الرابع من تموز/ يوليو عام 1974.

عانى الحسيني كثيرًا أثناء سيرته النضالية؛ فقد تعرض للملاحقة من قبل البريطانيين، وحُكم عليه غيابيًا عام 1920 بعشر سنوات، ثم تجددت ملاحقته بعد اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى، وحاول اليهود اغتياله في القدس، وحاولوا نسف بيته في لبنان عام 1938، ولاحقه الفرنسيون واعتقلوه في ألمانيا، وأودعوه سجن ماري ميدي في باريس ثم فرضوا عليه الإقامة الجبرية، وألقى المصريون القبض عليه ورحَّلوه إلى القاهرة، وحدَّوا من تحركاته، وضايقه النظام الأردني.

المصادر والمراجع

  1. أبو شقرا، إبراهيم. “الحاج أمين الحسيني منذ ولادته حتى عام 1936”. اللاذقية: دار المنارة للدراسات والترجمة والنشر، 1998.
  2. حمودة، سميح. “ظهور ونمو زعامة مفتي القدس”. حوليات القدس، العدد 7، ربيع- صيف 2009.
  3. العمر، عبد الكريم. ” مذكرات الحاج أمين الحسيني”. دمشق: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، 1999.
  4. الموسوعة الفلسطينية“. القسم العام، المجلد الثالث، دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.
  5. نويهض، عجاج. “رجال من فلسطين ما بين بداية القرن إلى عام 1948“. بيروت: مطابع الكرمل الحديثة، 1981.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى