شؤون إسرائيلية

قراءة في المشهد السياسي الإسرائيلي آذار 2016

ملخص

تضمن المشهد السياسي الإسرائيلي خلال آذار 2016 نقاشات متعددة حول أحداث وقرارات هامة. فالحكومة والكنيست تناقشان وتقرران العديد من القرارات والمقترحات الجديدة لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية، والتي تراوحت بين المطالبة بتشديد القبضة الأمنية وبين الدعوة إلى الانفصال عن الفلسطينيين. ومحكمة العدل العليا تقضي بتجميد ما يُعرف بصفقة الغاز، وتوجه ضربة لنتنياهو شخصيًا الذي أقر الاتفاق بصفته وزيرًا للاقتصاد.

اتسعت النقاشات وامتدت خارج المستوى الرسمي بشأن قضايا نالت اهتمامًا شعبيًا، وخاصة القضايا المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين، ومنها توقيف الجندي الذي أطلق الرصاص على شاب فلسطيني مصاب، أو بالأحرى قام بإعدامه بعد إصابته، الأمر الذي دحض الادعاء بأخلاقيات الجيش. ومنها المصادقة الأولية على مشروع قانون إبعاد أعضاء من الكنيست بحجة دعم الإرهاب، وذلك على خلفية لقائهم مع عائلات شهداء فلسطينيين.

وفي الشأن الاجتماعي تفاعلت العديد من القضايا التي امتزج فيها البعد الاجتماعي بالشأن السياسي، منها اتساع الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء، واستقالة الوزير سلفان شالوم على خلفية التحرش الجنسي، والكشف عن احتمال توجيه تهم بالفساد ضد الوزير أرييه درعي.

1. الحكومة الإسرائيلية تتخذ عدة قرارات لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية

مع استمرار العمليات الفلسطينية مطلع شهر آذار، وبالتحديد عملية الطعن في يافا بتاريخ 8/3/2016، اتخذت الحكومة الإسرائيلية العديد من الإجراءات للقضاء على الأحداث الأمنية السائدة في الضفة الغربية، أو على الأقل لمواجهتها، ومن هذه الإجراءات:

1. إغلاق فتحات الجدار حول مدينة القدس.
2.  بناء جدار أمني في منطقة ترقوميا جنوب الخليل لمنع تهريب العمال إلى إسرائيل.
3.  إقرار قانون لمعاقبة من يقوم بتشغيل الفلسطينيين الذين لا يمتلكون تصاريح عمل.
4.  سحب تصاريح عمل من تجار وعمال على نطاق واسع.
5.  إغلاق وسائل الإعلام التي تحرض على المقاومة.

• موقف أحزاب اليمين 

اعتبرت أحزاب اليمين الإسرائيلي أن الحل الأمثل لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية يجب أن يكون من خلال تشديد القبضة على الفلسطينيين. فقد اعتبر حزب الليكود أن مزيدًا من الضغط سيدفع الفلسطينيين للرضوخ، وطالب الوزير الليكودي أوفير أكونيس بضرورة الإبعاد الفوري لعائلات منفذي العمليات، فيما قدم رئيس حزب “البيت اليهودي” خطة للقضاء على الانتفاضة الفلسطينية، تضمنت ما يلي:

1. هدم البيوت غير المرخصة في بلدة منفذ العملية.
2. منع أهل البلدة من السفر وفرض حظر تجول عليهم، وحرمانهم من تصاريح العمل.
3. إبعاد عائلات منفذي العمليات إلى جنوب فلسطين بالقرب من الحدود المصرية، ووضعهم في مناطق معزولة أشبه ما تكون بالسجون الكبيرة.
فيما اعتبر أفيجدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أن سياسة الحكومة الإسرائيلية في مواجهة الانتفاضة هي سياسة انهزامية، مطالبًا بمزيد من العقوبات بحق الفلسطينيين.

• موقف أحزاب اليسار والوسط

هاجم زعيمُ المعارضة الإسرائيلية وزعيم “المعسكر الصهيوني” رئيسَ الحكومة الإسرائيلية متهمًا إياه بالفشل في مواجهة الانتفاضة، ومطالبًا بإكمال بناء الجدار العازل والانفصال عن الفلسطينيين. كذلك طالب إيهود باراك رئيس الحكومة الأسبق وزعيم حزب العمل الأسبق، بضرورة الانفصال عن الفلسطينيين، لأن غير ذلك من الممكن أن يؤدي إلى كارثة الدولة الواحدة، فيما طالب يائير لبيد زعيم حزب “يوجد مستقبل” بضرورة استمرار المنظومة الأمنية بوتيرة أقوى لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية.

• موقف الشاباك الإسرائيلي

اعتبر الشاباك الإسرائيلي ومن خلال دراسة قدمها للجهات الرسمية، أن غالبية العمليات الفلسطينية جاءت على خلفية التحريض المنظم في وسائل الإعلام الفلسطينية، ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالب الشاباك بإغلاق وسائل الإعلام المحرضة، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدًا الفيسبوك، وأشار الشاباك إلى أن عددًا من الشبان الفلسطينيين الذين قاموا بتنفيذ العمليات، يعانون من مشاكل اجتماعية تدفعهم نحو تنفيذ العمليات ضد إسرائيل.

2. المحكمة العليا توجه ضربة لحكومة نتنياهو بخصوص اتفاق الغاز

تلقت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو ضربة من المحكمة العليا بتاريخ 27/3/2016، وصفها البعض بهزة أرضية، وذلك حين أصدرت المحكمة قرارًا يقضي بتجميد اتفاق الغاز، الذي بلورته الحكومة نهاية العام الماضي مع شركتين كبيرتين، هما شركة نوبل إنرجي الأمريكية ومجموعة ديليك الإسرائيلية. واعتبرت المحكمة اتفاق الغاز “مخططًا مخالفًا للقانون ومشجعًا للاحتكار، يضمن مصالح الشركات على حساب المسار الديمقراطي”، وأضافت المحكمة “أن الحكومة الراهنة لا يمكنها أن تقيد الحكومات المقبلة. إنه قرار غير ديمقراطي”، وذلك ردًا على ما سمته الحكومة في المخطط “بند الاستقرار”، الذي تلتزم فيه الحكومة للشركتين بعدم رفع الضرائب خلال عشر سنوات، مما يضمن لهما أرباحًا مستقرة. وقد هاجم بعض الخبراء في قطاع الغاز قرار المحكمة قائلين إن القضاء يجمّد تطوير قطاع الطاقة الضروري لإسرائيل على حساب اعتبارات قانونية غير جوهرية.
من الجدير بالذكر أن نتنياهو كان قد أقر أواخر عام 2015، وبصفته وزيرًا للاقتصاد الإسرائيلي، ومستغلا استقالة أريه درعي من وزارة الاقتصاد، أقر اتفاق الغاز المذكور، مما أدى إلى خروج العديد من المظاهرات في إسرائيل ضد القرار، الذي يسمح للشركات بالتحكم المطلق في تصدير الغاز. وقد جمدت محكمة العدل العليا هذا الاتفاق، ومنحت الحكومة مدة سنة لتقوم بترتيبه وصياغته مع الشركات من جديد، على أن يتم عرض البند المُلغى على الكنيست. يُشار إلى أن موضوع صفقة الغاز واجه معارضة جارفة في الأوساط اليسارية، ومعارضة أقل في أوساط اليمين.

• موقف أحزاب اليمين

اعتبر بنيامين نتنياهو، زعيم الليكود ورئيس الحكومة، أن صفقة الغاز كما أقرها سابقًا ستكون بمثابة إنجاز عظيم لدولة إسرائيل، لأن الاتفاق سيدرُّ أموالاً طائلة للدولة تمكنها من تحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية، معتبرًا أن التعطيل من قبل المحكمة سيسبب ضررًا كبيرًا للدولة. فيما اعتبر وزير الطاقة عن حزب الليكود يوفال شتاينتس أن القرار غير منطقي وغير مقبول. واعتبر زئيف الكين وزير الهجرة عن حزب الليكود أيضًا أن قرار المحكمة يقتل الديمقراطية في إسرائيل، مطالبًا بالتدخل لتغيير المنظومة القضائية. من جانبه قال روعي فوكمان رئيس كتلة “كلنا”، الشريك في الائتلاف الحكومي، إن أعضاء كتلته يدعمون قرار المحكمة، معتبرًا أن دولة إسرائيل ينبغي عليها العمل وفق ما تقره محكمة العدل العليا، ونافيًا أي تحفظ على قرار المحكمة.

• موقف أحزاب اليسار والوسط

اعتبرت زهافا جلاؤون زعيمة حزب “ميرتس” اليساري، أن قرار المحكمة هو دفاع عن الجمهور الإسرائيلي أمام سطوة رئيس الوزراء. فيما قالت شيلي يحيموفتش، الزعيمة السابقة لحزب العمل وممثلته في الكنيست، إنها بكت عند سماعها الخبر، مضيفة أن ذلك يدلل على وجود قضاء قوي في إسرائيل، واصفة القرار بالدراماتيكي والتاريخي. وكان زعيم حزب “يوجد مستقبل” الوسطي قد تقدم في نهاية العام لمحكمة العدل العليا بالتماس شبيه لإلغاء صفقة الغاز. كما اعتبرت حملة مناهضة صفقة الغاز، المحسوبة على اليسار، أن قرار المحكمة هو انتصار للشفافية على الفساد والمحسوبية والعلاقات المشبوهة بين صناع القرار وأصحاب الشركات.

3. شريط فيديو يُظهر إعدام جندي إسرائيلي لجريح فلسطيني في الخليل ويفضح أخلاقيات الجيش

أظهر شريط فيديو نشرته مؤسسة بتسيلم الإسرائيلية المختصة بحقوق الإنسان، قيام جندي إسرائيلي بتاريخ 24/3/2016 بإطلاق النار دون مبرر على رأس جريح فلسطيني في مدينة الخليل، بزعم أنه قام بتنفيذ عملية طعن، مما أدى إلى استشهاده على الفور. وقد أظهر الفيديو الجندي الإسرائيلي وهو يتقدم نحو الشاب الفلسطيني الملقى على الأرض، عبد الفتاح الشريف (21 عامًا)، ثم يطلق النار على رأسه لتأكيد إعدامه. أثار الفيديو العديد من ردود الفعل الإسرائيلية، حيث تم توقيف الجندي والبدء بمحاكمته. يُذكر أن استطلاعات الرأي أشارت إلى أن 74% من الجمهور الإسرائيلي يدعمون الجندي.

• موقف أحزاب اليمين

اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي، ولا يقوم بالإعدامات الميدانية. فيما اعتبر حزب “البيت اليهودي”، وعلى لسان زعيمه نفتالي بنت، أن من يهاجمون الجندي، يقومون بإقرار حكمه سلفًا، وبتوجيه الكل ضده. وأبرز الردود المتطرفة كانت من أفيجدور ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، الذي أشار إلى أنه سيذهب للمحكمة للتضامن مع الجندي، مطالبًا الجهات المعنية أن تسمح له بزيارته، ومشيرًا إلى أنه يفضِّل أن يكون الجندي مخطئًا على أن يكون تحت الخطر أو مقتولاً.

• موقف أحزاب اليسار

أدانت أحزاب المعارضة اليسارية الحادثة، حيث اعتبرت زهافا جلاؤون زعيمة حزب “ميرتس” أن الحادثة مقلقة، ومخالفة للقيم والأخلاق، وأن من يتحمل ذلك هي رسائل التحريض التي توصلها الحكومة للجندي الإسرائيلي أثناء أدائه لخدمته، مطالبة بإيقاع أشد درجات المحاكمة بحق الجندي. فيما اعتبر عوفر شلح من حزب “يوجد مستقبل” أن ما يتعرض له الجيش في ساحة المواجهة لا يعطيه المبرر للقيام بما قام به الجندي.

• موقف الجيش الإسرائيلي

اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون من حزب الليكود، أن ما قام به الجندي الإسرائيلي مخالف لقيم الجيش، واصفًا الحادث بالخطير. فيما أقر الجيش الإسرائيلي نفسه أن ما حدث هو فشل أخلاقي. ومن جانبه قال رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية آفي إيزنكوت، إن ما حدث ينافي أخلاقيات الجيش، مشيرًا إلى أن الجيش سيقوم بتوزيع كتيب عن قيمه وأخلاقياته.

4. الكنيست تصادق على مشروع قانون بشأن إبعاد أعضاء من الكنيست بالقراءة الأولى بحجة دعم الإرهاب

صادق الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 28/3/2016 على مشروع قانون يسمح بإبعاد عضو الكنيست بحجة دعم الإرهاب لفترة يحددها الكنيست بأغلبية الثلثين، علمًا أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو من بادر بمشروع القانون، بعد قيام بعض أعضاء الكنيست العرب بالالتقاء مع عائلات شهداء فلسطينيين، وقد مر القانون في الكنيست بالقراءة الأولى بأغلبية 59 عضوًا مقابل 52 عضوًا.

• موقف أحزاب اليمين

دعمت أحزاب اليمين والائتلاف الحكومي مشروع القانون، باستثناء عضوي كنيست من الائتلاف الحكومي، حيث اشترطا لتصويتهم لصالح القانون أن يتم حل مشكلة استقبال اليهود الإثيوبيين. فقد اعتبر زئيف الكين من حزب الليكود أن هذا القانون يأتي للدفاع عن إسرائيل وقيمها ممن يعيشون فيها ويقومون بالهجوم عليها. فيما لم يصوت أعضاء حزب “إسرائيل بيتنا” لصالح القانون رغم دعمهم له، حيث علل ذلك أفيجدور ليبرمان زعيم الحزب، بأنه لا يوجد شيء يقدم مجانًا لصالح الحكومة، مطالبًا بمنع محكمة العدل العليا من التدخل في لجنة الانتخابات مقابل التصويت لصالح القانون.

• موقف أحزاب اليسار والوسط والعرب

صوتت أحزاب اليسار والوسط والعرب ضد مشروع القانون، حيث اعتبرت أحزاب اليسار والوسط الإسرائيلي أن هذا القانون يهدم الديمقراطية الإسرائيلية. فقد اعتبرت تسيفي لفني زعيمة حزب “الحركة”، أن هذا القانون سيسبق قوانين أخرى تتعلق بقمع حرية التعبير. من جانبها اعتبرت زعيمة حزب “ميرتس” زهافا جلاؤون، أن هذا القانون يمهد الطريق للاغتيال السياسي. فيما أشار زعيم حزب العمل أن مرور هذا القانون يُسقط مركبًا مهمًا من مركبات الديمقراطية الإسرائيلية. أما أعضاء الكنيست العرب، فقد رأوا أن هذا القانون هو من ضمن سلسلة القرارات العنصرية الإسرائيلية، حيث اعتبر أيمن عودة رئيس القائمة العربية المشتركة أن ذلك يأتي في سياق سعي اليمين الإسرائيلي لإخراج العرب من اللعبة السياسية. فيما اعتبر أحمد الطيبي أن أغلبية 59 عضوًا هي فشل لنتنياهو، ويوم أسود في تاريخ الديمقراطية الإسرائيلية، وعلاقات الأغلبية مع الأقلية، مشيرًا إلى أن العرب سيلجؤون للمحكمة العليا في حال إقرار القانون.

5. الفجوة في الأجور بين النساء والرجال تتسع 

قدمت وزيرة المساواة الاجتماعية غيلا غمليئيل تقريرًا جاء فيه أن الثغرة في الأجور بين النساء والرجال في القطاع الحكومي هي أسوأ مما عليه في القطاع الخاص. أفاد التقرير أن الرجال في القطاع الخاص يربحون أكثر من النساء بـ 32%، بينما في القطاع العام يربحون أكثر من النساء بـ 36%. كما أفاد التقرير أن في الحكومة الحالية 3 نساء من مجموع 18 وزيرًا، وفي المحكمة العليا توجد 4 قاضيات من مجموع 15 قاضيًا. وجاء في التقرير أيضًا أن نسبة النساء من بين رؤساء المجالس المحلية تبلغ 2.7% فقط، ومن بين الأعضاء تبلغ 14.7%، حيث سجلت هذه النسبة ارتفاعًا مقداره 30% عن انتخابات 2008. قُدم التقرير بمناسبة يوم المرأة العالمي، وقد وصف الصورة بأنها كئيبة، فالثغرات، حسب تعبير الوزارة، لم تتقلص فحسب، بل توسعت. ورغم أن القوانين الإسرائيلية تكفل عدم التمييز ضد المرأة، إلا أن التقارير الرسمية وغير الرسمية تتحدث غير ذلك.

6. الوزير سلفان شالوم يستقيل وقضايا الاغتصاب والتحرش تتفاعل

رفض الوزير السابق سلفان شلوم دفع مبلغ 700 ألف شيكل كتعويض للمرأة التي تتهمه بارتكاب أعمال منافية للأخلاق ضدها، ضمن ما يعتبر تحرشًا جنسيًا، وقد طالبت المرأة الوزير شلوم بدفع المبلغ عبر كتاب أرسلته إليه مصحوبًا بنتائج جهاز كشف الكذب، والذي أشار إلى صدق ما تدعيه بأن الوزير قد قام بتحسس أماكن حساسة في جسدها قبل عدة أسابيع، مما اضطر الوزير للاستقالة والإعلان عن اعتزال الحياة السياسية. وكان تحقيق قد أجري في العام 2014 بهذه القضية ثم تم إغلاقه، وفي هذه الأيام يفحص المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين إمكانية فتح الملف ثانيةً بعد توفر شكاوى جديدة من نساء أخريات
.
يذكر أن سلفان شالوم كان قد شغل منصب عضو كنيست عن حزب الليكود لمدة 23 عامًا، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الأمن الداخلي وغيرها من الحقائب الأخرى.

كما يذكر أن هذه القضية ليست الأولى التي يتهم فيها مسؤول كبير بقضايا الاغتصاب أو التحرش الجنسي. فموشيه كتساف رئيس الدولة السابق يقضي عقوبة بالسجن لاتهامه وإدانته بالاغتصاب، وكذلك وزير الدفاع السابق إسحاق مردخاي قضى عقوبة السجن لإدانته بالتحرش الجنسي، وكذلك الوزير السابق حاييم رامون. وفي هذه الأيام تتطور قضية العميد في الجيش الإسرائيلي أوفيك بوخريس، حيث تم إلغاء تعيينه في منصب قائد وحدة العمليات في الجيش بعد اتهامه بعدة قضايا اغتصاب وتحرش جنسي. تحتل هذه القضية مركز الصدارة في الصحافة الإسرائيلية هذه الأيام، وخصوصًا بعد أن أثبت جهاز كشف الكذب أن المشتكية الرئيسة صادقة بأقوالها وأن العميد كاذب.

7. الوزير درعي يتورط ثانيةً

سمحت الجهات الرسمية بالإفصاح عن الشخصية السياسية الكبيرة المتورطة بقضية فساد من الدرجة الأولى، وهو وزير الداخلية الحاخام أرييه درعي زعيم حزب شاس الديني. تتعلق القضية بنقل أموال من سلطة الأراضي إلى وزارة إعمار النقب والجليل، التي كان الوزير درعي يتولاها قبل وزارة الداخلية. لم يتم حتى الآن فتح ملف بالقضية ولكن تجرى تحقيقات للتحري. وعلى ما يبدو تتوفر مادة قوية للاستمرار فيها، ويبقى القرار عند المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليط. من جهته أعلن الوزير درعي أنه على استعداد للتعاون مع أي جهة ذات علاقة لفحص ما ينسب إليه، وطلب من المستشار القضائي للحكومة الكشف عن اسمه إذا كان هو المقصود، إذ ليس عنده ما يخشاه حسب زعمه.

ورغم تأييد الشارع للتحقيق في شبهات الفساد، إلا أن بعض الأصوات دافعت عن الوزير درعي، معتبرة أن السياسي الذي يمتلك عقارات ليس بالضرورة امتلكها عن طريق الفساد، فشارون كان يمتلك مزرعة ضخمة، وأولمرت كان يمتلك شققًا فارهة، وإيهود براك كان يمتلك أبراج اكريفوت، ونتنياهو يمتلك فيلا فارهة في قيسارية. ونفت هذه الأصوات ما يمنع السياسي من العمل والاستثمار بعد اعتزال الحياة السياسية، حتى لو استغل معارفه الذين كسبهم أثناء عمله الرسمي.

يُذكر أن الوزير الحاخام أرييه درعي اتُّهم لأول مرة بالفساد في بداية التسعينيات، فالتزم “حق الصمت”، وأُغلق الملف ضده، ثم وُجهت له تهمٌ بإساءة استخدام المنصب وتلقي الرشوة والاحتيال، وحكم بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف، وتم إطلاق سراحه عام 2002، فاعتزل الحياة السياسية مؤقتًا، ثم عاد إلى العمل السياسي عام 2013، حيث ترأس حزب “شاس”، وعاد إلى عضوية الكنيست، ثم أصبح وزيرًا في حكومة نتنياهو.

كما أن الوزير درعي ليس أول سياسي كبير يُتهم بالفساد، فرئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت يقضي عقوبة بالسجن لإساءة الائتمان وتلقي الرشوة، وكذلك اضطر الرئيس السابق عزرا وايزمان إلى تقديم استقالته بعد الشبهات التي نسبت إليه بتلقي الرشوة بمبلغ 5 ملايين دولار من الملياردير اليهودي الفرنسي ساروسي، مقابل تقديم تسهيلات له في إسرائيل لتنفيذ مشاريع استثمارية.

8. حوار في وزارة الداخلية البلجيكية يؤكد هوية فلسطين

عقب تفجيرات العاصمة البلجيكية بروكسل أواخر آذار/ مارس 2016، وأثناء محاولة نقل الجرحى اليهود للعلاج في فلسطين المحتلة، تفاجأ أحد المتطوعين اليهود من أبناء الجالية اليهودية في بلجيكا بالجواب الذي سمعه من ممثل قسم الطوارئ في وزارة الداخلية البلجيكية: “يمكن إرسالهم إلى فلسطين…..”. حيث دار الحوار التالي:

المتطوع اليهودي: صباح الخير، أنا متطوع من الجالية اليهودية بانطفورفان. يوجد اثنان من الجرحى في المستشفى، نريد أن ننقلهم إلى المطار.
ممثل الطوارئ: نعم، سيدي.
المتطوع اليهودي: المتطوعون جاهزون لمصاحبة الجريحين من المستشفى إلى المطار لنقلهم إلى إسرائيل، مع من يجب أن نتكلم لإصدار التصاريح اللازمة؟
ممثل الطوارئ: ليس إلى إسرائيل، بل إلى فلسطين.
المتطوع اليهودي: ليس فلسطين، إنها إسرائيل.
ممثل الطوارئ: نعم ، لكن كان اسمها فلسطين.
المتطوع اليهودي: هل يمكن الإعادة، ما اسم الدولة؟
ممثل الطوارئ: إنها فلسطين.
المتطوع اليهودي: هل يمكن أن نتعرف على اسمك، لو سمحت؟
ممثل الطوارئ: طبعًا، زخاريا.
المتطوع اليهودي: أنت لا تعرف إلا فلسطين؟
ممثل الطوارئ: عفوًا ….
المتطوع اليهودي: أنت لا تعرف إسرائيل، فقط فلسطين؟
ممثل الطوارئ: أنا أعرف أن اليهود ذهبوا ليسكنوا هناك، حيث استقبلتهم في البداية فلسطين، وبالطبع الاحتلال هو الذي يحتل كل الأخبار.
المتطوع اليهودي: هل تستطيع أن تجيبني، هل يستطيعون الحصول على التصاريح أم لا؟
ممثل الطوارئ: نعم بالطبع، إنهم يسألون إن كانوا يستطيعون أن ينقلوا إلى فلسطين أم لا؟ طبعًا يستطيعون الانتقال ……
يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم الإشارة فيها إلى اسم “فلسطين” بدل “إسرائيل” في بلجيكا، وبالذات في قسم الطوارئ، ففي الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2014، طلبت الجالية اليهودية نقل امرأة يهودية في الـ 90 من عمرها إلى إسرائيل، فكان الجواب: يمكن إرسالها إلى غزة.

9. عرض لكتاب مائة عام على اتفاقية سايكس – بيكو

مائة عام على اتفاقية سايكس- بيكو، عنوان تصدّر قائمة الكتب الموصى بقراءتها على مواقع استعراض الكتب الإسرائيلية، في إشارة إلى كتاب “جمس بار”؛ “خط في الرمال”، الذي حظي باهتمام خاص من كلا الوسطين الأكاديمي والصحافي في إسرائيل.

علق البروفيسور “إيلي فودة” من جامعة تل أبيب على الكتاب معتبرًا أن ميزة الكتاب تكمن في قدرة المؤلف على الجمع بين البحث التاريخي وبين الأسلوب الصحافي، فالكاتب جعل من التاريخ الواقعي شيئًا ممتعًا، عبر سرد القصص الطريفة وسوْق الاقتباسات.

والسبب في العناية الخاصة التي حظي بها كتاب “خط في الرمال” يعود إلى نزعة مهيمنة على التحليل السياسي الإسرائيلي، تميل إلى رد ما يجري في المنطقة عامة، وما يجري في سوريا خاصة، إلى خلل في اتفاقية سايكس- بيكو، مع التقليل من شأن العوامل المتعلقة بالحريات ومطالب الإصلاح.

نشْر الترجمة العبرية للكتاب في الذكرى المائة لاتفاقية سايكس- بيكو تزامن مع مقال نشرته “مبطال عال” لوزير الداخلية السابق “جدعون ساعر”، بالاشتراك مع مدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي السابق، العقيد “جابي سيبوني”، تحت عنوان: “آن الأوان لأن نقول: وداعًا سوريا، وداعًا سايكس- بيكو”. “ساعر” و”سيبوني” اعتبرا أن الواقع في سوريا قد فرض انتهاء سايكس- بيكو، وأنه لم يتبق سوى دور السياسيين، والتحرك المنظم والمنسق الذي يطبّق بإرادة وغطاء دولي، من أجل فصل القوات بين الأغلبية السنية وبين الأقليات، بالإضافة إلى المساعدة في إقامة كيان درزي يحول بين الأردن في الجنوب وبين الكتلة السنية الكبيرة في وسط سوريا.

والراصد للمقالات الإسرائيلية التي تتحدث عن انتهاء صلاحية سايكس- بيكو، وضرورة ظهور دول جديدة، واختفاء دول قديمة، يجد أنها غير مرتبطة بمرور مائة عام على الاتفاقية، بقدر ما هي مرتبطة بأحداث الربيع العربي، كما أنها غير مقتصرة على معسكر اليمين، أو على المنظرين الراديكاليين. فبعد أشهر من اندلاع موجة الاحتجاج العربية، وفي 25 مارس 2011، كتب الصحافي اليساري “ألوف بن” مقالاً في هآرتس تحت عنوان “مؤشر خطر: شرق أوسط قيد الإنشاء”، وصف في مقدمته الانتفاضات الشعبية في العالم العربي بالصرخة البعيدة، الآتية من أساسات اتفاقية سايكس- بيكو 1916، معتبرًا أن هدف الثورات العربية لا يقتصر على استبدال أنظمة الحكم القائمة، بل يتعداه إلى إعادة رسم خارطة المنطقة، معززًا ما ذهب إليه باقتباسات من كتاب “كيف نصنع عالمًا جديدًا” لـ “بارج خانا”، خبير العلاقات الدولية ومستشار حملة أوباما الرئيسية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، والذي عمل أيضًا كمستشار أرشد في الشأن الجيوپولتيكي للجيش الأمريكي أثناء غزو أفغانستان والعراق، وأحد أبرز المتحمسين لفكرة ضرورة إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط. “ألوف بن” ختم مقاله يومها بأن الدبلوماسية الصحيحة تقضي بمشاركة إسرائيل في ظهور دول جديدة، ومعرفة طريقة توظيفها.

“رونن درفان” الذي كتب استعراضًا طويلاً للكتاب في صحيفة “إسرائيل اليوم”، وبعد حديثه عن المكانة الكبيرة التي حظي بها الكتاب في إسرائيل، عاد وأكد أن الاهتمام الخاص بالكتاب في إسرائيل لا يعني أنه سيتم تبني الكتاب في المنهاج الدراسي الإسرائيلي، معللاً ذلك بكون الكتاب قد تجاهل اللاعبين من خارج القوى الإمبريالية. فالمؤلف لم يولِ أي اهتمام بالدور الذي لعبته الحركات الوطنية العربية، ولا بالدور الصهيوني، مما يتعارض مع رغبة واضعي المنهاج الإسرائيلي في تدعيم سردية النضال الصهيوني، والظهور بمظهر حركة تحرر وطني، كافحت من أجل نيل الاستقلال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى