شؤون إسرائيلية

قراءة في المشهد السياسي الإسرائيلي تشرين ثاني/ نوفمبر 2016

•    ملخص:

يركز المشهد السياسي الإسرائيلي خلال تشرين ثاني/ نوفمبر على الشؤون الداخلية، والنقاشات الحزبية والسياسية. فعلى صعيد المناكفات الحزبية، حاولت المعارضة وبعض وسائل الإعلام ربْط نتنياهو بشبهات الفساد المتعلقة بصفقة غواصات ألمانية، كما حاولت اتهام الحكومة بالتقصير بشأن موجة الحرائق التي اجتاحت بعض المدن الإسرائيلية.

وعلى الصعيد التشريعي والسياسي، برزت المواقف المتطرفة للأحزاب اليمينية بشأن قانون منْع الأذان، وقانون شرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.

وفي الشأن الداخلي، عادت بعض التقارير التي تتناول سعْي نتنياهو للسيطرة على وسائل الإعلام، كما تناولت تقارير أخرى الشأن الاجتماعي، ولاسيما قضايا التمييز ضد اليهود من أصول إثيوبية، والتمييز في الأجور بين الطلاب والطالبات.

•    صفقة الغواصات وشبهة وجود فساد:

في السابع من تشرين ثاني، بدأت الأوساط السياسية والإعلامية بالحديث عن شبهة فساد حول شراء ثلاث غواصات من ألمانيا. تتعلق شبهة الفساد بجانبين، الأول وجود علاقة بين وكيل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، المحامي دافيد شومرون، مع الوسيط في صفقة الغواصات ميكي غانور، والثاني توقيع الصفقة رغم معارضة وزير الجيش السابق موشيه يعالون، وهو الوزير المعني بالأمر.

مواقف أحزاب اليمين الحاكم

طالب رئيس الحكومة وزعيم الليكود بنيامين نتنياهو الجميع بالهدوء، مؤكدًا عدم وجود أي خلل فيما يتعلق بشراء الغواصات، ومخاطبًا اليسار بأنه باقٍ في رئاسة الحكومة فترة طويلة.

من جانبه أكّد يوئاف جالنت، وزير البنية التحتية من حزب “كلنا”، أنه شارك في كل جلسات الحكومة الحالية، ولم يسمع بتاتًا معارضة يعالون لشراء الغواصات، معتبرًا أن هناك حاجة للغواصات، وهي بوليصة تأمين للدولة.
كما دافع نفتالي بينت، وزير التعليم وزعيم حزب “البيت اليهودي”، عن نتنياهو، وقال بأنه غير فاسد، ومن غير المعقول أن يعرّض أمن الدولة للخطر.

في حين أشار أفيجدور ليبرمان، وزير الجيش وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، إلى أنه لا يعلم بوجود أي علاقة للمحامي شومرون بشراء الغواصات، مؤكدًا دعمه -بصفته وزيرًا للجيش- لشراء الغواصات، التي تُعتبر ضرورية لأمن الدولة.

مواقف أحزاب اليسار والوسط المعارضة

طالبت أحزاب المعارضة بفتح تحقيق في هذه القضية. فقد أشار يائير لبيد، زعيم حزب “يوجد مستقبل”، إلى أن القضية خطيرة وتمسّ أمن الدولة، وأن الحكومة تحاول امتصاص القضية ودفنها.

كما أشارت شيلي يحيموفتش، عضو الكنيست عن حزب العمل وزعيمته السابقة، إلى أن الدلائل تشير إلى تورط محامي نتنياهو في القضية، مطالبة بفتح تحقيق جنائي. كما اعتبر رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك، والذي كان رئيسًا لحزب العمل، أن الغواصات مهمة للدولة، لكن الأهم نظافة وإخلاص الحكومة للدولة ومواطنيها.

تعقيب.. رغم خطورة القضية، إلا أنه من المستبعد أن تقود إلى تحقيق جنائي، فالإعلام في الآونة الأخيرة يحاول تضخيم كل قضية تتعلق بنتنياهو، والجمهور الإسرائيلي بشكل عام يلاحظ ذلك، ونتنياهو استطاع إنهاء عشرات القضايا التي حاول خصومه إيصالها إلى تحقيق جنائي. وحتى إنْ ثبت تورط المحامي شومرون في هذه القضية، فإن إعلان نتنياهو عدم معرفته بطبيعة عمل وعلاقة شومرون بالوسيط، تكفي لإغلاق القضية.

•    فوز دونالد ترامب بمنصب رئاسة الولايات المتحدة:

في الثامن من تشرين أول/ أكتوبر جرت انتخابات الرئاسة الأمريكية، وقد فاز فيها دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري على منافسته هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي. وعقب هذا الفوز أُطلقت مئات التصريحات من مختلف أنحاء العالم، وذلك نظرًا لمواقف ترامب المثيرة للجدل، ومنها مواقفه المتعلقة بالقضية الفلسطينية والمنحازة لـ “إسرائيل”.

مواقف أحزاب اليمين الحاكم

رأت أحزاب اليمين في فوز ترامب فرصة عظيمة لتجسيد الواقع الاستيطاني في الضفة الغربية، والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية. فقد اعتبر رئيس الحكومة وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، أن فوز ترامب هو فوز للصديق الأقرب لـ “إسرائيل”، مشيرًا إلى نيته العمل معه لتحسين الأوضاع الأمنية وإحياء عملية السلام.

من جانبه، اعتبر نفتالي بينت، وزير التعليم وزعيم حزب “البيت اليهودي”، أن فوز ترامب هو علامة على نهاية حلم الدولة الفلسطينية، التي تشكل خطرًا على الأمن الإسرائيلي، حسب تعبيره.

كما اعتبر بتسلال سموترتس، عضو الكنيست عن حزب “البيت اليهودي” أيضًا، أن ترامب سيمثّل سياسة مختلفة، حينما يتبنى سياسة واضحة في دعم “إسرائيل” وحقوقها القومية والتاريخية والدينية، ودعم الاستيطان في كل البلاد، وطالب سموترتس حكومته بإعادة موجة البناء إلى سابق قوتها.

أما الليكودي تساحي هنجبي فقد تأمل بأن يقوم ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، رغم أن الكثيرين وعدوا بذلك ولم ينفّذوا.

مواقف أحزاب اليسار والوسط المعارضة

رأت زهافا جلاؤون رئيسة حزب ميرتس، أن ترامب إنسان غير متوقع، ولا يتقن السياسة الخارجية، ومن الصعب التعامل مع إنسان يعاني من الجنون. أما المعسكر الصهيوني بزعامة يتسحاق هرتسوغ، والذي كان يأمل بفوز هيلاري كلينتون، فقد بارك فوز ترامب، مطالبًا إياه بالعمل على إحياء عملية السلام.

واعتبر أحمد الطيبي النائب العربي من القائمة المشتركة، أن ترامب رجل مزاجي ومتقلب وغريب الأطوار، وعنصري من الطراز الأول.

تعقيب.. من الواضح أن المواقف المعلنة للرئيس الأمريكي المنتخب منحازة لـ “إسرائيل” بشكل واضح، ويبدو أن مرحلة ترامب ستشهد تحولاً إيجابيًّا نحو “إسرائيل”، وسلبيًّا نحو الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن سياسة “إسرائيل” تجاه الرؤساء الأمريكيين تقوم أحيانًا على الابتزاز، فقد استطاعت أن تحقق في عهد أوباما الشيء الكثير، رغم الخصومة الظاهرة بينهما، فعلى سبيل المثال، ارتفع الدعم الأمريكي لـ “إسرائيل” إلى 38 مليار دولار خلال العشر سنوات القادمة، بعد أن كان 25 مليارًا، فقد استطاعت حكومة اليمين ابتزاز أوباما، وذلك من خلال دعاياتها المتكررة ضده.

•    تفاعلات قانون منع الأذان في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948، وتصويت المجلس الوزاري عليه:

صوّت مجلس الوزراء اليميني في الثالث عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر، لصالح قرار دعم قانون منع الأذان، وكان من المفترض أن يصوّت الكنيست على القانون في قراءته الأولية في الثاني والعشرين من الشهر، وقد تأجّل التصويت إلى الثلاثين منه، ثم تأجّل مرة أخرى بسبب الخلافات حوله.

مواقف أحزاب اليمين الحاكم

أعلن رئيس الحكومة وزعيم الليكود بنيامين نتنياهو، دعمه للقانون، وأكّد دعوته لأعضاء حزبه التصويت لصالح القانون المذكور. من جانبه أكّد حزب “البيت اليهودي”، وعلى لسان النائب موتي موجاب، أن القانون ضروري من أجل توفير الراحة للمواطنين، وتحديدًا أثناء ساعات النوم والدراسة، مدّعيًا أن ذلك لا يمسّ الشعائر الدينية.

حزب “إسرائيل بيتنا”، الذي بادر قبل عامين إلى اقتراح القانون، من خلال ممثله في الكنيست روبرت ألتوب، ما زال يدعم سَنّ القانون بقوة. وكذلك حزب “كلنا” -الذي كان من المبادرين إلى سَنّ القانون أيضًا، عن طريق النائب ميراب بن آري- يرى أن ذلك يحفظ حريات كل سكان الدولة، لأن غير المسلم ليس ملزمًا بسماع الأذان، وفق تعبيره.

أما أحزاب الحريديم، (وهم المتدينون غير الصهاينة)، فما زالت ترفض التصويت مع القانون، فقد اعتبر لايتسمان زعيم حزب “يهودات هتوراة”، أن الحفاظ على الوضع القائم أفضل من سَنّ القانون، علاوة على تخوفه من سَنّ قوانين قد تُسهم في منع الصافرات اليهودية يوم السبت.

وكذلك اعتبر رئيس الدولة رؤوفن ريفلين أن القانون مبالغ فيه ويجب رفضه، مطالبًا موشيه كحلون زعيم حزب “كلنا”، إعطاء نوابه في الكنيست حرية التصويت، وعدم فرض التصويت عليهم بـ “نعم”.

مواقف أحزاب اليسار والوسط المعارضة

يائير لبيد زعيم حزب “يوجد مستقبل” رفض القانون، واعتبر أن ذلك يمثل ظلمًا واضحًا للمسلمين، وطالب فقط بتخفيض صوت السماعات فجرًا، وعدم فرْض قانون كامل بمنع الأذان. وهذا ما تتبناه بقية أحزاب الوسط واليسار، وهي ميرتس والمعسكر الصهيوني.

أما القائمة العربية المشتركة، فقد اعتبرت أن ذلك عنصرية واضحة ضد العرب، وقام النائب أحمد الطيبي برفع الأذان في جلسة الكنيست، وهذا ما قام به آخرون غيره، مؤكدين أنه لو مَرّ القانون فإنه لن يمنع المسلمين من رفع أذانهم في الأراضي المحتلة.

تعقيب..  تتجه الحكومة الإسرائيلية حاليًّا إلى استغلال ائتلاف كل اليمين الإسرائيلي في الحكومة، من أجل تمرير كافة القوانين التي قُدمت سابقًا ولم تلق تجاوبًا، كقانون منع الأذان وقانون شرعنة المستوطنات.

ويبدو أن المحاصصة والاتفاقات الائتلافية، تدفع كافة الأطراف إلى التصويت الحزبي وليس الفردي، الأمر الذي بات يُمهّد الطريق للاتفاق المسبق على سَنّ القانون، بعد التأكد من نيله الثقة. يُذكر أن أطرافًا أمنية طالبت بعدم سَنّ القانون، لأن ذلك من شأنه إشعال الأوضاع الأمنية.

•    التصويت على قانون شرعنة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة “الهسدرا”:

في السادس عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر، صوّت الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولية، وبأغلبية 58 عضوًا ومعارضة 52، على قانون شرعنة المستوطنات العشوائية في الضفة الغربية، فقد صوت الائتلاف الحكومي لصالح القانون، فيما عارضته المعارضة. وقد جاء التصويت على القانون على خلفية قرار المحكمة إخلاء بؤرة “عمونا”، المقامة على الأراضي الفلسطينية الخاصة قرب رام الله منذ عشرين عامًا.

مواقف أحزاب اليمين الحاكم

قبل الذهاب للتصويت بأيام، رفض رئيس الحكومة وزعيم الليكود نتنياهو التوجه نحو التصويت، وذلك بناء على توصية المستشار القانوني للحكومة بأن ذلك يمسّ بالمحكمة العليا، إلا أن الضغط من حزب “البيت اليهودي”، وتهديده بالانسحاب من الحكومة، دفعته للتصويت، فقد هدد نفتالي بينت، زعيم حزب “البيت اليهودي”، بأنه سينسحب من الائتلاف في حال عدم التصويت.

كما أكّدت وزيرة العدل عن حزب “البيت اليهودي” إيلات شاكيد، أن من واجب الجميع دعم هذا القانون، لأن الشعب اليهودي غير محتل في أرضه.

أما زعيم حزب “كلنا” ووزير المالية موشيه كحلون، فقد رفض التصويت في البداية، إلا بعد إضافة بند يضمن عدم المساس بالمحكمة العليا، مؤكدًا أنه لن يسمح بالمساس بها في المستقبل. من جانبه اعتبر وزير الجيش وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيجدور ليبرمان، أن حزبه دعم القانون التزامًا بالائتلاف الحكومي، مشيرًا إلى أن “عمونا” سيتم إخلاؤها.

مواقف أحزاب اليسار والوسط المعارضة

رفضت أحزاب المعارضة قانون “الهسدرا” بشدة. فقد رأى زعيم المعارضة وزعيم المعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوغ، أنه ولأول مرة في تاريخ الدولة يجري التصويت على قانون يخالف القوانين الأساس في الدولة، وأحكام القانون الدولي.

من جانبه، انتقد عوفر شلح من حزب “يوجد مستقبل”، وبشدة، تصويت حزب “كلنا” مع القانون، معتبرًا أن وزير المالية كحلون تحدّث كالأسد وسقط كالذبابة.

تعقيب.. يشبه هذا القانون استعراض العضلات في ساحة المواجهة بين أحزاب الائتلاف، فقد أراد حزب “البيت اليهودي” أن يرضي جمهور المستوطنين، والذي يُعتبر الخزان التصويتي للحزب. إلا أن التصويت على القانون في قراءته الأولية لا يعني ضرورة إقراره بالقراءات الثلاث الأخرى، حيث إن القانون لن يحمي “عمونا”، وستُخلى ولو مؤقتًا إلى منطقة أخرى.

لذلك، فإن من المتوقع عدم الذهاب للتصويت على القانون، وإنما سيُسوّى موضوع المستوطنات داخل الائتلاف، خوفًا من مواجهة الضغط الدبلوماسي الدولي.

•    موجة من الحرائق تجتاح “إسرائيل”:

اندلعت عدة حرائق في العديد من المدن الإسرائيلية، حيث بدأت في الثاني والعشرين من تشرين ثاني/ نوفمبر في مدينة زخرون يعكوف، وامتدت لجبال القدس ومستوطنة حلميش في الضفة، وكانت ذروتها في الخامس والعشرين من الشهر نفسه.

فقد اندلعت موجة نيران هائلة في عدة مناطق في مدينة حيفا، دفعت الحكومة الإسرائيلية لطلب المساعدة من العديد من الدول، وقد قُدّرت الخسائر الأولية بـ 600 مليون دولار، شملت احتراق 1700 بيت، منها 500 بشكل كامل في حيفا، علاوة على احتراق عشرات المركبات، و41 ألف دونم.

مواقف أحزاب اليمين الحاكم

اعتبر رئيس الحكومة وزعيم الليكود بنيامين نتنياهو، أن دولته تواجه خطر “إرهاب” مشعلي النيران، مشيرًا إلى أن هذه الحرائق مفتعلة من قبل الفلسطينيين، ومؤكدًا أن حكومته ستتخذ كافة الإجراءات القانونية لمواجهتهم.

من جانبه، أشار نفتالي بينت، وزير التعليم وزعيم حزب “البيت اليهودي”، إلى أن الشعب اليهودي هو من يستحق الأرض كونه يقوم بإطفاء نيرانها، أما من يشعل النيران فيها، فلا يوجد له إرث في هذه البلاد، مطالبًا السلطة الفلسطينية بمنع إشعال النيران بدل المجيء للمساعدة في إطفائها.

أفيجدور ليبرمان، وزير الجيش وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أشار إلى أن التحقيقات أثبتت وجود 17 حريقًا مفتعلاً من أصل 107، معتبرًا أن الردّ يجب أن يكون بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية.

أما موشيه كحلون، وزير المالية وزعيم حزب “كلنا”، فقد أكّد أن الحكومة ستقوم بتعويض المتضررين، وإيجاد حلول بعد تخلي شركات التأمين عن واجبها.

اللافت للنظر هو بعض المواقف الدينية، فقد اعتبر بعض رجالات الدين أن ما يحدث هو مقدمة لمجيء المخلص للشعب اليهودي، إذ إنه وفق التوراة سيسبق مجيئه الكثير من الخراب. أما رجل الدين “نير بار ارتسي”، فقد اعتبر أن ما يحدث من انتفاضة السكاكين والحرائق؛ ليس تخليًا من الرب عن الشعب اليهودي، إنّما هو امتحان لما في قلوبهم، التي باتت متعلقة بغيره، وطالب اليهود بالتوبة والتمسك بالشعائر الدينية.

مواقف أحزاب الوسط واليسار المعارضة

اعتبر زعيم المعارضة يتسحاق هرتسوغ، أن ما يحدث مصيبة كبيرة، واتهم الحكومة بعدم الاستعداد الجيد لمواجهة مثل هذه الحرائق، وطالب بفتح تحقيق حول تقصير الحكومة. من جانبها، استهجنت زهافا جلاؤون زعيمة حزب ميرتس، قيام بعض الأفراد بإشعال الحرائق، معتبرة أن ذلك منافٍ للقيم الإنسانية.

أما أيمن عودة رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست، فقد أعرب عن أسفه من نية البعض استغلال كارثة الحرائق لاتهام العرب بافتعالها، مشيرًا إلى أن من يقوم بذلك ينشر الكراهية والخوف والعنف داخل المجتمع دون وجه حق، ودون أسس موضوعية.

تعقيب.. من الواضح أن الحرائق بدأت بشكل طبيعي، وذلك نتيجة الظروف الجوية السائدة، وسرعة الرياح الكبيرة، التي ساهمت بانتقالها من مكان إلى آخر بسرعة فائقة. ويبدو أن فشل الحكومة الإسرائيلية في مواجهة الحرائق، هو الذي دفعها لاتهام الفلسطينيين بافتعالها، فقد أكدت التحقيقات الإسرائيلية نفسها، أن حرائق حيفا، التي تُعتبر أكبر هذه الحرائق، والتي فشلت الحكومة في السيطرة عليها إلا بمساعدات خارجية، لا يدور الحديث عن افتعالها.

من جانب آخر، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تبيّت نوايا خفية لاستغلال حوادث الحرائق، من أجل التمهيد لموجة أكبر من الاستيطان، فقد كان أول من لوّح باتهام العرب بافتعال الحرائق دون وجود أي إشارة أو دليل، هو نفتالي بينت، وزير التعليم وزعيم حزب “البيت اليهودي”، ثم تتابعت بعده الاتهامات من قبل العديد من الأطراف الحكومية.

•    نتنياهو يحاول السيطرة بشكل كامل على الإعلام:

يعمل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو جاهدًا من أجل السيطرة على وسائل الإعلام الإسرائيلية، وفي هذا السياق يقود في الأشهر الأخيرة حملة تهدف إلى إغلاق سلطة البثّ الحكومية، وإقامة هيئة بثّ جديدة، أو على الأقل تطويع سلطة البثّ الحالية بعد تقليصها.

كان لدى نتنياهو قناعة راسخة في انتخابات عام 2015 بأن هناك مؤامرة عالمية، بتشجيع من الإدارة الأميركية، هدفها إسقاطه عن الحكم، حيث ألقى نتنياهو باللائمة على وسائل الإعلام، التي برأيه لا تتصدى لهذه المؤامرة الوهمية، وهو أراد بالأساس مهاجمة وسائل الإعلام لأنها لا تؤيده بشكل كامل.

وبعد أن أظهرت النتائج أن نتنياهو هو الفائز الأكبر فيها، وأن حزب الليكود الذي يرأسه حصل على 30 مقعدًا في الكنيست، قرر نتنياهو أن يتولى أمر وسائل الإعلام الإسرائيلية بنفسه، ويهذبها، ويمنع نشر تقارير ضده.
لقد كشف الموقع الإلكتروني لصحيفة “هآرتس” العبرية أنه بعد ظهر يوم الانتخابات العامة الأخيرة في 17 آذار/ مارس من عام 2015، هاتف نتنياهو أحد الصحفيين الكبار في “إسرائيل”، وقال له:

      “أريد أن أقول لك إن ما يحدث اليوم هو سرقة الانتخابات. لم يحدث أمر كهذا في أي دولة ديمقراطية في العالم……، حركة V15، بدعم وتعاون من الإدارة الأميركية، أحضروا إلى هنا برامج (إلكترونية)… أنت تعرف عمّ أتحدث. لا أريد أن أتوسع عبر التلفون، حسنًا؟ برامج فائقة التطور قادرة على العثور على الناخبين”.

كما أن نتنياهو لم يتردد في توجيه تهديد مبطّن إلى ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فنتنياهو يعتبر أن عدوه الأول والأكبر، والتهديد الداهم عليه، هو ناشر هذه الصحيفة “نوني موزيس”، الذي وضع كل ‘مدفعيته الثقيلة’ من أجل تغيير نتنياهو وإسقاطه عن الحكم.

وكان العداء في حزب الليكود ضد موزيس بالغًا، لدرجة أن هُتاف الناشطين عند معرفة نتائج الانتخابات ركّز على أن موزيس فشل بتحقيق هدفه. وكان الاعتقاد السائد لدى نتنياهو أن لدى موزيس خزنة مليئة بملفات، بإمكان أي واحد منها أن يفضح وزيرًا أو رجل أعمال، ولذلك بإمكان ناشر ‘”يديعوت” أن يجندهم ضد نتنياهو.

وقال مقربون من نتنياهو إن لدى الأخير عقدة الارتياب من موزيس، ولذلك يصف نتنياهو “يديعوت” بأنها “إمبراطورية الشر”.

تصاعد هذا العداء بين نتنياهو وموزيس بشكل كبير جدًّا في أعقاب تأسيس الثري الأميركي، شيلدون أدلسون، صحيفة “يسرائيل هيوم” من أجل دعم نتنياهو وسياسته، وسبب هذا العداء أن “يسرائيل هيوم” هي صحيفة يومية توزع مجانًا وبكميات كبيرة، ولذلك أصبحت الأكثر انتشارًا في “إسرائيل”، لكن نتنياهو يرى أن هذا الانتشار لا يعكس ولا يضاهي قوة التأثير الكامنة في “يديعوت”.

•    تمييز في الأجور بين الطلاب على أساس النوع الاجتماعي:

أظهر استطلاع أعده اتحاد الطلاب الإسرائيلي بأنّ هناك تمييزًا في الأجور بين الطلاب الذكور والإناث، الذين يعملون أثناء الدراسة أو العطل، فقد أظهر التقرير أنّ المتوسط الشهري لأجر الطلاب الذكور يقارب 4749 شيكلاً، مقابل 3356 للطالبات، وهذا يعني وجود فجوة في الأجور بين الجنسين تقدر بـ 1393 شيكلاً شهريًّا.

وحسب التقرير لا يقتصر التمييز على الأجور، وإنما يتعداه إلى استغلال أرباب العمل حاجة الطلاب للعمل، فقد أظهر التقرير الذي اعتمد على استطلاع أجري على 11 ألف طالب، أن 83% من العينة أعلنوا بأنهم يعملون أثناء انتظامهم في الدراسة، وأنّهم يتقاضون بمعدل 3849 شيكلاً شهريًّا، أي أقل بحوالي 1000 شيكل من الحد الأدنى للأجور.

يتعرض التقرير أيضًا لتوزيع الطلاب الذكور والإناث على الكليات المختلفة، حيث يظهر أنّ 62% من طلاب الهندسة هم ذكور، مقابل 38% من الإناث، وأنّ 84% من طلاب التربية هم من الإناث، وفقط 16% من الذكور، كما توجد أغلبية للإناث في تخصصات العلوم الاجتماعية تصل إلى 75%، وفي تخصصات الحقوق والإدارة العامة تصل إلى 58%.

•    عنصرية إسرائيلية تجاه اليهود من أصل إثيوبي:

أثار تقرير رسمي نُشر حول اليهود من أصل إثيوبي عاصفة من النقاش في المجتمع الإسرائيلي، فقد أظهر التقرير أن الطلاب من أصل إثيوبي يتعرضون للعنف من جانب المعلمين بمقدار الضِّعف عما يتعرض له بقية الطلاب، وأشار التقرير إلى أنّ 12% من الطلاب في المراحل الأساسية الذين شملهم الاستطلاع، قالوا إنهم تعرضوا للضرب على أيدي معلميهم.

في السياق نفسه، يورد موقع “والا” الإخباري شهادات لطلاب من أصل إثيوبي حول هذا الموضوع. فعلى سبيل المثال، يستذكر “بني يالو”، 29 عامًا، ومن سكان كريات ملاخي، حادثة حصلت معه أثناء طفولته عندما حضر للمدرسة وقد نسي اعتمار القلنسوة الدينية، فقام مدير المدرسة بضربه وتوجيه لكمات له، مما تسبب في حدوث صدمة نفسية له، لم تفارقه رغم ترْكه للمدرسة بعد هذه الحادثة.

وقد كشفت الصحافة الإسرائيلية عن رفض وزارة الصحة تطبيق توصية قدمتها لجنة مهنية عينتها الوزارة نفسها، وأجمع فيها أعضاء اللجنة على السماح بتلقي التبرع بالدّم من الإسرائيليين ذوي الأصول الإثيوبية، الذين هاجروا إلى البلاد منذ عشر سنوات أو أكثر، وقدّمت اللجنة تقريرها قبل سنة ونصف السنة لتغيير معايير التبرع بوجبات الدم في “إسرائيل”، ولكن توصياتها نُشرت الآن فقط.

وذكرت صحيفة “هآرتس” أن مدير عام وزارة الصحة أجرى مداولات حول تقرير اللجنة دون حضور رئيس اللجنة في هذه المداولات، والوضع اليوم هو أن جهاز الصحة في “إسرائيل” يرفض تلقي تبرعات دم من المهاجرين الإثيوبيين، الذين لم يولدوا في “إسرائيل”، مع العلم أنّ “إسرائيل” هي الدولة الوحيدة التي تمنع تلقي تبرعات بالدم من الإثيوبيين.

وكانت وزيرة الصحة السابقة ياعيل غيرمان من حزب “ييش عتيد”، قد قالت إن توصيات اللجنة قُدّمت إلى وزير الصحة الحالي يعقوب ليتسمان من كتلة “يهدوت هتوراة” الحريدية، وإن الوزارة تجاهلت توصيات اللجنة لأنها شملت تساهلاً في الحصول على تبرع بالدم من المثليين جنسيًّا.

وأضافت غيرمان أنه في حال قبول توصيات اللجنة، فإنه سيكون بإمكان 98% من ذوي الأصول الإثيوبية أن يتبرعوا بوجبات دم. يُذكر أنه في عام 1996 كُشف عن إتلاف آلاف وجبات الدم التي تبرع بها ذوو أصول إثيوبية، الأمر الذي أثار ضجة في “إسرائيل” حينذاك.

•    تمييز إسرائيلي تجاه فلسطينيي عام 1948: نقص في التعليم وبطالة عالية:

يعاني فلسطينيو عام 1948 من أوضاع اقتصادية سيئة، ففرص العمل أمام الشباب والنساء محدودة، ويُستدل من المعطيات أنّ 37% من الشبان (من جيل 19 – 23 عامًا)، غير مندمجين تحت أي إطار رسمي تعليمي، ولا يعملون، كما أنّ 52% من الفئة ذاتها لم يجدوا عملاً.

جاءت هذه التفاصيل في بحث جديد للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، يتطرق إلى نقص العمل، مما قد يؤدي إلى شعور بالنقص والمسّ بالمهارات الاجتماعية، ويلحق الضرر بالتماسك الاجتماعي والسياسي والشعور بالمواطنة.
إضافة إلى ذلك، هناك مسّ بالنمو الاقتصادي يؤدي إلى انخفاض في جباية الضرائب، وارتفاع في مصاريف الدولة بما يتعلق بالتقاعد، ويمسّ بالدخل لفترة طويلة، حتى بعد أن يجد هؤلاء مكانهم في سوق العمل.

صحيح أنّ هناك نقطة أفضليّة للشبان العرب أكثر من اليهود؛ لأنهم يبدؤون حياتهم قبل اليهود، لكنْ فعليًّا ينقصهم العمل. ووفق معطيات المعهد الإسرائيلي للديمقراطية عام 2015، فإن 20% من جيل 18 – 24 لا يتعلمون، و/أو لا يعملون، منهم %15.5 من اليهود و32.3% من العرب، وفي أوساط الفتيات، تصل النسبة إلى 44.4% من الفتيات العربيات، مقابل 14.2% من الفتيات اليهوديات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى