ملفات وقضاياشؤون إسرائيلية

المشهد “الإسرائيلي” : ديسمبر/كانون الأول 2023

عصمت منصور 1

لتنزيل التقرير

شهد شهر ديسمبر 2023 استمرار وتصاعد الحرب “الإسرائيلية” على قطاع غزة، مع دخولها الشهر الثالث إثر عملية طوفان الأقصى التي نفذتها كتائب القسام في السابع من أُكتوبر، حيث توسعت الحرب مع دخول قوات الاحتلال بريًا، وسيطرة الجيش على بعض المناطق المأهولة في الأحياء والبلدات شمالي قطاع غزة، تزامن ذلك مع استمرار المقاومة فيها، حيث تركز القتال في مناطق وسط وجنوب القطاع، وتحديدا مدينة خانيونس ومحيطها، في ظل غطاء جوي وأحزمة نارية وعمليات قصف واسعة ومكثفة ينفذها سلاح الجو “الإسرائيلي”، والتي أدت إلى تدمير عشرات آلاف المباني والأبراج والمرافق العامة والمؤسسات الحكومية، وتدمير البنية التحية.

من جهة أخرى، تعرضت مدن الداخل “الإسرائيلي” بما فيها “تل أبيب” ومدن المركز إلى إطلاق عشرات الصواريخ التي بلغت ذروتها في اليوم ال74 للحرب في 19 ديسبمبر، إلى جانب استمرار قصف مستوطنات الغلاف، كما شهدت الليلة الأولى من العام الجديد رشقات صاروخية استهدفت المدن الإسرائيلية،  وعلى صعيد رد العدوان، تصاعدت عمليات المقاومة في إيقاع خسائر مادية وبشرية كبيرة في صفوف جيش الاحتلال، كما امتد القصف الصاروخي ليشمل المقاومة الفلسطينية واللبنانية في الجنوب اللبناني، حيث استهدفت مستوطنات ومعسكرات في شمال فلسطين المحتلة، ما أدى الى تصعيد “إسرائيلي” واستهداف قرى وبلدات في الجنوب اللبناني، ومواقع تابعة لحزب الله، كما أطلقت “جماعة أنصار الله” اليمنية  مُسيّرات وصواريخ تجاه المدن المحتلة، بالإضافة إلى فرض حصار بحري على السفن القادمة إلى الموانيء “الإسرائيلية” عبر باب المندب.

  •  تنامي الحراك الدولي المناهض للاحتلال مع استمرار الحرب:

ارتفعت الأصوات المنتقدة للسياسة “الإسرائيلية” على وقع استمرار القصف العنيف وتقدّم العملية البرية نحو الجنوب ومدينة خانيونس، واتساع العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية بشكل انتقامي، وتضييق الخناق على المساعدات في ظل استمرار الحصار “الاسرائيلي”، وكان من تلك الأصوات تذمر الرئيس الأمريكي “جو بايدن” من سياسة “حكومة نتنياهو”، والتي طالب بتغيرها، واعترافه بأنّ “اسرائيل تخسر العالم” بسبب الحرب على غزة، وعدم التمييز في عدوانها بين المدنيين” والمقاتلين، منتقدًا بشكل علني سياسة “بنيامين نتنياهو”، الذي يتهرب من استحقاقات اليوم التالي للحرب، حيث عبّرت تصريحات “بايدن” عن تغيير ظاهري في اللهجة الأمريكية، من جانبه حمل مستشار الأمن القومي الأمريكي “جيك سوليفان” ذات المعاني في زيارته إلى “إسرائيل”، واجتماعاته مع قادة الحرب فيها، والتي تبعتها زيارة لوزير الشؤون الاستراتيجية “الإسرائيلي” “رون دريمر” إلى واشنطن، وهو ما يعكس محاولات “إسرائيلية” لتفادي الصدام مع الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل تنامي الحراك الدولي في مجلس الأمن والأمم المتحدة لاستصدار قرار يدعو إلى إنهاء الحرب.

بالرغم من التصريحات الأمريكية المنتقدة، أقر وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” صفقة لبيع بنادق “إم 107” عيار 155 مليمترا والمعدات المرتبطة بها “لإسرائيل”، متجاوزا وللمرة الثانية منذ بداية الحرب على قطاع غزة متطلبات مراجعة الكونغرس للمبيعات العسكرية الأجنبية، بدعوى أن حالة طوارئ تستلزم بيع هذه الأسلحة فورا “لإسرائيل”.

على الصعيد الدولي، اصطدم القرار الدولي الداعي إلى وقف الحرب على غزة بالفيتو الأمريكي، مقابل تأييد بقية الدول الأعضاء وتحفظ بريطانيا، حيث حاولت دول العالم تمرير القرار في مجلس الأمن الدولي في الثامن من ديسمبر، وكان قرارا آخر مشابه سيواجه نفس المصير في 23 ديسمبر، لكن الولايات المتحدة وبعد تأجيل لعدة مرات استطاعت أن تتجنب الظهور بمظهر المنبوذ دوليًا بسبب استخدام حق النقض الفيتو مرتين في ذات الشهر وفي مواجهة إرادة دولية وإجماع عالمي، حيث صُوت على قرار يدعو إلى زيادة المساعدات المقدمة إلى غزة، وإدانة ضمنية لسياسات الحصار والعقاب الجماعي التي تمارسها “إسرائيل”.

اختتم مجلس الأمن عام 2023 بجلسة إضافية لمناقشة التصعيد “الاسرائيلي” في الضفة الغربية بالتزامن مع العدوان على غزة، والذي يترافق مع عنف المستوطنين واعتداءاتهم المتكررة على البلدات والقرى الفلسطينية، إذ بلغ عدد الشهداء في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 314 شهيدًا، وأكثر من أربعة آلاف حالة اعتقال، حيث أدّت هذه المماراسات إلى توسّع دائرة النقد لسياسات “إسرائيل”، حتى من داخل الإدارة الأمريكية، فقد عبّر تقرير لشبكة NBC NEWS عن عدم ثقة الإدارة الأمريكية بأداء “نتنياهو”، متهمة إيّاه “بإطالة أمد الحرب، والمناورة من أجل البقاء في السلطة” واتخاذ قرارات أو الامتناع عن الحسم في قضايا تُلح عليها اللإدارة الأمريكية، مثل: (تحويل أموال المقاصة، والانتقال للمرحلة الثالثة من القتال، وحسم مستقبل اليوم التالي للحرب)، كي لا يستثير غضب شركائه في اليمين المتطرف (سموتريتش وبن غفير).

انتقل الحراك الدولي ضد “إسرائيل” نقلة نوعية بتقديم جنوب إفريقيا شكوى ضد “إسرائيل” في محكمة العدل الدولية، واتهامها أنها “تنفذ عمليات إبادة جماعية”، وهو ما اعتبرته وزارة الخارجية “الإسرائيلية” بأنه “تعاون مع تنظيم إرهابي وتشويه لإسرائيل”، وفق ما نشره موقع “واي نت” الإسرائيلي ” في 29 ديسمبر.

  • الضغط الداخلي على الحكومة وبدء تصدّع الجبهة الداخلية:

بدأت حالة الإجماع الداخلي والالتفاف حول قرار الحرب في التآكل مع دخول الحرب شهرها الثالث دون أن تنجح في تحقيق أيّ من أهدافها المعلنة (القضاء على المقاومة في غزة واستعادة الأسرى)، وكذلك مع تزايد الخسائر والكلفة المادية والبشرية للحرب، حيث سقط منذ بداية الحملة البرية على القطاع (أكثر من 164 قتيل)، وفق إحصائيات الاحتلال المعلنة في موقع الناطق باسم جيش الاحتلال، كما ظهر التعبير عن التصدع الداخلي من خلال استمرار حملات عائلات الأسرى “الإسرائيليين” ضد الحكومة وسياستها التي “تعرض حياة أبنائهم للخطر”، خاصة بعد الإعلان عن مقتل ثلاثة منهم على يد قوات الاحتلال في حي الشجاعية في 16 ديسمبر، بعد أن رفعوا الراية البيضاء وخرجوا وهم يطلبون النجدة ويعلنون أنهم (مخطوفون أسرائيليون)، هذا فضلًا عن أنها تعجز عن تحريرهم، وقد بلغت تعبيرات التصدع ذروتها في مقاطعة خطاب “نتنياهو” في “الكنيست” أثناء الجلسة الخاصة التي عقدها “الكنيست” لنقاش ملف الأسرى في غزة في الخامس والعشرين من ديسمبر، بل عُبِّر عنها في تصريحات ومقالات رأي وانتقادات علنية تشكك في قدرة الجيش على تحقيق أهداف الحرب، وتدعوه إلى تبني سياسات بديلة.

دعا “عوفر شيلح” عضو “الكنيست” والباحث في قضايا الأمن “الإسرائيلي”، في مقال مطول نشره على موقع معهد أبحاث الأمن القومي في السابع عشر من ديسمبر إلى الانتقال إلى أشكال جديدة من القتال، معتبرًا “أنّ العملية البرية لن تحقق الأهداف المعلنة للحرب، ولا حتى صورة انتصار”، وهو ما أيّده رئيس الوزراء الأسبق “إيهود أُولمرت”، داعيًا في مقال نشره في صحيفة “هارتس” في 21ديسمبر إلى وقف الحرب “مقابل استعادة الأسرى من غزة”،  كما دعا في مقابلة مع قناة الجزيرة إلى إقالة رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو”، وهي دعوة أيّدها رئيس الوزراء الأسبق “إيهود باراك”، مطالبًا بعودة موجة الاحتجاجات -رغم حالة الحرب- لإسقاط حكومة “نتنياهو” واستبدالها.

قال رئيس المعارضة “يائير لبيد” في كلمته أمام “الكنيست” في 25 ديسمبر أنّ “أولوية استعادة الأسرى” هي التي يجب أن تتصدر اهتمام الجيش والحكومة، مبديًا اعتراضه على طريقة إدارة “نتنياهو” للحرب.

لم تقتصر حالة التصدع وضعف الجبهة الداخلية على الأصوات المعارضة من خارج الائتلاف الحكومي، بل عُبِر عنها بحالة من عدم الثقة في أداء الحكومة من داخل الائتلاف، إذ أبدى وزير الاقتصاد “نير بركات” تحفظه “على طريقة إدارة الحرب، معتبرًا أنها بصيغتها الحالية (المتساهلة) “تعرّض حياة الجنود للخطر”، وهو ما رفضه “نتنياهو” بشدة في مواجهة إعلامية غير مسبوقة بينهما.

صرح وزير الأمن الداخلي “إيتمار بن غفير” في 21 ديسمبر بأنّ “وقف الحرب سيعني خروجه من الحكومة” مبديًا تخوفه من محاولات التوصل إلى تسوية أو الانتقال إلى مراحل أقل عنفًا، كما اعترض وزير المالية “بتسلئيل سموتريتش” على إعادة تفعيل قناة التفاوض من أجل إنجاز صفقة تبادل أسرى، إذ اعتبر أنّ “على نتنياهو أن يرسل رئيس الموساد لتصفية قادة حماس بدلًا من التفاوض معها (عبر الوسطاء)”، وهو ما أثار حفيظة حزب “الليكود”.

في تطور لاحق أعلن جيش الاحتلال تسريح 5 ألوية من الجيش من قطاع غزة، ويشير ذلك إلى دوافع عدة منها الضغوط الداخلية والاقتصادية وعدم إحراز تقدم حقيقي مقابل الأثمان الباهظة التي بات يدفعها الجيش “الإسرائيلي”، فالجيش بات يدفع ثمنا كبيرا في ظل اعتبارات نتنياهو الشخصية، ويمكن أن تكون هذه المرحلة بداية انسحاب تدريجي من الحرب دون الإعلان عن ذلك.

استمرار تراجع اليمين  في الاستطلاعات وخلافات داخل “كابينيت الحرب”:

أشارت آخر استطلاعات للراي العام “الإسرائيلي” أُجريت في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر (يديعود أحرونوت ومعاريف) إلى استمرار التراجع في شعبية وتأييد أحزاب اليمين (اضمحلال حزب الصهيونية الدينية برئاسة “بتسلئيل سموتريتش” وعدم تجاوزه نسبة الحسم)، وتقلُّص قوة “بن غفير” مقابل حفاظ حزب الدولة “بيني جانتس” على تفوقه، وبقاء حزب “الليكود” تحت العشرين مقعدُا (والذي لديه 32 مقعدًا في “الكنيست” الآن)، وهو ما يشير إلى عدم قدرة تكتّل أحزاب اليمين من العودة إلى الحكم (40 مقعدًا فقط مقابل 64 في حوزتها الآن)، في حال أُجريت الانتخابات في هذه الأثناء.

تمثلت مفاجأة الانتخابات القادمة، التي قد تؤثر بشكل دراماتيكي على الخارطة الحزبية “الاسرائيلية”، في الاستطلاعات بالتنبوء بدخول وجوه جديدة إلى الحياة السياسية، مثل رئيس “الموساد” السابق “يوسي كوهين”، ورئيس الوزراء السابق “نفتالي بينت”، وقدرة “يائير جولان” على توحيد حزبي “العمل وميرتس”.

أظهر تقرير أعدّه موقع “واللا” الإخباري في 22 ديسمبر الحالي إلى أنّ الأوساط الإعلامية ومراكز الاستطلاع تتنبأ بأن يحصل “نفتالي بينت” على ما بين 13-19 مقعدًا في انتخابات “الكنيست” القادمة، وذلك على حساب أحزاب اليمين المتطرف، بينما يحصل “يوسي كوهين” على 12 مقعدًا، تأتي على حساب “الليكود” و”بيني جانتس”، بينما سينجح “يائير جولان” الجنرال اليساري بالحصول على 9 مقاعدُا لقائمة تضم الحزبين (ميرتس وحزب العمل).

تنعكس الأجواء العامة وتنبؤات استطلاعات الرأي على سلوك وتصريحات المسؤولين “الإسرائيليين”، خاصة مع اقتراب استحقاق نهاية الحرب، وبدء الحديث بجدية عن اليوم التالي لها، حيث نشرت القناة 12 في 26 ديسمبر أنّ منظومة الأمن طلبت ثلاث مرات من “نتنياهو” إجراء نقاش حول “اليوم التالي للحرب”، ولكنه رفض ذلك خشية من تأثير هذا على تماسك ائتلافه، وخروج “بن غفير” و”سموتريتش” منه إذا ما اتخذ موقفًا يقبل بوجود حكم فلسطيني للقطاع وإطلاق سراح أسرى، أو إغضاب الحليف الأمريكي في حال تبنى موقف رسمي متشدد.

ألقى “اليوم التالي للحرب” بظلاله على أجواء “كابينيت” الحرب، حيث نشرت القناة 13 تقارير عن وجود خلافات داخل “كابينت” الحرب حول اليوم التالي للحرب والمرحلة الثالثة من القتال، التي تطالب الولايات المتحدة الانتقال اليها، وهي مرحلة تنسحب فيها قوات جيش الاحتلال من مناطق واسعة من القطاع، وتبقي على إمكانية تنفيذ “هجمات مركزة” ضد قيادات ومقاتلي المقاومة، بالإضافة إلى خلق منطقة عازلة شمالي القطاع.

  • التصعيد في الضفة:

شهدت الضفة الغربية وتحديدًا مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم وبلاطه تصعيدًا مستمرًا وهجمات “إسرائيلية” متواصلة، رافقتها اقتحامات وعمليات تجريف واسعة واستهداف من الجو بالطائرات المسيرة لمقاومين ومواطنين وبنية تحية، كما اغتالت قوات الاحتلال من الجو ستة فلسطينيين في مخيم نور شمس في طولكرم في 26 ديسمبر، في تصعيد جديد جاء استكمالًا لحملات اعتقال طالت نحو خمسة آلاف فلسطيني وفلسطينية، واقتحام استمر ثلاثة أيام لمخيم جنين في 14 ديسمبر، حيث اعتُبِر الاجتياح الأكثر دموية في الضفة في العام الحالي، وخلّف 12شهيدًا ودمارًا كبيرًا في المباني والبنية التحية، كما اعتقل  الاحتلال وحقق مع العشرات من سكان المخيم ومدينة جنين.

طالت مظاهر التصعيد كافة المدن الفلسطينية على شكل اقتحامات وحملات اعتقال وحواجز وعمليات قصف من الجو، فضلًا عن عمليات سرقة الأموال والذهب والسيارات الخاصة من المواطنين أثناء عمليات تفتيش البيوت، والسطو على محلات الصرافة ومصادرة الأموال منها، في سعي من قوات الاحتلال لتفريغ الغضب بسكان الضفة من جهة، وبث الرعب فيهم من جهة أخرى.

  • الحراك الإقليمي واستحقاق اليوم التالي للحرب:

أوصت وزارة المالية “الإسرائيلية” بعد دخول الحرب في شهرها الثالث، بكل آثارها الاقتصادية المدمرة للاقتصاد “الإسرائيلي”، بإغلاق عشر وزارات “غير ضرورية”، وتحويل نفقاتها لصالح الحرب، كما تنبأت توقعات نشرها مركز أبحاث الأمن القومي في 23 ديسمبر، أن تكون للحرب “آثار سلبية جدية على الاقتصاد الإسرائيلي”، وأن تصل تكلفتها المباشرة (تسليح وتجنيد احتياط وذخيرة)، وغير المباشرة (نقل سكان وتعويضات وأضرار في المساكن ) إلى ما لا يقل عن 200 مليار شيقل، مع تراجع 10% من الناتج القومي في الربع الأخير من عام 2023، بالإضافة إلى الخسائر البشرية (القتلى والجرحى والمعوقين)، وعدم تحقيق أي تقدم في أهداف الحرب، وإثارة جدل داخلي حول الجدوى والنتائج المتوقعة، والسؤال حول اليوم التالي للحرب.

نشر موقع “واي نت” في 24 ديسمبر أنّ القاهرة سلمت حكومة الاحتلال خطة (مبادرة) مصرية من ثلاث مراحل لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى، كما نقلت أنّ أوساطًا “إسرائيلية” اعتبرت المبادرة “مدخلًا للتفاوض بين الأطراف، لكنها ترفض البند الثالث المتعلق بوقف القتال”.

تطرق رئيس الوزراء “الإسرائيلي” “بنيامين نتنياهو” للمبادرة المصرية بصورة غير مباشرة في فيديو مسجل نشره مكتبه، قال فيه أن “القتال سيتواصل حتى تحقيق الانتصار الكامل على حركة حماس”، معتبرًا أنّ هذه هي “الطريقة الوحيدة لإعادة المخطوفين”، وبالرغم من موقف “نتنياهو” المتشدد، نشرت صحيفة “معاريف” في 24 ديسمبر أنّ “كابينيت الحرب” المصغر سيجتمع ليلًا من أجل “مناقشة الخطة المصرية” وتقديم تصور موحد حولها.

المثير للاستهجان أنّ “نتنياهو” قرر في آخر لحظة عدم إدراج القضايا التي تتعلق بخطط اليوم التالي للحرب، والتي كانت أُدرجت على جدول أعمال “الكابينيت” المصّغر،  بسبب “ضغط بن غفير وسموتريتش”، وقرر أن تُناقش في “الكابينيت” الموسع لافساح المجال أمام شركائه في اليمين من التعبير عن وجهة نظرهم، وهو ما دفع المعلق في القناة 12 “جاي بيلج”  في 29 ديسمبر ألى القول أنّ “نتنياهو” “يشكّل خطرًا على أمن إسرائيل” وأنّ الجنود في خانيونس سيجدون أنفسهم “يقاتلون من أجل أجندة اليمين”، وليس أهداف الحرب.

من جهتها نشرت قناة “كان 11” في 20 ديسمبر أنّ الوساطة القطرية لا زالت فاعلة، وأنّ رئيس الموساد “يوسي كوهين” “نقل إلى كابينيت الحرب رسائل إيجابية” حول إمكانية التقدم في مفاوضات التبادل، إلى جانب المبادرة المصرية التي لم تعلن “إسرائيل” رفضها أو قبولها، واكتفى “نتنياهو” بتسجيل فيدو بثه من مكتبه لم يذكر فيه المبادرة المصرية، لكنه قال فيه “ان إسرائيل لن تتوقف عن القتال حتى تحقق اهداف الحرب كاملة”

الخاتمة:

تكشف هذه التطورات أن الأوضاع في “اسرائيل” على الصُعد السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية  تسير بمنحى ثابت في مسار تصعيدي، وسط حالة من الارتباك الداخلي وبدء ظهور علامات تصدع داخلي، وهو ما سيتعزز كلما اقتربنا أكثر من الاستحقاقات السياسية، والتي ستفرض تناقضًا بين اليمين المتطرف و”نتنياهو” من جهة، وما بين الولايات المتحدة ومنظومة الأمن وحزب الدولة “جانتس” من جهة أُخرى، وهو ما سيعمق الصراعات الداخلية ويجعلها تطفو إلى سطح المشهد، ما ينذر بعودة حالة الاستقطاب الكامنة، والتي بهتت وأُهملت بسبب أولوية الحرب.

من مفارقات التصعيد خلال هذا الشهر هو تحوّل الحرب على قطاع غزة إلى ساحة صراع لها تداعيات دولية (البحر الأحمر والعراق ولبنان)، وهو ما يجعلنا نفترض أنّ هذه التداعيات سيكون لها أثرها على مواقف الدول من العدوان، وانعكاسها على الساحة الداخلية والحزبية “الإسرائيلية”.

1- عصمت منصور باحث في الشؤون الاسرائيلية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى