شؤون إسرائيلية

قراءة في إصدارات المراكز البحثية الإسرائيلية – الربع الأول للعام 2019

ملخص

– الأوضاع في الضفة الغربية، في ظل فشل حلّ الدولتين تتجه نحو الدولة الواحدة، لكن هناك الكثير من المُعيقات التي قد تمنع الوصول إلى ذلك.

– مساعي إعادة إعمار سورية لن تلقى النجاح المتوقع، حيث هناك الكثير من المُعيقات التي على رأسها، خلاف الأطراف هناك، وهذه فرصة بإمكان “إسرائيل” استغلالها لفرض نفسها لتكون لاعباً أساسياً أكثر حضوراً.

– يُسهم الانقسام الفلسطيني في تخفيف حدّة الصراع مع “إسرائيل”، حيث بات الخلاف الداخلي أهم لدى بعض الأطراف من مواجهة تل أبيب.

– التغييرات التي تحدث في الولايات المتحدة، قد تؤدي إلى تشويش في العلاقة الإسرائيلية-الأمريكية، وعلاقة “إسرائيل” مع يهود الولايات المتحدة.

– 62% من اليهود يرون أنّ قرار ترامب بضم الجولان يدعم المصالح الاستراتيجية للدولة العبرية.

– 66.5% من الإسرائيليين يعتبرون أنّ دولتهم تتعامل مع قطاع غزة بشكل معتدل، وترتفع النسبة عند المحسوبين على اليمين.

– 55% من الجمهور الإسرائيلي، لا يثق باستطلاعات الرأي الإسرائيلية، ويعتبرها بعيدة عن الواقع.

– 45% من الإسرائيليين يعتقدون أنّ نتنياهو بريء من التهم الموجهة إليه في صفقة الغواصات، مقابل 47% يرون عكس ذلك.

– الانسحاب من مناطق “ج” في الضفة الغربية خطر استراتيجي على “إسرائيل” عليها تجنبه.

مقدمة

تُقدم هذه القراءة أبرز ما صدر عن ثلاثة مراكز بحثية “إسرائيلية”، حيث صدر عن معهد دراسات الأمن القومي، التحديث الاستراتيجي الذي اشتمل على مجموعة من القضايا، إلى جانب تقدير موقف حيال علاقة “إسرائيل” بالولايات المتحدة، واحتمالية تشوش هذه العلاقة في مرحلة ما.

أمّا المركز الإسرائيلي للدمقراطية، فقد صدر عنه مقياس توجه الجمهور، وهو استطلاع موسع يعقده المركز، يدق باب مجموعة من القضايا الأكثر حساسية في المجتمع، وقد تركزت حيال الانتخابات الإسرائيلية وثقة الجمهور الإسرائيلي بحكومته ونزاهة رئيس وزرائه.

وتتطرق القراءة إلى إصدار مهم جداً، صدر عن مركز بيجن-سادات للدراسات، حيث في دراسة مطولة، تحدث اللواء في الاحتياط، والباحث في المركز جرشون هكوهين، عن مخاطر الانسحاب من مناطق “ج”، في الضفة الغربية، مؤكداً ضرورة بقاء “إسرائيل” في هذه المنطقة.

معهد دراسات الأمن القومي1

قدم معهد دراسات الأمن القومي، مجموعة من الدراسات والقراءات المهمّة خلال الربع الأول من العام 2019، من بينها التحديث الاستراتيجي الذي يُقدمه أربع مرات سنوياً، إلى جانب مجموعة من القراءات السياسية، على رأسها العلاقة ما بين تركيا والولايات المتحدة، على خلفية منظومة الاس 400.

أولاً: التحديث الاستراتيجي.

اشتمل التحديث الاستراتيجي لمعهد دراسات الأمن القومي، على ثلاث قضايا أساسية، وهي وفق التالي:

1- عودة الدولة الواحدة، كيف يتم الترسيخ والتمهيد للفكرة.

تناول ميخال ملشتاين وآبي يسسخروف، في قراءتهما رؤية الدولة الواحدة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، تحت عنوان “عودة الدولة الواحدة، كيف يتم التأسيس للفكرة، دولة واحدة لشعبين”.

يرى الكاتبان أنّ فكرة الدولة الواحدة، رافقت الفلسطينيين منذ إنشاء الحركة الصهيونية، حيث كانت الفكرة موجودة إلى جانب فكرة حلّ الدولتين، لكنّ الجانب الفلسطيني، فضل الأخيرة خلال العقود الثلاث الأخيرة، قبل وصول اليمين إلى الحكم بصورته الصرفة حالياً.

ويضيف ميليشتاين وزميله، إلى أنّ أقطاب اليسار الإسرائيلي كذلك، باتوا خلال السنوات الأخيرة يُحذرون من أنّ سياسة الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، باتت تقود مؤخراً إلى تجسيد واقع حل الدولة الواحدة، في ظل التغول والتوغل الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهذا الأمر لا يزال مرفوضاً على شريحة واسعة إسرائيلياً وفلسطينياً.

ويرجح الكاتبان رغم أنّ سياق الأحداث على الأرض، يقود باتجاه دولة واحدة، لكن هناك الكثير من المعيقات التي ستمنع ذلك، الأمر الذي يتطلب رؤية استراتيجية إسرائيلية للتعامل في الضفة الغربية، خاصةً أنّ استمرار الأوضاع على حالها مستحيل، وأنّ فترة ما بعد أبو مازن، ربما تولد ظروفاً استثنائية، لن تسمح ببقاء الأوضاع على حالها، إلى جانب أنّ السياسة الإسرائيلية، الحالية في الضفة الغربية، قد تؤدي إلى انفجار الأوضاع إلى انتفاضة واسعة.

ضم الضفة الغربية كما تعهد بذلك رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو قبل أيّام، حينما أكد أنّه سيبدأ بالتعاون مع الولايات المتحدة، بمشروع ضم الضفة الغربية، هو الأمر الأكثر ترجيحاً خلال مسيرة الحكومة القادمة، لكنّ هذا الضم بالتأكيد، سيكون في البداية من خلال ضم التجمعات الاستيطانية الكُبرى، وبعدها شرعنة ما تبقى من المستوطنات، وترك الأوضاع في المدن الفلسطينية تحت إدارة السلطة، وتهيئة الظروف للاستغناء عنها إن استدعت الحاجة.

2- احتمال ضئيل لنجاح المساعي لترميم سورية.

الباحث عوديد عيرن قدم قراءة حيال مساعي إعادة إعمار سورية، في الوقت الذي تعرض نصف الدولة للدمار، وتسعة ملايين لاجئ، ثلثيهم خارج الدولة وثلثهم داخلها، حيث تتركز غالبية الجهود الدولية من أجل إيجاد حلول ولو مؤقته لمشكلتهم.

وأشار عوديد أنّ الدمار شمل البنية التحتية، إلى جانب الاقتصاد السوري، الذي تراجع ناتجه القومي من 60 مليار دولار، إلى نحو 15 مليار دولار، إلى جانب تراجع الزراعة بنحو 41%.

وفي الوقت الذي يتحدث الجميع عن إعادة الإعمار، فإنّ هناك مشكلة كبيرة وفق الباحث، تتمحور حول من سيدير عجلة ذلك، ففي الوقت الذي ترى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الإصلاحات السياسية في سورية شرطاً لذلك، فإنّ حليف بشار الأسد روسيا، ترى أنّ كل ذلك يجب أن يتم من خلال النظام السوري.

من الناحية الإسرائيلية، يرى عوديد، أنّ من مصلحة “إسرائيل” إعادة إعمار سورية، لكن بشرط أن يكون ذلك من خلال تخلي نظام الأسد عن علاقته بطهران، والحد من تأثيرها في سورية، وأن تكون تلك المساعدات غربية، حتى تكون نسبة التأثير الإسرائيلي فيها كبيرة، إلى جانب تقليص الدور الروسي-الإيراني في سورية.

وهنا يُمكن أن تستغل “إسرائيل” الأحداث، والدخول بشكل مباشر في عملية سياسية تضمن لها أمنها في الشمال، وسيطرتها على الجولان، اعتماداً على أنّ سورية التي تحتاج إلى الإعمار، وينقصها المال اللازم، ولن يكون ذلك سهلاً دون توافق أمريكي-روسي.

ملامح ما أكده الكاتب أعلاه قد بدأت عملياً، فما الاعتراف الأمريكي بحق “إسرائيل” في الجولان، بمعزل عن الاستهداف الإسرائيلي الذي استمر لسنوات في الأراضي السورية، بتنسيق مع روسيا، وبضمان ألّا يكون هناك ردود على تلك الخروقات، وهذا يأتي في سياق حفاظ روسيا على علاقتها مع “إسرائيل”، وضمان عدم إغضاب الولايات المتحدة.

3- الانقسام الفلسطيني، كعامل مساهم في تغيير الصراع العربيالإسرائيلي.

الباحث يوحنن تسوريف، تناول موضوع الانقسام الفلسطيني كعامل مساهم في تغيير طبيعة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الممتد على مدار عقود، معتبراً أنّ هذا الانقسام في ظل تعمق الفجوة ما بين الفصيلين الفلسطينيين الأكبرين، فتح وحماس، ستكون له تداعيات على الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

حيث يرى يوحنن أنّ هذا الانقسام من الناحية الأولى، أضعف المقاومة في وجه “إسرائيل” في الضفة الغربية، رغم أنّه أوجد قاعدة مقاومة قوية في غزة، لكنّها تُعاني في ظل وجود الحصار، وفي ظل رغبة فتح بالتخلص من وجودها في غزة.

وأهم ما رآه الكاتب، أنّ الاحتكاك ما بين الجانبين، حتى ما قبل الانقسام، بات يولد نظرة مختلفة من قبل شريحة من الجمهور الفلسطيني، تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بمعنى أنّ جزءاً منهم بات يرى في المصالحة أولوية وبالتالي هذا جعل الصراع مع “إسرائيل” في مرتبة ثانية، وجزءاً آخر بات يرى أنّ كلا الطرفين لا يعملان لصالح قضيتهم، أو على الأقل فشلا في تحقيق أهداف شعبهم القومية، الأمر الذي جعل نظرتهم للصراع تختلف، تجاه نزول حدية النظرة تجاه “إسرائيل”، وارتفاع حدّة التجاذبات الداخلية، وهو ما تُريده “إسرائيل”، وستسعى لبقائه.

ثانياً: تغييرات في الولايات المتحدة، انعكاسات على إسرائيل“.

كتب ميخال ختوال وشاحر عيلم، تقديراً حول التغييرات التي ترافق المجتمع في الولايات المتحدة، وانعكاساتها على “إسرائيل”، في ظل العلاقة القوية التي تُميز الطرفين، وارتباط “إسرائيل” الكبير في الولايات المتحدة، ودعمها.

حيث يُشير ميخال ورفيقه إلى أنّ السنوات الأخيرة، تشهد زيادة في حدّة التجاذبات الداخلية في الولايات المتحدة، والتركيز على الهوية والانتماء، إلى جانب روح كبيرة من العنصرية باتت تُخيم على أجواء النقاش العام، بالإضافة إلى نظرة متطرفة وشعبوية، تجاه الكثيرين من القائمين على الوضع العام في الولايات المتحدة.

والمُثير للقلق وفق الكاتبين، أنّ حدّة الاستقطاب الداخلية، ستؤدي إلى دخول “إسرائيل” ساحة النقاش، وهي عملياً دخلت دائرة النقد لمجموعات صغيرة متنوعة، لكنّها قد تجد نفسها ضمن معادلة أن تكون محسوبة على تيار دون الآخر، أي أن يتم حسبها على الجمهوريين، ليكونوا هم داعميها، وأن تفقد هذا الدعم من الغالبية الدمقراطية، الأمر الذي من المُمكن أن يؤثر سلباً على الدولة العبرية، بعد أن كانت تنال دعم الجميع، وكانت خارج الحسابات المرتبطة بخلاف الطرفين.

حيث وفق مُعطيات قدمها الكاتبان، فإنّ دعم “إسرائيل” عند الجمهوريين المحافظين، يزيد عن دعم الفلسطينيين بنسبة 81%، فيما نسبة الدعم الذي تتلقاه “إسرائيل” عند الدمقراطيين الليبراليين، يزيد فقط بنسبة 3% عن دعمهم للفلسطينيين، وهذه الأرقام بحد ذاتها، توحي إلى أنّ “إسرائيل” ستكون مع مرور الوقت، حجر خلاف بين الطرفين.

من هُنا قدم الباحثان مجموعة من الاستنتاجات للحكومة الإسرائيلية، أولاها، أنّ العلاقة مع النظام في الولايات المتحدة هي كنز استراتيجي ل”إسرائيل”، لكن هناك ظاهرة باتت مقلقة وهي تراجع العلاقة وفتورها مع مُمثلي التيار الدمقراطي، وتراجعها مع يهود الولايات المتحدة، الذين يُعارضون في غالبيتهم العُظمى ترامب، ويعتبرونه سبباً في انتشار العنصرية، وارتفاع “اللاسامية”.

ثانيها، أنّ الفجوة المتزايدة مع يهود الولايات المتحدة، خاصة في ظل الخلاف على الشكل العام للدولة العبرية، ورفض “إسرائيل” الاعتراف بالتيار الديني الذي ينتمي إليه 90% من يهود الولايات المتحدة، وهو التيار الإصلاحي الليبرالي، الأمر الذي سينعكس سلباً على تل أبيب، وتلقيها الدعم اليهودي الخارجي.

وهذا ما يُلزم “إسرائيل” وفق الباحثين، أن تعمل بجد على منع نفسها من الدخول في الخلافات الداخلية الأمريكية، ومحاولة لملمة الخلاف مع يهود الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالدين والدولة، ووضع خطة مناسبة في حال ازدياد الشرخ مع أحد الطرفين المهمين أعلاه.

اندفاع “إسرائيل” بالعلاقة مع دونالد ترامب، التي جاءت في كثير من الأحيان بتقديم اعتراضات على سياسة الرئيس السابق في الولايات المتحدة باراك أوباما، تنال نقداً داخلياً إسرائيلياً، حيث تُعتبر خطراً في حال تبدّل الوجوه في البيت الأبيض، من جانب آخر، فإنّ الفجوة المتزايدة مع يهود الولايات المتحدة، تدق ناقوساً خطيراً من الناحية الإسرائيلية على المستوى المتوسط.

ثانياً: المركز الإسرائيلي للدمقراطية2.

أصدر مركز الدمقراطية الإسرائيلي استطلاعاً شاملاً، شمل مجموعة من القضايا المحوية في الدولة العبرية، وقد جاء الاستطلاع تحت عنوان، الجمهور الإسرائيلي لا يثق باستطلاعات الرأي الإسرائيلية، وقد اُستطلع الجمهور على القضايا التالية:

1- قرار ترامب بخصوص الجولان.

اعتبر 62% من اليهود أنّ قرار ترامب بالاعتراف بالجولان كمنطقة إسرائيلية، يدعم المصالح الاستراتيجية للدولة العبرية، وعند تقسيم العينة إلى يمين ويسار، نجد أنّ 74% من اليمين يرى بالقرار أنه استراتيجي ومهم لدولة الاحتلال، مقابل 42% من المركز، و40% من اليسار.

هذا إلى جانب أنّ 66% من المُستطلعين أشاروا إلى أنّ هذا الاعتراف، يدعم موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الانتخابات، والذي استطاع مع تكتل اليمين حسم الانتخابات لصالحه، في طريقه لولاية خامسة، ولصاحب أطول فترة رئاسة وزراء في تاريخ الدولة العبرية.

2- سياسة إسرائيلتجاه غزة.

مع مرور أكثر من عام على مسيرات العودة، التي تُسيرها الفصائل الفلسطينية تجاه الجدار العازل الذي يفصل غزة عن الأراضي المحتلة، فقد أشار 66.5% من المُستطلعين أنّ حكومتهم الإسرائيلية تتعامل بشكل معتدل مع المُظاهرات هُناك، وترتفع النسبة إلى 73% عند معسكر اليمين، الذي لطالما يُطالب أتباعه بضرورة الحسم بشكل أكبر تجاه غزة، ولهذا التيار تنتمي أقطاب بارزة لطالما توعدت غزة، مثل وزير الجيش المُستقيل افيجدور ليبرمان، ونفتالي بنت الذي خرج من الحلبة السياسية، بعد الانتخابات الأخيرة.

ومن الناحية العملية على الأرض، وإن كانت “إسرائيل” لم تجد حلولاً استراتيجية للتعامل مع قطاع غزة، ولم تستطع القضاء على قوته العسكرية ومقاومته، ولكنّها في نفس الوقت استطاعت إدارة الملف مرحلياً، من خلال زيادة الضغط على القطاع، وتحويل الجانب الإنساني فيه إلى محور النقاش والعمل، الأمر الذي لم يأتِ إلى الآن برفع الحصار، في ظل موجة عداء إقليمي للقطاع، كما أنّه لم يصل بالطرفين لحرب لا يرغبانها، وبالتالي بقاء الأوضاع رهن تحسينات إسرائيلية على نظام القطارة!

3- هل أنت واثق بطهارة الانتخابات في إسرائيل“.

في ظل عملية انتخابية شابها الكثير من الانتقادات ما قبل وبعد الانتخابات، طرح المركز السؤال التالي، ما مدى ثقتك في طهارة الانتخابات الإسرائيلية؟ فقد عبر 26% من اليهود عن عدم ثقتهم بطهارة العملية الانتخابية، وترتفع النسبة ل39% عند الجمهور الفلسطيني في الداخل المحتل.

ويأتي ذلك في ظل تأخر إعلان نتائج الانتخابات، والإعلان عن دخول حزب اليمين الجديد الكنيست، وبعدها نفي ذلك بسبب حاجته ل1400 صوت إضافي، إلى جانب وضع كاميرات مراقبة من قبل ممثلي الليكود الحاكم في مراكز الاقتراع العربية، والأهم من ذلك حملات التخويف، والتجاذب الداخلي المرتفعة، التي باتت مؤثراً قوياً في الانتخابات ونتائجها.

4- هل تؤمن باستطلاعات الرأي الإسرائيلية.

هذا السؤال تم توجيهه للمُستطلعين قبل الانتخابات الإسرائيلية، وفي ظل فشل استطلاعات الرأي في التنبؤ عن نتائج انتخابات 2015، فقد أشار 55% من اليهود عن عدم ثقتهم مطلقاً باستطلاعات الرأي الإسرائيلية، مقابل 42% عبروا عن ثقتهم بها.

وقد أثبتت النتائج أنّه بالفعل باتت استطلاعات الرأي في “إسرائيل” بعيدة عن نسبة الخطأ الطبيعية، حيث جاءت النتائج بعيدة عن بعضها بنسبة 20%، خاصة فيما يتعلق من سيكون الحزب الأكبر في الانتخابات، التي جاءت بالليكود في الطليعة، في ظل أنّ كل استطلاعات الرأي كانت تُعطي حزب “أزرق أبيض” الأفضلية.

5- هل أنت مؤمن ببراءة نتنياهو من شبهة صفقة الغواصات.

في ظل التحقيقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيال صفقة شراء الغواصات من ألمانيا، وتوجيه اتهامات له بالانتفاع من وراء هذه الصفقة، فقد عبر 45% من الجمهور عن ثقتهم ببراءة نتنياهو، مقابل 47.5% اعتقدوا خلاف ذلك.

النسبة أعلاه تُشير إلى الانقسام الحاصل حول نتنياهو، الذي استطاع الاستمرار في رئاسة الوزراء رغم التُهم الموجهة له في 3 قضايا، وهذا يؤشر إلى أنّ اليمين استطاع ترسيخ فكرة بقاء نتنياهو في الحكم حتى في ظل لائحة اتهام، والأخطر من ذلك، هو اتجاهه نحو الحصول على حصانة برلمانية لعدم محاكمته، الأمر الذي يعني أنّ القيم التي رافقت “إسرائيل” منذ تأسيسها والتي تقضي استقالة رئيس الوزراء عُرفاً من منصبه، في حال وجود قضايا فساد، قد انتهى، في ظل أنّ القانون لا يُلزمه الاستقالة!

ثالثاً: مركز بيجن – سادات للدراسات3

قدم الباحث البارز في المركز، جرشون هكوهين، الذي يحمل رتبة لواء في الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، دراسة مطولة تحت عنوان، “الانسحاب من الضفة الغربية يُعتبر خطراً وجودياً”.

حيث أشار هكوهين، إلى أنّ سحب قوات الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية، وتحديدا من المنطقة C التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، يضع أمام دولة إسرائيل احتمال تهديد وجودي، واعتبر أن عدم التواجد العسكري الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية، وخاصة في الأغوار، سيسمح بنشوء كيان وفق النموذج الغزي الذي سيهدد السهل الساحلي، ومخاطر انسحاب كهذا يزج إسرائيل في حدود لا يمكن الدفاع عنها، وستزيد المخاطر على الدولة العبرية خاصة في ظل التغييرات التي رافقت طبيعة الحرب خلال السنوات الأخيرة، التي لم تعد على شاكلة جيش دولة مقابل دولة أخرى، إنّما أشبه بحرب عصابات واستنزاف.

وأضاف هكوهين أن وجود قوّات دولية في الضفة الغربية، لن يمنع من وجود تنظيمات ستعمل ضد “إسرائيل”، كما أنها لن تمنع دخول جيوش معادية إلى أراضيها، واستغلالها كقاعدة لشن هجمات عدائية ضد “إسرائيل”، الأمر الذي سيجعل المنطقة أكثر اشتعالاً، وسيضع “إسرائيل” أمام جبهة أخرى شبيهة لتلك في غزة.

ويرى هكوهين أنّ كل الحلول المرحلية المطروحة ستمس بقدرات الجيش الإسرائيلي، وستزيد من ضائقته في الموارد البشرية، حيث بتراجع الكتلة السكانية في الضفة الغربية، ويقصد هنا المستوطنين، ستجد “إسرائيل” نفسها، أمام حالة من نقص في عدد الجنود النظاميين، في ظل أنّ الجيش النظامي موجود حالياً وفق الحاجة للوجود في الضفة الغربية إلى جانب المناطق الأخرى، فتراجع المساحة، يعني تراجع عدد الجيش النظامي والاعتماد أكبر على الاحتياط والدخول في أزمة جديدة.

كما أنّ هكوهين ذهب أبعد من ذلك، ورفض فكرة حتى الانسحاب من المستوطنات العشوائية، التي يصل عدد المستوطنين فيها إلى نحو 80 ألف، حيث تُشكل هذه المستوطنات نقطة انطلاق مهمة لعمل الجيش الإسرائيلي في عُمق الأراضي الفلسطينية، فهي توفر له مساحة وكذلك تُقرّب عليه المسافات، وتجعل من مساحة الأمان لتحرك الجيش أكبر.

ولم ينس هكوهين التنويه إلى أن ما ذكره أعلاه، هو الرؤية التي عبر عنها رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحق رابين، الذي وقع على اتفاقية أوسلو، عام 1993، ورفض لاحقا تطبيق هذه الاتفاقية.

حيث وفق هكوهين فإنّ رابين في خطابه الأخير في الكنيست، قبل اغتياله، قال أنّ حدود دولة إسرائيل لفترة الحل الدائم ستكون وراء الخطوط التي كانت قائمة قبل حرب حزيران عام 1967، وأنّ الحدود الآمنة لحماية أمن دولة إسرائيل ستكون في غور الأردن، وستشمل القدس الكُبرى ومعاليه أدوميم، وهذا يعني أنّ “إسرائيل” منذ توقيعها اتفاق أوسلو، ورسمها لخريطة الضفة الغربية، كانت تعي أنّ تطبيق أوسلو هو وهم، وإنّما خطوة جيدة من أجل القضاء على القضية الفلسطينية، بعد إدخال مقاومتها في متاهة السلطة والمفاوضات.

وهُنا يُفهم أنّ الإطار النظري لاتفاق أوسلو، كان مجرد خديعة بعد عام من توقيع الاتفاق، حيث إنّ الاستيطان بدأ يزدهر، والمستوطنات أخذت في التمدد، وأعداد المستوطنين في ارتفاع مهم، ووفق منظمة السلام الآن، فإنّ مسيرة الاستيطان شهدت في تلك الفترة نمواً، هو ذاته الذي سارت عليه “إسرائيل” إلى الآن، بمعنى أنّ المُخطط لم يختلف ما بين يمين ومركز بخصوص مناطق “ج” في الضفة الغربية، لكن الذي اختلف طبيعة الخطاب.

وأكثر ما يُقلق هكوهين هو العمل الأمني في حال انسحبت “إسرائيل” من مناطق “ج”، في الضفة الغربية، حيث استحر نموذج غزة مراراً أثناء استعراضه المخاطر، معتبراً أنّ الضفة الغربية هي بعد أمني مهم، وهو ذاته هكوهين اعتبرها أيضاً، متنفساً مهمّاً لتقليل الكثافة السكانية الإسرائيلية في الساحل المحتل.

أمام ذلك رأى هكوهين، أنّ الضفة يجب أن يكون فيها حالة جديدة من التعامل والتعايش، داعياً إلى اتباع خطة في الضفة الغربية، يعيش فيها كيانان قوميان إلى جانب بعضهما ومن خلال تعايش مشترك، في جميع منظومات البنية التحتية، مواصلات، ماء، كهرباء، أعمال تجارية، صناعة وما إلى ذلك، على أن تضمن “إسرائيل” حالة أمنية تمنع حدوث أي انفجار في المستقبل، ويبدو هكوهين هنا يتقاطع بشكل كبير مع رؤية اليمين الصهيوني، الذي يرى بالسلام الاقتصادي، الخيار الأفضل للتعامل مع الفلسطينيين في الضفة الغربية.


المراجع

امير اورون. (7 نيسان, 2019). كلاف هسيبوح عسوي لهتسيل ات نتنياهو ( ورقة الضم ستنقذ نتنياهو ). تم الاسترداد من ويلا: https://elections.walla.co.il/item/3229092

تامار هيرمان، و اور عنبي. (1 نيسان, 2019). محتسيت مهتسيبور لو مئمين لسكريم ( نصف الجمهور لا يؤمن بالاستطلاعات ). تم الاسترداد من مركز الدمقراطية الإسرائيلي: https://www.idi.org.il/articles/26442

جرشون هكوهين. (كانون ثاني, 2019). هنسيجا مشتحي س بيهودا فشومرون، سكنا كيوميت ( الانسحاب من مناطق جفي الضفة الغربية، خطر وجودي). تم الاسترداد من مركز بيجن سادات للدراسات: https://besacenter.org/wp-content/uploads/2019/03/160-MONOGRAPH-Hacohen-Area-C-HEBREW-updated.pdf

حيليك بركوبيتس. (8 نيسان, 2019). عسور لنتنياهو: ههتنخلويوت تسمحو متاريت ( عقد لنتنياهو: الاستيطان نما بشكل متسارع ). تم الاسترداد من بزناس: https://bizzness.net/%D7%A2%D7%A9%D7%95%D7%A8-%D7%9C%D7%A0%D7%AA%D7%A0%D7%99%D7%94%D7%95-%D7%94%D7%94%D7%AA%D7%A0%D7%97%D7%9C%D7%95%D7%99%D7%95%D7%AA-%D7%A6%D7%9E%D7%97%D7%95-%D7%9E%D7%98%D7%90%D7%95%D7%A8%D7%99%D7%AA/

عوديد عيرن. (كانون ثاني, 2019). سيكوي كلوش لشيكوما هكلكلي هملي شل سوريا ( احتمال ضئيل لإعادة إعمار كل سورية ). تم الاسترداد من معهد دراسات الأمن القومي: https://www.inss.org.il/he/wp-content/uploads/sites/2/2019/01/%D7%A1%D7%99%D7%9B%D7%95%D7%99-%D7%A7%D7%9C%D7%95%D7%A9-%D7%9C%D7%A9%D7%99%D7%A7%D7%95%D7%9E%D7%94-%D7%94%D7%9B%D7%9C%D7%9B%D7%9C%D7%99-%D7%A9%D7%9C-%D7%A1%D7%95%D7%A8%D7%99%D7%94.pdf

ميخال ختوال، و شاحر عيلم. (17 نيسان, 2019). ارتسوت هبريت مستنا هشلخوت ليسرائيل ( الولايات المتحدة تتغير، انعكاسات على إسرائيل ). تم الاسترداد من معهد دراسات الأمن القومي: https://www.inss.org.il/he/publication/the-changing-united-states-implications-for-israel/

ميخال ميليشتاين، و آبي يسسخروف. (كانون ثاني, 2019). شوبا شل همدينا هاخات ( عودة الدولة الواحدة ). تم الاسترداد من معهد دراسات الأمن القومي: https://www.inss.org.il/he/wp-content/uploads/sites/2/2019/01/%D7%94%D7%9E%D7%93%D7%99%D7%A0%D7%94-%D7%94%D7%90%D7%97%D7%AA.pdf

يوحنن تسوريف. (كانون ثاني, 2019). هبيلوج هبنيم فلسطيني كمحوليل شينوي بسخسوخ عم يسرائيل ( الانقسام الداخلي الفلسطيني كعامل في تغيير الصراع مع إسرائيل ). تم الاسترداد من معهد دراسات الأمن القومي: https://www.inss.org.il/he/wp-content/uploads/sites/2/2019/01/הפילוג-הפנים-פלסטיני.pdf

1 يُعتبر أبرز المراكز البحثية في “إسرائيل”، ويهتم المركز تحديداً بالقضايا الأمنية والسياسية، تأسس في العام 2006، ويستقطب أبرز الباحثين محلياً وعالمياً، ويُعتبر من المراكز الأبرز ليس على الساحة المحلية فحسب، بل أيضاً على الساحة العالمية، حيث تم تصنيفه في العام 2008، واحدا من أبرز عشرة مراكز عالمياً.

يتبع المعهد لجامعة تل أبيب، لكن يحفظ لنفسه استقلالية مالية وإدارية، ويهتم المركز بالقضايا ذات الصلة بالأمن القومي الإسرائيلي، ويقدم خدماته عبر العديد من الدراسات، المقالات والتقديرات الاستراتيجية، ومؤتمر سنوي، يلخص فيه الأوضاع الأمنية الاستراتيجية لإسرائيل، ويشارك في المؤتمر كبار رجالات الدولة، كرئيسها ورئيس وزرائها، والعديد من الشخصيات السياسية العالمية، كما يقدم المركز سنوياً لرئيس الدولة تقديراً استراتيجياً للقضايا الأمنية التي تمس “إسرائيل”، ويرأس المركز اللواء السابق عاموس يدلين.

2 معهد مستقل غير حزبي وغير حكومي، تأسس في العام 1991، ويقدم أبحاثاً في مجالات الأحزاب، الدمقراطية، الأمن والمجتمع، ومن أبرز إصداراته السنوية، قياس الدمقراطية في إسرائيل، ويتبع للمعهد 5 مراكز بحثية مستقلة، ويرأسه يوحنن فلسنر.

3 مركز سمي بهذا الاسم نسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيجن، ورئيس مصر الراحل أنور السادات، تيمناً بما حققاه من سلام بين البلدين في العام 1978. المركز لا يتبع لأي جهة سياسية، هدفه تقديم عملية السلام في الشرق الأوسط، من خلال أبحاث في قضايا الأمن القومي في الشرق الأوسط، يعمل المركز إلى جانب قسم العلوم السياسية في جامعة بار ايلان، حيث يقدم إلى جانبها خدمات تعليمية، ويرأس المركز البروفيسور، أفرايم كارش.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى