مقالاتشؤون إسرائيلية

معهد “التخنيون” الإسرائيلي يضيّق على الطلاب العرب

في خطوة اعتبرها الطلاب العرب تضييقًا عليهم، قرر معهد الهندسة التطبيقية الإسرائيلي "التخنيون" رفْع مستوى القبول للغة العبرية لغير الناطقين بها لهذا العام 2016 – 2017، ولمن أنهوا الثانوية العامة "البغروت"، لتصبح علامة النجاح المطلوبة 113 بدل 105.

من شأن هذا الإجراء أن يصعّب النجاح على الطلاب العرب، الذين يُشكّلون 85% من المتقدمين للامتحان، علمًا أن إدارة المعهد تدّعي أن هذه الخطوة من شأنها أن تسهّل على الطلاب، بتقليلها نسب الانسحاب من الدراسة بسبب صعوبة اللغة.

تتراوح العلامات التي يمكن الحصول عليها بشكل عام بين 50 – 150 علامة. 11% فقط من المتقدمين للامتحان يحصلون على 120 أو أكثر. يُذكر أن المؤسسات الأخرى تشترط الحصول على علامات أقل، إلا في بعض التخصصات مثل الأدب العبري واللغة العبرية والقانون، حيث إن العلامة الدنيا المطلوبة لها هي 120.

متوسط العلامة القطرية

علامة النجاح السابقة

علامة النجاح الجديدة

العلامات التي يمكن الحصول عليها

نسبة العرب من الممتحنين

92

105

113

50 – 150

85%

 

 

ومن الأمثلة على الفروق بين "التخنيون" والجامعات الإسرائيلية الأخرى، أن العلامة الدنيا المطلوبة في جامعة تل أبيب هي (59)، ومن يحصل على أقل من (131) يمكنه النجاح خلال فترة الدراسة، وذلك بدراسة مساقات تكميلية أثناء الدراسة.

والعلامة الدنيا المطلوبة في جامعة حيفا، هي (90)، ومن تراوحت علامته بين 90 – 119، وكانت علامته في القبول المسمى "بسيخومتري" (500) على الأقل، فإنه يُقبل بشرط حصوله على العلامة المطلوبة خلال فترة الدراسة.

وفي الرسالة التي أرسلتها المحامية منى حداد من مركز حقوق الأقلية العربية "عدالة" إلى إدارة المعهد، طالبت العدول عن القرار الجديد؛ لأنه يستهدف الطلبة العرب. وقد جاء في رسالتها:

"التخنيون مؤسسة تكنولوجية بحثية، تطرح برامج في المجالات العلمية والهندسية، ليس لها علاقة بمستوى اللغة العبرية". وأضافت: "إن رفع علامة النجاح الدنيا في اللغة العبرية يشكل عائقًا آخر أمام الطلاب العرب للقبول في التخنيون، ويعتبر انحرافًا عن المقياس المهني المعمول به في المؤسسة. والتغيير الجديد يزيد الثغرة بين الطلاب العرب واليهود، ويقلل احتمال قبولهم في مؤسسات التعليم العالي".

 

طلاب عرب يتظاهرون ضد نظام الامتحان الجديد

 

من ناحيتها، ادعت إدارة التخنيون أن القصد من القرار هو التسهيل على الطلاب الذين يبدؤون الدراسة في المعهد، فخلال العقد الماضي ارتفعت نسبة الطلاب العرب في مرحلة البكالوريوس بشكل ملحوظ، حيث زادت عن 20%، كان 61% منهم نساء.

ولكن وصلت نسبة الانسحاب في إحدى السنوات إلى 78%، مما استدعى تقديم مشروع تشجيعي إلى جانب الدراسة، فانخفضت نسبة الانسحاب إلى ما بين 20% – 30%. وعندما فُحصت أسباب الظاهرة، تبين أن اللغة العبرية هي السبب الأبرز في الانسحاب أو الاستمرار في الدراسة في التخنيون، بالإضافة إلى مستوى الرياضيات.

كما أفاد مصدر آخر في التخنيون أن علامة القبول تُعتبر منخفضةً جدًّا، ومن يحصل عليها فإنّه لا يعرف العبرية، وبالتالي كان متوسط العلامات للطلاب العرب في الفصل الأول منخفضًا جدًّا بسبب اللغة. وأضاف المصدر أن اشتراط الحصول على 113 من 150 يُعتبر منخفضًا، حيث من المتوقع أن يدرس الطالب أكثر قبل الدخول إلى التخنيون، وليس بعده.

وفي ردّها الرسمي على سؤال صحيفة هآرتس، أفادت إدارة المعهد أن التخنيون رفع علامة النجاح الدنيا إلى 113 لمنع الانسحاب من الدراسة بسبب عدم إتقان اللغة العبرية، فهي لغة التدريس في المعهد، وعلى الطلاب أن يحققوا شروط الالتحاق بالمعهد، وأن المعهد ينوي افتتاح مساق تحضيري لتجهيز المرشحين للنجاح في الامتحان.

المحامية حداد قالت إن التغييرات الأخيرة التي اتّخذت بشأن الامتحان، تثبت أن القرار لم يُتخذ بتعمق وبتشاور مع الجهات المتضررة منه، وموضوع الضرر الذي يسببه هذا القرار للمتقدمين من الطلبة العرب للدراسة لم يؤخذ بعين الاعتبار، والعلامة التي أصبحت مطلوبةً تقلل حظوظ القبول للطلبة العرب، وبالتالي تقلل نسبتهم في التخنيون.

يُذكر أن عدد الطلاب الملتحقين في مؤسسات التعليم العالي في "إسرائيل" يبلغ 310.565 طالبًا، يدرسون في 63 مؤسسة.

 

تعقيب المترجم

يُعتبر معهد التخنيون أول المؤسسات الأكاديمية التي أقامتها الحركة الصهيونية في فلسطين، وكان ذلك في عام 1908، وقد تم الافتتاح رسميا عام 1924. يدرس في المعهد حوالي 14 ألف طالب، وهو يُصنَّف من الجامعات المائة الأوائل في العالم، فقد احتل التخنيون الترتيب الـ 69، بينما احتلت الجامعة العبرية الترتيب الـ 87، وذلك حسب تصنيف جامعة شانغهاي لعام 2016.

يمكن فهم ما نُشر أعلاه باتجاهين: الأول هو أن ما ذكرَتْه إدارة التخنيون بشأن الانسحاب من الدراسة هو تبرير صحيح، وبالتالي فإن القرار يُعتبر أكاديميًّا بحتًا. والثاني يمكن فهمه بأن الهدف من القرار هو خفْض نسبة الطلبة العرب الملتحقين بالدراسة في هذا المعهد لصالح الطلبة اليهود، أي أن الدافع عنصري.

رئيس المعهد البروفيسور بيرتس ليفي نشر مقالاً في صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ 18/4/2016، نفى فيه وجود أي معايير طائفية، وأوضح أن نسبة الإناث من بين مجموع طلبة الأقليات تصل إلى 45%، وهي أعلى نسبة في الجامعات الإسرائيلية، بل في معاهد مماثلة في الشرق الأوسط.

ولعل مسارعة رئيس المعهد في الرد على الاتهامات بالعنصرية والطائفية، تعود إلى خوفه من اتخاذ ذلك دليلاً جديدًا لصالح دعوات المقاطعة الدولية ضد المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، والتي لاقت استجابة واسعة، ومنها قرار رابطة علماء الإنثروبولوجيا الأمريكية في عام 2015، والتي قررت مقاطعة "إسرائيل" بسبب دوْر الأكاديميين في ترسيخ مفهوم "الكولونيالية الاستيطانية"، وقد صوت لصالح القرار 1040 أكاديميًّا، وعارضه 136.

من الناحية الرسمية النظرية، لا توجد سياسة تمييزية ضد غير اليهود في الجامعات الإسرائيلية، أما من الناحية العملية غير المباشرة، فيتم التمييز من خلال دعم الطالب اليهودي دون غيره، وذلك عبر صناديق أقيمت خصيصًا لصالح من تسرحوا من الجيش. كما أن هناك ادعاءات عديدة عن ممارسة العنصرية ضد الطلاب اليهود من أصل إثيوبي، تمارس ضدهم في الجامعات، كما تمارس ضدهم في كل المجتمع الإسرائيلي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى