المشهد الفلسطيني

القراءة الشهرية لأبرز ما تناولته مراكز الأبحاث الأجنبية حول القضية الفلسطينية

تموز/ يوليو 2021

محمد دار خليل

ركزت أعمال مراكز الأبحاث الأجنبية المتخصصة في ملف الصراع الفلسطيني الصهيوني، حول انعكاسات وتداعيات المواجهة الأخيرة وكيفية تداركها، وكان معظمها يرى المتغيرات من وجهة نظر إسرائيلية. يتناول هذا التقرير أبرز الموضوعات التي أثيرت من قبل المتخصصين خلال شهر تموز/ يوليو، كالتحولات في المواقف السياسية الفلسطينية العامة، ومصلحة “إسرائيل” في ظل تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان، ومحفزات استمرار العلاقة بين مصر وحماس، وزيارة قيادة حركة حماس للمغرب، وكذلك دور المغرب كوسيط محتمل لأي مفاوضات ممكنة بين “إسرائيل” وحماس، والفجوة بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وما يسمى بـ “التحالف الهندي الإبراهيمي”. وكان لمعهد واشنطن[1]، ومؤسسة دراسات الشرق الأوسط[2]، ومركز دراسات الأمن القومي[3]، ومركز القدس لدراسة الشؤون العامة[4]، ومعهد كارينغي[5]، الدور الأكبر في التحليل والتقدير وتقديم التوصيات.

التغير في التوجهات السياسية للرأي العام الفلسطيني

وفقا للتحليل السياسي المنشور على صفحات موقع ” American Purpos” تحت عنوان “ماذا يريد الفلسطينيون؟” فإن الفلسطينيين الذين يؤيدون السلام الدائم مع الإسرائيليين، هم الأقلية، وهذا ينطبق على الجيل الشاب من الفلسطينيين أيضا. في المقابل، يعطي الفلسطينيون أولوية للعمل المقاوم المسلح ضد “إسرائيل”، وتحرير كامل الأراضي الفلسطينية التاريخية. ومن الجدير ذكره أن هذه التوجهات ليست مرتبطة بأحداث المواجهة الأخيرة، بقدر تراكمها عبر سنوات العقد المنصرم، والذي شهد حالة فريدة من الركود في المشهد الفلسطيني الداخلي. يوصي  كاتبا التقرير (ديفيد بولوك و كاثرين كليفلاند) الولايات المتحدة، بناء على المعطيات الإحصائية، بتركيز العمل على الحوافز الاقتصادية، لأنه الفلسطينيين، بالرغم من نزوعهم إلى المقاومة المسلحة، إلا أنهم يعطون أولوية للاستقرار الاقتصادي على السياسة، خاصة في قطاع غزة. هذا الأمر يعني التأثير على المواقف والتوجهات السياسية من بوابة الوعود الاقتصادية.

التدهور الاقتصادي في لبنان ليس من مصلحة “إسرائيل”

حذر “أورنا مزراحي”[6] و “يورام شفايتسر”[7] في مقالة نشراها على موقع ومركز دراسات الأمن القومي الحكومة الإسرائيلية من التبعات الكامنة وراء التدهور الاقتصادي في لبنان، وما يرافقه من حالة فوضى سياسية، ويوصيان القيادة الإسرائيلية بتبني مقاربة استباقية في سبيل التعامل مع أي مخرجات متوقعة، وأن تكون هذه المقاربة مبنية على حماية الأمن الإسرائيلي، وأن يكون لبنان دولة متحررة من النفوذ الإيراني، وأن تصبح جزءا من المعسكر الليبرالي الغربي. ومن أجل تحقيق ذلك على سبيل المثال، يوصي الكاتبان الحكومة الإسرائيلية بالعمل على تحفيز شركائها الغربيين، خاصة الولايات المتحدة وفرنسا، لتوفير الدعم الفوري للبنان، بطريقة يتم فيها تجاوز حزب الله. وحسب الكاتبين، يرتبط التهديد الحقيقي بحزب الله، كممثل للتهديد الإيراني على الحدود الشمالية. كما يعتبر كلا الباحثين أن السيناريو المتطرف يتمثل في استيلاء حزب الله الكامل على السلطة، والذي من شأنه أن يحول البلاد إلى دائرة إيرانية. على غرار سوريا. وقد يؤدي إلغاء العقوبات المفروضة على إيران بعد عودة محتملة إلى الاتفاق النووي من قبل الولايات المتحدة إلى تسريع هذا السيناريو.

لماذا تسعى مصر للمحافظة على العلاقة مع حركة حماس؟

هناك أهداف متعددة تقود السياسة المصرية تجاه حركة حماس، ويمكن فهمها من خلال عدسات السياسة الداخلية والسياسة الخارجية المصرية. وحسب ماجد مندور[8] في تحليله المنشور على صفحات معهد كارينغي، وتحت عنوان “تحول سياسات مصر تجاه حماس“، فإن هناك نوعا من العلاقة الاعتمادية المتبادلة في العلاقات بين الجانبين؛ إذ تحتاج مصر دعم حركة حماس في سيناء، إضافة إلى أنها تحاول المحافظة على مكانتها الإقليمية وتأثيرها كوسيط بين “إسرائيل” وقطاع غزة، إلى جانب سياسة مصر الرامية إلى تقليص نفوذ القوى الإقليمية مثل قطر وتركيا. من الناحية الأخرى، تحاول حركة حماس المحافظة على تدفق الاحتياجات اللازمة عبر الحدود المصرية، بطرق قانونية أو غير قانونية.

حول زيارة حركة حماس لدولة المغرب.

يرى محمد شتاتو[9] أن المغرب هو وسيط محتمل لأي مفاوضات ممكنة بين “إسرائيل” وحماس، بغض النظر عن حالة عدم الرضى التي تسود بين الفلسطينيين، كرد فعل على اتفاقيات التطبيع مع “إسرائيل”. يعتقد شتاتو أن الأعضاء المباشرين وغير المباشرين في معاهدة التطبيع الأخيرة، قد يكونوا قادرين على الجمع بين “إسرائيل” وحركة حماس على طاولة المفاوضات؛ لإنجاز “السلام العادل”. واعتبر الكاتب أن المغرب لديها ما يؤهلها للوساطة بين حماس وإسرائيل. فهناك ما يقارب المليون يهودي مغربي في “إسرائيل”، كما تضم الحكومة الإسرائيلية الحالية أربعة وزراء من أصول مغربية. من ناحية أخرى، يرى شتاتو أنه من الممكن أن يساهم الحزب الإسلامي الحاكم في المغرب، في تحقيق ذلك، خاصة أن الملك المغربي يتبنى مواقف إيجابية تجاه “إسرائيل”.

في حين ترى سارة فوير[10]، أن زيارة حماس إلى المغرب لا تشكل تهديدا للعلاقات الثنائية بين “إسرائيل” والمغرب، وإنما تراها أكثر ارتباطا بالمشهد السياسي المغربي الداخلي، مع تأكيدها على سلبية الزيارة على العلاقات مع “إسرائيل”. وحتى لا تؤثر مثل هذه الأفعال على العلاقات الثنائية، توصي فوير الحكومة الإسرائيلية بالتركيز على الجهود التي تعزز الروابط مع مجتمع الأعمال في المغرب، وذلك بطريقة ممنهجة وهادئة، حيث إن مجتمع الأعمال يعتبر الأكثر حسما من أجل إنجاز تطبيع ناجح مع المغرب.

الفجوة بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي عند مقاربة الصراع

يرى الباحثان “عوديد عيران” و “شمعون شتاين”  أن التقريب في وجهات النظر نحو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بين كل من “إسرائيل” والاتحاد الأوربي، لن يتم بشكل مريح إلا عندما تتوقف “إسرائيل” عن تعطيل تطبيقات الحل السياسي القائم على فكرة الدولتين.

التحالف الهندي الإبراهيمي

في مقالته المنشورة على موقع معهد الشرق الأوسط، والتي كانت بعنوان ” صعود حلف إبراهيمي هندي: كيف للهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة إيجاد تحول في النظام الإقليمي؟“. يرى الكاتب محمد سليمان أن الفجوة بين كل من الإمارات العربية المتحدة من جهة، وتركيا وباكستان من جهة أخرى، بالإضافة إلى انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة، خلق تحالف جيوسياسي جديد، هو التحالف الهندي الإبراهيمي. فمن وجهة نظر سليمان فإن لدى كل من الهند والإمارات العربية المتحدة و”إسرائيل”، إمكانية لفرض تحول في الإقليم على الصعد الجيواقتصادية والجيوسياسية. وقد بدأ العمل على إنشاء هذا التحالف منذ سنوات عديدة، إلا أنه تم تسريعه عام 2020. وحسب الكاتب لا يعمل هذا التحالف ككتلة رسمية، لكن لديه المقدرة على توظيف نفسه بطريقة فعالة، كنتيجة لاتفاقيات التطبيع الأخيرة، وكنتيجة لحضور تركيا المنطقة. كما تدفع اليونان لتسريع دمج الهند في القضايا الإقليمية الشرق أوسطية. ومن الجدير ذكره، وفقا لسليمان، أن هذا التحالف قد يقدم حلا جيوستراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية، في ظل ما يتم التأكيد عليه دائما بأن هناك انسحابا أمريكيا من المنطقة، الأمر الذي يشير إلى إمكانية شمول هذا التحالف لدول صديقة للولايات المتحدة في غرب آسيا، كالسعودية وغيرها من دول الخليج.

 

[1] The Washington Institute, Washington.

[2] Middle East Institute, Washington.

[3] The Institute for National Security Studies, Tel Aviv University.

[4]Jerusalem Center for Public Affairs

[5] Carnegie Middle East Center

[6] باحثة في مؤسسة دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب.

[7] رئيس برنامج “الإرهاب” والصراع.

[8] محلل سياسي متخصص في مجال الديمقراطية.

[9] محلل سياسي وأستاذ العلوم التربوية في جامعة الرباط.

[10] باحثة في مؤسسة دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى