شؤون إسرائيلية

التقرير السنوي لصورة الواقع في إسرائيل 2015

التعريف بمركز “طاؤب”

مركز بحثي إسرائيلي ليس له ارتباطات حزبية، متخصص في المجال الاقتصادي والاجتماعي في إسرائيل، ويقدم أبحاثه لصانع القرار، ويركز أبحاثه في خمسة مجالات، هي التعليم، والرفاه الاجتماعي، وسوق العمل، والصحة، والاقتصاد.

تأسس المركز عام 1982 على يد الدكتور يسرائيل كاتس، الذي شغل منصب وزير العمل والرفاه في حكومة مناحيم بيغن، ويديره الآن البروفيسور آفي فايس. ويوجد للمركز هيئة استشارية مكونة من 15 مستشارًا من دول عديدة، خمسة منهم حائزون على جائزة نوبل.

المقدمة

شهد عام 2015 انتخابات مبكرة في إسرائيل. وكما في جولات الانتخابات السابقة، احتلت المواضيع الاقتصادية والاجتماعية مكانةً مركزيةً في حملات الأحزاب المختلفة، بدءًا من أسعار السكن والطعام، وحتى طرح ونقاش الوضع الاقتصادي لفئات ديموغرافية مختلفة في المجتمع الإسرائيلي.

تقرير “صورة الواقع في الدولة” يقدم صورة مستفيضة للمواضيع التي تسبب إزعاجًا للجمهور الإسرائيلي، ويقدم نظرةً مهنيةً، عملية ومتعددة الجوانب. يستطيع القارئون أن يجدوا في هذه الكراسة تلخيصًا معمقًا لقضايا باتت متداولة ومعروفة، مثل عدم المساواة بين المجموعات السكانية المختلفة، بالإضافة إلى الكشف عن مواضيع أقل اهتمامًا، مثل وضع العجزة (سن الشيخوخة)، وتأثير السوق السوداء على الاقتصاد.

اطلع قسم الشؤون الإسرائيلية في مركز رؤية للتنمية السياسية على كامل التقرير الذي أصدره مركز “طاؤب” ولخص أبرز ما جاء فيه في هذا التقرير، من أجل تقليص الشروحات وإعطاء معلومات مباشرة حول الواقع في إسرائيل، ويعتبر هذا العمل ضمن سلسة أعمال ترجمة يعمل عليها المركز لفهم صورة إسرائيل من الداخل.

غلاء المعيشة 

تحتل الصعوبات الاقتصادية بمستوياتها المختلفة الأولوية الأولى عند كثير من الإسرائيليين، وتحتل المكانة الأولى في اهتمام وسائل الإعلام والنقاش العام، ويمكن الاعتماد على المعطيات الواردة من أبحاث مركز “طاؤب”، والتي تدل على مشاعر الارتياح لدى الجمهور المتابع، إذ إن جزءًا مهمًّا من مصروفات البيت الإسرائيلي، من قطاعات مختلفة ومستويات معيشة متنوعة، يكشف عن صعوبة في تغطية كامل المصاريف، وتظهر -بشكل خاص- الثغرات في مصاريف البيت التابع للحريديم “المتدينين”، فقد تبين أن مصاريفه أعلى من إيراداته بـ 25%.

العوامل البارزة في غلاء المعيشة هي ارتفاع أسعار الطعام وأسعار العقارات، وإليكم التفصيل:

الدخل أقل من المصروفات 

يقلّ متوسط الدخل لمعظم المستويات السكانية كثيرًا عن متوسط المصروفات، ومعنى هذا أن قسمًا كبيرًا من الناس يضطرون لاستهلاك المدخرات، أو للاستعانة بالأقارب المقربين. العامل الرئيس الذي يؤدّي إلى هذه الثغرة بين الإيرادات والمصروفات هو عبء “المشكنتاه”، أي القرض السكني، الأمر الذي يعني أن معظم العائلات لا يمكنها أن تشتري مكانًا للسكن دون أن تتعرض ميزانية البيت إلى العجز، ولأن 80% من العائلات تعاني من العجز، فإنها تضطر إلى الاستعانة بتوفير الوالدين، وبطبيعة الحال يضطر الكثير منهم إلى الاستئجار، وبعضهم حصلوا على السكن بالوراثة، أو أنهم اشتروا مسكنًا قبل ارتفاع  الأسعار. وإليكم التفصيل في الجدول التالي والذي قسم السكان إلى خمسة أخماس:

الخمس الأدنى

الخمس 2

الخمس 3

الخمس 4

الخمس الأعلى

الأخماس السكانية

8295 ش

11428 ش

15055 ش

20517 ش

33913 ش

المصروفات

5368 ش

9101 ش

13603 ش

19595 ش

36230 ش

الإيرادات

الثغرات الأكبر بين الإيرادات والمصروفات عند الحريديم “المتدينين” 

في عام 2012، كان متوسط دخل العائلات من الفئات السكانية المختلفة، ومتوسط مصروفاتها، على نحو يشير إلى وجود ثغرات لدى كل القطاعات، والجدول التالي يوضح ذلك:

الفئات السكانية

اليهود المتدينون “الحريديم”

اليهود غير المتدينين

المسيحيون

الدروز

المسلمون

متوسط الدخل

5359 ش

18394 ش

12723 ش

9310 ش

7809 ش

متوسط المصروفات

12743 ش

19394 ش

13394 ش

12920 ش

11700 ش

الفرق

7384 ش

1000 ش

671 ش

3610 ش

3891 ش

المساعدات والمخصصات لتقليص الثغرة

تعتبر المخصصات الاجتماعية التي يتلقاها الحريديم “المتدينون”، سواء من الحكومة “مخصصات التأمين الوطني”، أو من الجمعيات الخيرية، هي الأعلى من بين كل القطاعات. فالعائلة الحريدية تتلقى أكثر من القطاعات الأخرى بـ 1300 شيكل. والمخصصات التي تتلقاها العائلة الحريدية من التأمين الوطني هي الأقل من بين القطاعات الأخرى، وذلك لأن هذا القطاع يعتبر شابًّا مقارنةً مع القطاعات الأخرى، لذلك فإن الذين يحصلون على مخصصات الشيخوخة من الحريديم عددهم قليل. كما تتلقى العائلة الحريدية ما معدله 535 شيكلاً من الجمعيات في كل من إسرائيل والخارج، و1331 شيكلاً من مؤسسات حكومية أخرى، كوزارات الدفاع والاستيعاب والإسكان والوكالة اليهودية، ليصبح مجموع ما تتلقاه العائلة الحريدية من مساعدات 3256 شيكلاً.

أما بالنسبة للفئات الأخرى، فيبلغ معدل المساعدات للعائلة المسلمة 1993 شيكلاً، وللعائلة المسيحية 1980 شيكلاً، وللعائلة الدرزية 1555 شيكلاً، وللعائلة اليهودية غير الحريدية 1964 شيكلاً. والجدول التالي يوضح تفاصيل هذه المساعدا  :

الفئة السكانية

الحريديم

المسلمون

المسيحيون

اليهود العلمانيون

الدروز

من التأمين الوطني

1390 ش

1795 ش

1772 ش

1504 ش

1506 ش

من مؤسسات أخرى

1331 ش

55 ش

95 ش

205 ش

49 ش

دعم خاص للغذاء

381 ش

141 ش

99 ش

209 ش

———-

دعم من الخارج

154 ش

———

——–

46 ش

———-

المجموع

3256 ش

1991 ش

1966 ش

1964 ش

1555 ش

أسعار الأغذية في إسرائيل مقارنةً بدول منظمة OECD

الارتفاع الواضح في أسعار الأغذية في إسرائيل يؤثّر بشكل مباشر في غلاء المعيشة، فما بين عامي 2005 و2011 سُجل ارتفاع واضح في أسعار معظم أصناف الأغذية أكثر من دول “الأوسيد”(1) ، فقد كانت أسعار الأغذية عام 2005 أرخص بـ 16% من دول منظمة “الأوسيد”، ولكنها ارتفعت إلى 19% زيادة عن دول المنظمة في 2011. والجدول التالي يبين الارتفاع في أسعار بعض أصناف الأغذية ما بين إسرائيل ودول منظمة “الأوسيد”.

الصنف

الأسعار في إسرائيل بالنسبة للاتحاد الأوروبي عام 2005

الأسعار في إسرائيل بالنسبة للاتحاد الأوروبي عام 2011

منتجات الحليب

+6%

+51%

الخبز

-19%

+26%

مشروبات خفيفة

+10%

+56%

الزيوت النباتية

-3%

+40%

المشروبات الكحولية

-1%

+33%

الأسماك

-30%

+26%

الدجاج واللحوم

-8%

+21%

الخضروات والفواكه

-40%

-15%

المنتجات الغذائية/ الشاي والقهوة والبهارات والمأكولات الجاهزة

-8%

+28%

نسبة استيراد الأغذية

في إسرائيل يجري التركيز على الصناعات الغذائية، فالشركات الكبيرة تزود السوق الإسرائيلي بما يحتاج من هذه الصناعات بحيث يبقى الاستيراد من الخارج قليلاً. وبعد وضع خطة لتشجيع الاستيراد في سنوات التسعينيات، ارتفعت نسبة استيراد الأحذية والألبسة والأثاث، بينما بقيت نسبة استيراد الأغذية منخفضة، حيث تصل إلى 16% من مجموع ما يستهلكه السوق، وقد أثّر ذلك على الشركات المنتجة للغذاء في إسرائيل، ودفعها إلى عدم التنافس خارج إسرائيل لتبقى أسعار المنتجات الغذائية منخفضة.

الإسكان 

يعتبر ارتفاع أسعار السكن في إسرائيل هو العامل الأهم لغلاء المعيشة، فجزء كبير من دخل العائلة مكرس إما لدفع أقساط “المشكنتاه”، أي القرض السكني، أو لدفع الإيجار. مركز “طاؤب” قام بدراسة أسباب ارتفاع أسعار السكن في إسرائيل في السنوات الأخيرة، وأهمها تقليص البناء بسبب المركزية والبيروقراطية الإدارية في إجراءات التخطيط، والفائدة المصرفية المنخفضة، والضرائب المنخفضة لأجرة الشقة والتي أدّت إلى زيادة الطلب على الشقق من أجل الاستثمار.

كما أن ارتفاع أسعار الشقق يقطع الفرص أمام الشباب لامتلاك شقة. فبينما كانت أسعار الشقق في انخفاض حقيقي خلال النصف الأول من العقد الماضي حسب مقياس الأسعار للمستهلك، إلا أنها ومنذ عام 2007 بدأت الأسعار في الارتفاع. كما ارتفعت أجور الشقق بين 2008–2014 بنسبة تزيد على 60 %. ولكن في المقابل فإن الأغنياء، أصحاب الدخل المرتفع، يشترون الشقق للاستثمار، وذلك بسبب انخفاض الفائدة المصرفية في السوق العالمي، مما أدّى إلى تحول قسم كبير من رأس المال إلى العقارات. لذلك، وما بين 2006 – 2012، تضاعف عدد الإسرائيليين الذين يمتلكون شقتين أو أكثر أربعة أضعاف.

تؤدّي البيروقراطية المعقدة إلى إطالة عملية البناء إلى 13 عامًا أحيانًا، منها 11 عاماً للإجراءات البيروقراطية وعامان لتنفيذ البناء. وعند مقارنة ذلك مع معظم دول الاتحاد الأوروبي، يتبين أن إصدار تصريح البناء يستغرق ما بين 8 – 12 أسبوعًا، مما يعني أن الإجراءات في إسرائيل تستغرق 50 ضعفًا عن معظم الدول الأوروبية.

وتُعتبر إسرائيل أيضًا من الدول ذات الاكتظاظ المرتفع مقارنة مع الدول المتقدمة، وهو بنسبة 1.1 غرفة لكل شخص، بينما في كندا 2.6 غرفة لكل شخص، وفي دول “أوسيد” 1.6 غرفة لكل شخص.

وبسبب ارتفاع إيجار الشقق منذ عام 2008، فإن الأزواج الشابة تتحمل عبئًا كبيرًا من ميزانية العائلة والتي تصل إلى 25 %. ومقابل هذا الارتفاع انخفضت المساعدات الحكومية المساهمة في أجرة الشقة بمعدل 15 نقطة. بمعنى أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه الإيجارات بنسبة 0.3 % سنويًّا، انخفضت مساهمة الحكومة من 40 % عام 2005 إلى 25 % عام 2012.

الفقر وعدم المساواة 

أدّت كل من السياسات الحكومية في تخفيض مخصصات أصحاب الدخل المحدود، والتطورات الديموغرافية، والتغيرات في سلوك السوق الإسرائيلي بما يتعلق بالخصخصة، إلى ارتفاع نسبة الفقر وعدم المساواة في الوضع الاقتصادي للعائلة، ويُعتبر الفقر وعدم المساواة في إسرائيل من أعلى النسب في الدول المتقدمة، وعادة يُعبَّر عن الثغرات بين الطبقات بملكية الشقق وأنماط استهلاك الأغذية، وأسباب ذلك هي الفروقات الديموغرافية بين إسرائيل وهذه الدول، مثل ثغرات الأجرة في السوق، والنجاعة الدنيا لشبكة الأمن الاقتصادي التي تهدف إلى تقليص الثغرات.

انخفضت نسبة الفقر، ولكنها بقيت عالية من بين الدول المتقدمة، حيث أن 20 % من مواطني دولة إسرائيل يعيشون تحت خط الفقر، علمًا أن هذه النسبة لا تشمل العرب الذين يعيشون في القدس الشرقية، وتجدر الملاحظة أن معظم أجرة الشقق تصل إلى الأغنياء كونها ضمن الاستثمار العقاري. في الخمس الأعلى، تستهلك أجرة الشقة ما مقداره 1500 شيكل من دخل العائلات، وهو مبلغ مضاعف للعائلات التي تشكّل الأخماس الأربعة الأقل، ويُعتبر هذا أحد الأسباب التي تفسر الثغرات بين العائلات، حيث ينتقل الإيجار من الفقراء إلى الأغنياء.

كما أن مستوى الدخل انعكس مباشرةً على مقدار المصروف على الغذاء، فمثلاً، ولدى الخمس الأعلى، بلغ المصروف على الخضروات والفواكه والبيض ومنتجات الألبان والخبز والأسماك وغيرها من الأغذية، 1224 شيكلاً، بينما بلغت لدى الخمس الرابع حوالي 878 شيكلاً، وفي الخمس الثالث حوالي 726 شيكلاً. يُستنتج من ذلك أنه كان من الصعب خلال الخمس سنوات الأخيرة تناول وجبة خارج البيت، وأن من يُصنف ضمن العشرين الأدنيين يضطر إلى تخفيض شراء الحليب ومنتجاته والبيض والخضار والفواكه، بنسبة أقل بـ 22% في المتوسط.

سوق العمل 

توجد الثغرات وعدم المساواة في إسرائيل في سوق العمل أيضًا، وإن كانت تتجه نحو التقلص، إلا أنها تبقى الأعلى من بين دول “الأوسيد”. تحدث الثغرة أساسًا بين العاملين ذوي الأجور المتوسطة والعاملين ذوي الأجور العالية. وقد ارتفعت الأجور بعد رفع الحد الأدنى لها. ثم شهدت الأجور تطورًا آخر، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى، وهو العلاقة بين التعليم والتشغيل، فقد ارتفع عدد العاملين المتعلمين في السوق على مر السنين. ثم العلاقة بين قيمة الأجرة والمستوى الأكاديمي، حيث يحدد ذلك مقدار العرض والطلب في السوق.

وتجدر الإشارة إلى أنه حصل تحسن على عدد ساعات العمل للأكاديميين الشباب مقارنة مع العاملين الحاصلين على الثانوية العامة، ويضاف إلى ذلك سنوات الخبرة.

إن الأجر الحقيقي في إسرائيل مجمد منذ عام 2000 وحتى الآن، وهو في انحدار أيضًا، وبالرغم من ذلك فإن الاقتصاد يعيش حالة نمو، وذلك لعدة أسباب، منها التسهيلات الضريبية الممنوحة على الدخل، وإن كان أصحاب الأجر الأعلى يستفيدون أكثر، وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر. ومن الأسباب أيضًا زيادة عدد العاملين في العائلة الواحدة وخصوصًا من النساء والشباب، وكذلك ارتفاع سن الزواج ونسبة الطلاق. بشكل عام، بلغت نسبة النساء العاملات في إسرائيل عام 2000 حوالي 63 %، وارتفعت إلى 70 % عام 2011، أما في دول “الأوسيد” فكانت نسبة النساء العاملات عام 2000 حوالي 64 %، وارتفعت إلى 68 % عام 2011.

السوق السوداء 

عندما يجري تناول الميزانيات الحكومية فإنه لا يمكن القفز عن السوق السوداء، حيث يعتبر رأس المال الأسود في إسرائيل من الأعلى بين الدول المتقدمة.

يشكل الاقتصاد الأسود ما نسبته 20 % من الدخل القومي في إسرائيل، والذي يصل إلى 200 مليار شيكل، ولو أمكن تخفيض هذه النسبة إلى 10 %، مثلما هو الحال في دول متقدمة كالولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة، فسيكون الدخل أعلى بـ 100مليار شيكل، وسترتفع إيرادات الدولة من الضرائب بمقدار 40 مليار شيكل، وهي عندئذ ستكفي لميزانية التعليم. يُذكر أن السوق السوداء في سويسرا تبلغ 8.1 %، وفي الولايات المتحدة 8.4 %، وفي لوكسمبورغ 9.4 %، وفي اليابان 9.4 %، وفي فرنسا 13.5 %.

كما أن الضرائب المفروضة على المشاريع الصغيرة في إسرائيل هي من الأعلى بين الدول المتقدمة، مما يؤدي إلى سحق الإيرادات. تمنح دول “الأوسيد” تسهيلات ضريبية للمشاريع الصغيرة. في إسرائيل تبلغ نسبة مجموع الضرائب 58 %، وهي أعلى بكثير من دول “الأوسيد” التي يبلغ متوسطها 51.9 %، وأقلها اليابان 34.1 %.

تجدر الملاحظة أن المدة التي تستغرق إرسال كشف الضرائب عن المشاريع الصغيرة في إسرائيل، تُعتبر طويلة مقارنة مع دول “الأوسيد”، حيث تستغرق 235 ساعة عمل، مما يشجع ظاهرة التهرب الضريبي ورفع التكاليف الضريبية، علمًا أن السبب في ذلك هو الإجراءات البيروقراطية وتعقيداتها. في سويسرا تستغرق المدة 53 ساعة فقط، وفي لوكسمبورغ 52 ساعة، وفي الولايات المتحدة 160 ساعة. من الجدير بالذكر أن التقليد الاجتماعي العام في إسرائيل يدّعي أن إخفاء مقدار الإيرادات الحقيقية للمشاريع الصغيرة هو عمل شرعي، لأن الشركات الكبرى تحظى بتسهيلات ضريبية.

يفسَّر ذلك في علم الاقتصاد أنه يتم من أجل تشجيع استثمار الشركات الكبرى، وذلك حتى تتمكن من دفع الضرائب بعد النجاح، والذي قد يصل إلى خمس إيرادات الضرائب. في إسرائيل، كما في كل دول “الأوسيد”، فإن المشاريع الصغيرة هي التي تستوعب حتى 100 مستخدم، وتشكل 55% من استيعاب العاملين. والفرق بين الشركات الكبرى والمشاريع الصغيرة هو قدرتها على المساومة مع الحكومات بشأن التسهيلات الضريبية، مما يمنحها أفضلية على المشاريع الصغيرة التي لا تمتلك نفوذًا اقتصاديًّا تساوم بواسطته.

لذلك أوصت عدة لجان بتشريع قانون وجوب تقديم كشف ضريبي لكل مواطن، ومنها هيلجنة بن- شاحر (1975)، ولجنة ششنسكي (1988)، ولجنة بن- بساط (2000)، ولجنة أربلي (2013)، ولكن التوصيات لم تُطبَّق. لقد ثبت لدى دول “الأوسيد”، التي تطبِّق وجوب تقديم الكشف لكل المواطنين، أن السوق السوداء قد انخفض تأثيرها على الاقتصاد. ففي عام 2007، كان معدل تأثير السوق السوداء في الدول التي طبقت وجوب تقديم الكشف 16.5%، بينما بلغ هذا التأثير 21.2 % في الدول التي لم تطبقه كإسرائيل، علمًا أنه مع التقدم التكنولوجي أصبحت المسألة أسهل في   للتطبيق.

سن الشيخوخة 

عندما نقارن المخصصات التي تدفع في إسرائيل مع الدخل القومي للفرد نجد أن الاتجاه عكسي، فقد انخفضت المخصصات من 27.1 % من دخل الفرد عام 2002 إلى 24 % عام 2012، ولذلك فإن المخصصات أصبحت لا تكفي، والوضع بالنسبة لأصحاب الشيخوخة يزداد سوءًا منذ 2002. كما أن مؤسسات تقديم الخدمات للشيخوخة قلصت الخدمات الشخصية والاجتماعية لأصحاب الشيخوخة في البيوت وفي المؤسسات المستقبِلة، فبين 2005 وحتى 2012 خصصت الميزانية للمؤسسة ما بين 450 – 500 مليون شيكل، وهي تشمل الميزانية الأساسية والميزانية المضافة إليها.

الملاحظ أن هناك ثغرة كبيرة بين الميزانية المرصودة بالفعل وبين الميزانية المستثمرة، وذلك بنسبة تصل إلى عشرات بالمائة، مما يعني أن الخدمات المفروض وصولها إلى أصحاب الشيخوخة لم تصل إلى الحد المنشود، وذلك لأن استغلال الميزانية المرصودة على طول السنين بقي أقل. ومع حدوث تحسن طفيف عام2005، بلغت الميزانية الأساسية 470 مليون شيكل، وبلغت مع الإضافات 520 مليون شيكل، والمبلغ الذي تم استثماره بالفعل كان 170 مليون شيكل فقط. وفي عام 2012، بلغت الميزانية الأساسية 410 مليون شيكل، وبلغت مع الإضافات 450 مليون شيكل، والمبلغ الذي تم استثماره هو 210 آلاف شيكل.

إن أحد المقاييس المستخدمة في قياس وضع الفقراء هو مدى عمق الفقر، أي المسافة بين الدخل وبين خط الفقر، فكلما زادت المسافة كلما كان الفقر أكثر خطرًا، وكلما كان في العائلة كبار بلغوا سن الشيخوخة، كان عمق الفقر أقل، وذلك لأن أصحاب الشيخوخة يتلقون المخصصات الحكومية وغير الحكومية، ولأن العائلة التي تحوي كبارًا أكثر تحوي، بالمعدل، عدد أفراد أقل. والجدول التالي يبين أن للتقاعد تأثيرًا كبيرًا على تقليل الفقر وسط الكبار، وذلك حسب الدراسة عامي 1997 و2011.

فئات العائلات

نسبة الفقر عام1997

نسبة الفقر عام2011

عائلات ليس فيها محالون على التقاعد

28%

37%

عائلات يوجد فيها محالون على التقاعد

19%

23%

قادمون من الاتحاد السوفياتي السابق ولا يتلقون التقاعد

28%

24%

القدماء

45%

35%

العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية

68%

74%

معدل مجموع السكان

41%

35%

يُضاف إلى ذلك أن أحد الأساليب الناجحة في مواجهة الصعوبات الاقتصادية والصحية والاجتماعية، هو دمج الكبار من الأقارب مع العائلات التي تحوي أفرادًا أكثر شبابًا، إذ إن العائلات التي تحوي كبارًا من سن الشيخوخة تصنف بأنها أقل فقرًا، والجدول التالي يعطي بعض المؤشرات التي تتعلق بالمسؤول عن العائلة.

فئات العائلات

نسبة الفقر إذا كان الكبير هو المسؤول عن العائلة

نسبة الفقر إذا لم يكن الكبير هو المسؤول عن العائلة

القدماء

13%

8%

القادمون من الاتحاد السوفياتي

21%

5%

العرب

68%

40%

التعليم 

في السنوات الأخيرة، وبعد أن ارتفعت ميزانية التعليم، حَلّت عدة تطورات إيجابية في مجال التعليم، ورغم ذلك فإن الميزانية المرصودة للتعليم تُعتبر أقل من الدول المتقدمة، والاكتظاظ في الصفوف يسجل النسبة الأعلى من بين هذه الدول. ومن بين الاتجاهات التي بدأت تظهر في منظومة التعليم، انخفاض الذين يقدمون “البغروت”، أي الثانوية العامة، بما يشمل الرياضيات، مما يثير القلق لدى المعنيين بالتعليم، حيث يعزون ذلك إلى طريقة تجهيز امتحانات الرياضيات، والتي تؤثّر على إنجازات سوق العمل، فقد بلغت نسبة الذين قدموا خمس وحدات في الرياضيات عام 2005 حوالي 20 %، ثم  انخفضت النسبة إلى 13 % عام 2011.

لقد ارتفعت ميزانية التعليم بشكل ملفت مع مرور السنوات، فبينما كانت تشكّل 9.2 % من مجموع ميزانية الدولة لعام 2000، أصبحت 10.9 % عام 2014، والزيادة في الميزانية ذهبت لتحسين أجور المعلمين، وزيادة ساعات التدريس، وتقليل عدد الطلاب في الصف الواحد، وبالرغم من زيادة الميزانية إلا أنها بقيت أقل من الدول المتقدمة، والسبب في ذلك يعود إلى أن عدد الطلاب في إسرائيل قد ارتفع بين 1995 حتى 2010، بينما متوسط عدد الطلاب في دول “الأوسيد” قد انخفض.

تجدر الملاحظة أن الطلاب الحريديم “المتدينين”، وكذلك الطلاب العرب، هم الفئتان الأكثر ضعفًا من ناحية التعليم، والجدول التالي يبين نسبة طلاب رياض الأطفال من هاتين الفئتين لأعوام مختلفة.

الفئة

2000

2005

2010

2012

2013

العرب

13.2%

16.9%

16.4%

15.2%

15%

المتدينون

20.5%

23.9%

24.8%

25%

23.2%

والجدول التالي يبين نسبة الحاصلين على “البغروت”، أي الثانوية العامة من هذه الفئات لعامي 2007 و2012.

الفئة

2007

2012

العرب

35.5%

42.4%

المتدينون

12.7%

13.6%

غير المتدينين

59.1%

66.6%

النسبة العامة

46.3

53.4%

ومن المعطيات التي برزت في إطار التعليم في إسرائيل، وعلى عكس الدول المتقدمة، أن نسبة الطلاب الحاصلين على تقدير “ممتاز” قد ارتفعت، ونسبة الطلاب الحاصلين على تقدير “ضعيف” قد انخفضت.

ويتم أيضًا أخذ المعطيات من امتحانات “بيسا” الدولية التي تختبر إنجازات الطلاب في دول مختلفة وعلى مدار عدة سنوات. فبين عامي 2006 و2012 طرأ ارتفاع على علامات “الامتياز” لدى الطلاب الإسرائيليين، وتقلصت نسبة الطلاب الحاصلين على علامات “الضعف” بـ 7 نقاط، ولكن في دول “الأوسيد” انخفضت علامات “الامتياز”، وتقلصت نسبة الطلاب الحاصلين على علامات “الضعف” بنقطتين فقط، وبالرغم من التحسن إلا أن نسبة الطلاب الضعاف في إسرائيل تبقى أعلى من معدل دول “الأوسيد”. والجدول التالي يبين هذه المعطيات.

نسبة الطلاب بتقدير ممتاز

نسبة الطلاب بتقدير ضعيف

2006

2012

2006

2012

إسرائيل

5.2%

5.8%

36.1%

28.9%

دول “الأوسيد”

8.9%

8.4%

19.8%

17.8%

ومن المعطيات أيضًا ما يتعلق بالاكتظاظ في الصفوف الدراسية، فقد بلغت نسبته في إسرائيل عام 2013 حوالي 28 طالبًا في الصف الواحد، مقابل 21 طالبًا في دول “الأوسيد”.

الصحة 

يواجه الجهاز الصحي في إسرائيل أزمة شديدة، والمعطيات التالية تؤكد ذلك:

المصروفات الحكومية على الصحة في إسرائيل أقل من الدول المتقدمة، والمبالغ التي ينفقها المواطن الإسرائيلي على العلاجات الخاصة تعتبر مرتفعة، لأن التأمين الصحي لا يغطي كثيرًا من العلاجات. يوجد نقص كبير في الأسرّة وفي القوى العاملة. التمويل الحكومي للخدمات الصحية من الدخل القومي آخذ بالنقصان مع مرور الأيام، وهو آخذ بالابتعاد عن الوضع في الولايات المتحدة ومعدل دول “الأوسيد”، والجدول التالي يبين نسبة التمويل الحكومي للخدمات الصحية في كل من إسرائيل والولايات المتحدة ودول “الأوسيد” في عامي 1995 و2012.

1995

2012

إسرائيل

5.3%

4.7%

الولايات المتحدة

5.8%

7.4%

دول “الأوسيد”

5.3%

6.7%

ومن المعطيات المتعلقة بالصحة في إسرائيل، يلاحظ أن نسبة الأطباء الواصلين إلى سن الشيخوخة قد ارتفعت، وأن الأطباء القادمين من الخارج، وخاصة الاتحاد السوفياتي السابق، والذين شغلوا نسبة كبيرة من الأطباء، لا يوجد من يحل محلهم، وأن العلاج الخاص في إسرائيل، سواء من حساب التأمين الوطني أم من الحساب الشخصي، يعتبر أعلى من دول “الأوسيد”، وهذا يوصل إلى نقاش مدى فعالية التأمين الوطني في تقليص المصروفات الشخصية على العلاج. ففي إسرائيل يتم صرف 3 % من دخل العائلة على العلاج، بينما ينفق التأمين الوطني 82 %. أما في دول “الأوسيد”، فالمصروفات الشخصية على العلاج تبلغ 1.47 % من دخل العائلة، وفي الولايات المتحدة تبلغ 1.8 %، والباقي يغطيه التأمين الصحي الحكومي.

تتركز الإستراتيجية الصحية في إسرائيل على إطالة العمر على حساب تحسين المستوى الصحي، كما أن الميزانية المرصودة للجنة السلة الصحية لا تشمل التشويشات بالمفاصل، والتي تزعج القسم الأكبر من السكان، بعكس الدول المتقدمة.

1- هي منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تأسست عام 1948، ثم وسعت مجال عضويتها لتشمل دولاً من خارج أوروبا. انضمت إليها إسرائيل عام 2010، وهي تضم في عضويتها اليوم 34 دولة من الدول المتقدمة التي تطبق حرية السوق والديمقراطية التمثيلية. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى