دراسات وأبحاثشؤون إسرائيلية

التغيرات لدى الأحزاب الإسرائيلية خلال العقد الأخير

تعتبر "إسرائيل" دولة متعددة الأحزاب، ونظام الحكم فيها نظام برلماني، حيث تعتبر صلاحيات رئيس الدولة فيها رمزية، وتتركز السلطة التنفيذية فيها بيد رئيس الحكومة. تتشكل الحكومات فيها من ائتلافات حزبية تضم على الأقل 61 عضو كنيست من أصل 120 عضوًا. وبسبب الواقع الأمني والاجتماعي والفجوات التي تعاني منها "إسرائيل"، فهي معرضة دائمًا للتغيرات الحزبية، التي تتمثل في انشقاق بعض الأحزاب القائمة، وظهور أحزاب جديدة، وذوبان بعض الأحزاب واندثارها، كما هو الحال مع الأحزاب الموسمية، التي تعتمد على الشخص الواحد.  قبل تأسيس الدولة، ومنذ عشرينات القرن الماضي، شهدت الأحزاب الإسرائيلية فترة من استقرار المنظومة الحزبية (أريان، 1989)، حيث كان بإمكان الأحزاب الكبيرة تشكيل الحكومة، وأحيانًا بالتحالف مع حزب واحد، كما كان الحال مع بداية إقامة الدولة، وسيطرة حزب العمل "هعفودا" لمدة قاربت 30 عامًا، قبل أن يترك السلطة لمنافسه الأبرز حزب الليكود "التكتل" سنة 1977، حيث اعتُبرت نتائج الانتخابات وقتها انقلابًا، ومثلت الانتخابات للكنيست التاسعة وقتها نقطة التحول الأبرز في التاريخ السياسي لدولة "إسرائيل" (Arian، 1980). وفيما بعد، أصبحت المنظومة الحزبية أوسع، وفقدت الأحزاب الكبرى وقتها القدرة على تحديد سياسات الدولة. ورغم أن رئيس الحكومة لم يكن إلا من الليكود أو العمل، إلا أن الأحزاب الأخرى، كشاس والبيت اليهودي وإسرائيل بيتنا وميرتس وغيرها، لعبت أدوارًا قيادية في إدارة الدولة، وكان لها دور مؤثر في صناعة القرار، وتوجيه دفة القيادة في "إسرائيل"، بسبب ما تتمتع به تلك الأحزاب من قدرة على المناورة، وإدراكها لحاجة الأحزاب الأخرى لها من أجل تشكيل الحكومة في ظل تراجع قوة الأحزاب التاريخية، حيث لم يتمكن أي حزب في تاريخ "إسرائيل" من تشكيل الحكومة بمفرده. لذا تداعى كثير من مراكز الأبحاث إلى دراسة ظاهرة كثرة الأحزاب وضعف أدائها، وقُدمت اقتراحات كثيرة لعلاج هذه الظاهرة، مثل انتخاب رئيس الحكومة من قبل المواطنين مباشرة، كما حدث عام 1996 وعام 1999، وكذلك رفع نسبة الحسم في الانتخابات، من أجل وصول الأحزاب ذات الثقل الشعبي إلى الكنيست، والتقليل من تشتت أصوات الناخبين، كما حدث قبل الانتخابات الأخيرة عام 2015 (اتمور، 2013). كذلك شهدت "إسرائيل" بمكوناتها المختلفة، بما فيها الأحزاب السياسية وتكتلاتها، تغييرًا مستمرًا في موازين القوى، فبعد أن كان لليسار الإسرائيلي سيطرة شبه مطلقة حتى عام 1977، استطاع اليمين بزعامة الليكود إزاحة اليسار وتشكيل الحكومة، وتميزت بعدها المنظومة الحزبية، ولفترة طويلة، بانقسامها إلى تكتلين رئيسين؛ اليمين بزعامة الليكود واليسار بزعامة العمل، ما اضطر الطرفين أحيانًا إلى الاشتراك في حكومة وحدة وطنية، أو حكومة تناوب، كما حدث في الثمانينيات، إلا أن المنظومة الحزبية في العقد الأخير باتت تتميز بعدم وضوح التكتلات في ظل تقدم واضح لأحزاب اليمين

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى