شؤون إسرائيلية

الانتخابات الإسرائيلية الرابعة: هل انتهت الأزمة؟

صلاح الدين عواودة

تستمر حالة الانسداد السياسي الإسرائيلية منذ نهاية عام 2018، عندما تم تقديم موعد الانتخابات على خلفية انسحاب حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع في حينه، من الائتلاف الحاكم، وذلك باستقالته من منصبه (وتد، 2018). حيث تم عقد انتخابات الكنيست الـ 21، والتي أسفرت عن انقسام الكنيست إلى معسكرين بسبب رئيس الحكومة نتنياهو، الذي وُجّهت له لوائح اتهام في عدة ملفات جنائية ( HOFFMAN و HARKOV، 2019)، حيث يرى المعسكر المعارض له أن عليه الاستقالة من منصبه، وعدم الترشح ثانية، وذلك في ظل ملاحقته قضائيا، بينما يرى المعسكر المؤيد له أن من حقه الاستمرار في الترشح والحكم ما دام القانون لا يلزمه بغير ذلك، إضافة إلى إنكاره هو شخصيا التهم الموجهة له، وقناعته التي يكررها بأنه لن ينتج عن هذه الملفات شيء؛ لأنه لا يوجد شيء، حسب زعمه.

تُظهر الجداول أدناه أن الانقسام الذي يمنع تشكيل الحكومة، مرتبط في حقيقته، وبشكل واضح، بشخص نتنياهو نفسه، إذ إن اليمين “الإسرائيلي”، وفي كل الانتخابات السابقة، ومنذ بداية الأزمة، يحصل على أغلبية المقاعد، وأنه يمكن لأي زعيم يميني أن يشكل حكومة يمينية دون الحاجة إلى شركاء من الوسط أو اليسار، وهذا ما كان عليه الحال قبل استقالة ليبرمان وانسحاب حزبه من الائتلاف نهاية 2018، حيث كان موقف ليبرمان من شخص نتنياهو، هو العامل الأهم ليحول دون عودته لتحالف اليمين (درويش، 2021).

 

نتائج الجولات الأربعة

العرب المعسكر المعارض المعسكر المؤيد تاريخ الانتخابات الكنيست
10 50 60 29/4/2019 21
13 52 55 17/9/2019 22
15 47 58 2/3/2020 23
10 51 59 24/3/2021 24

(لجنة الانتخابات، 2019+2020+2021)

اليمين مقابل اليسار

العرب اليسار  الوسط اليمين الكنيست
10 10 35 65 21
13 11 33 63 22
15 7 33 65 23
10 13 25 72 24

(لجنة الانتخابات، 2019+2020+2021)

من الواضح أن الانقسام في معسكر اليمين نفسه، يؤكد مركزية العامل الشخصي لرئيس الحكومة في الانقسام على حساب الأيدولوجيا. يضم معسكر اليمين كلا من حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة ليبرمان، الذي يشتهر بمواقفه اليمينية المتطرفة، لا سيما من العرب والفلسطينيين، وحزب “يمينا” بزعامة نفتالي بينت، الذي انضم إلى المطالبين باستبدال نتنياهو في الانتخابات الأخيرة في آذار/ مارس 2021، وحزب “أمل جديد” بزعامة جدعون ساعر، الذي انشق عن الليكود وشكل قائمة جديدة حصلت على 6 مقاعد في انتخابات 2021، وهو ما عزز الرغبة عند خصوم نتنياهو من اليسار والوسط، في استبداله عبر تحالف اليسار والوسط واليمين، وهو تحالف التغيير.

يرى أفيغدور ليبرمان أن المتهم بالوضع السياسي المعقد الذي تعيشه “إسرائيل” اليوم، هو بنيامين نتنياهو، الذي فشل للمرة الرابعة في تشكيل حكومة مستقرة وفعالة، لذلك مع افتتاح الكنيست الـ 24، سيقدم حزب “إسرائيل بيتنا” مشروع قانون يحدد ولاية رئيس الحكومة لفترتين فقط، وهو اقتراح أيده نتنياهو سابقًا، ومشروع قانون آخر سيقضي باستقالة رئيس الحكومة إذا قُدمت ضده لائحة اتهام (بن زخري، 2021).

 

الدور العربي في الأزمة

من الصعب تجاهل دور أعضاء الكنيست العرب في استمرار الأزمة السياسية في “إسرائيل”، حيث تشكل الكتل العربية في الكنيست، على صغر حجمها، عائقا أمام تشكيل أي حكومة. فمن ناحية العدد، ورغم أنها لا تتجاوز في أغلب الأحيان 10 مقاعد، إلا أنها تأتي على حساب المعسكرات ” الإسرائيلية” المتنافسة، فتحرمها من الحصول على أغلبية بسهولة، إذ يحتاج تشكيل أي حكومة إلى أغلبية صهيونية خالصة دون العرب، وهو ما يعني 55% بدلا من 50%+1، أي يحتاج إلى 61 عضو كنيست دون العرب. وبسبب العنصرية من ناحية، وصعوبة الاتفاق مع العرب على برنامج سياسي من ناحية ثانية، تتجنب الحكومات ” الإسرائيلية” أي تحالف مع الكتل العربية (سواعد، 2019). وبينما شكلت القوائم العربية، تاريخيا، حليفا غير رسمي لليسار ” الإسرائيلي” في مواجهة عنصرية اليمين، انقسمت في الانتخابات الأخيرة حول الموقف من حكومة اليمين بزعامة نتنياهو، وإمكانية التعاون أو عقد الصفقات معها، مما أدى إلى تفكك القائمة العربية المشتركة إلى قائمتين، الأولى هي القائمة المشتركة، والتي ظلت على موقفها، والثانية هي القائمة العربية الموحدة، والتي لا ترى فرقا بين اليمين واليسار، ولا بين نتنياهو وخصومه، وما يعنيها هو ما يمكن لأي حكومة أن تقدمه للجمهور العربي من خدمات، دون النظر لشخص من يشكل هذه الحكومة، أو أيديولوجيته، وبذلك تحولت العربية الموحدة إلى بيضة القبان التي ستحسم بين معسكر نتنياهو وبين خصومه، وعلى هذا الأساس تتحاور هذه القائمة مع الأحزاب ” الإسرائيلية”، حول سيناريوهات تشكيل الحكومة الجديدة، حيث تعرض مطالب الجمهور العربي الذي انتخبها، والمتمثلة فيما يلي:

  1. خطة لمكافحة الجريمة في الوسط العربي.
  2. الاعتراف بالقرى البدوية غير المعترف بها في النقب.
  3. تجميد قانون كيمنتس[1](بندر، 2021).
  4. تجميد قانون القومية.
  5. حرية التصويت في قضية حقوق المثليين(ازولاي و شعلان، 2021).
  6. تمويل توسيع البلدات العربية بمليارات الشواكل(بن زخري، 2021).

 

السيناريوهات المتوقعة

بناءً على نتائج الانتخابات الأخيرة في آذار/ مارس 2021، فإن السيناريوهات المتوقعة هي كما يلي:

  1. الذهاب لانتخابات خامسة، وهو السيناريو الأرجح حتى الآن، فالمعسكران يتمترسان خلف مواقفهما، وفي حال عدم تمكن أي من الكتلتين، المؤيدة لنتنياهو والمعارضة له، من الوصول إلى 61 صوتا، فإنه سيتعين على الإسرائيليين العودة بعد عدة أشهر إلى صناديق الاقتراع. ووفقا لهذا السيناريو، فإن الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين سيكلف نتنياهو بتشكيل حكومة في غضون 28 يوما، يمكن تمديدها بموافقة الرئيس الإسرائيلي لمدة 14 يوما، وإذا فشل نتنياهو بتشكيل الحكومة، فإن الرئيس الإسرائيلي سيكلف شخصية أخرى بتشكيلها في غضون 28 يوما غير قابلة للتمديد، وفي حال فشل المرشح الثاني بتشكيل الحكومة، فإن الرئيس الإسرائيلي يعيد الأمور إلى “الكنيست”، الذي يتعين عليه إما الطلب من ريفلين تكليف شخصية تحظى بدعم 61 نائبا بتشكيل الحكومة، أو أن يحل الكنيست نفسه، وفي حال حل الكنيست نفسه، فإن “إسرائيل” تعود إلى صناديق الاقتراع بعد 3 أشهر من حل الكنيست(ارناؤوط، 2021).
  2. نجاح نتنياهو بتشكيل حكومة، وهو سيناريو يبدو معقولا أيضا، لأن معسكره يضم اليوم 59 عضو كنيست، وكل ما يلزمه لتشكيل حكومة هو عضوان آخران فقط. لقد استطاع نتنياهو بعد انتخابات آذار/ مارس 2020، تشكيل حكومة تناوب مع خصمه بيني غانتس، واليوم سيسعى بكل إمكانياته لاختراق الجبهة المعارضة له، واستقطاب أعضاء كنيست منها، إن لم ينجح بإقناع إحدى الكتل، حيث سعى منذ إعلان نتائج الانتخابات، لإقناع المنشقين عن حزب الليكود في قائمة “أمل جديد”، كما أرسل مبعوثه عضو الكنيست العربي عن حزب الليكود أيوب قرة، إلى منصور عباس، زعيم القائمة العربية الموحدة، في محاولة للاتفاق معه، رغم معارضة حلفائه من الصهيونية الدينية على أقصى يمين الخارطة الحزبية، ولكن حتى لو نجح هذا السيناريو وتشكلت الحكومة، فليس متوقعًا أن تستمر طويلا، وسيتم الذهاب لانتخابات خامسة، ولو بعد حين، بالضبط كما حصل مع الحكومة السابقة، لا سيما إن كانت حكومة ضيقة وليست موسعة، وهذا الاحتمال صعب التحقق (فرانس24، 2021).
  3. تشكيل حكومة تغيير بديلة، فالأحزاب المعارضة لنتنياهو، وعلى رأسها حزب “يوجد مستقبل” برئاسة يائير لابيد، حصلت على 57 مقعدا، بما فيها مقاعد القائمة العربية المشتركة، مما يجعلها بحاجة إلى القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، وربما حزب “يمينا” بزعامة نفتالي بينيت، غير أن هذه الكتلة غير متجانسة سياسيا، وتختلف بشكل كبير في مواقفها السياسية بين اليمين واليسار والعرب، وهو ما يجعل احتمال نجاحها ضعيفا جدا. وكان ليبرمان قد قال إن حزبه سيوصي بـ “يائير لابيد” لتشكيل الحكومة، وحمّل من يحاول إفشال هذه الخطوة، المسؤولية عن الانتخابات الخامسة(بن زخري، 2021).

هل سيبقى نتنياهو رئيسا للحكومة؟

يبدو من الصعب أن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة، كما أن الأصعب هو قدرة خصومه على تشكيلها، وعليه فإن المرجح هو استمرار الأزمة والذهاب إلى انتخابات خامسة، مع احتمال خسارة نتنياهو لرئاسة الحكومة قبل الانتخابات الخامسة، وانتقالها إلى غريمه بيني غانتس، في حال استمرارهما في حكومة تصريف الأعمال، وذلك بناء على اتفاق التناوب الذي وقعاه العام الماضي (يوعاز، 2021)، فكل ما كان يلزم غانتس هو البقاء في الكنيست، وهو ما حصل في الانتخابات الأخيرة، حيث فاز حزبه بـ 8 مقاعد. وإن لم تتشكل حكومة جديدة، فسيكون غانتس هو رئيس حكومة تصريف الأعمال بالتناوب في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر القادم (ليئال، 2020).

المراجع:

HOFFMAN, G., & HARKOV, L. (2019, 5 30). Israel goes back to elections as Netanyahu fails to form coalition. Retrieved from The Jerusalem Post: https://web.archive.org/web/20200717100222/https://www.jpost.com/Israel-News/Elections-set-for-Sept-17-after-coalition-talks-fail-591044

ارناؤوط, ع. (2021, 3 24). 3 سيناريوهات محتملة لنتائج الانتخابات الإسرائيلية (تحليل إخباري). Retrieved from الأناضول: https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9/3-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%84%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%A6%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A7%

ازولاي, م., & شعلان, ح. (2021, 3 28). הקפאת חוק הלאום וחופש הצבעה בענייני להטב: הדרישות של עבאס מלפיד. Retrieved from يديعوت احرونوت: https://www.ynet.co.il/news/article/BJaZYhaNd#autoplay

بن زخري, ا. (2021, 3 28). ליברמן: נמליץ על לפיד כמועמד להרכבת הממשלה. Retrieved from هآرتس: https://www.haaretz.co.il/news/elections/1.9661765

بندر, ا. (2021, 3 28). עבאס נפגש עם לפיד: אלו הדרישות שהציב בתמורה להקמת ממשלה. Retrieved from معاريف: https://www.maariv.co.il/elections-2021/Article-830367

درويش, ا. (2021, 3 25). إيكونوميست: الخلاف على نتنياهو سبب في أزمة إسرائيل السياسية ووجوده يعني انتخابات جديدة. Retrieved from القدس العربي: https://www.alquds.co.uk/%D8%A5%D9%8A%D9%83%D9%88%D9%86%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%B3%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A3/

سواعد, خ. (2019, 4 9). الأقليّة العربيّة في إسرائيل وانتخابات الكنيست. Retrieved from فكرة: https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/alaqlywt-alrbywt-fy-asrayyl-wantkhabat-alknyst

فرانس24. (2021, 3 26). الانتخابات الإسرائيلية: نتائج غير حاسمة تصعب على حزب الليكود وحلفائه تشكيل ائتلاف حكومي. Retrieved from فرانس 24: https://www.france24.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7/20210326-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%

لجنة الانتخابات. (2019+2020+2021). Retrieved from https://votes23.bechirot.gov.il/

ليئال, د. (2020, 12 25). סיכוי אחרון: הפרצה המשפטית שיכולה להבטיח לגנץ את ראשות הממשלה. Retrieved from N12: https://www.mako.co.il/news-politics/2020_q4/Article-4b8a6cb6f4b9671026.htm?sCh=31750a2610f26110&pId=173113802

وتد, م. م. (2018, 11 14). استقالة ليبرمان.. “كبش الفداء” لنتنياهو قبيل الانتخابات. Retrieved from الجزيرة: https://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2018/11/14/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%83%D8%A8%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88

يوعاز, ي. (2021, 1 17). האם גנץ יוכל לכהן כרהמ גם אם כבר לא יהיה חבר כנסת? Retrieved from زمان يسرئيل: https://www.zman.co.il/189544/

[1] في 5 / 4 /2017، صادق «الكنيست» في دولة الاحتلال على قانون «كيمنتس». والذي يقضي بتسريع إجراءات هدم البيوت غير المرخصة، ويشمل أساساً البيوت في البلدات العربية في أراضي 1948، إضافة إلى القدس الشرقية المحتلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى