المشهد الفلسطيني

قراءة في نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية 2022

كريم قرط[1]

جرت المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية الفلسطينية في 26 آذار/مارس 2022 في البلديات الكبرى وعدد من المجالس المحلية في الضفة الغربية في ظل تنافس العديد من القوائم الحزبية والمستقلة، وفي ظل أجواء سياسية معقدة نوعا ما، وأفرزت هذه الجولة معطيات متباينة من حيث نتائجها ودلالاتها السياسية وأبعادها المستقبلية.

تسعى هذه الورقة لتسليط الضوء على نتائج الانتخابات، وقراءة المعطيات التي رافقتها، واستقراء النتائج المترتبة عليها على صعيد الهيئات المحلية.

المرحلة الثانية من الانتخابات

قرر مجلس الوزراء الفلسطيني في 27/9/2021 إجراء الانتخابات المحلية على مرحلتين منفصلتين، تشمل المرحلة الأولى البلديات المصنفة (ج) والمجالس القروية بتاريخ 11/12/2021، وتشمل المرحلة الثانية الهيئات المحلية المصنفة (أ، ب) بتاريخ 26/3/2022، وقد أتى الإعلان عن هذه الجولة الانتخابية مع انتهاء ولاية المجالس المحلية السابقة، إلا أن السبب وراء إجرائها ليس بالضرورة مرتبطًا بنهاية ولاية المجالس السابقة، وإنما جاء بعد جملة من الظروف السياسية أهمها إلغاء الانتخابات التشريعية.

كان من المفترض إجراء انتخابات المرحلة الثانية في 127 هيئة محلية، من ضمنها الهيئات المحلية في الضفة الغربية البالغ عددها 41، والهيئات المحلية في غزة البالغ عددها 25، بالإضافة إلى الهيئات التي لم تشارك في المرحلة الأولى البالغ عددها 61 هيئة[2]، لكن الانتخابات جرت فقط في 50 هيئة في المرحلة الثانية، حيث لم تجر الانتخابات في قطاع غزة، ولم تتقدم سوى قائمة واحدة في 23 هيئة؛ ما أدى إلى فوزها بالتزكية، كذلك لم تجر الانتخابات في 29 هيئة بسبب عدم ترشح قوائم فيها، وتنافست في هذه الهيئات 259 قائمة، 178 قائمة منها حملت صفة مستقلة، بينما كانت 81 قائمة حزبية، أي أن القوائم المستقلة تمثل 69% من مجموع القوائم، فيما تمثل القوائم الحزبية 31% منها فقط، ومع أن القوائم المستقلة شكلت النسبة الأكبر من عدد القوائم، إلا أن الأحزاب الفلسطينية شاركت بقوة في هذه الانتخابات تحت مسمى قوائم مستقلة، فمن الناحية العملية هناك قوائم غالبية مرشحيها محسوبون على حركتي فتح وحماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها، ويعود ذلك إلى عدة أسباب:

  • إعلان حركة حماس مقاطعتها للانتخابات المحلية بشكل رسمي؛ بسبب تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية، ولكنها في المقابل أتاحت لأنصارها الترشح في الانتخابات بصفة مستقلة.
  • عزوف بعض أعضاء الأحزاب، وخاصة حماس والجبهة الشعبية، من الترشح بصفة حزبية؛ بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المتردية وملاحقة الاحتلال لهم.
  • تشكيل أعضاء من حركة فتح لعدد من القوائم المستقلة، والمشاركة في قوائم مستقلة أخرى؛ بسبب الخلافات الداخلية وعدم تمكنهم من الترشح في قائمة فتح الرسمية.
  • ارتباط الانتخابات المحلية بأبعاد عائلية وتصورات خدماتية غير سياسية؛ أدى إلى وجود عدد من القوائم المستقلة التي تشكلت على أساس عائلي أو مهني.

حضرت الأحزاب السياسية في المجمل بقوة في الانتخابات، وأظهرت المعطيات في هذه المرحلة وجود نحو 25 قائمة تحالفية بين محسوبين على “حماس” و”الجبهة الشعبية” في عدة مواقع، وكانت أبرز هذه التحالفات في: قائمة “قلقيلية الأمل” المستقلة، وقائمة “البيرة تجمعنا”، وكذلك قائمة “الوفاء الخليل” التي ضمت شخصيات محسوبة على “حماس” و”فتح” واليسار، بالإضافة إلى قائمة “العزم”  في نابلس، وقد بنيت تجربة التحالف هذه على عدة تحالفات سابقة شكلتها حماس والشعبية في عدد من الانتخابات النقابية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتأتي هذه التحالفات على خلفية التقارب في المواقف بين الجبهة الشعبية وحماس في عدد من القضايا الوطنية، حيث برر قيادي في الجبهة الشعبية سياسة التحالف هذه بأن الجبهة الشعبية “تسعى لتشكيل جبهة عريضة تؤمن بمشروع المقاومة، وتعزز من وجوده في كافة المواقع، وهنا كان الالتقاء مع حماس”.

حول نسبة التصويت

أعلنت لجنة الانتخابات المركزية أن نسبة التصويت بلغت 53.69​%، وهي نسبة متقاربة مع نسب الانتخابات المحلية في 2012 و2017، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن النسب تفاوتت بين الهيئات الانتخابية، حيث تراوحت النسبة بين حدود 80% إلى 30%، ويمكن تقسيمها على النحو التالي:

  • هيئات بلغت نسبة التصويت فيها 80% وأكثر، ترقوميا وبيت أولا.
  • هيئات بلغت نسبة التصويت فيها 70% وأكثر، يطا وبني نعيم والشيوخ وإذنا وبيت ساحور وبني زيد الغربية وسلفيت وطوباس وبيت فوريك ويعبد وعرابة.
  • هيئات محلية بلغت نسبة التصويت فيها 60% وأكثر، عنبتا وطمون وبيتا وجالود وقلقيلية وبيرزيت وبيت أمر وتفوح وحلحول وخرسا وصوريف.
  • هيئات بلغت نسبة التصويت فيها 50% وأكثر، سعير ودورا والظاهرية والسموع وبيت لحم وأريحا وبيت جالا واليامون وجبع.
  • هيئات بلغت فيها نسبة التصويت 40% وأكثر، بيت إكسا وبيت سوريك وقطنة وطولكرم والخليل.
  • هيئات بلغت فيها نسبة التصويت 30% وأكثر، رام الله والبيرة وبيتونيا ونابلس والعيزرية وجنين.

تشير النتائج إلى أن هناك نمطين للتصويت: قروي-عائلي، ومدني-سياسي، ويمكن ملاحظة أن نسبة التصويت الأدنى كانت في المدن الرئيسية وليست في المدن الأصغر والقرى الملحقة بهذه المرحلة، فقد كانت نسبة التصويت في جنين (37%)، وفي طولكرم (49,49%)، وفي نابلس (37,41%)، وفي البيرة (30,40%)، وفي رام الله (34,27%)، وفي الخليل (43,82%).

بلغت نسبة التصويت درجة معقولة في بعض المدن، ففي بيت لحم بلغت (50,89%)، وفي أريحا بلغت (59,27%)، وفي قلقيلية بلغت (66%). بينما كانت أعلى نسبة في المدن في سلفيت (75,53%) وطوباس (72,07%).

تعود نسبة التصويت المتدنية في المدن الكبيرة بشكل أساسي إلى عدة اعتبارات وعوامل؛ أهمها ضعف الثقة في إمكانية إحداث الانتخابات أي إصلاحٍ أو تجديدٍ؛ لا سيما مع تكرار ترشح كثير من أعضاء المجالس السابقة؛ ما قد يشير إلى عزوف فئة الشباب بالتحديد عن التصويت.

هناك حاجة للنظر من ناحية أخرى في التكوين الديمغرافي والمديني[3] لكل هيئة انتخابية، فنسبة المشاركة المرتفعة في مدينة سلفيت (75,53%) التي يبلغ عدد سكانها قرابة 12 ألف نسمة، وطوباس البالغ قرابة 23 ألف نسمة؛ يمكن تفسيرها بأن الطابع المديني لها ما زال في طور التشكل؛ لحداثة تحويلهما لمراكز إدارية لمحافظتيهما، ما يعني أن الطابع العائلي والعشائري والحفاظ على النسيج الديمغرافي الأصلي لهما؛ كان عاملا مهما في ارتفاع نسبة التصويت التي لم تختلف عن نمط التصويت في القرى والبلدات الصغيرة، وفي المقابل، كانت الهيئات التي شهدت أدنى نسب تصويت هي رام الله والبيرة وبيتونيا والعيزرية بالتحديد، بمتوسط 33%، وقد عملت هذه النسب المتدنية في هذه الهيئات على تقليل نسبة التصويت العامة؛ نظرا للثقل السكاني التي تحظى به هذه المناطق؛ ولا يعود السبب في تدني نسب التصويت في هذه الهيئات إلى أسباب سياسية بالدرجة الأولى، ففي هذه الهيئات، وخاصة رام الله والبيرة كانت هناك قوائم وخيارات متعددة أمام المنتخب، وإنما يعود السبب لطبيعة التكوين الديمغرافي لهذه الهيئات، فمعظم سكانها من الوافدين الجدد الذين تنحصر علاقتهم مع الهيئة التي يقيمون فيها بعلاقتي السكن والعمل، بالإضافة إلى انسيابية التنقل من هذه المدن دون الاكتراث بتغيير موقع السكن.

قراءة نتائج الانتخابات

جاءت نتائج الانتخابات متباينة في ظل التنافس الشديد الداخلي بين حركة فتح والفصائل المحسوبة على حماس والجبهة الشعبية، فقد سارعت حركة فتح إلى الإعلان عن تحقيقها نصرًا حاسما في الانتخابات، بينما اعتبرت الفصائل المعارضة أنها حققت نتائج مهمة في الانتخابات، ولكن النتائج التي نشرتها لجنة الانتخابات المركزية أظهرت ما يلي:

  • فازت القوائم الحزبية بنسبة 35% من عدد الهيئات المحلية التابعة في معظمها لحركة فتح، بينما حققت القوائم المستقلة نجاحا في ما أكثر من 65% من الهيئات، علمًا أن حركة فتح لم تشارك بقوائم رسمية في عدد من الهيئات مثل نابلس ورام الله وغيرها.
  • فازت حركة فتح في جنين، التي لم تنافسها فيها أي قوائم حزبية أو تحالفية تضم محسوبين على فصائل معارضة للسلطة، وفي رام الله فازت قائمة حركة فتح “أبناء البلد”، أما في نابلس؛ فقد فازت قائمة “نابلس تختار” المستقلة، المدعومة من فتح، بفارق مقعد واحد عن قائمة “العزم” التي ضمّت تحالفًا بين الشعبية وحماس ومستقلين، وفي قلقيلية أيضًا فازت قائمة فتح الرسمية بفارق كبير على قائمة “البناء والأمل” التي ضمت تحالفًا بين حماس والشعبية.
  • فازت القوائم المستقلة المحسوبة على حماس والجبهة الشعبية في عدد من المدن المهمة، ففي الخليل فازت قائمة “الوفاء للخليل”، التي يترأسها رئيس بلدية الخليل السابق تيسير أبو سنينة بالتحالف مع محسوبين على حماس والجبهة الشعبية ومستقلين، بفارق مقعدين عن قائمة فتح، وكذلك في طولكرم التي فازت فيها قائمة “كرميون” التي تضم تحالفاً بين حماس والشعبية ومستقلين، بثمانية مقاعد مقابل سبعة لقائمة فتح الرسمية، وهو ما حدث أيضا في مدينة البيرة التي فازت فيها قائمة “البيرة تجمعنا” التي تضم تحالفًا بين حماس واليسار ومستقلين.
  • لم تتمكن أي كتلة من تحقيق الفوز في العديد من الهيئات المحلية بسبب كثرة عدد القوائم المترشحة، طوباس (9 قوائم) وبني زيد الغربية (5 قوائم) وبيرزيت (8 قوائم) وبيت ساحور (9 قوائم) وبيت لحم (11 قائمة) والظاهرية (7 قوائم) وبيت أولا (8 قوائم) ويطا (5 قوائم) وطمون (8 قوائم).
  • لم يكن فوز فتح حقيقا في كثير من الهيئات التي أعلنت فوزها فيها؛ نظرا لعدم تمكنها من الحصول على أغلبية مقاعد مجالس هذه الهيئات، مثل قلقيلية (7 من 15 مقعد) وبيت فوريك (5 من 13) وقطنة (3 من11) وتفوح (5 من 13) والسموع (5 من 13)، وفي بيت ساحور التي شاركت فيها ثلاث قوائم تابعة لحركة فتح بشكل رسمي ولكنها لم تستطع أن تحصل مجتمعة على أغلبية مقاعد المجلس.
  • لم تتمكن 56 قائمة من اجتياز نسبة الحسم، وقد تركزت النسبة الأكبر من هذه القوائم في المدن الكبرى التي شهدت منافسة شديدة مثل الخليل ونابلس وطولكرم.

تشكيل المجالس المحلية

أنتجت الانتخابات المحلية الحالية عددًا من الإشكاليات في تشكيل المجالس المحلية، فقد شهدت مدينة بيت لحم أحداث إطلاق نار على خلفية التشاورات لتشكيل تحالف المجلس البلدي؛ ما تبعه من إطلاق نار على منزل أنطون سلمان رئيس البلدية السابق ورئيس قائمة “كلنا بيت لحم” التي استثنت من تحالف المجلس البلدي، وتكمن المشكلة الأساسية في عدم تمكن أي قائمة من الحصول على أغلبية المقاعد، ليس في بيت لحم وحدها، وإنما في العديد من الهيئات، وأنتجت هذه المشكلة مشكلة أعمق تتمثل في تعدد رؤساء البلديات، حيث سيتناوب على رئاسة بلدية بيت جالا رئيسين لمدة عامين لكل منهما، وفي بيت لحم 3 رؤساء بالتناوب، وفي بيتونيا سيكون هناك 3 رؤساء للبلدية من قائمة حركة فتح التي رتبت نتائجها قبل الانتخابات.

إن هذا النوع من المجالس القائمة على نظام المحاصصة وعدم التجانس بين أعضائها، لا يتمتع بسلاسة العمل في المجمل ويكون أداؤه ضعيفا، كما حدث في المجلس المحلي لمدينة نابلس الذي قام مجلس الوزراء بحله في 10 آب 2021، على خلفية استقالة رئيسه سامح طبيلة وخمسة من أعضائه، في ظل تعثر المجلس وعدم الانسجام بين أعضائه، وهذا ما يشير إلى أن قانون انتخاب الهيئات المحلية فيه الكثير من الإشكاليات التي تؤدي إلى وجود الكثير من القوائم وعدم قدرة الكثير منها على اجتياز نسبة الحسم، وتشرذم الأصوات والمقاعد، وتعدد رؤساء البلديات وضعف المجالس المحلية، واعتماده نظام القوائم المغلقة التي لا تتيح للأفراد الترشح خارجها ولا تتيح للناخب حرية الاختيار بين المرشحين، ولذلك لا بد من تعديل هذا القانون.

من ناحية أخرى، شهدت فترة إعلان النتائج حوادث إطلاق نار واعتداءات على عدد من القوائم التي نافست حركة فتح، سواء أكانت قوائم فائزة أم لم تكن، ففي رام الله أطلق مسلح النار على لافتة لقائمة “منارة رام الله“، بعد الإعلان عن فوز قائمة فتح، وفي طولكرم التي لم تفز فيها حركة فتح، حدثت عدة اعتداءات على قائمة كرميون، ففي ليلة إعلان النتائج اعترض مسلحون بإطلاق النار مسيرة محتفلة بفوز قائمة كرميون، وفي ذات الليلة تم أطلق النار على شركة رجل الأعمال عنان هواش الفائز بعضوية مجلس بلدية مدينة طولكرم ضمن قائمة “كرميون”، عقب الإعلان عن النتائج شبه النهائية للانتخابات في المدينة.

تشير هذه الأحداث وغيرها إلى أن الواقع السياسي الحالي المتميز بشدة الاستقطاب، الذي يميل لصالح حركة فتح قد لا يكون مواتيًا للقوائم المستقلة، وخاصة المحسوبة على حركات مثل حماس والجبهة الشعبية، ففي مدينة الخليل، وضعت كتلة البناء والتحرير التابعة لحركة فتح عددًا من الشروط تحت مسمى “ميثاق الشرف“؛ للمشاركة في المجلس الحالي، من بينها اتخاذ القرارات في المجلس بأغلبية الثلثين وليس النصف زائد واحد كما ينص القانون، حيث يرى البعض بأن الهدف من هذا الميثاق، هو سلب الكتلة الفائزة قدرتها على تسيير البلدية ووضع العصي في الدواليب؛ لإفشال المجلس الحالي الذي لم تفز به فتح، وما قد يشير إلى أن عملية إدارة القوائم المستقلة للمجالس هو أن المجالس المحلية تعاني من تداخل صلاحياتها مع صلاحيات وزارة الحكم المحلي والمحافظة، بالإضافة لوجود مركزية عالية لدى وزارة الحكم المحلي، تجعلها قادرة على التدخل في عمل الهيئات المحلية، في ظل غياب التشريعات التي تمنح المجالس المحلية إمكانية إنشاء مشاريع اقتصادية وتعزيز مواردها المالية، بالإضافة إلى غياب آليات واضحة لتوزيع الموارد والعائدات على الهيئات المحلية والتأخر في دفع مستحقاتها والخصم منها، كما أن تمويل المشاريع التطويرية يقع ضمن اختصاص صندوق تطوير وإقراض البلديات الذي يشكل الوسيط بين المانحين والبلديات، ويتعرض هذا الصندوق لانتقادات في أسلوب توزيعه للمنح وغياب تمثيل البلديات في إدارته.

الخلاصة والدلالات

لا يمكن فهم الانتخابات المحلية في ضوء الأرقام والإحصائيات العامة، حيث إن كل هيئة محلية لها ظروفها وسياقها الحزبي والعائلي الذي يختلف عن غيرها، حيث تستطيع الأحزاب خاصة حركة فتح، اللعب على الوتر العائلي وتسخيره في خدمة البعد الحزبي، أو على العكس من ذلك، فقد يشكل البعد العائلي عاملًا مهما في تشكيل القوائم باستغلال البعد الحزبي للحصول على الأصوات، كما أن اعتبارات المنتخبين في مجملها في الانتخابات المحلية تختلف عن الانتخابات العامة، فقد أظهر استطلاع  لمركز العالم العربي للبحوث والتنمية-أوراد- في المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية، أن أولويات المنتخبين كانت تتمحور حول تحسين الطرق، وتحسين خدمات الكهرباء والمياه والنظافة، وبناء شبكات الصرف الصحي، والاهتمام بالشباب؛ ولذلك من غير الممكن مقارنة نتائج هذه الانتخابات بالانتخابات العامة، أو أن تستخدم كمؤشر لنتائج الانتخابات العامة التي يتضاءل فيها البعد العائلي.

من ناحية أخرى، كان لهذه المرحلة من الانتخابات أبعاد سياسية واضحة، حيث أعادت مفهوم المنافسة والاستقطاب الرئيس بين تياري فتح وحماس اللتان تتنافسان سياسيا وفكريا حتى وإن حاولت كل منهما استخدام عباءة الكفاءة والمهنية، حيث ظهر هذا البعد السياسي في المدن الرئيسة أكثر منه في البلدات والقرى الصغيرة التي تعتمد أكثر على البعد العائلي؛ ما يشير إلى أن هناك منافسة شديدة بين حركتي فتح وحماس ستكون في أي انتخابات عامة قادمة، ومما يدل على ذلك، انتشار دعوات خلال فترة الدعاية الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم “خسرهم“، في إشارة لحركة فتح، تدعو للتصويت لأي قائمة منافسة لحركة فتح كعقاب لها ورفض لسياسة التفرد والقمع التي تنتهجها، وقد تشير هذه الانتخابات إلى احتمالية تعزيز التحالف بين حركة حماس والجبهة الشعبية في الانتخابات العامة، في ضوء التجارب التي نتجت خلال هذه الجولة بناء على التقائهما في عدد من المواقف السياسية والوطنية.

[1] – باحث في مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، رام الله

[2]  هي الهيئات المحلية التي لم تترشح فيها أي قائمة انتخابية بالمرحلة الأولى أو انسحبت قوائمها بالإضافة إلى بلدية جبع/ جنين التي لم تشارك في انتخابات المرحلة الأولى على الرغم من تقديمها للقوائم.

[3] المقصود هنا هو مدى سير الهيئة المحلية في خطوات التحول من كونها قرية أو بلدة إلى مدينة، نظرا إلى أن المدن الفلسطينية المنشأة حديثا هي قرى توسعت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى