المشهد الفلسطيني

الانتخابات المحلية الفلسطينية بين القوائم المستقلة والحزبية

عزيز كايد

لتحميل التقرير اضغط هنا

أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الكشف الأولي للقوائم المرشحة لخوض المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية، التي ستجرى في 26/3/2022، وبينت اللجنة أنه قُبِل 259 قائمة انتخابية استوفت شروط الترشح، وأن الانتخابات ستُجرى في 50 هيئة محلية فقط، وهي الهيئات التي ترشحت فيها أكثر من قائمة، فيما أن 23 هيئة محلية ترشحت فيها قائمة واحدة فقط وستفوز بالتزكية، و28 هيئة محلية لم تترشح فيها أي قائمة ولن تجرى فيها الانتخابات، وكذلك هيئة محلية واحدة ترشحت فيها قائمة واحدة ولكنها غير مكتملة، إذ يُذكر أن الهيئات المحلية الفلسطينية تشمل المجالس البلدية بتصنيفاتها الثلاثة أ، ب، ج، إضافة إلى المجالس القروية.

تختلف المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية عن المرحلة الأولى التي أُجريت في 11/12/2021، في أنها تشمل المجالس البلدية للمدن الرئيسة في الأراضي الفلسطينية مثل الخليل ونابلس ورام الله والبيرة وبيت لحم وجنين وطولكرم وغيرها، إلى جانب مشاركة الفصائل الفلسطينية في هذه الانتخابات، إما بشكل مباشر مثل حركة فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية وغيرهم، أو غير مباشر مثل حركة حماس، وعليه، فمن المتوقع أن ترتفع نسبة المشاركة في التصويت، وأن تشهد هذه الانتخابات منافسة جدية بين القوائم المرشحة خاصة في المدن الرئيسة، كما تشمل القوائم المرشحة تنوعًا في صفة الترشح، أي تنوعًا في الفصائل والأحزاب المشاركة، وتنوعًا بين النساء والرجال، وتنوعًا آخر بين الشباب وكبار السن، إلا أن هذه الورقة تختص بمناقشة الخريطة الحزبية للقوائم المشاركة في هذه المرحلة من الانتخابات، وتهدف إلى استخلاص المعايير التي اعتمدتها الفصائل في التقدم بقوائمها الانتخابية، واستكشاف الدوافع التي أدت إلى التقدم بقوائم مستقلة، أو تحالفات بين فصيلين أو أكثر في بعض الهيئات المحلية، وقراءة دلالات هذه المؤشرات.

 

مشهد القوائم المستقلة والحزبية

ذكرت لجنة الانتخابات المركزية أن 81 قائمة انتخابية سُجلت قوائم حزبية، أي أنها تمثل فصائل وأحزابا أو ائتلافًا حزبيًا، فيما سُجلت 178 قائمة مستقلة، أي أن القوائم المستقلة تمثل 69% من مجموع القوائم التي قُبلت، فيما تمثل القوائم الحزبية 31% منها فقط، وباستعراض الكشف الأولي للقوائم الذي نشرته لجنة الانتخابات على موقعها الإلكتروني، يتضح أن القوائم المسجلة قوائم حزبية، تمثل كلًّا من حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والمبادرة الوطنية الفلسطينية وحزب الشعب الفلسطيني وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني/ فدا والجبهة العربية الفلسطينية، ولكن مع فارق كبير بين عدد القوائم التي تمثل حركة فتح، وتلك التي تمثل الفصائل الأخرى، ومن خلال استعراض هذا الكشف أيضا يمكن استخلاص الملاحظات التالية:

  • تعكس القوائم المستقلة تحالفات متعددة، بعضها تحالفات سياسية أو حزبية، ضمت مرشحين من فصائل مختلفة ولكن بصفة مستقلة، ودون الإشارة إلى الانتماءات السياسية، وبعض هذه التحالفات كانت على أسس فردية أو شخصية، ضمت مرشحين مستقلين يستندون إلى شعبيتهم، أو عائلاتهم، أو خبرتهم المهنية والوظيفية.
  • في بعض المدن الرئيسة، كانت كل القوائم المرشحة مستقلة، ولم تتقدم أية قائمة حزبية، مثل نابلس (5 قوائم مستقلة)، والبيرة (6 قوائم مستقلة)، وبيت لحم (11 قائمة مستقلة)، وبير زيت (8 قوائم مستقلة)، وطوباس (9 قوائم مستقلة)، وترقوميا (6 قوائم مستقلة)، والشيوخ (4 قوائم مستقلة)، ويعبد (4 قوائم مستقلة)، حتى أن مدينة رام الله التي تشكل عصب العمل السياسي والفصائلي في الضفة الغربية، ترشحت فيها قائمة حزبية واحدة تتبع لحركة فتح، إلى جانب 4 قوائم أخرى مستقلة.
  • ترشحت الفصائل في هذه الانتخابات بصيغ مختلفة، فقد تقدمت في بعض الهيئات المحلية بقائمة خاصة بها، ولكن في هيئات محلية أخرى تحالفت الفصائل تحالفات ثنائية أو جماعية، حيث إن الفصائل تتحالف في بعض الهيئات، فيما تتنافس مع بعضها في هيئات أخرى، فعلى سبيل المثال، تتنافس ست قوائم على بلدية الخليل، منها قائمة تتبع لحركة فتح، وأخرى للمبادرة الوطنية الفلسطينية، وأربع قوائم مستقلة تضم مستقلين ومرشحين من مختلف الفصائل.

أما في بلدية بيت جالا القريبة من بيت لحم؛ فتشارك حركة فتح في قائمتين، الأولى هي قائمة خاصة بها، والثانية قائمة تشترك فيها مع الجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية، وفي بلدية طولكرم، تتنافس قائمة حركة فتح مع قائمة الجبهة الديمقراطية، وقائمة ثالثة تضم كلا من جبهة النضال الشعبي وحزب الشعب والجبهة العربية الفلسطينية ومستقلين، كما تتنافس في انتخابات بلدية بيت فوريك من محافظة نابلس، قائمة حركة فتح مع قائمة اليسار الموحد التي تضم كلا من الجبهة الشعبية وحزب الشعب، وقائمة ثالثة للجبهة الديمقراطية لم تنضم إلى قائمة اليسار الموحد، رغم أنها فصيل يساري.

  • يبرز البعد العشائري في معظم القوائم، سواء المستقلة أو الحزبية، وهو أمر بات يحرص عليه المشاركون في أي انتخابات محلية في المجتمع الفلسطيني؛ وذلك لكسب الأصوات من مختلف العائلات، لذلك يمكن أن تجد مرشحين من العائلة الواحدة في كل القوائم في الهيئة المحلية الواحدة، مما يعني أن أصوات العائلة سوف تتوزع بين القوائم، حيث يتضح أن القوائم الحزبية والمستقلة حاولت أن تجمع في قوائمها معظم العائلات في الهيئة المحلية، لذلك لم يكن حضور العائلة الواحدة واضحًا في القوائم المرشحة، ويُستنثى من هذا السياق ترشح قائمة لبلدية بيرزيت، ينتمي كافة مرشحيها إلى عائلة واحدة، وحملت اسم العائلة.
  • لم تتمكن حركة فتح في بعض الهيئات المحلية من تشكيل قائمة موحدة للحركة، وإنما تقدمت بقائمتين في بعض المواقع، مثل دورا ويطا وسلفيت، وبثلاث قوائم في كل من الظاهرية والعيزرية وبيت ساحور، وجميعها من البلديات الكبيرة في الضفة الغربية، ومع أن الترشح بهذه الصورة يعكس انقسامًا داخل الحركة، ربما لأسباب شخصية، أو بسبب تغلب العائلية على البعد التنظيمي والحركي، إلا أنه قد يعكس انقسامًا سياسيًا داخليًا أيضًا، فعلى سبيل المثال، تحمل القوائم الثلاثة لحركة فتح في العيزرية في محافظة القدس الأسماء التالية: قائمة “الشهيد ياسر عرفات/ أبو عمار”، وقائمة “الشهيد خليل الوزير/ أبو جهاد”، وقائمة “الشهيد فيصل الحسيني/ أبو العبد”، إضافة إلى قائمة سُجلت قائمة مستقلة باسم قائمة “الأسير القائد مروان البرغوثي”. وفي هذا السياق أيضًا يُلاحظ أن بعض رؤساء البلديات الحاليين، مثل بلديتي الخليل والبيرة، والذين كانوا قد ترشحوا وفازوا في انتخابات عام 2017 على قوائم حركة فتح، فإنهم يترشحون اليوم على رأس قوائم مستقلة.
  • تبدو بعض التحالفات غير منسجمة مع المواقف والبرامج السياسية للفصائل، فعلى سبيل المثال، تتحالف الجبهة الشعبية مع الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني/ فدا في بلدية طمون في محافظة طوباس، بينما تتحالف الجبهة مع حركة فتح والمبادرة الوطنية في بلدية بيت جالا، في حين تتحالف حركة فتح مع الجبهة الديمقراطية في بلدية سعير في محافظة الخليل، وفي بلدية عنبتا من محافظة طولكرم، فإنهما لم تتحالفا في بلدية طولكرم نفسها، ولا في بلديات بيت ساحور وبيت فوريك وبيتا مثلا، ويشار في هذا السياق إلى جبهة النضال الشعبي التي تتحالف مع حركة فتح في عرابة من محافظة جنين، فيما أنهما لم تتحالفا في بلدية جنين نفسها، كما تحالفت جبهة النضال مع حزب الشعب والجبهة العربية الفلسطينية في طولكرم، إلا أنها تقدمت بقائمة خاصة بها في كل من أريحا وجنين.
  • لم تتقدم حركة حماس مطلقًا بأي قائمة بصفتها الحزبية في أي من الهيئات المحلية التي ستُجرى فيها انتخابات المرحلة الثانية، وهذا ينسجم مع موقف الحركة الذي كانت قد أعلنت عنه منذ المرحلة الأولى من هذه الانتخابات في تشرين ثاني/ نوفمبر 2021، ومع ذلك يشارك الكثير من كوادر الحركة ضمن القوائم المستقلة، سواء بالتحالف مع مرشحين من فصائل أخرى، أو مع مستقلين ومرشحي عائلات، أو كوادر مهنية وشخصيات وطنية وأكاديمية، لكن يلاحظ أن أنصار حركة حماس في الهيئة المحلية الواحدة، قد يترشحون في أكثر من قائمة، كما في بلدية الخليل، مما قد يؤدي إلى تشتيت أصوات مؤيدي الحركة.
  • يلاحظ أن أسماء القوائم الانتخابية، سواء المستقلة أو الحزبية، تعكس في الغالب ابتعادًا عن المسميات الحزبية والسياسية، وتركز على الظهور بطابع الاستقلالية والانتماء للبلد، والتنمية والتطوير والازدهار والمستقبل، والتجمع والوحدة، والمهنية والنزاهة، مع ذلك، تحمل معظم قوائم حركة فتح اسم قائمة البناء والتحرير، أو اسم الشهيد ياسر عرفات، وتحمل قائمتان مستقلتان اسم قائمة القدس، وقائمة أخرى تحمل اسم قائمة أسرى الحرية، وبرز اسم قائمة (حق العودة) في بلدية عرابة من محافظة جنين، وهي تضم كلا من حركة فتح والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني/ فدا وجبهة النضال الشعبي والجبهة الديمقراطية.
  • في الهيئات المحلية التي ترشحت فيها قائمة واحدة، والبالغ عددها 23 هيئة محلية، تمثل هذه القوائم في الغالب، حركة فتح مثل بلدية قباطية، والمجالس القروية في كل من دير جرير، ودير دبوان، واكتابا، والعقربانية، وعينبوس، وعرانة، وبيت قاد، والمطلة، ومثلث الشهداء، وعرب الرشايدة، والولجة، والمنيا، وبيت الروش الفوقا، وجميعها قرى صغيرة، وبما أن هذه القوائم ستفوز بالتزكية، فإن ذلك يعني أن حركة فتح ستسيطر على مجالسها القروية، ولكن هناك أيضًا هيئات محلية ترشحت فيها قائمة واحدة مستقلة، تضم مرشحين مستقلين ومن فصائل مختلفة، مثل سلواد وعين عريك والمزرعة الشرقية ومزارع النوباني.

 

دلالات واستخلاصات

  • إن ارتفاع نسبة القوائم المستقلة (69%)، وانخفاض نسبة القوائم الحزبية (31%)، لا يعكس بالضرورة عزوفًا عن الفصائل، أو تراجعًا للحالة السياسية والاستقطاب التنظيمي الذي يغلب على أي انتخابات فلسطينية؛ فالانتخابات المحلية يغلب عليها الطابع الخدماتي أكثر من الطابع السياسي، ويحضر فيها البعد العائلي بقوة أكثر من الانتخابات التشريعية والنقابية مثلا، كما أن عدم مشاركة حركة حماس بصورة مباشرة، أضعَفَ التنافس الحزبي، مما أدى إلى انخفاض نسبة القوائم الحزبية، وارتفاع نسبة القوائم المستقلة، ولا شك أن المجتمع الفلسطيني يظل مجتمعًا مسيسًا بقوة؛ بسبب استمرار مشروعه الوطني، ونضاله لدحر الاحتلال عبر الفعاليات المتواصلة يوميًا، وبسبب حضور الاستقطاب السياسي في كافة الميادين، مثل البلديات والجامعات والنقابات، وحتى المراكز الثقافية والرياضية وغيرها.
  • يبدو أن حسابات الربح والخسارة، كانت حاضرة أكثر من البرامج السياسية في التحالفات التي عقدتها الفصائل في هذه الانتخابات، فبعض الفصائل تحالفت في بعض الهيئات المحلية، رغم تناقضاتها في المجال السياسي، ولكنها افترقت عن بعضها في هيئات أخرى رغم تقاربها السياسي، كما أن بعض الفصائل تحالفت في بعض الهيئات المحلية، ونفسها افترقت في هيئات أخرى، الأمر الذي يشير إلى عدم وجود معايير محددة، وربما يشير إلى خلافات حول عدد المقاعد، أو حول رئاسة القائمة، وليس حول البرامج السياسية، ومن الواضح أن حركة فتح هي أكثر الفصائل التي قدمت قوائم خاصة بها، وقد يعود ذلك، إلى جانب كونها حركة كبيرة، وإلى حساباتها الداخلية المرتبطة بضرورة التحالف مع غيرها من القوائم في بعض الهيئات، وعدم ضرورته في هيئات أخرى، وليس المرتبطة ببرامج سياسية؛ أي أن حسابات الربح والخسارة هي معيار أي تحالف، سواء بالنسبة لحركة فتح التي ترشحت بعشرات القوائم، أو بالنسبة لفصيل مثل الجبهة العربية الفلسطينية الذي ترشح في قائمة واحدة.
  • ينسجم موقف كل من حركتي فتح وحماس مع مواقفها التي أعلنتها سابقًا، فحركة فتح تدعم هذه الانتخابات، وتشارك فيها بصفتها الحركية أحيانًا، وبالتحالف مع غيرها من الفصائل أحيانًا أخرى، ومن خلال قوائم المستقلين أيضًا، فيما تقاطع حركة حماس – بصفتها الحركية- هذه الانتخابات لأسباب سياسية تتعلق بالانتخابات الشاملة، واعتراضها على تجزئة الانتخابات، ولم تتقدم بأي قائمة تمثلها، ولكن كوادرها وعناصرها يشاركون من خلال قوائم مستقلة، أما الجبهتان الشعبية والديمقراطية والمبادرة الوطنية وحزب الشعب، وبالرغم من رفضها لتجزئة الانتخابات، ومطالبتها بانتخابات شاملة، إلا أنها لم تكتفِ بالمشاركة من خلال القوائم المستقلة، أو بالتحالف مع فصائل أخرى؛ وإنما تشارك عبر قوائم خاصة بها، وبصفتها الفصائلية، كما فعلت في المرحلة الأولى، الأمر الذي يعكس تناقضًا في مواقفها.
  • ما زالت حركة فتح، كما في معظم الانتخابات، تعاني من الانقسامات الداخلية، وما زالت لم تتمكن من ضبط كوادرها وعناصرها، وتوحيدهم في قائمة موحدة، إذ إن ترشح الحركة في قائمتين أو ثلاث قوائم في بعض الهيئات المحلية، هي ظاهرة ليست في مصلحة الحركة، وستؤدي إلى تشتيت أصوات مؤيديها، كما تدل على وجود خلافات داخلية؛ إما بسبب كثرة الراغبين في الترشح، أو بسبب البعد العائلي أحيانا، أو بسبب الخلاف بشأن رئيس القائمة، علمًا أن الحركة كانت متشددة جدا بشأن الانتخابات التشريعية قبل إلغائها، وفصلت كل من ترشح خارج القائمة الرسمية للحركة، ولكن يبدو أن الأمر في الانتخابات المحلية يختلف نوعًا ما، فسمحت بتعدد القوائم الفتحاوية في بعض الهيئات المحلية، ولكن يمكن القول إن ضرر هذا التعدد سيكون محدودًا؛ بسبب توزيع مقاعد القوائم الفائزة حسب نظام التمثيل النسبي، الذي يمنح كل قائمة عددًا من المقاعد يتناسب مع النسبة المئوية التي تحصل عليها في الانتخابات، مما يعني أن كل قائمة من قوائم حركة فتح ستحصل على عدد من المقاعد، لكن خطورة تعدد قوائم فتح ستظهر بعد الانتخابات، وعند انتخاب رئيس الهيئة المحلية ونائبه وأمين السر، عندها سيتضح إن كانت قوائم فتح ستتحد أم تختلف، كما سيظهر ذلك في السلوك التصويتي على القرارات، والذي سيتبعه أعضاء حركة فتح من القوائم المختلفة في الهيئة المحلية الواحدة.
  • لم تبلغ العائلية والعشائرية في الهيئات المحلية الرئيسة، مثل المدن والبلدات درجة مُلفتة بشكل عام، أو حد العشائرية السلبية، التي تعكس تعصبًا مُخلًا في المجتمع الفلسطيني، لذلك ليست هناك خشية من العشائرية كونها ظاهرة تطغى على الانتخابات، وتحل محل الفصائل.
  • راعت القوائم المستقلة والحزبية تمثيل المرأة ، كما راعت البعد العائلي، وهو أمر بديهي ويأتي في سياق متطلبات الترشح التي اشترطها القانون، فقد بلغ عدد النساء المرشحات كما أعلنت لجنة الانتخابات المركزية 678 مرشحة من بين 2537 مرشحًا، أي ما نسبته حوالي 27%، كما راعت القوائم تمثيل الشباب، حيث بلغت نسبة المرشحين دون سن 45 عاما 59%، الأمر الذي يعكس توجهات إيجابية نحو ضخ دماء جديدة، ومشاركة العناصر الشابة في عمليات التنمية والتطوير، وحسب الكشف الأولي، فإن تمثيل المرأة والشباب وبشكل عام، تشترك فيه كل القوائم المستقلة والحزبية.
  • يلاحظ في هذه المرحلة من الانتخابات المحلية استنكاف 28 هيئة محلية عن ترشيح أي قائمة، لا مستقلة ولا حزبية، الأمر الذي قد يعني إهمالًا للعملية الانتخابية، أو عزوفًا عن المشاركة العامة، أو غيابًا للحركة السياسية عمومًا، ولكنه قد يعكس أيضًا احتجاجًا على قرارات وإجراءات سابقة للحكومة أو لوزارة الحكم المحلي، مثل دمج بعض الهيئات المحلية دون رضاها.
  • إن ترشح قائمة واحدة فقط في 23 هيئة محلية، قد يمثل ظاهرة سلبية، كونه يشير إلى عزوف عن روح المنافسة، أو وجود تدخلات سياسية وعائلية معينة، وحتى في حالة توافق سكان الهيئة المحلية من مستقلين وفصائل على هذه القائمة؛ فإن ذلك لا يعكس بالضرورة بعدًا إيجابيًا، إلا إذا كان ذلك في سياق الضرورة الوطنية.

 

الخاتمة

تلقي الأحداث السياسية التي يشهدها المجتمع الفلسطيني، بظلالها على مجمل العمليات الانتخابية التي تُجرى في الأراضي الفلسطينية، سواء الانتخابات السياسية أو المحلية أو النقابية أو الطلابية أو غيرها، ومهما كانت طبيعة الانتخابات، وبلغ تراجع أداء الفصائل، فإن تسييس الانتخابات الفلسطينية يبقى حاضرًا بشكل عام، ففي الانتخابات المحلية الفلسطينية، بمرحلتيها الأولى والثانية، ورغم أن عدد القوائم المستقلة بلغ أكثر من ضِعف عدد القوائم الحزبية، إلا أن التنافس الفصائلي يبقى حاضرًا، ليس من خلال القوائم الحزبية فقط، وإنما من خلال الانخراط في القوائم المستقلة أيضًا، وحسب الموقع الإلكتروني للجنة الانتخابات المركزية، بلغت نسبة القوائم المستقلة في المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية 67%، وتبلغ في المرحلة الثانية 69%، أي أنها نسبة متقاربة في المرحلتين، ونفس الأمر بالنسبة للقوائم الحزبية، حيث بلغت في المرحلة الأولى 33%، وتبلغ في المرحلة الثانية 31%، أي أن نسبة القوائم الحزبية بقيت متقاربة في المرحلتين، وكذلك القوائم المستقلة.

إن عدم مشاركة حركة حماس في المرحلتين بصورة مباشرة، هو سبب طبيعي لانخفاض نسبة القوائم الحزبية عن القوائم المستقلة، كما أن طبيعة الانتخابات المحلية ترتبط أكثر من غيرها من الانتخابات الأخرى بالحضور العائلي في مختلف البلديات والمجالس القروية يُضاف إلى ذلك أن اختصاصات الهيئات المحلية، ذات طابع خدماتي وتنموي، أكثر من ارتباطها بالقرارات السياسية، كل ذلك يجعل من ارتفاع نسبة القوائم المستقلة أمرًا طبيعيًا، ولا يعكس عزوف المواطنين عن الفصائل.

إن معايير الحزبية والاستقلالية، والجنس، والسن، والعائلية، وحتى الدعاية الانتخابية التي ستبدأ في 13/3/2022، ليست هي معايير الحكم على النجاح والفشل، وإنما معايير الكفاءة والمهنية، والشفافية والنزاهة، وهذا ما سيتضح من خلال أداء الهيئات المحلية المنتخبة، وقدرتها على تطوير الهيئات المحلية وتنميتها، وخدمة مواطنيها، والنهوض بها كونها مؤسسات وطنية لها دورها في المشروع الوطني الفلسطيني.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى