تحليل أراء: خطة ترامب والقوّة الدوليّة ونزع السلاح

يقدِّم هذا التقرير خريطة تحليليّة للطريقة التي تتناول بها المنصّات العربيّة البارزة خطة ترامب بما فيها طبيعة المفاوضات والقوة الدولية ونزع السلاح. استند التقرير إلى تحليل أكثر من ١٤٠ مقال رأي وتحليل سياسي، بمجمل ١٢٠ ألف كلمة، من مصادر موزعة على معظم الدول العربية. وتظهر النتائج سيادة اللغة العاطفيّة في الخطاب المستخدم.

ملخّص تنفيذي

  1. “يسود وجهات النظر العربية وصف المفاوضات كأداة لإدارة الحرب لا لإنهائها” و”تُظهر أنّ إسرائيل ضبطت إيقاع المفاوضات عبر تفكيك الملفات المتعلقة، والانتقال إلى طرح صفقة شاملة تُصاغ بسقوف قصوى كي تبقى معطِّلة وتُبقي خيارات الحرب مفتوحة”.
  2. تجزئة الملفات وإعادة تدوير الشروط شكّلا نمطاً منهجياً لإدامة السيطرة الميدانية تحت غطاء تفاوضي” مع “توظيف التفاصيل الأمنية والإنسانية كأوراق ابتزاز”.
  3. تتغاضى الإدارة الأميركية عن الخرق الإسرائيلي للقرارات الملزِمة، وتقدّم صيغاً مرحلية بلا ضمانات نهائية، وواصلت تسليح إسرائيل” بينما “عزّزت إدارة ترامب هذا الغطاء من خلال تبني صيغ تمنح إسرائيل حق استئناف العمليات، وتعليق الانسحاب الكامل ورفع الحصار”.
  4. الإطار المرحلي الهش: “تصميم مرحليّ يشكّل الإطار الناظم للخطة عبر تجزئة التنفيذ إلى مراحل تبدأ بإطلاق المحتجزين، وتراجع عسكري إسرائيلي إلى خطوط انسحاب أولى، فيما تُرحَّل الملفات الأمنية والإدارية والإعمارية إلى تفاوض لاحق، وهو ما يخلق هشاشة وتراكماً تنظيمياً معرقلاً”.
  5. تحوّل قوة الاستقرار من وظيفة حفظ السلام إلى قوة إنفاذ ذات مهام تنفيذية تعبوية، بما في ذلك الانخراط في نزع سلاح حماس والفصائل، وهو توسّع في التفويض يُقارب الإخلال بمرجعيات ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن”.
  6. مجلس السلام الفوقي: “إدراج مجلس السلام ككيان فوقي غير خاضع لرقابة مجلس الأمن يعيد تعريف البنية الحاكمة للترتيبات الدولية على نحو يقترب من صيغة وصاية، مع ما يستتبعه ذلك من إضعاف المرجعية الأممية وفتح الباب أمام تنفيذ أجندة أمنية إسرائيلية تحت غطاء دولي”.
  7. تُدرج مسودة خطة ترامب نزع سلاح حماس ضمن ترتيبات اليوم التالي كجزء جوهري من التفويض الدولي المقترح، بينما يبرز “خطاب مقاوم باعتبار السلاح حقاً ثابتاً وخطاً أحمر لا يُبحث قبل قيام دولة قادرة، مع التأكيد على لزوم رفض أي مجلس وصاية أو قوة تسعى إلى نزع السلاح بالقوة”.

التفاوض كأداة لإدارة الحرب

يسود وجهات النظر العربية وصف المفاوضات كأداة لإدارة الحرب لا لإنهائها. يُظهر مركز دراسات الوحدة العربية أنّ إسرائيل ضبطت إيقاع المفاوضات عبر تفكيك الملفات المتعلقة، والانتقال إلى طرح صفقة شاملة تُصاغ بسقوف قصوى كي تبقى معطِّلة، وتُبقي خيارات الحرب مفتوحة. بالإضافة إلى توظيف التفاصيل الأمنية والإنسانية كأوراق ابتزاز. ويُبرهن التحليل نفسه هذا المنطق عبر تتبع الأطوار التفاوضية للحرب: قبول صفقات جزئية لإظهار انفتاح شكلي، ثم إغراقها بتعديلات تُجهض التنفيذ، وأخيراً التمسّك بصيغة نهائية لا تُفضي إلى الوقف الفعلي للإبادة.

ويتتبع المركز المحاولات التفاوضية منذ الهدنة الإنسانية الأولى أواخر 2023، مروراً بالمقترح القطري–المصري (ذي 3×42 يوماً) الذي قبِلته المقاومة ورفضته إسرائيل بالتزامن مع التوسّع نحو رفح، وصولاً إلى ترسيخ محور فيلادلفيا كعقبة تفاوضية، ثم اتفاق 2025 الذي أعقبته عمليات إسرائيلية عسكرية استندت إلى ثغرات تنفيذية صغيرة لتعقيد الانتقال إلى المراحل اللاحقة وتنفيذ الاستحقاقات، بما يشي بأنّ المفاوضات خدمت الإفراج عن المختطفين الأحياء والأموات لا وقف الحرب. ويظهر ذلك أن تجزئة الملفات وإعادة تدوير الشروط شكّلا نمطاً منهجيّاً لإدامة السيطرة الميدانية تحت غطاء تفاوضي.

يأتي هذا النهج في ظل غطاء أمريكي يسمح باستمرار القتل مع إدارة الضغوطات الدولية؛ فقد تغاضت الإدارة الأميركية عن الخرق الاسرائيلي للقرارات الملزِمة، وقدّمت صيغاً مرحلية بلا ضمانات نهائية، وواصلت تسليح إسرائيل وتغذية سردية اليوم التالي، بما يجعل التفاوض أداة امتصاص لا مساراً للتسوية. ثم عزّزت إدارة ترامب هذا الغطاء من خلال تبني صيغ تمنح إسرائيل حق استئناف العمليات وتعليق الانسحاب الكامل ورفع الحصار، وتعزيز فرص خطط التهجير، وتحويل أي مفاوضات لاحقة رهينة سقوف إسرائيلية أعلى، وآماد زمنية طويلة تصب في صالح الخطط الإسرائيلية.

يقدّم حمادة فراعنة في مقاله المنشور في صحيفة الدستور قراءة وظيفية أقل حدة تجاه دور الوساطة الأمريكية بوصفها مانعة لانهيار وقف النار، وساعية لمعالجة معيقات المرحلة الأولى وتعبيد الطريق للثانية، مع تقدير واضح بأنّ العقدة تكمن في فريق نتنياهو الذي لا يرى مصلحة في تنفيذ الاستحقاقات، ويعمل على إبقاء الاشتباك مفتوحاً.

تعتبر آراء، مثل مركز الإستراتيجيات، أنّ واشنطن فاعل مباشر وضامن صريح لوقف إطلاق النار، مع التأكيد على فروق جوهرية بينها وبين إسرائيل حول ترتيب الأولويات؛ من موقع تركيا في القوة المتعددة الجنسيات إلى ربط نزع السلاح بالإعمار، وصولاً إلى تقييم الخروقات، غير أن هذه الفروق لم تُفضِ إلى إلزام إسرائيل بمسار يضمن الانسحاب والرفع الكامل للحصار. وتُرجّح هذه القراءات سيناريو جمود تفاوضي طويل لا يُقلق واشنطن إذا حافظ على وقف النار، بوصف غزة ملفاً فرعياً ضمن تصوّر إقليمي أوسع، بينما ترتفع في المقابل احتمالات العودة إلى الحرب إذا تراكمت الهجمات أو تكرّس رد غير متكافئ، وهو ما تَدل عليه تصعيدات غير متناسبة حتى الآن وفق التقييم الأمريكي.

لقد كثّفت إسرائيل عملياتها شرق الخط الأصفر بذريعة الأنفاق، ونفّذت غارات واسعة في خان يونس ودير البلح وغزة، في خرق مباشر للمستوى المتفق عليه من وقف النار، ما يضاعف كلفة أي انتقال إلى المرحلة الثانية، ويُراكم اشتراطات أمنية إضافية تُستثمر تفاوضياً. وتُظهر آراء أنّ نتنياهو يربط أي تقدم في المفاوضات بضمانات أمريكية مكتوبة تسمح بحرية التحرك العسكري والسيطرة الأمنية الكاملة، ما يعيد إنتاج الصيغة التعطيلية بصيغ تعاقدية جديدة.

تُظهر صحيفة النهار أنّ واشنطن تحاول تحصين الهدنة بمسارات ميدانية وإقليمية عبر مركز تنسيق مدني عسكري في كريات غات، ومراقبة مباشرة للمساعدات. يعطي ذلك مؤشراً، وفقاً للصحفية، على إقرار عملي بأنّ الملف الإنساني أصبح ساحة لإدارة الخلافات وآليات ضبط التفاوض.

وتأسيساً على ما سبق، تكشف الآراء عن منطق تفاوضي تعطيلي للانتقال من الجزئي إلى الشامل المعطِّل، في ظل توثيقات للخروقات تثبت توظيف المعابر والمساعدات والخرائط المؤقتة كأدوات ضغط، والاستمرار في إبقاء الخيارات الأمنية ومخططات التهجير مفتوحة. ويقود تضافر هذه الآراء إلى نتيجة مفادها أن تجزئة الملفات وإعادة تدوير الاشتراطات، مقرونةً بالغطاء الأمريكي، أعادت تعريف التفاوض كآلية لإدارة الحرب وآمادها بالإضافة إلى تكييف كلفتها، لا كبوابة لتسوية تقود إلى وقف دائم للقتال ورفع الحصار والانسحاب.

خطة ترامب والإطار  المرحلي

تناقش مادة تحليلية منشورة في موقع الإستراتيجيات حول خطة ترامب أنّ تصميماً مرحلياً يشكّل الإطار الناظم للخطة، عبر تجزئة التنفيذ إلى مراحل تبدأ بإطلاق المحتجزين وتراجع عسكري إسرائيلي إلى خطوط انسحاب أولى، فيما تُرحَّل الملفات الأمنية والإدارية والإعمارية إلى تفاوض لاحق، وهو ما يخلق هشاشة وتراكماً تنظيمياً معرقلاً لتوالي المراحل وفق تسلسل واضح. وتبيّن ذات القراءة أنّ الخطة تعزز التداخل القسري بين الإنساني والأمني وتجعل من الاتفاق قابلاً للتعثر نتيجة تعدد الأطراف وصعوبة مواءمة المصالح المتضادة. كما سيعتمد الانتقال إلى المراحل اللاحقة على سيناريوهات مفتوحة بسبب تباعد تصورات إسرائيل والولايات المتحدة وحماس والسلطة الفلسطينية حول نزع السلاح وترتيبات الحكم، بما يعمّق احتمالات الجمود بدلاً من التقدم.

يناقش عبدالوهاب بدرخان في مقاله المنشور في صحيفة النهار إمكانية تحوّل قوة الاستقرار من وظيفة حفظ السلام إلى قوة إنفاذ ذات مهام تنفيذية تعبوية، بما في ذلك الانخراط في نزع سلاح حماس والفصائل، وهو توسّع في التفويض يُقارب الإخلال بمرجعيات ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التي تؤطّر عمليات حفظ السلام بمعايير حياد ورضا الأطراف. ويؤكد التحليل ذاته أنّ إدراج مجلس السلام ككيان فوقي غير خاضع لرقابة مجلس الأمن يعيد تعريف البنية الحاكمة للترتيبات الدولية على نحو يقترب من صيغة وصاية، مع ما يستتبعه ذلك من إضعاف المرجعية الأممية وفتح الباب أمام تنفيذ أجندة أمنية إسرائيلية تحت غطاء دولي. ويُحاجج بأنّ استمرار العمليات الإسرائيلية بذريعة الخبرة الميدانية في الأنفاق والبنى التحتية سيجعل وجود القوة الدولية محفوفاً بالاحتكاك والخطر، ويحول دون قيامها بوظائف التهدئة والإسناد المدني والإعمار، بما يبدد شروط الفعالية ويضعف مصداقية الإطار المرحلي برمته.

يعرض موقع الجنوبية ما يتضمنه الاتفاق من تشكيل مجلس السلام برئاسة الرئيس الأميركي، وتسليم إدارة غزة لهيئة فلسطينية مستقلة، وتشكيل قوات حفظ أمن من دون تحديد واضح للمهام الأمنية والعسكرية، الأمر الذي يخلق فراغاً تنظيمياً في آليات الإنفاذ ويفتح احتمالات الاشتباك مع الفصائل في حال فرض التجريد القسري للسلاح. يشير نص الخطة إلى تجريد حماس كلياً من سلاحها من دون بيان أدوات التنفيذ، وهو ما يضع القضية بين خيارين إشكاليين وفقاً لذات الموقع: الانخراط في مواجهة مباشرة خارج تفويض أممي صريح، أو تفويض الجيش الإسرائيلي باستكمال المهمة بما يُبقي السيطرة الفعلية له رغم وجود القوة الدولية. ويشير التقرير إلى وجود نزوع عند الولايات المتحدة لتسريع الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية دون استكمال شروط التصميم المؤسسي الضابط للعلاقة بين مجلس السلام والقوة الدولية والقوى المحلية.

يذهب علي سعادة في مادته المنشورة في السبيل لوصف المقاربة المطروحة بأنها ملغّمة، حيث تعيد تعريف القضية الفلسطينية كملف إنساني إداري مقرون باشتراط إصلاح السلطة الفلسطينية، بينما تُبقي نزع السلاح هدفاً محورياً لاحقاً، ما يُنتج تتابعاً وظيفياً يهمش السياسي الوطني لمصلحة أولوية أمنية تُدار فوقياً. وتدلل القراءة بطابعها النقدي على أنّ تحويل دور القوة الدولية من المراقبة إلى التنفيذ يجعلها أداة لإعادة هندسة المشهد الأمني والاجتماعي داخل القطاع، ويؤسس لمدخل وصائي يفتقر إلى التمثيل المحلي ويُضعف القابلية المجتمعية للقبول والامتثال. وتبرز الإشارة إلى أنّ اشتراطات إصلاح السلطة واستبعاد دورها المباشر في إدارة غزة ضمن الصيغة المطروحة يزيد فجوة الشرعية، ويكرّس تلازماً بين نزع الطابع السياسي للتمثيل الفلسطيني وبين توسعة التفويض الأمني.

القوة الدولية ومهام الإنفاذ

تحذر آراء من أنّ فرض قوة دولية بصيغة فوقية مع استبعاد المشاركة الفلسطينية يفتح باب الوصاية، ويقوّض المشروعية المحلية، وهو ما يتجلى في رفض واسع لفكرة قوات دولية تدير الأمن داخل القطاع، والدعوة إلى قصر أي دور دولي على الرقابة، وضمانات وقف النار وإعادة الإعمار ضمن سقف زمني محدد، وتحت مرجعية الحكومة الفلسطينية. ويذهب تحليل آخر منشور في موقع العربي إلى أنّ مسودة المشروع الأميركي تمنح القوة مهامّ تنفيذية بما فيها نزع السلاح، ما يعني عملياً تفويضاً قسرياً يخترق أعراف القانون الدولي عبر مجلس السلام بوصفه سلطة انتقالية غير مقيدة برقابة المجلس. ويؤكد رصد مآلات التطبيق أن تعدد المرجعيات المسلحة والتوازي بين أجهزة شرطية محلية وقوى دولية وأذرع فصائلية ومجموعات محلية موالية للاحتلال يشكّل وصفة للفشل، إذا لم تُضبط آليات التنسيق والانسحاب الإسرائيلي الكامل.

تُظهر المواقف التركية والمصرية تحفظات على نص نزع السلاح وصيغة التفويض، إذ تُحذر مصادر من إجبار القوة على تنفيذ التجريد بالقوة، فيما تفضّل القاهرة مقاربة التخلص المنظّم من الأسلحة، وتربط أنقرة مشاركتها بتفويض أممي محدد وتوسيع إشراف الأمم المتحدة على المهمة. ويبرز في السياق ذاته رفض إسرائيلي لنشر قوات تركية في غزة، ما يشكك من القدرة على بناء تحالف مشاركين قادرين على تحمل كلفة التفويض الموسَّع. ويؤكد موقع رصد أن القوة المقترحة تشبه نموذج هايتي من حيث التفويض غير الخاضع لإشراف الأمين العام، وهو ما يرسّخ اتجاهاً لإدارة أمنية متعددة الجنسيات خارج منظومة الحوكمة الأممية التقليدية.

تُبرز المعطيات القائمة تعقيد الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية بسبب غموض الخطط التنفيذية وغياب الجدول الزمني، وهو ما يظهر في تعثر إنشاء مقر غزة الدولي وافتقاره إلى مهام محددة وإجراءات عملية، بما يؤكد أن البناء التنظيمي للآليات التنفيذية لم يكتمل بعد. ويضاعف استمرار العمليات الإسرائيلية داخل الشريط العازل، وتعاملها مع مناطق شرق الخط الأصفر كأرض محروقة، من صعوبة تمكين القوة الدولية المحتملة من أداء وظيفة تثبيت التهدئة، ويحوّل الخطوط المؤقتة إلى آلية ضغط تفاوضي تُطيل المرحلة الأولى وتحوّلها إلى وضع انتقالي مفتوح. وتؤشر المعطيات وفقاً لصحيفة العربي على أن رفح تُطرح كمنطقة اختبار للقوة متعددة الجنسيات، بما يعكس توجهاً لتجريب نماذج انتشار انتقائي قبل تحصيل إطار تفويض ناضج ومقبول محلياً ودولياً.

يترافق وفقاً للآراء المطروحة غموض الإطار المرحلي مع السعي لتوسيع للتفويض الأمني للقوة الدولية المطروحة من مراقبة التهدئة إلى إنفاذ نزع السلاح، وهو ما قد يولّد تناقضاً معياريّاً مع الأعراف الدولية وأسس عمل الأمم المتحدة، ويخلق بيئة تنفيذية متنازعة المرجعيات ومليئة بمخاطر الاحتكاك والوصاية وفقدان الشرعية المحلية. بالتالي فإن ربط تفويض القوة بمهام تدمير البنى العسكرية ونزع سلاح الفصائل عنوةً، أو السماح به، يزيد عزوف الدول المرشحة للمشاركة، ويقوّض فرص نجاح الخطة بوصفها مساراً لإنهاء الحرب لا إعادة إنتاجها بصيغ أمنية محدثة.

نزع سلاح المقاومة

تُدرج مسودة خطة ترامب نزع سلاح حماس ضمن ترتيبات اليوم التالي كجزء جوهري من التفويض الدولي المقترح، مع استبعاد دور سياسي للحركة وتشكيل شرطة فلسطينية مدرَّبة وقوة استقرار مؤقتة مساندة لها. ويُشير عبدالوهاب بدرخان إلى أنّ الصلاحيات المفترضة لقوة الاستقرار تجعلها قوة إنفاذ منخرطة مباشرة في نزع السلاح، بينما يكلّف المشروع الأميركي القوة بتدمير البنية التحتية العسكرية ونزع سلاح الفصائل بالقوة إن لزم الأمر. ويكشف نقاشٌ آخر عن ثغرات تنفيذية جوهرية تتعلق بالجهة المخوّلة بنزع السلاح وآلياته وما إذا كان ذلك سيتطلب مواجهة مسلحة مع حماس، وهو غموض يثير أسئلة حول حدود تفويض القوة وجدواه.

يأتي ذلك في ظل خطاب مقاوم باعتبار السلاح حقاً ثابتاً وخطاً أحمر غير قابل للتفاوض قبل قيام دولة قادرة، مع التأكيد على لزوم رفض أي مجلس وصاية أو قوة تسعى إلى نزع السلاح بالقوة. ويذهب علي سعادة في مادته المنشورة في السبيل إلى حصر أي قوة دولية بدور مراقبة على غرار اليونيفيل ورفض أي تفويض لنزع السلاح أو إدارة الأمن، تفادياً لتغول وصاية خارجية على القرار الفلسطيني. وتدين قراءة في العربي الجديد ربط الإعمار وفتح المعابر بشروط سياسية وأمنية من بينها نزع السلاح، معتبرة أن ذلك يُحوّل حقوقاً إنسانية إلى امتيازات مشروطة تُستخدم رافعة ضغط تفاوضي.

وتُظهر المقاربة الإسرائيلية تمسكاً بنزع سلاح حماس ضمن مبادئ إنهاء الحرب، وضمن هندسة صفقة شاملة توظّف التفاوض لإدامة العمليات العسكرية وإخضاع البنود الإنسانية للشروط الأمنية. ويقرأ محللون سلوك نتنياهو كمسعى للقفز إلى ملف سحب السلاح خلال المرحلة الأولى دون دفع أثمان الانسحاب اللاحقة، عبر تصعيد متقطع يفرض وقائع أمنية جديدة. ويحذر آخرون من انتقال المعركة بعد إعلان نهاية الحرب إلى طور خنق المقاومة واغتيالها وتشويهها، بما يجعل نزع السلاح معركة سياسية وأمنية ممتدة تتجاوز ساحة القتال المباشر بوتيرته السابقة.

تُفيد شبكة رصد بأنّ مسودة القرار قد تُدخل الدول المشاركة في دوامة نزع السلاح بالقوة، ما قد يدفع أنقرة إلى تفضيل مهام مراقبة وإعمار والابتعاد عن مواجهة مباشرة. وتظهر القاهرة موقفاً براغماتياً يفضّل تفاهماً منظماً على تسليم الأسلحة الثقيلة مع رفض القيام بالمهمة التي عجزت إسرائيل عن إنجازها، أو الانخراط في صدام مع الحركة. ويسجّل خبراء شكوكاً في قدرة التشكيلات المقترحة على فرض نزع حقيقي، مستشهدين بتجربة اليونيفيل التي لم تحدّ من تسلح حزب الله، ما يضعف رهانات فرض النزع عبر قوة متعددة الجنسيات.

وتبرز صحيفة العربي غموضاً إضافياً في الخطة بين دور قوة الاستقرار ودور الشرطة الفلسطينية في التنفيذ، بما يخلق فجوة عملية قد تُفضي إلى تكريس اشتباكات تفويضية وتدخل الاحتلال بشكل مباشر. ويشترِط رأي آخر الإسهام في الإعمار والأمن كمدخل لنزع السلاح وتسليم السلطة.

تناقش صحيفة روز اليوسف مقاربة تعتبر أنّ أمن القطاع يكون من اختصاص سلطة فلسطينية شرعية، وتقبل بانتشار دولي حدودي بتفويض واضح، مع إدارة ملف السلاح وطنياً باتجاه سلطة واحدة وسلاح واحد. ويستحضر مركز دراسات الوحدة العربية تجربة الضغط الأميركي في لبنان وسورية حيث ارتبطت أجندة نزع السلاح بإضعاف السيادة وفرض وصاية تُحابي أمن إسرائيل، ما يغذّي التحفظ على استنساخ النموذج في غزة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى