معين الطاهر

ولد معين سعد الدين الطاهر في مدينة نابلس عام 1952، لأسرة فلسطينية لاجئة، تعود أصولها إلى مدينة يافا المحتلة (لها أصول نابلسية أيضًا)، وهو متزوج وله ولد وثلاث بنات. درس المرحلة الأساسية في مدرسة الشهيد صلاح مصطفى في الإسكندرية في مصر، وفي مدارس الكويت في دولة الكويت، ودرس المرحلة الثانوية في مدرسة عمرو بن العاص في نابلس، ومدرسة الشونة الشمالية في الأغوار الأردنية، وحصل على الثانوية العامة عام 1969، ونال درجة البكالوريوس في الاقتصاد والإدارة من جامعة بيروت العربية في لبنان عام 1975، ودرجة الماجستير في الفلسفة من الجامعة الأردنية في عمَّان عام 1992.

 انخرط الطاهر في العمل الوطني في مرحلة مبكرة من حياته، حيث شارك في المظاهرات التي اندلعت في الضفة الغربية عام 1966 في أعقاب هجوم الاحتلال على السموع، وكان أثناء حرب عام 1967 ضمن متطوعي الدفاع المدني في مدينة نابلس، وعايش سقوط المدينة بيد الاحتلال، والتحق بحركة فتح عام 1967، وشارك في البحث عن السلاح المتبقي وراء الجيش الأردني المنسحب من الضفة، وفي تجنيد عناصر جديدة للحركة، ونشط في صفوف الحركة في مدينة إربد الأردنية، وأصبح مسؤول التنظيم الطلابي لفتح فيها، وشارك في تشييع شهداء معركة الكرامة، وكان من مؤسسي اتحاد طلبة الضفتين، وعمل مدرِّبًا في معسكرات الأشبال في مخيمي إربد والحصن، وانضم لـ “مليشيا فتح” أثناء أحداث أيلول الأسود بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني عام 1970، وكان نائبًا لقائد قوات المليشيا في إربد في تلك الحقبة من بين عدة نواب.

تفرَّغ للعمل التنظيمي في فتح منذ عام 1971، وأصبح مسؤولًا عن إحدى شُعب تنظيمها الطلابي في مدينة بيروت، وعضوًا في المكتب الطلابي لفتح في لبنان، وشارك في تنفيذ الفعاليات الوطنية بالشراكة مع التنظيمات الوطنية اللبنانية، بما فيها سلسلة المظاهرات التي اندلعت في بيروت بهدف الضغط على المسؤولين لتحقيق مطالب وطنية واجتماعية، وكان ضمن المجموعات الطلابية التي أوكل لها حراسة منطقة جامعة بيروت العربية، وشارك في تأسيس السرية الطلابية عام 1973، والتي تحولت إلى الكتيبة الطلابية، وكانت عبارة عن كتيبة عسكرية لها امتداد تنظيمي في الجامعات اللبنانية، وعمل مفوضًا سياسيًا للكلية العسكرية لفتح في حموريا قرب دمشق بين عامي (1975-1976).  

تأثر بالفكر اليساري، وعارض فكرة الحل المرحلي التي تبنته م. ت. ف عام 1974، وعارض أيضًا الانخراط في الحرب الأهلية في لبنان، واهتم بالرباط في جنوب لبنان، ومقاومة الاحتلال الصهيوني، وسعى مع رفاقه في السلاح إلى تعميم قيم ثورية أخلاقية بين صفوف المقاتلين، مما كان لها أثر إيجابي في احتضان أهل الجنوب للمقاومين.

كان قائدًا للقوات اللبنانية الفلسطينية المشتركة في قاطع بنت جبيل- مارون الراس عام 1978، وشارك في صد قوات سعد حداد في هذا القطاع، وفي التصدي لاجتياح قوات الاحتلال لجنوب لبنان عام 1978، وفي نقل السلاح والكوادر للمقاومة في الضفة الغربية، وفي صد هجوم الاحتلال على قلعة شقيف عام 1981، وقد عمل مع رفاقه حين تسلمه لقاطع النبطية – قلعة الشقيف على تحصين القلعة، الأمر الذي ساهم في صمودها لفترة طويلة رغم تعرضها لقصف مستمر من جيش الاحتلال.

 أصبح عضوًا في المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وعمل في قيادة كتيبة الجرمق التي كان لها دور في التصدي لجيش الاحتلال أثناء اجتياح لبنان عام 1982، وأصيب برصاص الاحتلال قبيل معركة شقيف الشهيرة، وتم نقله لبيروت لتلقي العلاج هناك، وبعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت، توجه لليونان لاستكمال العلاج.

عاد الطاهر لمواصلة العمل المقاوم مع الكتيبة الطلابية في البقاع اللبناني عام 1983، والتي كانت شرعت في تنفيذ سلسلة عمليات مسلحة استهدفت من خلالها الاحتلال وخطوط إمداده في البقاع والجنوب، وقاتل في معركة تحرير الجبل، وحوصر في منطقة الهرمل من قبل الجيش السوري، وشارك في معارك طرابلس بين حركة فتح وحركة التوحيد الإسلامي من جهة، وعدد من الفصائل الفلسطينية المدعومة من النظام السوري من جهة أخرى، وغادر لبنان بعد إصابته مجددًا، وتوجه للجزائر، ثم إلى فرنسا وتونس، إلى أن استقر في العاصمة الأردنية عمّان.

واصل الطاهر العمل مع حركة فتح، وكان عضوًا في لجنة دعم الانتفاضة خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وعمل أيضًا في القطاع الغربي، وهو جهاز تابع لفتح مختص بالعمل المقاوم داخل الضفة وغزة، وانخرط في المبادرات الشعبية الخاصة بتحصين الجبهة الداخلية في الأردن، ودعم الانتفاضة، ورفض العدوان الأمريكي على العراق أثناء حرب الخليج الثانية (1990-1991)، بالاشتراك مع بعض الشخصيات الثقافية والوطنية مثل وليد سيف وأحمد نوفل وغيرهما.

 وكان الطاهر عضوًا في المجلس الثوري لحركة فتح بين عامي (1989-2009)، ثمَّ انقطعت صلته التنظيمية بالحركة، وشارك في تأسيس الهيئة الوطنية للحفاظ على الثوابت الفلسطينية عام 2010، ومقرها مدينة دمشق مع منير شفيق، ومحمد أبو ميزر، وبلال الحسن، ونافذ أبو حسنة، وعزمي بشارة، وأنيس القاسم، وآخرين، ولكن اندلاع أحداث الأزمة السورية حال دون إتمام عمل الهيئة، وأصبح عضوًا في الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج عام 2017، وعضوًا في لجنة المتابعة في المؤتمر الوطني الفلسطيني عام 2024، وهو “حراك شعبي يستهدف الحوار مع كل الأطراف الفلسطينية والفصائل والتجمّعات والجاليات والنقابات، وإيجاد وسائل ضغط سلمية شعبية للضغط على هذه الأطراف لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإعادة بناء منظمة التحرير، وبناء قيادة موحدة”.

عمل الطاهر منسقًا لمشروع ” ذاكرة فلسطين” التابع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (مقره الدوحة) بين عامي (2016-2025)، وهو مشروع لبحث وتوثيق القضية الفلسطينية، حيث  أشرف على تأسيس أرشيف يحوي قرابة المليون وثيقة، منها عدد كبير من الأوراق الشخصية لفلسطينيين انخرطوا في الشأن العام في مراحل مختلفة من تاريخ القضية الفلسطينية، وأعداد المجلات والصحف الفلسطينية، سيما تلك الصادرة عن منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية، وسجلات المحاكم الشرعية، ووثائق عربية وأخرى صهيونية وأجنبية وغيرها، وعمل مع فريق متخصص على رقمنة الأرشيف، ورفعه على موقع “ذاكرة فلسطين” الإلكتروني، بالإضافة إلى عمله على الموسوعة العربية، كما شارك الطاهر في تأسيس فرع المركز العربي في عمان.

وقد صدر عن المركز بفعل هذا الأرشيف وغيره قرابة ستة وعشرين كتابًا، منها عدد من المذكرات المهمة لشخصيات شاركت في الحركة الوطنية الفلسطينية.

يكتب الطاهر المقالة السياسية التحليلية في الصحف العربية، سيما صحيفة العربي الجديد، ويشارك في ندوات ومؤتمرات أكاديمية تعنى بالقضية الفلسطينية وتطوراتها، ويُستضاف في الفضائيات لتحليل الأحداث السياسية والميدانية الخاصة بفلسطين وقضيتها، وقد نشر عددًا من الدراسات ومقالات الرأي المطولة في مجلات فلسطينية وعربية ومواقع الكترونية متخصصة، وصدر له عدد من الكتب منها: حوار مع معين الطاهر؛ الكتيبة الطلابية: تأملات في التجربة (2015)، وشخصيات جدلية في الفكر العربي والفلسفة الإسلامية: البسطامي، السهروردي، الطهطاوي، سيد قطب (2015)، وتبغ وزيتون: حكايات وصور من زمن مقاوم (2017)، ويوميات عدنان أبو عودة 1970 – 1988 (إعداد، 2017)، ويوميات أكرم زعيتر سنوات الأزمة (1967 – 1970) (إعداد مشترك، 2019)، ويوميات أكرم زعيتر آمال الوحدة وآلام الانقسام (1949-1965) (جزآن، إعداد مشترك، 2021)، ومسارات صعبة الحركة الوطنية الفلسطينية في سيرة صلاح خلف (أبو إياد) (1933-1971)، (إعداد مشترك، 2025).

اظهر المزيد

مركز رؤية للتنمية السياسية

يسعى المركز أن يكون مرجعية مختصة في قضايا التنمية السياسية وصناعة القرار، ومساهماً في تعزيز قيم الديمقراطية والوسطية. 11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى