أنس الشريف

وُلد أنس جمال محمود الشريف في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة غزة في الثالث من كانون الأول/ديسمبر عام 1996، لأسرة فلسطينية لاجئة من مدينة المجدل المهجَّرة في قطاع غزة المحتل، وهو متزوج وله ولد وبنت. درس المرحلة الأساسية في مدارس وكالة وغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والثانوية في المدارس الحكومية، وحصل على الثانوية العامة عام 2014، ونال درجة البكالوريوس في الصحافة (قسم الإذاعة والتلفزيون) من جامعة الأقصى عام 2018. تطوع في “شبكة الشمال الإعلامية” المحلية، وهي منصة فلسطينية تعمل على تغطية أخبار شمال القطاع، وأسهم خلالها في إنتاج تقارير ميدانية قبل أن ينتقل للعمل في مؤسسات إعلامية أخرى، حتى أصبح مراسلًا ميدانيًا لقناة الجزيرة في شمال قطاع غزة منذ نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2023، واستمر في العمل طوال عشرين شهرًا من حرب الإبادة التي بدأ الاحتلال بشنها على قطاع غزة في تشرين أول/ أكتوبر عام 2023.
أعد الشريف تقارير يومية عن المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين في القطاع، وقد كان أول من نقل للعالم مجزرة الطحين الشهيرة التي استهدف الاحتلال فيها مدنيين كانوا ينتظرون المساعدات غرب غزة في نهاية شباط/ فبراير عام 2024، كما نقل للعالم طبيعة الأوضاع الاجتماعية والصحية الصعبة التي يعيشها أهل شمال القطاع في ظل الحرب، ووثَّق القصف العشوائي، وتدمير البيوت، ونسف المربعات السكنية، وحصار المستشفيات وقصفها واقتحامها، ووثق أيضًا سياسات التجويع التي طبقها الاحتلال شمال القطاع، وكشف عن آثارها المدمرة على الفلسطينيين خصوصًا الأطفال وكبار السن، وأصرَّ على البقاء في الشمال رغم المخاطر الشديدة، ورفض عروضًا مستمرة بالسفر بصحبة عائلته، ونظرًا لخطورة عمله الصحفي فقد كتب وصيته قبل أشهر من اغتياله.
عُرف الشريف بقدرته على الوصول إلى أماكن محاصرة أو معزولة عن التغطية الإعلامية، مما جعل تقاريره وبثه المباشر مصدرًا مهمًا للعديد من المؤسسات الإعلامية الدولية في متابعة الوضع في غزة، وأصبح مثالًا على المراسل الميداني الذي يعمل في بيئات شديدة الخطورة محافظًا على مهنية العمل الصحفي.
حصد الشريف عدة جوائز منها جائزة أفضل صحفي شاب في فلسطين عام 2018، وجائزة “مدافع حقوق الإنسان” من منظمة العفو الدولية – أستراليا تقديرًا لعمله في توثيق الانتهاكات في غزة عام 2024، كما كان ضمن الفريق الفوتوغرافي لوكالة رويترز الفائز بجائزة بوليتزر Pulitzer Prize للتصوير الإخباري العاجل لعام 2024 عن تغطية الحرب في غزة.
عانى الشريف من الاحتلال، حيث عاش طفلًا أحداثًا كبرى وحروبًا طاحنة، منها أحداث انتفاضة الأقصى بين عامي (2000-2005)، وحروب الاحتلال على القطاع منذ أواخر عام 2008، وقد أُصيب بشظية عيار ناري في البطن خلال تغطيته مسيرة نظمت شرق تلة أبو صفية شمال شرقي جباليا في الثالث والعشرين من أيلول/ سبتمبر عام 2018، وتعرض لتهديدات مباشرة من جيش الاحتلال، شملت اتصالات هاتفية ورسائل عبر تطبيق واتساب ومذكرات صوتية تطالبه بمغادرة المنطقة بعد شهر فقط من بداية حرب الإبادة على القطاع عام 2023، كما واجه حملة تشهير علنية عبر منصات التواصل الاجتماعي، وقصف الاحتلال منزل عائلته في جباليا، ما أدى إلى استشهاد والده وتدمير المنزل بالكامل وذلك في الحادي عشر من كانون الأول/ديسمبر 2024، وفقد عددًا من زملائه الصحفيين نتيجة لاستهداف الاحتلال لهم. اضطر إلى النزوح بعيدًا عن أسرته وطفليه لكنَّه استمر في العمل الميداني.
سُجلت له مشاهد بارزة؛ ففي كانون الثاني/يناير 2025، وأثناء إعلان وقف إطلاق النار المؤقت، خلع خوذته وستره الواقية على الهواء مباشرة، وقال: “الآن، أستطيع أخيرًا أن أخلع هذه الخوذة التي أتعبتني طوال هذه الفترة… وهذه السترة التي صارت جزءًا من جسدي طوال هذا الوقت”، واحتفل به الحاضرون برفعه على الأكتاف. وفي تموز/يوليو 2025، بكى على الهواء أثناء بث مباشر يوثق مشاهد الجوع في غزة، بعدما شاهد امرأة تسقط أرضًا من شدة الجوع، فسمع صوت أحد زملائه خلف الكاميرا يقول: “أكمل يا أنس، أنت صوتنا”.
استمر الشريف في عمله الميداني رغم المخاطر المتزايدة، وواصل نقل صور وشهادات من أكثر المناطق خطورة في شمال القطاع، في ظل منع دخول الصحفيين الدوليين إلى غزة، إلى أن استهدفه الاحتلال في غارة جوية بشكل مباشر أثناء وجوده في خيمة الصحفيين قرب مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاده مع مراسل الجزيرة محمد قريقع والمصورين محمد نوفل وإبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، إضافة إلى طفل كان في المكان، وذلك في العاشر من آب/أغسطس 2025، وأعلن الاحتلال أن الغارة كانت تستهدفه شخصيًا، في حين رفضت فضائية الجزيرة ومنظمات حقوقية هذه التبريرات ووصفتها بجريمة حرب ضد الصحافة.