عمر فروانة

وُلد عمر صالح عمر فروانة في حيّ الصبرة في مدينة غزة في السابع من شباط/ فبراير عام 1956، وهو متزوج وله أربعة أولاد وأربع بنات. درس المرحلة الأساسية في مدرستي الإمام الشافعي والزيتون، ودرس المرحلة الثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية، وحصل منها على الثانوية العامة في الفرع العلمي، ونال درجة البكالوريوس في الطب من كلية الطب في جامعة القاهرة عام 1982، وتخصص في علم وظائف الأعضاء (الفيزيولوجيا Physiology) من جامعة ليدز University of Leeds في بريطانيا عام 1982، وكان أول طبيب من غزة ينال شهادة الدكتوراه في الطب من جامعة ليدز. أجرى دراسات إضافية حول أمراض العقم والذكورة في جامعة غرب استراليا University of Western Australia. ساهم في تطوير محلول طبي يحافظ على وظيفة الكلى أثناء عمليات الزراعة، ويقلل الحاجة إلى الغسيل الكلوي ويحسن نسب نجاح العمليات، واعتُمد لاحقاً في مستشفى سانت جيمس الجامعي St James’s University Hospital في ليدز. درَّس في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، وعُيِّن عميدًا لكلية الطب فيها، وافتتح عيادته الخاصة في مدينة غزة وهي متخصصة في علاج العقم والضعف الجنسي حيث عالج حالات معقدة من داخل القطاع وخارجه.
انتمى فروانة للحركة الإسلامية في شبابه المبكر، وشارك في تنفيذ فعالياتها الدعوية الاجتماعية والتربوية والثقافية، والتفت إلى الهم الوطني أيضًا، وانخرط في الفعاليات الوطنية أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وتولّى إدارة الشؤون الصحية للمبعدين أثناء إبعاده إلى مرج الزهور أواخر عام 1999، فأنشأ عيادة ميدانية وقدّم العلاج للمرضى رغم شحّ الموارد، ونجح في تأمين الأدوية والمستلزمات الطبية بالتعاون مع منظمات إنسانية، كما عالج حالات عقم معقدة لنساء سوريات ولبنانيات، وأثبت تميزه الطبي في أقسى الظروف، واستمر في نشاطه الدعوي والتربوي، وشارك في التوجيه والإرشاد داخل المساجد والبيوت، وكان له دور في نشر الوعي الإسلامي.
ساهم بعد عودته من مرج الزهور في افتتاح العديد من المؤسسات الطبية الهامة في مجال الرعاية الصحية في غزة، الأمر الذي حسَّن من الواقع الصحي في القطاع، فأسّس عيادة أصدقاء الصبرة، وأعاد تفعيل مشروع بنك الدم الإسلامي، وشارك في تأسيس مستشفى الخدمة العامة، وكان عضوًا في مجلس إدارة جمعية أصدقاء المريض الخيرية وأول طبيب يعمل فيها، وفتح عيادته الخاصة للفقراء مجانًا.
أسهم فروانة في تطوير المناهج والمرافق الأكاديمية في الجامعة الإسلامية، وكان محاضرًا مرجعيًا على مستوى فلسطين، وعضوًا في هيئات تحكيم علمية دولية، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وترك مساهمات علمية مهمة تتعلق بـ:
- تطوير برمجية حاسوبية لقياس صلاحية الكلى بعد تعرضها لنقص التروية، كجزء من تجاربه المخبرية الدقيقة التي اعتمدت على نماذج حيوانية وتحاليل كيميائية متقدمة.
- تجارب ودراسات تطبيقية في مجال علاج العقم والضعف الجنسي.
- المشاركة في حملة مكافحة القوارض في غزة بالتعاون مع بلدية المدينة، والتي اعتمدت على دراسة علمية لتأثير السموم المتأخرة المفعول وأدت إلى تحسين البيئة الصحية في عدد من الأحياء كالصبرة والزيتون.
- أبحاث منشورة حول تأثير الحصار على النظام الصحي في غزة، قدّم بعضها في مؤتمرات علمية دولية، وقد نشر كتابًا بعنوان “سيناريو الحياة: رحلة علمية عبر الإنسانية والكون”، قدّم فيه تأملات تجمع بين الإيمان والعلم، ليكون الكتاب بمثابة وصيته الفكرية الأخيرة، التي جسّدت مسيرته كرجل علم ورسالة.
عانى فروانة من الاحتلال، فقد لاحقه، وتعرض للاستجواب من قبل مخابراته عدة مرات، ومُنع من العمل في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا”، واعتقله الاحتلال وأبعده إلى مرج الزهور في جنوب لبنان مع مئات القيادات والكوادر السياسية والعلمية والتربوية والدعوية، واستمر في التضييق عليه، إلى أن اغتاله بعد أيام من اندلاع حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، حيث استهدف منزله في حيّ تل الهوى غرب مدينة غزة بغارة جوية في الخامس عشر من تشرين أول/ أكتوبر عام 2023، أدت إلى ارتقائه وزوجته وأربعة عشر فردًا من أبنائه وأحفاده.