ترجمات: “أراد المستوطنون الاستيطان في لبنان، وفشلوا. في غزة من الممكن أن ينجحوا!”

أشر كاوفمان: أستاذ التاريخ ودراسات السلام في جامعة نوتر دام في الولايات المتحدة الأميركية، وله عدة كتب ودراسات حول تاريخ المنطقة وسياساتها، وفيما يتعلق بلبنان.

سيحا مكوميت: موقع إسرائيلي يساري معارض لسياسات الاحتلال في الأراضي المحتلة عام 1967، وسياسات التمييز العنصري في أراضي عام 1948 تجاه الفلسطينيين.

تاريخ النشر:15 يناير/كانون الثاني 2024.

ترجمة: كريم قرط.

تقديم

نشر هذا المقال في موقع سيحا مكوميت، اليساري الإسرائيلي المعارض لسياسات الاحتلال الذي يصفه نشطاء اليمين الإسرائيلي بأنه يساري متطرف، في أوائل عام 2024 بالتزامن مع تصاعد احتمالات الحرب مع لبنان وتصاعد دعوات اليمين، لا سيما من تيار الصهيونية الدينية، إلى إعادة الاستيطان في قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه. تلك الدعوات التي تُوّجت لاحقًا بعقد المستوطنين مؤتمرًا في القدس المحتلة، شارك فيه قرابة 30 وزيرًا وعضو كنيست، يدعو علانية إلى تهجير الفلسطينيين والاستيطان في قطاع غزة. وقد حاول كاتب المقال أن يسلط الضوء على قضية حساسة جدًا وهي قوة التيار الصهيوني الديني المتنامية في المجتمع، والسياسة الإسرائيلية التي تجعل من قدرتهم على فرض أجنداتهم السياسية والاستيطانية أمرًا محتملًا جدًا.

ففي العام 1982، آمن المستوطنون بوجوب احتلال جنوب لبنان والاستيطان فيه، وتهجير أهله كتحصيل حاصل، ولكن كانت أمامهم عوائق كثيرة، في مقدمتها هامشيتهم ومحدودية قوتهم في المشهد السياسي الإسرائيلي. على خلاف الواقع اليوم الذي بات للمستوطنين وتيار الصهيونية الدينية فيه قاعدة جماهيرية مؤثرة، وبنية مؤسسية، وأحزاب سياسية، وأعضاء في الكنيست، ووزراء في حكومة الاحتلال، وكتلة حرجة في الائتلافات الحكومية اليمينية أصبحت هي بيضة القبان في تشكيل الائتلافات واستمرارها. وأمام ذلك فإن دعوات المستوطنين لتهجير الفلسطينيين والاستيطان في غزة من الممكن أن تتحول إلى مشروع حقيقي، لا سيما وأن الصهيونية الدينية من أمامهم تغذُّ الخطا نحو فرض أمر واقع للوصول إلى مرحلة حسم الصراع، أي التهجير والضم.

من المهم قراءة تطورات الأمور في قطاع غزة، والضفة الغربية أيضًا، ضمن هذا الإطار، فما يسمى بخطة الجنرالات، وتدمير كل أثر حياة في قطاع غزة هي عوامل ممهدة لتهجير الفلسطينيين، الذي يسميه قادة المستوطنين زورًا “هجرة طوعية”. ولذلك ارتأينا ترجمة هذا المقال لأهميته في توضيح نوازع المستوطنين الفكرية، وأهدافهم الاستيطانية، وإمكانية تحققها في ظل تنامي قوتهم وتأثيرهم السياسي.

يتشابه النقاش الاستيطاني حول الاستيطان في غزة والأهمية الكونية[1] للحرب ضد حماس، إلى حد مثير للعجب، مع النقاش الاستيطاني خلال حرب لبنان الأولى عام 1982. ولكن حينذاك كان المستوطنون قوة سياسية هامشية، أما اليوم فهم أحد أقوى الفاعلين في الدولة.

مر أكثر من 40 سنة على حرب لبنان الأولى،[2] والنقاش الإيماني- الاستيطاني حول تلك الحرب يذكرنا، بطريقة غير معتادة، بالنقاش الدائر حول الحرب الحالية في غزة.

تتأسس المناداة والتبرير لاحتلال قطاع غزة، وتهجير سكانه الفلسطينيين، على ادّعائين لاهوتيين – يهوديين أساسيين. الأول، يطالب بضم قطاع غزة للسيادة الإسرائيلية بناءً على تصور إقليمي-لاهوتي يرى في قطاع غزة جزءًا لا يتجزأ من حدود أرض إسرائيل، ولذلك تنطبق عليه فريضة احتلاله واستيطانه.

أما الادعاء الثاني، فيرى في الحرب صراعًا قيميًا بالدرجة الأولى ضد قوى الشر، وله تبعات عالمية. وعليه تصور الحرب لا على أنها صراع لهزيمة حماس و/أو الفلسطينيين، وإنما لتمثل منارة قيمية للعالم كله.

 سأل الراب أوري شرقي[3] جنود الاحتلال، قبل برهة من دخولهم إلى قطاع غزة: “السؤال هو لماذا نحارب؟” وأضاف مجيبًا: “يمكن أن نقول إننا نحارب لأننا نريد الدفاع عن أنفسنا، حتى لا يقتلوناـ وهذا بالمناسبة أمر جيد… ولكن نحن اليوم أمام وضع مختلف تمامًا. نحن لا نواجه العدو فقط، وإنما نواجه الشر. لقد نمت لدى أعدائنا ثقافة كاملة، ثقافة القتل والوحشية. إن العالم كله ينظر إلى دولة إسرائيل، ويسأل نفسه: هل أتت دولة إسرائيل لتدافع عن نفسها فقط؟ أم أنها يجب أن تمثل منارة قيمية للعالم؟”

وأردف الراب شرقي: “عندما نذهب لقتال أعدائنا الوحشيين، علينا أن نذهب بوعي كهذا. الوعي بأننا ذاهبون لتحقيق غاية قيمية. والعالم كله يتوقع منا شيئًا ما. ولذلك علينا أن نفهم أننا ذاهبون لنحارب لنجلب مزيدًا من الخير للعالم، وليس فقط حتى لا يضايقونا لعشرين سنة قادمة أو لإضعاف قدرات حماس… عندما نحارب اليوم، فإننا نكتب التاريخ. ليس فقط تاريخ دولة إسرائيل، وإنما تاريخ حرب الخير مع الشر”.

وفي ذات الخطاب، أضاف الراب شرقي أنه “يأمل أن يتمكن أولاده وأحفاده من اللعب ذات يوم في حديقة ألعاب فيما كان يقال له ذات مرة غزة”.

لقد كانت ادعاءات لاهوتية مماثلة تشكل أساس دعم قادة المستوطنين غير المحدود لحرب لبنان الأولى، على الأقل في مراحلها الأولى، من يونيو/حزيران 1982 وحتى بداية عام 1983. في جريدة “نكوداه”[4] (نقطة)، لسان حال المستوطنين، تطور نقاش نشط حول مسألة انطباق فريضة احتلال أرض إسرائيل واستيطانها على جنوب لبنان أم لا، التي شملت (حسب الميثولوجيا اليهودية) الأراضي المخصصة لسبطي آشر ونفتالي.[5] فقد نادى قسم غير قليل من قادة المستوطنين، من حنان بورات[6] وحتى الراب يسرائيل أريئيل، بإقامة مستوطنات في جنوب لبنان؛ لأن المنطقة تقع ضمن حدود أرض إسرائيل، وتحل عليها فريضة احتلال الأرض واستيطانها.

ومثل أقوال الراب شرقي، التي قالها قبل الدخول إلى غزة، صوّرت قيادة المستوطنين الحرب حينذاك كصراع بين الخير المطلق والشر المطلق. فقد رأى الراب أليعازر فلدمان[7] أن الحرب هي مقدمة تحقيق الغاية الكونية لدولة إسرائيل في مسار الخلاص، واضطلاعها بمسؤولياتها لخلق نظام عالمي جديد. والهدف، حسب ما كتب فلدمان، ليس فقط إعادة ترتيب الأوضاع في لبنان أو حماية الجليل.

نحن “قلب الإنسانية”، ووظيفة إسرائيل هي “تنظيم العالم … تنظيم في العلاقة بين الإنسان والمكان، وتنظيم العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان، وتنظيم في الأمم، وتنظيم في البلاد، من سيصنع النظام في العالم؟ أولئك الذين يخضعون للشر؟ القوى العظمى، التي هي نفسها مليئة بالشر، أو خاضعة للشر؟ إن شعب إسرائيل هو الوحيد في العالم المؤهل لصنع النظام”.

لقد أثارت مذبحة صبرا وشاتيلا احتجاجًا واسعًا في إسرائيل ضد الحكومة، غير أن قيادة “غوش إيمونيم”[8]، التي أسست قبل سنوات معدودة من ذلك الحين، تجندت خلف مناحيم بيغن وحكومته. فبعد قرابة أسبوع من “مظاهرة الـ 400 ألف”[9] في تل أبيب ضد المجزرة، أصدرت الحركة بيانًا نشر تحت عنوان “يشار كوح” (بمعنى عوفيتم)، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 1982. وقد ورد في البيان أن “غوش إيمونيم” ترى في حرب “سلام الجليل” (الاسم الرسمي لحرب لبنان الأولى) فريضة، وعملًا عظيمًا تتجلى فيه قداسة الله، يندمج في مسار أفعال إسرائيل”.

حسب البيان، حققت الحرب أربعة إنجازات عظيمة: تحرير الجليل من تهديد القذائف، وعمليات القتل، واستعادة الكرامة، والسلام والأمن في هذه البقعة من البلاد، واستعادة مناطق سبطي آشر ونفتالي لحدود إسرائيل، وكسر النظام السوري القوي، واستئصال ذراع شر إرهاب منظمة التحرير الفلسطينية”.

كما ورد في البيان أن وظيفة إسرائيل لا تقتصر على تأمين “السلام الآن في الجليل”. “فغايتها ومسؤوليتها أن تعمل بقدرة طاقتها على استئصال أسس الشر من العالم كله”، ولذلك يجب أن يبارك أولئك الذين ينفذون العمل ويقال لهم “عوفيتم عافية كثيرة” و”قويتم وشُدّ من أزركم”.

ما يعني، أنه في الوقت الذي رأى فيه مئات آلاف الإسرائيليين مجزرة صبرا وشاتيلا أزمة أخلاقية، فإن قيادة غوش إيمونيم باركت الحكومة على توسيع حدود إسرائيل، وعلى وظيفتها القيمية الكونية التي أخذتها على عاتقها في استئصال الشر من العالم كله.

قادت المناداة بإقامة مستوطنات في جنوب لبنان إلى نقاش صاخب في مجالس المستوطنين. فقد دعا الراب يسرائيل أرئيل،[10] الذي كان الراب لمستوطنة ياميت[11] (في سيناء) وأقام عام 1984، معهد بيت همكداش (الهيكل)؛ لاستيطان يهودي مباشر في جنوب لبنان. فقد كتب في جريدة “نكودا” في أغسطس/آب 1982 “عقب الجيش في لبنان، يجب أن تأتي المستوطنات”. وقد روى أنه قد أجرى محادثات في هذا الموضوع مع قادة غوش إيمونيم وحزب تحياه[12]، الذي أقيم قبل سنوات معدودة من ذلك الحين في إطار جهود معارضة اتفاق السلام مع مصر، وتفكيك المستوطنات في سيناء، وقد سمع منهم “قلقًا” حول الطريقة التي سيتعامل بها الرأي العام مع هذا الأمر.

كتب أرئيل: “لقد قالوا لي إذا مكث الجيش (الاحتلال) هناك (في جنوب لبنان) سنة على الأقل، سنستطيع البدء في التحدث عن الاستيطان، إن الناس ما زالوا مصدومين بعد ياميت. خسارة. في رأيي، هذا هو الاختبار الحقيقي لنا، علينا أن نستوطن في هذه المنطقة مباشرة، لقد وُهِبْنا هذه المنطقة كعزاء لنا بعد أن فقدنا الجنوب. والله بمنته وهبنا أرضًا جديدة حتى نستطيع التمسك بها…عقب الاستيطان ستحدث نهضة في الشعب. هكذا يجب أن نفعل في لبنان، علينا أن نستوطن هناك”.

غير أن الحكومة، برئاسة بيغن، عارضت هذه الفكرة، وأعلنت أنه لا توجد لإسرائيل أية مطامع في أراضي لبنان. وفي نهاية الأمر،أدركت قيادة المستوطنين أيضًا حدود قوتها. فهذا حنان بورات، على سبيل المثال، الذي رأى حرب لبنان الأولى على أنها حرب لتحرير أراضي آشر ونفتالي، أوضح أنه حاليًا لا يوجد استعداد سياسي لإقامة استيطان في جنوب لبنان، وأن الشعب في إسرائيل غير ناضج لذلك بعد.

أما الراب يؤال بن نون،[13] الذي آمن بأن جنوب لبنان هو جزء من حدود أرض إسرائيل، اعترف أيضًا بمحدودية قوتهم. وقد كتب في جريدة نكوداه في يناير/كانون الثاني 1983: “إن الفكرة القائلة بأن الوقت غير ملائم لتوسيع أرض إسرائيل إلى لبنان؛ ليست تنازلًا وإنما تأجيل، وأسبابها كثيرة: فليس لدينا وعي قومي بهذا الموضوع، ولأن القيادة أعلنت عن نية واضحة بعدم الاحتلال، إضافة إلى أن الشعب فقد قدرته على تحمل معاناة الحروب، وهذا الأمر من المحتمل أن يحبط ما قد أنجزناه سابقًا”.

كما هو معلوم، لم تبن مستوطنات في جنوب لبنان، ولكن إسرائيل بقيت هناك 18 سنة دامية، حتى انسحابها عام 2000. عام 1982 عاش في المناطق المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة 21 ألف مستوطن، ومجلس يشع[14] كان عمره لا يتجاوز العامين، وكانت حركة الاستيطان قد بدأت لتوها في مراكمة قوتها السياسية. أما في 2023 فحركة المستوطنين هي واحدة من مراكز القوة الحاسمة في الدولة، وممثلوها يشاركون في صناعة القرار في مؤسسات الدولة وتقرير السياسات.

صحيح أن المستوطنين ليسوا تكتلًا واحدًا، ولكن التيار الإيماني – الحردلي[15] هو الذي يفرض نفسه متحدثًا باسم جميع المستوطنين. من الصعب تصور ما كان سيحدث في جنوب لبنان عام 1982 لو كانت قوة المستوطنين كما هي عليه اليوم. ولكن خطابهم حينها، عندما كانت قوتهم السياسية محدودة، وخطابهم حاليًا، وهم يحظون بقوة سياسية بالغة، يعلمنا أن هدفهم بقي كما هو. وأن الفرق اليوم لدى التيار الإيماني الحردلي هو أن لديهم قدرة على المحاولة، وتقرير حقائق على الأرض في قطاع غزة، وهي التي لم تكن لديهم حتى عام 1982.[16]

أما التصور الإيماني الاستيطاني، الذي يرى في الحرب في لبنان عام 1982، والحرب الحالية في غزة منارة للعدالة في العالم؛ فإن الفجوة بينه وبين الواقع الذي تجلس فيه إسرائيل على مقعد المتهمين في محكمة العدل الدولية في لاهاي، لا يمكن تصورها.


[1]   المقصود بالكونية هو علاقة الحدث بالخطة الإلهية للكون من منظور يهودي صهيوني.

[2] درجت تسمية الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 بـ”حرب لبنان الأولى”، مع أن اسمها الرسمي إسرائيليًا عملية سلام الجليل.

[3] من حاخامات الصهيونية الدينية، وأحد تلامذة الراب تسفي يهودا كوك ابن الراب أبراهام يتسحاق كوك، الذي يعتبر هو وابنه من مؤسسي تيار الصهيونية الدينية، ومنظريها المؤمنين بفكرة “أرض إسرائيل الكاملة”.

[4] نكوداه هي مجلة شهرية بدأت بالصدور منذ عام 1980 من مستوطنة عوفرا (شمال رام الله) بمبادرة من حركة أمناه الاستيطانية التابعة لغوش إيمونيم، واستمرت بالصدور حتى عام 2010، إذ أغلقت ودمجت في جريدة مكور ريشون (المصدر الأول) الأسبوعية، ذات التوجهات اليمنية والدينية القومية. وكانت نكودا تعبر عن لسان حال مستوطني الضفة الغربية والتيار الاستيطاني الديني عمومًا.

[5]  هما أحد أسباط بني إسرائيل الاثني عشر، الذين هم أبناء يعقوب حسب الروايات الدينية. وتذهب الرواية الكتابية إلى أن جزءًا من منطقة بلاد الشام، تمتد على أراضٍ من فلسطين والأردن وسورية ولبنان حسب التقسيم السياسي الحالي، قسمت بين هؤلاء الأسباط، وكانت قسمة سبطي نفتالي وآشر تقع في منطقة جنوب لبنان كلها، وهذا حسب السرديات الكتابية.

[6]  حاخام من أوائل المستوطنين في الضفة الغربية الذين عادوا لإقامة مستوطنة كفار عتسيون بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، وهي مستوطنة كانت مقامة قبل عام 1948 ومن المستوطنات المعدودة التي حررت خلال حرب النكبة عام 1948. وهو أيضًا من مؤسسي حركة غوش إيمونيم الاستيطانية ورموزها، ومؤسس حزب تحياه، الذي أسس عقب اتفاق السلام بين مصر ودولة الاحتلال، احتجاجًا على إخلاء مستوطنات سيناء، وأصبح عضو كنيست عن الحزب.

[7]  هو حاخام أحد تلامذة الراب تسفي يهودا كوك في يشيفات مركاز هراب، وأحد نشطاء حركة بني عكيفا وهي حركة عالمية للشبان الصهيونيين المتدينين، وهو أيضًا من مؤسسي غوش إيمونيم وحزب تحياه وأحد أعضاء الكنيست عنه سابقًا، ومن معارضي اتفاق أوسلو عام 1993.

[8] هي حركة استيطانية أسست عام 1974 على أيدي تلامذة الراب تسفي يهودا كوك من خريجي يشيفات مركاز هراب، ورفعت شعار الاستيطان في أرض إسرائيل الكاملة بما يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء، وكان له دور بارز في إقامة العشرات من المستوطنات في الضفة الغربية تحديدًا.

[9]  هو اسم أطلق على مظاهرة ضخمة دعت لها حركة السلام الآن الإسرائيلية في25 سبتمبر/أيلول 1928، عقب مجزرة صبرا وشاتيلا، وحضرها عدد من الشخصيات السياسية الإسرائيلية، من حزب العمل بشكل أساسي والمعارضة، مثل شمعون بيرس ويتسحاق رابين. ودعت المظاهرة لتشكيل لجنة تحقيق في المجزرة واستقالة الحكومة، وتحديدًا رئيسها مناحيم بيغن ووزير الحرب حينها أرئيل شارون، والانسحاب من لبنان. وقد اشتهرت المظاهرة بهذا الاسم إعلاميًا نسبة لعدد المشاركين فيها حسب ما المتداول حينها، غير أن العدد الحقيقي هو أقل من ذلك وهناك ترجيحات أنه كان 200 ألف.

[10]  هو حاخام تولى رئاسة عدد من اليشيفوت في عدد من المستوطنات، وعمل أيضًا حاخامًا عسكريًا في القيادة الشمالية لجيش الاحتلال خلال حرب عام 1973، وفي شبابه كان أحد الجنود الذين احتلوا القدس والمسجد الأقصى خلال حرب عام 1967. والأهم في تاريخه هو تأسيسه لمعهد الهيكل (مخون همكداش بالعبرية) عام 1987 بناء على رؤيته أن الصراع ليس على أطراف “أرض إسرائيل” مثل سيناء، وإنما على قلبها، أي المسجد الأقصى (بالعبرية هار هَبيت). ويعمل هذا المعهد على إعادة بناء الهيكل المزعوم والتحضير لذلك هندسيًا ودينيًا، مثل بناء مجسم لمحاكاة الهيكل.

[11] هي مركز تكتل استيطاني، يحمل ذات الاسم، بني بداية من عام 1975 في شبه جزيرة سيناء بين رفح والعريش، وبعد توقيع اتفافية كامب ديفيد مع مصر أخليت المستوطنة وهدمت عام 1982.

[12] هو حزب إسرائيلي يميني أسسه عام 1979 عدد من أعضاء حزب الليكود المستقيلين برفقة نشطاء يمينيين آخرين، احتجاجًا على توقيع اتفاق كامب ديفيد مع مصر، والتنازل عن سيناء، والحديث عن منح حكم ذاتي للفلسطينيين ضمن الاتفاق. وقد تفكك الحزب عام 1992 بعد عدم قدرته على تجاوز نسبة الحسم في انتخابات الكنيست حينها.

[13] هو أحد حاخامات الصهيونية الدينية، وأحد تلامذة الراب الراب تسفي يهودا كوك في يشيفات مركاز هراب، وكان أيضًا من جنود الاحتلال الذين احتلوا القدس والمسجد الأقصى في حرب عام 1967. وهو من مؤسسي حركة غوش إيمونيم، وعقد الاجتماع التأسيس لها في بيته في مستوطنة ألون شفوت، بين بيت لحم والخليل، وهو أيضًا من النواة الاستيطانية التي أقامت مستوطنة عوفرا، شمال رام الله.

[14]  هو مجلس المستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة وقطاع غزة، حسب التسمية الرسمية لها، حيث تسمى الضفة الغربية في المصطلحات الإسرائيلية التهويدية يهودا ( جنوب الضفة) والسامرة (شمال الضفة). ويعرف اختصارًا بـ “يشع” وهي الأحرف الأولى بالعبرية من المناطق المشار إليها، وقد تأسس عام 1980 لتعزيز المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية وقطاع غزة سابقًا، والترويج لشرعية الاستيطان في الخارج، وهو يضم كل رؤساء المستوطنات والمجالس الاستيطانية في الضفة الغربية وممثلي المستوطنين فيها.

[15] الحردلية هي كلمة مكونة من اختصار لكلمتين وهي حريدي وليؤمي، والأولى تعني اليهودي الأرثذوكسي، أو بالمفاهيم الإسلامية السلفي، وأما ليؤمي فهي تعني قومي، والدمج بينهما أنتج كلمة حرديلي. وتمثل تيارًا يدمج بين التدين والقومية الصهيونية، نما وتطور بفضل أفكار الحاخام تسفي يهودا كوك ووالده الحاخام أبراهام يتسحاق كوك. ويرى أن الصهيونية ليست هي خلاص اليهود في العالم، وإنما هي طريق الخلاص وأداته التي يسخرها الإله للوصول نحو الخلاص الذي يتجلى باتحاد “شعب إسرائيل مع أرض إسرائيل مع توراة إسرائيل”، بمعنى أن اليهود يعيشون في خضم مرحلة الخلاص التي يساهمون في الوصول إليها من خلال الصهيونية و”دولة إسرائيل” كأدوات. وقد كان هذا الطرح ثوريًا داخل التيار الحريدي وتعزز مع حرب عام 1967، التي رأى فيها المنادون بهذا التصور نصرًا إلهيًا، ودليلًا على صوابية رؤيتهم، وأسهم في تعززه أيضًا تراجع حزب العمل، وصعود الليكود، والانزياح نحو اليمين في المجتمع الإسرائيلي. ويعبر عن هذا التوجه حاليًا تيار الصهيونية الدينية.

[16] الجدير بالذكر، أن قوة المستوطنين السياسية لم تكن العائق الوحيد أمامهم للسير في مشروع الاستيطان في جنوب لبنان، ففي تلك الحقبة من الزمن (فترة الثمانينيات) كان مشروع المستوطنين يركز بشكل أساسي على الضفة الغربية باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من أرض إسرائيل، خاصة بعد أن أخليت ياميت في سيناء. ولذلك حدثت طفرة في تلك السنوات في بناء المستوطنات بقيادة حركة غوش إيمونيم، وقد أسهمت تلك الجهود في إحداث تحول عميق في جغرافية الاستيطان وآلياته في الضفة الغربية حينها، من ناحية التحول عن إرث حزب العمل فيما سمي المستوطنات الأمنية التي كانت تبنى على التخوم، خاصة في منطقة الأغوار، وتتجنب المناطق السكانية الفلسطينية الكثيفة، إذ أخذ المستوطنون ببناء مستوطنات في قلب المناطق الفلسطينية، وبالقرب منها مثل عوفرا وكدوميم وألون موريه. إضافة إلى السيطرة على مئات آلاف الدونمات من أراضي الفلسطيني تحت ذريعة تصنيفها كأراضي دولة، وهو ما أعطى دفعة قوية للاستيطان، وفعليًا تعد حقبة الثمانينيات الحقبة الذهبية للمشروع الاستيطاني التي أسست لتطوره وتوسعه المستمر لاحقًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى