سامي العريان
ولد سامي أمين العريان في الكويت في الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير عام 1958، لعائلة فلسطينية لاجئة، تعود أصولها إلى مدينة يافا المحتلة، وهو متزوج وله ولدان وثلاث بنات. درس المرحلة الأساسية في مدرسة الجميل في الكويت وفي مدارس القاهرة، ودرس المرحلة الثانوية في مدارس القاهرة، وحصل على الثانوية العامة عام 1974، ونال درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية من جامعة ألينوي Southern Illinois University في الولايات المتحدة عام 1978، ودرجة الماجستير في هندسة الاتصالات من جامعة كارولينا الشمالية North Carolina State University في الولايات المتحدة عام 1980، ودرجة الدكتوراه في هندسة الحاسوب من الجامعة نفسها عام 1985.
عمل أستاذا مساعدا في جامعة جنوب فلوريدا University of South Florida في الولايات المتحدة منذ عام 1986، وترقى في المناصب الأكاديمية حتى أصبح أستاذا مشاركا، وشارك في تأسيس مركز دراسات العالم والإسلام (WISE) ومقره في ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة، حيث نفَّذ المركز عددا من الفعاليات الثقافية والفكرية والأكاديمية، منها إصدار مجلة قراءات سياسية، ثمَّ أنشأ مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية (CIGA) في إسطنبول، وأداره منذ عام 2017، وأصبح أستاذا للشؤون العامة في جامعة صباح الدين زعيم في تركيا.
انتمى العريان إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1978 وظل عضوا فيها حتى عام 1983، وشارك في فعالياتها في الولايات المتحدة، بما فيها إنشاء بعض المؤسسات كالاتحاد الإسلامي لفلسطين في أمريكا الشمالية، كما أنشأ لاحقا لجنة فلسطين الإسلامية عام 1988، والأكاديمية الإسلامية في فلوريدا عام 1992.
زار العريان فلسطين عدة مرات كان آخرها عام 1983، وبدأ في وقت مبكر بالدعوة إلى جعل القضية الفلسطينية قضية مركزية في الحركة الإسلامية والأمة، في المقابل تطوع في خدمة الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة، وشارك في فعاليات من أجل الحقوق المدنية للأمريكيين المسلمين وزيادة الوعي بالقضية الفلسطينية، ودعا إلى دعم المقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال، وانتقد مسار التسوية، وشارك في تأسيس تحالف خليج تامبا للسلام والعدالة Tampa Bay Coalition for Justice and Peace، وترأس التحالف الوطني لحماية الحريات السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية ((1997-2002 National Coalition to Protect Political Freedoms (NCPPF) والذي كان يضم أكثر من 25 منظمة في أمريكا، حيث ركَّز هذا التحالف على قضايا تَهُم المسلمين في الولايات المتحدة مثل استخدام الأدلة السرية في قانون مكافحة “الإرهاب”، وعقوبة الإعدام الفعال، وإصلاح الهجرة غير الشرعية والمهاجرين، وساعدت المؤسسة التي كان يرأسها في فلوريدا في إعادة توطين خمسين عائلة بوسنية فرَّت من حرب الصرب على البوسنة والهرسك، ونظَّم حملة للتبرع بالدم تضامنا مع ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
كان العريان ناشطا سياسيا؛ حيث قابل مئات من أعضاء الكونغرس، وزار البيت الأبيض أربع مرات بين عامي (1999-2001)، والتقى بوش الإبن، ودعم حملته الانتخابية بعد شجب الأخير استخدام الأدلة السرية كشكل من أشكال التنميط العنصري ضد العرب الأمريكيين، كما عارض بشدة الحرب على العراق وما أطلق عليه بالحرب الكونية ضد الإرهاب. وقد تم اختياره من قبل مجلة “نيوزويك” كأول “ناشط حقوق مدني” في الولايات المتحدة، تقديرا لجهوده في التصدي لاستخدام الأدلة السرية في محاكم الهجرة وذلك عام 2001.
صدر للعريان عدد من الدراسات والأبحاث والمقالات تتعلق بعدة قضايا منها القضية الفلسطينية، والصراع الدولي واستراتيجية الولايات المتحدة في العالم، والواقع الإقليمي، وحاضر الإسلام ومستقبله، وظاهرة الربيع العربي والإسلاموفوبيا والحرب الكونية ضد الإرهاب، وترجم العديد منها إلى عدة لغات. كما أن له مجموعة شعرية تتناول قضايا الروحانية وفلسطين وحقوق الإنسان صدرت عام 2004، وصدر له كتاب بعنوان كشف النقاب عن الصحوة العربية: فهم التحولات والثورات في الشرق الأوسط (2013)، تحت اسم مستعار بينما كان تحت الإقامة الجبرية في الولايات المتحدة. وقد حاز على العديد من الجوائز الأكاديمية والبحثية.
يرى العريان بأن القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية والمحورية للحركة الإسلامية وللأمة بشكل عام، ويصف النكبة كواحدة من أكبر الكوارث التي شهدها التاريخ، إذ تمّ انتزاع 60% من الشعب الفلسطيني من أرضهم وتشتتهم خارج الوطن في غضون أشهر قليلة، ويدعو إلى فهم طبيعة المشروع الصهيوني، إذ إنَه ليس كما يعتقد البعض، مشروعا يهدف إلى سرقة الأرض الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني أو السيطرة على دولة أو دولتين، وإنَّما مشروع لفرض الهيمنة على المنطقة كلها، ويعتقد أنَّه لن يتم مواجهته والانتصار عليه بالفلسطيني وحده، أو بدون الفلسطيني، والمقاومة الفلسطينية لا تستطيع أن تحرر فلسطين أو تفكك هذا المشروع وحدها، وبالتالي مطلوب منها أن تبق على الصراع قائما، ولكن هنالك حاجة لأن يعطى الدور لبقية طاقات الأمة.
يعتقد أن أهم ما قام به الاحتلال على المستوى الاستراتيجي هو إخراج مصر من دائرة الصراع من خلال معاهدة كامب ديفيد عام 1978، ويرى أن اعتراف الرئيس الراحل ياسر عرفات بشرعية سيطرة الكيان الصهيوني على 78 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية عبر توقيع اتفاقية أوسلو كان “أكبر سقطة”، وأن جوهر اتفاقية أوسلو كان اعتراف الفلسطيني وهو الضحية بشرعية الكيان الصهيوني، والتنازل عن حقوقه الأساسية خصوصا في الأرض والمقدسات وحق العودة، مقابل اعترف الكيان الصهيوني فقط بتمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني، ويؤكد على أن إنشاء منظمة التحرير جاء بقرار عربي بهدف تحرير فلسطين من النهر إلى البحر وعدم الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، لكن هذا النهج تغير بعد حرب عام 1973، عندما أخذت المنظمة بالاتجاه نحو التسوية السياسية، وأقرت برنامج النقاط العشر عام 1974، حيث أدى الاعتراف بالاحتلال إلى فقدان القيادة الفلسطينية فهمها لجوهر الحركة الصهيونية ومشروعها في المنطقة.
بدأت المنظمة بعدها تتجه نحو تسوية سياسية للقضية، إلّا أن هذا الاعتراف قد جاء على مراحل أدى إلى تجاهل القيادة الفلسطينية أو فقدان فهمها لجوهر الحركة الصهيونية ومشروعها في المنطقة، حيث يرفض الكيان الصهيوني وجود شعب فلسطين أو من يمثله، مما شكل بداية السقوط منذ عام 1974. يعرّف العريان الحركة الصهيونية والكيان الإسرائيلي الذي تمخض عنها بكونها حركة استعمارية احلالية اقتلاعية عدوانية استعلائية عنصرية تهدف الى احتلال الأرض واقتلاع الشعب واحلال شعوب يهودية في فلسطين مكان الشعب الفلسطيني، وبالتالي هو يعرّف الصهيوني بأنه أي شخص يقر أو يؤمن أو يعترف بأي حق سيادي لليهود في فلسطين بغض النظر عن المعتقد أو الأصل؛ فالصهيوني لديه يمكن أن يكون يهودياً أو مسيحياً أو مسلماً أو بوذياً أو هندوسياً أو ملحداً أو غير ذلك. كما يقول العريان أن جوهر الصراع في فلسطين من جانب العرب والمسلمين ليس صراعاً دينياً وإن هو رد للاعتداء ولأن الإسلام يعترف باليهودية ولا يلغيها أو ينفيها، ولكنه يقول أيضاً أن للدين والمعتقد دوراً كبيراً ورائداً وأساسياً في الاستنفار والحشد والمقاومة وصد الاعتداء والجهاد لاستعادة الحقوق والمقدسات.
فيما يتعلق برؤيته لمسقبل القضية الفلسطينية فيرى العريان أنه للأسف الشديد ليس هناك إدراك لطبيعة المشروع الصهيوني، ولذلك ما زالت السلطة الفلسطينية متمسكة بنفس النهج الفاشل والخاسر، والمشكلة عند الطرف الإسلامي الآخر أيضا هي في عدم إدراك طبيعة ومحددات المشروع الصهيوني، ولذلك يظن الكثيرون منهم أن الصراع سيحسم من خلال مراكمة القوة العسكرية وحدها، وأن الفلسطيني وحده قادر على أن يتجاوز أو يهزم المشروع الصهيوني. كما يشير العريان إلى أن أهم ما قام به الاحتلال على المستوى الإستراتيجي طيلة فترة الصراع العربي- الاسرائيلي هو في إخراج مصر تقريبا من دائرة الصراع من خلال معاهدة كامب ديفيد عام 1978. كما يقول العريان في دراسة له أن المشروع الصهيوني هو ليس فقط مشروعا لسرقة الأرض وطرد الشعب، ولكنه أكبر من ذلك، فهو مشروع فرض الهيمنة على المنطقة كلها وليس مشروع لإنشاء دولة أو اثنتين. وبالتالي فإن الهدف الاستراتيجي الأعظم لديه يجب أن يكون في تفكيك المشروع والكيان الصهيوني وليس في انشاء دولة أو دولتين. فالمعادلة عنده أنه لا يمكن تفكيك المشروع الصهيوني وتحقيق التحرر من الهيمنة الاسرائيلية من غير الفلسطيني، ولا يمكن تحقيقه بالفلسطيني وحده. أما فيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية فيرى العريان أنها لا تستطيع أن تحرر فلسطين أو تفكك هذا المشروع وحدها، وبالتالي فالمطلوب منها أن تبقي على هذا الصراع قائماً ومستمراً، كما أن هناك حاجة لأن يكون هناك دوراً مركزياً لتفجير طاقات الأمة، وبالتالي نحن محتاجون لهذه الحركة أن توجد في كل منطقة جغرافية.
يجادل العريان أن في رؤيته هذه سيتم انقاذ الدين اليهودي من براثن الصهيونية والتي تريد ان تعيد تعريف دين سماوي وتجعله عنوانا للاعتداء والاقصاء والعنصرية والقتل والتشريد.كما أن في رؤيته للتفكيك يقول العريان ان هناك مهمتين رئيستين لا بد من العمل عليهما. الأولى هي في دعم صمود الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفي الشتات لتستمر المقاومة والتصدي ضد الاحتلال والهيمنة. أما المهمة الثانية فهي الاشتباك المستمر ضد المشروع الصهيوني على كافة الساحات والجغرافيات والأصعدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً واعلامياً وتجاريا ًوقانونياً وحقوقياً وفنياً ورياضياً وميدانياً وغير ذلك. وفي دراسة له قام العريان بتحديد اثنا عشر محدداً تمثل نقاط قوة المشروع الصهيوني واستمراره وتمدده والتي يقول أنه لا بد من التعامل والاشتباك معها لاضعاف هذا الكيان واستنزافه ومن ثم تفكيكه. هذا التدافع يستدعي انشاء حركة تضامن عالمية تسعى الى الاشتباك مع الحركة الصهيونية ومن يناصرها من قوى الاستعمار والاستغلال والظلم والقهر والاستعباد ليصبح هذا النضال هو العنوان والرمز والبوصلة والمسطرة والميزان نحو تحقيق العدل والحرية والاستقلال والنهضة.
عانى العريان في حياته؛ إذ داهمت الشرطة الفيدرالية في الولايات المتحدة منزله وفتشته عام 1995، وصادرت كشوفا مصرفية تعود إلى عام 1984، وتصاريح السفر، وفواتير الهاتف، وخرائط السفر، وأشرطة الفيديو العائلية، والأشرطة الصوتية، وأقراص الكمبيوتر، وأغلقت مركز دراسات العالم والإسلام عام 1995، وتم اتهامه بالعضوية في حركة الجهاد الإسلامي وتمويلها، ثمَّ وضعته جامعة جنوب فلوريدا في إجازة إدارية مدفوعة الأجر بين عامي (1996- 1998)، ثم قررت إعادته إلى منصبه، ثمَّ وضعته مرة أخرى في إجازة إدارية مدفوعة الأجر عام 2001، وحظرت عليه دخول ممتلكات جامعة جنوب فلوريدا، واعتقل في العشرين من شباط/ فبراير عام 2003، مع سميح حمودة أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، حيث تشاركا الزنزانة نفسها لمدة عشرين شهرا، وحكمت عليه محكمة أمريكية عام 2006 بالسجن سبعة وخمسين شهرا، وخاض إضرابا عن الطعام لمدة اثنين وستين يوما احتجاجا على الحكم، وسُجن لمدة ثلاثة عشر شهرا بتهمة ازدراء المحكمة لعدم الإدلاء بشهادته، واحتُجز رهن الإقامة الجبرية بين عامي (2008-2014)، وبذلك يكون قد أمضى أحد عشر عاما ما بين السجن والحبس المنزلي إلى أن تم ترحيله إلى تركيا بمبادرة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الرابع من شباط/ فبراير عام 2015.