عبد الرحيم الحاج محمد
(1892-1939)
ولد عبد الرحيم محمد الحاج محمد في قرية ذنَّابة في محافظة طولكرم، وهو متزوج وله أربعة أولاد. درس في كُتَّاب القرية، ثمَّ في المدرسة الحكومية، والتحق بمدرسة عسكرية في بيروت وأخرى في طرابلس أثناء الحكم العثماني. عمل مع والده في الزراعة والتجارة، وخدم في الجيش التركي في بيروت وطرابلس الشام عام 1912، واستقر في قريته بعد الحرب العالمية الأولى، وعمل في تجارة الحبوب منذ عشرينيات القرن العشرين.
بدأ مشواره في مقاومة الاحتلال في فترة مبكرة من عمره، حيث شنَّ هجمات على منشآت اقتصادية تابعة للصهاينة بما فيها بعض المزارع، وعمل على جمع المال لشراء السلاح وتدريب الشباب على استخدامه. كان قائدا عسكريا في الثورة الفلسطينية الكبرى بين عامي (1936-1939) طوال خمسة وثلاثين شهرا، وعمل مع فوزي القاوقجي حتى خروج الأخير من فلسطين في تشرين أول عام 1936، وكان حينها قائدا لفصيل في وادي الشعير. خطَّط ونفَّذ عددا من الهجمات على المواقع البريطانية والصهيونية، وخاض عددا من المعارك ضد الجيش البريطاني منها معركة جبل السيد في ذنابة، ومعركة المنطار الأولى (لية بلعا) شرقي نور شمس، ومعركة بيت أمرين، ومعركة نور شمس الأولى والثانية عام 1936، ومعركة المنطار الثالثة (لية بلعا) عام 1938، وأصبح أحد أهم قادة الثورة الفلسطينية الكبرى في مرحلتها الثانية التي بدأت في تشرين أول عام 1937، وعُيِّن قائدا عاما لها منذ ربيع 1938.
أقام الحاج محمد جهازا إداريا واستخباراتيا لجمع المعلومات عن بريطانيا والحركة الصهيونية وعملائهم، وقد تكوَّن هذا الجهاز من عدد من أفراد البوليس العربي والموظفين الحكوميين المواليين للثورة وعدد آخر من الثوار. توجه إلى دمشق ثلاث مرات والتقى قيادة الثورة في الخارج، وشخصيات من الحركة الوطنية في سوريا ولبنان. اعتاد إصدار البيانات حول مستجدات الثورة باسمه، وكان يضع توصيفا لنفسه قبل توقيع البيان بـ “المجاهد الصغير” ويردفها أحيانا بعبارة “خادم دينه ووطنه”، وقد كان تحت إمرته عدد من الفصائل وصلت إلى اثني عشر فصيلا عام 1938 ضمت في صفوفها مئات من المقاتلين، وكان يعمل معه عدد من المثقفين الفلسطينيين منهم عبد الرحيم محمود وممدوح السخن.
عُرف بموقفه الحازم تجاه العملاء وسماسرة الأراضي ووقف ضد فصائل السلام التي شكَّلتها بريطانية لتكون جسما فلسطينيا عسكريا مُناوئا للثورة، وقد اتهمه البعض بقضية الاغتيالات التي طالت عددا من المعارضة الفلسطينية التي وقفت ضد زعامة الحاج أمين الحسيني للحركة الوطنية، وقد أدت هذه الاغتيالات إلى إحداث صدع داخلي في صفوف الفلسطينيين وألَّبت البعض على الثورة.
عُرف بخلافه مع عارف عبد الرازق أحد قادة الثورة في حينه، وقد سوِّي الخلاف في مؤتمر عام للمصالحة عقد في قرية دير غسانة وحضره عبد الرازق والحاج محمد وقادة الفصائل في أيلول عام 1938، وقد استهدف البريطانيون المجتمعين، وجرت معركة بينهما.
عانى الحاج محمد في مسيرته الثورية؛ إذ هدمت القوات البريطانية بيته عام 1936 وفي عام 1938، ولاحقته، وفتَّشت بيته عدة مرات، وحقَّقت مع أهله، وقدَّمت مكافأة لمن يدلي بمعلومات حول مكان وجوده، وجُرح في معركة النزلة الشرقية عام 1937، وحاصرته القوات البريطانية في محيط قرية صانور جنوب جنين، واغتالته بعد معركة حامية في أواخر آذار/ مارس عام 1939.