شؤون إسرائيلية

زيارة ”بايدن“ إلى المنطقة.. قراءة ”إسرائيلية“ في الدلالات والمخرجات

 د. عدنان أبو عامر

  • المقدمة:

جاءت زيارة الرئيس الأمريكي ”جو بايدن“ إلى فلسطين المحتلة في توقيت يحمل دلالات كبيرة: أمريكية و”إسرائيلية“ وعربية، على اعتبار التطورات التي تشهدها المنطقة، مما يجعل الزيارة ذات أبعاد مفصلية على مختلف الأصعدة: السياسية والعسكرية والاقتصادية، وهو ما تجلّى في أجندة زيارته المزدحمة بين دولة الاحتلال وبيت لحم والسعودية.

ليس سرّاً وصول ”بايدن“ المنطقة وهو في أدنى درجات شعبيته في الداخل الأمريكي، ويصارع البقاء للفوز في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقررة في نوفمبر، خاصة وهو يواجه بوادر احتجاجات أمريكية على ارتفاع أسعار الوقود، ومؤشرات الدخول في أزمة اقتصادية مستعصية؛ بسبب نتائج الحرب الروسية على أوكرانيا، فضلًا عن تفاقم صراعه مع موسكو وبكين اللتان تحاولان ملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي التدريجي من المنطقة.

تركز السطور التالية على جدول الأعمال الذي رافق ”بايدن“ في دولة الاحتلال من خلال جملة من القضايا المهمة، أولها دعم حكومة تسيير الأعمال برئاسة ”يائير لابيد“، وثانيها الموقف من القضية الفلسطينية، وإعلان التزامه ”الشكلي“ بحل الدولتين، وثالثها محاولته دمج دولة الاحتلال في الحلف الإقليمي، ورابعها الدفع قدماً بعجلة التطبيع مع السعودية حصراً إلى الأمام.

  • دعم  ”لابيد“:

لا يختلف اثنان في تل أبيب وواشنطن على وجود حالة من التناغم بين إدارة ”بايدن“ الديمقراطية وحكومة التغيير القائمة والتي يقودها بصورة مؤقتة ”يائير لابيد“ الذي خلف ”نفتالي بينيت“ عقب استقالته في يونيو، ولم يتبق أمامها سوى عدة أشهر في موقعها الحالي إلى حين إجراء الجولة المبكرة الخامسة من انتخابات ”الكنيسيت“ في نوفمبر، وهو ذات التاريخ الذي ستشهد فيه الولايات المتحدة إجراء الانتخابات النصفية للكونغرس، ويواجه فيها ”بايدن“ تحديات مصيرية، وسط استطلاعات تمنح خصومه الجمهوريين أولوية متقدمة.

تعيش دولة الاحتلال حالةً من الحملة الانتخابية المبكرة، توصف بأنها حامية الوطيس، وجرت العادة ألّا تشهد الدولة زيارات رسمية خشية أن تفسر بأنها دعم لأحد الأطراف المتنافسة، وجاءت زيارة ”بايدن“، الرجل الأول في العالم، لتشكل خرقاً لهذا العرف السياسي الدبلوماسي الأمريكي، ومع ذلك فقد آثر ”بايدن“ ارتكاب هذه المخالفة من أجل تقديم دعم لا تخطئه العين لمرشحه المفضل ”لابيد“ على خصمه اللدود زعيم المعارضة  ”بنيامين نتنياهو“، الذي خاض مع الرئيس الأسبق ”باراك أوباما“ علاقة عاصفة كان ”بايدن“ شاهداً عليها.

حرص ”لابيد“ في المقابل على إظهار أفضليته على سواه من المرشحين ”الإسرائيليين“، سواء من خلال الاستقبالات البروتوكولية التي تبقى عالقة في ذاكرة الناخبين ”الإسرائيليين“ وهم في طريقهم إلى صناديق الاقتراع بعد أربعة أشهر، أو توقيعه على “إعلان القدس” مع ”بايدن“ الذي تضمن تعهداً أمريكيا واضحاً بحفظ أمن دولة الاحتلال، واعتباره أولوية متقدمة على سواها من القضايا، فضلاً عن حرص ”لابيد“ على عدم إظهار أي خلاف مع ضيفه الأمريكي في مسائل مهمة كالنووي الإيراني مثلاً، وهو الذي كان مثار شدٍ وجذبٍ حقيقيين بين الإدارات الأمريكية الثلاث الأخيرة وحكومة اليمين برئاسة “نتنياهو”، وهذا التوافق بنظر ”لابيد“ يجعل الأمريكيين حريصين على دعمه وإسناده في الانتخابات القادمة، بل وأكثر من ذلك، لم يخف ”لابيد“ اعتباره لزيارة ”بايدن“ دعمًا شخصيًا له، وزيارة ذات طعم انتخابي بامتياز، وواجه هجومًا عاصفًا من قبل اليمين ”الإسرائيلي“، الذين اتهموه بالتبعية الكاملة ل ”بايدن“، وتضحيته بالمصالح الأمنية ”الإسرائيلية“ مقابل عدم إغضابه، لاسيما من خلال موافقته على منح السلطة الفلسطينية سلسلة من التسهيلات الاقتصادية المعيشية، وتخوف اليمين من انخراط ”لابيد“ بمشروع سياسي معها، رغم أنه لم يصرح بذلك، ولا ينوي فعلا الدخول معها في مثل هذا المشروع، لأنه بالأساس لا يؤمن بوجود أقدام يمشي عليها مثل هذا المشروع بسبب مواقفه اليمينية، واعتقاده أن العلاقة مع السلطة الفلسطينية لا تتجاوز الدعم المالي والتنسيق الأمني، فقط لا غير، لكنها المزاودات الحزبية ”الإسرائيلية“، وليس سواها! في الوقت ذاته، ورغم ما مثلته زيارة ”بايدن“ من دعم ل”لابيد“، لكنها لا تمنحه بوليصة تأمين للفوز في الانتخابات لأكثر من سبب، أولها أن الشارع الانتخابي ”الإسرائيلي“ آخذ بالانزياح يميناً أكثر فأكثر، وثانيها أن ”الإسرائيليين“ يعتقدون أن ”بايدن“ بحاجة لمن يساعده، لا أن يساعد الآخرين، وثالثها أن الفوز في الانتخابات القادمة حساباته ”إسرائيلية“ داخلية بحتة، دون التقليل من شأن المؤثرات الخارجية، على تواضعها.

  • القضية الفلسطينية:

لم يخف ”بايدن“ في ”إعلان القدس“ مع ”لابيد“ دعمه لحل الدولتين مع الفلسطينيين، ودعوته للدخول في مشروع مفاوضات سياسية مع السلطة الفلسطينية، وهو ديدن الإدارات الديمقراطية المتتالية منذ انطلاق مسيرة مؤتمر مدريد واتفاق أوسلو، بدءًا بالرئيس ”بيل كلينتون“، مرورًا ب”باراك أوباما“، وانتهاءً ب”جو بايدن“، وقد بذل الثلاثة جهودًا لا تخطئها العين في محاولة للدفع بحل الدولتين إلى الأمام، ولئن قطع الأول بين عامي ”1992-2000“ خطوات لا بأس بها في هذه المسألة، فإن الثاني واجه عقبات كأداء تمثلت أساسًا بوجود حكومة يمينية عنصرية يقودها ”نتنياهو“ خلال ولايتي ”أوباما“ بين عامي ”2008-2016“، حتى جاء ”بايدن“ وهو يعيش أسوأ وضع يعيشه رئيس أمريكي، ولم يمضي بعد نصف ولايته الأولى، فضلًا عن مواجهته لوضع ”إسرائيلي“ غير مستقر، وشارع ”إسرائيلي“ يميني بشقيه الديني والقومي، لم يسمح بانطلاق مسيرة سياسية مع الفلسطينيين.

حاول ”بايدن“ اليوم، ومن خلال زيارة إلى دولة الاحتلال أن يستعيض عن فشله في إقناع ”لابيد“ بالذهاب إلى مسار سياسي تفاوضي مع الفلسطينيين، من خلال تقديمه سلسلة “تسهيلات” تقدمها حكومة الاحتلال إلى السلطة الفلسطينية، ومنها زيادة 500 تصريح سفر للفلسطينيين عن طريق مطار ”بن غوريون“، و200 تصريح لزيارة مدينة إيلات المحتلة، وتوسيع ساعات عمل معابر ”برطعة والجلمة وجسر اللنبي“، والادعاء بأن الفلسطينيين في قطاع غزة سيمنحون 400 تصريح زيارة للقدس المحتلة، عقب مرورهم بالفحص الأمني، فضلاً عن دعم المشافي الفلسطينية في شرقي القدس.

اتسمت هذه الإجراءات ”الإسرائيلية“ المقدمة للسلطة الفلسطينية بالشكلية، وعلى الرغم من ذلك اعتبرتها الأخيرة بادرة إيجابية قد تدفع إلى الأمام مسيرةً سياسيةً ما، أياً كان شكلها، وبغض النظر عن جديتها، مما منح ”بايدن“ شعوراً بالرضا النسبي عن أدائه تجاه الفلسطينيين، وهو دور لا يجب أن يكون خاصاً بهم، فالإدارة الأمريكية التي سجلت إخفاقات متلاحقة تجاه القضية الفلسطينية، وانحيازاً سافراً إلى دولة الاحتلال، ما ينبغي لها أن تشعر بذلك، خاصةً تجاه الفلسطينيين، أصحاب القضية العادلة، التي واجهت إهمالاً وتهميشاً أمريكي، في محاولة لمحاباة ومجاملة الاحتلال ”الإسرائيلي“.

بدا لافتاً أن جولة ”بايدن“ إلى دولة الاحتلال التي استمرت ثلاثة أيام، وجاءت مزدحمة باللقاءات والزيارات والاجتماعات، قابلتها زيارة لرئيس السلطة الفلسطينية لم تتجاوز ساعتين اثنتين فقط، وهي مسألة بالغة الدلالات والمؤشرات السلبية، وتؤكد أنّ الموضوع الفلسطيني ليس مدرجاً على أجندة الإدارة الأمريكية؛ سواءً بسبب عدم إغضاب الاحتلال من جهة، وعجزها عن التقدم في مشروع سياسي متكامل من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة طغيان ملفات إقليمية ودولية على القضية الفلسطينية بنظر الأمريكان و”الإسرائيليين“.

  • الحلف الإقليمي:

سبقت جولة ”بايدن“ إلى المنطقة عموماً، ودولة الاحتلال خصوصاً، تسريبات ”إسرائيلية“ متلاحقة عن توجهه بدمجها في حلف إقليمي ذي طابع أمني عسكري، مع تسع دول عربية، وهي مصر والأردن والعراق بجانب دول الخليج الستة: السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وعمان، وهذا الحلف خصص أساسًا لمواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، الأمر الذي أثار كثيرًا من التساؤلات حول ماهية هذا الحلف، ومهامه العسكرية، وأجندته العملياتية.

كان يصعب على أي من المتابعين الجزم بمدى جدية مثل هذا الحلف، وليس تقديرًا سياسيًا وإنما معلومات تفصيلية، رغم وجود جملة من المعيقات التي اعترضت إنشاءه من الأساس، سواء بسبب عدم وجود علاقات سياسية بين دولة الاحتلال وعدد من الدول الوارد ذكرها أعلاه من ناحية، ومن ناحية أخرى وجود علاقات إيجابية بين عدد منها وإيران، فضلًا عن وجود مفاوضات نووية جارية تستضيفها الدوحة وفيينا، مما يستبعد فرضية تنفيذ عمل عسكري ما ضد ايران، لاسيما بمشاركة دول عربية بعينها.

خرجت معلومات متناثرة رغم ذلك تدفع باتجاه قيام شيء ما أشبه بالتعاون والتنسيق العربي ”الإسرائيلي“ في المجالات الأمنية والعسكرية، ولكن دون تشكيل الحلف، من خلال الإعلان عن زيارة مرتقبة لرئيس أركان جيش الاحتلال ”أفيف كوخافي“ إلى المغرب خلال الأيام القادمة، بجانب إبرام صفقة عسكرية بين دولة الاحتلال والبحرين، تشتري الأخيرة بموجبها طائرات بدون طيار؛ لمواجهة هجمات إيرانية متوقعة.

انتقلت هذه التقديرات السياسية إلى معلومات تفصيلية عقب وصول ”بايدن“ إلى المنطقة، واجتماعه مع زعمائها في جدة، مما كشف عن تبدد تلك التسريبات ”الإسرائيلية“، أو على الأقل، انخفاض سقفها، لاسيما وأنها تحدثت عن أن ”بايدن“ سيصطحب معه إلى هذا اللقاء مسؤولًا ”إسرائيليا“ كبيرًا، ليكون بين الزعماء العرب، بل إنها سمّتهم بأن يكون رئيس جهاز الموساد ”ديفيد بارنياع“، أو رئيس مجلس الأمن القومي ”آيال خولتا“، أو الإعلان عن دمج دولة الاحتلال في هذا التحالف الإقليمي الهادف إلى مواجهة ما يزعمه بأنها ”تهديدات“ إيران في المنطقة، لكن أياً من هذه التقديرات ”الإسرائيلية“ لم تتحقق.

تابع ”الإسرائيليون“ عن كثب خطابات الزعماء العرب والخليجيين الذين ألقوها على مسامع الضيف الأمريكي، التي ركزت على موضوعات فلسطين والنفط والاقتصاد، والحفاظ على الأمن والسلم الإقليميين بين دول الجوار في هذه المنطقة، دون الإشارة إلى موضوع الأحلاف والمعاهدات، حتى أن ”بايدن“ ذاته لم يأت على كلمة ”إسرائيل“ في خطابه، الأمر الذي حمل معه تشاؤمًا ”إسرائيليًا“ بعدم ترجمة تطلعاتها وأطماعها، على الأقل في المرحلة الحالية.

في الوقت ذاته، لا يعني هذا ألا تواصل دولة الاحتلال تنسيقاتها الأمنية مع دول المنطقة، وتبادل المعلومات الاستخبارية، رغم أنها تطلعت لما هو أكثر من ذلك، ولكن من الواضح أن ”حسابات الحقل ”الإسرائيلي“ لم تتوافق مع حسابات البيدر العربي والخليجي“، ليس بالضرورة لأسباب ذاتية تخص الجانبين، وإنما قد يكمن العامل الحقيقي في الموقف من الولايات المتحدة، حيث ترصد المحافل ”الإسرائيلية“ حالة البرود المتصاعدة في العلاقات الأمريكية الخليجية، لأسباب ليس مجال ذكرها الآن، ولذلك لم يكن متوقعاً أن تبادل دول الخليج لمنح الضيف الأمريكي هدية ثمينة تمثلت بدمج دولة الاحتلال في مثل ذلك الحلف، دون أن يقدم لها في المقابل ما تسعى للحصول عليه من واشنطن.

  • التطبيع مع السعودية:

ما زال الاحتلال يرى في التطبيع مع السعودية ”درة التاج“ حتى بعد مرور قرابة عامين على توقيع الاتفاقيات التطبيعية بين دولته وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين وما تلاهما من انضمام المغرب ثم السودان إليهما، وذلك لأسباب كثيرة ذاتية وموضوعية، على رأسها ما تحوزه المملكة من أهمية سياسية وتاريخية، والأهم دينية، مما دفع دولة الاحتلال لتفعيل كل أدوات ضغطها في الولايات المتحدة، لاسيما منذ وصول ”بايدن“ إلى السلطة؛ لإتمام ما بدأه ”ترامب“ من مسيرة ما أسماها ”الاتفاقات الابراهيمية“ مع باقي الدول العربية والخليجية.

تزامن هذا التسارع ”الإسرائيلي“ نحو التطبيع مع السعودية مع توتر سعودي أمريكي لم تخطئه العين ”الإسرائيلية“ لأسباب تخصهما فقط، دون دولة الاحتلال، الأمر الذي حال دون إخراج العلاقات الخفية الخاصة بين الرياض وتل أبيب إلى حيز العلن، حتى أن أجندة ”بايدن“ في تل أبيب مع مضيفيه ”الإسرائيليين“ تركزت على استكمال مسيرة التطبيع مع المملكة، ولكن دون جدوى، ورغمًا عن عدم إتمام التطبيع العلني الكامل بين السعودية ودولة الاحتلال، على الأقل حالياً، فإنهما أنجزا كامل الترتيبات الخاصة بنقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية بإشراف أمريكي، وتلبية مطالب الاحتلال المتعلقة بإبقائهما منزوعتي السلاح، والتزام المملكة بذات الالتزامات المصرية الواردة في معاهدة ”كامب ديفيد“، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد أعلنت المملكة سماحها للطيران ”الإسرائيلي“ بعبور أجوائها، وهذه المرة رسمياً وعلانية، ومن جهة ثالثة الموافقة السعودية الأولية على سفر حجاج فلسطينيي48 مباشرة من مطار بن غوريون إلى مطار جدة، دون المرور بالعاصمة الأردنية كما جرت العادة.

فضلًا عن كل ما تقدم، فقد أوفدت وسائل الإعلام ”الإسرائيلية“ موفديها ومراسليها إلى المملكة، وأرسلوا تقاريرهم التلفزيونية المصورة من هناك، صحيح أنهم دخلوها بجوازاتهم الأجنبية، لكنهم تحدثوا مع مسؤولي مطار جدة، والتجار، بصفتهم ”إسرائيليين“ دون أن يواجهوا مضايقة أو رفض، مما قوبل بترحيب ”إسرائيلي“ كبير باعتباره نقلة نوعية في علاقات الجانبين، وإزاحة للرفض السعودي التقليدي لوصول ”إسرائيليين“ إلى أراضيهم.

تبدي تل أبيب في الوقت ذاته تقديرها أن الرياض ما زال أمامها مشوار طويل لإتمام التطبيع العلني معها، ربما لأسباب ذاتية تخص المملكة بصورة حصرية، وسط وجود رفض داخلي لمثل هذه الخطوة التي يمكن وصفها بأنها ”قفزة في الهواء“، لاسيما بسبب الطبيعة الدينية للمملكة، وتوقع معارضة قوية من الأسرة المالكة التي لا تبدو على وفاق كامل مع ولي العهد في سياساته الداخلية والخارجية على حد سواء، فضلًا عن شعور المملكة بالإحباط من عدم القبول ”الإسرائيلي“ بمبادرتها الخاصة بتسوية الصراع مع الفلسطينيين المعلنة منذ 2002، وكلها أسباب تعني تأجيل مثل هذا التطبيع ”العلني“ إلى إشعار آخر، مع استمرار باقي الخطوات السرية والخفية بينهما، لاسيما في المجالات الأمنية والعسكرية.

  • الخاتمة:

تبدي الأوساط ”الإسرائيلية“ بعد زيارة ”بايدن“ إلى المنطقة التي قضى ثلاثة منها في دولة الاحتلال ترحيبها بنتائجها، رغم أنها لم تحقق كامل تطلعاتها، لاسيما في ملف التطبيع مع السعودية، والتوافق على وضع الخيار العسكري ضد إيران على الطاولة، ومع ذلك فقد كانت الحكومة الانتقالية ”الإسرائيلي“ بحاجة إلى هذه الزيارة؛ لاعتبارات داخلية تعينها على خوض الانتخابات المقبلة، وهي تشعر أن خلفها الإدارة الأمريكية داعمة لها.

في الوقت ذاته، يدرك ”الإسرائيليون“ أن ضيفهم الأمريكي لديه أجندة داخلية مزدحمة، وهو يواجه استحقاقًا انتخابيًا قاسيًا بعد أشهر قليلة، الأمر الذي قد لا يعني ترجمة كل ما اتفق عليه محط التنفيذ، على الأقل إلى حين اجتيازه لذلك الاستحقاق، إن تمكن من ذلك وسط تحديات كبيرة تحول دون ذلك، وكما جرت العادة فسيكون النصف الثاني من ولايته مخصصًا للانشغال بالتحضير لخوض ولاية ثانية، كما جرت العادة للرؤساء الأمريكيين، ورغم ذلك، فإن زيارة ”بايدن“ إلى دولة الاحتلال، وهي الأولى له رئيسًا، والعاشرة له خلال الخمسين عاما الماضية، تحمل دلالات أمنية وعسكرية لا تخطئها العين، تتعلق بزيادة التحالف بينهما، ومنحها مزيدًا من أسباب القوة التسلحية، والحفاظ على تفوقها النوعي أمام دول المنطقة، رغم أن ذلك لا يخفي بقاء أوجه الخلاف السائدة بينهما في القضايا الواردة أعلاه، بجانب القضية الفلسطينية التي سعى ”بايدن“ من خلالها إلى الحفاظ على مواقف الديمقراطيين الداعمة لحل الدولتين، وفي الوقت ذاته عدم إغضاب حليفه ”الإسرائيلي“.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى