فرحان السعدي

ولد فرحان أحمد إبراهيم السعدي في قرية المزار المهجَّرة قضاء جنين عام 1858. درس المرحلة الأساسية في كُتّاب قريته، وفي مدرسة جنين الابتدائية. عمل مزارعا ثم انضم لقوات “الجندرما/ الدرك” العثمانية، واستلم مسؤولية لواء الجليل فيها، وشارك مع العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، وعمل إماما في أحد مساجد مدينة بيسان، ثم صار ضابطا في الشرطة في اللواء الشمالي برتبة عريف بين عامي (1925-1929).

انخرط السعدي في الشأن العام أثناء الحكم العثماني؛ فكان من المعترضين على سياسات والي جنين حافظ باشا، وقاوم الاحتلال البريطاني في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، واستقال من منصبه في شرطة لواء الشمال عام 1929 اعتراضا على سلوك بريطانيا في فلسطين، وشكّل مجموعة من المقاومين في منطقة جنين، وأخذ بمهاجمة الإنجليز والصهاينة في أعقاب ثورة البراق عام 1929. صَحِبَ الشيخ عز الدين القسام في حيفا، وواظب على الاستماع إلى دروسه في مسجد الاستقلال، وكان ضمن مجموعاته السرية الأولى، وشاركه في زياراته للبلدات والقرى في الريف الفلسطيني داعيًا إلى الثورة على بريطانيا ومحاربة سماسرة الأراضي، وقد تمركز مع مجموعة من المقاومين في المنطقة الشمالية الشرقية من فلسطين على الحدود مع الأردن، وعمل على جمع السلاح من سوريا والأردن وتدريب عناصر المقاومة في الجبال القريبة من المزار والبعيدة عن أنظار بريطانيا وأعوانها.

نفَّذ السعدي ومجموعته عملية إطلاق نار على قافلة للصهاينة على طريق نابلس- طولكرم في الخامس عشر من نيسان/ إبريل عام 1936، وكانت هذه العملية إيذانا باندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى التي استمرت حتى عام 1939، وقد ترأَّس خلالها فصيل “عنبتا- نور شمس”، وقاد مجموعة من المعارك منها: معركة الفندُقومية في الثلاثين من حزيران/ يونيو عام 1936، ومعركة علار في الثالث من أيلول/ سبتمبر عام 1936، وتعاون مع فوزي القاوقجي أثناء الثورة، إلا أنَّه انفصل عنه، وقاد مجموعة من مئة وعشرين مجاهدا من قرى اليامون، والسيلة الحارثية، ودير أبو ضعيف، وأصبح قائدا للقساميين في الثورة منذ أيلول/ سبتمبر عام 1937.

كان ضم لجنة الإعانات التي شكلتها الثورة لجمع المال وصرفه في مصلحة الثورة ومقاوميها والمتضررين من إجراءات بريطانيا التعسفية.

عانى السعدي أثناء مسيرته النضالية؛ فقد أصدرت السلطات العثمانية قرارا بإبعاده إلى طرابلس، واعتقله الاحتلال البريطاني لثلاث سنوات أمضاها في سجني عكا ونور شمس، وطارده بعد استشهاد الشيخ عز الدين القسام، وتخلل هذه الفترة اقتحامات لبلدته ومنزل عائلته والقرى التي يتوقّع الاحتلال تواجده فيها، وجُرح في معركة عين جالود بداية الثورة الفلسطينية الكبرى، واضطر للانتقال إلى العراق في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1936، بسبب اشتداد ملاحقة الإنجليز له، ثمَّ ذهب إلى سوريا، وعاد بعدها إلى فلسطين. اعتقله الإنجليز مجددا من قرية المزار في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1937، وكان بحوزته أربعة بنادق ومسدسا ومبلغا من المال، واعتقلوا معه خمسة عشر شخصا من بينهم أحمد حسين السعدي (قضاء جنين)، وأحمد قاسم السعدي (قضاء جنين)، وحسين محمد حسين (قضاء غزة)، كما اعتقلوا فَرَسَه، واقتادوه مكبَّلا إلى سجن عكا، وعذبوه، وهدموا بيته، وبعد يومين من اعتقاله حكموا عليه بالإعدام بتهمة حيازة السلاح، وأعدموه في سجن عكا في السابع والعشرين من تشرين الثاني عام 1937، ودُفن في قرية النورس، وعلى إثر إعدامه شكَّل المقاومون مجموعة عسكرية مقاوِمَة اسموها “إخوان فرحان”، نشطت في مهاجمة مواقع البريطانيين والصهاينة في شمال فلسطين، وقد رثاه عدد من شعراء فلسطين منهم عبد الكريم الكرمي أبو سلمى، وكُتبت عنه بعض الأبحاث والدراسات.

قائمة المصادر والمراجع

  1. جرار. حسني أدهم. أعلام الجهاد في فلسطين “أحداق القضية الفلسطينية خلال ستين عامًا” 3. دار الضياء للنشر والتوزيع، عمّان، ط1، 1988.
  2. حمودة، سميح. الوعي والثورة دراسة في حياة وجهاد الشيخ عز الدين القسام 1882-1935. القدس: جمعية الدراسات العربية، 1985.
  3. “الموسوعة الفلسطينية”. القسم العام، المجلد الثالث. دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.
  4. صحف الدفاع والجامعة الإسلامية وفلسطين الصادرة بتاريخ 25 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1937.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى