عز الدين القسام
ولد محمد عز الدين عبد القادر القسام في مدينة جبلة في محافظة اللاذقية عام 1883، وهو متزوج وله ولد وثلاث بنات. درس في كُتَّاب جبلة وفي زاوية الإمام الغزالي، وحضر حلقة الشيخ البيروتي سالم طبارة، ونال شهادة الأهلية من الأزهر عام 1906، بعد أن قضى فيه عشرة سنوات. عمل في جبلة إمامًا لمسجد إبراهيم بن أدهم، وخطيبًا لمسجد المنصوري، ومعلمًا في المدرسة، ومستنطقًا في المحكمة الشرعية، ثمَّ عمل في حيفا مدرِّسًا في مدرسة البرج عام 1920، وأمامًا لمسجد الاستقلال عام 1925، ومأذونًا شرعيًا عام 1930.
برز نزوعه نحو المقاومة في شبابه المبكر؛ حيث قاد حملة لمساندة المقاومة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي عام 1912، وكان على رأس مجموعة قاومت الاحتلال الفرنسي لسوريا بين عامي (19019-1920)، ووصل فلسطين أواخر عام 1920، وانخرط في النشاط النقابي المؤسساتي، فشارك في تأسيس جمعية العمال العرب الفلسطينية، وأعَّد بيانها التأسيسي وأذاعه من جامع الاستقلال عام 1925، وشارك في تأسيس جمعية الشبان المسلمين عام 1928، وكان مقرَّبًا من رجالات حزب الاستقلال سيما رشيد الحاج إبراهيم، كما لعب دورًا محوريًا في نشر القيم الدينية والفكر الإسلامي في صفوف العامة في مدينة حيفا ومحيطها، وكانت دروسه في مسجد الاستقلال محط إعجاب كثيرين، وكتب مقالاتٍ في الصحف، وأصدر كتابًا مع كامل القصاب بعنوان” النقد والبيان في دفع أوهام خيزران” (1925)، وهو عبارة عن رأيٍ للمؤلفيْن في مسألة فقهية.
يعتبر القسام من أوائل من دعا للصدام المسلح مع الاحتلال البريطاني، والتخلي عن نهج استرضائها ومفاوضتها، وبدأ بالإعداد للثورة عام 1925، وتمكن من تشكيل تنظيمٍ سريٍ مسلحٍ ضم في صفوفه عددًا من الفلسطينيين قُدِّروا بـ( 50- 200 شخص)، أغلبهم من الفلاحين والعمال، حيث درَّبهم على السلاح، وأنشأ لجانًا سريةً للإمداد والتوعية والأمن، وشرع أتباعه بشن هجمات على القوات البريطانية والمستوطنين الصهاينة عام 1931، ثم قرَّر إشعال الثورة، فاندفع مع مجموعة من أتباعه (20-25) شخصًا نحو قرى جنين في تشرين أول/ أكتوبر عام 1935، واتجه نحو أحراج يعبد، وهناك اصطدم بالقوات البريطانية، وخاض معركة أدت لاستشهاده ومجموعة من مرافقيه في العشرين من تشرين ثاني/ نوفمبر عام 1935، مما اعتبر ضربة مؤلمة لمخططه، لكن أثر استشهاده كان كبيرًا، إذ بعد فترة بسيطة خاض الفلسطينيون إضرابهم الشهير عام 1936، ثم اندلعت ثورة مسلحة عارمة (1936-1939) كان أتباع القسام من قادتها الرئيسين.
تُعد حركة القسام جزءًا من رد تلاميذ حركة الإصلاح العربي الإسلامي على الغرب وسياساته الاستعمارية، وهي تشابه في استراتيجيتها مثيلات لها في الوطن العربي، كما كانت من أوائل التجارب التي رسَّخت الكفاح المسلح خيارًا استراتيجيًا في مواجهة الاستعمار في فلسطين، ما جعل القسام حاضرًا في أدبيات المقاومة الفلسطينية التي احتفت به في أكثر من مناسبة، كما أنه بقي حاضرًا عمليًا حين سمَّت حركة حماس جناحها العسكري باسمه بعد 56 عامًا من استشهاده.
عانى القسام في مسيرته النضالية؛ إذ طاردته قوات الاحتلال الفرنسي في سوريا، وقصفت مقر إقامته عدة مرات، وحكمت عليه بالإعدام غيابيًا، وكان مراقبًا من قبل الاحتلال البريطاني واستجوب من قبل مخابراته، ولاحقته قواته.
المصادر والمراجع:
- حمودة سميح. “الوعي والثورة- دراسة في حياة وجهاد الشيخ عز الدين القسام 1882-1935″. القدس: جمعية الدراسات العربية،
- الحوت، بيان نويهض. “الشيخ المجاهد عز الدين القسام في تاريخ فلسطين“. بيروت: دار الاستقلال للدراسات والنشر، 1987.
- العسلي، بسام. “ثورة الشيخ عز الدين القسام“. بيروت: الناشر للطباعة والنشر والتوزيع، 1991.
- نافع، بشير. “الشيخ عز الدين القسام: مصلح وقائد ثورة”. حوليات القدس، العدد 14، خريف- شتاء 2013.
- نويهض، عجاج. “رجال من فلسطين ما بين بداية القرن إلى عام 1948“. بيروت: مطابع الكرمل الحديثة، 1981.
- “الموسوعة الفلسطينية”. القسم العام، المجلد الثالث، دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.