ياسر عرفات

ولد ياسر عبد الرؤوف داود عرفات في مدينة القدس، في الرابع من آب/ أغسطس عام 1929، وهو متزوج وله بنت. درس المرحلة الأساسية في مدرسة مصر في حي السكاكيني في القاهرة، والثانوية في مدرستي مصر الثانوية والملك فاروق الثانوية، وأنهى البكالوريوس في الهندسة من كلية الهندسة في جامعة القاهرة عام 1955. عمل مهندسًا في شركة مصر لأعمال السمنت المسلح، ثم عمل مهندسا في دائرة الأشغال العامة في الكويت، ثم أسس مع زملاء له شركة هندسية في الكويت بداية ستينيات القرن الماضي.

انخرط في النشاط الوطني في مرحلة مبكرة من حياته؛ فشارك في التظاهرات الطلابية ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر، وأسس مع آخرين رابطة الطلبة الفلسطينيين عام 1950، وفاز برئاستها عن قائمة الإخوان المسلمين في الفترة بين أعوام (1951-1955)، كما أنَّه عضو مؤسس ورئيس رابطة الخريجين الفلسطينيين عام 1956.

تلقى عرفات تدريباً عسكرياً في معسكرات الإخوان الخاصة بطلبة الجامعات في فترة المقاومة المصرية للإنجليز في قناة السويس بداية خمسينيات القرن الماضي، وتخرج من كلية إعداد الضباط الاحتياطيين التابعة للجيش المصري برتبة ملازم عام 1953، وتطوع للدفاع عن مصر إبان العدوان الثلاثي عام 1956. تعرف على الحاج أمين الحسيني في النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي، وارتبط لاحقًا بعلاقات قوية معه حتى وفاة الأخير، وحاول فتح قنوات اتصال مع الحركة الطلابية في العالم خصوصًا في أوروبا الشرقية.

 أسس مع آخرين حركة فتح عام 1959، ونشط في بداية الستينيات في فتح قنوات اتصال مع العالم لدعم القضية الفلسطينية؛ فزار الجزائر وسوريا والصين، وتسلل إلى الضفة الغربية عام 1967 بقصد تثويرها، فلاحقته قوات الاحتلال، فاضطر للذهاب إلى الاردن، حيث انشغل هناك في إقامة قواعد لقوات العاصفة في الأغوار، وسطع نجمه أواخر ستينيات القرن الماضي خصوصًا حين شاع بين الفلسطينيين أنه صاحب قرار خوض معركة الكرامة عام 1968، وقد عُرف لاحقًا بأنه الناطق الرسمي لحركة فتح وقائد قوات العاصفة الجناح العسكري لحركة فتح، كما أطلق عليه لقب قائد الثورة الفلسطينية منذ عام 1973، واشتهر باسمه الحركي أبو عمار والختيار.

استفاد من علاقاته المتينة بجمال عبد الناصر في توطيد سلطته داخليًا وتوسيع تحالفاته خارجيًا، وصعدت مكانته دوليًا حين اختير لإلقاء كلمة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974.

واجه عرفات العديد من التحديات؛ فقد خاض صراعًا عسكريًا واستخباراتيًا مريرًا مع دولة الاحتلال، وتصدى لمحاولات احتوائه من قبل دول وازنة في المنطقة، وواجه معارضة من فرقاء الحركة الوطنية ومنافسيه داخل حركة فتح، وعانى من تداعيات الانشقاقات داخل حركته لاسيما في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، ومن اغتيال العديد من زملائه ومعاونيه.

لعب عرفات دورًا تاريخيًا في مسار التسوية، فرعى في مرحلة مبكرة الاتصالات السرية بين منظمة التحرير وقوى يهودية وأخرى صهيونية يسارية، وسمح لرجاله بالتواصل مع مستويات حكومية صهيونية مختلفة، وطوَّع الخطاب الفلسطيني الرسمي ليناسب مسار السلام، وهو المسؤول الأول عن انخراط الفلسطينيين في مفاوضات مدريد وواشنطن وتوقيع اتفاق أوسلو وما تلاه من مفاوضات.

عُرف ميله للزهد والتقشف في حياته اليومية، وعمله لساعات طويلة يوميًا، وفي السياسة كان براغماتيًا، ويملك طموحًا شخصيًا، ويعتمد المناورة السياسية، وعقد التحالفات، ويبقي السلاح خيارًا واردًا، ومع ذلك فقد وجهت له انتقادات بتفرده في صناعة القرار، وكرهه للمؤسساتية سواء داخل حركة فتح أو منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية، ولبعض قراراته التي انعكست سلبًا على مكانة وقوة منظمة التحرير، ولخسائره المتلاحقة في معارك منظمة التحرير خصوصًا في الأردن ولبنان، ودوره في تطويع الحركة الوطنية الفلسطينية للدخول في التسوية وفق الرؤية الأمريكية.

انتخب رئيسًا لـ “دولة فلسطين” التي أعلن عن قيامها في الجزائر عام 1988، وأصبح أول رئيس للسلطة الفلسطينية عند تأسيسها عام 1994. اعتقل في مصر عام 1954 على خلفية نشاطه السياسي، واعتقل مرتين في سوريا على خلفية اتهامه بالمشاركة في تخريب خط أنابيب للنفط وإثر مقتل زميله في فتح يوسف عرابي عام 1966، وتعرض للعديد من محاولات الاغتيال، وكاد يفقد حياته في حادثة تحطم طائرته في الصحراء الليبية في السابع من نيسان/ إبريل عام 1992، وحاصره الاحتلال في مقره في المقاطعة في مدينة البيرة عام 2002، حيث أصيب أثناء ذلك بمرض غامض، نقل على إثره إلى مستشفى بيرسي العسكري في فرنسا، واستشهد هناك عام 2004 في ظل توقعات كثيرين أن الاحتلال اغتاله بالسم.

المصادر والمراجع:

  1. الحسن، بلال. “عرفات قبل مدريد: القوانين التي حكمت مسيرته السياسية”. “مجلة الدراسات الفلسطينية”، العدد 60/61، خريف 2004 – شتاء 2005.
  2. دوبرو، نانسي.” ياسر عرفات متى لم يكن هنا!”. رام الله: مؤسسة ياسر عرفات، 2016.
  3. عبد الرحمن، أحمد. “عشت في زمن ياسر عرفات”. رام الله: الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين – مؤسسة ياسر عرفات، 2013.
  4. عمرو، نبيل. “ياسر عرفات وجنون الجغرافيا”. القاهرة: دار الشروق، 2012.
  5. نوفل، ممدوح. “عرفات بعد مدريد: من خنادق التطرف إلى ميدان الواقعية”. “مجلة الدراسات الفلسطينية”، العدد 60/61، خريف 2004 – شتاء 2005.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى