منهج تركيا البحري: الوطن الأزرق
سمعنا كثيرًا في السنوات الأخيرة عن مصطلح “الوطن الأزرق”، كمصطلح لتقوية الجرف القاري لتركيا، وقد احتل مكانه وسط مصطلحات العلاقات الدولية. هذا المفهوم هَدَفَ إلى إيجاد حل لقضية الجرف القاري في بحر الجزر (إيجة)، والتقسيمات في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
يهدف مركز رؤية للتنمية السياسية في هذا السياق، إلى إلقاء الضوء على الموضوع عن طريق أسئلة يطرحها على بعض الخبراء في هذا الشأن: متى وكيف ظهر مفهوم الوطن الأزرق؟ ما هي حدود الوطن الأزرق موضوع النقاش؟ وما هي أسباب الخلافات مع دول المنطقة؟ ما نوع الثروات الموجودة داخل حدود “الوطن الأزرق” في البحر الأبيض المتوسط؟ وهل هذه الثروات مهمة لدرجة تجعل تركيا مستعدة لمواجهة أوروبا والغرب؟ هل تمتلك تركيا القوة الكافية لفرض عقيدة الوطن الأزرق والحفاظ عليها؟ ما هي التكهنات والسيناريوهات المتوقعة لمستقبل الصراع في إطار الوطن الأزرق؟
يمكن تلخيص آراء الخبراء فيما يلي:
- تستند فكرة الوطن الأزرق إلى الحدود المرسومة في إطار حقوق تركيا ومصالحها.
- تُعتبر منطقة الأناضول وطنًا بالنسبة لتركيا لا يمكن الجدال حوله، فالوطن الأزرق هو موطن مائي لتركيا لا جدال فيه أيضا. من غير المتوقع أن تتخلى تركيا عن هذا الأمر، ورغم كل الضغوط التي واجهتها حتى الآن، فإن تركيا أظهرت عدم تخليها عن حقوقها.
- تبنى الرأي العام في تركيا عقيدة الوطن الأزرق. وبشكل عام تم إظهار دعم لجهود الحكومة في هذا الاتجاه.
- احتياطيات الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، والموارد الطبيعية والثروات الأخرى، مهمة لتركيا، لكن الأهم من ذلك، هو أمن الحدود البحرية لتركيا. لهذا السبب، يجب أن تُصر تركيا على الحصول على حقوقها في شرق البحر المتوسط.
- فضلت تركيا الدبلوماسية في حل المشكلة، لكنها لن تتردد في استخدام القوة عند الضرورة. سوف تفرض تركيا حقوقها في البحر الأبيض المتوسط على الرأي العام العالمي، بالخطوات القوية التي تتخذها بإصرار.
الأستاذ المساعد جهاد يايجي، رئيس مركز جامعة بهتشة شهير للاستراتيجيات البحرية
يتكون الوطن الأزرق من منطقة النفوذ البحرية التي تهدف تركيا إلى إعلانها، وهي مكونة من 462 كيلومترًا في شرق البحر المتوسط، وبحر إيجة، وبحر مرمرة، والبحر الأسود. في الواقع، عقيدة الوطن الأزرق ليست مفهومًا جديداً، فقد كان شعار بربروس خير الدين باشا أحدُ أشهرِ قادةِ الأساطيلِ العثمانيةِ “مَنْ يُهيمن على البحار سيحكم العالم”، وعبارة الغازي مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة: “البحرية هي الغاية الكبرى للأتراك”. تلك العبارات هي دلالة واضحة على أن طريق بلادنا وأمتنا يمر عبر البحار. الأمة التركية هي أمة بحرية، ويزداد اهتمامها كل يوم ببحارها بوعي عقيدة الوطن الأزرق.
تبحث الجمهورية التركية دائمًا عن الحقوق في إطار احترام القانون الدولي، ولا تتردد أبدًا في تقديم الدعم الضروري للبلدان ذات العلاقات التاريخية والجذور العميقة، مثل ليبيا وأذربيجان. ومثلما لا توجد صداقات أبدية بين البلدان، لا توجد عداءات أبدية؛ لأن الدول لها مصالح، وتخطو خطواتها في إطار تلك المصالح. كما أن بعض الصراعات التي شهدتها الدول المتصارعة، حدثت بسبب تضارب مصالح هذه الدول مع تركيا.
لطالما كانت للبِحار أهمية كبيرة في القوة الاقتصادية والعسكرية للبلدان عبر التاريخ. وبينما وصلت الدولة العثمانية التي ورثنا إرثها، إلى مستوى الدولة العظمى عندما أعطت الأهمية اللازمة للبحار، إلا أنها فقدت هذه القوة عندما ابتعدت عن البحار.
تحتوي البحار أيضا على موارد مهمة. فشرق البحر الأبيض المتوسط يحتوي على رواسب هيدروكربونية هامة. يتردد أن معدل هيدرات الغاز في الجرف القاري التركي، يكفي لمدة 572 سنة وفقا لقياسات اليوم. إضافة إلى ذلك، فإن البحر المتوسط يُعد المنطقة الاقتصادية الحصرية لتركيا، للصيد وتوليد الطاقة من الرياح العائمة، في الحاضر وفي المستقبل، كما يُعد مصدرًا حيويًا للكائنات الحية والموارد التي لا حصر لها، مما قد يوفر فوائد كبيرة لتركيا.
لقد تم رسم خريطة الوطن الأزرق وفقًا للمبادئ المستمدة من القرارات ذات الصلة، الصادرة عن محكمة العدل الدولية ومحكمة التحكيم الدائمة (مبادئ الإنصاف والتناسب، والتفوق الجغرافي، وسياسات عدم الإغلاق)، وهي خريطة تم إعدادها بهدف الامتثال الكامل للقانون الدولي. إن قيام تركيا بالتصالح مع دول معينة للتخلي عن حقوقها البحرية، يُعتبر توقعًا غير مقبول بحد ذاته.
عندما كان للجمهورية التركية أوجه قصور خطيرة، من حيث الصناعات الدفاعية وبعض التهديدات الدبلوماسية، لم تتردد في المواجهة لحماية القبارصة الأتراك في قبرص، وفرض السلام، وذلك بفضل الوعي الشعبي. علاوة على ذلك، فقد اتخذت اليوم خطوات جادة في الصناعات الدفاعية. وتركيا، إلى جانب اكتفائها الذاتي من حيث الصناعة الدفاعية، هي أيضا بلدٌ يُصدّر إنتاجه العسكري للخارج. وبسبب بعض المواجهات العسكرية التي خاضتها تركيا مؤخرًا، بدأت المصادر الغربية في تصوير تركيا على أنها تُفسِد بعض الخطط على النطاق الدولي، وفي نفس الوقت تضع تلك الخطط على النطاق الإقليمي.
لكي تُعلن تركيا عن منطقة اقتصادية[1] خالصة، لا يجب عليها إجراء اتفاق مُسبق مع الدول الأخرى، بل يمكن لتركيا الإعلان عن منطقتها الاقتصادية الخالصة، ومِن ثَمْ عقد الاتفاقيات مع الدول الأخرى.
ستحمي تركيا عقيدة الوطن الأزرق في الميدان وعلى طاولة المفاوضات، وذلك وفقا للقانون الدولي والقوانين الخاصة بالجغرافيا. لذلك ستُظهر للعالم أنه لا يُمكن حل المشاكل بأسلوب فرض الأمر الواقع، بل بالقانون والدبلوماسية.
تُعد اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة مع ليبيا، ركيزة مهمة للوطن الأزرق، وهي خطوة مهمة في هذا الصدد. وبهذه الخطوة، التي أخذت في الاعتبار المبادئ الأساسية للقانون البحري الدولي، فيما يتعلق بمناطق السيادة البحرية، أظهرت تركيا للمجتمع الدولي أنها مع العدالة في التقسيم. والخطوات التالية التي سوف تتخذها تركيا في مسألة الوطن الأزرق، ستجعلها في موقف أكثر قوة من ذي قبل في المنطقة.
الأستاذ المساعد دكتور إسماعيل شاهين، عضو هيئة التدريس في قسم العلاقات الدولية بجامعة أنقرة حاجي بيرام.
منهج الوطن الأزرق، هو رد فعل على سياسة اليونان المتطرفة في شرق البحر الأبيض المتوسط وبحر الجزر. الغرض من هذه المنهجية، هو حماية حدود تركيا البحرية وفقا للقانون الدولي للبحار. موقف تركيا من هذه القضية واضح تمامًا. في استطلاعات الرأي العام حول أزمة شرق المتوسط، لوحظ أن 66% من الجمهور، يؤيد سياسة الحكومة في شرق المتوسط.
قدم الرئيس أردوغان حلولًا بناءةً لجميع الأطراف منذ السنوات الأولى للأزمة، ودافع عن الدبلوماسية حتى النهاية، لكنه للأسف لم يستطع تحقيق نتيجة إيجابية من هذه المبادرات. ورغم مبادرات أنقرة الإيجابية والهادفة للتعاون، إلا أن الصحافة الغربية تنعت تركيا بوصفها “الدولة التي تهدد السلام والأمن في المنطقة”؛ وذلك بسبب تأثير بروباغندا الإدارة القبرصية اليونانية عليها.
ونظرًا لحقيقة أن الموارد في المنطقة لم يتم التنقيب عنها، وتحديدها بشكل كامل، فقد تم إجراء تقديرات مختلفة بشأن الاحتياطيات في المنطقة. وبينما يُقال إن الموارد الموجودة في المنطقة، ستكون قادرة على تغطية جميع احتياجات تركيا، فإنه على الجانب الآخر، ترى بعض الأصوات أن تلك الموارد ليست على القدر الذي يَحدث بسببه صدام في المنطقة لأجلها. يُزعم أيضًا أن موارد الطاقة الموجودة في المنطقة، يمكنها إنهاء اعتماد أوروبا في مجال الطاقة على روسيا. ووفقًا لتقرير نشرته هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية USGS عام 2010، يوجد في المناطق البحرية بين قبرص ولبنان وسوريا وإسرائيل، حقلان نفطيان بقيمة 1.7 مليار برميل، و 3.45 تريليون متر مكعب من موارد الغاز الطبيعي. هنا يجب الإشارة إلى أمرٍ مهمٍ، وهو أن أولوية تركيا في هذا الأمر ليست الطاقة، بل الحفاظ على حقوقها البحرية وفقا للقانون الدولي، علما أن تركيا مستعدة للنضال من أجل سيادتها البحرية.
وكما يوجد اتفاق في شرق البحر الأبيض المتوسط، فإنه يوجد أيضا نزاع بين الأطراف. على سبيل المثال، على الرغم من أن لروسيا علاقات تاريخية وقوية مع الإدارة القبرصية اليونانية، إلا أنه من الواضح أنها لا تدعم اليونان والإدارة القبرصية اليونانية، في قضايا جنوب البحر الأبيض المتوسط. وكمثال آخر، من المعروف أن هناك صراعاتٍ خطيرة بين إيطاليا وفرنسا، فشركة “إني” الإيطالية وشركة “توتال” الفرنسية، تخوضان منافسة شرسة، في المنطقة الشاسعة الممتدة من الساحل السوري إلى داخل ليبيا. ومن الأمثلة الأخرى، لم يتم التوصل إلى إجماع كامل بين ألمانيا وفرنسا بشأن شرق البحر المتوسط. إلى جانب هذا، تمثل تركيا حليفًا مهمًا للغاية في حلف الناتو.
يُعد الدعم والتعاون التركي، قضية حيوية في بيئة تتزايد فيها المخاطر الجيوسياسية، التي تهدد السلام والتعاون العالميين في شرق البحر الأبيض المتوسط، والشرق الأوسط. وعلى الرغم من الضغوط الدولية التي تتعرض لها تركيا، إلا أنها أظهرت للجميع، مرارًا وتكرارًا، أنها لن تتراجع عن عقيدة الوطن الأزرق.
عند النظر إلى مبادئ القانون الدولي وقرارات المحاكم الدولية، يمكننا رؤية أن موقف تركيا القانوني سليم في العديد من القضايا. لهذا السبب، تسعى اليونان والإدارة القبرصية الجنوبية اليونانية، إلى إقناع تركيا عن طريق الضغط السياسي، لكن فشلهم في هذا الأمر واضح إلى الآن. في هذا السياق، فإن أهم استراتيجية تتبعها اليونان والإدارة القبرصية، هي تحويل النزاع بينهم وبين تركيا، إلى مشكلة عامة للاتحاد الأوروبي وأنقرة. لقد تمكنوا من النجاح في هذا الأمر، ومع ذلك لم يحققوا النتيجة المرجوة حتى الآن؛ بسبب الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي، ويبدو أنه من المستحيل عليهم تحقيقه في الوقت الحالي.
من النقاط المهمة الأخرى في هذا الأمر، هو أن الاتحاد الأوروبي يفرض في الوقت الحالي، تدابير لحظر استخدام الوقود الأحفوري، أي الفحم والنفط والغاز الطبيعي، في جميع أنحاء القارة؛ بسبب الاحتباس الحراري والمشاكل المناخية الأخرى. الهدف النهائي للاتحاد الأوروبي، هو استخدام مصادر الطاقة المتجددة بالكامل، خلال الثلاثين عامًا القادمة. عندما تُؤخذ هذه السياسة بعين الاعتبار، فإنه يُمكن رؤية أن موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، ليست قضية حيوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي. لذلك، فإن الأمر الأساسي بالنسبة للاتحاد الأوروبي، هو الحفاظ على الأمن والاستقرار في البحر الأبيض المتوسط. لذا في هذا السياق، فإن تركيا تُعتبر شريكًا مهمًا للاتحاد الأوروبي.
تستند عقيدة الوطن الأزرق إلى الحدود المرسومة في إطار حقوق تركيا ومصالحها. ولا يمكن أن تقدم تركيا تنازلاتٍ أحادية الطرف عن هذه الحقوق والمصالح. يمكن لتركيا هنا حماية الحقوق والمصالح عبر مشاريع التعاون الدولي، أو الانتقال إلى التحكيم الدولي بعد مفاوضات مكثفة مع الطرف اليوناني.
في الختام، أعتقد شخصيًا أنه في النهاية سيتعين على الطرفين الاجتماع عند نقطة مشتركة؛ لأن مخاطر الصراع سيكون لها تكاليف باهظة. إضافة إلى ذلك، فإن استخدام موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، بغض النظر عن كميتها، يعتمد على الوصول إلى حل وسط بطريقة ما بين الأطراف. لكن من أجل ضمان التوصل إلى هذا الحل، يجب على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الضغط على اليونان وإدارة قبرص اليونانية، مثلما تفعل مع تركيا.
د. محمد كورشاد أوزيكين، المحاضر في قسم العلاقات الدولية بجامعة بانديرما أون يدي أيلول
تم إنشاء حدود الوطن الأزرق في إطار قرارات القانون الدولي، ومحكمة العدل الدولية، ومحاكم التحكيم. ظهرت عقيدة مفهوم الوطن الأزرق كضرورة؛ لأنه حتى عام 2010، حاولت تركيا الرد على الوضع المتطور ضدها في شرق البحر الأبيض المتوسط، عن طريق الإدانة، أو من خلال فتح قنوات الاتصال واستخدام الدبلوماسية، لكن تركيا في الواقع كانت متأخرة قليلًا في تلك المرحلة. الاتفاقيات التي أبرمتها إدارة قبرص اليونانية مع مصر عام 2003، ومع لبنان عام 2007، ومع “إسرائيل” عام 2010، تسببت في تهديد حقوق القبارصة الأتراك في الشمال، كما تسببت في إقصاء تركيا من مناطق نفوذها البحرية، التي تملكها بموجب القانون الدولي. في هذه النقطة، وبموجب الاتفاقيات التي أُبرمت بينهم، قامت كل من الإدارة القبرصية اليونانية ومصر وإسرائيل، بأنشطة حفر وتنقيب في مناطق السيادة البحرية المُعلنة في الاتفاقية. وقاموا أيضا بتقديم هذه المناطق في مناقصات لشركات الطاقة الدولية.
من المعروف أن هناك احتياطياتٍ هيدروكربونية في المنطقة، من المنتظر أن تحقق فوائد اقتصادية كبيرة. هناك أيضًا رواسب هيدرات الغاز. وبشكل خاص، هناك احتياطي كبير في المنطقة الاقتصادية الخالصة التركية، وذلك في الخليج الواقع بين منطقتي كاش وأنطاليا. هيدرات الغاز هو احتياطي مهم للغاية. لأن وِحدة واحدة من هيدرات الغاز، تساوي 64 وحدة من الغاز الطبيعي، وهو نوع من الطاقة التي سيتم استخدامها في المستقبل، وهي قابلة للاستخدام مع التكنولوجيا المتطورة. من ناحية أخرى، يُعتبر شرق البحر الأبيض المتوسط، مهمًا من حيث موارد الطاقة المتجددة. فتركيا تمتلك مصادر رياح مهمة في مناطق سيادتها البحرية، التي أبرمت من أجلها اتفاقًا مع ليبيا. يمكن تحويل كل من طاقة الرياح وطاقة الأمواج، إلى طاقة كهربائية، من خلال المرافق البحرية التي سيتم إنشاؤها. اتخذ الاتحاد الأوروبي مؤخرًا خطوات لتقليل استهلاك الوقود الأحفوري، وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة. تمتلك المنطقة في هذه النقطة، إمكانياتٍ قوية. إلى جانب ذلك، يُعتبر الصيد موردًا هامًا. استهلاك الأسماك منخفضٌ للغاية في تركيا؛ وذلك بسبب التلوث في بحر مرمرة والبحر الأسود، بينما يحتوي البحر الأبيض المتوسط على احتياطي أسماك في غاية الأهمية. النقل البحري أيضا هو مجال يمكن أن يُفيدنا. عندما يتم النظر في كل هذه الأمور معًا، هناك فوائد لا يُستهان بها، يُمكن جَنيها من شرق البحر الأبيض المتوسط. لذا يمكننا فهم سبب دخول تركيا في خط المواجهات مع أوروبا والغرب.
بعيدًا عن ذلك، يجب على تركيا الدفاع عن حقوقها في البحر الأبيض المتوسط، من أجل حماية أراضيها. تركيا مُحاطة بالبحار من ثلاث جهات، وتشكل البحار 70٪ من حدودها، لذا، لن تكون حمايتها مهمة من الناحية الاقتصادية فقط، بل من الناحية الأمنية، ومن ناحية الحفاظ على الحركة في شبه جزيرة الأناضول أيضا. لكنني لا أعتقد أن تركيا ستقوم بذلك عن طريق الولوج في أي صراع مسلح؛ وذلك لأن المواقف في الاتحاد الأوروبي بخصوص تركيا، ليست متشابهة. فبينما تطلب فرنسا، وبقوة، عقوباتٍ على تركيا، فإن بعض الدول مثل إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، تؤيد حل المشكلات من خلال الطرق الدبلوماسية. تركيا دولة مهمة بالنسبة للأمن الأوروبي. إنها منطقة عازلة مهمة أمام موجات الهجرة بعد الربيع العربي. تركيا أيضا هي عضو في حلف الناتو، ومهما حدثت بعض الادعاءات عن تَغير في مؤشر العلاقات، أو المشاكل مع الولايات المتحدة، ستظل تركيا عنصرًا مهمًا جدًا كقوة برية كبيرة.
لا أرى صراعًا مستقبليًا بخصوص الوطن الأزرق لتركيا. ربما تكون هناك عقوبات اقتصادية، لكن، وبالطبع، ستحقق تركيا فوزا طالما حافظت على تصميمها. لذا، فنحن نحتاج إلى استخدام الدبلوماسية في تلك النقطة، وأن نكون موجودين في أرض الواقع. وإلى جانب الدبلوماسية الكلاسيكية، يجب الانتباه إلى الدبلوماسية العامة. لكنني أرى أن تركيا لا تزال تعاني من بعض أوجه القصور في هذا المجال. يجب أن تُنشئ تركيا قنواتٍ للتواصل مع المجتمع الدولي من أجل شرح حقوقها. من المهم إعداد التقارير والأخبار والمؤتمرات والاجتماعات باللغات الأجنبية. وأيضا علينا القيام بنشاط دبلوماسي فعال في البلدان المُشاطِئة بالجغرافيا العربية، مثل مصر وليبيا ولبنان وسوريا.
———————————————————————————————————–
[1] المنطقة الاقتصادية الخالصة: هو مفهوم تم إضافته لنصوص القانون الدولي مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982. وفقا لهذا القانون، تكتسب البلدان الساحلية بعض الحقوق الاقتصادية على الموارد الحية وغير الحية، لمسافة تصل إلى 200 ميل بحري من بداية ساحلها. وهذا يشمل أيضا حقوق الجرف القاري. تمنح المنطقة الاقتصادية الخالصة الدولة الساحلية حقوق إدارة الموارد الحية وغير الحية (مثل البحث والتشغيل والحماية، وما إلى ذلك) في مياه قاع البحر، إضافة إلى منح حقوق سيادية في استخدام التيارات والرياح لتوليد الطاقة.
https://bau.edu.tr/haber/15945-kita-sahanligi-ve-munhasir-ekonomik-bolge-nedir