ملخص انتهاكات الاستيطان وجيش الاحتلال خلال شهر مايو 2025

يستعرض الملخص التالي أبرز اعتداءات جيش الاحتلال ومستوطنيه بحق المواطنين الفلسطينيين وأراضيهم خلال شهر أيار/ مايو عام 2025، ويعتمد هذا التقرير في معلوماته على تقارير مجموعة الرقابة الفلسطينية التابعة لدائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومنظمة السلام الآن “Peace Now”.

حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة

منذ 18 مارس/ آذار 2025، استأنف الاحتلال حرب الإبادة في قطاع غزة وكثّف عمليات القصف من االبر والجو والبحر، في شتّى أرجاء القطاع، إلى جانب توسيع العمليات البرية، بالتزامن مع إغلاق كافة المعابر قرابة 90 يوما، ابتداءً من 2 مارس/ آذار وحتى نهاية مايو/ أيار. وقد أسفرت الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023  عن استشهاد 54,084 فلسطينيا، من بينهم 16,854 طفلا، و 12,400 من النساء، فيما أصيب 123,308 آخرين. ومن بين الشهداء 931 طفلا دون العام، منهم 356 طفلا ولدوا وقتلوا خلال الحرب. ومنذ عودة الحرب في مارس/ آذار الماضي، استشهد 3,924 فلسطينيا وأصيب 11,267 آخرين. وتجدر الإشارة إلى أن الحصيلة لا تشمل الشهداء الذين ارتقوا في محافظة شمال غزة، بعدما أصبح الصول إليها مستحيلا منذ 23 أيار/ مايو.

وفي 22 أيار/ مايو، أبلغت السلطات الإسرائيلية جمعية نادية الأسير، عن استشهاد أسير فلسطيني من غزة (33 عاماً) بعد مرور عام ونصف على ارتقائه داخل معسكر سديه تيمان في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2023، وكان اعتقل مع أفراد من أسرته من منزلهم في قطاع غزة في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2023.

ومنذ مطلع أيار/ مايو، قتل 28 عاملا في مجال تقديم المساعدات، أي بمعدل مقتل عامل واحد كل يوم. وقد قتل 452 عاملا منهم 314 من موظفي الأمم المتحدة من تاريخ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، كما ارتفع عدد الشهداء الصحفيين إلى 221 يصحفيا.

وسط التدهور المطّرد للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وتفاقم النقص الحاد في الغذاء والمياه والدواء، حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني ظروفا كارثية نتيجة الحصار المستمر، وبعد ثلاثة أيام فقط من دخول مساعدات محدودة جداً إلى القطاع مع حلول نهاية أيار/ مايو، ظهرت خطة إسرائيلية جديدة لتوزيع المساعدات عبر مؤسسة أنشئت بدعم من شركات أمريكية عاملة في مجال الأمن واللوجستيات، وفي 4 مراكز توزيع ثلاثة منها جنوب القطاع وواحدة في محور محور نتساريم الذي يفصل بين جنوب القطاع وشماله. وأعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “”أوتشا” عن رفضه للنظام الجديد لتوزيع المساعدات بطابعه العسكري، مؤكداً على أنه لا يتماشى مع المبادئ الإنسانية، ويعرض حياة المدنيين للخطر، كما أنه عاجز عن الإيفاء باحتياجاتهم أو صون كرامتهم.

تهدف الخطة الإسرائيلية إلى إعادة صياغة منهجية العمل الإغاثي بما يتماشى مع أهدافها الأمنية والعسكرية، فضلا عن خدمة مساعيها لتقويض دور المنظمات الأممية في مجال العمل الإنساني. وأشارت التقارير إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي استهدفت المدنيين خلال محاولتهم الحصول على الغذاء من المراكز المذكورة، ما أسفر عن استشهاد 13 مدنيا وإصابة 108 آخرين.

خلال الثلث الأخير من هذا الشهر، أصدر جيش الاحتلال عدة أوامر نزوح من مناطق في محافظات شمال غزة وغزة ودير البلح وخانيونس ورفح، لتصل المساحات التي يحظر الوصول إليها لأغراض عسكرية أو تخضع لأوامر نزوح منذ 18 مارس/ أذار، إلى 81% من مساحة القطاع عبر 31 أمرا بالإخلاء.

وأظهرت التقارير، أن الأضرار التي خلفها القصف وعمليات الاحتلال العسرية في القطاع، لحقت بنحو 81% من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية، كما لا يستطيع المزارعون الوصول إلى 78% منها بسبب أوامر التزوح وسيطرة الاحتلال العسكرية عليها، لاسيما في محافظتي رفح وشمال غزة اللتان لا يتيسر الوصول إلى كامل الأراضي الزراعية فيهما. كما لحقت الأضرار في 83% من الآبار الزراعية، ما أدى إلى توقف الانتاج الغذائي المحلي، بعدما كان يمثل محو 10% من اقتصاد غزة قبل الحرب.

واصلت إسرائيل خلال الفترة التي يغطيها التقرير، استهداف المخابز والتكايا، ففي 21 أيار/ مايو استهدف جيش الاحتلال فرنا وسط مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد 10 مدنيين. وفي وقت آخر من اليوم نفسه، قصف طائرات الاحتلال مخبزا آخر في خانيونس ما أدى لاستشهاد مدنيين. كما قصفت مطحنة وتكية في خانيونس وغزة، بعد مرور بضعة أيام على قصف المخابز.

كما تعرض مستشفى العودة، وهو المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل جزئيا في شمال غزة رغم الظروف القاسية، لعدة غارات إسرائيلية استهدفته بشكل متكرر. وفي إطار الاستهداف الممنهج لنقاط الخدمات الصحية، باتت ستة مستشفيات و20 مركزا صحيا و27 نقطة طبية، تقع ضمن المناطق الخاضعة لأوامر نزوح.

الإحصائيات الرئيسية لانتهاكات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس

لليوم الـ 131، يواصل الاحتلال العملية العسكرية في شمال الضفة منذ 21 يناير/ كانون الثاني، مع استمرار منع 33 ألف نازح من العودة إلى منازلهم في طولركم وجنين. يأتي ذلك بالتزامن مع مواصلة عمليات الهدم في مخيمات اللاجئين بمحافظة طولركم، إذ سمحت السلطات الإسرائيلية لسكان 20 مبنى، أي نحو 50 أسرة، بالدخول إلى مخيم طولكرم لاستعادة ممتلكاتهم قبل تنفيذ عمليات الهدم المقررة، وذك خلال مهلة زمنية لا تتجاوز 3 ساعات، وتأتي هذه المباني ضمن قائمة تضم 58 منزلا كان من المقررهدمها في الأول من آيار/ مايو. وقد خصص جيش الاحتلال طريقا محددا لتمكين السكان من الوصول إلى المخيم، في حين أطلق الجنود النار تجاه المواطنين والصحفيين وطواقم الهلال الأحمر، أثناء محاولته الدخول إلى المخيم. أما في مخيم نور شمس، حيث كان من المقرر هدم 48 مبنى، بينما قدّر مكتب محافظ طولكرم أن نحو 50 منزلا هدمت منذ الأول من أيار/ مايو.

وأفادت التقارير بأن ما يقارب 670 أسرة من الحي الشرقي في مخيم جنين نزحت مجددا جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة. وبحسب تقديرات الأونروا، فإن أكر من 7 آلاف أسرة تضم 33 ألف فلسطيني، لا تزال في حالة نزوح قسري، منهم 10,700 من مخيمات جنين، و10,500 من مخيم نور شمس، و12,200 من مخيم طولكرم.

في 22 أيار/ مايو، أنهت قوات الاحتلال عملية عسكرية استمرت تسعة أيام في بلدتي بروقين وكفر الديك بسلفيت، وفرضت قيوداً صارمة على تنقل المواطنين الفلسطينيين إلى جانب استمرار تواجد المستوطنين في محيط البلدتين بحماية القوات الإسرائيلية. وقد أغلق جيش الاحتلال البوابتين الرئيسيتين لمدينة سلفيت، ما أجبر الفلسطينيين على استخدام طرق بديلة غير مهيئة، ما أدى إلى تفاقم معاناة السكان وزيادة تكاليف التنقل، وتعطيل الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، كما جرى تعليق خدمات جمع النفايات في كل من بروقين وكفر الديك خلال العملية، وصودرت شاحانات جمع النفايات التابعة للبلديات البلدتين، وخلال الاقتحام داهم الجيش ست مدارس وتسببت في أضرار مادية.

الشهداء والجرحى:

استشهد خلال هذا الشهر 18 مواطنا، بينهم طفلين، وأسير، وتصدرت محافظة نابلس تسجيل النسبة الأعلى من الشهداء بواقع 6 شهداء في كل منهما، ثم محافظة محافظة طوباس بـ 5 شهداء. ومن بين الشهداء 8 مواطنين قتلهم الجيش الإسرائيلي في عمليات اغتيال، و4 آخرين خلال اقتحامات لمدن وقرى فلسطينية. وأصيب ما لا يقل عن 118 مواطنا، بينهم 23 طفلا، وصحفية ومواطن من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ومنذ مطلع العام، قتل الاحتلال 118 فلسطينيا، في مختلف أنحاء الضفة الغربية، من بينهم 23 طفلا. وتركزت النسبة الأعلى من الشهداء في محافظات شمال الضفة: جنين، طوباس، طولكرم، قلقيلية، نابلس وسفيت، بواقع 90% من مجمل شهداء الضفة.

الاعتقال واقتحام التجمعات السكنية:

اعتقل الاحتلال 699 مواطنا في الضفة الغربية والقدس، بينهم 33 طفلا، و7 مواطنات، وتركزت عمليات الاعتقال في مدينة الخليل بواقع 134 حالة اعتقال، تلتها طولكرم بـ 88 معتقلا، ثم رام الله بـ 77 معتقلا، ونابلس بـ 74 معتقلا، وسلفيت بـ 68 معتقلا، وتوزعت بقية الاعتقالات بين القدس، قلقيلية، وطوباس، وجنين، وبيت لحم وأريحا.

ووفقا للبيانات التي قدمتها مصلحة السجون الإسرائيلي لمنظمة “هيموكيد”، فقد بلغ عدد لأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية 10,068 معتقلا فلسطينيا، من بينهم 3,577 معتقلا إداريا دون محاكمة. ولا تس=شمل الأرقام أسرى غزة الذين جرى اعتقالهم بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ونفذ جيش الاحتلال 1,349 عملية اقتحام لمناطق سكنية فلسطينية متفرقة في محافظات الضفة الغربية والقدس، تركزت في رام الله بواقع 208 اقتحاما، ثم نابلس بــ 201 اقتحاما، فيما توزعت بقية الاقتحامات على محافظات القدس، وجنين، وطوباس، وطولكرم وقلقيلية، وسلفيت، وأريحا، وبيت لحم والخليل.

هدم المنازل والمنشآت:

ومنذ الأول من مارس/ آذار، هدمت آليات الاحتلال 121 منزلا ومنشأة فلسطينية، في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، تركز معظمها في محافظة الخليل بواقع 56 منزلا ومنشأة. كما تم رصد 48 إخطارا لهدم منشآت فلسطينية أو وقف البناء بحجة عدم الترخيص، غالبيتها في محافظة رام الله والبيرة بواقع 21 إخطارات، ثم سلفيت بـ 18 إخطارا.

ومنذ مطلع العام 2025، هدمت السلطات “الإسرائيلية” 727 منشأة فلسطينية، 65% منها هدمت بحجة افتقارها إلى رخص البناء، إذ تتعمد السلطات الإسرائيلية عدم المصادقة على المخططات الهيكلية للتجمعات الفلسطينية الواقعة في المناطق “ج”، ما دفع الفلسطينيين للبناء دون ترخيص لمواكبة الزيادة السكانية أو الهجرة نحو مناطق “أ” و”ب”، التي تشكل 36% من مساحة الضفة، وتتركز فيها الكثافة السكانية بنسبة 86% من مجمل سكان الضفة. وفي القدس، هُدمت 50 منشأة ذاتيا على يد أصحابها من أصل 80 منشأة مستهدفة، بعد تلقيهم أوامر بالهدم وتهديدات بفرض غرامات مالية، بحجة غياب تراخيص البناء. كما هدم جيش الاحتلال 17 منشأة على أساس عقابي، ما أسفر عن تهجير 20 أسرة تضم 79 فردا.

مصادرة الأراضي وتجريفها:

خلال الفترة التي يغطيها التقرير، استولت سلطات الاحتلال على 48 دونما من أراضي سلفيت ونابلس وقلقيلية، عبر 7 أوامر عسكرية، استهدفت 13.117 دونما من أراضي قرية بروقين في سلفيت، وفي نابلس، استهدفت 2.224 دونما من أراضي قرية بورين بهدف إقامة برج عسكري، و4.821 دونما من أراضي حوارة بهدف إقامة سياج أمني، و2.374 دونما من أراضي عورتا بهدف إقامة طريق أمني، و7.311 دونما من أراضي قرى قبلان وبيتا بهدف إقامة منطقة عازلة حول بؤرة “أفيتار”، و4 دونمات من أراضي قرية دير شرف بهدف إقامة برج عسكري، و14.917 دونما من أراضي قرى فرعتا وجيت وتل في قلقيلية ونابلس بهدف إقامة منطقة عازلة حول بؤرة “حفات جلعات”.

وقامت قوات الاحتلال بتجريف عشرات الدونمات من أراضي المواطنين في محافظات الضفة الغربية المحتلة، لاسيما عمليات التجريف وتدمير البنية التحتية في مخيم جنين، ومخيمي طولكرم ونور شمس، كما اقتلع جنود الاحتلال ومستوطنيه نحو 1,068 شجرة زيتون في الخليل، سلفيت، رام الله، طولكرم ونابلس.

اعتداءات المستوطنين:

خلال هذا الشهر، تم رصد 321 حالة اعتداء من قبل المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، شملت اقتحام الأراضي الزراعية وزراعتها للسيطرة عليها أو إتلاف محاصيل وأشجار الفلسطينيين، وهجمات ممنهجة على القرى والبلدة الفلسطينية وإطلاق النار تجاه المنازل وحرق المركبات، فضلا عن سرقة ومصادرة ممتلكات المواطنين.

ومنذ بداية العام 2025، وثقت التقارير 591 حادثة اعتداء من قبل مستوطنين، أدت إلى إصابة 223 فلسطينيا، أي أن متوسط الإصابات نتيجة اعتاداءت المستوطنين شهريا بلغ 44 إصابة، وهو أعلى معدل يسجل منذ عام 2005، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”.

النشاط الاستيطاني:

خلال أيار/ مايو، درست سلطات الاحتلال 26 مخططا هيكليا، تهدف إلى توسعة مستوطنات الضفة الغربية والقدس، صادقت على 16 منها، في حين أودعت 10 مخططات أخرى، واستهدفت مخططات شهر مارس 1,673 من الأراضي الفلسطينية، لبناء 3,451 وحدة سكنية جدية.

تشهد الضفة الغربية في عام 2025 تصعيدا غير مسبوق في النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، حيث من المقرر أن يناقش “مجلس التخطيط الأعلى” في السابع من أيار/مايو الموافقة على بناء 1,588 وحدة سكنية جديدة، من بينها 1,388 وحدة في مستوطنة “كدوميم”. ويستهدف هذا المخطط منطقة شرق المستوطنة وجنوب قرية جيت الفلسطينية، مقتربا من البؤرة الاستيطانية “حفات جلعاد” بهدف خلق تواصل جغرافي استيطاني متصل، ما يعيق أي إمكانية لتوسع أو بناء فلسطيني في قرية جيت.

وخلال الشهرين الماضيين، تم الإعلان عن عطاءين لبناء 296 وحدة في مستوطنة “كريات أربع” قرب الخليل، وعطاءين آخرين لبناء 8 وحدات في مستوطنة “جفعات بنيامين”. كما تم طرح عطاء لبناء فندق يضم ما لا يقل عن 180 غرفة في منطقة البؤرة الاستيطانية “عوز فغاون” جنوب بيت لحم، التي تم تحويلها رسميا إلى مركز سياحي في أيار/مايو 2022. إضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن عطاء لبناء 14 مبنى صناعي وتجاري في المنطقة الصناعية التابعة لمستوطنة “معاليه أدوميم”، وعطاء آخر لمزرعة طاقة شمسية في منطقة “هار منوح” جنوب الخليل. وفي شهر شباط/فبراير، نُشرت عطاءات لبناء 974 وحدة سكنية في مستوطنة “إفرات”، ليصل إجمالي العطاءات منذ بداية عام 2025 إلى 1,278 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات.

هذه العطاءات تمثل المرحلة التنفيذية لمخططات البناء، إذ تعقب الموافقة الرسمية من مجلس التخطيط الأعلى، لتقوم إدارة الأراضي بدعوة المقاولين لتقديم عروضهم للحصول على حقوق البناء وتسويق المشاريع.

في موازاة ذلك، قدمت الدولة طلبا خاصا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، أعلنت فيه نيتها استخدام إجراء جديد لتسجيل الأراضي، أقره المجلس الوزاري مؤخرا، كمسار لشرعنة البناء الاستيطاني غير القانوني على أراض فلسطينية. ويتيح هذا الإجراء للدولة الاستيلاء على أراض لم يكن بالإمكان إعلانها “أراضي دولة” وفق الإجراءات السابقة، حيث كان يتم الاستناد إلى تفسير قانون الأراضي العثماني لإعلان الأراضي غير المزروعة فقط كأراضي دولة. أما الآن، فالإجراء الجديد يسمح بتسجيل أي أرض، حتى المزروعة، باسم الدولة إذا لم يستطع الفلسطينيون إثبات ملكيتهم وفق معايير معقدة وصعبة التحقيق، ما يهدد بفقدان الفلسطينيين لمساحات واسعة من أراضيهم.

على الأرض، يتجلى هذا التصعيد أيضًا في شق المستوطنين لما يقارب 139 طريقًا جديدًا بين منتصف 2023 ومنتصف 2024، بطول إجمالي بلغ 116.4 كيلومتر، معظمها (حوالي 65%) يمر عبر أراض فلسطينية خاصة. وقد استخدمت هذه الطرق لإقامة بؤر استيطانية جديدة، وفرض السيطرة على مساحات وتلال جديدة، بل وتم إنشاء بعضها ضمن المنطقة B الخاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية. ورغم أن هذه الطرق غير مرخصة رسميا، إلا أن الدولة تستثمر فيها ملايين الشواكل بمشاركة الجيش وقيادة المنطقة الوسطى، تحت ذرائح أمنية وعسكرية. وقد أدى شق هذه الطرق، إلى جانب النشاط العسكري المصاحب، إلى إغلاق العديد من الطرق التي تربط القرى الفلسطينية بأراضيها الزراعية، ما أدى إلى تقليص الوجود الفلسطيني في المنطقة C لصالح المستوطنين الذين باتوا يشكلون الوجود شبه الحصري فيها.

وفي 21 أيار/مايو 2025، ناقشت الحكومة الإسرائيلية المصادقة على بناء 514 وحدة سكنية جديدة في ثلاث مستوطنات: “إيلي”، “ألكان”ا، و”أريئيل”. يأتي ذلك في سياق التحول الذي شهده عمل المجلس منذ كانون الأول/ديسمبر 2024، حيث بات يعقد اجتماعات أسبوعية منتظمة لدفع مشاريع الإسكان في المستوطنات قدما. هذا التحول من الاجتماعات الفصلية إلى الأسبوعية أدى إلى تطبيع البناء في الأراضي المحتلة وتسريع وتيرته بشكل غير مسبوق، إذ بلغ عدد الوحدات السكنية التي صادق عليها المجلس منذ بداية عام 2025، نحو 16,820 وحدة، وهو رقم قياسي لم تشهده الضفة الغربية من قبل.

ويبرز من بين هذه المشاريع خطة الإخلاء وإعادة البناء في مستوطنة “أريئيل”، والتي تهدف إلى هدم منازل قديمة وبناء عدد أكبر من الوحدات السكنية مكانها.

وفي 11 أيار/مايو، بدأت الإدارة المدنية الإسرائيلية بتنفيذ حفريات أثرية في موقع سبسطية الأثري غرب نابلس، ضمن خطة حكومية لتحويله إلى “مستوطنة سياحية” تستهدف بالدرجة الأولى الجمهور الإسرائيلي والمستوطنين. وقد خصصت الحكومة الإسرائيلية ميزانية ضخمة قدرها 32 مليون شيكل للأعوام 2023-2025 لتطوير الموقع، تشمل تعبيد طريق وصول مباشر وإنشاء مركز استقبال للزوار. ويعد هذا الاستثمار جزءا من مبادرة حكومية أوسع لتعزيز ما يسمى بـ”المستوطنات السياحية” في الضفة الغربية.

في 22 أيار/مايو 2025، بدأت قرية المغير الدير شرق رام الله، والتي تضم مئات السكان، بإخلاء منازلها تحت وطأة تصاعد عنف المستوطنين. فقد أحاطت بؤر استيطانية رعوية بالقرية، واستولى المستوطنون على مساحات واسعة من الأراضي، ما حال دون وصول الأهالي إلى حقولهم ومراعيهم وقطع مصادر رزقهم. وجاءت إقامة بؤرة استيطانية جديدة بين منازل القرية لتكون نقطة فاصلة دفعت السكان للنزوح الجماعي. وسط دعم حكومي إسرائيلي معلن للمستوطنين، وتصريحات من قادة المستوطنين تؤكد أن هدفهم هو الترحيل القسري للفلسطينيين من المنطقة.

على صعيد آخر، تكشف معطيات وزارة المالية الإسرائيلية أن الحكومة أنفقت خلال عام 2024 نحو 101 مليون شيكل على تشغيل شركات أمن خاصة لحماية حوالي 3,000 مستوطن يقيمون في أحياء فلسطينية بالقدس الشرقية، مثل سلوان والحي الإسلامي ورأس العمود. ويشمل ذلك تمركز دائم لعناصر الأمن في منازل المستوطنين ومرافقتهم في جميع تحركاتهم. وبلغت النفقات منذ عام 1997 أكثر من 2.6 مليار شيكل، رغم أن هذه المخصصات لم تكن تُدرج مسبقًا في الميزانية الأصلية، بل تضاف سنويًا.

وقررت الحكومة الإسرائيلية في نهاية أيار/مايو 2025، إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، منها 12 بؤرة استيطانية ومزارع غير قانونية سيتم “شرعنتها”، و9 مستوطنات جديدة بالكامل، إضافة إلى منح مستوطنة قائمة “نوفيه برات” مكانة مستقلة. وبهذا يصل عدد المستوطنات التي تقرر إقامتها منذ تشكيل الحكومة الحالية في كانون الأول/ديسمبر 2022 إلى 49 مستوطنة رسمية، مع بدء إجراءات شرعنة 7 بؤر استيطانية إضافية كأحياء تابعة لمستوطنات قائمة. وتوزعت المستوطنات الجديدة جغرافيا على محافظات جنين، الخليل، الأغوار، نابلس، رام الله، والقدس، ما يعكس استراتيجية إسرائيلية لتكثيف الاستيطان في مختلف أنحاء الضفة الغربية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى