مريد البرغوثي

وُلد نوَّاف عبد الرازق محمد البرغوثي (المعروف بمريد البرغوثي) في قرية دير غسّانة في محافظة رام الله والبيرة في الثامن من شهر تموز/يوليو عام 1944، وهو متزوج من رضوى عاشور (أكاديمية وأدبية مصرية)، وابنهما تميم (شاعر وأكاديمي).

 درس البرغوثي المرحلة الأساسية في مدرسة دير غسانة للبنين، ودرس المرحلة الثانوية في مدرسة رام الله الثانوية للبنين، وحصل منها على الثانوية العامة عام 1953، ونال درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة القاهرة في مصر عام 1967. درَّس الإنجليزية في الكويت والقاهرة، وكان مديرًا للمركز العلمي للتراث والفنون. 

انخرط البرغوثي في النشاط الوطني في وقت مبكر من حياته، وكان يشارك في المظاهرات التي كانت تندلع في رام الله وهو ما زال في الثانوية. عمل في إذاعة صوت فلسطين في القاهرة، ثمَّ عمل ضمن بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في أكثر من دولة عربية وأوروبية، سيما بودابست الذي عمل فيها ثلاثة عشر عامًا، حيث تركَّز عمله في المجال الثقافي، وكان ممثل منظمة التحرير لدى اتحاد الشبيبة الديموقراطي العالمي، وأصبح عضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني.

كتب البرغوثي الشعر بينما كان طالبًا في مدرسة رام الله الثانوية، ونشر قصيدته الأولى “اعتذار إلى جندي بعيد” في مجلة المسرح القاهرية في الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967، وكانت باكورة دواوينه “الطوفان وإعادة التكوين” (1972)، وقد أصدر بعدها عددًا من دواوين الشعر منها: “فلسطيني في الشمس” (1974)، و”نشيد للفقر المسلح ” (1977)، و”الأرض تنشر أسرارها” (1978)، و”قصائد الرصيف” (1980)، و”طال الشتات” (1987)، و”رنة الإبرة” (1993)، و” منطق الكائنات” (1996)، و”ليلة مجنونة”، و”مجلد الأعمال الشعرية ” (1997)، و”الناس في ليلهم” (1999)، و”زهر الرُّمان” (2000)، و”منتصف الليل (2005)، والأعمال الشعرية الكاملة (جزآن، 2013)، و”استيقِظ كي ترى الحلم” (2018)، كما صدر له في السيرة الذاتية “رأيتُ رامَ الله” (1997)، وقد طبع ست طبعات بالعربية وترجم إلى عدة لغات، و” وُلدتُ هناك، وُلدتُ هنا” (2009).

شارك البرغوثي في عدد كبير من اللقاءات الشعرية ومعارض الكتاب في أكثر من مكان حول العالم، وألقى محاضرات حول الشعر في أكثر من جامعة منها القاهرة وفاس وأكسفورد ومانشستر وأوسلو ومدريد وغيرها، وأجرى لقاءات في مجلات أدبية رصينة ووسائل إعلام مختلفة تحدث فيها عن موقفه الشعري ورأيه السياسي. واختير رئيسًا للجنة التحكيم لجائزة الرواية العربية لعام 2015. كُرَّم من أكثر من جهة، ونال ميدالية نجيب محفوظ للآداب، وجائزة فلسطين للشعر عام 2000، وكُتبت عن أدبه العديد من الدراسات والمقالات والرسائل الجامعية. 

عارض البرغوثي اتفاق أوسلو معتبرًا أنّ عملية السلام لم تُنتج سيادة فعلية، بل أتاحت توسيع الاستيطان وترسيخ السيطرة الإسرائيلية بوصفها “الجهة الحاكمة الوحيدة” على الأرض، ورأى أنّ النهج التفاوضي الذي قاد إلى الاتفاق خضع لإملاءات خارجية أكثر مما عبّر عن قرار فلسطيني مستقل، رغم ما رافقه من حديث عن قيام “دولة” لا تملك أدوات السيادة.

وصف البرغوثي اتفاق أوسلو بأنه “صفقة القرن الحقيقية” معتبرًا أنه شكّل المنعطف الأخطر في التاريخ الفلسطيني المعاصر؛ فبينما أدّت نكبة عام 1948، رغم خسارتها الكبيرة، إلى ولادة حركة تحرر وطني واستعادة مشروع المقاومة، رأى أن مرحلة ما بعد أوسلو أخرجت فكرة التحرير من مركز الفعل السياسي، وأحلّت محلّها إدارة واقع خاضع لشروط الاحتلال ومنطق التنسيق الأمني.

كان البرغوثي يرى أن اللحظة التي بدأت فيها الشعوب العربية تفقد منطقها التاريخي الحقيقي هي لحظة الانخراط في اتفاقيات السلام المتتابعة؛ من كامب ديفيد، مرورًا بأوسلو، ووادي عربة، وصولًا إلى أي اتفاقات تُبرم لاحقًا بالمنطق ذاته، فالهزيمة العسكرية، في تقديره، لا تصنع منعطفًا تاريخيًا بذاتها؛ العدو قد يكسر إرادتك في معركة، ثم تستعيدها، أمّا المنعطف الفعلي فيقع حين يُعاد تعريف الرواية التاريخية، ويُخفّض سقف العدالة الوطنية، ويغير من الرواية التاريخية للصراع، كما فعل السادات ابتداء حين أخرج مصر من الصراع وغير المسار مجانًا؛ وهذا ما اعتبره البرغوثي قد بدأ مع أول اتفاق سلام عربي، إذ تحوّلت القضية من مشروع تحريرٍ واضح إلى إدارة واقعٍ ناقص السيادة.

عانى البرغوثي في حياته، إذ منعه الاحتلال من العودة إلى فلسطين بعد هزيمة حزيران عام 1967، وبقي خارجها إلى أن تمكن من العودة اليها عام 1996، واعتقلته السلطات المصرية أيام السادات وتم ترحيله من مصر ومُنع من الدخول إليها لمدة سبع عشرة عامًا، فاضطر للعيش بعيدًا عن زوجته وابنه لسنوات، وكانت اللقاءات مع عائلته تتم في فترات متباعدة. 

تُوفّي البرغوثي في الرابع عشر من شهر شباط/فبراير عام 2021.

اظهر المزيد

مركز رؤية للتنمية السياسية

يسعى المركز أن يكون مرجعية مختصة في قضايا التنمية السياسية وصناعة القرار، ومساهماً في تعزيز قيم الديمقراطية والوسطية. 11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى