محمود درويش
ولد محمود سليم حسين درويش في قرية البروة المهجَّرة قضاء عكا المحتلة في الثالث عشر من آذار/ مارس عام 1941. درس المرحلة الأساسية في مدرستي البعنة ودير الأسد، والثانوية في مدرسة ينِّي الثانوية في كفر ياسيف، والتحق بمعهد العلوم الاجتماعية في موسكو عام 1970 لمدة عام. عمل مراسلًا صحفيًا لصحيفة “المرصاد” التابعة لحزب “مبام” الإسرائيلي، ثمَّ محررًا في صحافة الحزب الشيوعي “الإسرائيلي” مثل صحيفة الاتحاد الصادرة في حيفا عام 1961، ومجلة الجديد عام 1961، وعمل في القاهرة مستشارًا في إذاعة صوت العرب عام 1971، وموظفًا في مركز الأهرام للدراسات، ومحررًا في مجلة الطليعة، وفي بيروت عمل مديرًا لمركز أبحاث منظمة التحرير (1977-1978)، ورئيسًا لتحرير مجلة شؤون فلسطينية (1977-1981)، ومجلة الكرمل منذ عام 1981، وعمل أيضًا موظفًا في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الأليكسو” في تونس عام 1979.
انتمى درويش في شبابه للحزب الشيوعي “الإسرائيلي”، لكنَّه لم يكن شيوعيًا أيديولوجيا. غادر فلسطين عام 1970، ثمَّ التحق بمنظمة التحرير ومؤسساتها، فأصبح عام 1984 عضوًا في المجلسين الوطني والمركزي، وعضوا في الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، وعضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بين عامي (1987-1993). شارك في صياغة خطابات ياسر عرفات ومنها خطابه الشهير في الأمم المتحدة عام 1974، وكَتَبَ نص إعلان الاستقلال عام 1998.
ركَّز درويش اهتمامه على قضايا الحقوق المدنية والهوية الثقافية للفلسطينيين داخل أراضي عام 1948، ثمَّ تبنى بداية سبعينيات القرن الماضي حل الدولة الديمقراطية كما جاءت في وثائق منظمة التحرير، وانتقل بعدها للتنظير للدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران بجانب دولة “إسرائيل”، كما آمن بإمكانية اختراق المجتمع الصهيوني، فأجرى حوارات مع كُتاب وشعراء من دولة الاحتلال، ورغم أنَّه عاد إلى فلسطين عام 1995، إلا أنَّه أبدى اعتراضه على اتفاق أوسلو، ورفض الدخول في مؤسسات السلطة الفلسطينية.
مرَّت حياته الأدبية بخمس مراحل، حيث بدأ بنظم الشعر وهو طالب في المدرسة ونشر أول دواوينه الشعرية في الأرض المحتلة، وكان لغسان كنفاني حينها دور مهم في نشر أعماله وترجمتها لعدد من اللغات، وعندما انتقل إلى مدينة القاهرة عام 1971، التقى كبار الشعراء والروائيين المصريين، ونشر المزيد من القصائد، ثم انتقل إلى مدينة بيروت ومكث فيها بين عامي (1973-1982) وازداد إنتاجه الأدبي، وأصدر عددًا من الدواوين، ثم عاش في مدينة باريس بين عامي (1985-1995)، حيث ظهرت في تلك المرحلة أهم قصائده ونشر أهم دواوينه، ثمَّ انتقل إلى فلسطين عام 1995، وعاش بين رام الله وعمان، وقد كانت فلسطين والمظلومية التاريخية للفلسطينيين والصراع مع المشروع الصهيوني، والحلم بالحرية والاستقلال الوطني من أهم الموضوعات التي تناولها شعره في مراحله المختلفة.
اشتهر شعر درويش في البدايات عبر قصيدتين هما “بطاقة هوية” التي كتبها عام 1963، و”عاشق من فلسطين” عام 1966، وغنى أشعاره عدد من الفنانين منهم الفنان اللبناني مارسيل خليفة، واستقبله عدد من الملوك والرؤساء مثل ملكة هولندا، وملك المغرب، ورئيس وزراء فرنسا، والرئيس التونسي وغيرهم، وحصد الكثير من الجوائز التقديرية من مؤسساتٍ فلسطينية وعربية ودولية رسمية وأهلية، ومُنح الدكتوراه الفخرية من أكثر من جامعة.
كتبت ملامح من سيرته في كتب نثرية مثل “يوميات الحزن العادي” أو “ذاكرة للنسيان”، ومن دواوينه الشعرية: عصافير بلا أجنحة (1960)، وأوراق الزيتون (1964)، وعاشق من فلسطين (1966)، وآخر الليل (1967)، ويوميات جرح فلسطين (1969)،و العصافير تموت في الجليل( 1969)، والكتابة على ضوء البندقية (1970)، وحبيبتي تنهض من نومها (1970)، وأحبك أو لا أحبك (1972)، ومحاولة رقم 7 (1973)، وتلك صورتها وهذا انتحار العاشق (1975 )،و أعراس (1977)، ومديح الظل العالي (قصيدة تسجيلية، 1983 )، وحصار لمدائح البحر (1984)، وهي أغنية … هي أغنية (1986)، وورد أقل (1986)، ومأساة النرجس ملهاة الفضة (1986)، وأرى ما أريد (1990)، وأحد عشر كوكبًا (1992)،و لماذا تركت الحصان وحيدًا (1995)،و سرير الغريبة (1999)، وجدارية (2000)، وحالة حصار (2002)، ولا تعتذر عما فعلت (2004)، وكزهر اللوز أو أبعد (2005)، ولا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي (2009). ومن كتبه النثرية: شيء عن الوطن (خواطر ومقالات،1971)، ويوميات الحزن العادي (خواطر ومقالات، 1973)، ووداعاً أيتها الحرب… وداعاً أيها السلام (مقالات،1974)، وذاكرة للنسيان (نص، 1987)، وفي وصف حالتنا (نص،1987)، وفي انتظار البرابرة (1987)، والرسائل محمود درويش وسميح القاسم (1989)، وعابرون في كلام عابر (قصيدة ومقالات،1991)، وفي حضرة الغياب (2006)، وحيرة العائد (مقالات، 2007)، وأثر الفراشة (يوميات، 2008)، ومقالات “اليوم السابع” (2019). كما ترجمت أعماله الشعرية إلى أكثر من 22 لغة، منها اثني عشر ديوانًا إلى الفرنسية.
عانى درويش أثناء مسيرة حياته؛ فقد هجَّره الاحتلال مع أهله إلى جنوب لبنان أثناء أحداث النكبة عام 1948، ولما عاد إلى فلسطين مع عائلته متسللًا بعد عام، وجد قريته قد دمَّرها الصهاينة فعاش لاجئًا، ثم فرض عليه الاحتلال الإقامة الجبرية في حيفا لمدة عشر سنوات، ثم فرضها عليه بين عامي (1967-1970)، وطارده لفترة، واعتقله خمس مرات في الأعوام 1961، و1965، و1966، و1967، و1969، ومنعه من دخول الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء بين عامي (1967-1968)، ومنع نشر العديد من قصائده. توفي في الولايات المتحدة الأمريكية في التاسع من آب/ أغسطس عام 2008، ودُفن في رام الله.
المصادر والمراجع
- دياب، امتياز. “ميلاد الكلمات”. رام الله: وزارة الثقافة، 2019.
- الشيخ، عبد الرحيم.” متلازمة درويش 2: الفكرة، الدولة، الثورة”، بيروت: مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 125، شتاء 2021.
- مجلة الكرمل، العدد 90، ربيع 2009.
- ” محمود درويش في الذاكرة”. بيروت: مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 76، خريف 2008.
- الموقع الإلكتروني لمؤسسة محمود درويش