محجوب عمر

وُلِدَ رؤوف نظمي ميخائيل صليب المعروف بـ ” الدكتور محجوب عمر” في بني سويف في مصر عام 1932. درس المرحلتين الأساسية والثانوية في مصر، ونال درجة البكالوريوس في الطب من كلية الطب في جامعة القاهرة. عمل طبيبًا في مستشفيي بنها ودمياط في مصر حتى عام 1967، وطبيبًا في مدينة تلمسان في غرب الجزائر، وأصبح نائبًا لمدير مركز التخطيط الفلسطيني أثناء تواجد الثورة الفلسطينية في لبنان، وعُيِّن مديرًا عامًا في وزارة التخطيط والتعاون الدولي الفلسطينية عام 1998.
انخرط في النضال الوطني في شبابه المبكر، حيث انتمى للحزب الشيوعي المصري، وكانت أولى مشاركاته النضالية المساهمة في تنظيم إضراب في ذكرى احتلال الانجليز لمصر في الحادي عشر من تموز/ يوليو عام 1950، كما أنَّه شارك في المقاومة المسلحة ضد القواعد البريطانية في مصر بين عامي (1950-1951)، وأصبح مسؤولًا للحزب الشيوعي في الجامعة ثم في مدينة القاهرة عام 1952، وعُيِّن عضوًا في اللجنة المركزية للحزب، وآمن وقتها بأهمية إقامة جبهة وطنية تضم الشيوعيين والإخوان وسائر التنظيمات السياسية المصرية في مواجهة الاحتلال الإنجليزي لمصر، وبأهميتها في وقف تغول العسكر في السلطة في مصر عام 1954. عاش أثناء مرحلة الحزب الشيوعي بأكثر من اسم حركي منها: نصار.. رشيد.. رأفت.. محمد نصير.. همام.
التحق بحركة فتح في أيار/ مايو عام 1969 أثناء وجوده في الجزائر، وعمل على تقريب الأحزاب الشيوعية في المغرب العربي وفرنسا من حركة فتح، وعُيِّن مفوضًا سياسيًا في حركة فتح في الأردن، وساهم في افتتاح الخدمات الطبية العسكرية لحركة فتح، وأقام العديد من العيادات الشعبية، وبنى علاقات وطيدة مع القيادي في الحركة أبو علي إياد، ثم مع القيادي خليل الوزير أبو جهاد، وعايش مرحلة المواجهة بين النظام الأردني والمقاومة عام 1970، ثم انتقل إلى لبنان ورابط في قواعد المقاومة هناك في جنوب لبنان وشمالها وفي جبل الشيخ، وكان مفوضًا سياسيًا لكتيبة نسور العرقوب، وأصبح نائبًا لمدير مركز التخطيط الفلسطيني، وعاون أبو جهاد في القطاع الغربي، وكان اسمه الحركة داخل صفوف المقاومة الفلسطينية “محجوب عمر”.
شارك في صياغة خطاب أبو عمار في الأمم المتحدة عام 1974. وكان له دور مركزي في تأسيس دار الفتى العربي عام 1974، وهي من أوائل دور النشر المتخصصة بأدب الأطفال.
اعتبر من منظري التيار الماوي داخل حركة فتح، ومن المؤثرين في توجهات الكتيبة الطلابية التي عُرفت لاحقًا بكتيبة الجرمق، وكان من المعارضين لتيار التسوية في الحركة الوطنية، وقد انتقد برنامج النقاط العشر بقوة، وتبنى فكرة الدولة الديمقراطية العلمانية وحرب التحرير الشعبية، لكنَّه ما لبث أن انحياز لخيار التسوية واتفاق أوسلو مدفوعًا بموقفه من أبي عمار وبقراءته الخاصة لتطورات القضية الفلسطينية والواقعين العربي والدولي.
عاد إلى القاهرة عام 1982 بعد خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، ووقف في مصر مع القضية الفلسطينية والمقاومة، حيث أنشأ مع آخرين اللجنة الوطنية لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وأسس مركزًا للأبحاث والدراسات الفلسطينية، وساهم في الكتابة في مجلات وصحف الثورة الفلسطينية، ودوَّن تجاربه في العيادات والمستشفيات الفلسطينية أثناء المعارك التي خاضتها الثورة الفلسطينية في الأردن ولبنان، وكتب في صحيفة الشعب المصرية وصحيفة القدس العربي اللندنية بين عامي (1984-2000)، وكتب الشعر باللهجة المصرية، وكتب القصة والمسرحية، وصدر له عدد من الكتب والدراسات والمقالات المُطَوَّلة منها: قصة مستشفى الأشرفية (1971)، وحوار في ظل البنادق: التاريخ والأمة والطبقة والتجمع الصهيوني (1974)، وأيلول في جنوب الأردن (1977)، وعز الدين القلق- الكلمة والبندقية (1978)، ووجهة نظر في استراتيجية المفاوض المصري، وعرب 1948 قوة استراتيجية لا يمكن تحييدها (1980)، والناس والحصار- بيروت 1982 (1983)، وأربعون ابو جهاد: جسر الوعي قراءة في السلوك السياسي والتنظيمي (1988)، وأبو جهاد لم يغب لحظة ولن يغيب (1990)، والانتفاضة واحتمالاتها (مجموعة مقالات منشورة بين عامي 1988-1989)، وأزمة الخليج ومنعكساتها- مداخلة عامة (1991)، واتفاق أوسلو والواقع الجديد (مجموعة مقالات منشورة بين عامي 1993-1995) )، والحرب الإسرائيلية في لبنان (1996)، ونكبة فلسطين وثبات شعبها (2000)، كما أشرف على عدد من الترجمات، سيما في الشأن الصهيوني، وقدَّم مراجعات نقدية لعدد من الكتب السياسية والفكرية، وله مسرحيتان هما: السبع في السرك (1977)، والمغربية أو الأيام الأخيرة من حياة عبد الله النديم، وله قصص للأطفال منشورة وهي: البلح الأحمر (1975)، والصبي والشمس، والقمر والصغار، وجزيرة الضياع، وزهرة القمر، ووحيد القرن والعصافير، كما ألَّف عددًا من الأغاني للأطفال.
وقد جُمعت معظم كتاباته السياسية والفكرية والاستراتيجية في كتاب بعنوان “كتـابـات محجوب عمر”، حيث صدر الجزء الأول عام 2005، والجزء الثاني عام 2009، كما صدر عنه كتاب بعنوان “د. محجوب عمر “رؤوف نظمي” حبًا ووفاءً”. نال وسام نجمة القدس الشريف عام 2004، كما قرَّرت جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين الثقافية عام 2012، منح جائزة سنوية باسم الدكتور محجوب عمر، لأفضل كتاب يطرح رؤية استشرافية وواقعية للقضية الفلسطينية.
عانى محجوب عمر في حياته، إذ اعتقلته السلطات المصرية في كانون الثاني/ يناير عام 1952، واعتقل في تشرين ثاني/ نوفمبر عام 1954، ثم توالت اعتقالاته حتى عام 1967، وعاش مطاردًا لفترة طويلة عام 1953، وأقالته السلطات المصرية من عمله طبيبًا في مستشفى دمياط عام 1967، وواجه الموت أكثر من مرة في أحداث الأردن عام 1970 والحرب الأهلية في لينان في سبعينيات القرن الماضي.
عانى من المرض لفترة طويلة إلى أن غادر الدنيا في السابع عشر من آذار/ مارس عام 2012.