كتاب المفاهيم والمصطلحات

مراجعة كتاب: مفاهيم ومصطلحات القضية الفلسطينية (1).

المؤلفان: عوني فارس، ساري عرابي.

الطبعة: الأولى.

عدد الصفحات: 174.

لقراءة وتحميل الكتاب اضغط هنا

مقدمة

نظرًا لطبيعة الصراع المركّب فيها؛ قدّمت القضية الفلسطينية إلى حقول المعرفة المتعددة، ومجالات الاجتماع والسياسة، المئات من المصطلحات والمفاهيم المتشابكة مع آلاف الحوادث والموضوعات، التي تلتقي فيها المعرفة بالسياسة، فكما أن مقاربة القضية الفلسطينية لم تكن معرفية صرفة، وإنما سياسية أيضًا تتباين فيها الرؤى والمواقف، أو قد تتصارع، فإن المعالجات المعرفية كانت دائمًا ما تنطلق من الموقف السياسي.

هذا التعقيد، واتصاله بالصراع السياسي، فضلاً عن الثراء المعرفي، وإمكانات البحث والابتكار التي أتاحتها القضية الفلسطينية؛ فتح الباب للأعمال الموسوعية التي تحاول الإحاطة بالقضية الفلسطينية، من اتجاهاتها كلها، إن من جهة الأرض والجغرافيا، أو جهة الشعب والتاريخ والحضارة والثقافة والاجتماع، أو جهة القضية نفسها، بما يندرج في كل جهة منها آلاف المفاهيم والمصطلحات والموضوعات والشخصيات.

وبالرغم من ثراء اللغات الأخرى بهذا النوع من الأعمال المختصة بالقضية الفلسطينية، على ما فيها من انحيازات قد تجور على النزاهة العلمية، فإن اللغة العربية ظلت فقيرة به إلى أن كان مشروع الموسوعة الفلسطينية الذي قامت عليه هيئة الموسوعة الفلسطينية التابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في الجامعة العربية، وذلك في العام 1974، ليخرج القسم الأول منها في العام 1984، ثم يصدر القسم الثاني من الموسوعة عام 1990، لتتوقف بعد ذلك.

فيما بعد قامت العديد من المحاولات التي تحاول تناول عدد من موضوعات القضية الفلسطينية، على نحو موسوعي أو معجمي، وبأساليب متعددة، من التعريفات الموجزة إلى الدراسات الموسعة، وقد كانت غالبًا مشاريع فردية وأقل مؤسسية عما كان عليه الحال في الموسوعة الفلسطينية، وكانت بعض تلك المشاريع شديدة التخصص كتلك التي تتناول المصطلحات والشخصيات الصهيونية.

ظلت الحاجة إلى هذا النوع من الأعمال قائمة، لتجدد القضية الفلسطينية، واستمرارها، وقدرتها الفائقة على إنتاج المصطلحات والمفاهيم، وتعدد الاتجاهات وزوايا النظر التي تتناول بالدرس والبحث جوانب القضية وما يتعلق بها، وأيضًا نظرًا لاستحالة الإحاطة بكل ما تنتجه القضية، إن من ناحية الشكل، أو من ناحية الموضوعات.

ولعل هذه الحاجة، مع إمكانية التجديد فيها، هي التي دفعت مركز رؤية للتنمية السياسية في إسطنبول، إلى افتتاح مشروع لتناول مصطلحات ومفاهيم القضية الفلسطينية، وقد بدأته بكتاب “مفاهيم ومصطلحات القضية الفلسطينية (1)”، فالرقم (1) الذي ألحق بعنوان الكتاب هو الذي دلّ على أن الفكرة أوسع وأشمل، مما تضمنه الكتاب، وربما تكون أكثر تنوعًا في شكلها ومضمونها، في الإصدارات القادمة.

مدخل إلى الدليل

عكف الباحثان عوني فارس وساري عرابي على إعداد دليل مختصر، تقوم فكرته على انتخاب عدد من المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالقضية الفلسطينية حصرًا، بمعنى أن كتاب “مفاهيم ومصطلحات القضية الفلسطينية (1)”، سوف تقتصر معالجاته على القضية الفلسطينية بطبيعتها الصراعية، ولن تتناول الموضوعات الفلسطينية ذات الصلة بالجغرافيا والتاريخ والحضارة والإنسان وما إلى ذلك.

وحاول الباحثان تقديم عرض مبتكر، بتقسيم الدليل إلى خمسة محاور، كلها منبثقة عن الطبيعة الصراعية للقضية الفلسطينية، ثم يضم كل محور عددًا من المصطلحات والمفاهيم التي جرى ترتيبها معجميًّا، دون النظر إلى اعتبارات القيمة والزمان، وإن كانت قيمة المصطلح هي واحدة من المعايير عند الباحثين في الإسهاب والاختصار، فلم تكن مثلاً تعريفات الفصائل الفلسطينية الأقل حجمًا وحضورًا كما هي تعريفات الفصائل الأكثر حجمًا وحضورًا، وهكذا.

عناوين المحاور كانت على الترتيب، على النحو التالي؛ محور المقاومة الفلسطينية (الإطار النظري)، ومحور الحركة الوطنية الفلسطينية، ومحور “إسرائيل” بصفتها بنية استعمارية، ومحور السياسات الاستعمارية في فلسطين، ومحور التسوية السياسية، وبحسب إحصاء الباحثين فقد بلغ “عدد المفاهيم والمصطلحات (168) مفهومًا ومصطلحًا، تتضمن بالإضافة إلى الأبعاد المفاهيمية والاصطلاحية أحداثًا واتفاقات وشخصيات وكيانات”.

وقد ضم محور الحركة الوطنية الفلسطينية قسمًا خاصًّا للتعريف بعدد من الشخصيات الفلسطينية المؤثرة في مجرى الصراع، وهو الأمر نفسه الذي جرى في محور “إسرائيل” بصفتها بنية استعمارية، إذ تضمن المحور أيضًا قسما خاصًّا للتعريف بعدد من الشخصيات الصهيونية المؤثرة في الصراع، وكان ترتيب الشخصيات في القسمين ترتيبًا معجميًّا ولم يخضع لاعتبارات القيمة أو التسلسل التاريخي، تمامًا كما هو الحال في بقية المفاهيم والمصطلحات.

عرض الدليل

يُقدّم انطلاق الباحثين من “محور المقاومة الفلسطينية”، واعتباره إطارًا نظريًّا ومقدمة طبيعية للمحور الذي يليه؛ تصورًا عن رؤيتهما للقضية الفلسطينية، وإشارة منهما بهذا المسلك المعرفي إلى المسلك السياسي الصحيح للتعامل مع القضية الفلسطينية، فمقاومة الشعب الفلسطيني، بما تمثله من إرادة ووعي، هي المدخل الصحيح إلى القضية الفلسطينية إن من جهة الوعي، الذي تمثل المعرفة واحدة من أدواته، أو من جهة السياسة.

اختار الباحثان ثلاثة وعشرين مفهومًا ومصطلحًا أنتجتها مقاومة الشعب الفلسطيني، وقد حرصا كما هو ظاهر، على تنوع تلك المفاهيم والمصطلحات، في تماه مع تعدد أدوات وأساليب وأشكال المقاومة الفلسطينية، وتنوع مجالاتها المكانية، وتعدد أزمنتها، وكذلك مع قدرة الشعب الفلسطيني على تطوير كفاحه وإعادة إنتاجه.

تعلقت مصطلح “الإضراب عن الطعام” و”الحركة الأسيرة” مثلاً باستمرار النضال في مجال مكاني خاصّ مثّله السجن، بينما كان مصطلحات “الثورة” أو “حرب الشعب” أو “نقاط الارتكاز” أو “حرب التحرير الشعبية” متعلقة باللغة الكفاحية السائدة لدى فصائل الثورة الفلسطينية في عقود الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أما مصطلحات “الانتفاضة” و”الهبّة” فهي أكثر قربًا إلى الذاكرة الفلسطينية الراهنة.

كما دلّت مصطلحات “المقاومة” و”العملية” و”الدوريات” و”المظاهرة” “والمقاومة السلمية” على تعدد أشكال مقاومة الشعب الفلسطيني، وكذلك مصطلحات “الأنفاق” و”صفقات التبادل” فهي ذات دلالة بدورها على تجدد مصطلحات المقاومة وقدرة الفلسطينيين على الابتكار، كما دلّت مصطلحات “الحزب” “والتنظيم السياسي” و”الجبهة الشعبية” و”الجبهة الوطنية” على الأدوات المتعددة التي حاول بها الفلسطينيون عمومًا إدارة مقاومتهم أو نشاطهم السياسي أو علاقاتهم الوطنية.

انحصرت تعريفات هذا المحور في سياقها الفلسطيني، دون البحث في تجارب المنطقة والعالم، أو مقارنة تلك التجارب بالتجربة الفلسطينية، كما غلب على تعريفاته الإيجاز والتكثيف النظري والتجريد إلى حدّ ما، وهو ما يجعله مدخلاً فعليًّا للمحور الذي يليه، أي “محور الحركة الوطنية الفلسطينية”، الذي كان بحق تطبيقًا عمليًّا للمدخل النظري.

“محور الحركة الوطنية الفلسطينية” هو أكبر محاور الكتاب، وقد ضمّ خمسة وأربعين مصطلحًا ومفهومًا تناولت أحداثًا تاريخية وقوى وشخصيات ونطاقات جغرافية، وعلاقات بينية وخارجية، ويمكن ملاحظة اهتمام هذا المحور بالأحداث بما يتخللها من سلوك فلسطيني، مقاوم أو سياسي، يتبدى في العناوين التي من قبيل “أحداث أيلول الأسود وخروج قوات المنظمة من الأردن”، و”اجتياح لبنان عام 1978″، و”اجتياح لبنان عام 1982”.

في هذا السياق حرص الباحثان على التوازن، فعرضا للمقاومة الفلسطينية في مرحلة الثورة الفلسطينية المعاصرة، كما في العناوين السابقة وغيرها من العناوين، أو في تعريفاتهما لقوى وفصائل تلك المرحلة، كما عرضا لنضالات الشعب الفلسطيني في المراحل التي سبقتها، مثل “هبّة البراق” و”الثورة الفلسطينية الكبرى 1936- 1939″، وكذلك المراحل القريبة مثل الانتفاضتين وحروب المقاومة الأخيرة في قطاع غزة.

الأمر نفسه جرى على القوى والفصائل والكيانات والهيئات والتجمعات، منذ النكبة، مرورًا بالثورة الفلسطينية المعاصرة، وصولاً إلى ما بعد الانتفاضة الأولى، مع تركيز على الفصائل الكبرى والأكثر دورًا والأكبر حجمًا كما فعلا مع فتح وحماس، بالإضافة إلى تركيزهما على منظمة التحرير ومؤسساتها، ويمكن قول الشيء نفسه عن الشخصيات التي غطت تلك المراحل من عز الدين القسام ومحمد أمين الحسيني، مرورًا برؤساء منظمة التحرير وحركة فتح، وقادة الجبهتين الشعبية والديمقراطية، إلى الشهيد فتحي الشقاقي أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، والشيخ الشهيد أحمد ياسين مؤسس حركة حماس.

لم يقتصر هذا المحور على التعريفات ذات الصلة بعملية المقاومة المباشرة، بل تناول الأداء السياسي للحركة الوطنية الفلسطينية، بما فيه من مبادرات سياسية، كما في “المشروع المرحلي”، أو وثائق وأدبيات كما في الميثاقين القومي والوطني، وقد عرضا للسلطة الفلسطينية في هذا المحور كونها واحدة من نتائج خيارات القوى المتنفذة في الحركة الوطنية في حينه، ثم عرضا لها مرة أخرى في “محور التسوية السياسية”، بما هي في الوقت نفسه من أهم تمثلات مشروع التسوية، بما يشير إلى تشابك موضوعات القضية الفلسطينية، ودور الحركة الوطنية الفلسطينية في صعود وانحدار المسار النضالي.

اتسمت تعريفات هذا المحور بالتوسع النسبي، مع الاهتمام بالتفاصيل وتسلسل الأحداث، ولاسيما في الأحداث الكبرى، التي تجاوزت فيها العرض الوصفي إلى تحليل المسارات والقوى الفاعلة، مع قراءة نقدية لأداء القوى والشخصيات الفلسطينية، ويمكن اعتبار القدرة على الجمع بين التعريف المجرد والتحليل والنقد واحدة من ميزات هذا الدليل المختصر.

“محور «إسرائيل» بصفتها بنية استعمارية”، كان المحور الثالث في الدليل، والذي تجاوز بتعريفاته “إسرائيل” الدولة، إلى الحركة الصهيونية، وما ارتبط بها من واقع اليهود في العالم، وذلك في أربعة وثلاثين مفهومًا ومصطلحًا تتناول بنية الحركة الصهيونية وصولاً إلى “إسرائيل” وأجهزتها ومنظماتها وأحزابها، وقد تضمن المحور كذلك عددًا من الشخصيات بما يغطي مساحة واسعة من تاريخ الحركة الصهيونية.

ترتيب المحور، بمجيئه محورًا ثالثًا، يعني أن الصراع بدأ بدخول هذا العنصر الطارئ، أي العنصر الصهيوني، على العنصر الأصيل الذي مثّله الشعب الفلسطيني، ومن هنا بدأت القضية.

بمصطلحاته ومفاهيمه التي اختارها الباحثان؛ يتسع المفهوم العام الذي يمثّله “محور «إسرائيل» بصفتها بنية استعمارية”، ليشمل الطبيعة الاستيطانية التي تعبّر عنها مصطلحات “الكيبوتس” أو “الييشوف” أو “الموشاب”، أو “بيتاح تكفا” بما هي أول مستوطنة زراعية صهيونية، أو “تل أبيب” بما هي أشهر مستوطنات الاحتلال، إضافة إلى المفاهيم المجردة وتطبيقاتها الاستعمارية على فلسطين كتعريف المستوطنين.

ثم يشمل المحور بنية “إسرائيل” نفسها بأجهزتها العسكرية والأمنية والمجتمعية وأحزابها السياسية، وما يسبق ذلك من مسار للحركة الصهيونية وصولاً إلى استعمار فلسطين، فلم تقتصر التعريفات مثلا على “الجيش الإسرائيلي” و”الموساد” و”الشاباك” و”الهستدروت” بل تناولت تعريفات سابقة مثل “الهاغاناه” و”منظمة الحارس” و”الوكالة اليهودية”.

أوضاع اليهود وتقسيماتهم في العالم، كانت جزءًا من موضوعات هذا المحور، بالإضافة إلى السعي الصهيوني الدولي كاللوبي الصهيوني في أمريكا، فضلاً عن مناسبات وذكريات جرى استغلالها صهيونيًّا، مثل “الهولوكوست”، أو شكلت جزءًا من هوية البنية الاستعمارية لـ “إسرائيل” مثل “يوم الاستقلال”.

من الصعب جدًّا الفصل بين هذا المحور إذ يتناول البنية الاستعمارية لـ “إسرائيل” في مسارها التاريخي، عن الممارسة الاستعمارية على الأرض، إذ هو متضمن لها بالضرورة، ولذلك يمكن اعتبار هذا المحور مدخلاً نظريًّا بدوره للمحور الذي يليه والذي هو “محور السياسات الاستعمارية في فلسطين”، والذي يمثل النتائج المأساوية المتمثلة في دخول العنصر الصهيوني الطارئ على فلسطين.

تناول “محور السياسات الاستعمارية في فلسطين”، ستة وثلاثين تعريفًا، تشرح بشكل مكثف، إفرازات ومآلات المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية، بطبائعها المختلفة القانونية والسياسية والثقافية والميدانية والعسكرية، ولهذا تبدو هذه الممارسات بمآلاتها واسعة ومتعددة جدًّا، وهو ما حاول الباحثان مراعاته في اختياراتهما.

تحاول التعريفات تناول الطبيعة الاستعمارية نفسها بأوصافها المتعددة، كوصفها بالأبارتهايد، أو “التطهير العرقي”، وما يتصل بذلك من إجراءات أو وقائع أو بنى على الأرض كالمستوطنات والإبعاد و”الترانسفير”، أو إجراءات أكثر تحديدًا على الأرض مثل الحواجز والطرق الالتفافية وجدار الفصل العنصري والضم والكانتون، وغير ذلك.

بيد أن هذه السياسات لا تتوقف على الممارسة الاستيطانية الإحلالية في طابعها المجرد، وإنما هي متسعة بقدر اتساع الصراع نفسه، بما يفرزه من أشكال إدارية، يدير بها العدوّ المحتل الشعب الخاضع للاحتلال مثل “الإدارة المدنية”، أو ممارسات أمنية مثل الاعتقالات بما تستلزمه من سجون ومراكز توقيف ومراكز تحقيق وإدارات سجون وإجراءات داخل المعتقلات.

كما تشمل السياسات الاستعمارية الإجراءات الحربية، بما تتطلبه وتفرزه كالهدنة، أو تفرضه المواجهة كمنع التجول، بما في ذلك تخصيص الاحتلال مقابر خاصة بجثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزين، أو أماكن لتشريح جثثهم، بالإضافة إلى الإجراءات الاستعمارية الناجمة عن التسوية السياسية، مثل التقسيمات التي خضعت لها أراضي الضفة الغربية على ضوء اتفاقية أوسلو.

وبذلك يقود هذا المحور إلى المحور الأخير الذي يليه، والذي هو “محور التسوية السياسية”، والذي ضم ثلاثين تعريفًا يمكن اعتبارها عرضًا لمسار التسوية التاريخي، بما فيه من مبادرات واتفاقيات ومؤتمرات وجولات وخطط ورؤى ورسائل ونتائج على الأرض، دون أن يتعرض الباحثان للمبادرات التي سبقت قيام الثورة الفلسطينية المعاصرة.

أقدم المبادرات أو الخطوات في مشروع التسوية التي تعرض لها المحور هي مبادرة النقاط العشر أو الحل المرحلي التي كانت في العام 1974، ثم “معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية” في العام 1978، والمعروفة باسم “اتفاقية كامب ديفد”، كما أنه ركّز بشكل أساسي على الأفكار التي تلت توقيع اتفاق أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية.

ملاحظات أخيرة

من ناحية الشكل، وبالإضافة للوصف العام لطريقة تقسيم الكتاب التي جرى وصفها سابقًا، قام الباحثان في بعض الأحيان بكتابة توصيفات أو مصطلحات أخرى تطلق على المصطلح الذي اختاراه، وذلك بجعل تلك الأوصاف والمصطلحات الإضافية بخط صغير أسفل المصطلح الذي اختاراه وجعلاه هو العنوان الرئيس للتعريف، وقد يشمل ذلك المصطلحات الإسرائيلية، ولكنهما يجعلانها بين مزدوجين للدلالة على رفضهما لها، وكذلك مصطلحات أخرى مشكلة، يقومان بمناقشتها في التعريف الموسع، إذ من أهداف كتابهما تحرير المصطلحات المشكلة، واقتراح ما هو أنسب من وجهة نظرهما.

وفي موضوع الشكل نفسه، قام الباحثان بربط كثير من المصطلحات بموضوعات أخرى تتصل بها، إن في محاور أخرى أو في المحور نفسه، وكذلك بالتنبيه إلى تكرار المصطلح نفسه في محاور أخرى، وذلك بكتابة الإحالات بخط صغير أسفل المصطلح العنوان الذي يقومان بتعريفه.

وطالما أن القضية الفلسطينية بهذه السعة زمانًا وأحداثًا وشخصيات وموضوعات، فإن عملية الاختيار تظل ناقصة، إن بالغفلة عن مصطلحات قد تكون ذات أهمية، أو بالتعرض لمصطلحات قد تكون أقل أهمية، ويمكن هنا القول إن دليلاً صغيرًا أريد منه الاختصار والإيجاز والانتقاء، لا بد وأن يغفل بعض ما كان ينبغي أن يضمه في كل محور من المحاور.

محور المقاومة الفلسطينية مثلاً لم يتضمن مصطلح “العمليات الاستشهادية” في عنوان مستقل، وإن جرى ذكره داخل مصطلح “عملية”، ولكن دون تحرير الإشكال الذي دار حوله، علمًا بأن من أهداف الكتاب رفع الالتباس وتحرير المصطلحات كما سبق قوله، وفي محور الحركة الوطنية الفلسطينية مثلاً لم يتعرض الباحثان إلى قوات الجهاد المقدس أو إلى عبد القادر الحسيني.

وفي محور “إسرائيل” بصفتها بنية استعمارية لم يعرف الباحثان الكنيست مثلاً، وفي محور السياسات الاستعمارية لفلسطين ورغم أنهما عرّفا مصطلح الحرب، لم يتعرضا لحربي العامين 1948 و1967، وركزا في الكتاب عمومًا على حروب الثورة والمقاومة الفلسطينية، وفي محور التسوية السياسية أغفلا مبادرات متعددة ولاسيما في المراحل المبكرة من عمر القضية الفلسطينية، أو حتى في مرحلة الثورة الفلسطينية المعاصرة.

ولكن وطالما أن فكرة الكتاب تقوم على الانتقاء والاختيار، وليست عرضًا موسوعيًّا شاملاً، ولا كتابة تاريخية مفتوحة، وتقوم أيضًا على التعريفات الموجزة والمكثفة لا على الدراسات المستوعبة، فلا بد وأن يظل هناك مجال للإضافة والاستدراك، وهو الأمر الذي يبدو أن المركز يعكف عليه بجعله هذا الكتاب فاتحة لعدد من الإصدارات الشبيهة.

في هذا الصدد يمكن الاقتراح بتنويع أشكال الإصدارات القادمة، وذلك مثلاً بتخصيص بعض الإصدارات لعدد محدود جدًّا من المصطلحات تجري دراستها بحثيًّا على نحو وسع، وبإصدار موسوعات تتضمن دراسات موسعة يكتبها باحثون مختصون يجري استكتابهم لهذا الغرض، بالإضافة إلى الإصدارات المختصرة والموجزة على طريقة هذا الإصدار الذي يجري عرضه ونقده.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى