المشهد الفلسطينيالانتخابات الفلسطينيةأنشطة متنوعة

قراءة في مشهد القوائم الانتخابية المترشحة لانتخابات المجلس التشريعي لعام 2021

ندوة وتلخيص

نظم مركز رؤية للتنمية السياسية لقاء مع مجموعة من الخبراء والأكاديميين والسياسيين، حول مشهد الانتخابات الفلسطينية المزمع عقدها في أيار/ مايو 2021، وذلك في ضوء عدة متغيرات، أبرزها: وجود الكثير من القوائم المترشحة، والتي وصل عددها إلى 36 قائمة، على عكس انتخابات عام 2006، التي شارك فيها 11 قائمة انتخابية، واجتازت فقط 6 قوائم منها نسبة الحسم. أضف إلى ذلك تعطل الانتخابات لأكثر من 15 عاما، حيث أفرز ذلك انضمام أعداد كبيرة من الناخبين في المرحلة القادمة. وكذلك من المعطيات الجديدة الظروف الاقتصادية الصعبة في ظل جائحة كورونا، وغيرها من التحديات كالاستيطان وغيره. وقد جاء هذا اللقاء ليناقش الموضوع من عدة جوانب تتمثل في المحاور التالية:

المحور الأول: قراءة تحليلية لتركيبة القوائم وحضورها في المشهد الفلسطيني.

المحور الثاني: قراءة تحليلية في برامج القوائم ومدى ملائمتها لتوفير توجهات الجمهور الفلسطيني.

المحور الثالث: تداعيات شكل التنافس الانتخابي على النظام السياسي الفلسطيني.

تحدث د.إبراهيم ربايعة، الأكاديمي والباحث في قضايا التنمية السياسية، عن التجربتين الانتخابيتين عامي 1996 و 2006، اللتين شهدتا غياب الديمقراطية فيهما، فكان المجلس التشريعي عام 1996 صورة رمزية وشكلية دون أي قيمة في ذاته، وفي عام 2006 كان هدف الانتخابات أن تكون حاضنة للكل الفلسطيني، لكنه انحرف عن مساره الديمقراطي بعد فوز حركة حماس فيه بأغلبية المقاعد. واليوم يأمل الفلسطينيون من الانتخابات القادمة، أن تسير في اتجاه ديمقراطي تعددي، واستعادة الوحدة الوطنية، والمشاركة السياسية للكل الفلسطيني؛ لتطوير المنظومة التشريعية، وإصلاح النظام السياسي الكامل، كخطوة أولى لإعادة بناء منظمة التحرير.

وذكر د. ربايعة أن المهم في المرحلة المقبلة، هو الذهاب إلى مجلس انتقالي يعمل على تحقيق العدالة الانتقالية، لتهيئة الجو العام للانتخابات المقبلة، فهناك الكثير من القوائم المستقلة التي لا يمكن لها تجاوز نسبة الحسم لدخول المجلس التشريعي، كالحراكات والأحزاب الصغيرة، وكان الأولى لها الائتلاف فيما بينها لتجاوز نسبة الحسم، حيث أن أمامها تحدّيا كبيرا لعدم وجود برامج تلبي حاجات المواطنين. وخلاصة المشهد أننا سنكون أمام مجلس تشريعي بين قطبين يعملان في سياق من التفاهمات، مع وجود بعض الكتل الصغيرة، التي لا تؤثر في القضايا الكبيرة كتشكيل الحكومة، وإنما على شكل ائتلاف مع إحدى القطبين.

وفيما يتعلق بالمحور الثاني، فقد قدَّم د. نهاد الشيخ خليل، المحاضر في الجامعة الإسلامية بغزة، قراءة تحليلية لبرامج القوائم المترشحة، ومدى ملائمتها لتوجهات الجهور، حيث أشار إلى أنه بالرغم من عدم وجود برامج واضحة ومحددة إلى الآن، إلا أنه يرى أن قوائم حركة فتح الثلاثة، يغلب عليها الخطاب الحزبي والفئوي، وأن اختيار شعار العاصفة رمزا لقائمة فتح الرسمية، ما هو إلا دغدغة لعواطف المواطن، الذي يئس من الوضع القائم، بعدما كان شعارها في انتخابات عام 2006، تحقيق الرفاهية من خلال حل الدولتين، وقد فشلت في ذلك، فتوجهت إلى أسلوب جديد يتقرب من المواطن، كما أنها لم تقدم رؤية جديدة متماسكة للمرحلة القادمة، كمواجهة زيادة الاستيطان، والوضع الاقتصادي، وغير ذلك.

أما برامج اليسار، فإنها تعتمد على المقولات الكبرى حول الرأسمالية، ومواجهة الاستعمار، وتحقيق العدالة الاجتماعية، إضافة إلى أن فصائل اليسار تعيش في حالة من الحيرة بين رغبتها في تقوية فتح، وبين اقترابها من حركة حماس. وفيما يتعلق ببرامج الحراكيين والمستقلين، فإنهم يركزون على محاربة الفساد، وإشاعة الحريات، وتحسين الأوضاع الاقتصادية.

أما رؤية حركة حماس، فقد أشار الشيخ خليل إلى أنها نابعة من عنوان قائمتها (القدس موعدنا)، وذلك للربط، وبشكل كبير، بين الواقع المعيشي والسياسي، وبين المسائل الوطنية، وخاصة مسألة القدس، باعتبارها عنوان الكفاح الفلسطيني، كما أنها استخلصت العبر من انتخابات عام 2006، وذلك بالاقتراب من  أولويات الجمهور في محاربة الفقر، وإنهاء الانقسام، وتبني خيار المقاومة.

وفيما يتعلق بالمحور الثالث، فقد تحدث د. حسن أيوب، الأستاذ المساعد ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، عن تداعيات شكل التنافس الانتخابي على النظام السياسي الفلسطيني، وذلك من خلال ثلاثة مؤشرات؛ الأول هو جودة الانتخابات القادمة؛ وهي، من الناحية الديمقراطية، تتركز في عدة مؤثرات، أهمها عدم تأثير أي طرف على نتائجها بشكل مسبق، والجدل الذي يرافق القوائم الانتخابية؛ كترتيب أرقام المرشحين في القائمة، والذي سيطر على حساب القضايا الأكثر أهمية، وكذلك العدد الكبير للقوائم الانتخابية، الذي يتسبب في تشتيت قوة الناخبين. وربما الأهم في هذه الحالة، هو غياب مراكز الجذب السياسي، والتي تعني وجود قوى تمتلك رؤى سياسية، ولها قاعدة اجتماعية، وهو ما تفتقر إليه هذه الانتخابات. والمؤثر الأخير، هو الافتراض المسبق لدى القوائم الانتخابية، بأن تغيير النظام السياسي في فلسطين لا يمكن أن يكون إلا من خلال المشاركة في المجلس التشريعي، أي عن طريق الانتخابات.

أما المؤشر الثاني، فهو الحاجة إلى نظرة ممتدة زمنيا لتغيير النظام السياسي في بنيته وقوته المؤثرة. ففي انتخابات عام 2006، التي شاركت فيها حركة حماس، كان النظام السياسي في الضفة قائما على الاستئثار والتفرد بالقرار. وفي الانتخابات القادمة، نجد أن مؤشرات التغيير غير مبشرة؛ لأن الفصائل الأخرى سلمت بتوافق حركتي فتح وحماس بكل تفاصيلها، كمسألة الحريات، والمشاركة في الانتخابات، وغيرها، وهذا في حد ذاته استئثار بالقرار.

أما المؤشر الثالث، فهو مقارنة الانتخابات عام 2006 مع ما يمكن أن تكون عليه الانتخابات القادمة. ففي انتخابات عام 2006، جاء التغيير على النظام السياسي من الخارج، وهذا بدوره مهد الطريق لنظام تهيمن فيه السلطة التنفيذية وأجهزة الأمن على الحياة السياسية، فلم تنشأ حياة برلمانية تحد من تغول السلطة التنفيذية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان من أسباب إفراز الانتخابات السابقة، أن النظام كان مختلطا أو رئاسيا، وليس برلمانيا.

 كما أن قوائم اليوم تفتقد إلى الهوية السياسية؛ لعدم وجود برنامج واضح لديها لتغيير النظام السياسي الفلسطيني. كما أن قوائم المستقلين لم تتمكن من تشكيل محور أو مركز ثقل، ولن تتمكن من توحيد جهودها خارج البرلمان، لتكون مركز ثقل، وتؤثر في صنع القرار، شأنها في ذلك شأن اليسار؛ لذلك من غير المتوقع حصول اليسار على تسعة مقاعد كما حصل عليها في انتخابات عام 2006؛ وهذا بسبب العجز عن إحداث أي تغيير في السنوات الماضية، أو امتلاك القرار السياسي في عملية التأثير، سواء من خلال منظمة التحرير أو غيرها.

مداخلات الضيوف

في مداخلة للدكتور بلال الشوبكي، استطرد بالحديث عن وضع القوائم الصغيرة، وفرصها في الدخول إلى البرلمان؛ وأشار إلى خطورة طرح بعض القوائم لبرامجها السياسية، ورأى أن بعض هذه القوائم هي أشبه بالتكتلات القبلية، التي تعتبر نتاجا لعدم حرية الحراكات في الساحة الفلسطينية، كما أن نظام الانتخابات يحفز المجتمع للانتخاب؛ لوجود الكثير من القوائم، التي تعتبر أداة لوصول مؤسسيها للبرلمان.

وتحدث علاء حنتش في مداخلة له عن واقع الكتل الانتخابية، فحركة فتح تقف أمام أزمة حقيقية لوجود أكثر من قائمة لها، وافتقارها لنماذج ناجحة يمكن تقديمها للجمهور الفلسطيني. أما حركة حماس، فقد استفادت من خبرتها السابقة، وعملت على ترتيب أوضاعها بسرية تامة، وهو ما يعزز ثقة الناس بقائمتها. وأما اليسار فقد أخفق، والكثير من الأحزاب الأخرى فقدت قيمتها لتبعيتها للغير.

وعلى صعيد آخر، أشار عماد الفالوجي إلى أن الانتخابات القادمة ستمثل فرصة لمشاركة الفصائل، وخاصة الكبرى، في المجلس الوطني، بعكس انتخابات عام 1996 التي كان فيها المجلس تحت سيطرة فتح، وعام 2006 التي حصدت فيها حماس غالبية المقاعد. وستظهر قوة ثالثة على الساحة الفلسطينية، رغم وجود اتفاق بين حركتي فتح وحماس، على الشراكة السياسية وحكومة توافق.

وفي رد د. حسن أيوب على سؤال حول شكل الحالة السياسية بعد الانتخابات؛ أشار إلى أن المشهد الفلسطيني سيشهد تكريس حالة حزبية غير مسبوقة، وسيكون مجلس تشريعي قائم على الثنائية، وأربع قوائم أخرى، إضافة إلى أنه سيكون هناك تحالف بين حماس ودحلان، وتحالف قائمة فتح مع البرغوثي والقدوة.

وفي نهاية اللقاء، اعتبر د. نهاد الشيخ خليل أن الكثير من القوائم هي  قوائم مناطقية تعبر عن همومها المحلية، فظهر صداها على شكل القوائم الانتخابية الحالية، ورأى أن هناك تناقضا بين اتجاهات الرأي العام، وبين الواقع الفلسطيني على امتداده التاريخي، وهو بطبيعة الحال ليس خطأ، وإنما جهود تبذل في سبيل تقدير الواقع. وفيما يتعلق بتوحيد حركة فتح، رأى أنه من الصعب في الظرف الراهن، أن تتوحد قيادة حركة فتح، أو تصل إلى تسوية فيما بينها. وفي علاقة حركتي فتح وحماس، رأى أنه لا يوجد اتفاق عام بينهما، وإنما محاولة لتسوية الحالة السياسية، أملا في تكوين حكومة جديدة من خلال الانتخابات.

وختم الدكتور إبراهيم ربايعة في رده، ورأى أن حركة فتح سوف تتحول من حزب حاكم إلى حزب يتسع لجميع الآراء، وأن خلافات قائمة فتح الرئيسة وقائمة البرغوثي/ القدوة، لن تستمر بعد الانتخابات، وسيحدث تحالف بينهما. وفي هذه الحالة سيكون أمامنا خياران رئيسان: إما ترسيخ النظام السياسي القائم على ما هو عليه الآن في الضفة وغزة، أو إحياء النظام السياسي عبر تغيير وظائفه من خلال قوة خارج البرلمان. واعتبر أن إلغاء الانتخابات هو خطر على الجميع، ولا يوجد مبرر لإلغائها، وهناك حلول لموضوع القدس يمكن الحديث فيها. أما فيما يتعلق باستطلاعات الرأي، فمن الأجدر الانتظار إلى اللحظة الأخيرة للحكم عليها؛ حتى تصل الصورة للجمهور بشكل واضح عن القوائم الانتخابية.

نظم مركز رؤية للتنمية السياسية لقاء مع مجموعة من الخبراء والأكاديميين والسياسيين، حول مشهد الانتخابات الفلسطينية المزمع عقدها في أيار/ مايو 2021، وذلك في ضوء عدة متغيرات، أبرزها: وجود الكثير من القوائم المترشحة، والتي وصل عددها إلى 36 قائمة، على عكس انتخابات عام 2006، التي شارك فيها 11 قائمة انتخابية، واجتازت فقط 6 قوائم منها نسبة الحسم. أضف إلى ذلك تعطل الانتخابات لأكثر من 15 عاما، حيث أفرز ذلك انضمام أعداد كبيرة من الناخبين في المرحلة القادمة. وكذلك من المعطيات الجديدة الظروف الاقتصادية الصعبة في ظل جائحة كورونا، وغيرها من التحديات كالاستيطان وغيره. وقد جاء هذا اللقاء ليناقش الموضوع من عدة جوانب تتمثل في المحاور التالية:

المحور الأول: قراءة تحليلية لتركيبة القوائم وحضورها في المشهد الفلسطيني.

المحور الثاني: قراءة تحليلية في برامج القوائم ومدى ملائمتها لتوفير توجهات الجمهور الفلسطيني.

المحور الثالث: تداعيات شكل التنافس الانتخابي على النظام السياسي الفلسطيني.

تحدث د.إبراهيم ربايعة، الأكاديمي والباحث في قضايا التنمية السياسية، عن التجربتين الانتخابيتين عامي 1996 و 2006، اللتين شهدتا غياب الديمقراطية فيهما، فكان المجلس التشريعي عام 1996 صورة رمزية وشكلية دون أي قيمة في ذاته، وفي عام 2006 كان هدف الانتخابات أن تكون حاضنة للكل الفلسطيني، لكنه انحرف عن مساره الديمقراطي بعد فوز حركة حماس فيه بأغلبية المقاعد. واليوم يأمل الفلسطينيون من الانتخابات القادمة، أن تسير في اتجاه ديمقراطي تعددي، واستعادة الوحدة الوطنية، والمشاركة السياسية للكل الفلسطيني؛ لتطوير المنظومة التشريعية، وإصلاح النظام السياسي الكامل، كخطوة أولى لإعادة بناء منظمة التحرير.

وذكر د. ربايعة أن المهم في المرحلة المقبلة، هو الذهاب إلى مجلس انتقالي يعمل على تحقيق العدالة الانتقالية، لتهيئة الجو العام للانتخابات المقبلة، فهناك الكثير من القوائم المستقلة التي لا يمكن لها تجاوز نسبة الحسم لدخول المجلس التشريعي، كالحراكات والأحزاب الصغيرة، وكان الأولى لها الائتلاف فيما بينها لتجاوز نسبة الحسم، حيث أن أمامها تحدّيا كبيرا لعدم وجود برامج تلبي حاجات المواطنين. وخلاصة المشهد أننا سنكون أمام مجلس تشريعي بين قطبين يعملان في سياق من التفاهمات، مع وجود بعض الكتل الصغيرة، التي لا تؤثر في القضايا الكبيرة كتشكيل الحكومة، وإنما على شكل ائتلاف مع إحدى القطبين.

وفيما يتعلق بالمحور الثاني، فقد قدَّم د. نهاد الشيخ خليل، المحاضر في الجامعة الإسلامية بغزة، قراءة تحليلية لبرامج القوائم المترشحة، ومدى ملائمتها لتوجهات الجهور، حيث أشار إلى أنه بالرغم من عدم وجود برامج واضحة ومحددة إلى الآن، إلا أنه يرى أن قوائم حركة فتح الثلاثة، يغلب عليها الخطاب الحزبي والفئوي، وأن اختيار شعار العاصفة رمزا لقائمة فتح الرسمية، ما هو إلا دغدغة لعواطف المواطن، الذي يئس من الوضع القائم، بعدما كان شعارها في انتخابات عام 2006، تحقيق الرفاهية من خلال حل الدولتين، وقد فشلت في ذلك، فتوجهت إلى أسلوب جديد يتقرب من المواطن، كما أنها لم تقدم رؤية جديدة متماسكة للمرحلة القادمة، كمواجهة زيادة الاستيطان، والوضع الاقتصادي، وغير ذلك.

أما برامج اليسار، فإنها تعتمد على المقولات الكبرى حول الرأسمالية، ومواجهة الاستعمار، وتحقيق العدالة الاجتماعية، إضافة إلى أن فصائل اليسار تعيش في حالة من الحيرة بين رغبتها في تقوية فتح، وبين اقترابها من حركة حماس. وفيما يتعلق ببرامج الحراكيين والمستقلين، فإنهم يركزون على محاربة الفساد، وإشاعة الحريات، وتحسين الأوضاع الاقتصادية.

أما رؤية حركة حماس، فقد أشار الشيخ خليل إلى أنها نابعة من عنوان قائمتها (القدس موعدنا)، وذلك للربط، وبشكل كبير، بين الواقع المعيشي والسياسي، وبين المسائل الوطنية، وخاصة مسألة القدس، باعتبارها عنوان الكفاح الفلسطيني، كما أنها استخلصت العبر من انتخابات عام 2006، وذلك بالاقتراب من  أولويات الجمهور في محاربة الفقر، وإنهاء الانقسام، وتبني خيار المقاومة.

وفيما يتعلق بالمحور الثالث، فقد تحدث د. حسن أيوب، الأستاذ المساعد ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، عن تداعيات شكل التنافس الانتخابي على النظام السياسي الفلسطيني، وذلك من خلال ثلاثة مؤشرات؛ الأول هو جودة الانتخابات القادمة؛ وهي، من الناحية الديمقراطية، تتركز في عدة مؤثرات، أهمها عدم تأثير أي طرف على نتائجها بشكل مسبق، والجدل الذي يرافق القوائم الانتخابية؛ كترتيب أرقام المرشحين في القائمة، والذي سيطر على حساب القضايا الأكثر أهمية، وكذلك العدد الكبير للقوائم الانتخابية، الذي يتسبب في تشتيت قوة الناخبين. وربما الأهم في هذه الحالة، هو غياب مراكز الجذب السياسي، والتي تعني وجود قوى تمتلك رؤى سياسية، ولها قاعدة اجتماعية، وهو ما تفتقر إليه هذه الانتخابات. والمؤثر الأخير، هو الافتراض المسبق لدى القوائم الانتخابية، بأن تغيير النظام السياسي في فلسطين لا يمكن أن يكون إلا من خلال المشاركة في المجلس التشريعي، أي عن طريق الانتخابات.

أما المؤشر الثاني، فهو الحاجة إلى نظرة ممتدة زمنيا لتغيير النظام السياسي في بنيته وقوته المؤثرة. ففي انتخابات عام 2006، التي شاركت فيها حركة حماس، كان النظام السياسي في الضفة قائما على الاستئثار والتفرد بالقرار. وفي الانتخابات القادمة، نجد أن مؤشرات التغيير غير مبشرة؛ لأن الفصائل الأخرى سلمت بتوافق حركتي فتح وحماس بكل تفاصيلها، كمسألة الحريات، والمشاركة في الانتخابات، وغيرها، وهذا في حد ذاته استئثار بالقرار.

أما المؤشر الثالث، فهو مقارنة الانتخابات عام 2006 مع ما يمكن أن تكون عليه الانتخابات القادمة. ففي انتخابات عام 2006، جاء التغيير على النظام السياسي من الخارج، وهذا بدوره مهد الطريق لنظام تهيمن فيه السلطة التنفيذية وأجهزة الأمن على الحياة السياسية، فلم تنشأ حياة برلمانية تحد من تغول السلطة التنفيذية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان من أسباب إفراز الانتخابات السابقة، أن النظام كان مختلطا أو رئاسيا، وليس برلمانيا.

 كما أن قوائم اليوم تفتقد إلى الهوية السياسية؛ لعدم وجود برنامج واضح لديها لتغيير النظام السياسي الفلسطيني. كما أن قوائم المستقلين لم تتمكن من تشكيل محور أو مركز ثقل، ولن تتمكن من توحيد جهودها خارج البرلمان، لتكون مركز ثقل، وتؤثر في صنع القرار، شأنها في ذلك شأن اليسار؛ لذلك من غير المتوقع حصول اليسار على تسعة مقاعد كما حصل عليها في انتخابات عام 2006؛ وهذا بسبب العجز عن إحداث أي تغيير في السنوات الماضية، أو امتلاك القرار السياسي في عملية التأثير، سواء من خلال منظمة التحرير أو غيرها.

مداخلات الضيوف

في مداخلة للدكتور بلال الشوبكي، استطرد بالحديث عن وضع القوائم الصغيرة، وفرصها في الدخول إلى البرلمان؛ وأشار إلى خطورة طرح بعض القوائم لبرامجها السياسية، ورأى أن بعض هذه القوائم هي أشبه بالتكتلات القبلية، التي تعتبر نتاجا لعدم حرية الحراكات في الساحة الفلسطينية، كما أن نظام الانتخابات يحفز المجتمع للانتخاب؛ لوجود الكثير من القوائم، التي تعتبر أداة لوصول مؤسسيها للبرلمان.

وتحدث علاء حنتش في مداخلة له عن واقع الكتل الانتخابية، فحركة فتح تقف أمام أزمة حقيقية لوجود أكثر من قائمة لها، وافتقارها لنماذج ناجحة يمكن تقديمها للجمهور الفلسطيني. أما حركة حماس، فقد استفادت من خبرتها السابقة، وعملت على ترتيب أوضاعها بسرية تامة، وهو ما يعزز ثقة الناس بقائمتها. وأما اليسار فقد أخفق، والكثير من الأحزاب الأخرى فقدت قيمتها لتبعيتها للغير.

وعلى صعيد آخر، أشار عماد الفالوجي إلى أن الانتخابات القادمة ستمثل فرصة لمشاركة الفصائل، وخاصة الكبرى، في المجلس الوطني، بعكس انتخابات عام 1996 التي كان فيها المجلس تحت سيطرة فتح، وعام 2006 التي حصدت فيها حماس غالبية المقاعد. وستظهر قوة ثالثة على الساحة الفلسطينية، رغم وجود اتفاق بين حركتي فتح وحماس، على الشراكة السياسية وحكومة توافق.

وفي رد د. حسن أيوب على سؤال حول شكل الحالة السياسية بعد الانتخابات؛ أشار إلى أن المشهد الفلسطيني سيشهد تكريس حالة حزبية غير مسبوقة، وسيكون مجلس تشريعي قائم على الثنائية، وأربع قوائم أخرى، إضافة إلى أنه سيكون هناك تحالف بين حماس ودحلان، وتحالف قائمة فتح مع البرغوثي والقدوة.

وفي نهاية اللقاء، اعتبر د. نهاد الشيخ خليل أن الكثير من القوائم هي  قوائم مناطقية تعبر عن همومها المحلية، فظهر صداها على شكل القوائم الانتخابية الحالية، ورأى أن هناك تناقضا بين اتجاهات الرأي العام، وبين الواقع الفلسطيني على امتداده التاريخي، وهو بطبيعة الحال ليس خطأ، وإنما جهود تبذل في سبيل تقدير الواقع. وفيما يتعلق بتوحيد حركة فتح، رأى أنه من الصعب في الظرف الراهن، أن تتوحد قيادة حركة فتح، أو تصل إلى تسوية فيما بينها. وفي علاقة حركتي فتح وحماس، رأى أنه لا يوجد اتفاق عام بينهما، وإنما محاولة لتسوية الحالة السياسية، أملا في تكوين حكومة جديدة من خلال الانتخابات.

وختم الدكتور إبراهيم ربايعة في رده، ورأى أن حركة فتح سوف تتحول من حزب حاكم إلى حزب يتسع لجميع الآراء، وأن خلافات قائمة فتح الرئيسة وقائمة البرغوثي/ القدوة، لن تستمر بعد الانتخابات، وسيحدث تحالف بينهما. وفي هذه الحالة سيكون أمامنا خياران رئيسان: إما ترسيخ النظام السياسي القائم على ما هو عليه الآن في الضفة وغزة، أو إحياء النظام السياسي عبر تغيير وظائفه من خلال قوة خارج البرلمان. واعتبر أن إلغاء الانتخابات هو خطر على الجميع، ولا يوجد مبرر لإلغائها، وهناك حلول لموضوع القدس يمكن الحديث فيها. أما فيما يتعلق باستطلاعات الرأي، فمن الأجدر الانتظار إلى اللحظة الأخيرة للحكم عليها؛ حتى تصل الصورة للجمهور بشكل واضح عن القوائم الانتخابية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى