قراءة في المشهد السياسي الإسرائيلي – حزيران 2016
الملخص:
تضمّن المشهد السياسي الإسرائيلي في حزيران 2016 العديد من الأحداث وردود الفعل، على الأصعدة الأمنية والسياسية والتشريعية، كان أبرزها الإعلان عن توقيع اتفاق عودة العلاقات بين تركيا و”إسرائيل”، وعملية التفجير في تل أبيب، وإقرار قانون مكافحة “الإرهاب”، وردود الفعل الحزبية على تصريحات عنصرية.
من جهة أخرى، تشير القراءة إلى مشكلة استمرار ارتفاع أسعار الشقق في “إسرائيل” إضافة إلى ازدياد شرب الكحول في المجتمع الإسرائيلي، والإصرار الإسرائيلي على مواصلة ملاحقة النازيين. كما شهد شهر حزيران إصدار العديد من المؤلفات والتقارير تشير القراءة إلى أبرزها؛ “شيطان الدين” للكاتب شوكي فريدمان، و”الجيش النصف أخلاقي في العالم” للكاتب رئيس الكنيست السابق أبراهام بورغ.
عملية تل أبيب 8/6/2016
نفّذ شابان فلسطينيان في الثامن من حزيران 2016، عملية في مطعم بمنطقة شارونا في تل أبيب، أسفرت العملية عن سقوط أربعة قتلى إسرائيليين وإصابة 16 آخرين.
ردود فعل أحزاب اليمين:
قال بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم حزب الليكود، إن حكومته ستقوم بالرد بعقلانية وبحزم في نفس الوقت. فيما كان هذا الاختبار الأول لأفغدور ليبرمان، وزير الدفاع الجديد وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، والذي قال سنترك التصريحات، ونتجه نحو الأفعال. وقد اتخذت الحكومة، والتي تضم كافة أحزاب اليمين، العديد من القرارات للرد على العملية، وهي:
- حصار مدينة يطا التي خرج منها منفّذا العملية.
- وقْف إصدار عشرات آلاف التصاريح، التي كانت الحكومة تنوي إصدارها بمناسبة شهر رمضان.
- سحب تصاريح المئات من عائلة مخامرة التي ينتمي إليها المنفّذان.
- تحويل المبالغ اللازمة من أجل سدّ الثغرات في الجدار العازل في الجنوب، قرب الخليل.
ردود فعل أحزاب الوسط واليسار:
قام يائير لبيد زعيم حزب “يوجد مستقبل”، باصطحاب سفيري إيطاليا والنمسا، إلى مكان الحادث، وقد اعتبر لبيد أن هذه العملية لن تمنع الشعب الإسرائيلي من الحياة، والاستمرار في العمل، مضيفًا أن هناك شعبًا يعيش حياته بديمقراطية، وهناك قتلة يشوشون حياته. أما نحمان شاي وعمير بيرتس من المعسكر الصهيوني، وبعد أن أدانا العملية، فقد اعتبرا أن سياسة الحكومة، وتحديدًا نتنياهو، هي التي تقود إلى مثل هذه العمليات، لأنهم أغلقوا أي طريق آخر للوقوف في وجه مثل هذه الأعمال، في إشارة إلى العملية السياسية.
ردود فعل المستوى العسكري والأمني:
اعتبر الجيش الإسرائيلي أن هذه العملية هي تحدٍّ خطير جاءت بعد فترة طويلة من الهدوء، وتعهد بالقضاء على العمليات خلال فترة وجيزة. فيما أشار الشاباك أنه ورغم نجاح العملية، فإنه استطاع خلال الفترة الأخيرة القضاء على العديد من العمليات قبل خروجها إلى حيز التنفيذ.
توقيع اتفاق المصالحة التركي الإسرائيلي
تعرّض إعلان عودة العلاقات بين تركيا و”إسرائيل” في 26/6/2016، لردود فعل واسعة، ومن كافة الأحزاب الإسرائيلية، ما بين مؤيد ومعارض، ومتحفظ كان يأمل بصيغة أفضل.
ردود فعل أحزاب اليمين:
اعتبر بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة وزعيم حزب الليكود، أن الاتفاق خطوة مهمة في إعادة العلاقات بين البلدين، وله تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، وذلك في إشارة إلى إمكانية تصدير الغاز عبر تركيا.
أما أفيغدور ليبرمان، وزير الجيش وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، فقد عارض الاتفاق، واعتبر أن دفع تعويضات لعائلات الضحايا الأتراك، له دلالات وتأثيرات سلبية، مؤكدًا أنه سيصوت ضد الاتفاق في جلسة المجلس الأمني المصغر.
كذلك أعرب كل من نفتالي بينت، زعيم حزب “البيت اليهودي”، وإيلات شاكيد وزيرة العدل، وكلاهما من نفس الحزب، وأعضاء في المجلس المصغر، عن رفضهما للاتفاق، ونيتهما التصويت ضده.
أما حزبا شاس ويهودوت هتوراه، وهما حزبان يمينيان شريكان في الحكومة، فلم يكن لديهما أي ردود فعل حول الاتفاق، إلا أن التوجه العام لديهما هو دعم الاتفاق، والتأكيد على حيوية العلاقات مع تركيا.
ردود فعل أحزاب اليسار والوسط:
شهدت ساحة المعارضة خلافًا كبيرًا حول الاتفاق. فزعيم المعسكر الصهيوني يتسحاق هيرتصوغ، وزعيمة حزب ميرتس زهافا جلاؤون، ورغم تأكيدهما على أهمية العلاقة مع تركيا، إلا أنهما انتقدا الاتفاق، بسبب مسألة دفع تعويضات للأتراك، وعدم تطرق الاتفاق لقضية الجنود الأسرى لدى المقاومة. وأضافت جلاؤون أن نتنياهو أعاق الاتفاق ست سنوات ليخرج باتفاق دون أي إنجازات.
فيما اعتبرت زعيمة حزب العمل السابقة شيلي يحيموفتش الاتفاق، خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، واتفاقًا حيويًّا لحفظ أمن “إسرائيل”.
أما كتلة “يوجد مستقبل” بزعامة يائير لبيد، فقد اعتبرت أن الاتفاق هام للغاية، رغم أنه تبلور بطريقة غير صحيحة، وكان بالإمكان أن يكون أفضل، من وجهة نظرهم.
تصريحات منسوبة لرئيس مجلس أخبار القناة العاشرة بكرهه للشرقيين
أثارت تصريحات منسوبة لرامي سدان عبّر فيها عن كرهه للشرقيين ولحزب شاس الشرقي بتاريخ 7/6/2016؛ ردود فعل كبيرة على الساحة السياسية، رغم أن سدان نفسه نفى تلك التصريحات، متسائلاً كيف أكره الشرقيين، وزوجتي شرقية من أصل مغربي؟
ردود فعل أحزاب اليمين:
طالب حزب شاس بزعامة أريه درعي بإقالة سدان من منصبه، معتبرًا أن هذا جزء من الظلم التاريخي الواقع على الشرقيين في الدولة، وقد قاطعت كتلة شاس جلسة الكنيست، وامتنعت عن التصويت على قوانين قدمتها الحكومة، إلى حين إقالة سدان.
من جانبه اعتبر حزب الليكود بأن المحكمة هي المخولة بحسم قضية سدان، ويجب ألا تؤثر على مسار الحكومة والجلسات البرلمانية. وتم التخفيف من حدة الخلافات بعد لقاء جمع رئيس الحكومة نتنياهو وزعيم شاس أريه درعي. فيما اعتبر موشيه كحلون وزير المالية وزعيم حزب كولانو “كلنا”، أنه يجب الاكتفاء بالاعتذار وطي تلك الصفحة.
ردود فعل أحزاب اليسار والوسط:
اعتبر نحمان شاي من المعسكر الصهيوني أنه لا يجوز وجود شخصية في وظيفة عامة دون أن تتقبل الجميع، ناصحًا رامي سدان بالاستقالة. أما يائير لبيد، زعيم حزب يوجد مستقبل، فقد طالب بالالتفات للقضايا الداخلية، والعمل على توحيد الجهود في وجه المخاطر التي تتعرض لها “إسرائيل”، والابتعاد عن المناكفات الداخلية.
إقرار قانون “الإرهاب”
أقرّ الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الثالثة قانون “الإرهاب”، الذي بادرت إلى تفعيله وزيرة العدل إييلت شاكيد من حزب البيت اليهودي، علمًا أن القانون يدور حوله نقاش منذ ست سنوات، ويحوي بين طيّاته عقوبات صارمة بحق كل من يقاوم “إسرائيل”. وأبرز ما جاء في القانون:
- عقوبة من يساعد في “الإرهاب” كعقوبة من يقوم به.
- عقوبة التضامن مع أي منظمة “إرهابية” هي السجن لمدة 3 سنوات.
- مضاعفة حكم بعض الأعمال المتعلقة “بالإرهاب” إلى 30 عامًا.
- من الممكن تعريف الجمعيات الخيرية على أنها “إرهابية” بناء على علاقاتها مع منظمات معرّفة في “إسرائيل” على أنها “إرهابية”.
- يُسمح للشاباك بتتبع أي شخص إلكترونيًّا في حال وجود شبهة “إرهابية”.
ردود فعل أحزاب اليمين:
صوتت غالبية الكتل اليمينية لصالح القانون، واعتبر حزب “البيت اليهودي” ممثلاً بوزيرة العدل، أن هذا القانون يُعتبَر انتصارًا للقضاء والعدل الإسرائيلي، ووقوفًا في وجه كل من يعيش في الدولة ويناهض سياستها.
في الليكود، اعتبروا أن القانون سيخفف من موجة “الإرهاب” ضد الدولة، وهو فرصة لنبذ كل رافضي التعايش من العرب الموجودين في الدولة.
ردود فعل أحزاب اليسار والوسط:
اعتبرت تسيبي ليفني، وزيرة العدل السابقة وزعيمة هتنوعا “حزب الحركة”، والتي بادرت إلى سنّ القانون قبل ست سنوات، أن إقراره يعطي “إسرائيل” وسائل جيدة وجديدة في مقاومة “الإرهاب”، حيث إن الوسائل الحالية تقادمت ولم تتجدد منذ عام 1948.
أما حزب ميرتس اليساري، فقد رفض القانون، ورأى أن هذا القانون يجعل كل عربي موجود في الدولة “إرهابيًّا”، ويميز في التعامل بين المواطنين العرب وغيرهم في الدولة. فيما صوتت كتلة المعسكر الصهيوني بغالبيتها الموجودة في الكنيست لصالح القانون.
ردود فعل المستوى العسكري والأمني:
اعتبر جهاز الأمن العام “الشاباك”، أن هذا القانون هو أفضل صيغة موجودة عالميًّا للوقوف في وجه “الإرهاب”، مشيرًا إلى أنه سيسهل من مهام الشاباك في تتبع المشتبه بهم.
ازدياد شرب الكحول في المجتمع الإسرائيلي
ذكرت صحيفة هآرتس في تقرير دول منظمة التعاون والتنمية الدولية “الأوسيد”؛ إن الإدمان على الخمور قد ازداد في “إسرائيل” في العقدين الماضيين بنسبة 25 %.
متوسط الشرب في دول المنظمة يبلغ عشرة لترات للفرد، سنويًّا، وهو ما يعادل 100 قنينة نبيذ . من أجل ذلك أقيمت في “إسرائيل” “هيئة السياقة السليمة”، لرفع الوعي لدى الجمهور نحو أخطار تناول الكحول بشكل عام، وعلى السائقين بشكل خاص، وتَستخدِم الهيئة الاتصال الهاتفي لنشر الفكرة وكذلك لإجراء استطلاعات ودراسات لمعرفة إلى أين وصلت نسبة الإدمان على الخمور، وفي هذا العام وبعد فحص عينة مكونة من 501 من الرجال والنساء ولسن 17 عامًا فأكثر فقد بيّنت النتائج أن 30% من السائقين يقودون السيارة بعد تناول الكحول.
حول معطيات تعاطي الكحول في أوساط الشبيبة الإسرائيلية، هناك علاقة وثيقة جدًّا بين استهلاك الكحول الذي أصبح جزءًا لا يتجزّأ من ثقافة قضاء الوقت لدى أبناء الشبيبة في “إسرائيل” وبين العنف والبلطجة وحوادث السير وأحداث الضياع.
تُشير الأبحاث إلى أنّ مصدر %70 من حالات العنف الجسدي والعنف الكلامي في العالم الغربي ناتجة عن المبالغة في استهلاك الكحول.
من بين أبناء الشبيبة اعتاد ما بين %17 حتى %34 منهم على تناول الكحول بشكل مبالغ فيه (خمسة مشروبات كحولية أو أكثر في فترة زمنية تطال عدّة ساعات فقط مرّة في الشهر). وتبيّن من استطلاع الرأي بأنّ %19 من الشباب و%8 من الشابات في سنّ 11 تناولوا المشروبات الكحولية مرّة في الأسبوع على الأقل.
مواصلة ملاحقة النازيين
تُواصل “إسرائيل” عبر أجهزتها الأمنية “الموساد” ملاحقة من تبقى من النازيين الذين يُتهمون بالمشاركة في قتل اليهود في معسكرات الإبادة النازية، وتنسق مع الجهات القضائية في ألمانيا وفي أوروبا عامة لاعتقالهم ومحاكمتهم، آخر هؤلاء كان إينهولد هنينغ الذي يبلغ من العمر 94 عامًا والذي يتهمه الموساد بالمشاركة في إبادة 170 ألفًا معظمهم من اليهود في معسكر أوشفيتس- بيركنان، وقد حكمت عليه إحدى المحاكم الألمانية في مدينة دتمولد بالسجن مدة خمس سنوات.
صحيفة حيروت قد نشرت قائمة بأسماء 30 نازيًّا يعيشون في الولايات المتحدة عام 1964 لتطالب بمحاكمتهم “إنه من المقبول أن نسمع عن مجرمي النازية يعيشون في مصر أو في دول أمريكا اللاتينية، لكن أن يعيش بعض هؤلاء في الدول الغربية وفي الولايات المتحدة فهذا شيء غريب وغير مقبول، ونرى أن بعضهم يرعى كنائس كاثوليكية، يجب أن تطالهم يد العدالة وتسليمهم للقضاء”.
استمرار ارتفاع أسعار الشقق في “إسرائيل”
ما اعتبره المحللون الإسرائيليون “فشلاً ذريعًا” لوزير المالية موشيه كحلون، ارتفعت أسعار الشقق في دولة الاحتلال خلال عام 2015 بمعدل 229 ألف شيكل بنسبة 13%، وارتفعت تكلفة التمويل العقاري بنسبة 31%، في حين أن السبب الرئيس لارتفاع الأسعار هو ارتفاع الفائدة المصرفية وإطالة مدة السداد من 19 إلى 21 عامًا، وبناء على ذلك اقترحت خبيرة العقارات في “إسرائيل” ليئات رون عدم التوجه لما يسمى (مشكنتا) “القرض العقاري الحكومي” واستبدال ذلك بالشراء المباشر، وحمّلت الحكومة المسؤولية لأنها لا ترغب بتخفيض الفائدة المصرفية.
وأوضحت المحافظة أن ثمن الشقة قد ارتفع، في المتوسط، 100 ألف شيكل في هذا العام 2016 مقارنةً مع العام الماضي. الفشل الذريع لكحلون ينبع من كون حزبه قد تأسس من دوافع اجتماعية لدعم الطبقات الفقيرة.
هناك أيضًا أسباب تخص السوق العالمي وتخص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لا يستطيع أحد التنبؤ بما سيحدث في عالم العقارات، ففي بريطانيا الغني اليوم أقل غنىً مما كان عليه قبل أسبوع.
كتاب “الجيش النصف أخلاقي في العالم” للكاتب رئيس الكنيست السابق أبراهام بورغ
في هذا الكتاب ينتقد أبراهام بورغ الجيش الإسرائيلي بشدة، ويقول إنه يشك منذ البداية بمقولة “الجيش الأكثر أخلاقًا في العالم”. ويحاول بورغ إبداء حرصه الواضح على بيان موقفه مما يقوم به الجيش الإسرائيلي من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، متهمًا الجيش بأنه مجرد وسيلة بيد عصابة من الفاسدين من قيادات الحكومات الإسرائيلية، وأنه أداة قمع وحرمان للفلسطينيين من تحقيق حلمهم الوطني في العيش الكريم.
ويضيف بورغ: “هناك شعار آخر هو أن الجيش يشكل نصف المجتمع، وهناك ضغوط قوية حتى لاسامية تمارس على المتدينين المتزمتين (الحريديم) ليكونوا جزءًا من الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى تهميش العرب، وجعلهم خارج دائرة المكون الإسرائيلي، لأن الإسرائيلي في عيون الكثيرين من الإسرائيليين هو اليهودي فقط، لكن واحسرتاه، فحوالي نصف المجتمع الإسرائيلي عنصري، مطارد ومطارد لغيره، قاس ومتعطش للدماء”.
إن الجيش، كما يرى بورغ، هو وسيلة في يد الحكومة الإسرائيلية الفاسدة حتى النخاع، وإن حكومات “إسرائيل” تحمل تصورين، الأول طاهر وأمين وهو اليهودي، والآخر نجس وهو العربي. الأول يعمل على تحقيق سيادته ويحافظ على وجوده، ولو كان على حساب الآخر الفلسطيني، ولذا فإنه يستخدم الجيش لتحقيق هذه الغاية، بغض النظر عن الوسائل المرفوضة التي يستخدمها ضد العرب.
ويستطرد بورغ في سياق انتقاده للجيش الإسرائيلي، وتقديره له على أنه جيش غير أخلاقي، حيث يسيطر هذا الجيش على سكان البلاد من غير اليهود، ويتم إرساله عادة للقيام بمهام غير أخلاقية، منفّذًا لأوامر قيادات فاسدة.
إن الإصبع التي على زناد الجيش الإسرائيلي إصبع غير أخلاقية كما يقول بورغ، وإن هذا الجندي “المكنسة”، كما يصفه بورغ، يقوم بعمل غير أخلاقي تمامًا عندما يطلق النار.
ويختم بورغ بقوله: “إن هذا الجيش ليس الجيش الأكثر أخلاقًا في العالم، ومن حظنا أنه لدينا النصف الآخر وهو الشعب، ولهذا فالجيش تنطبق عليه مقولة الجيش النصف أخلاقي في العالم”.
كتاب “شيطان الدين”، للكاتب شوكي فريدمان
يحاول الكاتب من خلال كتابه هذا بيان ظاهرة التدين في المجتمع الإسرائيلي، وكيفية استخدامها إعلاميًّا كوسيلة إرهاب ضد شرائح المجتمع الأخرى، حتى أنه يقول: “وكأني بمن يعيشون خارج إسرائيل يعتقدون أنه بمجرد هبوطهم في مطار اللد، فإنهم سيهبطون في دولة إيران العبرية!”.
يرى فريدمان أن الدين أصبح حاضرًا في كل مجالات الحياة، فعلى مستوى التعليم يلاحظ وجود الدين في المناهج، ومن يقف على قمة الهرم هم وزراء من المتدينين. في المؤسسة القضائية، وداخل وسائل الإعلام، يلاحظ وجود متدينين ومن يرتدون القلنسوات، يحاولون تسريب أفكار دينية من خلال عملهم هذا، بل إن قائد الشرطة نفسه (الشيخ)، متدين ويرتدي قلنسوة على رأسه. ويتساءل: “من يدري ما هي مردودات ذلك على مؤسسة الشرطة؟”.
ويضيف الكاتب: “إن الأخطر من ذلك كله هي مؤسسة الجيش، حيث يمر الجيش الإسرائيلي اليوم بمرحلة التدين، وهناك ضباط كبار من المتدينين، لدرجة أن الجيش قد يتغير من جيش الشعب إلى جيش الله. إن وجود الدين غدا في كل نواحي حياتنا: في المراسم الرسمية، وفي الفعاليات المدرسية، والمناسبات الوطنية، وغير ذلك، وهذه ظاهرة مقلقة جدًّا، حيث بدا الدين يسيطر على حياتنا.”.
ويرى الكاتب أن المجتمع الإسرائيلي من ناحية أخرى ما يزال مجتمعًا علمانيًّا، ويفتخر بالدولة المبنية على أساس أنها دولة يهودية وديمقراطية، وهذا واضح على مستويات اجتماعية كثيرة. لذلك يرى الكاتب أنه لا يجوز استخدام بعبع الدين كوسيلة لتكميم الأفواه، بل على العكس، يجب تشجيع الحوار بين أصحاب الرؤيتين، وإلا فإن الثمن الذي سيدفعه المجتمع الإسرائيلي سيكون كبيرًا وباهظًا.