قراءة في المشهد الإسرائيلي تشرين ثاني/ نوفمبر وكانون أول/ ديسمبر 2018

ملخص:

شهد شهرا تشرين ثاني/ نوفمبر وكانون أول/ ديسمبر 2018 جملة من الأحداث السياسية والأمنية، والاقتصادية والاجتماعية، رسمت معالم المشهد الإسرائيلي خلال هذه الفترة، بل ويمكن القول إنها لخصت مشد العام بأكمله. فعلى الصعيد الأمني، كانت المواجهة مع غزة في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر، الأعنف والأكثر ضراوة منذ نهاية حرب 2014. وفي الضفة الغربية، برزت سلسلة من عمليات إطلاق النار، أوقعت عددًا من القتلى والجرحى في صفوف الجيش والمستوطنين. أما على الجبهة الشمالية، فكان الحدث الأبرز هو كشف أنفاق حزب الله اللبناني، والبدء بتدميرها، إضافة إلى معاودة قصف العمق السوري من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، بعد توقفه منذ حادثة سقوط الطائرة الروسية. وعلى الصعيد السياسي، برزت زيارة نتنياهو إلى عُمان، كأول دولة خليجية يزورها رئيس حكومة إسرائيلية. كما جاء قرار انسحاب ترمب من سوريا، مفاجئا ومخالفا للحسابات السياسية الصهيونية. أما على الساحة الداخلية، فكان المشهد الانتخابي مسيطِرًا بامتياز، حيث أُجريت الانتخابات البلدية في تشرين ثاني/ نوفمبر. وفي هذا الشهر أيضا، تمت استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، وانسحاب حزبه من الحكومة. ثم بعد ذلك، تم حل الكنيست، والإعلان عن تقديم الانتخابات، بسبب عدم التوافق على قانون التجنيد الإجباري.

1. جولة جديدة من المواجهة مع قطاع غزة

للوهلة الأولى، قد تبدو الجولة الأخيرة من المواجهة بين “إسرائيل” والمقاومة في غزة، كسابقاتها من حيث الشكل والمضمون. فقد حصل قصف متبادل دون وقوع عدد كبير من الإصابات أو القتلى، ثم تمت العودة للهدوء ثانية، رغم اتساع رقعة المواجهة والمناطق المستهدفة بالصواريخ. ولكنها في الواقع قادت وزير الحرب المتطرف أفيغدور ليبرمان، إلى مقاعد المعارضة من جديد، بعد فترة ليست طويلة ولا موفقة، قضاها في منصب وزير الدفاع. وكانت هذه المواجهة قد اندلعت في العاشر من نوفمبر إثر اكتشاف قوة خاصة إسرائيلية كانت قد تسللت إلى داخل القطاع للقيام بمهام استخبارية وقد تم اكتشافها على يد قوة من الأمن الداخلي والاشتباك معها مما أسفر عن قتل قائد الوحدة وإصابة باقي أفرادها واستشهاد عدد من كوادر المقاومة وإثر ذلك قامت المقاومة في قطاع غزة باستهداف المستوطنات المحيطة بغزة برشقات من الصواريخ وفي المقابل ردت إسرائيل بقصف أهداف داخل القطاع وقد استمر هذا الحال لعدة أيام، وقد كان القصف من داخل غزة هذه المرة كثيفاً وأكثر دقة مقارنةً بالمرات السابقة.1

سيكتشف مراقب الأحداث قبل الجولة وأثنائها وبعدها، قواعد عمل المؤسسة الأمنية والسياسية في “إسرائيل”، تجاه قطاع غزة، وتجاه القضية الفلسطينية برمتها، وهو ببساطة أن الموضوع الفلسطيني، بالرغم من حساسيته، وبروزه اليومي على مسرح الأحداث، إلا أنه ليس أولوية لدى حكومة الاحتلال، في ظل الدعم غير المسبوق من جانب الرئيس الأمريكي ترامب، وفي ظل حالة الانهيار العربي، والتسابق للتطبيع مع “إسرائيل”. فنتنياهو، وأركان حكمه، ومؤسسته الأمنية والعسكرية، يعطون الأولوية لجبهة الشمال، دون أن يعني ذلك أنهم يغفلون عما يدور في قطاع غزة. كما أنهم لا يريدون لحملة عسكرية على القطاع، أن تشوش على مسار العلاقات الإسرائيلية الآخذة بالتقدم تدريجيًا مع الدول العربية، وخاصة دول الخليج.

في نظرتها بعيدة المدى لقطاع غزة، قدمت “إسرائيل” مؤخرًا المصالح الاستراتيجية بعيدة المدى، على المصلحة القريبة. فهي تدرك مسبقا، أن المواجهة العسكرية مع قوى المقاومة في القطاع، لن تفضي إلى حل جذري ونهائي للمشكلة هناك، بل ربما في أحسن الظروف، ستقود إلى واقع مشابه للواقع الحالي، وعودة لنفس المعادلات القائمة2، وبالتالي هي، أي “إسرائيل”، في غنىً عن مشاهد الدمار والقتل، التي ستتصدر نشرات الأخبار في العالم العربي خاصة، والعالم عامة. وهذا ما لا يريده نتنياهو في الوقت الحالي، الذي يشهد تطورًا متسارعًا لعلاقاته مع العرب، وخاصة دول الخليج. كما أنه لا يريد أن يخوض مواجهة مع قطاع غزة، في ظل ارتفاع التوتر مع حزب الله، ومِن خَلفه إيران وسوريا، على خلفية اكتشاف الأنفاق في الجنوب اللبناني، الممتدة داخل الكيان الصهيوني.

أما على المستوى الميداني للمواجهة، فلا بد من الإشارة إلى قضية هامة ميزت هذه الجولة، وهي القدرة الإدارية والميدانية المتميزة، التي أدارت فيها فصائل المقاومة هذه المواجَهة، بدْءًا من اكتشاف الوحدة الإسرائيلية السرية المتسللة للقطاع، ووصولًا إلى آخر صاروخ تم إطلاقه قبل توقيع اتفاق التهدئة. وقد حرصت المقاومة على تحقيق أمريْن هاميْن، الأول هو أن المقاومة لن تتهاون مع أي اختراق صهيوني لعمق القطاع مهما كان، وأنها جاهزة للرد وبقوة، حتى وإن تم ذلك في ظل حديث جدي وقوي، عن تفاهماتٍ قد تفضي إلى رفع الحصار، أو تخفيفه بشكل ملموس. الثاني هو المحافظة على توازن الردع القائم بين الجانبين، بل ومحاولة كسب النقاط لصالح المقاومة، حيث كانت كثافة الصواريخ المطلقة ودقتها، أعلى من أي مواجهة سابقة، وهي إشارة واضحة وموجهة للاحتلال، أن المقاومة، رغم الحصار، استعادت قوتها العسكرية كمًا ونوعًا، واستطاعت في النهاية الخروج من الجولة ويدها هي العليا في الميدان.

في الختام، وبخصوص نتائج الجولة، فقد استطاع نتنياهو فرض رؤيته وقناعاته داخل المجلس الوزاري المصغر، حيث تم أخذ القرارات بالإجماع، ولم يخضع لابتزاز ليبرمان. ورغم الأزمة، إلا أنه استطاع الحفاظ على حكومته، بل وأضاف إلى الحقائب التي يتولاها، الحقيبة الأهم، وهي حقيبة الدفاع. ولكنه في المقابل مطالب جماهيريًا باستعادة هيبة الردع أمام قطاع غزة، حيث أعلن نفتالي بينت، وزير التعليم ورئيس حزب البيت اليهودي المتطرف، أن سبب بقائه في الحكومة، هو مساعدة رئيس الحكومة في مهمته كوزير للدفاع.

أما حركة حماس، فقد نجحت بضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، حيث حسّنت من موقفها الاستراتيجي أمام “إسرائيل”، وخرجت وهي منتصرة في هذه المواجهة، بعد دحر مجموعة الاستخبارات الإسرائيلية، رغم سقوط عدد من الشهداء. وفي الساحة الداخلية، أثبتت بالفعل وليس بالقول، أنها لن تتساهل مع الاحتلال وعملائه، في حال اختراق العمق الغزي. كما أنها رسخت القناعة لدى المجتمع الدولي، بل ولدى “إسرائيل”، بأن حل مشكلة القطاع، يجب أن يبدأ بالجانب المعيشي والإنساني، قبل أن يصل إلى الجوانب الأخرى.

2. العمليات في الضفة الغربية

شهدت الضفة الغربية خلال هذين الشهرين، سلسلة من عمليات إطلاق النار، نفذها مقاوِمون فلسطينيون ضد المستوطنين وجنود الاحتلال. حيث نفذ مجموعة من المقاومين عملية إطلاق نار قرب مستوطنة عوفرا شرق رام الله في التاسع من كانون الاول أدت الى مقتل إسرائيلي وإصابة أربعة اخرين، وعلى إثر هذه العملية قامت قوات الاحتلال باغتيال الشهيد صالح البرغوثي متهمةً إياه بتنفيذ الهجوم وبعد أقل من أربعة وعشرين ساعة على اغتياله قام مهاجم فلسطيني بقتل ثلاثة جنود صهاينة قرب النقطة الاستيطانية بنيامين عند المدخل الجنوبي لمدينة رام الله ولاحقاً اتهمت قوات الاحتلال شقيق الشهيد صالح، عاصم البرغوثي بتنفيذ الهجوم انتقاماً لمقتل أخيه، وقد جاءت ردود الأفعال الصهيونية متباينة إثر هذه العمليات حيث طالب اليمين بزيادة الاستيطان والإعلان عن ضم المناطق “ج” بينما اتهم اليسار أن هذه العمليات هي نتيجة سياسة الحكومة المتعنتة تجاه مسار سياسي تفاوضي مع السلطة الفلسطينية، فدائما ما يستغل اليسار مثل هذه الأحداث للتأكيد على ضرورة استئناف المفاوضات وإحياء مسيرة السلام، وقد جاءت هذه العمليات مفاجِئة ومتلاحِقة، حيث دقت ناقوس الخطر لدى المؤسسة الإسرائيلية، بشقيها الأمني والسياسي، بأن حالة الهدوء القائمة في الضفة الغربية، قد تنقلب رأسًا على عقب في أي لحظة. وقد كتب رئيس الأركان جادي أيزنكوت في توصياته للحكومة، بضرورة “التقدم بمسار اقتصادي سياسي، يغير من واقع الفلسطينيين الاقتصادي في الضفة الغربية إلى الأفضل، ويفتح أمامهم أفقًا، أو حلًا سياسيًا معينًا”3، إلى جانب القيام بسلسلة من الإجراءات الأمنية، التي تُفضي إلى الوصول إلى منفذي هذه العمليات، ومَن ساعدهم، بالسرعة الممكنة، ودون الاحتكاك بالسكان المدنيين، أو التضييق عليهم، حتى لا تتسع دائرة السخط على الاحتلال وإجراءاته. إلى جانب ذلك، أوصى التقرير “بضرورة بذل كل الجهود من المستويين السياسي والأمني في “إسرائيل”؛ للمحافظة على التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة بشكله الحالي، الذي اعتبره مُرضيًا جدا، ومقنعًا لـ “إسرائيل”.4

3. الجبهة الشمالية

أ- القصف الإسرائيلي لسوريا وانسحاب القوات الأمريكية منها

منذ حادثة سقوط الطائرة الروسية، ومقتل طاقمها في 1792018، أثناء غارة إسرائيلية على الأراضي السورية، لم تعاود “إسرائيل” العمل في الأجواء السورية. ولكن يبدو أن سلسلة من اللقاءات والاتصالات بين الجانبين الإسرائيلي والروسي، سمحت بعودة القصف الذي تكرر عشرات المرات في السنوات الأخيرة، دون رد حقيقي يُذكر من قبل السوريين. فقد عاودت إسرائيل قصفها بتاريخ 29112018 للمره الأولى بعد حادث الطائرة الروسيه.

تريد “إسرائيل” تثبيتَ معادلةٍ دائمةٍ في مواجهة المحور السوري الإيراني، مفادها أن من حقها وحدها أن تقرر متى وكيف ولماذا يحق لها قصف الأهداف داخل سوريا، بهدف تدمير أي نشاط قد يُخل بالمعادلة القائمة هناك منذ سنوات طويلة، أو يمس بأمنها. وقد جاء هذا القصف قبل أسابيع فقط من الإعلان المفاجئ للرئيس ترمب عن انسحاب قواته من سوريا، حيث شكل هذا القرار صفعة أخرى لـ “إسرائيل”؛ لأن ذلك “سيعزز من دور إيران وروسيا وحدهما داخل الساحة السورية، إلى جانب دور معين لتركيا. وقد أشارت بعض التقارير إلى أن الروس أبدوا سخطًا شديدًا من القصف الإسرائيلي واستمراره”5. ولم تتضح بعد تبعات قرار ترمب بسحب قواته من سوريا، على حرية العمل التي كانت مخولة للطيران الإسرائيلي في سماء سوريا، حيث سُئل ترمب عن تخليه عن “إسرائيل” بانسحابه من سوريا، فأجاب بأن “إسرائيل” قادرة وحدها على أن تدافع عن نفسها. فهل سيتمكن الروس من منع “إسرائيل” من معاودة القصف لمنع حدوث مواجهة إيرانية إسرائيلية على الأراضي السورية؟ وهو الأمر الذي لا يريده الروس على الأقل حاليًا، حيث يدركون أن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، سيعطيهم الفرصة ليكونوا لاعبًا أساسيًا ومؤثرًا، ليس فقط في سوريا، وإنما في الشرق الأوسط.

ب- الكشف عن أنفاق حزب الله وتدميرها

جاء الكشف عن أنفاق حزب الله اللبناني الممتدة إلى داخل حدود فلسطين الشمالية، بعد أقل من أسبوعين على نهاية المواجهة مع غزة، حيث حرصت المؤسسة العسكرية، ممثلة برئيس أركانها أيزنكوت، على إظهار أن ما منعها من الرد بقوة على صواريخ المقاومة بغزة، هو نيتها المسبقة في البدء بحملة تدمير أنفاق حزب الله، وهو ما قد يفتح المجال لاندلاع مواجهة شاملة مع حزب الله. فقد “أوضحت هذه العملية ترتيب الأولويات لدى المؤسسة العسكرية، وهي مواجهة إيران وحلفائها في سوريا وحزب الله، إذ إن لها أولوية على مواجهة حماس وفصائل المقاومة في غزة، وهو الأمر الذي يتبناه نتنياهو، وقد استطاع أن يفرضه داخل المجلس الوزاري المصغر”6، وكان الإعلان عن كشف هذه الأنفاق قد أخذ حيزاً كبيراً في الإعلان الإسرائيلي في الرابع من كانون الثاني، حيث أعلن رئيس الحكومة وبعد اجتماع ضم قائد الأركان أيزنكوت وقائد لواء الشمال يؤال ستريك وقائد وحدة الجليل رافي ميلو وقائد قسم العمليات في الجيش أهارون حليوا عن البدء بتدمير هذه الأنفاق الممتدة من الجنوب اللبناني إلى داخل حدود فلسطين الشمالية لكن سرعان ما تبين أن العمل سيتم فقط في داخل حدود الكيان ولن يمتد إلى الأراضي اللبنانية، ما يعني الحرص الكبير لدى المؤسسة العسكرية والسياسية في إسرائيل إلى عدم الاحتكاك المباشر مع حزب الله وهو أمر متوقع ومنطقي في ظل التطورات المتسارعة على الساحة السورية خاصة بعد قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا وسماح الروس أو سكوتهم عن القصف الإسرائيلي المتجدد للعمق السوري.7

4. قانون التجنيد

يمثل الجدل المحتدم حول قانون التجنيد داخل المجتمع الإسرائيلي، وداخل الكنيست، شكلًا من أشكال الصراع القديم الجديد بين مكونات هذا المجتمع وتناقضاته.(ويقضي القانون بتجنيد عدد من طلاب المدارس الدينيه، يصل إلى 3000، ثم يزداد سنويا بنسبة 5%،مع إيقاع عقوبات على المتهربين من الخدمه،الأمر الذي رفضه المتدينون) فهو من ناحية، صراع بين العلمانيين والمتدينين، يأخذ الطابع السياسي الاقتصادي. ومن ناحية أخرى، هو صراع بين المتدينين الصهاينة “المستوطنين”، وبين المتدينين غير الصهاينة “الحريديم”، يأخذ الطابع الأيديولوجي الديني المحض. ومن ناحية ثالثة، هو صراع بين وجهتي نظر عسكريتين، الأولى تنادي بنموذج “جيش الشعب”، والثانية تنادي بضرورة “جيش مهني حديث”. وهذا القانون القديم الجديد، كان لأكثر من مرة، سببًا في انسحاب الأحزاب الدينية من الائتلاف الحاكم، وإسقاطها للحكومات.

فالعلمانيون ينادون بأن يكون الجميع سواسية في خدمة الدولة، فكما أن الجميع يقضون ثلاث سنوات من أعمارهم في الخدمة العسكرية، فإن الأمر يجب أن ينطبق أيضا على المتدينين، الذين يطالبون بالإعفاء من الخدمة العسكرية؛ بحجة دراسة الشريعة والتوراة، والتي “لولاها لما تم حفظ إرث بني إسرائيل طوال ألفي عام من الشتات”، بل ويصرون على أن دراسة الدين وشريعته، هو القوة الحقيقية التي تجلب رضى الرب، وتحمي “إسرائيل” من الأعداء.8

أما على الصعيد الأيديولوجي الديني، فإن المتدينين الصهاينة “المستوطنين”، يؤيدون فرض الخدمة الإجبارية على المتدينين غير الصهاينة “الحريديم”، ليس بهدف القتال فقط، بل لأنه إقرار واعتراف من قبل الحريديم بشرعية الدولة وصوابيتها، وهم الذين طالما شككوا في ذلك الأمر، بحجة أنها ليست دولة المسيح الذي ينتظرون.(لمزيد اطلاع https://he.wikipedia.org/wiki )

أوجد هذا الجدل وجهتي نظر داخل الؤسسه العسكريه نفسها. فمن جهة، هناك من ينادي بضرورة بناء الجيش على أساس اختيار الأفضل، وليس تجنيد الكل. وهناك مَن ما زال يرى ضرورة أن يبقى الجيش بوتقة لصهر كل مكونات المجتمع، الأمر الذي ما زال يرفضه الحريديم.

لقد انتهى المشهد الداخلي باستقالة الحكومة، بعد عدم تمكن أحزاب الائتلاف من الاتفاق على صيغة موحدة لقانون التجنيد، تكون مرضية للمتدينين، ومعتمَدة قانونيا. وقد تكون هناك أسباب أخرى وراء الاستقاله، مثل رغبة نتنياهو باستغلال ارتفاع شعبيته في استطلاعات الرأي أو رغبته في التغطيه على التحقيقات المفتوحة ضده في قضايا فساد ولكن الأمر المعلن هو قانون التجنيد، فقد تم رفض القانون بصيغته السابقة من قبل محكمة العدل العليا، والتي ألزمت الحكومة بسن قانون جديد قبل 15 كانون ثاني/ يناير 2019، الأمر الذي أدى إلى حل الكنيست، وتقديم موعد الانتخابات، حيث أدرك نتنياهو صعوبة أو استحالة استمرار عمل الحكومة في ظل المواقف المتناقضة لأحزاب الائتلاف من هذا القانون فهو يدرك أن الحريديم لن يقبلوا بصيغة تفرض عليهم التجنيد، كما أن حزب كلنا برئاسة كحلون لن يقبل بصيغة لصالح الحريديم تضعف موقفه وحظوظه الانتخابية وفوق كل ذلك فهو ملزم بتقديم صيغة جديدة للقانون قبل الخامس عشر من كانون الأول ما دفعه إلى الاستقالة وتقديم موعد الانتخابات كأسهل الحلول للخروج من المأزق.9

5. “إسرائيلوالتطبيع العربي

عُمان والإمارات العربية: شهد شهر تشرين ثاني/ نوفمبر، أول زيارة رسمية لرئيس حكومة إسرائيلية لإحدى دول الخليج العربي، هي عُمان. وبغض النظر عن حجم العلاقة وطبيعتها، فإن أبعادها السياسية والمعنوية والرمزية كبيرة، إذ إن نتنياهو كان، وما زال، يبحث عن اختراق علني في الخليج، حيث تربطه علاقات سرية قوية مع معظم دوله. كما أنه يسعى جاهدًا لوضع هذا الإنجاز في قمة جهوده على هذا الصعيد، خاصة أنه وجد ضالته في عُمان، الدولة الخليجية غير المحسوبة على أي من التحالفات في المنطقة. يُضاف إلى ذلك أهمية الجانب الاقتصادي للزيارة، حيث تم توقيع اتفاقيات تعاون وتبادل تجاري بين البلدين، مهمه بالنسبة لـ “إسرائيل”، ولكن الجانب الاهم في هذه الزيارة والتي تناولت حسب الجانبين سبل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة ودور الدولتين في ذلك، هو طبيعة الوفد المرافق لنتنياهو حيث ضم الوفد أبرز الشخصيات الأمنية والاستخبارية في إسرائيل متمثلةً برئيس الموساد يوسي كوهن ومستشار الأمن القومي بن شابات حيث أشارت التقارير إلى توقيع اتفاقيات تعاون بقيت طي الكتمان، وقد كان نتنياهو ومن وراءه حزب الليكود الرباح الأكبر من هذه الزيارة على الصعيد السياسي الداخلي فها هو يحقق تقدماً على صعيد العلاقات العربية الإسرائيلية وبصورة علنية دون دفع أي ثمن.10 إضافة الى ذلك قامت وزيرة الثقافة الإسرائيلية المتطرفة ميري ريجف، بزيارة علنية لدولة الإمارات العربية، وحظيت بحفاوة الاستقبال، وهي الوزيرة المعروفة بعنصريتها ضد العرب. وقد أحسن حزب الليكود استغلال تلك الزيارة، والافتخار بها أمام أحزاب المعارضة، ولدى منافسيه في الائتلاف الحاكم، ولم تشهد الزيارة اي توقيع اتفاقيات ذات أهمية وإنما اخدت الزيارة بعداً إعلامياً وسياسياً بسبب شخص الوزيرة المتطرفة والمعروفة بعنصريتها إضافةً إلى التوقيت المتقارب مع زيارة نتنياهو لعمان حيث أوحى ذلك إلى بدء انفتاح خليجي محتمل على إسرائيل.

الانتخابات البلدية

شهد شهر تشرين ثاني/ نوفمبر إجراء الانتخابات البلدية في “إسرائيل”. وهذه الانتخابات تحظى بأهمية داخل “إسرائيل”، قد ترقى في بعض المواقع، مثل القدس وتل أبيب، إلى أهمية انتخابات الكنيست. وقد جرت الانتخابات هذه المرة قبل أشهر معدودة من الموعد الرسمي لانتخابات الكنيست، والتي تم تقديم موعدها مؤخرًا، بعد فشل الاتفاق بشأن قانون جديد للتجنيد. وتميزت الانتخابات المحلية هذه المرة، بمشاركة حزبين جديدين، هما حزب “كلنا” بزعامة وزير المالية موشيه كحلون، المحسوب على أحزاب يمين الوسط، والذي يشارك فيها للمرة الأولى، وحزب “يوجد مستقبل” بزعامة يئير لبيد، المحسوب على أحزاب يسار الوسط، والذي يشارك للمرة الثانية على التوالي. حقق الحزبان نتائج جيدة في أكثر من موقع، مقارنة بوزنهما الشعبي وعمرهما الزمني، أمام أحزاب تاريخية مثل العمل والليكود. كما شهدت هذه الانتخابات تراجعًا واضحًا للأحزاب الدينية، التي خسرت بعض المواقع المحسوبة عليها تاريخيًا. وليس من الضروره ان تعبر هذه الانتخابات عن حجم الاحزاب فهي تعتمد على شخص المرشح وشعبيته والتحالفات بين القوائم وهو ما يفسر التذبذب في نتائج الأحزاب بين انتخابات وأخرى.


1 مراسلي موقع اخبار القناة الثانية (10 تشرين ثاني، 2018). تساهل بعال بعزة فنحساف. (الجيش عمل داخل غزة وكشف) تم الاسترداد من موقع أخبار القناة الثانية.

https://bit.ly/2MBOmti

2 أمير بخبط (28 كانون أول، 2018). سكنات ههتلكحوت شل حماس: ههفجنوت بعزة بجشوت بحروت بيسرائيل. (خطر الاشتعال على جبهة حماس: المظاهرات في غزة تصادف الانتخابات في إسرائيل). تم الاسترداد من موقع واللا الإخباري.

https://bit.ly/2Fcr2S3

3 كوبي ميخال وأودي ديكل (17 كانون أول، 2018). ههسلماه بجداه معرفيت – اوت لتسورخ بشينوي استراتيجيا فمدينيوت يسرائيل (التصعيد في الضفة الغربية – إشارة لضرورة التغيير في استراتيجية وسياسة إسرائيل). تم الاسترداد من موقع معهد الأمن القومي الإسرائيلي.

https://bit.ly/2Rf8iHJ

4 رون بن يشاي (13 كانون أول، 2018). ليشبرور ات هجال (يجب كسر الموجة). تم الاسترداد من موقع يديعوت أحرونوت.

https://bit.ly/2Ghlrv3

5 ألداد شبيت و أودي ديكل (21 كانون أول، 2018). هحلتات أرتسوت هبريت لهسيج كوحوتيها مسوريا – مشمعيوت ليسرائيل (قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا – أثرها على إسرائيل). تم الاسترداد من موقع معهد الأمن القومي الإسرائيلي.

https://bit.ly/2AxO0iq

6 رون بن يشاي (8 كانون أول، 2018). هتخنيت هسوديت شل نصرالله فهتشوفاه شل ايزنكوت (الخطة السرية لنصر الله ورد أيزنكوت). تم الاسترداد من موقع يديعوت أحرونوت.

https://bit.ly/2SCcnT5

7 أمير بخبط (12 تشرين ثاني، 2018).تساهل بتاح بمفتساح مجين تسفوني لهشمدات من هاروت حزب الله. (الجيش بدء بحملة النجم الشمالي لتدمير انفاق حزب الله). تم الاسترداد واللا العبري.

https://bit.ly/2RT0yvl

8 يونثان ليس وأهرون رفينوفيتش (4 كانون الاول، 2018). نتنياهو يفاريك ات هاممشالاه بجلال حوك هجيوس (نتنياهو سيحل الحكومة بسبب قانون التجنيد). تم الاسترداد من موقع جريدة هآرتس.

https://bit.ly/2DxHhqL

9 يونثان ليس وأهرون رفينوفيتش (4 كانون الاول، 2018). المرجع السابق

https://bit.ly/2DxHhqL

10 نوعا لاندو وجاكي خوري (4 كانون الاول، 2018). نتنياهو عراخ بكور رشمي بعمان فنفجاش عم هسلطان (نتنياهو قام بزيارة في سلطنة عمان والتقى مع السلطان). تم الاسترداد من موقع هآرتس.

https://bit.ly/2Tgt7iU

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى