قراءة في الإحصائية السنوية للسكان في “إسرائيل” 2015

 

 
نشر المكتب المركزي للإحصاء في "إسرائيل" (المكتب المركزي للإحصاء، 2016) بمناسبة رأس السنة العبرية1 بيانات إحصائية للعام 2015؛ تضمّ الإحصائية مجموعة من الأرقام والبيانات التي تعكس طبيعة تركيبة المجتمع الإسرائيلي، وسنحاول في هذه الورقة قراءة دلالات هذه البيانات والأرقام. 
 
تُظهر الإحصائية أنّ عدد السكان الإسرائيليين قد بلغ 8,585,000؛ نسبة اليهود منهم 74.8% أي ما يقارب 6,419,000 بينما تبلغ نسبة العرب 20.8% أي ما يقارب 1,786,000، بينما تبلغ نسبة من يُصنفون كآخرين2 4.4٪ أي نحو 380,000، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المكتب المركزي للإحصاء يَعتمد أرقام الموجودين داخل "إسرائيل" ولا تشمل تقاريره المهاجرين؛ الذين تُعرّفهم "إسرائيل" بـ "الأشخاص الذين غادروا البلاد لمدة عام كامل على الأقل دون أن يزوروها ولو لمرة واحدة خلال ذلك العام"، لذلك نجد أنّ السجل السكاني الصادر عن وزارة الداخلية -والذي يضمّ المهاجرين- مختلف عن سجل المكتب المركزي للإحصاء حيث يزيد فيه عدد السكان بحوالي 700 ألف نسمة.
 
يزيد عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية عن عدد اليهود؛ نستنتج ذلك عندما نقارن عدد اليهود بعدد الفلسطينيين (في الضفة وقطاع غزة وأراضي الـ 48)، فبحسب إحصائية الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2016 فإنّ عدد الفلسطينيين في الضفة وقطاع قد وصل إلى 4,816,503 (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2016)؛ فإذا أضفنا عدد فلسطينيي الـ 48 الذين يبلغ عددهم بحسب الإحصاء الإسرائيلي  1,786,000 فإنّ المجموع يصبح 6,602,503 مما يعني أن عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية يزيد عن عدد اليهود (6,419,000) بحوالي183,503 وبالتالي فإنّ نسبة الفلسطينيين في فلسطين التاريخية تصبح 50.7%.
 
نتجت زيادة عدد اليهود عن زيادة نسبة التكاثر في أوساط المتدينين؛ حيث تُظهر الإحصائية أنّ نسبة الزيادة في عدد السكان لعام 2015 بلغت 2% وهي نسبة مقاربة للسنوات العشر الأخيرة.
 
بلغت نسبة زيادة اليهود 1.9%، بينما بلغت نسبة زيادة العرب 2.2%، ونسبة زيادة الآخرين 3.8%؛ وبحسب الديانة فإن نسبة الزيادة لليهود 1.9%، بينما بلغت للمسلمون 2.4% والمسيحيين 1.5% والدروز 1.4%.
 
وبحسب الإحصائية فقد بلغ عدد المواليد الجدد (في عام 2015) 178,723 أكثر بـ 1.3% من سنة 2014؛ من ضمنهم 74% من أمهات يهوديات و23% من أمهات عربيات، وتشير الإحصائية إلى أنّ معدل الخصوبة الكلي 3.09 (وهو يعتبر الأعلى مقارنة بالدول المنتمية لمنظمة التعاون والتنمية OECD) من ضمنهم3.13 لليهود، و3.32 للمسلمين، و2.19 للدروز، و2.12، للمسيحيين، و1.72 للآخرين.
 
ويمكننا الاستنتاج بأنّ زيادة نسبة اليهود راجعة لزيادة نسبة التكاثر في أوساط المتدينين من خلال الاطلاع على نسبة التكاثر في المناطق الجغرافية التي يتمركزون فيها، فالمتدينون يتمركزون في ثلاثة تجمعات جغرافية وهي: مستوطنات الضفة الغربية "يهودا والسامرة" والقدس والجنوب والتي يصل فيها متوسط عدد الأولاد لكل أم 4.89/ 3.93/ 3.49 على التوالي، بالإضافة إلى ما أورده المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في تقريره حوله المجتمع الحريدي3 في "إسرائيل" لعام 2016 والذي وصل فيه متوسط الخصوبة لدى الأمهات الحريديات في الفترة ما بين 2012-2014 إلى 6.9 مولود؛ بينما نجد أنّ معدل ولادة الأمهات المتدينات  4.2 والنساء العلمانيات 2.1. (ملاخ، 2016، صفحة 43). 
 
لكن ومن جهة أخرى نجد أنّ زيادة التكاثر السكاني في "إسرائيل" لم يساهم في وقف تراجع أعداد اليهود على مستوى العالم، فبحسب التقرير السنوي لمعهد سياسة "الشعب اليهودي" لعام 2016 فإنّ عدد اليهود على مستوى العالم بما فيهم الذين في "إسرائيل" قد بلغ عام 2015 حوالي 14,310,500 يهودي؛ وهذا أقل (بحوالي 360 ألف يهودي) من تقديرات المعهد الذي نشرها في تقرير سابق للعامين 2013-2014، ويشير التقرير إلى أنّ عدد اليهود في عام 1970 قد بلغ 12,633,00 أي أنّ الزيادة في نسبة عدد اليهود خلال 45 عامًا قد وصلت إلى 13,2% وهذا أقل من المعدل العالمي؛ فقد تضاعف عدد السكان على مستوى العالم في هذه الفترة، ويشير التقرير إلى أنّ التوزيع الجغرافي لليهود في العالم لم يتغير على مدى العشر سنوات الماضية، حيث يأتي في المرتبة الأولى اليهود الموجودون في "إسرائيل" ويليهم يهود الولايات المتحدة الأمريكية بواقع 5,700,000 يهودي (تال، 2016، صفحة 26).
 
تُظهر الإحصائية تراجعًا حادًّا في معدلات الولادة بين الأمهات العربيات لعام 2015 والذي يصل إلى 3,32 ولادة في العام بالمقارنة مع بداية السبعينيات التي كان فيها معدل الولادة 8,47 للأم الواحدة؛ مقابل 3,28 للأمهات اليهوديات، وربما يعود هذا التراجع الحادّ للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي عايشها المجتمع العربي في داخل "إسرائيل" خلال الأربعين سنة الماضية؛ من حيث تغير الدخل وزيادة نسبة المرأة العاملة ونسبة التعلم.   
 
يُعتبَر المجتمع الإسرائيلي شابًّا مقارنة بالدول الغربية في عام 2015؛ فقد بلغت نسبة من هم دون 14 عامًا 28.3%، بينما بلغت نسبة من بلغوا سن 65 فما فوق 11%. كما ارتفع متوسط الأعمار في عام 2015، فبلغ 29.8 مقارنة بعام 2000 الذي بلغ فيه متوسط الأعمار 27.7، وبلغ متوسط الأعمار عند الذكور 28.7، بينما بلغ عند الإناث 30.9.
 
تُظهر الإحصائية أن نسبة الذكور أقل من نسبة الإناث، فقد بلغت 983 ذكرًا لكل 1000 أنثى مقارنة بعام 1995 الذي كان فيه 974، ويُبيّن التقرير أن عدد الذكور حتى عمر 32 أكبر من الإناث، ومن عمر 33 يزداد عدد الإناث؛ فعلى سبيل المثال في سن 75 فما فوق 700 ذكر مقابل 1000 من الإناث.
 
تُظهر الإحصائية تأخر سن الزواج لدى السكان اليهود؛ ففي الأعمار من 25 – 29 نجد أنّ 62.7% من الذكور و45.8% من الإناث عزاب بالمقارنة مع عام 2000 حيث بلغت فيه النسبة 54% من الذكور و33.% من الإناث، بينما في أوساط المسلمين بلغت النسبة 47.1% من الذكور و19.4% من الإناث مقارنة بعام 2000 الذي بلغت فيه النسبة 35.7% من الذكور و23.2% من الإناث.
 
يُشكّل المواليد داخل "إسرائيل" النسبة الأكبر من مجموع المواليد؛ والتي تصل إلى 75.9% من مجمل مواليد "إسرائيل" حتى نهاية عام 2015؛ مقارنة بفترة قيام الدولة التي وصلت فيها النسبة إلى 35%، وهذا يعني أنّ زيادة السكان الحالية مصدرها الأساسي التكاثر من داخل "إسرائيل" وليس الهجرة كما كان الحال في بداية قيام "إسرائيل"، ففي عام 2015 هاجر إلى "إسرائيل" 27,908 مهاجر فقط وهذا لا يشكّل سوى 0,43% من مجموع اليهود في "إسرائيل"، كما يُظهر التقرير أنّ أكبر مجموعة إثنية هم المنحدرون من أوروبا وأمريكا؛ حيث يبلغ عددهم 2,835,400 من مجموع 6,705,600، أي أنّ نسبة اليهود الأشكناز تصل إلى 42% .
 
تُظهر الإحصائية وجود تجمعين جغرافيين رئيسين لليهود والعرب في "إسرائيل"، إذ تَظهر "إسرائيل" كدولة مركز، ويصلح أن يُطلق عليها تسمية دولة تل أبيب، وذلك يعود إلى أنّ نصف اليهود يسكنون في منطقة المركز (التي تضم تل أبيب) بينما يسكن 60% من العرب في منطقة الشمال (الشمال+ حيفا).
 
 
 

 

 

الهوامش:
 
 
 
  1. العام العبري: تقويم قمري إلا أنه يختلف عن التقويم الهجري؛ حيث يتأخر من 10 أيام إلى 11 يومًا، ويتم زيادة شهر قمري بعد كل 3 سنوات يسمى " أدار ب" ويكون في الربيع ويتبع شهر ادار الثابت في التقويم وهذا ما حصل هذه السنة.
  2. يُعرّف الآخرون بـ (المسيحيين غير العرب؛ الديانات الأخرى؛ والرافضين لتسجيل انتمائهم لأي ديانة في سجلات وزارة الداخلية). 
  3. الحريديم: جمع حريدي وهي تعني التقي؛ وهم جماعة يهودية تهدف للعودة للأصول الفكرية القديمة لليهود ويطمحون لتطبيق الشريعة اليهودية، يعرفون بقبعاتهم ولباسهم الأسود للرجال والملابس المحتشمة للنساء.
 

 

 
المراجع: 
 
 
 
 
  1. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. (15 اكتوبر, 2016). ملخص المؤشرات الإحصائية الرئيسية في الضفة الغربية وقطاع غزة. رام الله، رام الله، رام الله.
  2. المكتب المركزي للإحصاء. (27 أيلول, 2016). المكتب المركزي للإحصاء. تم الاسترداد من هلشخاه همركزيت لستاتيستيكا (المكتب المركزي للإحصاء): 

    http://cbs.gov.il/reader

  3. جلعاد ملاخ. (2016). شنتون هاحفراه هحرديت بيسرائيل 2016 (إحصائية المجتمع الحريدي في "إسرائيل" 2016). تل أبيب: المعهد الإسرائيلي للديمقرارطية.
  4. رامي تال. (2016). متساف هاعم هيهودي هعرخاه شنتيت 2016 (وضع الشعب اليهودي/ تقدير سنوي 2016). القدس: معهد سياسة الشعب اليهودي.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى