صالح الجعفراوي

ولد صالح عامر فؤاد الجعفراوي في مدينة غزة في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1997. درس المرحلتين الأساسية والثانوية في مدارس غزة، ودرس الصحافة والإعلام في كلية الآداب بالجامعة الإسلامية في غزة.
عمل الجعفراوي في عدة مجالات قبل أن يعمل في الصحافة، فقد عمل محاسبًا في مطعم بريك في الحي الذي كان يعيش فيه.
بدأ الجعفراوي في تغطية الأحداث الميدانية على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء مسيرات العودة التي دعت لها التنسيقية العليا لمسيرات العودة، وبدأت في الثلاثين من آذار/ مارس عام 2018 في الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الفلسطيني، واستمرت أسبوعيًا لفترة طويلة، وكان من أبرز الشباب الذين غطّوا المواجهات من الخطوط الأمامية في مواقع التواصل الاجتماعي، كما غطى أحداثًا ذات طابع ديني أو اجتماعي، مثل مشروع صفوة الحفاظ الذي انتشر بشكل واسع في القطاع.
عمل الجعفراوي مصوراً وصحفياً مستقلاً، ومع اندلاع حرب الإبادة الجماعية التي شنَّها الاحتلال على قطاع غزة في تشرين أول/ أكتوبر عام 2023، انخرط في توثيق المجازر وأعمال التدمير والتهجير التي كان يقوم بها جيش الاحتلال بالصوت والصورة، وحوّل حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نافذةٍ مفتوحةٍ للعالم، ينقل منها مشاهد الدمار والقتل والظلم الذي يعيشه أبناء غزة، وقد وصل عدد متابعيه حول العالم إلى الملايين من الناس، ليصبح أحد أهم الأصوات الفلسطينية في الفضاء الرقمي.
اعتاد الجعفراوي نقل الحداث ورواية قصص الناس، وكان يتنقَّل بين المستشفيات والملاجئ والخيام والشوارع المدمّرة، ويرافق الأطفال الذين فقدوا أهلهم، وقد وثَّق مشاهد مليئة بالحزن والألم وشاهدة على وحشية الاحتلال، مثل لحظات استقبال الجرحى في مستشفيات غزة، واحتراق خيام النازحين في مجمع شهداء الأقصى، ومشهد المسعف الذي حمل طفلًا وقد سقط جزء من رأسه وغيرها، وساهم بذلك في إيصال صرخات أهل قطاع غزة للعالم.
لم يكن صالح مجرد صحفي ميداني، بل كان ناشطاً إنسانياً ساهم في حملات لإغاثة المتضررين، وشارك في مبادرات إنسانية لإعادة بناء مستشفى للأطفال، وجمع تبرعات، وقاد حملات لتوزيع الأضاحي والمساعدات على آلاف الأسر في غزة.
كان الجعفراوي داعية إسلامي، أمتلك صوتًا جميلًا، ونشر مواعظه على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنَّه كان رياضيًا أيضاً، حيث برع في لعبة تنس الطاولة، وحصل على المركز الأول في بطولات الجامعة الاسلامية طوال فترة دراسته فيها، ولعب في منتخب فلسطين لتنس الطاولة في أكثر من بطولة تحت مظلة الاتحاد الدولي لتنس الطاولة، ومثّل فلسطين في بطولة الدول العربية التي أقيمت في مصر عام 2022، وبطولة العالم التي أقيمت في قطر في شباط/ فبراير عام 2023 والتي شارك فيها مئة لاعب وقد وصل صالح بجدارة إلى الدورة16 في البطولة.
عانى الجعفراوي من الاحتلال، فقد كان يعيش في غزة الواقعة تحت الحصار الخانق، وأصيب بقدميه بالرصاص الحي أربع مرات أثناء تغطيته لمظاهرات مسيرات العودة عام 2018، وقد أصبح هدفًا واضحًا للاحتلال أثناء حرب الإبادة الجماعية التي شنَّها منذ تشرين اول/ أكتوبر عام 2023 حيث أُدرج اسمه ضمن “القائمة الحمراء للاغتيالات”، وتعرض لحملات تشويه إسرائيلية ودعائية ضخمة وصفته بعض وسائل الإعلام العبرية بـ”الممثل” واتهمته حكومة الاحتلال بتضليل الرأي العام، وهدم الاحتلال منزل عائلته، وأصيب أثناء الحرب، وأُغلقت حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي مرارًا، ومع ذلك استمر الجعفراوي في نقل الحقيقة.
أصيب الجعفراوي في حي الصبرة في مدينة غزة أثناء تغطيته للاشتباكات التي اندلعت بين أجهزة الأمن الفلسطينية وبعض المسلحين في الثاني عشر من تشرين أول/ أكتوبر عام 2025، واستشهد بعد ساعات من أصابته، ولم يتمكن أخوه ناجي من وداعه الأخير، حيث كان محتجزًا في سجون الاحتلال منذ بداية الحرب، وأطلق سراحه في صفقة التبادل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال وذلك بعد يومين من استشهاده.
كتب الجعفراوي وصيته قبل استشهاده، وقد نُشرت بعد استشهاده بشكل واسع بصوته (نقتبس منها بعض العبارات)
“أنا صالح
….
يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، عشتُ الألم والقهر بكل تفاصيله، وذُقت الوجع وفقد الأحبة مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، الحقيقة التي ستبقى حجة على كل من تخاذل وصمت وأيضا شرف لكل من نصر ودعم ووقف مع أشرف الرجال وأعز الناس وأكرمهم أهل غزة.
إن استشهدت، فاعلموا أنني لم أغب…
أنا الآن في الجنة، مع رفاقي الذين سبقوني؛
مع أنس، وإسماعيل، وكل الأحبة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه
…..
كنتُ أقول دومًا:
لا تسقط الكلمة، ولا تسقط الصورة.
الكلمة أمانة، والصورة رسالة،
احملوها للعالم كما حملناها نحن”.
				
					


