شفيق الحوت
ولد شفيق إبراهيم الحوت في مدينة يافا المحتلة في الثالث عشر من كانون الثاني / يناير عام 1932، وهو متزوج من المؤرخة بيان نويهض الحوت ولهما ولد وبنتان. درس المرحلة الأساسية في مدرسة المنشية الابتدائية، وأنهى الثانوية من مدرسة العامرية في يافا عام 1948، وحصل على درجة البكالوريوس في علم النفس وعلم الأحياء من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1953. عمل مدرِّسًا في مدرسة المقاصد الخيرية “ثانوية علي بن أبي طالب” حتى عام 1956، وانتقل إلى الكويت للعمل مدرسًا في مدرسة أبو بكر الصديق بين عامي (1956-1958)، كما اشتغل في الصحافة، وكان مديرًا لتحرير مجلة “الحوادث” اللبنانية (1957-1964)، وكاتبًا في العديد من المجلات والصحف العربية حتى وفاته.
انخرط الحوت في العمل السياسي مذ كان طالبًا في الجامعة، فانتمى للشيوعيين، وأنشأ مع آخرين تجمعًا فلسطينيًا شبابيًا مهتمًا بالقضية الفلسطينية أطلق عليه “مؤتمر المشردين الفلسطينيين”، ثمَّ أصبح من الناصريين، وشارك في تأسيس “جبهة التحرير الفلسطينية- طريق العودة” (ج.ت.ف) عام 1963، وأصبح أمينها العام إلى أن حُلَّت عام 1969، كما ساهم في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وحضر مؤتمرها التأسيسي الذي عقد في القدس عام 1964، وعُيِّن على رأس مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عام 1964، وهو أول مكتب للمنظمة في الدول العربية، وقد لعب دورًا في كل الأحداث التي اتصلت بالوجود الفلسطيني في لبنان ومنها اتفاق القاهر عام 1969، وأحداث الحرب الأهلية عام 1975، والغزو الصهيوني للبنان عامي 1978 و1982، كما كان عضوًا في المجلس الوطني، وعضوًا في اللجنة التنفيذية للمنظمة بين عامي ( 1966- 1968) وعامي (1991-1993).
كان للحوت مساهمات في الدبلوماسية الفلسطينية خلال النصف الثاني من القرن العشرين؛ فترأس العديد من الوفود الفلسطينية الرسمية التي زارت دولًا ومنظمات حول العالم، ومنها الوفد الفلسطيني المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 1974، وقد شارك في إعداد كلمات أبو عمار الرسمية في أكثر من مناسبة، منها كلمته الشهيرة في الأمم المتحدة عام 1974، وأصبح الناطق الإعلامي الدائم للوفد الفلسطيني إلى الأمم المتحدة (1974-1992)، وقد زار الكونغرس الأمريكي وأجرى حوارات مع بعض أعضائه عام 1976، وحضر أكثر من مؤتمرٍ دوليٍ في كندا ممثلًا عن منظمة التحرير في نفس العام، وكان عضوًا في لجنة المتابعة للمفاوضات في مدريد وواشنطن، وكان مسؤول ملف العلاقات السورية- الفلسطينية بعد اتفاق الطائف عام 1989.
اشترك الحوت في العديد من المؤسسات المهنية والأهلية، فكان نائبًا للأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب، وعضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة الصحافة العالمية (1964-1976)، وعضوًا مؤسسًا لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، وعضوًا في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي عام 1994، ومؤسسة القدس الدولية عام 2001، والمؤتمر العام لحق العودة 2002.
رغم قبول الحوت بولوج منظمة التحرير مربع التسوية وتبنيها حل الدولتين، إلا أنَّه عارض اتفاق أوسلو بشدة، وانتقد ما أسماه في مذكراته بـ”صعود النهج الاستسلامي” وازدياد الحصار على ” النهج المقاوم”، وأعلن استقالته من عضوية اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير ومن مسؤوليته عن مكتبها في لبنان عام 1993 احتجاجًا على ذلك.
عُرف الحوت بمعارضته لياسر عرفات حول العديد من القضايا والملفات منها؛ آليات اتخاذ القرار داخل منظمة التحرير، وإدارة ملف العلاقات الداخلية والإقليمية ومسار التسوية، وقد نالت مواقفه الجادة وصبره رغم ما لحقه من أذى إعجاب الكثيرين، حيث مدحه المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد بقوله:” هذا الرجل يصعب إفساده”.
كتب الحوت عددًا كبيرًا من المقالات، وصدر له عدة كتب منها: اليسار والقومية العربية(1959)، وحقائق على طريق التحرير (1966)، والفلسطيني بين التيه والدولة (1977)، ويوميات ابن البلد (1979)، وعشرون عاماً في م.ت.ف (1986)، واتفاقية غزة أريحا أولًا: الحل المرفوض (1994)، وبين الوطن والمنفى (سيرة 2007).
عاش الحوت أحداث النكبة، واستشهد أخوه فيها، وعانى من حياة اللجوء القاسية، وتعرض للاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية بسبب نشاطه السياسي عام 1950، وعام 1951، ومُنع من الدراسة في الجامعة مدة عام، وصدر قرار بترحيله من لبنان، وظلَّ ملاحقًا في لبنان مدة أربعة أعوام، وتعرض لعشر محاولات اغتيال اتُّهمتْ بتنفيذ بعضها جهات عربية وأخرى فلسطينية، وقد توفي في العاصمة اللبنانية بيروت عام 2009.
المصادر والمراجع:
- الحوت، شفيق.” بين الوطن والمنفى من يافا بدأ المشوار”. رام الله: مركز أبحاث منظمة التحرير، ط2، 2015.
- صايغ، يزيد.” الكفاح المسلح والبحث عن الدولة الحركة الوطنية الفلسطينية ( 1949-1993)”. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2002.
- عبد الهادي، مهدي. “فلسطينيون”. القدس: الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية،
ط2، 2011.
- هيئة جائزة سليمان عرار للفكر والثقافة. “الموسوعة الفلسطينية الميسرة”. عمان: أروقة للدراسات والنشر، ط2، 2013.