رؤية الفكر الصهيوني العقائدي للضفة الغربية

 هدفت الحركة الصهيونية منذ نشأتها إلى إقامة وطن قومي لليهود، يتمتع بالشرعية، أي بموافقة الدول العظمى، ودول الإقليم الذي ستنشأ فيه الدولة الوليدة. من هنا، سعى ثيودور هرتسل، مؤسس الحركة الصهيونية وزعيمها الأول، إلى الحصول على موافقة الدولة العثمانية لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، إلا أن الرفض المطلق من سلطانها عبد الحميد الثاني، دفع هرتسل للتفكير باتجاهات أخرى، كأوغندا وربما العريش المصري، عدا عن التجربة الاستيطانية في الأرجنتين.

 إلا أن ثقل الصهيونية الدينية بعد وفاة هرتسل جعل فكرة الوطن القومي، فقط وفقط في فلسطين، لِتُصبح فلسطين وُجهة الجميع، ليس من الناحية السياسية فقط، وإنما أيضًا من الناحية الدينية، حتى عند غير المتدينين.

أقيمت دولة "إسرائيل" عام 1948 على جزء من فلسطين، وقد رافق ذلك عمليات تهجير السكان والسيطرة على الأرض، ثم احتلت باقي الأراضي الفلسطينية عام 1967، والتي تضم القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى سيناء المصرية والجولان السوري. من بين كل هذه الأراضي العربية الواسعة، كانت الضفة الغربية محط أنظار تيار الصهيونية الدينية، لما لها من بعد تاريخي وديني في العقيدة اليهودية، الأمر الذي يمكن استغلاله لتحقيق المطامع الصهيونية.

في بداية السبعينيات، بدأ الاستيطان يتغلغل بشكل تدريجي في الأراضي العربية المحتلة، بما فيها القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان، ولكن بشكل مميز ومكثف في الضفة الغربية. واليوم، يبلغ الاستيطان في الضفة ذروته، فهو لم يحرم الفلسطينيين من التواصل الجغرافي فحسْب، وإنما يفرض واقعًا يقضي على حل الدولتين. والأكثر من ذلك أن التيار الاستيطاني الذي يسيطر على الحكومة الإسرائيلية الحالية، بدأ يدعو بشكل علني إلى ضم الضفة الغربية، أو أجزاء مهمة منها، لـ "إسرائيل".

لا تقتصر هذه الدعوات على تصريحات هنا وهناك، وإنما تجسدت في مشاريع وبرامج لبعض الأحزاب اليمينية، وخاصة تيار الصهيونية الدينية، الذي يبدو وكأنه يجتاح الضفة الغربية عبر المستوطنات والبؤر الاستيطانية، سواء العشوائية منها أو المنظمة، والكتل الاستيطانية التي تفتّت الضفة الغربية إلى مناطق منعزلة عن بعضها البعض.

يدفع هذا الواقع إلى التساؤل حول مصير الضفة الغربية في ظل العقيدة الصهيونية الدينية، وما يرافقها من ظروف سياسية يغلب عليها الانقسام الفلسطيني، والضعف العربي، والغياب الدولي، والانحياز الأمريكي.

الضفة الغربية في الفكر العقائدي الصهيوني

 وفق العقيدة اليهودية، فإن التاريخ العبري بمجمله كان في الضفة الغربية، ففيها قامت دولة "إسرائيل" القديمة ثم دولتا "يهودا وإسرائيل" بعد انقسامها. ووفق المعتقدات اليهودية، انقسمت مملكة سليمان إلى قسمين:  مملكة "إسرائيل" في شمال الضفة الغربية، وكانت عاصمتها آنذاك نابلس "شكيم"، ويُطلق عليها اسم السامرة (شومرون)، ومملكة "يهودا" في الجنوب، وكانت عاصمتها القدس، ويطلق عليها اسم يهودا (رؤوبن و ارنا، 2005)، وبذلك يصبح اسم الضفة الغربية وفق العقيدة اليهودية يهودا والسامرة، وهو اسم تطلقه "إسرائيل" على الضفة حتى اليوم، متجاهلةً التسمية العربية.

وفق معتقدات تيار اليهودية الصهيونية، فإن أرض الضفة الغربية يجب أن تبقى تحت السيطرة الإسرائيلية، لما في ذلك من تقريب لعودة المسيخ (مخلص اليهود)، والأبعد من ذلك، فإن السيطرة على الضفة الغربية يجب أن تؤدي إلى بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى (يوبال و شخيم، 2008). انطلاقًا من هنا، بدأ هذا التيار ببناء ما يسمى بالمذبح، لنقله إلى المسجد، والمذبح وفق التعاليم اليهودية ذو أهمية بالغة، ومكون أساس في البيت المقدس (هرشكوبيتس، 2009)، ويعتبر بناؤه المرحلة الأولى في بناء ما يسميه اليهود جبل الهيكل.  

ووفق فتاوى الحاخامات، أي رجال الدين اليهود، فإن التنازل عن مناطق الضفة الغربية، وكما يسمونها يهودا والسامرة، لا يجوز شرعًا، فقد أوضح اليعيزر ملماد، وهو من رجال الدين المنتمين للصهيونية الدينية، أن ترك الضفة الغربية خارج السيطرة الإسرائيلية ممنوع وفق الشريعة اليهودية، وأن إعطاء العرب الموجودين فيها، مواطنة شبيهة بتلك التي يتمتع بها اليهود، ممنوع أيضًا (ملماد، 1992)، وهذا ما يفسّر تركيز الصهيونية الدينية اليوم، على الاستيطان بشكل كبير في مناطق الضفة الغربية.

وفي العقود الأخيرة، امتدت فكرة الاستيطان في كامل الضفة الغربية لتشمل قطاعًا واسعًا من الحريديم (المتدينين غير الصهاينة)، فأسسوا ما يعرف بمنظمة حلميش (חלמיש، حريديم من أجل يهودا والسامرة)، ويأتي ذلك في ظل التقارب بين المعسكرين، المتدينين الصهاينة والحريديم غير الصهاينة (الموج و باز، 2008). وفي الآونة الأخيرة، أخذ توجه الحريديم نحو اقتحام المسجد الأقصى يتسارع بشكل يومي، رغم ترددهم في ذلك سابقًا (روتبرج، 2003).

من هنا، استطاعت الصهيونية الدينية، أن تفرض رؤيتها فيما يتعلق بمناطق الضفة الغربية، مؤسِّسة رؤيتها على أساسين: الأول تاريخي، والآخر توراتي ذي علاقة بعودة المخلّص في آخر الزمان، وهذا ما يفسّر الرغبة الجامحة لدى هذا التيار، في فرض سيطرة أكبر وأشمل على مناطق الضفة الغربية، مُسرّعًا عجلة الاستيطان، بصورة متدحرجة خلال السنوات الأخيرة.

التركيبة الاستيطانية في الضفة الغربية

أدّت موجة الاستيطان التي اجتاحت مناطق الضفة الغربية -وما زالت في تسارع مستمر- إلى إحداث تغير ملحوظ في التركيبة السكانية للمستوطنين في مجمل مناطق الضفة الغربية والقدس، وهي لا تعكس طبيعة التركيبة السكانية لمجمل سكان الدولة، حيث يتوزع المستوطنون على أربع مجموعات أساسية (مسيخ، 2014):

  • المستوطنون العلمانيون.
  • مستوطنون مهاجرون جدد.
  • مستوطنون متدينون صهاينة.
  • المستوطنون الحريديم (غير صهاينة).

ومن بين السبعمائة ألف مستوطن، الموزعين على مناطق الضفة الغربية والقدس، وُجِدَ أن نسبة المتدينين، بشقيهم الصهيوني والحريدي، في تزايد مستمر، وتزيد عن 77% من المجموع العام للمستوطنين. وقد توزع المستوطنون كما يلي (بيوتركوبتسكي، 2016):

 

 

 

مع الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة الحريديم من مجموع السكان اليهود في "إسرائيل" هي فقط 9%، فيما لا تتجاوز نسبة المتدينين الصهاينة 12% (لاماس، 2015)، مما يعني أن نسبة المتدينين بشقيهم تبلغ 21% فقط، وفي هذا دلالة واضحة على سعي المتدينين للسكن بكثافة في المناطق الاستيطانية، وهو ما يفسّر سعي حزب البيت اليهودي، وهو حزب المتدينين الصهاينة، من أجل زيادة مخصصات المستوطنات، ووضعه شرطًا دائمًا للانضمام للحكومات الإسرائيلية (ليفنسون، 2015)، حرصًا على جمهور ناخبيه الذين يمثّلهم.

علاوة على ذلك، يعمل المجلس الأعلى للمستوطنات على زيادة درجة التدين لدى سكان المستوطنات، وتجسيد التشدد الديني لديهم (مسيخ، 2014)، ويتضح هذا من خلال ربط المستوطنين الدائم بين الضفة الغربية من جانب، والتاريخ والدين اليهودييْن من جانب آخر.

الضفة الغربية في برامج الأحزاب الإسرائيلية

منذ بدْء الموجة الاستيطانية في مناطق الضفة الغربية والقدس بعد احتلالها عام 1967، عملت الحكومات المتعاقبة، سواء حكومات الوسط واليسار التي أسست الاستيطان وبدأت به، أو حكومات اليمين المختلفة، على ترسيخ الاستيطان، والتخطيط لابتلاع الأراضي الفلسطينية ضمن رؤى ممنهجة، ليصل الاستيطان إلى حقائق مهولة، لم تكن في مخيلة صانعي اتفاق أوسلو. فاليوم يوجد حوالي 700 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس، منهم 400 ألف في الضفة، و300 ألف في القدس، ومنهم 120 ألفًا خلال فترة حكم رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو منذ عام 2009 (لوينسون، 2015)، الذي يَعتبر ذلك نقطة فخر له أمام محافل المستوطنين.

أمام تلك المعطيات، يبدو أنه من المستحيل تخلّي أو تنازل أي من التيارات الصهيونية، الحاكمة والمعارضة، عن الضفة الغربية. ورغم التباين السياسي الكبير بين رؤية التيارات الحزبية داخل "إسرائيل"، إلا أن الشيء الوحيد المجمع عليه، هو أنه من المستحيل التنازل أو الانفصال عن كامل الضفة الغربية.

وفيما يلي عرض لتصورات أهم الأحزاب الإسرائيلية بخصوص الضفة الغربية:

  1. مشروع حزب البيت اليهودي: ضم مناطق "ج" من الضفة الغربية بشكل رسمي

حزب البيت اليهودي، وهو الممثل الفعلي للمستوطنين في الحكومة، لديه توجه خاصّ لحل الصراع مع الفلسطينيين، وترتكز رؤية الحزب على رفْض إقامة دولة فلسطينية، لما في ذلك من خطورة كبيرة على أمن "إسرائيل"، حسب تصور الحزب. وقد أشار نفتالي بينت زعيم الحزب، إلى أن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، يجب أن يكون بداية الإعلان عن نهاية حلم إقامة دولة فلسطينية (ليال، 2016)، وهذا ما يتبناه الحزب علنًا، ويؤكد عليه قبل الانضمام إلى أي ائتلاف حكومي منذ عام 2009، بقيادة بنيامين نتنياهو.

عرض حزب البيت اليهودي عام 2014، وعلى لسان زعيمه، رؤيته لحل الصراع مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي تشمل أربع مراحل (دجوني، 2014):

  1. منْح الفلسطينيين إدارة ذاتية في مناطق الضفة الغربية، حيث يكون بإمكانهم إجراء الانتخابات وإدارة أمورهم الخاصة دون تدخل "إسرائيل"، لكن بالتعاون معها، على ألا تقوم في هذه المنطقة دولة ذات حدود أو تمتلك السلاح، ويشترط ألا تكون حركة حماس جزءًا من هذا الاتفاق.
  2. البدء بتخفيف الحواجز التي تفصل مناطق الضفة الغربية عن بعضها، من أجل تسهيل حركة المواطنين.
  3. بناء جسر سلام اقتصادي مع السكان الفلسطينيين.
  4. ضم المستوطنات في الضفة الغربية، وضم مناطق "ج"، وسريان القانون الإسرائيلي عليها في الضفة الغربية.

وعند سؤاله عن عدم تقبل العالم لهذه الرؤية، أجاب بينت بأن العالم سيرفض في البداية، لكنّه سيتعود ويتقبل الواقع على الأرض (ربيد ب.، 2014). وأكد بينت أن ضم الضفة الغربية لـ "إسرائيل" بشكل رسمي، يجب أن يكون هدفًا قريب التحقيق، مؤكدًا أن حزبه سيدعم شرعنة كل العشوائيات الاستيطانية في الضفة الغربية، مثل مستوطنة عامونا (ربيد ب.، 2016)، وسيدعم قانون "هسدرا"، الذي يسعى إلى شرعنة تلك العشوائيات.

يُذكر أن مناطق "ج"، التي تقتضي خطة البيت اليهودي ضمها، والتي تشكّل ما يقارب 60% من الضفة الغربية، يعيش فيها قرابة 200 ألف فلسطيني. وقد أشارت إيلات شاكيد، وزيرة العدل عن حزب البيت اليهودي، إلى أنه يجب ضم مناطق "ج"، وما فيها من السكان الفلسطينيين، مع إعطائهم امتيازات معينة وفرض القانون الإسرائيلي عليهم (شاكيد، 2016)، مع إمكانية إقامة حكم ذاتي لما يتبقى من الفلسطينيين في الضفة، أو أن يعيشوا ضمن كونفدرالية مع الأردن (شاكيد، 2016).

لقد بدأ البيت اليهودي فرض رؤيته، من خلال تسريعه للخطط الاستيطانية، وضغطه باتجاه شرعنة العشوائيات الاستيطانية، وتحويله للمبالغ الطائلة من الميزانية تجاه الاستيطان.

 

  1. مشروع الليكود: إدارة الصراع وضبابية الموقف

يُتهم الليكود بقيادة زعيمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بأنه لا يملك رؤية لحل الصراع، بل يعتمد تكتيكيًّا على إدارة الصراع وليس على حله (كرفيل، 2014). من هنا لم يقدّم بنيامين نتنياهو منذ توليه رئاسة الحكومة عام 2009 وحتى اليوم، أي حلول ذات صلة بالصراع العربي الإسرائيلي، سوى تحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية عن تدهور عملية التسوية، داعيًا إياهم إلى العودة لطاولة المفاوضات دون شروط.

رغم ذلك، وخلال السنة الأخيرة، ومع اشتداد انتفاضة القدس، طرح بنيامين نتنياهو بعض الأفكار لتحديد مصير الضفة الغربية، والحفاظ على مستوطنيها ومستوطناتها، وهذا ما عبّر عنه خلال زيارته لواشنطن في تشرين ثاني من عام 2015، فقد أشار إلى إمكانية اتخاذ خطوات أحادية تجاه الفلسطينيين، من أجل منع قيام دولة ثنائية القومية، مع الحفاظ على الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية، مؤكدًا أن القدس و"جبل الهيكل" غير قابلين للقسمة على اثنين (فريدسون، 2015)، إلا أن نتنياهو تراجع عن أفكاره بعد عودته، وبعد ضغوط من البيت اليهودي.

وهكذا، ما زالت إستراتيجية نتنياهو تعتمد على إدارة الصراع ووضع العصي في الدواليب، كاشتراطه الاعتراف بيهودية الدولة العبرية (ربينوفيتس، 2015)، الذي يشكّل خطورة حقيقية على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948. وفي ظل إدراكه عدم قدرته على مواجهة التيار الاستيطاني، الذي بات الشريك الأبرز له في الحكم، يتضح أن نتنياهو يسير في تدعيم أركان الاستيطان، والضبابية المطلقة فيما يتعلق بحل الصراع ومستقبل الضفة الغربية (يدلين، 2011).

3) مشروع اليسار الإسرائيلي: من الحل السلمي إلى الانسحاب أحادي الجانب

يعاني اليسار الإسرائيلي حاليًّا، الذي يتمثل في حزبي العمل وميرتس، من تخبّط من الناحية السياسية، ويمرّ بأزمة حقيقية، حرمته من الوصول للحكم منذ خمسة عشر عامًا، رغم أن حزب العمل كان له الفضل في تأسيس الدولة، وقيادتها على مدار 37 عامًا، منها 29 عامًا منذ تأسيس الدولة عام 1948 حتى عام 1977، ورغم أنه قاد عملية السلام مع الفلسطينيين، ووقّع معهم اتفاق أوسلو في تسعينيات القرن الماضي.

حزب العمل، الذي تبنى شعار حل الدولتين، والانسحاب من كامل الأراضي المحتلة عام 1967، وجد نفسه مؤخرًا، مضطرًا للإقرار بأن التيار اليميني بات الأقوى على الساحة السياسية. وأمام الحقائق على الأرض، أَقرّ يتسحاق هرتسوغ زعيم المعسكر الصهيوني، الذي يضم حزبي العمل والحركة، بأن حلّ الدولتين من المستحيل تطبيقه، مشيرًا إلى سعي حزبه للتعامل مع الوقائع المتجددة على الأرض (موعلام، 2016).

وبديلاً عن ذلك اقترح هرتسوغ خطة الانفصال أحادي الجانب، والتي تتضمن ما يلي: (رابيد، 2016):

  1. بناء جدار يفصل التجمعات الاستيطانية الكبرى عن بقية المناطق في الضفة الغربية.
  2. في حال الوصول إلى اتفاق في المستقبل، تُنقل المستوطنات الصغرى إلى التجمعات الاستيطانية الكبرى.
  3. فصل المناطق العربية المحيطة بالقدس، لضمان أغلبية يهودية فيها.
  4. تشكيل لجنة سلام عربية مع دول الإقليم، من أجل التوصل لتفاهمات جديدة تناسب الواقع على الأرض.

أقرّ حزب العمل خطة هرتسوغ بالإجماع (ليس، 2016)، وكان لانتفاضة القدس دور بارز في إقرارها، فقد رأى الحزب أن الوقت قد حان لتقديم البديل، في ظل ارتفاع خسائر الجمهور الإسرائيلي من أحداث الانتفاضة في القدس والضفة الغربية.

ووفق اليسار الإسرائيلي، وخاصة المنظّر التاريخي لخطة الانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية، الوزير السابق حاييم رامون، فإن فوائد الانسحاب كبيرة على المستوى السياسي والأمني، وتتلخص فيما يلي (الدار، 2016):

  1. تحقيق أغلبية يهودية في القدس، وذلك بواقع 80% يهود، 20% فلسطينيون.
  2. القضاء على العمليات التي تنطلق من مناطق محيط القدس، أو الحد منها.
  3. توفير 3 مليار شيكل (770 مليون دولار) على الميزانية الإسرائيلية، والتي تُنفق على سكان محيط القدس، الذين يحملون الهوية المقدسية.
  1. خطة أفيجدور ليبرمان: تبادل المناطق والاحتفاظ بالتجمعات الكبرى في الضفة الغربية

عرض أفيجدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، ووزير الجيش حاليًّا، ومنذ فترة طويلة، رؤيته للحل السياسي مع الفلسطينيين، فهو يرى أن الحل يكمن في إقامة دولتين تخلو كل منها من الطرف الآخر، حيث تكون هناك دولة فلسطينية من دون وجود اليهود، على أن تكون "إسرائيل" كذلك من دون أي فلسطيني، ويتحقق ذلك من خلال تبادل المناطق.

وترتكز خطة ليبرمان التي عرضها في مؤتمر هرتسيليا الخامس، وأكد عليها تباعًا خلال السنوات الأخيرة، على البنود التالية (ليبرمان، 2004) (كسبيت، 2014):

  1. نقل المناطق ذات الأغلبية العربية في "إسرائيل" إلى السلطة الفلسطينية، وإخراجها من حدود "إسرائيل".
  2. الاحتفاظ بالتجمعات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وربطها لتصبح جزءًا من الدولة العبرية.

 

خاتمة

تعيش "إسرائيل" فترة ذهبية في السنوات الأخيرة، فقد استطاع تيار اليمين القضاء على عملية السلام، والفلسطينيون منقسمون على أنفسهم، والعالم العربي يواجه فوضى وحروبًا داخلية، كل ذلك ساهم في شعور "إسرائيل" بالاستقرار المرحلي.

إلا أن الواقع على المستوى الإستراتيجي، يشير إلى وجود مآزق حقيقية تعيشها الدولة العبرية، فمن جانب لم تستطع الحفاظ على فترة هدوء طويلة، ومن جانب آخر لم يتوصل ساستها إلى إستراتيجية لحل الصراع، أو على الأقل تحييده فترة من الزمن، وهي تدرك أنها قد تكون مضطرة لمواجهة الانفجار في أي لحظة، في ظل استمرار الواقع على حاله.

ورغم أن الليكود، الحزب الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو، يَعتبر نفسه حزبًا يمينيًّا برؤية سياسية، إلا أنه بات في الآونة الأخيرة منساقًا وراء يمين اليمين، والذي بات الحاكم الفعلي فيما يتعلق بمصير الضفة الغربية، والاستيطان فيها.

وفي ظل استمرار الواقع على الأرض على حاله، فمن المتوقع أن يستطيع حزب البيت اليهودي، تطبيق برنامجه بضم مناطق "ج" وما فيها من فلسطينيين، وتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات في الضفة، وشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية، وذلك بإقرار قانون الـ "هسدرا"، الذي ينصّ على شرعنة تلك البؤر.

تتجلى قدرة حزب البيت اليهودي في فرض رؤيته، بتوفر العديد من العوامل المساندة، والتي منها:

  1. قدرته على ابتزاز نتنياهو بالتهديد المستمر بإسقاط الحكومة.
  2. إدراكه أن جزءًا كبيرًا من المستوطنين هم من ناخبي الليكود، وبالتالي لن يستطيع نتنياهو الخروج عن اتفاقه مع البيت اليهودي بشأنهم.
  3. عدم قدرة نتنياهو على توسيع الائتلاف الحكومي، وبالتالي بقاؤه تحت ابتزاز الأحزاب الصغرى.
  4. وجود أطراف في الليكود تجنح إلى أقصى اليمين، مما يدعم مواقف حزب البيت اليهودي.
  5. ضعف التيارات الفكرية الأخرى، وفشل حزب العمل، مما يُسهم في تقوية التوجه اليميني للبيت اليهودي.
  6. الثقل الاستيطاني الكبير، والمتمثل بوجود 700 ألف مستوطن في الضفة والقدس، أي 12% من مجموع اليهود، يُسهم كذلك في تقوية توجه البيت اليهودي.

ختامًا، إن استمرار نتنياهو في إدارة الصراع فقط، وحرصه على تثبيت الحكومة الإسرائيلية، سيدفعه إلى التعامل بمنطق المحاصصة الائتلافية، فقد وافق له البيت اليهودي على العديد من القوانين والقرارت، مقابل زيادة ميزانية المستوطنات.

وفي ظل ضعف الجانب الفلسطيني، وانشغال العالم العربي بصراعاته الداخلية، فإن الطريق يبقى معبدًا أمام تطبيق الجزء الأهم من رؤية البيت اليهودي، وقد تشهد السنوات القليلة المقبلة، تطبيق القانون الإسرائيلي في مستوطنات الضفة الغربية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع:

أفيجدور ليبرمان. (13 كانون أول, 2004). توخنيت خيلوفي شتخيم فاوخلوسيا بين يسرائيل لفلسطينيم (خطة تبادل أراض وسكان بين إسرائيل والفلسطينيين). مؤتمر هرتسيليا.

أليعيزر ملماد. (1992). معمادم ههلختي شل يهودا فشومرون فحيبل عزا (المكانة الشرعية للضفة الغربية وقطاع غزة). تم الاسترداد من بنيني هلاخا: ב"ה י"ט

أمير مسيخ. (21 شباط, 2014). ميليتنتيوت هلختيت بكراب متيشبي يهودا فشومرون (تشدد ديني بقرب مستوطني الضفة الغربية). المركز الجامعي في ارئيل، صفحة 255.

أهرون ربينوفيتس. (20 أيار, 2015). نتنياهو: اني توميخ بهكمات مدينا فلسطينيت مفوريزت (نتنياهو: أنا أدعم دولة فلسطينية منزوعة السلاح). تم الاسترداد من كيكار هشبات: http://www.kikar.co.il/171379.html

ايلات شاكيد. (27 حزيران, 2016). لسفيخ شتخيم بيهودا فشمورون فلتت زخويوت لفلسطينيم (ضم مناطق في الضفة الغربية وإعطاء حقوق للفلسطينيين فيها). تم الاسترداد من عروتس هكنيست: https://www.youtube.com/watch?v=G2MSdxK8aGw

باراك ربيد. (8 حزيران, 2014). توخنيتو شل بنت: هخلات ريبونوت هدرجتيت بشتخي سي (خطة بنت: سريان تدريجي للقانون الإسرائيلي في مناطق سي). تم الاسترداد من هآرتس: http://www.haaretz.co.il/news/politics/1.2343035

بارك ربيد. (6 تشرين أول, 2016). بنت: تسريخ لفعول عخشاف فلمسور ات هنيفش لمعان سيفوح هجدا (بنت: يجب العمل الآن وتقديم النفس من أجل ضم الضفة الغربية). تم الاسترداد من هآرتس: http://www.haaretz.co.il/news/politics/1.3089324

براك رابيد. (19 كانون ثاني, 2016). هتوخنيت همدينيت شل هرتسوغ، لهتنتك مهكفريم هفلستينيم بمزراح يروشلايم (الخطة السياسية لهرتسوغ: الانفصال عن المناطق الفلسطينية المحيطة في القدس). معهد دراسات الأمن القومي.

بن كسبيت. (7 كانون ثاني, 2014). توخنيت ليبرمان: براجماتيت فهجيونيت (خطة ليبرمان: منطقية وواقعية). تم الاسترداد من ذ ماركر: http://www.al-monitor.com/pulse/iw/originals/2014/01/liberman-land-swap-plan-pragmatic-logical-wadi-ara.html

تفرير رؤوبن، و د. ارنا. (2005). بيلوج همملخا: ممليخت يهودا فممليخت يسرائيل (انقسام المملكة: مملكة يهودا ومملكة إسرائيل). تل ابيب: متاخ "المركز التكنولوجي التعليمي".

حاييم لوينسون. (14 تشرين اول, 2015). ازعكات ايميت: هام نتنياهو باميت اخراي عل جيدول بمسبار همتنخليم (صرخة حقيقة: هل نتنياهو بالفعل مسؤول عن زيادة عدد المستوطنين). تم الاسترداد من هآرتس: http://www.haaretz.co.il/news/politics/.premium-1.2751554

حاييم ليفنسون. (6 آب, 2015). هممشلا ايشرا هعبرات 340 مليون متكتسيب همدينا لهتنخلويوت (الحكومة صادقت على نقل 340 مليون من ميزانية الدولة للمستوطنات). تم الاسترداد من هآرتس: http://www.haaretz.co.il/news/politics/1.2701666

داليا كرفيل. (11 ايلول, 2014). لنهل ات هسخسوخ، زي كمو لتكيس عتسا مول ميتات هخوليه هسوفني. رايون عم اوري شجيا (إدارة الصراع مثل التشاور أمام سرير مريض مفقود الأمل من شفائه. مقابلة مع أوري شجيا). تم الاسترداد من هآرتس: http://www.haaretz.co.il/magazine/1.2431096

دفنا ليال. (9 تشرين ثاني, 2016). بنت تام عيدان همدينا هفلسطينيت (بنت انتهى عهد الدولة الفلسطينية). تم الاسترداد من ماكو: http://www.mako.co.il/news-military/politics-q4_2016/Article-14a92b284884851004.htm?Partner=rss

ران دجوني. (8 تشرين ثاني, 2014). توخنيت اربع هشلبيم شل بنت، نيجد بترون شتي همدينوت (خطة المراحل الأربع الخاصة ببنت، ضد حل الدولتين). تم الاسترداد من جلوبس: http://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1000984733

شلومو بيوتركوبتسكي. (10 كانون ثاني, 2016). كاما مهمتنخليم هم خريديم (كم من المستوطنين هم من الحريديم). تم الاسترداد من القناة السابعة: http://www.inn.co.il/News/News.aspx/313742

عاموس يدلين. (26 أيار, 2011). منؤوم بار ايلان عد نؤوم هكونغرس- ههيسردوت هبوليتيت هي شكوبيعت (من خطاب بار إيلان إلى خطاب الكونغرس- البقاء السياسي هو من يحدد). معهد دراسات الامن القومي.

عكيبا الدار. (4 شباط, 2016). ههتنتكوت ممزراخ يروشلايم- توخنيت لو موعيلا فلو رياليت (الانفصال عن القدس: خطة غير واقعية وغير ذات جدوى). تم الاسترداد من ذ ماركر: http://www.al-monitor.com/pulse/iw/originals/2016/02/saving-jewish-jerusalem-annexation-isaac-herzog-haim-ramon.html

عوز الموج، و دود باز. (17 حزيران, 2008). زرميم ايدولوجييم فسجنونوت خاييم باوخلوسيا دتيت لؤوميت (تيارات أيدولوجية، وأنماط الحياة بقرب المتدينين والقوميين). مؤسسة اليسار المسؤول.

لاماس. (آذار, 2015). هتفلجوت هاوخلوسيا لفي كبوتسا (توزع السكان حسب المجموعات). لجنة الإحصاء المركزية. تم الاسترداد من مكتب الاحصاء الاسرائيلي.

مزال موعلام. (22 كانون ثاني, 2016). توخنيت هرتسوغ لهيفردوت مهفلستينيم (خطة هرتسوغ للانفصال عن الفلسطينيين). تم الاسترداد من ذ ماركر: http://www.al-monitor.com/pulse/iw/originals/2016/01/israel-herzog-diplomatic-plan-separation-palestine-security.html

ياعل فريدسون. (10 تشرين ثاني, 2015). نتنياهو لو شولل مهلاخ مديني حاد تسددي (نتنياهو لا يستبعد حلاً سياسيًّا أحاديًّا). تم الاسترداد من يديعوت احرونوت: http://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4723819,00.html

يتسحاك هرشكوبيتس. (2009). همزبيح كبايت: عيون بتورات همكداش هميمونيت (المذبح كبيت: قراءة في مذاهب البيت المقدس). جامعة بار ايلان، 9-11.

يرميهو يوبال، و دود شخيم. (2008). زمان يهودي خداش تربوت يهوديت بعيدان حيلوني (العصر اليهودي الجديد، الثقافة اليهودية في العصر العلماني). رعنانا – تل ابيب: لمدا ( الجمعية الثقافية اليهودية العصرية ).

يشيعوهو روتبرج. (2003). مشمعوتو هتورنيت شل مفعال ههتنخلوت (المغزى التوراتي للاستيطان). تبوزيم، 3-4.

يونتان ليس. (22 شباط, 2016). فعدات عفودا ايشرا بي احاد ات توخنيت ههفردوت مهفلستينيم شل هرتسوغ (مركز العمل أقرّ بالإجماع خطة الانفصال عن الفلسطينيين الخاصة بهرتسوغ). تم الاسترداد من هآرتس: http://www.haaretz.co.il/news/politi/.premium-1.2844900

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى