حركة حماس ومسار المصالحة الفلسطينية: الدوافع والمآلات
لم يكن اتفاق المصالحة الذي أبرمته حركتا فتح وحماس يشكّل مفاجأة كبيرة للمراقبين، بل يمكن القول إن التقدم والزخم الذي حظي به ملف المصالحة الفلسطينية خلال الأسابيع الماضية، كان يشي بأن الفلسطينيين باتوا على وشك إنجاز مصالحتهم الوطنية. بدت هذه القراءة متفائلة آنذاك، خلافًا للمرات الماضية، حيث سيطرت أجواء التشاؤم على غالبية الجهود المبذولة في هذا الملف. كما يمكن القول إن تلك القراءة التي تتحدث عن إنجاز اتفاق مصالحة ينهي سنوات من الانقسام، استندت إلى جملة من المعطيات، لم تقتصر على خفض التصعيد المتراكم من طرف رئيس السلطة فحسب، بل تشمل تغيرًا واضحًا في موقفه باتجاه الانفتاح على المصالحة، وتغيرًا في مواقف الأطراف الإقليمية التي تضع فيتو على المصالحة، باتجاه إبداء انفتاح أكبر على المساهمة بدور ما في هذا الملف، وعلى استعداد أعلى لانفتاح جزئي تجاه حركة حماس.
هذا التغير الذي لم يسبقه أو يؤسس امتلاك حماس أوراق قوة جديدة، تضطر الخصوم والأطراف المختلفة لتغيير مواقفهم. ومن غير الوارد أيضا عزوه إلى المناورة السياسية التي قامت بها حركة حماس في ملف اللجنة الإدارية، والشروط المطلوبة لحلها، أو في ملف العلاقة مع محمد دحلان. لهذا الاعتبار بالذات، يجب تناول العوامل الأخرى التي شكلت روافع لهذا الانزياح الكبير في المواقف، لاستيعاب طبيعة الانفراجة الحالية، والاحتمالات المتوقعة، والمدى الزمني لها، بما يمكّن الأطراف الفلسطينية من حسن استثمارها.