حجب المواقع الإلكترونية في فلسطين.. بين الدوافع السياسية والادعاءات القانونية
مقدّمة
أصدرت محكمة الصلح برام الله، في 17 تشرين أول/ أكتوبر 2019، قرارًا بحجب 59 موقعًا إلكترونيًّا على شبكة الإنترنت، وعلى موقع الفيس بوك، وذلك بطلب من النائب العام، وهي خطوة ليست الأولى من نوعها، وتستند إلى قانون مثير للجدل، وهو قانون الجرائم الإلكترونية رقم (10) لعام 2018 [1]. وقد أثار هذا الحجب العديد من ردود فعل الأوساط الحقوقية والإعلامية والسياسية، وتصدّر النقاشات بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي[2]، وعكس ضبابية حول الجهات التي تقف خلف القرار، لا سيما مع تنصّل حكومة محمد اشتية منه، ودعوتها الجهات المعنية للتراجع عنه.[3]
تبع هذا القرار في وقت لاحق سجالٌ قانونيّ، تطوّر إلى تقديم طعن للمحكمة، من قبل بعض القائمين على المواقع الإلكترونية المحجوبة، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ونقابة الصحفيين. أحالت المحكمة المادّةَ القانونية التي حُجبت المواقع والصفحات على أساسها، إلى المحكمة الدستورية؛ للبتّ في دستورية هذه المادة، وذلك لوجود شبهة دستورية حولها، مع استمرار الحجب على المواقع الصادر القرار بحقّها، إلى حين بتّ المحكمة الدستورية بشأن تلك المادة.[4]
تقرأ هذه الورقة في حيثيات القرار الأخير، وردود الفعل حوله، وتبحث في دوافعه السياسية، وملابساته القانونية، وجذوره التي أسست له وأفضت إليه، وكذلك المخاوف الناجمة عن استمراره.
جذور القرار وسوابقه
بدأت محاولة حجب المواقع الإلكترونية في فلسطين بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007، ولكن دون غطاء قانونيّ. ثم في 11 آذار/ مارس 2009، حجبت السلطة الفلسطينية موقع شبكة فلسطين للحوار، دون إعلان، ولا مقدّمات قانونية. وقد حمّلت الشبكة، التي كانت في حينه في صدارة المواقع الإلكترونية الفلسطينية، السلطةَ الفلسطينية، وشركةَ الاتصالات الفلسطينية، التي كانت في حينه المزود المركزي الوحيد لخدمات الإنترنت داخل فلسطين، المسؤولية عن الحجب[5]، لا سيما مع عدم وجود إعلان واضح حول الحجب. ثمّ ما لبثت الشبكة أن عادت، على ما يبدو، بعد جهود قامت بها هي وإدارة المركز الفلسطيني للإعلام الذي تتبع له، ثمّ تكرّر حجب الشبكة عدّة مرّات في ذلك العام، الأمر الذي عكس انزعاجًا من جهات نافذة في السلطة، دفعت مزوّدي خدمة الإنترنت لحجبها.[6]
شكّلت هذه الخطوة المبكّرة في حجب المواقع الإلكترونية، سواء المستقلة، أو المعارِضة لسياسات السلطة الفلسطينية، إنذارًا حول الاتجاهات المستقبلية للسلطة الفلسطينية في تعاطيها مع الإعلام الفلسطيني، لا سيما مع الإعلام الإلكتروني، مع قدرتها على ضبط الإعلام التقليدي وفق رؤيتها وسياساتها. فقد أخذت الحرّيات الإعلامية في الانحدار بمَنحى أشد منذ بدايات الانقسام الفلسطيني[7]، الذي تخلّله اعتقال العديد من الصحفيين والإعلاميين، منذ بدايته وحتى اليوم.[8]
بدأ هذا الاتجاه يتبلور تحت عباءة قانونية منذ عام 2016، حينما أخذ مجلس الوزراء الفلسطيني يعمل على صياغة قانون خاصّ بالجرائم الإلكترونية. ثم صدر هذا القانون بالفعل، وصادق عليه الرئيس عبّاس في 24 حزيران/ يونيو 2017، بالاستناد إلى صلاحيته التشريعية الاستثنائية في المادة (43) من القانون الأساسي المعدّل لسنة 2003 وتعديلاته، ثم نُشر في الجريدة الرسمية “الوقائع الفلسطينية” بتاريخ 9 تموز/ يوليو 2017.[9]
وحسب التواريخ المعلنة، وقبل مصادقة الرئيس عبّاس على القانون، وقبل نشره في “الوقائع الفلسطينية”، حجبت السلطة الفلسطينية، بقرار من النائب العام، 11 موقعًا إلكترونيًّا، مقرّبة من حركة حماس، من بينها موقع حركة حماس نفسه، ومن تيار القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان[10]. ثم اعتقلت العديد من الصحفيين الفلسطينيين، بسبب كتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مما شكل ضربة مفصلية جديدة لحرية التعبير.
من المهم الإشارة هنا إلى أن هذا الحجب، الذي لم يستند إلى القانون المشار إليه، ما زال ساريًا إلى اليوم، بالرغم من عدم وجود غطاء قانونيّ له، مما يشير إلى أنّ الصياغات والإجراءات القانونية، يجري توظيفها لصالح قرارات سياسيّة وأمنيّة.
رأت مؤسسات حقوقية أنّ ذلك القانون صدر في ظروف تضليلية، وأبدت عليه جملة من الملاحظات، منها عدم طرحه للنقاش المجتمعي، وعدم طلب رأي مؤسسات المجتمع المدني، ونقابة الصحفيين، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والشركات المزودة للإنترنت. إضافة إلى جملة من الطعون بشأن نصوص القانون، وظروف إصداره، منها مخالفته للمادة (43) من القانون الأساسي، وتضارب المصالح الناجم عن طرح النائب العام للقانون بما يجافي المنطق، حيث إنّه هو الخصم الرئيس في الدعاوى الجنائية التي تقام على المتهمين بشأن الجرائم المنصوص عليها في القانون المذكور، ويمنحه هذا القانون صلاحيات واسعة في مجال ملاحقة “الجرائم الإلكترونية”، والتفتيش في الأجهزة الإلكترونية، ومراقبة الاتصالات، وحجب المواقع الإلكترونية.[11]
وبناء على ذلك، أبدت الأوساط الحقوقية والإعلامية والمجتمعية، خشيتها من أن يمثّل القانون أداة لانتهاك حرّيات المواطنين وحقوقهم، وهتك خصوصياتهم، وقمع المعارضين السياسيين، بالاستناد إلى نصوص غامضة فضفاضة،[12] ما من شأنه أن يطال حرّية التعبير جوهريًّا، ويطلق يد السلطات السياسية والأمنية، دون قدرة على مواجهتها قانونيًّا، بسبب انحياز القانون لها. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق، أنّ هذا النمط من القوانين كان يصدر في ظلّ تعطيل المجلس التشريعي، ثم يُستخدم في إطار المواجهة السياسية، كما هو واضح بالتزامن بين حجب المواقع وإصدار القانون.
وبعد رفض واسع من المؤسسات الحقوقية والإعلامية، وإبدائها ملاحظات تفصيلية وجوهرية على ذلك القانون، شُكّلت لجنة مشتركة من مؤسسات المجتمع المدني، والعديد من المؤسسات الرسمية، وهي مجلس الوزراء، والنيابة العامة، وديوان الفتوى والتشريع، ووزارات الإعلام والعدل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لمراجعة القانون المذكور، وتعديله بما ينسجم والقانون الأساسي المعدّل، واتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبما يضمن حقوق المواطنين وحرّياتهم الأساسية.[13]
وبالفعل صدر في 29 نيسان/ إبريل 2018، قرار بقانون جديد، يحمل الرقم (10) لعام 2018، ونُشر في “الوقائع الفلسطينية” في 3 أيار/ مايو 2018. وقد أبدت المؤسسات الحقوقية إزاءه ترحيبًا حذرًا، فبينما قالت إنّ الحكومة الفلسطينية استجابت لجزء من التوصيات والملاحظات التي أثارتها الجهات الحقوقية والإعلامية، ومنها إلغاء النصوص العامة والفضفاضة بشكل صريح في القانون الجديد، وتخفيف العقوبات الجنائية، فإنّها في الوقت نفسه تُسجّل مجموعة من التحفظات، وترى ضرورة مواصلة الحوار بشأن إدخال تعديلات إضافية، بما ينسجم مع احترام الحقّ في الخصوصية، وحرمة الحياة الخاصة، وكفالة حرية الرأي والتعبير، وبما يعزّز من حقوق المواطنين وحرّياتهم الأساسية، وينسجم مع القانون الأساسي، ومع التزامات دولة فلسطين على الصعيد الدولي، مشيرة إلى أنّ مخاوف أبدتها الجهات الحقوقية فيما يخصّ حرمة الحياة الخاصة، وحرية الرأي والتعبير، لم تستجب الحكومة لمطالبها بشأنها.[14]
وبالرغم من الترحيب الحذر من القانون الجديد الذي أبدته الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وغيرها من المؤسسات الحقوقية، فيما بدا لها الحلّ الأكثر إمكانية في ظلّ تعنّت السلطة السياسية، فإنّ ناشطين، وأوساطًا صحفية وإعلامية، كشفت عن تخوف عميق من استخدام هذا القانون سياسيًّا وأمنيًّا، لا سيما وقد احتفظ القانون ببعض عباراته الفضفاضة، ومكّن النائب العام من حجب المواقع خلال 24 ساعة، بعد أخذ الإذن من محكمة الصلح الملزَمة بإصدار قرارها خلال يوم الطلب نفسه[15]. كما نصّ القانون على الحبس أو التغريم، أو إنزال العقوبتين معًا، على كلّ من دخل المواقع المحجوبة[16]، وهو الأمر الذي يعني بالضرورة حرمان الصحفيين أو الباحثين، وغيرهم من المواطنين من الوصول للمعلومة، إضافة إلى تهديد حرية التعبير والعمل الصحفي للعاملين في هذه المواقع، أو المتعاونين معها.[17]
وقد أعطى هذا القانون للنيابة العامة سلطة واسعة في الحصول على المعلومات الشخصية، بما يمس بالخصوصية وينتهكها. فقد نصّ أنّ للنائب العام، أو لأحد مساعديه، أن يأمر بالجمع والتزويد الفوري لأي بيانات، بما فيها حركة الاتصالات، أو معلومات إلكترونية، أو بيانات مرور، أو معلومات المشترِك التي يراها لازمة لمصلحة التحقيقات[18]، الأمر الذي يتناقض مع نصّ القانون نفسه الذي جعل هذه الصلاحية في نصوص أخرى لقاضي الصلح[19]، وهو ما يعني أن القانون ينطوي على تناقض جوهريّ. وقد أحال القانون الجرائم والمخالفات التي لا ينص عليها إلى التشريعات الأخرى التي تنص عليها[20]، أي أنه ينقل العبارات الفضفاضة من تلك التشريعات إلى القانون نفسه ميكانيكيًّا، كأن تكون في قانون العقوبات مثلًا. هذا إضافة إلى شرعنته جمع الأدلة بطرق غير شرعية، إذ يَعتبر الدليل الناتج بأي وسيلة من وسائل تكنولوجيا المعلومات، أو أنظمة المعلومات، أو شبكات المعلومات، أو المواقع الإلكترونية، أو البيانات والمعلومات الإلكترونية، من أدلة الإثبات.[21]
وإضافة إلى ذلك، أتاح القانون المزيد من إمكانيات الحدّ من حرية الرأي، حيث نصّ على التعاون مع الدول الأخرى بتبادل المعلومات، أو المساعدة القانونية، أو تسليم المجرمين[22]. وهو ما قد يفتح المجال للمزيد من أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، ومحاسبة الفلسطينيين على آرائهم فيما يتعلق بالدول الأخرى، مما يغلق المجال العام أمام حرّية الرأي تمامًا.
وبذلك، تتبين الثغرات الكبيرة في القانون، والفخاخ التي تتيح للسلطة السياسية استخدامه في الحدّ من حرّية الرأي، أو قمع المعارضين السياسيين، أو انتهاك خصوصيات المواطنين، إضافة إلى مخاطر أخرى تتمثّل في التعاون مع الدول الأخرى، وهو الأمر الذي يعني أن المؤسسات الحقوقية، حينما رحّبت بالقانون بتحفظ، كانت تراعي المواءمات مع السلطة السياسية، أكثر مما لاحظت المخاوف الكبيرة التي تثيرها بنوده الواضحة والصريحة، وهو الأمر الذي تجلّى أخيرًا في حجب عدد كبير من المواقع الإلكترونية.
حيثيات الحجب الأخير للمواقع وتداعياته
استند قرار الحجب الأخير، إلى المادة (39) من القرار بقانون رقم (10) لعام 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، الأمر الذي أتاح للنائب العام حجب المواقع في يوم الطلب نفسه. وقد أثارت قائمة المواقع وصفحات الفيس بوك، الصادر بحقها قرار الحجب، الاستغراب، فبعضها لا يتبنى موقفًا سياسيًّا من السلطة الفلسطينية، وإنما يؤرّخ للنضال الفلسطيني، وبعضها مواقع إخبارية مهنية لا تقدم خطابًا حادّا، ومنها ما هو فلسطيني أو عربي. وبينما لا يمكن فنّيًّا حجب صفحات الفيس بوك، فإنّ رئيسة نيابة مكافحة الجرائم الإلكترونية، صرّحت أن النيابة ستتواصل مع إدارة فيسبوك وتنسّق معها، من أجل حظر الصفحات التي شملها قرار الحجب[23]، الأمر الذي أثار حفيظة النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لأن الحملة التي يشنّها موقع الفيسبوك نفسه، لحجب المحتوى الفلسطيني، تشمل عددًا من المواقع والصفحات نفسها، التي تطالب النيابة العامّة الفلسطينية بحجبها، وهو ما استهجنته بعض المبادرات الرامية لحماية المحتوى الفلسطيني.[24]
استدعى قرار المحكمة، المستجيب لطلب النيابة العامّة، ردود فعل واسعة، سياسية وحقوقية وإعلامية. فقد اعتبرت حركة حماس القرار شراكة واندماجًا كبيرين “بين مؤسسات السلطة والاحتلال الإسرائيلي، في محاربة الحقيقة، وتدمير الحركة الإعلامية، وتغييب الرواية الفلسطينية لصالح رواية العدو”[25]. بينما قالت حركة الجهاد الإسلامي، إنّ سياسة السلطة تجاه الرأي الآخر، خطيرة جدًّا، وترتكز إلى توصيات الأجهزة الأمنية، وتشجع الاحتلال في حربه على الشعب الفلسطيني، وتمهد لملاحقات قضائية لصحفيي الشعب.[26]
الموقف نفسه أكّدت عليه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث قالت إنّ قرار الحجب يمثّل خدمة صافية للاحتلال، الذي يسعى على الدوام إلى حظر المحتوى الفلسطيني، وذلك في سياق مخططاته الهادفة لضرب الرواية الفلسطينية، محذّرة من الخلط المتعمد في قرار الحجب بين المواقع الوهمية المشبوهة، وبين المواقع الفلسطينية الهامّة.[27]
وكذلك استنكرت قرار الحجب المبادرة الوطنية الفلسطينية، التي اعتبرته مخالفًا للقانون الأساسي، ومتعدّيًا على حرية الرأي والتعبير[28]. في حين دعت الجبهة الديمقراطية رئيس الحكومة محمد اشتية للوفاء بتعهداته السابقة، التي أكّد فيها أن حكومته رفعت سقف الحريات، والقيام بدوره لوقف قرار حجب المواقع والصفحات الإلكترونية، ووقف العمل بقانون الجرائم الإلكترونية “المرفوض نقابيًّا وشعبيًّا”[29]. أما حزب الشعب الفلسطيني، فقد اعتبر القرار انتهاكًا للاتفاقيات والمعايير الدولية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، ومخالفة صريحة للقانون الأساسي الفلسطيني.[30]
في المقابل، لم تُعلّق حركة فتح على قرار الحجب، وإن كان الناطق باسمها في أوروبا جمال نزّال، كتب على صفحته على موقع الفيسبوك منشورًا، حذفه لاحقًا، قال فيه إن الحكومة الفلسطينية “اتخذت قرارًا بتعطيل الوصول إلى صفحات مشهورة بزراعة الكراهية، وتناقل المعلومات الخاطئة”، وإنّ القرار “سيحقق التفاهم والتسامح بين الفلسطينيين، ويقلل من نسبة المعلومات الفاحشة في الفضاء الإعلامي الفلسطيني”[31]. وبعد حذفه منشوره، نشر موقف الحكومة الفلسطينية، الذي طالبت فيه الجهاتِ المعنية بالتراجع عن قرار الحجب.
وقد عقد عدد من المنظمات الأهلية الحقوقية، والمعنية بالحريات الإعلامية، وبالشراكة مع وكالة وطن للأنباء مؤتمرًا صحفيًّا ضمّ كلًا من المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية “مدى”، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، والهيئة الأهلية لاستقلال وسيادة القانون “استقلال”، ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، قالت فيه إنّ قرار حجب المواقع، لم يستند إلى أيّ مبررات قانونية، ويشكّل مسًّا بالحرّيات الصحفية، وبالسلطة القضائية واستقلاليتها، ويُخضعها لتدخلات خارجية، هذا فضلًا عن مخالفته الدستورية الصريحة لنص المادتين (19) و (27) من القانون الأساسي الفلسطيني، ومخالفته الصريحة لنص المادة (19) من العهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية، والتي ضمنت الحق في حرية الرأي والتعبير.[32]
وبينما اعتبرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين قرار حجب المواقع يومًا أسودَ في تاريخ الصحافة الفلسطينية، ومجزرة بحق حرية الرأي والتعبير، وبحق وسائل الإعلام الفلسطينية، فإنّها ذكّرت بالمخاوف التي أبدتها من قبل بخصوص القرار بقانون رقم (10) لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، والذي سيكون سيفا مسلّطًا على رقاب الصحفيين، منوّهة إلى أنّ القرار يناقض تعهدات رئيس الحكومة محمد اشتية، بصون الحريات الإعلامية.[33]
وفي المسار القانوني، تقدّمت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وبناءً على شكاوى تلقتها من بعض المواقع التي صدر بحقها قرار الحجب، وإلى جانب نقابة الصحفيين، بطلب إلى محكمة الصلح لإلغاء قرارها[34]. وبناء على ذلك، أحالت محكمة الصلح المادة (39) من قانون الجرائم الإلكترونية للمحكمة الدستورية، للبتّ في دستوريّتها، مع بقاء قرار الحجب قائمًا إلى حين بتّ المحكمة الدستوريّة في المادّة المشار إليها. وقد تزامن مع جلسة المحكمة احتجاج نظّمه العديد من الصحفيين أمام باب المحكمة.[35]
وفي وقت لاحق، تقدّم كلّ من محامي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومحامي نقابة الصحفيين، بمذكّرة للمحكمة الدستورية، بخصوص نصّ المادة (٣٩) من قانون الجرائم الإلكترونية. تضمّنت المذكّرة ثلاث ملاحظات، وهي مخالفة حق الدفاع وقرينة البراءة، والعقاب بغير حكم قضائيّ، ومخالفة حرية الصحافة والحق في التعبير.[36]
وفي تزامن مع الجهود القانونية إزاء المحكمة الدستوريّة، نَظّم الحراك الفلسطيني الموحّد وقفة احتجاجية في مدينة رام الله، شارك فيها العديد من المواطنين والصحفيين[37]. وسبق ذلك وقفة متزامنة نظّمتها نقابة الصحفيين في كلّ من رام الله وغزّة[38]. وقد استنكر عدد من المؤسسات الدولية قرار الحجب، منها مؤسسة “العدالة الواحدة” الفرنسية[39]، ومنظمة “مراسلون بلا حدود”[40]. هذا إضافة إلى حملة إلكترونية مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان “الحجب جريمة”.
خلاصة
أثار قرار محكمة فلسطينية بحجب 59 موقعًا فلسطينيًّا، في خطوة لم تكن الأولى من نوعها، واستجابة لطلب النائب العام الفلسطيني، ردود فعل واسعة، سياسية وحقوقية وإعلامية، تجاوزت الساحة الفلسطينية، وعكست اضطرابًا في موقف المؤسسة السياسية الفلسطينية، لا سيما بعد تنصّل حكومة محمد اشتية من القرار، ممّا أشار إلى دور الجهات الأمنيّة في الدفع نحو إخراج مثل هذا القرار، وفتح جدلا خاصا حول مصدر صنع القرار، وتشكيل السياسات، داخل السلطة الفلسطينية، في وقت تمضي فيه هذه السياسات نحو مزيد من التفرد، الذي قد يقود لمنظومة شمولية، تسيطر على مناحي الحياة الفلسطينية، وتقصي غيرها، فيما يجهل الجمهور مصادر القرار والسلطة فيها.
وقد أعادت هذه الخطوة السجال حول قانون الجرائم الإلكترونية، فقد دعت بعض المؤسسات الحقوقية لتعديل عدد كبير من بنوده، وإلى حلّ أزمة النظام السياسي الفلسطيني[41]، حيث يتيح الواقع القائم للرئيس عبّاس، والذي يمثّل أحد أطراف الانقسام الفلسطيني، القدرة على إصدار مراسيم بقوّة القانون، مع غياب المؤسسة التشريعية، والهيمنة على المؤسسة القضائية.
وبينما أفضت الجهود القانونية إلى إحالة المادة (39) من قانون الجرائم الإلكترونية، والتي استند إليها قرار الحجب، إلى المحكمة الدستوريّة، فإنّ مخاوف النشطاء والمراقبين تظلّ قائمة، وذلك نظرا لهذه السياقات التي تتفرّد فيها المؤسسة السياسية، وتطلق من خلالها أيدي المؤسسة الأمنيّة. يذكّر هذا الأمر بأصل الأزمة، فهي أزمة سياسية ناجمة عن تأزيم النظام السياسي الفلسطيني، وإحلال الخصومة الداخليّة محلّ المواجهة مع الاحتلال. ففي حين تحجب السلطة الفلسطينية عشرات المواقع الإلكترونية، الفلسطينية والعربية، لم تحجب موقعًا إسرائيليًا واحدًا[42]، بما في ذلك مواقع الجهات الأمنية الإسرائيلية، ومواقع لضباط عسكريين إسرائيليين.
كما يُذكّر هذا الواقع، بقرار الحجب المتزامن مع حملة الفيسبوك على المحتوى الفلسطيني، بإيعاز أمنيّ إسرائيلي، وهو الأمر الذي وسّع من ردّة الفعل على القرار الفلسطيني نفسه[43]. ويُنبّه هذا الواقع أيضا إلى السياق الطويل من جهود السلطة الفلسطينية في الحدّ من حرّية الرأي، وتوظيف القانون لأغراض سياسية، كما هو ظاهر من جذور القضية وسوابقها، والتي تسبق الانقسام الفلسطيني بكثير. كما يُنبّه إلى السياقات العربية المجاورة التي تسعى لمحاصرة الإعلام الإلكتروني تحت مظلّات قانونية، مشابهة لقانون الجرائم الالكترونية، ويتوسّع بعضها في حجب مئات المواقع دون غطاء قانونيّ، الأمر الذي يشير إلى احتمالات التنسيق بين السلطة الفلسطينية وأجهزة تلك الدول[44]، وإمكانيات تحوّل المجال الفلسطيني إلى مجال أمنيّ مغلق، كما حذّرت قوى سياسية وحقوقية وإعلامية.
وأخيرًا، كل ذلك يستدعي إنهاء حالة التفتت، والاستقطاب السياسي، في الجسم الصحفي الفلسطيني، وتوحيد الجهود لحماية حرية العمل الإعلامي، وحرية التعبير، وتكثيف المساعي لتعديل قانون الجرائم الإلكترونية، وعدم الاكتفاء بمسار قانونيّ يخدم السلطة السياسية، لا سيما وأن النيابة العامّة استندت في بعض دفوعها، إلى مقالات رأيٍ طبيعية لا تتسم بالعداء للسلطة[45]، وهو ما يعزّز من مخاوف محاصرة الرأي العام، والتأسيس لاستهداف أصحاب الرأي والصحفيين والإعلاميين، تحت سيف هذا القانون، الذي يحاكم على مجرّد دخول المواقع المحجوبة، فكيف بالعمل معها، أو الكتابة فيها، أو تسجيل آراء ناقدة للسلطة؟؟؟
[1] “صلح رام الله” تحظر عشرات المواقع الإلكترونية، موقع وكالة معا، 21 تشرين أول/ أكتوبر 2019، http://www.maannews.net/Content.aspx?id=998271
[2] استنكار واسع لقرار السلطة حجب مواقع إعلامية بينها “عربي21″، موقع عربي21، 21 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://arabi21.com/story/1217061
[3] الحكومة تطالب بالتراجع عن قرار حجب بعض المواقع الإلكترونية، موقع وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية/ وفا، 21 تشرين أول/ أكتوبر 2019، http://www.wafa.ps/ar_page.aspx?id=ivXGjta863831961366aivXGjt
[4] المحكمة الدستورية ستفصل في قرار حجب المواقع الإلكترونية، موقع ألترا فلسطين، 24 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://ultrapal.ultrasawt.com/
fbclid=IwAR3fYAZdjZgAXUmFkTJhvDge0N5pf8ia1XFRDNOepSgK3vnU0uSPyg1m4TM
[5] بيان هام: السلطة وشركة الاتصالات المسؤول الأول عن حجب شبكة فلسطين للحوار في فلسطين، موقع شبكة فلسطين للحوار، 15 آذار/ مارس 2009، https://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=385554
[6] طالبت شركة الاتصالات بتحمل مسؤولياتها، “شبكة فلسطين للحوار” تعود إلى العمل بعد يومين من الحجب في غزة والضفة الغربية. موقع المركز الفلسطيني للإعلام، 1 تموز/ يوليو 2009، https://www.palinfo.com/90951
[7] انظر مثلاً أحد التقارير حول انتهاك حرّيات الصحافة والإعلام في أراضي السلطة الفلسطينية خلال عام 2011:
مدى: انتكاسة جديدة لحرية الإعلام خلال آب الماضي، موقع وكالة معا، 8 أيلول/ سبتمبر 2011، http://www.maannews.net/Content.aspx?id=418580
[8] “مدى” يستنكر موجة من الاعتداءات على الصحفيين، موقع وكالة سما، 27 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://samanews.ps/ar/post/393277/مدى-يستنكر-موجة-من-الاعتداءات-على-الصحافيين
[9] الهيئة تصدر مذكرة قانونية حول القرار بقانون رقم (16) بشأن الجرائم الإلكترونية، موقع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، بدون تاريخ، https://ichr.ps/ar/1/17/2174/الهيئة-تصدر-مذكرة-قانونية-حول-القرار-بقانون-رقم-(16) -بشأن-الجرائم-الإلكترونية.htm
[10] السلطة تحجب مواقع إخبارية مقربة من حماس ودحلان، موقع الجزيرة نت، 16 حزيران/ تموز 2017، https://www.aljazeera.net/news/humanrights/2017/6/16/السلطة-تحجب-مواقع-إخبارية-مقربة-من-حماس-ودحلان
[11] الهيئة تصدر مذكرة قانونية حول القرار بقانون رقم (16) بشأن الجرائم الإلكترونية، موقع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، مصدر سابق.
[12] المصدر السابق.
[13] مذكرة قانونية حول القرار بقانون رقم (16) لسنة 2017 بشأن الجرائم الإلكترونية، موقع مؤسسة الحق، 14 أيلول/ سبتمبر 2017، http://www.alhaq.org/ar/advocacy/2322.html
[14] الهيئة ترحب بصدور القرار بقانون رقم (10) لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية وتقدم مجموعة من الملاحظات والتحفظات، موقع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، 20 أيار/ مايو 2018، https://ichr.ps/ar/1/26/2389/الهيئة-ترحب-بصدور-القرار-بقانون-رقم-(10)-لسنة-2018-بشأن-الجرائم-الإلكترونية-وتقدم-مجموعة-من-الملاحظات-والتحفظات.htm
[15] راجع المادة (39) من القانون:
قرار بقانون رقم (10) لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، معهد الحقوق – جامعة بيرزيت، http://muqtafi.birzeit.edu/pg/getleg.asp?id=17018
[16] انظر المادة (4) من القانون، المصدر السابق.
[17] منى شتية، قانون الجرائم الإلكترونية المعدل هل فعلا تعدَّل؟، موقع عرب 48، 4 حزيران/ يونيو 2018، https://www.arab48.com/مقالات-وآراء/مقالات-وآراء/2018/06/04/قانون-الجرائم-الإلكترونية-المعدل-هل-فعلا-تعدل
[18] انظر البند الثاني من المادة (34) من القانون:
قرار بقانون رقم (10) لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، مصدر سابق.
[19] انظر البند الأول من المادة نفسها (34)، المصدر السابق، وكذا البند الأول من المادة (36).
[20] انظر المادة (45) من القانون، المصدر السابق.
[21] انظر المادة (37) من القانون، المصدر السابق.
[22] انظر المادتين (42) و (43) من القانون، المصدر السابق.
[23] النيابة: سنتواصل مع فيسبوك لحظر الصفحات التي شملها قرار الحجب، موقع وكالة سما، 22 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://samanews.ps/ar/post/392700/النيابة-سنتواصل-مع-فيسبوك-لحظر-الصفحات-التي-شملها-قرار-الحجب
[24] انظر بيان “صدى سوشال ميديا” حول ذلك”
صفحة صدى سوشال ميديا على الفيسبوك، 24 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/SadaSocialPs/posts/2685027001556904
[25] تصريح صحفي حول موقف نيابة رام الله من حجب الصفحات الفلسطينية، موقع حركة حماس، 23 تشرين أول/ أكتوبر 2019، http://hamas.ps/ar/post/11144
[26] الشيخ عدنان: سياسة السلطة تجاه حرية الرأي خطيرة جدا، موقع حركة الجهاد الإسلامي، 22 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://jehad.ps//post/796
[27] الشعبية: استهداف السلطة للمواقع الإعلامية جريمة يجب أن تواجه بحزم ورفض شعبي، موقع الجبهة الشعبية، 22 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://pflp.ps/post/18801
[28] حركة المبادرة: قرار حجب المواقع يمثل تعديا على حرية الرأي والتعبير ويجب أن يلغى فورا، موقع وكالة وطن للأنباء، 21 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.wattan.tv/ar/news/293275.html
[29] الديمقراطية: حجب 59 موقعا إلكترونيا تضييق على الحريات الإعلامية، موقع دنيا الوطن، 22 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2019/10/22/1285057.html
[30] حزب الشعب يطالب بالتراجع الفوري عن قرار حجب المواقع الإلكترونية في فلسطين، موقع دنيا الوطن، 22 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2019/10/22/1285123.html
[31] أول تعليق من “فتح” على قرار محكمة رام الله بشأن حجب المواقع الإخبارية، وكالة خبر الفلسطينية للصحافة، 21 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://khbrpress.ps/post/210767
[32] المؤسسات القانونية والحقوقية تؤكد على ضرورة الإسراع في تشكيل تحالف مدني لحماية حرية التعبير، موقع وكالة وطن للأنباء، 22 تشرن أول/ أكتوبر 2019، https://www.wattan.tv/ar/video/293318.html
[33] النقابة: قرار إغلاق 59 موقعا صحفيا إلكترونيا يوم أسود بتاريخ الصحافة الفلسطينية، موقع نقابة الصحفيين الفلسطينيين، 21 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.pjs.ps/ar/pjs-content/42358.html
[34] تقدمت به الهيئة المستقلة ونقابة الصحفيين.. محكمة الصلح تؤجل النظر بقرار الطعن في حجب المواقع الإخبارية ليوم غدٍ، موقع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، 27 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://ichr.ps/ar/1/17/2749/
[35] رام الله: إحالة حجب المواقع الإلكترونية للمحكمة الدستورية، موقع عرب 48، 24 تشرن أول/ أكتوبر 2019، https://www.arab48.com/ميديا/ميديا/2019/10/24/رام-الله-إحالة-ملف-حجب-المواقع-الإلكترونية-للمحكمة-الدستورية
[36] من حساب الصحفي مجاهد مفلح على موقع الفيسبوك، وهو ممثل موقع ألترا فلسطين الذي تعرّض للحجب، وطعن في القرار عند محامي الهيئة المستقلة، 30 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.facebook.com/mujahed.moflh/posts/2855230927845049
[37] حراك في رام الله لإسقاط قرار #حجب_المواقع، موقع ألترا فلسطين، 30 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://ultrapal.ultrasawt.com/حراك-في-رام-الله-لإسقاط-قرار-حجبالمواقع/محمد-غفري/مجتمع?fbclid=IwAR0MRFFhDZEzT06YgiGuhPsA8JiSVaNsHJkCjZaJ91ImO-yLrN31omPqgQc
[38] وقفات احتجاجية بغزة والضفة رفضا لقرار السلطة حجب مواقع، موقع عربي21، 22 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://arabi21.com/story/1217139/
[39] مؤسسة فرنسية تدين حجب السلطة الفلسطينية لمواقع إعلامية، موقع عربي21، 23 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://arabi21.com/story/1217361
[40] “مراسلون بلا حدود” تندد بحجب مواقع إلكترونية فلسطينية، وكالة الأناضول التركية، 23 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.aa.com.tr/ar/الدول-العربية/مراسلون-بلا-حدود-تندد-بحجب-مواقع-إلكترونية-فلسطينية-/1624085
[41] ورقة موقف صادرة عن مؤسسة الحق بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية وحجب مواقع إلكترونية، موقع مؤسسة الحق، 23 تشرين أول/ أكتوبر 2019، http://www.alhaq.org/ar/advocacy/16110.html
[42] حجب المواقع في فلسطين.. “أمن قومي” أم قمع للحريات الإعلامية؟، موقع TRT عربي، 21 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.trtarabi.com/issues/حجب-المواقع-في-فلسطين-أمن-قومي-أم-قمع-للحريات-الإعلامية-21697
[43] محمد حسين أبو الرب، حجب مواقع بالجُملة.. وجهة نظر قانونية، موقع ألترا فلسطين، 29 تشرن أول/ أكتوبر 2019، https://ultrapal.ultrasawt.com/حجب-مواقع-بالجُملة-وجهة-نظر-قانونية/محمد-حسين-أبو-الرب/قول
[44] حجب المواقع والصفحات الفلسطينية… حظرٌ على خط الديكتاتوريات؟، موقع صحيفة العربي الجديد، 23 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.alaraby.co.uk/medianews/2019/10/23/حجب-المواقع-والصفحات-الفلسطينية-حظر-على-خط-الديكتاتوريات
[45] محكمة رام الله تؤجل النظر في حجب المواقع… والنيابة تدافع عن القرار، موقع صحيفة العربي الجديد، 23 تشرين أول/ أكتوبر 2019، https://www.alaraby.co.uk/medianews/2019/10/23/محكمة-رام-الله-تؤجل-جلسة-النظر-حول-حجب-المواقع?fbclid=IwAR27rD4RBtnwCkqDxpf3RYtmRe_OtPlixXKKir3YJ_7MUyHVmyeN1jKF4NM