تقرير البعثة الدولية لمركز رؤية للتنمية السياسية للرقابة على الانتخابات المحلية الفلسطينية (المرحلة الثانية 2021)
للإطلاع على التقرير بالكامل هنا
أولى مركز رؤية للتنمية السياسية الحالة السياسية الفلسطينية، وتحديدا الديموقراطية الفلسطينية، اهتماما مميزا، فكان المركز من أوائل المؤسسات الدولية التي تقدمت بطلب رسمي للجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، للمساهمة في الرقابة على الانتخابات التشريعية الفلسطينية، التي كان من المفترض أن تعقد في حزيران/ يونيو 2021، إلا أن العديد من الأحداث حالت دون إجرائها في موعدها المقرر، فسعى المركز للعمل على أن يكون ممثلا كهيئة رقابة دولية في الانتخابات المحلية الفلسطينية 2021 (المرحلة الثانية)، وذلك لإيمانه القوي بأن دوره في الرقابة، يأتي من باب تعزيز التجربة الديموقراطية الفلسطينية، ونشر الوعي بقضايا الانتخابات كحق دستوري وإنساني، ولتأصيل أسس وقيم الحرية والنزاهة ومبادئ الحكم الرشيد.
وقد خاض المركز هذه التجربة الفريدة من خلال بعثته الدولية، وقد أعد المركز تقريرا خلص إلى نتائج وملاحظات تدفع باتجاه تعزيز الديموقراطية الحقيقية بين فئات المجتمع ومكوناته، وتدق ناقوس الخطر للنظام السياسي الفلسطيني بأطيافه كافة، وذلك للمضي قدما في تعزيز الطريق الحضاري لتداول السلطة وصناعة القرار، دون عرقلة وعوائق قد تجعل من الديمقراطية الفلسطينية أمرا بعيد المنال، وقد توحي بأن الانتخابات ما هي إلا إجراءات شكلية مفرغة من مضمونها ومحتواها، وبعيدة كل البعد عن المسار الديموقراطي الحقيقي.
تشكلت البعثة الدولية لمركز رؤية للتنمية السياسية من كفاءات مختصة ومتدربة، وعلى درجة من الموضوعية والإتقان، وكان اختيار البعثة وأعضائها مسألة في غاية الدقة، حيث تقدم أكثر من 120 شخصاً للانضمام إلى البعثة الدولية التابعة للمركز، وتم فرز طلباتهم واختيار 20 ناشطا منهم، ممن أثبت سجلهم مهنية ودراية في المجال؛ وذلك للقيام بهذه المهمة على أكمل وجه، مع الانفتاح الواسع على شرائح المجتمع الفلسطيني كافة، والتميز بالموضوعية التامة في عملهم كمراقبين، وعلى قدر من المسؤولية العالية، والاحترافية الجدية، والاطلاع الواسع.
لقد تكرست مهمة الفريق في الرقابة على سير العملية الانتخابية بجوانبها كافة، ومواءمة تصرفات الجهات الرسمية وغير الرسمية والجمهور مع المعايير الدولية للنزاهة والشفافية والانتخاب الديموقراطي.
ولخصوصية حالة النظام السياسي الفلسطيني، والمناخ الذي جرت فيه الانتخابات في مرحلة حساسة جدا، تتميز بانغلاق الأفق السياسي، وتراجع حالة الحريات العامة بشكل عام في الأراضي الفلسطينية لأدنى مستوياتها، إضافة إلى وجود الاحتلال، مما جعل من مهمة المراقبين أمرا في غاية الصعوبة، وغير اعتيادي.
سعت بعثة مركز رؤية للتنمية السياسية للقيام بالدور المأمول منها على أكمل وجه، وقد أعدت هذا التقرير الذي يتناول جميع الجوانب ذات الصلة بالعملية الانتخابية، بدءًا بالإعلان عنها، ومرورا بمرحلة النشر والاعتراض، وفتح باب الترشح والطعن، والدعاية الانتخابية، وانتهاء بالاقتراع والفرز وإعلان النتائج.
وكما سيلاحظ القارئ والمتابع، عمل التقرير على عدم إغفال أي مؤثر داخلي أو خارجي، أو أي مسألة أو ظرف يمكن أن يلقي بظلاله على سير العملية الانتخابية، وتناول ذلك بمنهجية علمية وصفية وتحليلية، ومن خلال التفاعل مع مكونات المجتمع، والعمل الميداني طيلة فترة الانتخابات من خلال خطة أعدها المركز لتحقيق الغاية من هذه البعثة.
لقد غطى التقرير مسألة الانتخابات بشكل عام، وشرح المعايير الدولية للانتخابات النزيهة، وتناول الإطار القانوني الفلسطيني الناظم للعملية الانتخابية، والمناخ السياسي الذي حدثت خلاله الانتخابات، وتحدث أيضا عن لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية من حيث تاريخها وأداؤها. كما تناول التقرير التعريف بالمحاكم الخاصة بالانتخابات، وآلية عملها والطعون المنظورة أمامها ومصيرها. وشرح عملية الانتخابات، وكيف تجري، ومراكز الاقتراع، والمناطق التي جرت فيها، ووصف حالتها وأدائها.
كذلك تناول التقرير دور الأجهزة الأمنية، وأداء السلطة الفلسطينية وإعلامها الرسمي، وكذلك الإعلام الحزبي والمستقل. وتناول أيضا أداء الكتل المتنافسة وطبيعتها ومرجعيتها، وأداء الناخبين والفئات المشاركة، كما تناول جميع مجريات العملية الانتخابية، والإشكاليات والتجاوزات والمخالفات التي حدثت أثناءها، وخصص فصلا للانتهاكات التي قام بها الاحتلال، والانتهاكات التي وقعت من قبل السلطة الفلسطينية، وأعمال العنف، واستغلال الأطفال خلال العملية الانتخابية.
لقد رصدت البعثة الدولية لمركز رؤية للتنمية السياسية، عددا من المخالفات والتجاوزات والانتهاكات، وصل مجموعها إلى 158 مخالفة جسيمة أو متوسطة، ومنها مخالفات يمكن اعتبارها جريمة انتخابية، لكنها لا تقدح في العملية الانتخابية برمتها، وتبقى مجرد تجاوزات لا تؤثر جوهريا على نتيجة الانتخابات، ولا تجعل من العملية الانتخابية محل تشكيك، لا سيما أن لجنة الانتخابات المركزية قامت بدور مهني وموضوعي يقدر لها.