تركيا في مراكز الأبحاث الإسرائيلية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة 2016، التعامل الحذر والعداء الباطن

ملخص 

تتناول هذه الدراسة نظرة مراكز التفكير والأبحاث الإسرائيلية لتطور العلاقة ومجريات الأحداث في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف عام 2016، مرورًا بالاستفتاء على التعديلات الدستورية، وكيف قرأت هذه المراكز وكبار الباحثين فيها هذه التغيرات. ولعلّ من أهم الاستنتاجات التي خلُصت إليها الدراسة، أن العلاقة بين تركيا و"إسرائيل" ستبقى  على ما هي عليه من الفتور، لدرجة أنّ العديد من الأصوات التي طالبت بالمصالحة مع تركيا، عادت ورأت في تلك المصالحة ضررًا، لا تتحقق منه فوائد. كما أن تركيا تمتلك طموحًا إقليميًا وعالميًا يتنافى مع التوجهات السياسية الإسرائيلية، سواءً في الملف الكردي أو السوري، أو حتى على الساحة الفلسطينية. لذلك ترى المراكز البحثية الإسرائيلية أنّ علاقة تركيا مع الدول العظمى: روسيا والولايات المتحدة، هي علاقة متشككة، مبنية على عداء تاريخي، قابل للانفجار في أي لحظة. فتركيا تعاني من إشكاليات اقتصادية، إلى جانب خطر "الإرهاب"، وعدم استقرار الحكم، وتتجه نحو بلورة حكم إسلامي ذي طموح إقليمي، مبني على الإرث العثماني، ليكون أكثر شمولية وتركيزًا. ويجب على "إسرائيل" التعاطي بحذر مع الدولة التركية، ومحاولة إيجاد بديل لها في موضوع تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، إلى جانب تفعيل الدعاية السلبية ضدها. 

مقدمة

منذ أن وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا بعد انتخابات عام 2002، يحتل الشأن التركي مساحة واسعة من اهتمام مراكز الأبحاث الإسرائيلية، حيث باتت تركيا في ظل ازدياد مركزيّتها الإقليمية، وتوسُع مساحة تأثيرها، أحد الأقطاب التي توليها تلك المراكز أولوية واضحة في دراساتها. وأهم ما جعل الدولة التركية في محور مركز البحث الإسرائيلي، هو ما تُسميه "إسرائيل" التراجع في العلاقات ما بين البلدين منذ عام 2008، وما بعد حادثة سفينة مرمرة عام 2010.

كانت تركيا من أوائل الدول التي اعترفت بـ "إسرائيل، وكان ذلك عام 1949، وتطورت العلاقات بينهما إلى درجة العلاقات الاستراتيجية، خاصة خلال تسعينيات القرن الماضي، مع توقيع اتفاقيات التعاون العسكري والتجارة الحرة بين البلدين، وكان بناء تلك العلاقات محط اهتمام الدولة العبرية، من أجل كسر عقدة الشرعية التي كانت وما زالت تعاني منها، خاصة أن تركيا هي أحد أكبر البلاد الإسلامية.

بعد صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002، وقدرته على النهوض بتركيا اقتصاديًا، وبشكل ملحوظ، باتت تركيا أكثر مركزية في المنطقة. إلا أن طبيعة الحكم لم تكن مريحة لإسرائيل منذ البداية، رغم عدم تأثر العلاقات بين البلدين خلال السنوات الثمانية الأولى لحكم العدالة والتنمية. ولكنْ كانت رغبة "إسرائيل" في أن تغير تركيا جلدها خلال العمليات الانتخابية الأخيرة، واضحة بشكل كبير.

تهدف هذه الدراسة إلى الوقوف على نظرة مراكز الأبحاث المتنوعة في "إسرائيل" لتركيا، خاصة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز 2016، حيث حظيت هذه المحاولة الانقلابية بتفاعل إسرائيلي كبير، وتغطيةٍ إعلاميةٍ واسعة، إضافة إلى الحذر في التعاطي معها. ثم جاء نجاح الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا، وهو الأمر الذي حظي أيضا باهتمام إسرائيلي كبير.

كما تحاول هذه الدراسة الإجابة عن مجموعة من التساؤلات، أهمها: كيف تنظر مراكز الأبحاث الإسرائيلية للجمهورية التركية؟ وما مدى اهتمامها بالشأن التركي؟ كيف تنظر هذه المراكز لطموحات تركيا وعلاقاتها الإقليمية؟ وكيف تقرأ هذه المراكز تركيا من الداخل، وتحديدًا الوضع الاجتماعي والاقتصادي بعد المحاولة الانقلابية؟ كيف تتصور مراكز الأبحاث الإسرائيلية أن تتجه العلاقة بين تركيا وإسرائيل في المستقبل القريب؟ وما هو مدى تأثير تلك المراكز على صانع القرار في "إسرائيل"، أو تأثيرها على صورة تركيا عالميًا؟

تنبع أهمية هذه الدراسة من أنّها تتناول قضية حسّاسة، تُدْرَس بشكل مستمر في مراكز الأبحاث، وعلى طاولة صناع القرار، إلى جانب أن طَرَفَي الدراسة، وهما تركيا و "إسرائيل"، من المحاور الأساسية في الإقليم بشكل عام، ولكل منهما تحالفات واسعة. إلا أن العلاقة بينهما، التي يغلب عليها اليوم طابع التوتر، تخضع لاحتمال التطور في أي لحظة، حيث لا يمكن الجزم بما ستؤول إليه الأوضاع، في ظلّ عدم الاستقرار الإقليمي، ودور تركيا المتصاعد في المنطقة.

يستعرض الفصل الأول من الدراسة، أهم مراكز الأبحاث الإسرائيلية، التي تتابع الشأن التركي، وأبرز ما صدر عنها من دراسات حول تركيا. كما يستعرض أشهر الباحثين الإسرائيليين المختصين في الشأن التركي.

ويتناول الفصل الثاني نظرة الأحزاب الإسرائيلية للواقع التركي من الداخل، سواءً من الجانب الاقتصادي، أو نظام الحكم، أو التحديات التي تواجه تركيا، إلى جانب فشل المحاولة الانقلابية، ومرور التعديلات الدستورية، والطموح الإقليمي لتركيا.

بينما يركّز الفصل الثالث على العلاقة بين "إسرائيل" وتركيا، ومستقبل هذه العلاقة في ظل التوترات المستمرة. كما يستعرض أهمية تركيا الاستراتيجية بالنسبة لـ "إسرائيل"، إلى جانب بعض المحاذير التي يقدمها الباحثون للحكومة الإسرائيلية في تعاطيها مع الملف التركي.

1. أهم المراكز والباحثين الإسرائيليين في الشأن التركي

تختص العديد من مراكز الأبحاث الإسرائيلية بالشأن التركي، وليس من الغريب أن تكون كلمة "تركيا" من أكثر ما يبحث عنه الإسرائيليون في شبكة البحث العالمية "جوجل"، وأن تكون تركيا أحد أبرز القضايا التي يتم تناولها في وسائل الإعلام الإسرائيلية، خاصة في ظل التوتر المستمر بين الجانبين، ووقوف تركيا الواضح إلى جانب الحقوق الفلسطينية.

1.1 أهم مراكز الأبحاث الإسرائيلية في الشأن التركي

1.1.1  معهد دراسات الأمن القومي

يُعتبر أبرز مراكز الأبحاث في "إسرائيل"، ويهتم بالقضايا الأمنية والسياسية تحديدًا، تأسس عام 2006. يستقطب المعهد أبرز الباحثين محليًا وعالميًا، ويُعتبر من المراكز الشهيرة على مستوى العالم، حيث صُنِّف عام 2008، واحدًا من أبرز عشرة مراكز عالميًا. (المعهد لدراسات الأمن القومي، 2017)

يتبع المعهد لجامعة تل أبيب، لكنه يتمتع باستقلالية مالية وإدارية. ويهتم المركز بالقضايا ذات الصلة بالأمن القومي الإسرائيلي، ويقدم خدماته عبر العديد من الدراسات والمقالات وتقارير التقدير الاستراتيجي، إضافة إلى مؤتمره السنوي، الذي يلخص فيه الأوضاع الأمنية الاستراتيجية لإسرائيل، حيث يشارك فيه كبار رجالات الدولة، كرئيس الدولة ورئيس الحكومة، والعديد من الشخصيات السياسية العالمية. كما يقدم المركز سنويًا لرئيس الدولة، تقديرًا استراتيجيًا للقضايا الأمنية التي تمس "إسرائيل"، يتضمن في كل مرة فصلًا خاصًا عن إيران. يرأس المركز اللواء السابق عاموس يدلين.

ومن أبرز إصداراته في الشأن التركي:

  1. تركيا بعد فشل المحاولة الانقلابية، ضمن كتاب تقدير استراتيجي لـ "إسرائيل" 2017.
  2. بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، التحديات التي على النظام مواجهتها.
  3. علاقات الصين وتركيا، تقارب في ظل الشكوك

1.1.2 مركز دانيال أبراهام للحوار الاستراتيجي

يتبع المركز للكلية الأكاديمية في مدينة نتانيا، ويقدم نظرة متقدمة لحل المشاكل الإقليمية والعالمية، ويضم مجموعة من النخب الأكاديمية والعلمية، التي تسهم في تقديم رؤى مختلفة ومتنوعة (مركز دانيال ابراهمز للحوار الاستراتيجي، 2018).

وضع المركز لنفسه الأهداف التالية: تنظيم مؤتمرات عالمية، تضم مجموعة من النخب وصانعي القرار، لدراسة التغيرات العالمية، وتقديم حلول للعديد من المشاكل. وأن يكون المركز جسرًا للتواصل، من أجل الوصول إلى حلول استراتيجية. ونشر تقارير وقراءات لآراء الشخصيات المشاركة، ووجهة نظرها في قضايا الصراع المختلفة.

يُعتبر الشأن التركي من أبرز القضايا التي يتناولها المركز، بما يشمل مستوى العلاقة مع "إسرائيل"، وطموحاتها الإقليمية، وأوضاعها الداخلية. يرأس المركز البروفيسور تسابي أراد.

من أبرز إصداراته في الشأن التركي:

  1. العلاقات الإسرائيلية التركية، والموقع الاستراتيجي لتركيا في المنطقة.
  2. مؤتمر خاص حول تركيا عام 2011، ركز على ضرورة سعي "إسرائيل" لمصالحة تركيا.
  3. التوجه الاستراتيجي لتركيا بعد الانتخابات.

1.1.3 معهد السياسات والاستراتيجية

تأسس عام 2000 في مدينة هرتسيليا، ويقوم بعقد مؤتمر سنوي شهير، يطلق عليه اسم "مؤتمر هرتسيليا السنوي"، ويحضره العديد من النخب السياسية والأمنية، المحلية والعالمية، ويتناول قضايا متعددة تتعلق بالأمن والسلام، ويقدم قراءات ورؤى استراتيجية للقضايا المختلفة، ومنها الشأن التركي، الذي لا يغيب عن أي من مؤتمرات المعهد (معهد السياسات الاستراتيجية، 2017).

يركز المعهد على بلورة سياسة إسرائيلية جديدة في العديد من القضايا، الأمنية والسياسية والاقتصادية. وله علاقات عمل جيدة مع العديد من الباحثين ورجال الدولة، وشخصيات من مناطق متعددة في العالم. ويقدم المعهد دراساته على شكل كتب وكتيبات، تلخص مجمل النتائج التي يخرج بها المؤتمر. يرأس المركز اللواء احتياط عاموس جلعاد.

من أبرز إصداراته في الشأن التركي:

  1. يوم نقاش بمناسبة المصالحة بين تركيا و"إسرائيل".
  2. تركيا هي العدو المركزي لداعش.

1.1.4 مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا:

لا يهدف المركز إلى تقديم استراتيجيات أو سياسات، وإنما يهدف إلى توسيع المعرفة لدى الجمهور الإسرائيلي، حيال العديد من القضايا، السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية. تأسس المركز عام 1983، ويتبع لجامعة تل أبيب (مركز موشيه ديان للدراسات ، 2017).

نشر المركز العديد من الدراسات الخاصة بالشأن التركي، وكان هدفها التوضيح وزيادة المعرفة، دون تقديم توصيات سياسية أو استراتيجية. يرأس المركز ويديره البروفيسور عوزي رابي.

من أبرز إصداراته في الشأن التركي:

  1. أبحاث معمقة حول القضية التركية.
  2. السياسة الخارجية التركية: مسارات جديدة.
  3. العلاقات التركية الأرمنية: خطوتان للأمام وخطوة للخلف.

1.1.5 مركز بيجن – السادات للدراسات الاستراتيجية

سُمي المركز بهذا الاسم نسبة لرئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق مناحم بيجن، والرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وذلك تيمنًا بما حققاه من سلام بين البلدين عام 1978 (مركز بيجن سادات للدراسات، 2017).

لا يتبع المركز لأي جهة سياسية، وهو يهدف إلى دعم عملية السلام في الشرق الأوسط، من خلال أبحاث في قضايا الأمن القومي في المنطقة. يعمل المركز بالتعاون مع قسم العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، من خلال تقديم خدمات تعليمية، وتغطي خططه التدريسية الشأن التركي الداخلي، لزيادة معرفة الطلاب ووعيهم في القضايا المختلفة. يرأس المركز البروفيسور أفرايم كارش.

من أبرز إصداراته في الشأن التركي:

  1. على "إسرائيل" الابتعاد عن تركيا في موضوع الغاز.
  2. المصالحة بين "إسرائيل" وتركيا: تقييم.
  3. أهمية المصالح في المصالحة بين تركيا و"إسرائيل".

1.1.6 مركز تجديد الديمقراطية

تأسس عام 2012 في مدينة القدس. وهو مركز فكري ذو توجهات يسارية، هدفه العمل على تجديد الفكر الإسرائيلي بشكل مستمر، وتغذية النقاش الجماهيري العام، بمضامين نوعية ترفع من مستوى النقاش، للوصول إلى رؤى جديدة مبنية على معايير مهنية. كما يهدف المركز إلى دفع عملية السلام في المنطقة، ويرى أن استمرار السياسة الإسرائيلية على حالها، سيُسهم في مزيد من العزلة الدولية لها. يرأس المركز عضو حزب العمل البارز السابق أبراهام بورج (موليد، 2017).

من أبرز إصداراته في الشأن التركي:

  1. الإسلام المتسلل إلى النطاق الاجتماعي في تركيا.
  2. المرحلة القادمة في تركيا: الحرب على الوعي.
  3. حان الوقت لحل الأزمة بين تركيا و"إسرائيل".

1.1.7 مركز القدس لقضايا الجمهور والدولة

تأسس عام 1976، وهو يركز على الدراسات الاستراتيجية والسياسية، ويقدم أوراق عمل ودراسات لصانعي القرار في "إسرائيل". يتناول المركز قضايا الشرق الأوسط بشكل عام، ومن بينها الشأن التركي. يرأس المركز حاليًا الدكتور دوري جولد (مركز القدس لقضايا الجمهور والدولة، 2017).

من أبرز إصداراته في الشأن التركي:

  1. الاغتيال القادم في تركيا.
  2. في الطريق إلى تركيا جديدة.
  3. تركيا: علامات تُبشر بسوء.

1.2 أبرز الباحثين الإسرائيليين في الشأن التركي

1.       جاليا لندرشتراوس، باحثة في معهد دراسات الأمن القومي، ومتخصصة في السياسات الخارجية لتركيا، وتحمل شهادة الدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة تل أبيب.

2.       جيا باخور، محلل في شؤون الشرق الأوسط، ويحمل شهادة الدكتوراة في دراسات الشرق الأوسط. لديه مواقف متطرفة من دول المنطقة، وله العديد من الإصدارات في الشأن التركي. في عام 2010، قام بتنظيم أسطول ضد أسطول الحرية التركي، تحت شعار أنّ تركيا تتجه نحو الإسلامية في ظل حكم رجب طيب أردوغان.

3.       سيما شاين، باحثة في معهد دراسات الأمن القومي، حاصلة على اللقب الثاني في العلوم السياسية والدراسات الأمنية. قضت أغلب سنواتها المهنية في المخابرات الإسرائيلية، وخاصة في الموساد، وكان من بين مهامها بلورة استراتيجية أمنية، للتعاطي مع الملفات الاستراتيجية الإقليمية.

4.       أرئيل بن سلومون، كاتب بارز في شؤون الشرق الأوسط، وفي طريقه للحصول على اللقب الثالث في دراسات الشرق الأوسط.

5.       عيرن ليرمان  نائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقًا. عمل 20 عامًا رئيس وحدة في المخابرات العسكرية. وهو خبير اقتصادي، وباحث وكاتب في شؤون الشرق الأوسط، وخاصة القضايا العسكرية والأمنية.

6.       ألون بن دافيد، المراسل العسكري للقناة العاشرة. من أبرز الباحثين والكتاب في شؤون الشرق الأوسط، ومن بينها الشأن التركي.

7.       درور زئيفي، باحث مختص في ثقافة الشرق الأوسط، وكانت رسالته لنيل الدكتوراه بعنوان "القرن العثماني: القدس في القرن السابع عشر". عمل نائبًا لرئيس الموساد.

8.       يوني بن مناحم، صحفي إسرائيلي لامع، قضى حياته المهنية في العمل في وسائل الإعلام، وهو باحث بارز في معهد هرتسيليا للدراسات، ويكتب بشكل دوري في الشأن التركي.

2. كيف تنظر مراكز الأبحاث الإسرائيلية للتغيرات في تركيا

تحتل العديد من العناوين المتعلقة بالشأن التركي، الداخلي والإقليمي، مساحة بارزة من اهتمامات مراكز الأبحاث الإسرائيلية المختلفة. ويمكن عرض ذلك كما يلي:

2.1 الوضع الداخلي في تركيا

تُشير مراكز الأبحاث الإسرائيلية، بعد مرور الاستفتاء في تركيا في نيسان 2017، إلى أن على تركيا مواجهة العديد من المشاكل الداخلية، وبأن الدولة التركية، ورغم نجاحها في اجتياز الكثير من التحديات، وعلى رأسها محاولة الانقلاب في صيف 2016، وكذلك مرور الاستفتاء على التعديلات الدستورية في ربيع 2017، ما زالت تقف أمام معيقات داخلية ليست سهلة.

على رأس تلك التحديات، وفق درور زئيفي، الباحث في منتدى الفكر الإقليمي، مواجهة الإرهاب الذي يخترق الساحة التركية، ويقض مضاجعها، في ظل تنوع الأعداء داخليًا وخارجيًا. وما يلفت انتباه الباحث، أن الإرهاب الخارجي، مثل تنظيم داعش، معروف المصادر، وقد يكون سهل المواجهة مقارنة مع تنظيم فتح الله جولن، وحركة تحرير الشعب الماركسية، وبعض التنظيمات الكردية (زئيفي، 2017).

ووفق زئيفي، فإن الهدف المشترك لتلك التنظيمات، رغم اختلاف أدواتها وأهدافها الذاتية الضيقة، هو إضعاف الدولة التركية. ويرى زئيفي أنه كلما استمر النظام التركي في وضع تلك التنظيمات في سلة واحدة، وعدم التمييز بينها، وكلما استمر في التدخل والعبث في عمل الشرطة والجيش والقضاء، فإنه سيفشل في التعامل مع هذا التحدي (زئيفي، 2017). وهنا تكمن إشكالية نظرة الباحث، الذي نظر إلى المسألة من زاوية واحدة، وهي أن النظام يتدخل في عمل القضاء والجيش، منطلِقًا من فرضية سائدة لدى الكثير من الباحثين الإسرائيليين، ومستقاة من وحي السياسيين الإسرائيليين أيضا. 

إلى جانب تحدي الإرهاب، ترى الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي جاليا لندنشتراوس، أن تراجع الأوضاع الاقتصادية، وتراجع عدد السياح، هو تحدٍ من نوع ثقيل ينتظر الحكومة التركية (لندنشتراوس، 2017). ويعيد الدكتور شاؤول شاي، الباحث في مركز هرتسيليا، أسباب التراجع الاقتصادي، إلى التشويش الذي حصل في العلاقات التركية الروسية، وموجة الإرهاب في الدولة، وكذلك محاولة الانقلاب (شاي، 2016).

وهنا يمكن استحضار المحاولات الإسرائيلية تجاه روسيا، لتكون البديل الاقتصادي لتركيا في كثير من القطاعات، وعلى رأسها الزراعية، في إشارة واضحة إلى رغبة "إسرائيل" في تردي الأوضاع في تركيا، وتراجع علاقاتها الإقليمية، وتحديدًا مع الدول العظمى.

 ضعف الطبقة الوسطى، هو من الصعوبات التي لا تواجه الاقتصاد التركي فحسب، وإنما أيضا الوضع الاجتماعي في تركيا، حيث يُشير الباحث عمري إيلات، إلى أن الطبقة الوسطى في تركيا ضعيفة، وتعاني من تراكم الديون، وليس لها تأثير على نظام الحكم (ايلات ع.، 2016). ويُعتبر ضعف الطبقة الوسطى، إن كان صحيحًا، سلبيًا على منظومة الحكم، ويترك الدولة تحت تأثير حيتان المال، علاوة على ضعف الحراك السياسي لهذه الطبقة، وقدرتها على التأثير.

اللافت أن إيلات تناول قضية ضعف الطبقة الوسطى في تركيا، وفق تعبيره، في سياق استعراض ضعف نظيرتها الإسرائيلية، حيث رأى أن هناك تشابهًا كبيرًا بين البلدين، صاحِبي الاقتصاد الصناعي الوحيديْن في الشرق الأوسط. ورأى أن المساعي الاقتصادية للبلدين لتقوية الطبقة الوسطى، أسهمت في تقوية الطبقة العليا التقليدية (ايلات ع.، 2016).

ومن التحديات الأخرى التي تواجه تركيا كما يرى الباحثون الإسرائيليون، زيادة حدّة الاستقطاب داخل المجتمع التركي، حيث يرى العديد من الباحثين، وبناء على نتائج استطلاع للرأي، أن نظام الحكم في تركيا، الذي مضى عليه أكثر من خمسة عشر عامًا، لم يستطع إلى الآن رفع نسبة تأييده في الأوساط التركية، إلى جانب ارتفاع نسبة الكراهية والتحريض (شوريتس، 2016). إلا أن هذه الفرضية ربما لا تعكس الحقيقة، إذ إن نتائج الانتخابات في كل مرة منذ عام 2002، وهي أدق من استطلاعات الرأي، تشير إلى تزايد التأييد لحزب العدالة والتنمية الحاكم، بقيادة رجب طيب أردوغان.

من الواضح أن الباحثين يحصرون غالبية التحديات التي تواجه تركيا، في كل من الإرهاب الداخلي، وتراجع الاقتصاد، وضعف الطبقة الوسطى وتأثيرها الاجتماعي، وزيادة حدة الاستقطاب. وإذا ما تم استثناء الإرهاب، الذي يُمول من خارج تركيا، فإن بقية التحديات المذكورة، تمر بها العديد من الدول في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي. من جهة أخرى، لا يعيب الديمقراطية وجود استقطاب قوّي، في ظل احترام نتائج الانتخابات، بل يُمكن أن يكون لذلك انعكاسات إيجابية، تتعلق بزيادة الوعي السياسي، والتنافس لتقديم الأفضل.

2.2 فشل الانقلاب ومرور الاستفتاء

حظي فشل الانقلاب، ونجاح الحزب الحاكم في تمرير التعديلات الدستورية، بتغطية واسعة في مراكز الأبحاث الإسرائيلية، ووسائل الإعلام العبرية. وقد ذهبت غالبية آراء الباحثين، إلى أن هذين الحدثين، سيسهمان في تقوية أركان الحكم الحالي، ونجاح رؤيته وفكره في المجتمع التركي.

الباحث والكاتب أورلي ليفي، رأى أن فشل الانقلاب، وطرْح الاستفتاء في تركيا، يُعبران عن الروح العثمانية، التي باتت تُشكل الشكل الجديد للدولة التركية. يقول ليفي إنه رغم انهيار الدولة العثمانية منذ ما يزيد عن القرن، إلا أن روحها لا تزال تسري في جنبات تركيا المختلفة، واصفًا ما يحدث بأنه إرث الإمبراطورية (ليفي، 2017).

وهذا ما ذهب إليه دان سيجل، الباحث في منتدى الفكر الإقليمي، الذي رأى أن فشل الانقلاب، أعطى أردوغان قوّة إضافية للذهاب إلى الحكم الرئاسي، وتعديل الدستور (سيجل، 2016).

"إسلامية أكثر"، و "السلطان أردوغان"، مصطلحان يجمعان رؤية الباحثين الإسرائيليين لتطور الأحداث في تركيا خلال العام الأخير، وذلك بعد فشل المحاولة الانقلابية، ونجاح الاستفتاء. فقد رأى الباحث في مركز بيجن/ السادات، يعكوف عميدرور، أن أردوغان هو الرابح الأكبر بعد فشل الانقلاب. كما رأى أن الانقلاب، أظهرَ الضعف الكبير للعلمانية في تركيا، في مواجهة الإسلام العصري، معتبرًا تلك المحاولة نهاية العصر الأتاتوركي في تركيا (عميدرور ي.، 2016).  يمكن القول إن رؤية عميدرور، تضع حدًا للأمل في القضاء على حكم حزب العدالة والتنمية، والديمقراطية المدنية في تركيا، وعودة الجيش.

أما ألون بن مائير، الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط، فقد أشار إلى أن أردوغان استخدم شخصية أتاتورك، وأقام منظومة ذات قيم إسلامية. وأردف بن مائير أن فشل المحاولة الانقلابية أعطى أردوغان دفعة أكبر، ووفر عليه المزيد من الوقت، حيث استطاع أن يتخلص من الكثير من أعدائه، ويُنهي العقبات التي تمنعه من الوصول إلى هدفه بإقامة الإمبراطورية العثمانية (مائير، 2017).

وهذا ما ذهب إليه حاي إيتان، الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط في مركز موشيه ديان، الذي وصف تركيا بعد فشل الانقلاب، ونجاح الاستفتاء، بأنها أكثر إسلامية، وأكبر شمولية، وأن أردوغان يحاول أن يشكلها وفق رؤيته الشخصية (ايتان، 2017).

ما يُثير الريبة فيما تناوله الباحثون الإسرائيليون، هو التعاطف مع المحاولة الانقلابية، حيث تركزت الآراء على أن ما يقوم به الحكم في تركيا بعد الانقلاب، هو تصفية جماعية واجتثاث للخصوم، متناسين محاولة الانقلاب على نظام منتخب، بل وصف بعضهم الانقلاب بأنه محاولة لاستعادة الروح العلمانية. إلى جانب ذلك، ظهرت لدى بعض الباحثين الروح العدائية للإسلام، وذلك من خلال التركيز على أن أردوغان يريد تحويل تركيا إلى دولة إسلامية، متناسين أيضا أن "إسرائيل" نفسها تسن قوانين قومية، وذات أصول دينية يهودية!

وحول أسباب فشل الانقلاب، ذهبت مجمل الآراء إلى أن الرضا عن النظام الحالي، وما حققه من إنجازات على الصعيد المحلي، وتحديدًا القفزات الاقتصادية، إلى جانب الرفض الشعبي العام لعودة تركيا تحت حُكم العسكر، علاوة على التخطيط التقليدي للانقلابيين، الذين لم يُتقنوا إدارة الانقلاب، كل ذلك أسهم في عدم نجاح المحاولة الانقلابية.

ويُشير البروفيسور داني أورباخ، الباحث في العديد من مراكز الأبحاث، كمختص في الانقلابات، إلى أن السيطرة على المناطق الحيوية، ومحاولة إظهار السيطرة الجوّية، لم يكن فيها مفاجآت جديدة للحكم، الذي استطاع التغلب عليها. ويضيف أورباخ أن رفض المنظومة السياسية ككل لعودة العسكر، والخروج السريع للجماهير إلى الشوارع، والمشاركة الإيجابية للشرطة، كل ذلك أسهم في القضاء السريع على المحاولة الانقلابية (اورباخ، 2016).

كاريزما أردوغان، وتوقعه حدوث الانقلاب، والاستعداد له منذ سنوات، هو سبب آخر حسب الباحثة في مركز دراسات الديمقراطية الإسرائيلي، تهيلا التشولر، التي رأت أيضا أن الرفض العام من مجموع الأحزاب العلمانية إلى جانب الحزب الحاكم، والاستعداد الجيد لمثل هذه اللحظة، أسهم سريعًا في القضاء على المحاولة الانقلابية (التشولر، 2016).

وإلى جانب ما ذكره هؤلاء الباحثون، يمكن إضافة أن قوّة شخصية القائد الذي ظهر سريعًا، وواجه بنفسه خطط الانقلابيين، وبدد شائعاتهم، هي أيضا من الأسباب التي أفشلت محاولة الانقلاب. 

2.3 المشكلة الكردية

تُعتبر المشكلة الكردية من الأزمات الأكثر تعقيدًا التي تواجه تركيا، حيث أدخلت الدولة في حرب مستمرة منذ أكثر من ثلاثين عاما. ولا يخفى أن بعض التنظيمات الكردية، تُشارك في موجة الإرهاب التي تُهدد تركيا في السنوات الأخيرة، لدرجة أن المشكلة الكردية أصبحت خطرًا كبيرًا على وحدة الأراضي التركية، وخاصة في ظل التطورات الإقليمية، وعدم الاستقرار في العراق وسوريا، الأمر الذي فتح شهية الأكراد للاستقلال.

دويجو أتلاس، الباحثة في مركز موشيه ديان، والمختصة في شؤون الشرق الأوسط، ترى أن الأكراد يعانون من عدم المساواة، وأن الحكومة التركية خاضت ضدهم في العامين الأخيرين، حملاتٍ تطهيرية، وأن أردوغان ونظامه، استغلا المحاولة الانقلابية لتوسيع عمليتهم الانتقامية كما وصفتها، لتشمل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، ذا الميول اليسارية، من خلال اعتقال قادته، وبعض النواب المحسوبين عليه (اتلاس، 2017).

وترى أتلاس أنه رغم نجاح تجسير العلاقات بين الطرفين في فترات معينة، إلا أن الطموح الشخصي لأردوغان في تثبيت أركان حكمه، وما سبقه من تفعيل القوّة العسكرية ضد الأكراد، وحملة القمع بحق سياسييهم، جعل الأكراد يشعرون بأنهم يُعاقبون بشكل جماعي. وتوقعت أتلاس أن يُدخل هذا الدولة في حالة كبيرة من الفوضى، قد لا يكون لها نهاية (اتلاس، 2017).

أما الدكتور يفجيني كلوبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، فإنه يرى أن تركيا تخوض جولة جديدة ضد الإرهاب الكردي، لذلك تحاول إضعاف الأكراد، ليس على الساحة التركية فحسْب، وإنما على الحدود السورية وشمال العراق أيضا. ويرى كلوبر أن ذلك يعود إلى خشية تركيا من تركز الأكراد على طول الحدود السورية التركية، وسعيهم نحو الحكم الذاتي، الأمر الذي سيفتح شهية الأكراد في تركيا للسعي نحو الحكم الذاتي أيضا، ثم الالتحاق بدولة مع أقرانهم في العراق وسوريا (كلوبر، 2016).

ولم تتجاهل مراكز الأبحاث، السعيَ الإيراني والروسي لإضعاف تركيا من خلال القضية الكردية. فقد توقع أفرايم عنبار، الباحث في مركز بيجن/ السادات، في دراسة مطولة، أن تقوم إيران وروسيا بدعم الأكراد في مطامحهم السياسية، بُغية إضعاف تركيا، المنافس لهما في المنطقة، خاصة في ظل تعارض المصالح الروسية التركية على الساحة السورية أيضا، الأمر الذي اعتبره عنبار هدية من السماء، ليحقق الأكراد طموحهم وحلمهم بدولة مستقلة (عنبار، 2016).

من جانبها، رأت الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي، جاليا لندنشتراوس، أن أردوغان اضطر للتراجع خطوة إلى الوراء في موضوع المصالحة مع الأكراد، في ظل التغيرات الإقليمية، وبروز الدور الكردي. وتضيف جاليا أن هذه التطورات، ربما تقود إلى مزيد من التصعيد بين الأكراد والنظام الحاكم في تركيا، الأمر الذي سيزيد حالة العداء الكردي للدولة (لندنشتراوس، 2017). وقد تظهر القضية بشكل أكبر، في حال القضاء على تنظيم داعش، الذي تُجمع على قتاله أطراف متناقضة المصالح.

تركز مراكز الأبحاث الإسرائيلية المختلفة، على اعتبار القضية الكُردية خطرًا كبيرًا على السلام الداخلي في تركيا، وتُقلل من قيمة المساعي التي خاضتها الدولة من أجل التصالح الداخلي. يرتكز هذا التحليل على أمنيات إسرائيلية بأن تواجه تركيا الكثير من التحديات، لذلك تتعمد مراكز الأبحاث الإسرائيلية تهويل الأحداث والأزمات التركية. ومن الممكن الجزم بأن "إسرائيل" ومراكزها البحثية، ترى أن تلك الأزمات قد تشكل سقوطًا قريبًا للحُكم الحالي في تركيا، أو دافعًا له إلى المزيد من العلاقات معها.

من جانب آخر، تدعي تلك المراكز أن النظام التركي دكتاتوري، وأن أردوغان يسعى إلى الاستمرار في الحكم فترة طويلة!! وتستكثر هذه المراكز وجود أردوغان في الحكم منذ خمسة عشر عاما، رغم أنه منتخب ديمقراطيًا. ولعلّ تمحور القراءات الإسرائيلية، حول شخصية أردوغان، والتحريض عليه، دليلٌ على مدى ما فقدته "إسرائيل" من شراكة استراتيجية في ظل حكمه.

في هذا السياق، كشفت تطورات القضية الكردية، دورًا إسرائيليًا في دعم الأكراد من أجل إقامة دولة كردية مستقلة، لزعزعة استقرار المنطقة المضطربة أصلًا، كما تم الكشف قبل ذلك بسنوات، عن الدور الإسرائيلي في تدريب أكراد العراق، ودعمهم لإقامة دولة مستقلة، وقتال النظام العراقي.

2.4 الطموح التركي الإقليمي والعالمي  في الفكر الإسرائيلي

تُجمع مراكز الأبحاث الإسرائيلية على أن تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية، لديها طموح إقليمي وعالمي. فهي لم تعد ترتبط بتبعية كبيرة للغرب، أو تعتمد عليه اقتصاديًا وسياسيًا، إلى جانب أنّها استطاعت تحقيق نجاح دبلوماسي كبير، وبات يُنظر إليها من شريحة واسعة في العالم الإسلامي، على أنّها الدولة الإسلامية النموذج في العصر الحديث. 

2.4.1 الطموح التركي الإقليمي والعالمي

يرى الباحث أورلي ليفي أنّ لتركيا طموحًا عالميًا، يتمثل في العودة إلى سابق عهدها كدولة عظمى، وكإمبراطورية تُحكم سيطرتها على الإقليم (ليفي، 2017)، وتستعيد مجد الأجداد، وتحكم كامل الشرق الأوسط، لتكون أحد أبرز الدول المؤثرة في الخريطة الدولية.

ويرى بروفيسور العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، عميكام نحماني، والباحثة في مركز بيجن/ السادات، الدكتورة أفرات أبيب، أنّ سياسة أردوغان تهدف إلى جعل تركيا ذات مركزية كبيرة في الأوساط العربية، وأن ما يجعل تركيا تتجه نحو الشرق مرّة أخرى، هو مماطلة الغرب في دخولها الاتحاد الأوروبي، إلى جانب عدم تخوفها بعد المحاولة الانقلابية الأخيرة من تدخل الجيش في السياسة (روبونسكي، 2017). ويُضيف الباحثان أن الدول الغربية تُفضل شرب السمّ، على دخول الأتراك إلى أوروبا دون فيزا (روبونسكي، 2017)، وذلك في إشارة إلى أنّ العداء الأوروبي لتركيا، هو حجر أساس في سياسات أوروبا الخارجية، الأمر الذي يدفع تركيا نحو البحث عن هويتها كقوّة عُظمى، تقف أمام حجم الكراهية الموجه ضدها.

وتؤكد الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي، جاليا لندرشتراوس، أنّ تركيا، بسياساتها، لم تضع نفسها في جيب أحد، بل باتت تمتلك دبلوماسية مستقلة. ففي الوقت الذي تُشكل فيه تركيا عضوًا مهمًا في حلف الناتو، فإنها تحافظ على علاقة وطيدة مع روسيا، وقامت مؤخرًا بشراء صواريخ إس 400، ولم تكترث للغضب الأمريكي (لندرشتراوس ج.، 2017). وهي بذلك تؤكد سياساتها الرامية لتكون لاعبًا مركزيًا، لديه أهداف خاصة، وطموح أبعد من الحدود الداخلية.

فيما يُشير ألون بن مائير، المختص في شؤون الشرق الأوسط، بأنّ سياسة تركيا لم تعد سياسة مرنة، ولم تعد تسير ضمن سياسة "الصفر مشاكل"، إذ من الواضح أنّ الطموح الإقليمي لها، والرغبة في التأثير والسيطرة، بدت واضحة على سياساتها، وذلك من خلال تدخلها الإقليمي، ومنافستها لدول عظمى. لكن بن مائير، كغيره من الباحثين الإسرائيليين، يتوقع فشل المساعي التركية بإقامة إمبراطورية عثمانية ثانية (بنمائير، 2017).

يختصر الباحثون الإسرائيليون في المراكز المختلفة، طموحَ تركيا، بحلم استعادة أمجاد الدولة العثمانية. وهناك من حذر أوروبا من محاولات تركيا التوسعية، كسفير "إسرائيل" في مصر سابقًا (مزال، 2017). ويُمكن تلخيص ما ذهب إليه الباحثون حيال طموح تركيا بثلاث نقاط:

  1. تسعى تركيا إلى فرض سيطرتها الإقليمية على الدول المحيطة.
  2. تسعى تركيا إلى إعادة تأثيرها على الدول العربية، وبث روح الدولة العثمانية من جديد.
  3. تسعى تركيا إلى أن تصبح بعد سنوات، وعلى المستوى العالمي، دولة عظمى، تنافس وتفرض سياسات لحماية مصالحها عبر القارات.

وقد لخص أورلي ليفي، الرؤية الإسرائيلية لتركيا، بأنّ الدولة العثمانية انهارت سابقًا، إلّا أنّ روحها ما زالت تسري في الدم التركي الحديث، وتعمل على تشكيله من جديد (ليفي، 2017).

 

2.4.2 علاقة تركيا بالدول العظمى "الولايات المتحدة وروسيا"

تنظر مراكز الأبحاث الإسرائيلية إلى قدرة الدولة التركية على بناء سياساتها، ضمن توازنات حفظت العلاقات مع كلا الدولتين العظمتين، إلّا أنّ ذلك لم يمنع وجود نوع من التوتر، الذي ربما كان من الممكن أن يقود إلى حرب شاملة، خاصة مع روسيا، إضافة إلى تراجع العلاقات مع الولايات المتحدة، خاصة مع دخول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

خصصت مراكز الأبحاث الإسرائيلية، وكذلك وسائل الإعلام العبرية، مساحة واسعة لنقاش علاقة روسيا وتركيا، وقد تمنت أن تقود بعض الأحداث، كإسقاط الطائرة الروسية، ومقتل السفير الروسي في تركيا، إلى حرب شاملة بين البلدين، حتى أن الحاخام موشيه شترنبوخ، رأى أنّ حربًا كهذه تُنذر بقدوم مخلص اليهود! (شترنبوخ، 2015). حيث يعتبر المتدينون اليهود، وتحديدًا الحريديم منهم، أنّ دخول القوات الروسية إلى اسطنبول، يستدعي لبس السواد، والاستعداد لمجيء المخلص.

وفيما يتعلق بالعلاقة مع روسيا، ترجح مراكز الأبحاث أنّ هذه العلاقة مبنية على مصلحة كلا الطرفين، وتتجاوز التوتر الإقليمي، حيث تستفيد روسيا من الدور التركي في المنطقة، فيما تستفيد تركيا باللعب على وتر الموازنة بين روسيا والولايات المتحدة، وتحافظ على مصالحها في ظل الثقل الروسي المتصاعد (فينبريج و ايخنار، 2017).

لكن الصحفي يوني بن مناحم، يرى أنّ علاقة كلا الطرفين عدائية بالأصل، وتناقُض المصالح بينهما كبير، خاصة على الساحة السورية (بنمناحم ي.، 2015).

وكذلك عاموس يدلين، رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يلخص العلاقة بين كلا الطرفين، على أنّها علاقة عدائية عبر التاريخ. إلّا أنّ محورية تركيا في ظل علاقاتها مع الولايات المتحدة، وكونها دولة إقليمية مهمة، وحاجة روسيا لها في الملف الإقليمي، علاوة على المصالح الاقتصادية المشتركة، ووجود نوع من العداء لكلا الطرفين مع أوروبا، كل ذلك يدفع الطرفين إلى عدم الاصطدام، مع وجود حذر كبير (يدلين، 2015). وكان هذا ما كتبه يدلين بُعيد قيام تركيا بإسقاط المقاتلة الروسية في أواخر عام 2015.

من جانب آخر، لا يختلف تقييم مراكز الأبحاث للعلاقة بين تركيا والولايات المتحدة، عن العلاقة بين تركيا وروسيا، خاصة في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، وعلى وجه الخصوص في السنوات الأخيرة، وبعد فشل المحاولة الانقلابية، وما تبعها من توتر بين الطرفين، أوصلت العلاقة إلى نفور وحذر ملحوظ بينهما.

في هذه العلاقة، يرى أورلي ليفي، أنّ العلاقات بين الجانبين آخذة في التدهور المستمر، وأنّ هذا التدهور ليس جديدًا، وإنّما هو نتيجة تراكماتٍ بدأت منذ حرب الخليج عام 2003، ثم تصاعدت بعد الحرب الأهلية في سوريا (لفي، 2017).

ويؤكد الباحث إيري هيستين عدم رضى الولايات المتحدة عن سياسة أردوغان، ويرى أن المحاولة الانقلابية أظهرت أنّ الولايات المتحدة كانت راغبة في انهيار حكم العدالة والتنمية في تركيا (هيستين، 2017).

يتساءل الصحفي يوني بن مناحم، الباحث في مركز القدس لدراسات "اسرائيل"، عن اللحظة التي سيتخذ فيها أردوغان خطًا معارضًا تمامًا للولايات المتحدة، وذلك في ظل التباعد الذي يتضح ما بين الطرفين مع مرور الزمن، حيث إن الخط الذي ينتهجه أردوغان، يتعارض مع الطموح الأمريكي في المنطقة، ولم تعد تركيا الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، كما كانت في السابق (بنمناحم ي.، 2017).

تؤكد الباحثتان سيما شاين وجاليا لندرشتراوس، على أنّ خط التباعد بين الطرفين بات يتضح أكثر، في ظل تعارض المصالح في الشرق الأوسط، إلى جانب عدم رضا الولايات المتحدة عن الحكم في أنقرة، والتقارب الحاصل بين تركيا وإيران مؤخرًا (شاين و لندرشتراوس، 2017).

إجمالًا، يُمكن تلخيص رؤية مراكز الأبحاث الإسرائيلية لعلاقة تركيا مع الدولتين العظمتين روسيا والولايات المتحدة، بالنقاط التالية:

1. العلاقة بين تركيا من جهة، وكل من روسيا والولايات المتحدة من جهة ثانية، آخذة في التراجع، وذلك في ظل تصاعد قوّة تركيا وطموحها الإقليمي، وطبيعة الحكم فيها، ووقوفها بجانب قضايا الشرق المتعارضة مع كلا الجانبين.

2. استطاعت تركيا الموازنة في علاقاتها مع كلا الجانبين، بحيث استغلت التعارض بينهما لصالحها، ولصالح عدم تسرع الدولتين في فتح صراع معها، كما كان الحال بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية.

3. من المتوقع حدوث صدام على المستوى الاستراتيجي بين تركيا والدول العظمى.

4. تحاول كلّ من الولايات المتحدة وروسيا الحد من التأثير التركي في المنطقة، وذلك من خلال توسيع علاقاتهما الإقليمية، وبلورة استراتيجيات تمس ببعض المصالح التركية، وذلك مثلما  حُسِم الملف السوري بما يتعارض مع الرؤية التركية.

2.4.3 العلاقات التركية مع حركة حماس والفلسطينيين من المنظور الإسرائيلي

تعتبر مراكز الأبحاث الإسرائيلية أنّ النظام التركي يصطف إلى جانب الفلسطينيين، وينحاز لهم، وأنّه يحاول الموازنة ما بين الأطراف الفلسطينية، ومعني بعلاقة وطيدة مع الأطراف كافة، وتحديدًا السلطة الفلسطينية وحماس، مع ميل واضح تجاه حركة حماس.

يرى يوني بن مناحم أنّ الدعم الكبير من قبل تركيا لحركة حماس، يأتي من منطلق أن حزب العدالة والتنمية، هو أحد فروع الإخوان المسلمين (بنمناحم ي.، 2017)، الأمر الذي اعتبره الباحث التزامًا أيديولوجيًا من قبل النظام في دعم الحركة.

ويرى يوسي حن، الباحث في مركز دانيال أبراهامز، أنّ تركيا هي الطرف الأكثر ملاءمة لدعم حماس (حن، 2016)، في ظل الأزمة التي تحياها الحركة في قطاع غزة، والحصار الخانق على القطاع.

تُحاول "إسرائيل" استغلال العلاقة ما بين تركيا وحماس، للضغط على تركيا في المحافل الدولية، ووسمها بأنّها دولة داعمة لما تصفه بـ "الإرهاب"، وذلك للضغط على تركيا لإخراج قيادة حماس من أراضيها. إلى جانب ذلك، فإنّ "إسرائيل" تُحاول استغلال هذه العلاقة في حل قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركة حماس في غزة (لندرشتراس، 2016)، حيث تعتقد "إسرائيل" أن تركيا هي الوسيط الأقرب للتوصل إلى مثل هكذا اتفاق.

بشكل عام، يرى الباحثون في مراكز الأبحاث الإسرائيلية، أنّ ارتباط تركيا بفلسطين هو ارتباط عقائدي، ويصفونها من بين الدول الأكثر تأثرًا بما يحدث في الأراضي الفلسطينية. وقد كشف قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، التوجه التركي المتضامن مع فلسطين، إلى حد وصفها بأنّها الدولة الأكثر غليانًا بعد قرار ترامب (فاربر، 2017).

3. تصور مراكز الأبحاث الإسرائيلية للعلاقة مع تركيا

3.1 تصور مستقبل العلاقات بين الطرفين

رغم أن العلاقات بين الدول تُبنى غالبًا على المصالح المشتركة، إلا أن العلاقة بين "إسرائيل" وتركيا، تتداخل فيها العديد من الاعتبارات. فإلى جانب المصالح المشتركة، فإنّ العلاقة بين الجانبين تتأثر بطبيعة تحالفاتهما، وطبيعة علاقة كل منهما مع الولايات المتحدة، إلى جانب العلاقات المركبة لتركيا مع الدول الأوروبية.

يائير لبيد، زعيم حزب "يوجد مستقبل"، وهو صحفي وباحث سابق، يرى أنّ على "إسرائيل" أن تفهم أنّ العلاقات الودية الاستراتيجية مع تركيا، هي شيء من الماضي، وأنّ على العالم أن يفهم، وتحديدًا دول الناتو وخاصة الولايات المتحدة، أنّ تركيا هي دولة داعمة "للتطرف"، ونصح حكومته بأن تتضمن استراتيجيتها أن تركيا ليست حليفًا، ولا صديقًا لتل أبيب (لبيد، 2017).

وهذا ما ذهبت إليه الباحثة المختصة في الشؤون التركية، جاليا لندرشتراوس، التي ترى أن علاقة "إسرائيل" بتركيا لن تتحسن، رغم توقيع إعادة العلاقات صيف 2016. كما ترى جاليا لندرشتراوس، أنّ ضعف مكانة الجيش التركي بعد المحاولة الانقلابية، ستُسهم هي الأخرى في تقليل فرص تطور العلاقات، والشراكة الأمنية، وشراء تركيا للسلاح الإسرائيلي (لندرشتراوس ج.، 2016).

على صعيد السلاح، لم تعد تركيا تعتمد فيه على الاستيراد، وإنما زادت من تصنيعه في عهد العدالة والتنمية، الأمر الذي اعتبره إلداد بك، وهو باحث في شؤون الشرق الأوسط، جزءًا من مسيرة ابتعاد تركيا عن الغرب (بك، 2017).

يستبعد معظم الباحثين الاستراتيجيين في "إسرائيل"، تحسنَ العلاقات مع تركيا. وقد رأى اللواء السابق عيرن ليرمان، الباحث في مركز بيجن/ السادات للأبحاث الاستراتيجية، أنّ وجود أردوغان في الحكم، لن يمنح الدولتين فرصة لتحسين العلاقات، إلّا أنّه أثنى على قرار حكومته بتوقيع اتفاق المصالحة مع تركيا، معتبرًا أن هذه الخطوة هي بالتأكيد لصالح "إسرائيل" (ليرمان، 2016).

ورغم اتفاق المصالحة، إلا أن النظرة إلى تركيا بعين الشك، لم تغبْ حتى بعد أشهر من توقيع الاتفاق. فالباحث أرئيل بن سلومون، المختص في شؤون الشرق الأوسط، وكذلك الدكتور نتالي أبناري، المحاضر في شؤون الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، اعتبرا أن الذهاب بعيدًا في توقيع اتفاقات مع تركيا، كاتفاق تصدير الغاز، يُعتبر كمن يطلق النار على قدميه. فالحكم الإسلامي في تركيا لن يكون صديقًا لـ "إسرائيل"، ويجب البحث عن بدائل لتركيا، من خلال حلفاء "إسرائيل"، كقبرص واليونان ومصر (سلومون، 2016)، (ابناري، 2017).

بشكل عام، يرى الباحثون الإسرائيليون أن الصورة السوداوية لمستقبل العلاقات بين البلدين، تكمن في العديد من الأسباب، التي يُمكن تلخيصها فيما يلي:

1.       تركيا دولة تريد استعادة الأمجاد الإسلامية، وإعادة روح الدولة العثمانية وهيبتها، وترى بفلسطين جزءًا من هذا التوجه.

2.       تركيا الإسلامية، ترى "إسرائيل" دولة غير شرعية، وموجودة بشكل غير طبيعي في المنطقة.

3.       تركيا تدعم الحركات المعادية لـ "إسرائيل"، كحماس والإخوان المسلمين، وكذلك الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، بزعامة الشيخ رائد صلاح (لبيد، 2017).

4.       لتركيا طموح إقليمي يتعارض مع المصالح الإسرائيلية، وهي لم تعد بحاجة لـ "إسرائيل" كثيرًا، وبالتالي فإنّ ارتباطها بتل أبيب لن يكون وثيقًا (بوستن و ليفين، 2009).

الأبعد من ذلك، أنّ الدكتور جيا باخور، الباحث في شؤون الشرق الأوسط، وتحديدًا الشأن التركي، والذي نظّر كثيرًا لضرورة المصالحة مع تركيا، كتب مؤخرًا تحت عنوان: "لم نكن بحاجة للمصالحة مع تركيا" (باخور، 2017)، واعتبر أن العداء الذي تكنه القيادة التركية لـ "إسرائيل"، سيصل في يوم من الأيام إذا حانت الفرصة، إلى قيام تركيا أردوغان باتخاذ خطوات تصعيدية ضد "إسرائيل". وهذا ما رآه أيضا بن سلومون (سلومون، 2016). فيما أشار إيري هيستين، إلى أنّ العلاقات لن تتجاوز تحسين التواصل الدبلوماسي بين البلدين (هيستين، 2017).

3.2 الأهمية الاستراتيجية للدولة التركية بالنسبة لـ "إسرائيل"

اعتذار "إسرائيل" لتركيا بسبب حادثة مرمرة، وتصويت مجلسها الوزاري المصغر بسبعة أصوات مقابل ثلاثة لصالح إعادة العلاقات، رغم وجود معارضة قوية لهذه الخطوة، يُشير بشكل واضح إلى الأهمية الكبيرة التي تُمثلها الدولة التركية لـ "إسرائيل"، سواءً من الناحية السياسية، أو الاقتصادية، أو الأمنية، أو الدبلوماسية.

اقتصاديًا، تُقدر قيمة التبادل التجاري بين البلدين بنحو 5 إلى 6 مليار دولار، وفق وزارة الاقتصاد الإسرائيلي، والتي أضافت أن تركيا تأتي في المرتبة السادسة من بين المستوردين من "إسرائيل" حتى عام 2014 (وزارة الاقتصاد، 2014). وبعد ذلك، أخذت هذه المعدلات بالتراجع، حيث انخفض التبادل التجاري بقيمة 17% في النصف الأول من عام 2016. وقد أشار معهد التصدير الإسرائيلي، إلى ثقته بأنّ توقيع اتفاق المصالحة مع تركيا، سيقود إلى تحسين التبادل التجاري (ازولاي، 2016). وقد تُوجت مساعي تحسين التبادل التجاري بين البلدين، بوصول بعثة من مائة ممثل لشركات تركية، في شهر أيار/ مايو 2017، لبحث تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين (مكتب التجارة في تل ابيب، 2017).

إلى جانب ذلك، فإنّ الهدف الأبرز لـ "إسرائيل" من المصالحة مع تركيا، هو إيجاد حلول لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، حيث تُعتبر تركيا الطريق الأوفر والأفضل من أجل تحقيق ذلك، بينما تُعتبر بقية الخيارات خطرة، وأكثر كلفة (ايلات ع.، 2017). ولم يُخف نتنياهو أنّ من أهم أهداف المصالحة مع تركيا، هو تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا (تشتيوت، 2016). ولكن حتى الآن، لم تتضح بعد آلية التصدير، وهل بالفعل ستكون هناك خطوات عملية في هذا الاتجاه، أم أنّ التطورات الإقليمية والعالمية قد تحول دون ذلك.

كما أن "إسرائيل" تخشى أن يؤدي استمرار القطيعة وتوتر العلاقات، إلى حدوث انعكاسات سلبية، وخاصة أنّ غالبية النفط الواصل إلى "إسرائيل"، يمر عبر تركيا (بركات، 2017).

أما سياسيًا، فيرى الباحثون الإسرائيليون أنّ تركيا تشكل مدخلًا مهمًا لعلاقة تل أبيب مع حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إذ من الممكن أن تسهم المصالحة مع تركيا في تمهيد الطريق لمشاركة "إسرائيل" الكاملة في أعمال الحلف، علاوة على ضمان "إسرائيل" عدم تأثر علاقاتها مع حلفاء تركيا في الشرق الأقصى (ليرمان، 2016).

إضافة إلى ذلك، فإنّ "إسرائيل" ترى أنّ الاتفاق سيقود إلى ابتعاد تركيا عن دعم حركات المقاومة، كحركة حماس، وحصر العلاقة بشكل مباشر مع السلطة الفلسطينية، فيما يتعلق بقطاع غزة (بوخبوت، 2016). وهناك من ذهب إلى إمكانية أن تقوم تركيا بضبط حماس، وتخفيف ضغطها على "إسرائيل" فيما يتعلق بحصار غزة، وربما العمل على تحرير الجنود الأسرى لدى حماس في غزة، علاوة على إيقاف تركيا دعمها للإخوان المسلمين بشكل عام (ليرمان، 2016).

من الناحية الأمنية، يرى اللواء عميدرور أنّ للمصالحة مع تركيا عوائد أمنية كبيرة، وستسهم في زيادة أمن "إسرائيل"، من خلال التعاون الأمني والاستخباري المشترك، والتبادل الأمني والصناعي في المجال العسكري بين البلدين (عميدرور ي.، 2016).

3.3  تأثير مراكز الأبحاث الإسرائيلية على توجهات الإسرائيليين تجاه تركيا

يوجد في "إسرائيل عدد كبير من مراكز الأبحاث. يمكن أن يدل ذلك على أن لهذه المراكز تأثيرا على السياسات الإسرائيلية، وعلى صانعي القرار فيها. وما المشاركة الكبيرة للقيادات السياسية في مؤتمراتها السنوية، كمؤتمر معهد دراسات الأمن القومي، ومؤتمر هرتسيليا، إلا مؤشر على أهميتها، وأهمية مخرجاتها.

لكن في نفس الوقت، قد يؤدي وجود مراكز أبحاث كثيرة، إلى ضياع مصدر التأثير. ومن جانب آخر، لا يمكن قياس مدى التأثير الذي تتمتع به تلك المراكز على صانعي القرارات. فالباحثة في معهد الديمقراطية الإسرائيلي كرميت بار، تُشير إلى أنّ وجود أكثر من رؤية لدى المراكز، وطرحها أكثر من خيار، سيُسهم بالضرورة في اختيار السياسيين لإحدى تلك الخيارات (بار، 2011).

إضافة إلى ذلك، فإن بعض الباحثين في مراكز الأبحاث الإسرائيلية، يعودون إلى الخلفيات الأمنية، وبالتالي فإن ما يقدمونه من خيارات للتعامل مع الملف التركي، لن يكون بدعًا من الخيال، بل قد يكون من بنات أفكار الأجهزة الأمنية، التي ما زالت إلى الآن، المؤثر الأكبر في التعامل مع القضايا المصيرية. لذلك، فإن توصيات تلك المراكز، تأتي ضمن الخيارات التي تدرسها القيادة الإسرائيلية، فهناك من دعم المصالحة مع تركيا، وهناك من عارضها، وهناك من طالب بترك الأوضاع على حالها.

في ندوة حول تأثير المراكز البحثية والفكرية على صانعي القرار، وتحديدًا في الجانب الأمني، أشار مجموعة من الباحثين الكبار، إلى أنّ هناك ثلاثة أشكال من التأثير لهذه المراكز. فهناك تأثير داخلي من خلال ما يطبقه الباحثون الذين يتقلدون مناصب حكومية، وهناك تأثير خارجي من خلال ما تقوم مراكز الأبحاث بنشره في وسائل الإعلام المختلفة، وهناك تأثير استشاري من خلال استشارة بعض القيادات السياسية للعاملين في هذه المراكز. قد يكون هذا التأثير محدودًا؛ لأنّ كلا الطرفين، المستوى السياسي ومراكز الأبحاث، يعانيان من عدم الانسجام (جوزنسكي، بندودو، جرنشتاين، و مينتس، 2014).

في الوقت الذي لم تقدم فيه مراكز الأبحاث شيئا جديدًا حيال الأزمة التركية، أو حلولًا سحرية خارجة عن المألوف، فإنه يُمكن التطرق إلى دورها السلبي في زيادة العداء الشعبي الإسرائيلي لتركيا. فقد رفض 65% من اليهود المصالحة مع تركيا (دود و شلوم، 2016)، فيما قاطع 84% السفر إليها (كوتلر و شومفلبي، 2014). ويبدو أن هذه النتائج تأتي بتأثير وسائل الإعلام، وما يكتبه المحللون والباحثون الإسرائيليون.

لم يُخفِ مركز الأبحاث التابع لوزارة القدس، تحريضه على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، بل اتهمه شخصيًا باستغلال كراهية اليهود و"إسرائيل" في الدعاية الانتخابية. وأضاف المركز في تقرير له أنّ الحكومة التركية، بدلًا من أن تمنع ازدياد العداء لليهود في تركيا، كانت عنصرًا في تحريكه (حملة التنسيق لمحاربة اللاسامية، 2015). هذا إلى جانب تركيز الإعلام العبري، على عدم توجه اليهود لزيارة تركيا (بيتلمان، 2016). وذلك بحجج مختلفة، منها خطورة الحالة الأمنية في تركيا، ووقوف تركيا إلى جانب القضايا التي تُعارض المصالح الإسرائيلية.

3.4 تصور مراكز الأبحاث الإسرائيلية لمستقبل تركيا

يتلخص أبرز ما تراه مراكز الأبحاث الإسرائيلية حيال مستقبل تركيا، بثلاث كلمات، هي: شمولية أكثر، مركزية أكثر، وإسلامية أكثر. فبعد فشل المحاولة الانقلابية، ومرور التعديلات الدستورية، بات المراقبون والباحثون الإسرائيليون، يروْن أنّ حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، استطاع أن يضمن سنوات أخرى في الحكم في تركيا. إلا أن جُلّ ما كتبه الباحثون، قد تمحور حول شخصية أردوغان، وقدرته على تثبيت أركان حُكمه.

من ناحية النظام السياسي، يرى الباحثون الإسرائيليون أنّ تركيا مقبلة على تثبيت حُكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية لفترة طويلة، خاصة بعد فشل المحاولة الانقلابية، والتي ستمنح أردوغان، وفق حاي إيتان، الباحث في مركز موشيه ديان للأبحاث، فرصة الحكم لعشر سنوات إضافية (جولدمان، 2017). وقد أضاف اللواء عميدرور، الباحث في مركز بيجن/ السادات، أنّ فشل المحاولة الانقلابية، هي عامل إضافي في تثبيت حكم أردوغان، وشدد على ضرورة استمرار "إسرائيل" بمساعي تثبيت المصالحة مع تركيا، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية (عميدرور ي.، 2016).

فيما ذهب الباحثان في مركز موشيه ديان، الدكتور هرائيل حوراب وسميدر شاؤول، إلى أنّ حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان يتعامل داخليًا بذكاء كبير. ففي الوقت الذي يقوم فيه بتعديلات لخدمة الأجندة الإسلامية، فإنّه يحافظ على مشاعر العلمانيين في الدولة، أتباع أتاتورك (حوراب و شاؤول، 2017). وأوضح الباحثان أنّ الحكم في تركيا، يقوم ببناء استراتيجياته الانتخابية وغيرها، بناءً على استطلاع الرأي العام (حوراب و شاؤول، 2017). بمعنى أنّ النظام في تركيا، يسعى لكسب الغالبية من المجتمع التركي، ومنع خلق الأجواء التوتيريّة الداخلية، في الوقت الذي يسير فيه، ولو ببطء، نحو أسلمة المجتمع والمؤسسة التركية.

تتضمن القراءات الإسرائيلية حيال المخاطر التي يعاني منها نظام حُكم العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، إشاراتٍ متنوعة. وإن كانت "إسرائيل" قد عبرت عن مشاعر راضية خلال المحاولة الانقلابية، إلا أنّها اليوم باتت تدرك صعوبة الانقلاب على أردوغان من الداخل، رغم وجود العديد من التحديات الخارجية (لندنشتراوس، 2017)، التي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار حكمه، كدخوله في حروب إقليمية، أو التورط في حرب مع روسيا، أو أبعد من ذلك مع أقطاب أوروبية وازنة، في ظل ازدياد التوتر بين الطرفين مؤخرًا.

أما من الناحية الاقتصادية، فتُجمع مراكز الأبحاث على أنّ أحد أهم عوامل نجاح حزب العدالة والتنمية، واستمراره لأكثر من 15 عامًا في الحكم، هو الاقتصاد التركي، الذي حقق قفزاتٍ كبيرة، لكنه بات يعاني من تراجع خلال السنوات الأخيرة، مما انعكس على قيمة الليرة التركية، وأدى إلى عزوف كبير في الاستثمارات الخارجية، الأمر الذي يتطلب إعادة الثقة للمستثمرين، كما يرى جيا أور، مدير قسم "ماكرو" في حملة البحث والاستراتيجية في "بساجوت" (اور و شرف، 2017).

 وأضاف أور أنّ الاقتصاد التركي، من أكثر المتأثرين بالتغيرات الاقتصادية العالمية، فإذا حقق الاقتصاد العالمي قفزات، فإنّ تركيا هي أكثر المستفيدين، وفي حال التراجع، فهي أكبر المتضررين (اور و شرف، 2017). ويعتقد أور وزميلته إيلانا شرف، مديرة قسم البحوث في بيت الاستثمار، أنّ مستقبل الاقتصاد التركي يتجه نحو السلب وليس الإيجاب، ويواجه مخاطر كبيرة ستُسهم في تراجعه (اور و شرف، 2017).

بول ريفلين، الباحث في مركز موشيه ديان، يرى أنّ تركيا تعاني من نقص في خبرة الأيدي العاملة، ونقص في الصناعات الحديثة المتطورة، الأمر الذي يُدخل الاقتصاد التركي في نوع من الغموض، ما بين قدرة نظام الحكم الجديد بعد التعديلات الأخيرة، على التغلب على تلك التحديات، أو العجز عن ذلك، مشيرًا إلى أنّ الكثير من الصعوبات ستبقى تواجه الاقتصاد التركي (ريبيلن، 2017 ). وبالتالي فإنّ التطورات السياسية، الإقليمية والعالمية، وكذلك الوضع السياسي الداخلي في تركيا، ستكون ذات تأثير كبير على الاقتصاد فيها. 

تأخذ القضية الكردية حيّزا واسعًا من مساحة البحث الإسرائيلي. والسياسيون والباحثون الإسرائيليون لا يُخفون دعم إقامة دولة كردية مستقلة. لقد أشار الباحث في مركز هرتسيليا، شاؤول شاي، إلى أنّ تركيا قد تكون مستعدة لإقامة دولة كردية في شمال العراق، بشرط ضمان وجودها الدائم في الموصل شمالي العراق فقط؛ وذلك لضمان عدم تحرك أكراد تركيا للمطالبة بدولة مستقلة (مينتس، 2016).

إلا أن معظم الباحثين الآخرين، خالفوا رأي شاؤول شاي، ورأوا أنّ تركيا ترفض جملة وتفصيلا إقامة دولة كردية، لأنّ ذلك سيفتح النيران المتعددة داخل الساحة التركية. ووفق عوفرا بانجو، الباحثة في مركز بيجن/ السادات، فإنّ الأتراك يرون أنّ دولة كردية هي بمثابة "إسرائيل" ثانية (بانجو، 2017).

بشكل عام، ترى مراكز الأبحاث الإسرائيلية أن القضية الكردية، ستُسهم في زعزعة الاستقرار التركي، وربما تُقبل تركيا على مرحلة جديدة من المواجهة الأكثر قسوة.

من الناحية الأمنية، ترى مراكز الأبحاث الإسرائيلية أنّ تركيا ستُعاني من موجات متتالية من الإرهاب، حيث يُحذر ما يُسمى بـ "المجلس الإسرائيلي الأعلى للحرب على الإرهاب"، من السفر إلى تركيا، وينصح الإسرائيليين بعدم المكوث فيها، بحجة أنّ الدولة قد تتعرض لموجات إرهابية من داعش (ايخانار، 2017). الغريب هنا أنّ التقدير الصادر عن هذا المجلس، شمل العديد من الدول الأوروبية، فيما كانت تركيا الوحيدة من بينها، التي نُصح بعدم السفر إليها، الأمر الذي لا يخلو من نوايا إسرائيلية سلبية ضد تركيا، على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية.

خطر الإرهاب في تركيا، مصدره اثنان، وفق الباحثين الإسرائيليين. الأول، وحسب الدكتور يوخاي سيلع، يأتي من تراجع العلاقات التركية الكردية، وما قد يولده من موجات إرهابية كُردية تسعى إلى الاستقلال (سيلع، 2016). والثاني، حسب الدكتور نحماني، هو تنظيم "داعش"، ويفسر ذلك بظهور تركيا كدولة معادية لهذا التنظيم، خاصة في ظل قدرة التنظيم على استقطاب جيل من الشباب المندفع تحت شعارات مختلفة (روبونسكي، 2017).

وعلى مستوى العلاقات الدبلوماسية، يعتقد معظم الباحثين في مراكز الأبحاث الإسرائيلية، أن تركيا تسير في وحل من الألغام، وفي طريقها لخسارة الكثير من العلاقات الدبلوماسية، مع تأكيدها على أنّ الحكم في تركيا حريصٌ على حفظ خط الرجعة في تلك العلاقات. كما يعتقد هؤلاء الباحثون أن تركيا انتقلت من مرحلة "صفر مشاكل"، إلى مرحلة مشاكل مع كل الدول المحيطة، والكثير من الأنظمة العالمية.

يُشير الدكتور عوفر يسرائيلي، الباحث في معهد هرتسيليا، إلى أنّ مستقبل العلاقات الدبلوماسية التركية، وفي ظل سعي تركيا لاستعادة ريادتها في المنطقة، ستشهد الكثير من التوتر، خاصة مع الولايات المتحدة، والغرب عمومًا. وأضاف يسرائيلي أنّ هذه السياسة قد تؤتي ثمارها، حيث أن طبيعة أردوغان الكاريزمية، قد تُسهم في عوائد كبيرة على تركيا، على غرار طبائع مشابهة لزعماء عالميين، مثل فلاديمير بوتين، ودونالد ترامب (فردلندر، 2017).

3.5 أبرز المحاذير التي تضعها مراكز الأبحاث الإسرائيلية من تركيا

تُشير مراكز الأبحاث الإسرائيلية، إلى أنّ العلاقة مع تركيا آخذة في التراجع، ولن تعود إلى علاقة استراتيجية في ظل حكم حزب العدالة والتنمية التركي، علما أن هذه المراكز تركز بشكل كبير على شخصية أردوغان، وتصفه في أحيان كثيرة، بأنه العقبة الأبرز في طريق تقدم العلاقات الإسرائيلية التركية، مُعتبرة أن الخلفية الإسلامية للرئيس التركي، تجعل منه على عداء دائم مع "إسرائيل".

وقد وضع الباحثون مجموعة من المحاذير، الواجب على "إسرائيل" اتخاذها في التعاطي مع الملف التركي. أهمها ما يلي:

أولًا: عدم الثقة بتركيا، واعتبارها دولة معادية لـ "إسرائيل"، تستضيف على أراضيها قيادة حماس، التي تعمل من قلب إسطنبول ضد "إسرائيل"، وفق ألون بن دافيد. ويُشير بن دافيد إلى أن النظام في تركيا، يرى في العداء مع "إسرائيل" رافعة محلية وإقليمية، ورغم ذلك، يدعو إلى ضرورة العمل على تحسين العلاقات مع تركيا، لأهميتها الاستراتيجية (بندافيد، 2016).

ثانيًا: على "إسرائيل" التعامل مع تركيا بتفهم وليس بتهور، حيث ما زالت تركيا الدولة الإسلامية التي تحتاجها "إسرائيل"، أكثر من حاجة تركيا لها، وخاصة في قضايا استيراد الطاقة. وقد أشار نمرود جورن، الباحث في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية، إلى أنّ التعاطي مع تركيا يجب أن يكون واقعيًا، لأن عدم العقلانية في التعاطي مع تركيا، سيقودها إلى مواقف أكثر تشددا تجاه "إسرائيل"، مع عدم رفع سقف التوقعات، حيث ما زالت المصالح المشتركة موجودة (جورن، 2017).

ثالثًا: على "إسرائيل" السعي لإيجاد بديل لتركيا فيما يتعلق بتصدير الغاز. ووفق الباحثين، فإنّ ذلك من شأنه أن يقلل من اعتماد "إسرائيل" على تركيا في الطاقة، حيث إنّ غالبية النفط الواصل إلى "إسرائيل" يمر عبر تركيا. ويرى الدكتور عمونائيل نابون، الباحث في مركز القدس للدراسات الاستراتيجية، أنّ هذه القضية معقدة، لأن إيجاد بديل عن تركيا، قد يُسهم في عودة تردي العلاقات، حيث إنّ الغاز هو من أهم دوافع تركيا للتصالح مع "إسرائيل" (نابون، 2017).

وأشار أرئيل بن سلومون، الباحث في مركز بيجن/ السادات للدراسات، إلى أنّه لا يمكن الاعتماد على النظام الإسلامي في تركيا في مسألة تصدير الغاز، ومن الأفضل البحث عن بديل، وإن كان أكثر تكلفة. ويرى بن سلومون، أن النظام التركي بطبيعته معادٍ لـ "إسرائيل"، ومن الممكن في أي لحظة أن يقوم بتعطيل الاتفاق (سلومون، 2016).

رابعًا: درجت المؤسسات الإعلامية ومراكز الأبحاث في الآونة الأخيرة، على تحذير اليهود الأتراك، البالغ عددهم حوالي 15 ألف نسمة، من التواجد في تركيا، في ظل ما وصفه يورم زارا، بالخوف الكبير الذي بات يعتري اليهود الأتراك، بعد توسيع صلاحيات الرئيس التركي في الاستفتاء الأخير (زارا، 2017). وقد غطت المراكز البحثية والإعلامية ذلك بشكل موسع، بهدف تشجيع اليهود الأتراك على الهجرة إلى "إسرائيل"، وهذا ما بدأ يتحقق في ظل هجرة المئات منهم إلى بتاح تكفا في "إسرائيل" (عتسمون، 2017)،

4. خاتمة

تُجمع مراكز الأبحاث الإسرائيلية، على أنّ تركيا مرّت بتغيرات كبيرة منذ عام 2002، إلّا أنّ تغيرات ما بعد المحاولة الانقلابية عام 2016، فاقت كل التغيرات التي حصلت خلال الأربع عشرة سنة الأولى، حيث أسهمت، وفق الرؤية الإسرائيلية، في مساعدة حزب أردوغان على التخلص من غالبية المعارضين، وأعطته مبررًا للضرب بيد من حديد، ومكنته من تصفية الحسابات الداخلية، والتمهيد لتقوية النظام ورؤيته الإسلامية.

ويُمكن الاستنتاج بأنّ الخلاف الإسرائيلي حول طبيعة التعامل مع تركيا، يُشير إلى ضعف الرؤية الإسرائيلية في التعاطي مع ملفات كثيرة، منها الملف التركي. فـ "إسرائيل" لا تستطيع قطع علاقاتها مع دولة تُعتبر ممر النفط إليها، ولا هي تأمل بعودة علاقاتها الاستراتيجية معها، في ظل حكم العدالة والتنمية، الأمر الذي يجعل السلوك الإسرائيلي، يعتريه التخبط.

تجدر الإشارة هنا، إلى أنّ ما تقدمه مراكز الأبحاث، قد يكون قريبًا من التحليل العلمي والمنطقي، إلّا أنّه لا يخلو من نظرة كراهية لتركيا، علاوة على أنّ ما يُكتب في تلك المراكز، يخضع للرقابة العسكرية، التي تُسيطر على جزء كبير مما يُنشر في المراكز البحثية والإعلامية الإسرائيلية.

إن توقع مراكز الأبحاث الإسرائيلية ظروفًا سيئة لتركيا، من ناحية انتشار الإرهاب، ومن الناحية الاقتصادية، وتقلبات نظام الحكم، وعدم الإشادة بالنظام التركي المنتخب ديموقراطيًا، ووسمه بالشمولية والمركزية، والتفاعل إيجابيًا مع المحاولة الانقلابية، كل ذلك يُعطي دليلًا كافيًا على عدم الارتياح للنظام التركي، وتمني الأسوأ له.

خلاصة القول، إنّ العلاقات التركية الإسرائيلية، وفي أحسن أحوالها، لن تتطور عن حالة الفتور التي تمر بها في الفترة الحالية، الأمر الذي تعيه "إسرائيل" بشكل جيد، وهي بالتالي لن تتوقف عن العمل على تقليل الاعتماد على تركيا، وتحديدًا في موضوعي تصدير الغاز واستقدام النفط، وهي تعمل بشكل مكوكي مع جيران تركيا، اليونان وقبرص، بغية تحقيق ذلك.

ولأن "إسرائيل" ترى في النظام التركي نظامًا معاديًا يسعى لإحياء روح الدولة العثمانية، أو على الأقل يتعامل مع دول المنطقة بندّية، وخاصة "إسرائيل"، فإنّها لن تدخر جهدًا في محاولة العبث على الساحة التركية، في ظل علاقاتها الجيدة مع الأكراد، وعلاقاتها المخابراتية مع بعض الأنظمة الإقليمية.

ومن بين الباحثين الإسرائيليين مَن يرى أن تركيا تتجه نحو دولة أكثر مركزية ومحورية في الشرق الأوسط، حينها ستكون العلاقة مع "إسرائيل" أكثر فتورًا ممّا هي عليه اليوم، بسبب دعم تركيا للقضايا العادلة في الشرق الأوسط، مما يعكر صفو العلاقات بينهما، إلى جانب عدم رغبة "إسرائيل" بوجود قوّة إقليمية تنافسها  في مصالحها الاستراتيجية.

لا شكّ أنّ القيادة التركية تدرك ما يدور في الذهنية الإسرائيلية من حنق على تركيا، يظهر في توصيات مراكز أبحاثها، التي تعجّ بالأمنيين والسياسيين السابقين، الذين يحاولون تشويهها، ويتمنون توريطها في ملفات كثيرة، كتشجيعهم للاعتراف بما يسمونه "المذابح العثمانية بحق الأرمن"، واحتفالهم بالمحاولة الانقلابية، وانتظارهم اندلاع حربٍ روسية تركية، واعتبارهم الحُكم في تركيا داعمًا للإرهاب، ومشجعًا له، الأمر الذي يتطلب دورًا مهمًا من الإعلام التركي، يرد على هذه الدعاية الإسرائيلية، الصادرة عن مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام في "إسرائيل".

وأخيرًا، يُمكن تلخيص أبرز الاستنتاجات الواردة في هذه الدراسة كما يلي:

1.       تتجه تركيا نحو نظام إسلامي شمولي.

2.       تسعى تركيا لامتلاك أكبر قوّة وتأثير ممكن في المنطقة، وهي بهذا تشكل تهديدًا للمصالح الإسرائيلية.

3.       بدأت تركيا تعاني من الناحية الاقتصادية، الأمر الذي قد ينعكس على استقرار الحكم فيها.

4.       انتقلت تركيا من دولة لا مشاكل لها مع الدول المحيطة، إلى دولة تعاني من خلافات مع غالبية دول الإقليم.

5.       ستواجه تركيا مزيدًا من الإرهاب، الذي مصدره تنظيم داعش، والفصائل الكردية المسلحة.

6.       قد تُسهم الأوضاع الداخلية التركية، في حدوث فوضى في البلاد.

7.       ستبقى العلاقات الإسرائيلية التركية فاترة في الفترة المقبلة، فالعودة إلى التحالف الاستراتيجي السابق بعيدة، والقطيعة التامة غير واردة.

 


 

5. المراجع

ارئيل بن سلومون. (تشرين أول, 2016). عل يسرائيل لهيمنيع متركيا فلخلول كفرسين بهسكيم هجاز ( على اسرائيل ان تبتعد عن تركيا وان تضم قبرص في اتفاق الغاز ). مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية .

ارئيل روبونسكي. (حزيران, 2017). تركيا شل اردوغان ( تركيا اردوغان ). كهيلات هبوجريم- جامعة بار ايلان.

افرايم عنبار. (2016). هشلخوت ههتنتكوت شل ارتسوت هبريت من همزراح هتيخون ( انعكاسات انفصال الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط ). تل ابيب: مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية.

الداد بك. (13 ايلول, 2017). تركيا مترحيكت مهعمعراب ( تركيا تبتعد عن الغرب ). تم الاسترداد من اسرائيل اليوم: http://www.israelhayom.co.il/opinion/504163

الداد بن دود، و تمار ايش شلوم. (27 حزيران, 2016). سيكر حدشوت 10: هتنجدوت عزا لهسكيم عم تركيا ( استطلاع القناة العاشرة: معارضة قوّية للاتفاق مع تركيا ). تم الاسترداد من القناة العاشرة: http://news.nana10.co.il/Article/?ArticleID=1196140

المعهد لدراسات الأمن القومي. (2017). اودوت همركاز (تعريف بمعهد دراسات الأمن القومي). المعهد لدراسات الأمن القومي.

الون بن مائير. (16 آذار, 2017). اردوغان: سلطان شل امبيريا عوثمانيت ( اردوغان سلطان الامبراطورية العثمانية ). تم الاسترداد من الون بن مائير: http://alonben-meir.com/writing/erdogan-sultan-illusionary-ottoman-empire-he/?lang=he

الون بندافيد. (2 حزيران, 2016). هيدردروت هيحسيم بين يسرائيل فتركيا، هام يش ديرخ حزرا ( تدهور العلاقات بين تركيا واسرائيل، هل بالامكان العودة ). تم الاسترداد من القناة العاشرة: https://www.10.tv/mmnews/137015.html

الون بنمائير. (16 آذار, 2017). اردوغان سلتان شل ايمبيريا عوتمانيت مدوما ( اردوغان سلطان امبراطورية عثمانية خيالية ). تم الاسترداد من الون بن مائير: http://alonben-meir.com/writing/erdogan-sultan-illusionary-ottoman-empire-he/?lang=he

اليكس مينتس. (كانون اول, 2016). يسرائيل لان، توبنوت كينس هرتيسليا 2016 ( اسرائيل الى اين، ملخصات مؤتمر هرتسيليا 2016 ). مركز هرتسيليا للدراسات الاستراتيجية.

امير بوخبوت. (28 حزيران, 2016). حماس عم هجاب لكير: هشلخوت شل هسكيم هبيوس عم تركيا ( حماس مع ظهر للحيط: تأثير اتفاق المصالحة مع تركيا ). تم الاسترداد من ويلا: https://news.walla.co.il/item/2974053

اورلي لفي. (9 تشرين اول, 2017). هيدردروت نمشيخت ( التدهور مستمر ). تم الاسترداد من دبار ريشون: http://www.davar1.co.il/89024/

اورلي ليفي. (31 مارس, 2017). عيزبون هايمبريا ( تركة الامبراطورية ). تم الاسترداد من دبار ريشون: http://www.davar1.co.il/special/%D7%94%D7%90%D7%99%D7%9E%D7%A4%D7%A8%D7%99%D7%94-%D7%94%D7%A2%D7%95%D7%AA%D7%9E%D7%90%D7%A0%D7%99%D7%AA-%D7%A0%D7%A4%D7%9C%D7%94-%D7%90%D7%9A-%D7%A8%D7%95%D7%97%D7%94-%D7%9E%D7%9E%D7%A9%D7%99%D7%9B/

ايال عتسمون. (11 ايلول, 2017). ماستنبول لبتاح تكفا،: مئوت يهوديم متوركيا، تسفوييم لعلوت لشخونات ام هموشبوت ( من اسطنبول الى بتاح تكفا: مئات من اليهود من تركيا، الى حي في ام المستوطنات ). تم الاسترداد من ماي نت: http://mynetpetahtikva.co.il/article/200672

ايتمار ايخانار. (11 أيلول, 2017). همتيه للوحما بترور: حشاش مبيجوعيم بايروبا، ال تتوسو لتركيا ( المجلس الاعلى للحرب على الارهاب، خوف من عمليات في اوروبا، لا تسافروا الى تركيا ). تم الاسترداد من يديعوت احرونوت: http://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-5014983,00.html

ايري هيستين. (كانون ثاني, 2017). هتحمموت هيحسيم بين يسرائيل لمعتسموت ازوريوت: هام تركيا هي هبائا بتور ( زيادة قوة العلاقات بين اسرائيل والدول العظمى الاقليمية، هل الدور على تركيا ). معهد دراسات الأمن القومي.

بول ريبيلن. (آذار, 2017 ). كلكلات تركيا مشليمت ات همخير ( اقتصاد تركيا تدفع الثمن ). مركز موشيه ديان للدراسات الإصدار الثالث.

بيجني كلوبر. (15 كانون اول, 2016). تركيا شل اردوغان فهترور هكردي- سيبب حداش ( تركيا اردوغان والارهاب الكردي- جولة جديدة ). تم الاسترداد من ذ ميديست فورم: http://www.mideast.co.il/p-2_a-746/

تسابي مزال. (28 آذار, 2017). هتعلموت اوروبا مكيبوش هاسلام فايوماف هنوخخيم ( تجاهل اوروبا لل"احتلال" الاسلامي وتهديداته الحاليه ). مركز القدس لدراسات إسرائيل.

تشتيوت. (27 حزيران, 2016). هاوبوزيتسيا، نتنياهو مشليم ات ههشتلتوت هزرا عل هجاز هيسرائيلي ( المعارضة، نتنياهو يكمل السيطرة الاجنبية على الغاز الاسرائيلي ). تم الاسترداد من تشتيوت: http://www.tashtiot.co.il/2016/06/27/%D7%92%D7%96-%D7%98%D7%95%D7%A8%D7%A7%D7%99%D7%94/

تهيلا التشولر. (17 تموز, 2016). مدوع نيسيون ههفيخا بتركيا نخشال ( لماذا فشلت المحاولة الانقلابية في تركيا ). المركز الإسرائيلي للدمقراطية.

تهيلا شوريتس. (17 تموز, 2016). مدوع نيسيون ههفيخا بتركيا نخشال ( لماذا فشلت محاولة الانقلاب في تركيا ). مركز الدمقراطية الإسرائيلي.

جاليا لندرشتراس. (28 حزيران, 2016). هسكيم هنورماليزاتسيا بين يسرائيل لتوركيا: هام نيتان لكفووت لداف حداش بياحسيم ( اتفاق التطبيع بين اسرائيل وتركيا: هل من المتوقع صفحة جديدة في العلاقات ). معهد دراسات الأمن القومي.

جاليا لندرشتراوس. (18 تشرين أول, 2017). عسكات اس 400: هتسلخات روسيا لتكوع سفين نوساف بين تركيا فهناتو ( صفقة اس 400، نجاح روسيا في غرز اسفين آخر في العلاقات بين تركيا والناتو ). معهد دراسات الأمن القومي .

جاليا لندنشتراوس. (19 نيسان, 2017). اخري مشال هعاكم بتركيا: هاتجريم شنوترو بعينام ( بعد الاستفتاء في تركيا: التحديات التي بقيت على ماهيتها ). معهد دراسات الأمن القومي نشرة 919.

جليا لندرشتراوس. (كانون أول, 2016). تركيا اخري نيسيون ههفيخا هكوشيل ( تركيا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة ). معهد دراسات الأمن القومي- تقدير استراتيجي 2016-2017.

جيا اور، و ايلانيت شرف. (2 آب, 2017). تركيا زكوكا لرفورميوت كلكليوت كدي لهشيب ات امون همشكيعيم ( تركيا بحاجة الى اصلاحات اقتصادية من اجل اعادة ثقة المستثمرين ). تم الاسترداد من جلوبس: https://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001199521

جيا باخور. (9 أيار, 2017). لو هيينو تسريخم لهتبييس عم تركيا ( لم نكن بحاجة للمصالحة مع تركيا ). تم الاسترداد من روتر: http://rotter.net/forum/politics/23873.shtml

حاي ايتان. (19 كانون ثاني, 2017). اسلاميت يوتير، ريكوزيت يوتير، اردوغان معتسيب ات تركيا بدموتو ( اسلامية اكثر، مركزية اكثر، اردوغان يشكل تركيا وفق رؤيته ). ميدا .

حزكي جولدمان. (نيسان, 2017). بديرخ لمشئال عام، لئان موبيل اردوغان ات تركيا ( في الطريق الى استفتاء عان، الى اين يقود اردوغان تركيا ). تم الاسترداد من jdn: http://www.jdn.co.il/news/world_news/793524

حملة التنسيق لمحاربة اللاسامية. (2015). هانتيشيميوت بشنات 2014 ( اللاسامية في العام 2014 ). القدس: وزارة القدس.

دان سيجل. (19 تموز, 2016). بوست بوتش بتركيا ( آخر انقلاب في تركيا ). منتدى الفكر الإقليمي.

داني اورباخ. (17 تموز, 2016). مدوع نخشلا ههفيخا بتركيا ( لماذا فشل الانقلاب في تركيا ). ميدا.

درور زئيفي. (3 كانون ثاني, 2017). هترور بتركيا: موريه نبوخيم ( الارهاب في تركيا: معلم محتار ). منتدى الفكر الإقليمي.

دويجو اتلاس. (5 كانون ثاني, 2017). ملحمتو شل اردوغان نيجد همفلجا هكورديت ( حرب اردوغان ضد الحزب الكردي ). مركز موشيه ديان للأبحاث نشرة رقم 1.

سارة فينبريج، و فيكتور ايخنار. (2 تموز, 2017). تفيسات هملخما هخدشا بمبخان، تسابا روسيا بسوريا ( نظرية الحرب الجديدة تحت الاختبار، الجيش الروسي في سوريا ). معهد دراسات الأمن القومي الإصدار 20.

سيما شاين، و وجاليا لندرشتراوس. (24 ايلول, 2017). هتكربوت بيحسي ايران تركيا- هشلخوت ازوريوت فمشمعوت ليسرائيل ( تقارب العلاقات الايرانية التركية- انعكاسات اقليمية ومغازي لاسرائيل ). معهد دراسات الأمن القومي.

شاؤول شاي. (18 تموز, 2016). تركيا بين دمقراطية لاوتوكراتيا ( تركيا بين الدمقراطية والاوتوقراطية ). تم الاسترداد من يسرائيل ديفينس: http://www.israeldefense.co.il/he/content/%D7%98%D7%95%D7%A8%D7%A7%D7%99%D7%94-%D7%91%D7%99%D7%9F-%D7%93%D7%9E%D7%95%D7%A7%D7%A8%D7%98%D7%99%D7%94-%D7%9C%D7%90%D7%95%D7%98%D7%95%D7%A7%D7%A8%D7%98%D7%99%D7%94

عاموس يدلين. (كانون ثاني, 2015). هعيموت هتركي روسي لكحيم ليسرائيل ( المواجهة الروسية التركية، استنتاجات لاسرائيل ). معهد دراسات الأمن القومي.

عمري ايلات. (7 تشرين ثاني, 2016). اليتا فمعماد بيناييم بتركيا فيسرائيل: مبات مشفيه ( النخبة والطبقة الوسطى في تركيا واسرائيل: نظرة مقارنة ). منتدى التفكير الاقليمي.

عمونائيل نابون. (18 كانون أول, 2017). بعيات هنفط شل يسرائيل نهفخا لنيخس ( مشكلة النفط الاسرائيلي تحولت الى ثروة ). مركز القدس للدراسات الاستراتيجية .

عميت كوتلر، و اتيلا شومفلبي. (31 تموز, 2014). سيكر: 84% مهيسرائيليم محريميم ات تركيا ( استطلاع: 84% من الاسرائيليين يقاطعون تركيا ). تم الاسترداد من يديعوت احرونوت: http://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4552716,00.html

عميرام بركات. (22 ايلول, 2017). هإم كييام سيكوي شاردوغان يفسيك ات هزرمات هنفط ليسرائيل ( هل هناك احتمالية ان يوقف اردوغان وصول النفط لاسرائيل ). تم الاسترداد من جلوبس: http://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1000684773

عوفرا بانجو. (9 تشرين ثاني, 2017). هام تميخات يسرائيل بكورديستان، هوعيلا او هزيكا لكورديم ( هل دعم اسرائيل لاستقلال كردستان، افادات ام اضرت بالاكراد ). مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية.

عومري ايلات. (29 نيسان, 2017). هرفتكا موزرا بيم هتيخون، فنتازيت تسينور هجاز شل يسرائيل ( مغامرة غريبة في البحر المتوسط، خيال انبوب غاز حكومة اسرائيل ). منتدى الفكر  الإقليمي. تم الاسترداد من منتدى الفكر الإقليمي.

عيرن ليرمان. (تموز, 2016). هبيوس بين تركيل ليسرائيل، سيكوم بيناييم ( المصالحة بين تركيا واسرائيل، تقييم ). مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية.

فردلندر, ح. (2017, كانون ثاني 11). همومحيه مناتيح: مبات هانتراسيم شل تركيا ( المختص يشرح: خارطة مصالح تركيا ). Retrieved from كول هزمان: http://www.kolhazman.co.il/177608

كرميت بار. (24 أيار, 2011). مخوني خشيبا فهشفعتم عل مدينيوت ( مراكز الفكر وتأثيرهم على السياسات ). المعهد الإسرائيلي للدمقراطية.

مركز القدس لقضايا الجمهور والدولة. (2017). اودوت همركاز ( تعريف بالمركز ). مركز القدس لقضايا الجمهور والدولة.

مركز بيجن سادات للدراسات. (2017). اودوت همركاز ( تعريف بالمركز ). مركز بيجن سادات للدراسات.

مركز دانيال ابراهمز للحوار الاستراتيجي. (2018). اودوت همركاز ( تعريف بالمركز ). مركز دانيال ابراهمز للحوار الاستراتيجي.

مركز موشيه ديان للدراسات . (2017). اودوت همركاز ( تعريف بالمركز ). مركز موشيه ديان للدراسات .

معهد السياسات الاستراتيجية. (2017). اودوت همركاز ( تعريف بالمركز ). معهد السياسات الاستراتيجية.

مكتب التجارة في تل ابيب. (25 نيسان, 2017). هيوم همشلاحت هتوركيت هجيعا لبوروم عسكي بيسرائيل ( اليوم البعثة التركية وصلت لمؤتمر تجاري في اسرائيل ). تم الاسترداد من مكتب التجارة في تل ابيب: https://www.chamber.org.il/calendar/1379/76219/

موشي شترنبوخ. (4 كانون اول, 2015). مسيخ ببيتخ ( المسيح على الابواب ). تم الاسترداد من بساد: http://v871.com/news-FF549.php

موليد. (2017). اودوت همركاز ( تعريف بالمركز ). مركز تجديد الدمقراطية.

نتالي ابناري. (2 آب, 2017). تسينور جاز لتركيا، هام يسرائيل يورا لعتسما بريجل ( انبوب غاز لتركيا، هل اسرائيل تطلق النار على قدميها ). تم الاسترداد من توتسيرت همزراح هتيخون: https://natiavneri.wordpress.com/2017/08/03/%D7%A6%D7%99%D7%A0%D7%95%D7%A8-%D7%92%D7%96-%D7%9C%D7%98%D7%95%D7%A8%D7%A7%D7%99%D7%94-%D7%94%D7%90%D7%9D-%D7%99%D7%A9%D7%A8%D7%90%D7%9C-%D7%99%D7%95%D7%A8%D7%94-%D7%9C%D7%A2%D7%A6%D7%9E%D7%94-%D7%91/

نمرود جورن. (11 آب, 2017). ات يحسي يسرائيل تركيا تسريخ لنهيل بتبونا فلو بهتلهبوت ( علاقات اسرائيل وتركيا يجب أن تدار بتفهم وليس بتهور ). تم الاسترداد من معاريف: http://www.maariv.co.il/journalists/opinions/Article-595127

هرائيل حوراب، و وسميدر شاؤول. (10 تشرين ثاني, 2017). هسيح برشتوت حبرتيوت بمزراح هتيخون ( مواقع التواصل الاجتماعي على شبكات التواصل الاجتماعي ). مركز موشيه ديان للدراسات.

وزارة الاقتصاد. (14 آب, 2014). كشري مسحار تركيا يسرائيل بسي ( علاقات التجارة التركية الاسرائيلية في اوجها ). تم الاسترداد من وزارة الاقتصاد.

ياعنكي فاربر. (7 كانون أول, 2017). بعكبوت ههحلتا هدراماتيت: تركيا متحمميمت ( بعد القرار التاريخي: تركيا تغلي ). تم الاسترداد من بحدري حيديم: http://www.bhol.co.il/127293/%D7%91%D7%A2%D7%A7%D7%91%D7%95%D7%AA-%D7%94%D7%94%D7%9B%D7%A8%D7%96%D7%94-%D7%94%D7%93%D7%A8%D7%9E%D7%98%D7%99%D7%AA-%D7%98%D7%95%D7%A8%D7%A7%D7%99%D7%94-%D7%9E%D7%AA%D7%97%D7%9E%D7%9E%D7%AA.html

يائير لبيد. (4 آب, 2017). يسرائيل تسريخا لهفنيم شيخسيم عم تركيا هم نخلات هعبار فلبعول بهتئم ( على اسرائيل ان تفهم ان العلاقات مع تركيا هي شيء من الماضي، وان تعمل وفق ذلك ). تم الاسترداد من معاريف: http://www.maariv.co.il/journalists/opinions/Article-594239

يعكب عميدرور. (29 تموز, 2016). اردوغان همرفيخ هجدول ( اردوغان الرابح الاكبر ). مركز بيجن السادات للدراسات لاستراتيجية.

يعكوب عميدرور. (29 تموز, 2016). اردوغان همرفيح هجدول ( اردوغان الرابح الأكبر ). مركز بيجن سادات للابحاث الاستراتيجية نشرة 351.

يوبال ازولاي. (27 حزيران , 2016). مخون هيتسو، ييتخن شهسكم هبيوس عم تركيا بوست نوساف لمسخار ( معهد الصادرات، يبدو أن اتفاق المصالحة مع تركيا يُعتبر دفعة اضافية للتبادل التجاري ). تم الاسترداد من جلوبس: http://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1001135346

يوبال بوستن، و الون ليفين. (2009). يرح هدباش هستييم ( شهر العسل انتهى ). سيكور مموكاد.

يوخاي سيلع. (24 آذار, 2016). مي روتسيه مدينا عتسمائيت كورديت بمزراح هتيخون ( من يريد دولة كردية مستقلة في الشرق الأوسط ). مجزين همزراح هتيخون. تم الاسترداد من مجلة الشرق الأوسط.

يوسف زارا. (6 أيار, 2017). هكهيلا هيهوديت هتوركيت هحوششيت مبكيشت ازرحوت بورتوجاليت ( الطائفة اليهودية المتخوفة، تطلب مواطنة برتغالية ). تم الاسترداد من ازرحوت بورتوجاليت لمجوراشيم: https://www.portuguesecitizenship.co.il/%D7%94%D7%A7%D7%94%D7%99%D7%9C%D7%94-%D7%94%D7%99%D7%94%D7%95%D7%93%D7%99%D7%AA-%D7%94%D7%98%D7%95%D7%A8%D7%A7%D7%99%D7%AA-%D7%94%D7%97%D7%95%D7%A9%D7%A9%D7%AA-%D7%9E%D7%91%D7%A7%D7%A9%D7%AA-%D7%90/

يوسي حن. (كانون أول, 2016). منيعيم فحسيميم يسرائيليم بهسجات هسكيم شلوم عم هفلستينيم ( الدوافع والموانع في بلوغ اسرائيل اتفاق سلام مع الفلسطينيين ). مركز دانيال ابراهامز للدراسات.

يوني بنمناحم. (3 كانون اول, 2015). نيجود هانترسيم شل بوتين فاردوغان ( تعارض المصالح بين بوتين واردوغان ). تم الاسترداد من ون نيوز: http://www.news1.co.il/Archive/003-D-107857-00.html

يووني بنمناحم. (13 كانون اول, 2017). سنئات اردوغان ( كراهية اردوغان ). مركز القدس لدراسات إسرائيل والجمهور.

يوئال بيتلمان. (29 آذار, 2016). هبتساديم لمشجيحيم: لو لنسوع لتركيا ( الجيش للمراقبين: لا تسافروا الى تركيا ). تم الاسترداد من حدري حريديم: http://www.bhol.co.il/99568/הבדציםלמשגיחיםלאלנסועלטורקיה.html

يوئال جوزنسكي، جابي بندودو، جيدي جرنشتاين، و اليكس مينتس. (22 كانون ثاني, 2014). مكومم شل مخوني حشيبا بتهليخ كبلات ههحلتوت بيسرائيل ( مكان المراكز البحثية في اتخاذ القرار في اسرائيل ). معهد دراسات الأمن القومي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى