تحليل منصة إكس: المواقف الإسرائيلية من سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل

محمد حسن، محمد المصري

مركز رؤية للتنمية السياسية

ملخص تنفيذي

  • ازدواجية المعايير: تتبنّى شريحة من الإسرائيليين خطابًا يعتبر أنّ أوروبا تغضّ الطرف عن سلوك دول أخرى متورطة في نزاعات دامية، بينما تشدّد إجراءاتها إزاء تل أبيب، ما يعزّز اتهام الاتحاد الأوروبي باعتماد “معايير مزدوجة” أو “تسييس” المواثيق الأخلاقية.
  • الأهمية الاقتصادية: يقرّ معظم المتابعين بأنّ الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأهم لإسرائيل، وتلويحه بالعقوبات قد يهدد قطاعات عديدة، خاصةً التكنولوجيا والبحث العلمي المموَّل أوروبيًا.
  • التعويل على الانقسام الأوروبي الداخلي: رغم التصريحات المتشددة من بعض الدول كفرنسا وإسبانيا، لا يزال هناك تباين في مواقف بقية الدول الأعضاء، كألمانيا والمجر اللتين تتحفّظان على فرض أي عقوبات شاملة ضد تل أبيب.

الموقف العام

يجتاح الشارع الإسرائيلي جدل حول دوافع الاتحاد الأوروبي من رفع نبرة الانتقاد ضد تل أبيب، مع احتمال إعادة تقييم اتفاقيات الشراكة. يرى بعض المغردين على منصة إكس أنّ المسألة إنسانية في المقام الأول؛ إذ تتبنى بروكسل أيديولوجيا تدفعها إلى الدفاع عن المدنيين ومعاقبة الحكومات التي تُنتهك في ظلّها حقوق الإنسان، مثلما فعلت مع موسكو أو طهران. ويرى هؤلاء أنّ إسرائيل ليست استثناءً، بل تأتي في سياق النهج الأوروبي المعلن.

في المقابل، تبرز آراء أخرى تعتبر أنّ هذه “المعايير الإنسانية” ليست سوى واجهة تخفي تسييسًا موجهًا ضد إسرائيل؛ مع تأكيدهم على أنّ الاتحاد الأوروبي يستخدم خطاب حقوق الإنسان بصورة انتقائية تكشف ازدواجية حقيقية في المعايير.

تُوصف التحركات الأوروبية لدى شريحة إسرائيلية واسعة بـ”التدخل السافر” في شؤون دولة ذات سيادة. ويستند هذا الموقف إلى أنّ إسرائيل تواجه تحدّيات أمنية مركّبة لا تراعيها بروكسل عند تقييم الأوضاع، بل تفرض ما تراه “قيميًا” بمعزل عن الواقع. ويستشهد هؤلاء بملفات داخل دول أوروبية، تحديدًا في شرق أوروبا، حيث تُنتهك حقوق أقليات عرقية، من دون أن يدفع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات حازمة مشابهة لتلك الملوّح بها ضد إسرائيل. ولا يغيب عن هذا الخطاب ربط الموقف الأوروبي بخلفيات محتملة من العداء لليهود في بعض الدول الأوروبية، أو التخوف من أن تكون هذه المواقف امتدادًا لصورة نمطية قديمة، وإن ظهرت اليوم في سياق “الحرية وحقوق الإنسان.”

كما يتم الاستشهاد بالمواقف التي تتبناها جماعات ضغط داخل دول أوروبية معروف عنها التأييد التاريخي للقضية الفلسطينية، وهو ما يُنظر إليه من منظور الشك تجاه نوايا الاتحاد ككل. وقد يصل الأمر ببعض الإسرائيليين إلى القول إنّ جزءًا من الرأي العام الأوروبي – المساند لحقوق الشعب الفلسطيني – يستغل مؤسسات الاتحاد لابتزاز إسرائيل سياسيًا.

التأثيرات الاقتصادية والدبلوماسية

يرى مغردون أن التلويح الأوروبي بالعقوبات لا يتوقف عند جانب رمزي أو خطابي، بل قد يشكل تهديدا لقطاعات حيوية في الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يعتبر الاتحاد الأوروبي سوق الاستيراد والتصدير الأضخم لإسرائيل، وأن احداث أي خلل في هذه العلاقة قد ينعكس على أسعار المنتجات في الداخل الإسرائيلي. مع التأكيد على  أنّ مساس العقوبات بالبحث العلمي أو التعاون التكنولوجي قد تصيب لبّ الابتكار الإسرائيلي الذي يُموَّل جزء كبير منه عبر قنوات أوروبية.

في المقابل، يحاول بعض الإسرائيليين الداعين للتصعيد التقليل من شأن الخسائر المحتملة، مستشهدين بتجارب دول أخرى وسّعت علاقاتها مع آسيا وأمريكا اللاتينية. لكن يلفت بعض المغردين إلى أنّ حجم السوق الأوروبية والاتفاقيات الموقَّعة بين الجانبين تجعل من الصعب إيجاد بديل متكافئ في المدى المنظور.

انقسامات أوروبية داخلية

من النقاط التي يراهن عليها شريحة من المغردين هي واقعُ الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي نفسه: إذ تتبنى دول كفرنسا وإسبانيا سياسة نقدية حادّة تجاه تل أبيب، فيما تتحفّظ ألمانيا أو المجر عن السير في خط فرض عقوبات على اسرائيل مما يشكل فرصة لتفادي جبهة أوروبية موحَّدة، عبر تعزيز العلاقات مع الدول التي ترفض المساس باتفاقيات الشراكة.

مع ذلك، يدعو مغردون من عدم الاستهانة  من امكانية تفاقم الضغط الشعبي داخل بعض العواصم الأوروبية مع أي تصعيد جديد في غزة. حيث لن تستطيع في تلك الحالة بعض الحكومات الاستمرار في مواقفها المعتدلة تجاه اسرائيل، ما قد يفسح المجال لقرارات أكثر صرامة من بروكسل ولو على مستوى جزئي مثل تقنين بعض دعوات مقاطعة منتجات المستوطنات او فرض قيود مشددة على اتفاقيات اقتصادية.

خاتمة

تذهب بعض التوقّعات إلى أنّ الاتحاد الأوروبي قد يُصعّد خطواته إذا تكرّر التصعيد العسكري أو استمر تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة. وقد يشمل هذا الضغط الجزئي تعطيل بنود من اتفاقيات التعاون أو فرض قيود اقتصادية إضافية، ومن الصحيح أنّ اتخاذ قرار على مستوى الاتحاد ككلّ يتطلّب إجماعًا، لكن دولًا مثل فرنسا وإسبانيا وأيرلندا قد تدفع تجاه مواقف أكثر حدة.

في المقابل، يُجمع آخرون على أنّ بروكسل أبدت دائمًا حرصًا على الموازنة بين انتقاداتها الأخلاقية ومصالحها السياسية والاقتصادية مع إسرائيل؛ إذ لم يسبق لها الوصول إلى “كسر” العلاقة تمامًا. وغالبًا ما ينتهي الأمر بحلول وسط تتيح الحفاظ على الشراكة القائمة، مقابل التزام إسرائيلي ببعض الخطوات التخفيفية، كفتح معابر غزة جزئيًا أو السماح بمرور المساعدات الإنسانية—مع تقديم الاتحاد الأوروبي انتقادات لفظية غير مصحوبة بإجراءات عقابية شاملة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى