المشهد السياسي الإسرائيلي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
![](https://vision-pd.org/wp-content/uploads/2025/02/المشهد-الإسرائيلي-بعد-الحرب-موقع-.png)
ساهر غزاوي
مقدمة
تزامن توقيع الاتفاق مع استقالة بعض الوزراء، وتهديدات آخرين داخل الحكومة الإسرائيلية بالاستقالة، مما أثار تساؤلات حول توجهات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بتوقيع هذا الاتفاق، وتأثير الاتفاق على استقرار حكومته. وجاءت الموافقة على الاتفاق نتيجة لضغوط أميركية من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ودعم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي رأت ضرورة وجود مسار سياسي، إلى جانب ضغوط أهالي المحتجزين الإسرائيليين وتأييد الرأي العام، حيث أظهر استطلاع أن 73% من الإسرائيليين يؤيدون قرار وقف القتال. كما ساهم فشل العمليات العسكرية في تحقيق أهداف الحرب المعلنة، إلى دفع الحكومة لاتخاذ القرار.
يتناول التقرير الخيارات المتاحة أمام نتنياهو لضمان تمرير الاتفاق، سواء عن طريق إقناع شركائه في الحكومة، أو اللجوء إلى المعارضة، أو حتى التوجه نحو انتخابات مبكرة. كما يعرض التقرير تأثير الضغوط الداخلية والخارجية على قرارات نتنياهو، ومستقبل الائتلاف الحاكم في إسرائيل. كما يناقش التقرير مدى قدرة اليمين الحاكم في إسرائيل على الحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي تم بوساطة قطرية-مصرية-أميركية في 19 كانون الثاني/ يناير 2025، بعد 471 يومًا من الحرب. يتضمن الاتفاق تبادلًا للأسرى، وانسحابًا تدريجيًا للجيش الإسرائيلي، وعودة المهجرين الفلسطينيين، وتقديم مساعدات إنسانية لهم.
مكونات حكومة اليمين الإسرائيلي قبل استقالة بن غفير
منذ عام 2019، تعيش إسرائيل أزمة سياسية مستمرة أدت إلى إجراء خمس جولات انتخابية، كان آخرها في 1 نوفمبر 2022. هذه الانتخابات الخمس في أربع سنوات تعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي وأزمة حكم عميقة. وفي هذه الفترة، واجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تهمًا بالفساد بعد أن قرر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية في نوفمبر 2019 تقديمه للمحاكمة بتهم تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
تفاقمت الأزمة مع اندلاع احتجاجات واسعة في مارس 2023 ضد خطة الحكومة الإسرائيلية لتقييد القضاء، مما عمق الاستقطاب السياسي في المجتمع الإسرائيلي وأثار مخاوف من تغليب المصالح الشخصية على مصلحة الدولة. هذا الوضع شكل تهديدًا خطيرًا لهيكل المجتمع الإسرائيلي وزاد من التصدع الداخلي. وفي الوقت نفسه، انفجرت فضيحة جديدة تتعلق بابتزاز مقربين من نتنياهو لضابط رفيع في الجيش للحصول على وثائق سرية منسوبة لحركة حماس، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي والأمني، وزاد من التوتر بين الحكومة والمعارضة.
ظلت الأزمة السياسية لدى الاحتلال قائمة حتى 7 أكتوبر 2023، التي جاءت في وقت كانت فيه حكومة نتنياهو تواجه تحديات كبيرة على خلفية خطط تعديل القضاء وإقالة وزير الأمن يوآف غالانت. ومع اندلاع الحرب، توارت الأزمة في ظل الاصطفاف المجتمعي تجاه “العدو الخارجي” وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي انضم إليها بني غانتس وغادي آيزنكوت من حزب “همحنيه همملختي”، ولكن عوامل الأزمة السياسية ظلت قائمة ومؤثرة في المشهد السياسي، خاصة مع استقالة غانتس وآيزنكوت وإقالة غلانت وأزمة قانون تجنيد الحريديم. ومع التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة عادت هذه الأزمة لتطفو على السطح مجددًا، كاشفة عن مزيد من الانقسامات والتحديات التي تواجه الحكومة والمجتمع الإسرائيليين.
شُكلت الحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثين بقيادة بنيامين نتنياهو وحزب الليكود، بالتحالف مع أحزاب يمينية أخرى للحصول على 64 مقعدًا من أصل 120 في الكنيست بعد انتخابات تشرين ثاني\ نوفمبر 2022. ومع انضمام حزب “الأمل الجديد” بقيادة غدعون ساعر في أيلول\ سبتمبر 2024، ارتفع عدد مقاعد الائتلاف إلى 68 مقعدًا.
تضم حكومة اليمين الحاكم في إسرائيل مزيجًا من الأحزاب اليمينية والدينية، وحظيت بأغلبية مريحة في الكنيست، تنعكس هذه التركيبة بشكل واضح على سياسات الحكومة، خاصة في فترة الحرب التي استمرت 15 شهرًا. في المقابل، تواجه الحكومة معارضة لا تقدم بديلًا سياسيًا جوهريًا سوى بعض الطروحات المتعلقة بالقضايا الداخلية. وعلى الرغم من تراجع الدعم للحكومة بحسب استطلاعات الرأي بعد انتخابات الكنيست الأخيرة، لا يزال الائتلاف مستقرًا في ظل هيمنة الأحزاب اليمينية على الكنيست، مما يمنح الحكومة قدرة كبيرة على اتخاذ قرارات حاسمة في قضايا الأمن والسياسة الخارجية.
إلا أن عدد مقاعد الائتلاف في الكنيست تراجع لاحقًا إلى 62 مقعدًا بعد استقالة إيتمار بن غفير وحزبه “عوتسما يهوديت” احتجاجًا على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. في هذا السياق، ظهرت تصريحات من حزب الليكود نفسه، مفادها أنهم “سئموا من ألاعيب بن غفير” ويرغبون في التخلص منه في الانتخابات المقبلة، خاصة أن نتنياهو لم ينس كيف أجبره بن غفير على الحضور إلى اجتماع الحكومة على كرسي متحرك بعد خضوعه لعملية جراحية، وذلك لدعم ائتلافه في قانون الموازنة. وأكدت صحيفة معاريف أن نتنياهو قرر حينها التخلص من بن غفير سياسيًا، بل إنه يعتزم في المستقبل القريب تفكيك حزبه من الداخل. وترافق استقالة بن غفير مع تهديدات حزب “الصهيونية الدينية” بقيادة بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، إلا أن تنفيذ هذا التهديد يبقى غير مؤكد، في ظل المعطيات الحالية.
جدول (1): مكونات الحكومة الإسرائيلية 37
الحزب |
رئيس الحزب |
التوجه السياسي |
عدد المقاعد |
الليكود |
بنيامين نتنياهو |
صهيوني من اليمين الليبرالي (يمين تقليدي) |
32 |
شاس |
أرييه درعي |
يمثل الشريحة المتدينة اليهودية من أصول شرقية |
11 |
يهدوت هتوراة |
يتسحاق غولدكنوبف |
يميني ديني متشدد يدعو إلى إقامة دولة يهودية تقودها القوانين الدينية |
7 |
الصهيونية الدينية |
بتسلئيل سموتريتش |
أيديولوجية قائمة على التوراة والعنف المسلح لتحقيق آمال الصهيونية |
8 |
عوتسما يهوديت |
إيتمار بن غفير |
يصفون أنفسهم بأنهم تلاميذ لمؤسس منظمة “كاخ” اليمينية المتطرفة |
6 |
أمل جديد |
غدعون ساعر |
يصنف كحزب يمين وسط إلى اليمين الوطني الليبرالي |
4 |
المجموع |
|
|
68 (62 بعد انسحاب بن غفير) |
حكومة نتنياهو: صمود أمام التحديات أم تأجيل للأزمات؟
في هذا السياق، يُطرح تساؤل مهم: هل سيفكك اتفاق وقف إطلاق النار الحكومة الإسرائيلية؟ لكن قبل الإجابة، من الضروري الإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، يُعدّ من أبرز التحديات التي تواجه تماسك ومستقبل الائتلاف الحاكم في إسرائيل. ومع ذلك، يجب التنويه إلى أن هذا التحدي ليس التحدي الأول الذي تواجهه حكومة بنيامين نتنياهو الحالية. فقد استطاع نتنياهو الحفاظ على وحدة حكومته رغم الأزمات الكبيرة التي اعترضت طريقها. على سبيل المثال، نجح في تجاوز تداعيات إخفاق السابع من أكتوبر من خلال تشكيل حكومة طوارئ بمشاركة حزب معسكر الدولة بقيادة الجنرال المتقاعد بني غانتس، مما ساعد في استعادة شرعيته السياسية. كما تمكّن نتنياهو من تمرير قانون “التجنيد للمتدينين”، الذي كان يشكل تهديدًا لاستقرار الحكومة، مما ضمن استمرار تحالفه مع الأحزاب الدينية. ورغم انسحاب غانتس من الحكومة، استمر الائتلاف في الحفاظ على تماسكه القانوني بفضل دعم 62 عضوًا في الكنيست. بالإضافة إلى ذلك، استطاع التغلب على الاحتجاجات الشعبية المستمرة، والضغوط الداخلية المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، مستفيدًا من دعم الكتل اليمينية داخل الائتلاف.
بهذه الإستراتيجيات، نجح نتنياهو في الحفاظ على استقرار حكومته وسط الأزمات المتتالية، معتمدًا على تكتيكات سياسية مكّنته من إدارة التحديات المتصاعدة.
ومنذ بداية حرب غزة في أكتوبر 2023، سعى نتنياهو إلى إطالة أمد الحرب لتحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة، مثل تهجير الفلسطينيين، وتحويل القطاع إلى منطقة غير صالحة للحياة. وقد جاء هذا التمديد مدفوعًا بعوامل سياسية داخلية، أبرزها القلق من فقدان شعبيته وخسارة الانتخابات البرلمانية في حال توقف الحرب. عمليًا، استند نتنياهو في إستراتيجيته إلى تماسك ائتلافه الحكومي اليميني، وأغلبيته البرلمانية، وضعف المعارضة الداخلية، بالإضافة إلى التأييد الواسع للحرب داخل المجتمع الإسرائيلي، والدعم الكامل الذي قدمته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. ورغم الدعم السياسي والعسكري غير المحدود الذي قدمته الولايات المتحدة، بما في ذلك تعطيل قرارات مجلس الأمن وحماية إسرائيل من العقوبات الدولية، فإنها لم تمارس ضغطًا فعّالًا على نتنياهو لإنهاء الحرب. على العكس، كانت الولايات المتحدة متساهلة بشكل لافت مع تراجعه عن مشروع تبادل الأسرى الذي كان قد أعلن عنه في مايو 2024، مما يثير تساؤلات حول تواطئها الصريح مع استمرار حرب الإبادة في قطاع غزة.
المشهد الإسرائيلي بعد اتفاق وقف إطلاق النار
في أعقاب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يبدو المشهد السياسي الإسرائيلي في حالة من الضعف والهشاشة، فالحكومة التي يقودها نتنياهو، رغم حصولها على دعم 68 عضوًا في الكنيست من معسكر اليمين. فإنها تعتمد لاستمرارها على الابتزاز السياسي وتلاقي المصالح بين أطراف الائتلاف، مما يهدد استقرارها على المدى الطويل. ورغم انسحاب أعضاء حزب “عوتسما يهوديت” بقيادة إيتمار بن غفير من الحكومة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة فقدان الثقة بالحكومة أو محاولة إسقاطها، بل هو في الأساس محاولة لزيادة الضغوط على نتنياهو.
في المقابل، يواصل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، تهديده بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من صفقة التبادل، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي داخل الائتلاف. رغم ذلك، يبقى تنفيذ هذا التهديد غير مؤكد، فبقاء سموتريتش في الحكومة كان مشروطًا باستئناف العمليات العسكرية ضد قطاع غزة بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، وهو ما دفع نتنياهو إلى إرضائه عبر تحقيق بعض مطالبه، أبرزها تلك المتعلقة بالضفة الغربية. شملت هذه المطالب توسيع نطاق عمليات جيش الاحتلال في الضفة لتشمل أهدافًا في سياق الحرب الحالية، وشن عملية عسكرية تحت اسم “الأسوار الحديدية” على جنين، وزيادة عدد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية بواقع 6 كتائب جديدة، بالإضافة إلى زيادة الضغط على الحواجز في المنطقة.
وأمام إصرار سموتريتش على شرطين أساسيين: “تدمير حماس” و”عودة جميع المختطفين”، بالإضافة إلى موقف وزير الأمن القومي بن غفير الذي دعا سموتريتش إلى الاستقالة من الحكومة إذا تمت الموافقة على الصفقة، فإن الائتلاف الحاكم يبدو أنه سيواجه تحديًا جديًا.
مع ذلك، وافق حزب “الصهيونية الدينية” على تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق وإطلاق سراح الرهائن، شريطة أن يضمن رئيس الوزراء نتنياهو عودة الجيش الإسرائيلي في نهاية المطاف للقتال في قطاع غزة. في هذه الأثناء، يسعى نتنياهو إلى التقليل من أهمية المعارضة داخل حكومته حتى الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة.
كما يواجه نتنياهو صعوبة في الوفاء بالوعود التي قدمها لشركائه في الائتلاف الحكومي، مثل استئناف القتال في غزة، مما يزيد من التوترات الداخلية. في هذا السياق، عرض زعيم المعارضة يائير لبيد تقديم “شبكة أمان” للحكومة حتى إتمام صفقة تبادل الأسرى وإعادة الإسرائيليين المختطفين وجثث القتلى. ورغم هذه العروض من أحزاب المعارضة، فإن نتنياهو لا يثق فيها، مع اعتقاد بعض القراءات الإسرائيلية أن أي استقرار في حكومته سيكون مؤقتًا. في محاولة للحفاظ على تماسك الائتلاف، يسعى نتنياهو للضغط على حزبي “عوتسما يهوديت” و”الصهيونية الدينية” لإحداث انشقاقات داخلها أو العودة للحرب في قطاع غزة.
بيد أن نتنياهو يسعى جاهدًا لتجنب السيناريو الأصعب، وهو حل الحكومة والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، ما قد يزيد من تعقيد وضعه في ظل محاكمته بتهم فساد وخيانة الأمانة. كما يواجه الائتلاف الحكومي تحديات قانونية جسيمة، مثل قانون التجنيد الذي يلقى معارضة قوية، تحديدًا من الأحزاب الدينية واليمين المتطرف. علاوة على ذلك، فإن مطالب تشكيل لجنة تحقيق في كارثة 7 أكتوبر، تساهم في زيادة التوترات السياسية، في وقت تماطل فيه الحكومة في تشكيل لجنة مستقلة، وتدفع نحو لجنة تحقيق حكومية، ما تراه المعارضة هروبًا من المسؤولية.
وبينما كانت الفكرة السائدة داخل الائتلاف أن أغلبية 68 عضوًا في الكنيست تضمن استقرارًا سياسيًا حتى انتخابات أكتوبر 2026، فإن الاتفاق على إطلاق سراح الأسرى وقانون التجنيد يعدان من العوامل الحاسمة التي قد تحدد مصير الائتلاف. من جهة أخرى، يعاني قانون التجنيد من تعثر كبير، حيث فشل وزير الأمن، إسرائيل كاتس، في التقدم به بسبب المعارضة الشديدة من الحريديم. كما تماطل الحكومة في التعامل مع قضية لجنة التحقيق في كارثة 7 أكتوبر. وفي هذا السياق، أكدت وزيرة العدل السابقة آيليت شاكيد في محادثاتها مع مسؤولين سياسيين أن النظام السياسي يسير نحو الانتخابات، مشيرة إلى أن “قانون الإعفاء من التجنيد لا يمكن أن يمر”. وأضافت أن “الواقع بعد 7 أكتوبر تغير، والجيش بحاجة إلى جنود”، داعية القيادة السياسية إلى تحمل المسؤولية والإعلان عن الانتخابات.
قراءة تحليلية في المشهد السياسي لحكومة نتنياهو
في ظل التطورات السياسية الأخيرة في إسرائيل، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته تحديات كبيرة قد تؤثر بشكل مباشر على استقرار الائتلاف الحاكم. والسؤال الأهم هو: هل يعكس صمود الائتلاف حتى الآن قدرة حقيقية على تجاوز الأزمات، أم أنه مجرد تأجيل للمشاكل في ظل ظروف معقدة؟ ورغم الاستقرار النسبي الذي تتمتع به الحكومة حاليًا، فإن الضغوط الداخلية والخارجية قد تؤدي في النهاية إلى تفكك الائتلاف، مما يهدد استمراريتها في مواجهة الأزمات المستقبلية.
نلخص التحديات التي تعصف بقدرة اليمين الحاكم في إسرائيل على الحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي في النقاط التالية:
- المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق حول كارثة 7 أكتوبر 2023: تزايد المطالبات بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بشأن الكارثة التي وقعت في ذلك اليوم، وهو ما يرفضه نتنياهو بشدة. هذه المسألة تشكل أحد المصادر الرئيسة للاحتقان داخل الحكومة، إذ يراها المعارضون خطوة ضرورية لتحقيق العدالة، بينما يرى نتنياهو أنها قد تضر بمصداقية حكومته.
- استقالة وزراء وتهديدات بالانسحاب بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار: انسحاب بعض الوزراء، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وتهديدات آخرين داخل الائتلاف بالانسحاب بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، قد يؤدي إلى تفكك الحكومة. هذه الاستقالات أو التهديدات تشكل عاملًا آخر يؤثر على تماسك الائتلاف الحكومي، ويزيد من حالة الارتباك السياسي داخل إسرائيل.
- زيادة الضغوط من الأحزاب الدينية واليمين المتطرف: الحكومة تواجه ضغوطًا متزايدة من الأحزاب الدينية واليمين المتطرف، التي تشكل جزءًا كبيرًا من الائتلاف الحاكم. هذه الأحزاب تُصر على مواقف متشددة في قضايا سياسية ودينية، ما يزيد من التوترات السياسية داخل الحكومة. مما يزيد من صعوبة التوصل إلى توافق داخل الائتلاف.
- الضغط الأميركي والمحاكم والهيئات الدولية: رغم الدعم الأميركي الكبير، إلا أن هذا الدعم يصاحبه ضغط متزايد على حكومة نتنياهو لإنهاء الأزمة في المنطقة. إضافة إلى ذلك، تتواصل الضغوط من المحاكم والهيئات الدولية، رغم أنها قد لا تكون العامل الرئيس في هذا السياق، لكنها تساهم في تعقيد الوضع السياسي.
- تحولات في المزاج الشعبي: ينعكس تزايد تأييد الرأي العام لوقف القتال في غزة على تحول واضح في المزاج الشعبي. هذا التحول يعكس مشاعر الإحباط والقلق لدى شريحة واسعة من المواطنين تجاه استمرار الصراع، مما يضغط على الحكومة لإيجاد حلول سريعة ومستدامة. هذه التحولات قد تؤثر على شعبية الحكومة وتزيد من حدة التوترات داخل الائتلاف.
رغم هذه التحديات، يرى العديد من أعضاء الحكومة أن لديهم فرصة نادرة لتنفيذ مشاريع إستراتيجية مهمة، مثل مشروع الضم، والتوسع الاستيطاني، والتعديلات القضائية، بالإضافة إلى إعادة هيكلة مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش. هذه المشاريع قد تشكل دافعًا قويًا لبقاء الحكومة وصمودها في مواجهة الأزمات.
الخاتمة
تواجه حكومة نتنياهو تحديات كبيرة تهدد استقرار الائتلاف الحاكم، حيث يمكن أن تؤدي الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي، مما يزيد من احتمالية الدعوة إلى انتخابات مبكرة. إلى جانب ذلك، تتفاقم قضايا معقدة مثل اتفاق تبادل الأسرى وقانون التجنيد، مما يضع الحكومة أمام مفترق طرق حاسم قد يؤثر على مسارها في المستقبل القريب.
ورغم هذه الصعوبات المتعددة، نجحت الحكومة في الحفاظ على تماسكها خلال فترات حرجة، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان هذا الصمود يعكس إستراتيجية فعّالة لتجاوز الأزمات أو مجرد تأجيل للمشاكل. وعلى الرغم من استمرار نتنياهو في محاولاته للبقاء في السلطة، يبقى مستقبل الحكومة مهددًا في ظل تزايد الاحتجاجات والضغوط الدولية.
من جانب آخر، يعزز ضعف المعارضة من فرص بقاء الحكومة. فالمعارضة، التي تفتقر إلى بدائل حقيقية لحل الصراع مع الفلسطينيين، تستمر في التناغم مع بعض سياسات الحكومة رغم اختلاف الأولويات. فضعف المعارضة وعدم قدرتها على تقديم خطة شاملة يعزز استقرار الحكومة.