المشهد “الإسرائيلي”مايو/آيار 2024

تنزيل التقرير

تواصل الساحة “الإسرائيلية” انشغالها في ورطة الحرب على غزة، وما أسفر عنها من تبعات سياسية واقتصادية وأمنية، مما جعلها تتصدر الأخبار اليومية والعناوين الرئيسية لوكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية على مدار الساعة، وقد حازت ذات الجوانب في هذا الشهر على مزيد من الاهتمام في المتابعة والتحليل، في ضوء تبادل الاتهامات بين الساسة والعسكر من جهة، وبين الساسة من داخل الائتلاف نفسه من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة بين التحالف والمعارضة.

  • الاعترافات بالفشل “الإسرائيلي”:

مع دخول العدوان على غزة شهره الثامن، تتوالى سلسلة الاعترافات التي يقدمها نخبة الساسة والعسكريين “الإسرائيليين” حول ما يعتبرونه فشلًا ذريعًا في غزة، حيث تظهر آثاره في تخبط قوات الاحتلال، وغرقهم فيما يسمونه “المستنقع الغزاوي”، في ظل ما يواجهونه من مقاومة شرسة، وعمليات بطولية تنفذها المقاومة في أحياء جباليا والزيتون ورفح.

تكشف هذه الاعترافات أنّ الاحتلال بعد هذه الشهور الثمانية لا يزال يعضّ أصابعه ندماً على إخفاقه أمام هجوم السابع من أكتوبر، مع سيطرة أجواء الإحباط على صفوف قياداته العسكرية العليا، التي لم تكن مستعدة بشكل مناسب للتصدي لهجوم حركة حماس، ولم تسعَ للسيطرة بشكل يؤثر على أبعاده، مما جعل الاحتلال أمام فشل عملياتي ومهني، والغريب أنّ ذات القيادة الفاشلة هي التي تستمر في قيادة الجنود إلى المعركة في قلب غزة.

على الرغم من أنّ هجوم السابع من أكتوبر كشف فشلًا ذريعًا على المستوى الاستراتيجي والعسكري والتكتيكي، وغيرها من المستويات، ورغم ما كتبه الكثيرون عنه، إلّا أنه ما زالت له وجوه عديدة لم يُكتب عنها، ولم تُحَلَّل بتفصيل كاف، أهمها فشل القيادة التكتيكية العليا آنذاك في مستوطنات الغلاف، والتي تركت بصماتها على الإخفاقات على المستويين المفاهيمي والاستراتيجي في عمليات القتال في قلب غزة، وبدلاً من التحقيق في ذلك الإخفاق، واستخلاص الدروس والعبر منه، انتهى الأمر، وأُجِلَت الاستنتاجات “حتى نهاية الحرب”، وقد مرّ قرابة ثمانية أشهر منذ ذلك الحين، وأغلب القادة الذين فشلوا ما زالوا يخدمون في مواقعهم، ويواصلون إرسال المقاتلين إلى النار، ليس هذا فحسب، بل تم خلق أسطورة مفادها أنّ الجيش بشكل عام يشهد انتعاشًا، حيث “استيقظت” القوات والقيادة، بزعم أنهما يعملان لتحقيق النصر على كافة المستويات، لكن الأمر ليس كذلك، لأنّ أداء وإنجازات المستوى العملياتي في القيادة الجنوبية ليست مرضية، وليست فعّالة بما فيه الكفاية، لأنهم يُهدرون القوة البشرية والذخيرة، ولا يواكبون وتيرة التغيير والتحدي الذي خلقه العدو، وهي حماس، وفقًا للاعترافات “الإسرائيلية”.

يمكن اعتبار هذه السطور لائحة اتهام ضد قيادة جيش الاحتلال التي فشلت في صدّ هجوم السابع من أكتوبر، وأخفقت في مواجهة المقاومين في ميادين غزة، وفي ذات الوقت يمكن قراءتها على أنها دعوة للقوات النظامية والاحتياطية بجيش الاحتلال، ممن يخاطرون بحياتهم دون أيّة فائدة في الأفق، أن يخرجوا بصوت عالٍ ضد قيادتهم، لأنّ عشرات آلاف الجنود في غزة يقودهم قادة فشلوا مهنياً وعملياً، والنتيجة هي عدم نهوض الجيش من انهياره، والتورط أكثر وأكثر في مستنقع غزة، لإرضاء جشع وغرور قيادة سياسية ليست أقل فشلاً.

رغم التوافق “الإسرائيلي الداخلي على خوض حرب غزة، بزعم أنها “حرب الاستقلال الثانية”، إلّا أنّ التوافق ذاته يصل إلى حدّ توصيف أسلوب القتال الحالي بأنه غير مناسب البتّة، فمنذ بداية الحرب على غزة كان هناك تحديث يومي لعدد المقاومين الذين قتلهم جيش الاحتلال، والأنفاق التي دمّرها، وحجم الضرر الذي لحق بالبنية التحتية لحماس، ورغم ذلك فإن هذه الأرقام لم تُعَبِّد الطريق نحو ما يدعيه الاحتلال بشأن “النصر المطلق”، مع العلم أنّ انخفاض حدّة القتال في غزة لا تعني أنّ جيش الاحتلال في طريقه لتحقيق أهدافه، والأرقام التي يعلنها ليست الطريق الصحيح لتحقيق أسطوانة “النصر الكامل”، لأنه في اللغة العسكرية يُطلق على هذه الطريقة اسم “إحصاء الجثث”، وهي المرحلة التي يكون فيها عدد القتلى لدى العدو أكبر من قدرته على تجنيد وتدريب أفراد جدد.

لا زلنا نذكر أنّ أهداف حرب “السيوف الحديدية”، كما قدمها المستوى السياسي للجيش، تتمثل في القضاء على البنية التحتية العسكرية لحماس، والإطاحة بحكمها في غزة، ولا يعرف “الإسرائيليون” حقاً عدد نشطاء حماس الموجودين في غزة من المقاتلين وأنصارهم، وباستثناء عدد قليل من القوات المسلحة، فإن معظم المقاومين لا يرتدون الزي الرسمي، وهذه النقطة تزيد من صعوبة تحديد حجم القوة البشرية لحماس، وضمنياً يصعب عليها أن تحدد نقطة الانهيار التي قد تكون وصلتها، كما أن هناك تخوف “إسرائيلي” من أنّ انسحاب جيش الاحتلال من أيّة منطقة في غزة يترك وراءه فراغاً عسكرياُ يملؤه على الفور عناصر حماس.

  • اقتصاد متدهور:

لا تتوقف الخسائر “الإسرائيلية” عن التصاعد مع استمرار الحرب على غزة؛ فالخزانة المالية تضغط من أجل رفع الضرائب، والسياسيون يخشون الانخراط في ذلك، ومن المتوقع أن ترتفع ضريبة القيمة المضافة وضريبة الوقود عقب فرض ضريبة لمرة واحدة على البنوك، على أن تُمول الزيادات حوالي 18 مليار شيكل من نفقات الحرب، وتصل لمئات المليارات، رغم أنّ بعض الخبراء “الإسرائيليين” غير متحمسين لزيادة الضرائب، ويقترحون بدائل مثل زيادة العجز، تأخير المشاريع، وفرض ضرائب كبيرة، أو تغيير السياسة الكلية تجاه غزة.

لعل أحد أسباب الأزمة المالية يتعلق بأنّ التكلفة الفلكية للحرب على غزة ليست معروفة بدقة، لأنّ الحرب لم تنته بعد، وقد تتفاقم في المستقبل، فبعد أن نشرت وزارة المالية وبنك “إسرائيل” في ديسمبر تقديرات بأنّ التكلفة ستصل إلى 200 مليار شيكل، عادا في يناير رفعا التكلفة إلى 270 مليار شيكل، ومنذ ذلك الوقت لم تُنشر تقديرات إضافية، رغم زيادة التكلفة كثيرًا، بنحو نصف مليار يوميًا، مما يعني أنّ ميزانية الأمن ستصل إلى 60 مليارًا تمت الموافقة عليها بالفعل.

يضاف إلى هذه الكلفة العالية خسائر الشركات، وإلغاء الاستثمارات، وفقدان أيام العمل، ومصاريف بعشرات المليارات ليست في الحسابات، كالعلاج طويل الأمد للمصابين المعاقين، وتعزيز نظام التعليم، وحماية عسقلان والمستوطنات الشمالية، وإذا أصرّ الاحتلال على مواصلة سيطرته على غزة فإن الإدارة المدنية للقطاع الدامي ستكلف ما لا يقل عن 150 مليار دولار إضافية، منها 17 مليار دولار ستُحَوَل من المساعدات الأميركية على شكل مساعدات عسكرية يتقاضاها الاحتلال من الولايات المتحدة مجانًا، وهناك 30 مليار دولار ستُمَوَل من خلال “تخفيضات الميزانية”، وتشمل المكاتب الحكومية، والمستوطنات، والمؤسسات التعليمية الدينية، ومخصصات الأيتام، كما تم إغلاق أو تخفيض بعض الوزارات غير الضرورية التي أُنشِأت لشركاء التحالف، وأخذ أكثر من 100 مليار دولار على شكل قروض، وفي عام 2023 جمعت الحكومة نحو 160 مليار شيكل من السندات، نصفها منذ اندلاع الحرب، وبلغ الدين الحكومي حوالي 1.127 تريليون شيكل في ديسمبر، ومنذ ذلك الحين جُمِعَت عشرات المليارات الأخرى، حيث يشكل الدَين 70% من الناتج المحلي الإجمالي “الإسرائيلي”.

مع استمرار نمو النفقات العسكرية لتمويل حرب غزة، سوف تستمر عائدات الضرائب في الانخفاض، وسيستمر الوضع السياسي والأمني ​​في التدهور، ويُتوقع أن ينخفض ​​التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال، ويرتفع سعر الفائدة على ديون الحكومة، التي ستجد صعوبة في الحصول على قروض إضافية كمصدر آخر للميزانية، وتجميد مشاريع بناء البنية التحتية، وحتى الآن، تم تجميد مشاريع تبلغ قيمتها 7.5 مليار شيكل، خاصة للنقل في الضواحي، ومحطة القطار السريع في “غوش دان”.

تكشف هذه الأرقام والإحصائيات أنّ المشكلة التي تواجه الاقتصاد “الإسرائيلي” تكمن في أنه لا أحد يعرف متى ستنتهي الحرب في غزة، وما إذا كانت ستتحول إلى حرب استنزاف طويلة، وما إذا سيكون هناك تصعيد في الحرب على الجبهة الشمالية، أو على جبهة أخرى، وبالتالي فإنه في ظل حالة عدم اليقين القائمة، فسيكون الإضرار بالنشاط الاقتصادي جزءًا من حالة الشلل العامة التي تصيب دولة الاحتلال، وإن لم يكن هناك تغيير عميق في الوضع السياسي، فإنها قد لا تكون قادرة على وقف الكارثة التي تعيشها.

في الوقت الذي يئنّ فيه الاحتلال من الأثمان البشرية المدفوعة في عدوانه المستمر على قطاع غزة، لاسيما خسائره من الجنود والمستوطنين، فإن هناك أثمانًا ليست أقل خطورة ودموية، وتتمثل بالنزيف الاقتصادي الجاري، لأنّ استمرار طلب الجيش لجنود الاحتياط، يعني مزيدًا من التكلفة المالية، حيث يؤدي فعلياً إلى نقص في العاملين في مختلف المجالات، والنتيجة أنّ الاقتصاد “الإسرائيلي” ينمو بمعدل منخفض جداً هذا العام، مع الزيادة في عدد الوظائف الشاغرة.

لتوضيح الصورة بشكل أفضل، فإن الخبراء الاقتصاديين “الإسرائيليين” يحذرون منذ اندلاع العدوان على غزة من أنّ النقص المضطرد في الأيدي العاملة يشمل قطاعات الجملة والتجزئة، كما يحذرون من تراجع خدمات الضيافة والترفيه، وخدمات التكنولوجيا الفائقة، وسائقي الشاحنات والحافلات، والكتبة، والنوادل والسقاة والطهاة، وعمال المطبخ، والمهندسين، وموظفي أجهزة الكمبيوتر، والإدارة، والآلات، ومطوري البرمجيات وفنيي الشبكات، والعاملون في البناء، والنجارون، وحراس الأمن، وكل ذلك سيلقي بظلاله  السوداء على الاقتصاد “الإسرائيلي”.

  • الصراع الحزبي:

في الوقت الذي يتحضّر فيه زعماء المعارضة “الإسرائيلية” الحاليين لإعلان خطواتهم للإطاحة بحكومة اليمين برئاسة “بنيامين نتنياهو”، فإنها تبدو مطالبة بضمّ “بيني غانتس” إلى صفوفها كمرحلة أولى، والإصرار على اعتبار عودة جميع المختطفين ووقف القتال هي مصالح مشتركة لل”إسرائيليين” والفلسطينيين، لأنّ مواصلة الحرب تخدم استمرار حكم اليمين والأجندة الدينية في قاعدتها الأيديولوجية.

تعني خطوات المعارضة “الإسرائيلية” بعد اجتماعها الأخير أنّ الخريطة السياسية ستبدو مختلفة كلما اقتربنا من الانتخابات العامة، بعد أن قدّم معسكر الدولة مقترحاً لحل “الكنيست” الخامسة والعشرين، وإلى أن يحدث ذلك، سيبقى “الإسرائيليون” عالقين في واقع سياسي قد يتغير بخروج “بيني غانتس” و”غادي آيزنكوت” من الحكومة، وبجانبه واقع عسكري يتمثل في حرب استنزاف دموية، مما يتطلب الاطاحة بالحكومة والجهاز الأمني والعسكري برمّته، والمطالبة بإجابات من المسؤولين عن ذلك الانهيار في أكتوبر، بعد الهزيمة العسكرية التي كلَّفت الاحتلال آلاف القتلى، فقد آن الأوان أن يدرك حدود القوة التي يملكها، لأنه فشل هذه المرة بالمواءمة بين القوة العسكرية والأحلام الكاذبة التي يغذيها السياسيون اليمينيون، وحتماً سيصل بطريقة مرعبة إلى حرب يوم الغفران الثانية، التي ستكون حرب الهلاك الأولى والأخيرة لدولة الاحتلال، مما دفع قادة معارضته للتفكير والتصرف خارج الصندوق، كما يقولون.

ترى المعارضة أنّ أهم خطوة يجب القيام بها هي عودة “غانتس وآيزنكوت” إلى صفوفها، مصحوبة بإمكانية إجراء صراع أكثر تركيزًا من النشاط الحالي، وهو ضرب الرأس بالحائط، والقتال في الشوارع مع رجال الشرطة، وإنشاء وتشغيل حكومة ظل تتألف من ممثلي المعارضة، مع العلم أنّ حكومة الظل هي أداة فائقة الفعالية في محاولة وقف الحرب الحالية لصالح استعداد عسكري وأمني وسياسي أكثر فعالية لمواجهة حرب قادمة في جبهة أخرى، فالحرب الحالية تدار وقد وضع “الإسرائيليون” أنفسهم في موقف “غبي” يسمح للحكومة بشنّها بدون هدف معلن، بل إنّ هدفها الخفي والحقيقي هو أرض “إسرائيل” الدينية، وإنقاذ “نتنياهو” من أحكامه القضائية، وبالنسبة له، كل يوم إضافي في مكتب رئيس الحكومة يبعده عن السجن.

من الواضح أنّ الائتلاف الحالي غير قادر على تقديم رد فوري ومتماسك في أية قضية أو مسألة، ويختزل كل حدث في شعار متذمر أو عدائي، ويواصل “غزواته” اليمينية المخطئة من حين لآخر، مما يدفع المعارضة على مستوى الصراع “الإسرائيلي” الداخلي للدخول في المواجهة وجهاً لوجه، على أن يكون من الواضح تماماً مَن “الرأس هنا، ومَن الذيل”.

يبدو أنّ قادة المعارضة “يائير لابيد وبيني غانتس ويائير غولان وأفيغدور ليبرمان” مطالبون بتفعيل نشاطهم في الفترة التي تسبق الانتخابات، من أجل الحدّ من تدفق “الإسرائيليين” إلى المعسكر اليميني، لأنهم يفهمون أنه لا جدوى من الدخول في معارك زائفة حول تشكيل حكومة ثلاثية الأبعاد، مما يستدعي منهم الاتفاق بينهم على كيفية إعداد رأس حكومي متفق عليه، مما يتطلب منهم القدرة على تقديم التنازلات لبعضهم البعض.

تشير هذه التطورات إلى أنّ الشركاء “الإسرائيليين” في المعارضة جزء من عملية البحث الحقيقي عن البديل المناسب ضد الجناح اليميني العنصري، رغم أنّ بعض رموزها عليهم مسؤولية فيما آلت إليه الظروف الحالية، لأنهم تعاونوا وعَززوا خلال مسيرتهم الطويلة لعقود من الزمن سياسة مجنونة هدفها استمرار الاحتلال “الإسرائيلي” للأراضي الفلسطينية حتى إشعار آخر، لكن انطلاق المعارضة من جديد سيطلق شرخاً في الصراع الدائرة بين “الإسرائيليين”، مما سيزيد من الفجوة واتساعها، حتى أثناء القتال الدائر في غزة، مع العلم أنّ الشعار الذي لا زال يرفعه رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” بتحقيق “النصر المطلق” على حماس يثير كثيرًا من السخرية في أوساط معارضيه وعموم “الإسرائيليين”، فبعد ثمانية أشهر من الهجوم الكبير الذي نفذته حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة، ما زال الاحتلال يخسر، فيما المقاومون يرسّخون وجودهم في القطاع مرة بعد مرة، وكل ما يتحدث عنه الاحتلال من “إنجازات” تتلاشى، لأنّ قادته السياسيين والعسكريين غير قادرين على اتخاذ القرار، وكل ما يقومون به لا علاقة له بتحقيق أهداف الحرب المزعومة.

تكشف هذه القراءات “الإسرائيلية” النقدية لأداء “نتنياهو” في العدوان على غزة أنّ ثمانية أشهر من الحرب تأتي نتيجتها هباءً، فقد عاد المقاومون للوجود، وبات “الإسرائيليون” أمام ساحر كاذب، وخدعة نموذجية ممن يصفونه “الدجال” “نتنياهو”، فصحيح أنّ جيش الاحتلال غزا غزة، واحتل المجمع الحكومي لحماس، لكن حديثه اليوم بات منصبّاً على رفح، رغم أنها أقل أهمية بكثير من خانيونس، وليس فيها مركز حكم، ولا مراكز سيطرة، ولا شيء فيها يجعلها رمزًا أو صورة انتصار للزعيم الأكثر تراخيا في تاريخ الاحتلال، مما يدفع “الإسرائيليين” للتساؤل: ماذا سيحدث هناك في النهاية سوى حركات استعراضية من أجل العلاقات العامة؟

الخاتمة:

تؤكد هذه المعطيات أنّ المشهد “الإسرائيلي” ما زال متأثرًا بصورة سلبية في ظل العدوان على غزة ودخوله شهره الثامن، وليس هناك من آفاق لإصلاحه أو ترميمه، بل إنّ الصورة تزداد قتامة في حال تواصل التورط “الإسرائيلي” في غزة على مختلف الأصعدة: السياسية والحزبية والاقتصادية والأمنية، الأمر الذي يرسم صورة بيانية متدهورة من سيء إلى أسوأ، في حال لم تضع حرب غزة أوزارها.

في الوقت ذاته، تدرك محافل “إسرائيلية” من داخل الائتلاف والمعارضة، على حدّ سواء، أنه آن الأوان “لإنقاذ” الاحتلال من نفسه، من خلال وقف هذه الحرب العدوانية التي تشنها الحكومة بدون هدف ولا عنوان قابل للتحقيق، بل لاعتبارات شخصية، وشخصية فقط، ليس أكثر، وإلّا فإنّ ما ينتظر المشهد “الإسرائيلي” من تدهور يشمل كافة القطاعات لن يشبهه تدهور كان في أيّ من حروب الاحتلال السابقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى