القراءة الشهرية لأبرز ما تناولته مراكز الأبحاث الأجنبية حول القضية الفلسطينية

حزيران / يونيو 2021

محمد دار خليل

تركزت أعمال مراكز الأبحاث الأجنبية المتخصصة في الصراع الفلسطيني الصهيوني، حول انعكاسات المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في أيار/ مايو 2021، وتداعياتها، وكيفية تداركها، وكان معظمها يرى المتغيرات من وجهة نظر إسرائيلية. يتناول هذا التقرير أبرز الموضوعات التي أثيرت من قبل المتخصصين، كطبيعة الحلول السياسية التي يمكن تبنيها بعد “المأساة” التي واجهتها “إسرائيل”، وكذلك الإجماع حول الإخفاق الإسرائيلي في المعركة الإدراكية.

كما ذهبت بعض التحليلات لقياس التكلفة الاقتصادية للمواجهة الأخيرة، وكيفية إضعاف قوة حماس في قطاع غزة، ومقاربة حزب الله في محاربة التطبيع، واستقالة المدعي العام للجنائية الدولية، والتوصية باستغلال الحكومة الإسرائيلية للترتيبات الجديدة في الجنائية الدولية؛ من أجل تجنب التحقيق معها على خلفيات جنائية.

بين حل الدولة وحل الدولتين

يعتقد الباحثان في مؤسسة دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب مناحيم كلاين ويوحنان تسوري  أن صعوبة إنجاز تسوية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أصبحت أكبر تعقيدا منذ تسعينيات القرن الماضي. وإذا ما أراد الطرفان متابعة المحادثات، يجب على كل طرف ضمان إجماع سياسي داخلي على أسس التسوية السياسية الدائمة، إضافة إلى وضوح الرؤية حول كيفية التعامل مع الأطراف الداخلية، التي ستعارض أي تسوية محتملة.

أما ديفيد ماكوفيسكي مدير برنامج كوريت حول العلاقات العربية الإسرائيلية في معهد واشنطن، فإنه يعتبر أن حل الدولتين أمرا بالغ التعقيد، لكنه يرى أيضا أن في حل الدولة الواحدة سفكا غير منتهٍ للدماء بين الفلسطينيين والإسرائيليين. و سيحاول جانب من المتنازعين الهيمنة على الآخر، علما أن هذه الرغبة في الهيمنة، كما يرى ماكوفيسكي، هي أكثر ارتباطا بالثقافة والعادات غير الديمقراطية السائدة في الشرق الأوسط.

مأساة حروب “إسرائيل” في غزة

يشير رافيل كوهين في تحليله المنشور على موقع راند بعنوان “مأساة حروب إسرائيل في غزة“، إلى فعالية المقاومة الفلسطينية في هجماتها على “إسرائيل”، في ظل فشل القبة الحديدية بنسبة عالية جدا تصل إلى 90%، في الوقت الذي تستطيع فيه حماس وشركاؤها من المجموعات العسكرية، قصف “إسرائيل” بـ 30,000 صاروخ، يمكن أن يحصل ذلك في الوقت الذي تقف فيه  “إسرائيل” عاجزة عن الدفاع عن نفسها من ناحية، وفي الوقت الذي لا يبدو المجتمع الدولي مهتما بكبح مساعي القوى المسلحة في قطاع غزة من ناحية ثانية.

فشل الدبلوماسية الإسرائيلية العامة

يؤكد آلان باكر مدير مؤسسة القضايا المعاصرة في مركز القدس في مقالته المنشورة على صفحات مركز القدس للشؤون العامة، على فشل الدبلوماسية الإسرائيلية العامة. ويرى أن الإسرائيليين فشلوا في إقناع الإعلام الغربي والدولي بالسردية الإسرائيلية حول الصراع، ويشير إلى أن الأمر أكثر من ذلك، إذ يشهد الرأي العام الدولي تحولا في المواقف، حيث أصبح أكثر سلبيا تجاه “إسرائيل”. و يوصي “باكر” صانعي القرار الإسرائيليين بأن يضموا خبراء عرب، من أجل تعزيز السردية الإسرائيلية حول المواجهات مع الفلسطينيين. السردية الإسرائيلية، وفقا لباكر، فإن السردية الإسرائيلية يجب أن تتركز على “انتهاكات” حماس، التي تقوم على “استغلال المدنيين والأطفال عند استهدافها للمواقع الإسرائيلية، وتساهم بإضرار البيئة من خلال استخدام البالونات الحارقة”، على حد زعمه.

أما رافل كوهين، فيشير إلى إحصائيات هامة نشرتها مؤسسة غالوب، تتعلق بتوجهات الرأي العام الأمريكي حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك من خلال مقارنة عام 2019 بعام 2021، أي قبل المواجهة الأخيرة بين الفلسطينيين وإسرائيل وبعدها. والنتيجة أنه لا يوجد هناك تراجع ملحوظ في الدعم الأمريكي لإسرائيل، لكن المهم هو وجود صعود في دعم الرأي العام الأمريكي للفلسطينيين؛ فقد كانت نسبة الدعم عام 2019 (20%)، أما في عام 2021، فقد صعدت إلى (25%).

في حين يوصي ياردن فاتيكاي، الخبير في التواصل الاستراتيجي، والرئيس السابق لدائرة المعلومات القومية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ، بأن تحسين إسرائيل من استراتيجيتها التواصلية يعتمد على ثلاثة مستويات: الدولي والإقليمي والمحلي، حيث يؤكد أن التواصل الاستراتيجي لا يقل أهمية عن المقدرات العسكرية، وقد أصبح ذلك أكثر أهمية وحسما بعد فوز حماس في “المعركة الإدراكية”، ونجاحها في الظهور كمدافع عن القدس.

التكاليف الاقتصادية للمواجهة الأخيرة

في محاولة لتحديد التكاليف الاقتصادية للمواجهة الأخيرة، يسلط الكاتبان الإسرائيليان مانويل تراجتنبرغ وتومر فادلون، الضوء على ثلاثة أنواع من التكاليف الاقتصادية: العسكرية المباشرة، وتراجع الأنشطة الاقتصادية، وتضرر الممتلكات بسبب الصواريخ القادمة من غزة. وقد خلص الكاتبان إلى أن التكاليف الاقتصادية لحملة “حراس السور”، تقل عن المواجهات السابقة بين حماس و”إسرائيل” لعدة أسباب؛ أولا، المدة القصيرة للمواجهة التي لم تستمر لأكثر من 11 يوما، وهي مدة ليست كافية لإحداث خسائر اقتصادية هائلة. ثانيا، اكتساب الأفراد لخبرة في كيفية التعامل مع الحالات الطارئة، نتيجة للتعايش والتكيف مع جائحة كوفيد- 19. وبالرغم من ذلك، لا يزال هناك تهديد استراتيجي للاقتصاد الإسرائيلي، وقد أصبح أكثر وضوحا بعد المواجهة الأخيرة، ويتمثل ذلك الخطر في الخراب الحاصل للصورة الإسرائيلية. بناء عليه، يوصي الكاتبان الحكومة الإسرائيلية بأخذ البعد الاقتصادي في الحملة الإدراكية بعين الاعتبار، بنفس القدر الذي تعتبر فيه الأبعاد السياسية.

كيف يمكن إضعاف قوة حماس في غزة؟

يستخدم “أوديد إيران” الباحث في مؤسسة دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب عبارة “السعي الحثيث” لإسرائيل؛ من أجل تغيير أوضاع ما بعد المعركة، الأمنية والسياسية والاقتصادية، في قطاع غزة، وذلك لتجنب تكرار الحالة التي سادت في الشرق الأوسط على إثر المواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. من أجل تحقيق ذلك، يرى “أوديد إيران” أنه يجب على “إسرائيل” تبني استراتيجية شاملة ومعقدة؛ لإيجاد تسوية مرتبطة بالقطاع، وذلك بضم آليات دولية وإقليمية وفلسطينية، تستهدف حلاً اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وأمنيا، وتقوم بإعادة الإعمار بشكل شامل، هذا ما يمكن أن يضعف موقف حماس في القطاع، وهيمنتها عليه، على حد زعمه.

مقاربات أمريكية غير فاعلة لبناء السلام 

ترى كارول كاسبوري، الخبيرة في قضايا بناء السلام والمقاومة غير العنفية، أنه “لا فعالية للقوانين الأمريكية التي أقرت من أجل تعزيز فرص السلام، وإيجاد تسوية للصراع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فعلى سبيل المثال، أقر قانون “شراكة الشرق الأوسط للسلام”، موازنة بـ 250 مليون دولار من أجل تحقيق السلام، إلا أن هذا القانون، حسب “كاسبوري”، غير فاعل؛ لأنه منفصل عن العملية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية المحلية. إضافة إلى ذلك، تميل القوانين الأمريكية لعدم المساواة بين الطرفين، مما يعمل على استدامة الصراع.

توصية للحكومة الإسرائيلية باستغلال استقالة بينسودا لتجنب التحقيق الجنائي الدولي

استقالت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بينسودا، بعد أن شغلت منصبها لمدة تسع سنوات. لم يكن الإسرائيليون راضين عن أدائها، متهمينها بتبني الرواية الفلسطينية للصراع. من الناحية الأخرى، سينخرط خليفها كريم خان، في كم هائل من التحقيقات التي فُتحت في عهدها. بناء عليه، يقوم بانينا بروتش و أوري بيري، وهما كاتبان في مؤسسة الدراسات الأمنية الوطنية في جامعة تل أبيب، بتقديم توصية للحكومة الإسرائيلية باستغلال هذه الترتيبات الجديدة في محكمة الجنايات الدولية؛ لدفع “خان” ألا يعطي أولوية للتحقيقات المستقبلية المتوقعة ضد “إسرائيل”.

مقاربة حزب الله في محاربته للتطبيع

نظم معهد واشنطن منتدى افتراضيًا لمناقشة تهديدات حزب الله اللبناني للمواطنين اللبنانببن المنخرطين في تفاعلات مع إسرائيليين، بمن فيهم المغتربون القاطنون في دول قامت بتطبيع علاقاتها مع “إسرائيل”. لم يُخفِ النقاش دعم المشاركين للتطبيع، وإظهاره للمخاطر التي قد تتسبب بها القوانين اللبنانية المناهضة للتطبيع، لا سيما على اللبنانيين القاطنين في الخارج، وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يسكنها ما يقارب 300,000 لبناني، يحتل بعضهم مراكز رفيعة في الشركات والمؤسسات التي يعملون فيها، وقد يتضررون إذا ما أبدوا رفضهم للتعامل مع صفقات تُعقد مع شركات ومؤسسات إسرائيلية، أو رجال أعمال إسرائيليين، خاصة أن الدولة تشهد تغيرات هامة وملحوظة فيما يتعلق بالتعاون مع “إسرائيل”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى