القراءة الشهرية لأبرز ما تناولته مراكز الأبحاث الأجنبية حول القضية الفلسطينية تشرين أول/ أكتوبر 2021
محمد دار خليل
تركزت أعمال مراكز الأبحاث الأجنبية المتخصصة في ملف الصراع الفلسطيني الصهيوني، حول مجموعة من القضايا الجدير مناقشتها؛ كالانحراف عن حل الدولتين، والتكتيكات الفلسطينية الجديدة في المحاكم الدولية، ووعود وزير “الدفاع الإسرائيلي” بيني غانتس المالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ وكذلك الاقتصاد الفلسطيني وتغيير القوانين الجمركية الإسرائيلية؛ ومنها أيضا الاستقرار في الأردن وأمن “إسرائيل”، والمستقبل الغامض جدا لمنطقة الشرق الأوسط. وكان لمركز دراسات الأمن القومي[1]، ومركز القدس لدراسة الشؤون العامة[2]، ومعهد الريادة الأميركية[3]، ومعهد الشرق الأوسط[4]، الدور الأكبر في التحليل والتقدير وتقديم التوصيات.
الانحراف عن حل الدولتين
في تحليلها المنشور تحت عنوان “لن يثمر السلام الفلسطيني الإسرائيلي في أي وقت قريب“، تؤكد أليسون سكوارتر[5]أن اختيار كل من القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية لحل آخر غير حل الدولتين. وتوصي سكوارتز الإدارة الأميركية بتبني سياسة لإنقاذ حل الدولتين، وذلك من خلال تبني سياسة تعتمد على ثلاث نقاط، هي: التركيز على عامل الازدهار الاقتصادي كتعزيز نموذج مدينة روابي؛ وإعطاء أولوية للصراع في جدول أعمال السياسة الخارجية الأميركية،؛ ودفع عباس للسماح بإجراء انتخابات حرة، أو الشروع بتقديم خليفة يتمتع بالقبول.
تكتيكات فلسطينية قانونية في المحاكم الدولية
في مادته المنشورة في مركز القدس للشؤون العامة تحت عنوان “هل يعمل الفلسطينيون على تغيير تكتيكاتهم القانونية ف المحاكم الدولية؟“، يشير الكاتبان آلان بيكر وليا بلكي إلى أن رغبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في محاكمة “إسرائيل” تحت عنوان انتهاك بنود اتفاقية أوسلو، أمر يثير السخرية في ضوء ما يعتقده الكاتبان الخرق الفلسطيني الجوهري لتلك البنود. ويعتبران أن هذه التكتيكات الجديدة تسعى السلطة لتوظيفها في محكمة العدل الدولية، بعد أن حاولت القيادة الفلسطينية استخدام محكمة الجنايات الدولية في ملف جرائم الحرب.
وعود غانتس المالية لم تُثنِ الرئيس الفلسطيني عن مهاجمة “إسرائيل” في المحافل الدولية
يعبر يوسي كوبارواسر[6]عن امتعاضه من لقاء غانتس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في المقاطعة، وما تبعه من وعود مالية بتقديم قرض للسلطة الفلسطينية، إذ يساهم ذلك في دفع السلطة الفلسطينية لرواتب “الإرهابيين الفلسطينيين”. كما يعتقد كوبارواسر أن قطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية لا يساعد على انهيارها، ويرى أن في ذلك مبالغة كبيرة. ووفقا لما يراه كوبرواسر، لم تكن الزيارة لتنظم إلا في سياق سعي الحكومة الإسرائيلية لاسترضاء إدارة بايدن. في المقابل، لم يتوانَ الرئيس الفلسطيني عن مهاجمة الحكومة الإسرائيلية في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة.
تغيير القوانين الجمركية الإسرائيلية قد يؤثر على الاقتصاد الفلسطيني
سيتأثر الاقتصاد الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، على خلفية الإصلاحات المقترحة من قبل الحكومة الإسرائيلية على قوانين استيراد المنتجات الزراعية والسلع المصنعة، خاصة أن اقتصاديات الضفة الغربية وقطاع غزة، تخضع لاتحاد الجمارك الإسرائيلية. يؤكد هاغي ايتكيس على إمكانية إضرار هذه التعديلات بالاقتصاد الفلسطيني، مما سيدفع المنتجين الفلسطينيين للانخراط في منافسة صعبة مع المنتجات الخارجية في السوقين المحلي والإسرائيلي. وباتجاه معاكس، ستعود الإجراءات الجديدة بالنفع الكبير على المستهلك الفلسطيني.
الأوضاع الاقتصادية في الأردن تتناقض مع استقرارها؛ مما يشكل خطرا على “إسرائيل”
يعتقد أوديد إيرانأن هذا العام هو الأكثر تحديا للملك الهاشمي الأردني عبدالله الثاني. فقد تقود الأوضاع الاقتصادية المتردية في الأردن إلى تبعات غير مرغوبة، خاصة في ظل تفشي الشعور بعدم الرضى في أوساط القبائل الأردنية البدوية، التي تعتبر حجر الأساس الداعم لشرعية النظام الملكي الهاشمي. يحذر إيران الحكومة الإسرائيلية من خطر حالة عدم الاستقرار التي تضرب الأردن، مؤكدا على الدور الحرج الذي يلعبه الأردن في تحقيق الأمن الإسرائيلي.
إنجازات قليلة في القضايا الداخلية؛ الحل هو الاستثمار في السياسة الإقليمية
يعتقد روي يلينيك[7]أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، عاجزة عن تحقيق إنجازات نوعية على المستوى الداخلي من شأنها ضمان إعادة انتخابها، طالما أن رأس الحكومة لا يحظى بأغلبية مريحة في الكينيست لتحقيق ذلك، تحاول الحكومة الإسرائيلية استثمار مجهودها الأعظم في السياسة الإقليمية، وتبذل مجهودا كبيرا في بناء الصورة والعلاقات العامة.
مستقبل غامض جدا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
في محاولتها لتصحيح اتجاه الدراسات الاستشرافية في الإقليم، تشير فلورينس غواب[8]في “تاريخ الاستشراف العربي: دروس مستفادة“، إلى ثلاث إشكاليات تعبر عن التشاؤم في قضايا الإقليم عند النظر إلى المستقبل؛ أولا، العمى السائد وامتلاك صفر من المعلومات عن مستقبل المنطقة. ثانيا، لا يستطيع الأفراد استخدام الفرص المتاحة لتحسين المستقبل. ثالثا، الإفراط في التشاؤم يخنق الأفعال لأنه ينتج تأثير “كاساندرا”. بمعنى يخنق قدرة الأفراد على رؤية الأشياء أو فهمها قبل الآخرين بوقت طويل، بسبب عدم تصديق من حوله بهذه التنبؤات.
وبالرغم من الضبابية التي تحيط بمستقبل المنطقة، ستستمر منطقة الشرق الأوسط في لعب دورها كحلبة للمنافسة الإقليمية. يشير روز هاريسون في “مستقبل التدافع الدولي والإقليمي في الشرق الأوسط“، إلى أنه بالرغم من الأنماط الجديدة التي يتأثر بها شكل تدافعات القوة، كدخول كل من الصين وروسيا على حلبة الصراع، وبروز قوى إقليمية أخرى، إلا أن مضمون الدور الذي ستمثله المنطقة، لن يختلف عن اللعبة العظمى في القرن الثامن عشر، والحرب الباردة في القرن العشرين، إلا بالوسائل.
[1]The Institute for National Security Studies, Tel Aviv University.
[2]Jerusalem Center for Public Affairs.
[3]American Enterprise Institute.
[5]متخصصة في قضايا الدفاع والسياسات الخارجية في معهد الريادة الأميركية
[6]مدير مشروع “التطورات في الشرق الأوسط” في مركز القدس للشؤون العامة