القراءة الشهرية لأبرز ما تناولته مراكز الأبحاث الأجنبية حول القضية الفلسطينية أيلول/ سيبتمبر 2021
تركزت أعمال مراكز الأبحاث الأجنبية المتخصصة في ملف الصراع الفلسطيني الصهيوني، حول مجموعة من القضايا الجدير مناقشتها، كقواعد اللعبة التي تفرضها حماس على “إسرائيل”، والانعكاسات المستمرة لانتصار حماس في الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وما يمكن أن تدفعه “إسرائيل” من ثمن نتيجة تعاونها مع أنظمة التطهير العرقي، ولقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع وزير “الدفاع الإسرائيلي” بيني غانتس، واتفاقية الغاز الإسرائيلية الإماراتية، والعراق ومعاهدة أبراهام. وكان لمعهد واشنطن[1]، ومركز دراسات الأمن القومي[2]، ومركز القدس لدراسة الشؤون العامة[3]، الدور الأكبر في التحليل والتقدير وتقديم التوصيات.
قواعد اللعبة التي تفرضها حركة حماس تستنزف “إسرائيل”
يعتقد أودي ديكيل، المدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أن حماس تفرض قواعد جديدة في لعبة المواجهة مع “إسرائيل”. ففي مقالته “حماس لديها منطقها الخاص، ما هو المنطق الإسرائيلي؟” يطلق أودي اللوم على “إسرائيل”؛ لأنها تلعب دور الجانب العاقل في سلوكها تجاه حماس، وبناء على ذلك، يوصي ديكل الحكومة الإسرائيلية بأن تغير قواعد اللعبة مع حركة حماس، التي تطلق حملة مستمرة تهدف إلى استنزاف “إسرائيل”؛ كالسماح للغزيين بتنظيم فعاليات تهديدية على الحدود الأمنية الفاصلة مع قطاع غزة، وإلسماح بإطلاق صواريخ بشكل متفرق، وإطلاق البالونات الحارقة، واستخدام الأسلحة المضادة للطائرات.
انعكاسات انتصار حماس في حملات مواقع التواصل الاجتماعي لا تزال مستمرة
في الدراسة التي أجراها كل من إينبال أورباز[4] وديفيد سايمون توف[5] بعنوان “الحملة غير المنتهية: مواقع التواصل الاجتماعي في عملية حراس السور“، يحاول كلا الباحثين تحليل تأثير الحملات الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي قادتها حركة المقاومة الإسلامية حماس والأوساط الفلسطينية المختلفة ضد “إسرائيل” في المواجهة الأخيرة بشكل إمبريقي. تعامل الباحثان مع البيانات المتوفرة بشكل معمق لفهم الكيفية التي أدت إلى انتصار الفلسطينيين في الحملة. هدف التحليل إلى النهوض بالوعي في دائرة صناع القرار الإسرائيليين، وخلص إلى أن الحملة كانت قادرة على تخريب استراتيجية الدبلوماسية العامة طويلة المدى. وتمثلت نتيجة البحث بمجموعة من التوصيات المقدمة للحكومة الإسرائيلية، من أجل تعزيز استعدادها للتعامل مع الحملات الرقمية الموجهة ضدها. وأبرز ما ورد في تلك التوصيات؛ النهوض بالوعي الإسرائيلي العام فيما يتعلق بمهارات التعامل مع المنصات الرقمية؛ تزويد النشطاء الرقميين المؤيدين لإسرائيل حول العالم ببنى تحتية متقدمة للتعامل مع الحملات وبث وجهة نظر تحمل وجهين دفاعي وهجومي؛ العمل على إيجاد صيغ قانونية من شأنها السماح للدول بالتدخل في العالم الرقمي عند “الضرورة”.
هل تقف “إسرائيل” إلى جانب أنظمة الإبادة الجماعية؟
في مقالته “الدعم الإسرائيلي لأنظمة الإبادة الجماعية يحدد أين تقف“، يناقش ميشيل روبين[6] الدعم والتعاون الذي تمارسه “إسرائيل” في سياستها الخارجية، وفي تعاملها مع الفلسطينيين، ويرى أن الإسرائيليين سيدفعون ثمن ذلك على المدى البعيد. يرى روبين أن السلوك الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية، والانحياز غير المشروط مع أذربيجان، التي تمارس حكومتها تطهيرا عرقيا ضد الأقلية الأرمنية في ناغورنو كاراباخ، والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي مع الصين الاشتراكية التسلطية، والدعم الذي توجهه “إسرائيل” للحكومة الإثيوبية دون الاكتراث للانتهاكات الإثيوبية في إقليم تيغراي الشمالي، كل ذلك يحدد طبيعة الميول الإسرائيلية. يخلص الكاتب إلى أن انحيازات “إسرائيل” مع هذه الدول، تحدد أين تقف “إسرائيل”.
لقاء عباس غانتس: هل هناك أية مؤشرات؟
يشير اللقاء الأخير بين محمود عباس وغانتس، وبشكل كبير، إلى معركة الوراثة ما بعد عباس. يفترض بنهاس إينباري[7] أن اقتصار المشاركة في اللقاء على حسين الشيخ وماجد فرج، واستثناء رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، يحدد الأطراف الفتحاوية المقبولة لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي يمنحها الفرصة الأكبر للوراثة. يتبنى كل من ماجد فرج وحسين الشيخ، حسب إينباري، توجهات من شأنها صون الاتصالات وتعزيز الروابط مع الإسرائيليين. في الجهة المقابلة، يعمل الرئيس عباس على إضعاف المعسكر الذي يقاوم فكرة تعزيز الروابط مع الإسرائيليين، والذي تمثله شخصيات مثل أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية ومحمود العالول. من ناحية أخرى، يمكن اختبار جدية الرئيس عباس في تعزيز علاقته مع الإسرائيليين، وفقا للكاتب، من خلال تجريد محمد اشتية من منصبه كرئيس للحكومة.
اتفاقية الغاز الإسرائيلية الإماراتية وتقدم الأعمال
أخذت المفاوضات بين الإسرائيليين والإماراتيين مكانها منذ شهر نيسان/ إبريل الماضي، وذلك لبيع 22% من حقل “تامار” للغاز الإسرائيلي الطبيعي البحري للإمارات. تمت الصفقة بعد أن اتفق الطرفان على بيع الحصة بتكلفة نهائية تقدر بـما يقارب المليار دولار. سايمون هانديرسون[8]، وفي مقالته “صفقة الغاز الإسرائيلية الإماراتية عُقدت أخيرا“، يعتبر أن الصفقة كشفت عن فرص عالية بين تل أبيب وأبو ظبي لتحقيق تعاون اقتصادي كامل. يُعتبر ما يراه الكاتب مثيرا، إذ يرى أن تعجيل الصفقة وتسريعها، جاء نتيجة للتهديد الذي تشكله حركة حماس على حقل النفط، حيث كان من السهل وصول صواريخ المقاومة إليها في المواجهة الأخيرة.
العراق ومعاهدات أبراهام
تحت حجة مواجهة الخطر الإيراني، تجمع ممثلون عن المجتمع المدني العراقي، في حدث غير مسبوق، مطالبين بانضمام العراق إلى معاهدات أبراهام، وعبر ممثلو الاجتماع عن وجهة نظرهم السياسية، التي ترى في السلام مع الإسرائيليين تعزيزا للأمن والاستقرار في المنطقة. يرى دينيس روس[9] أن اللقاء يعبر أكثر عن رؤية العراق المستقبلية في الإقليم، إذ إن النقاش لم يقتصر على الأمن فحسب، بل تضمن الجوانب الاقتصادية، والرقمية، والغذاء وغيرها من مضامين التنمية. من الجدير ذكره أن نقاش كل هذه المضامين، جاء متطابقا مع الرؤية الأمريكية لمستقبل الإقليم، وبما يتناقض مع الخطط الإيرانية في المنطقة.
شركاء طالبان الفلسطينيون
يرى دان ديكر[10] وخالد أبو طومه[11] في مقالته التي كانت بعنوان “الشركاء الفلسطينيون لطالبان: آثار على عملية السلام في الشرق الأوسط“، أن انتصار طالبان في أفغانستان، يساهم في بث الروح في الجهاد العالمي ضد الغرب. يرى الكاتبان أن الأحداث الحاصلة في أفغانستان، دعمت اعتقادات حماس الأيديولوجية بأن الصبر يؤدي إلى النتيجة المرجوة في النهاية، وأن النصر الطالباني عزز توجهات حماس بأن المقاومة ممكنة لإزالة “إسرائيل” وهزيمة التحالف الغربي. يخلص كلا الكاتبين إلى أن تجربة طالبان، جعلت من غير الممكن للحركات الإسلامية الفلسطينية، أن توافق على أي معاهدة سلام تقوم على أساس تنازل الفلسطينيين.
[1] The Washington Institute, Washington.
[2] The Institute for National Security Studies, Tel Aviv University.
[3]Jerusalem Center for Public Affairs
[4] متخصصة في الخطاب العام في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب.
[5] باحث سابق في القضايا الاستخبارية، في مجتمع التذكار الإسرائيلي الاستخباري.
[6] كاتب متخصص في قضايا الشرق الأوسط في معهد المبادرة الأمريكية.
[7] خبير إسرائيلي في الشؤون العربية.
[8] مدير برنامج بيرنستين حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.
[9] مستشار لمعهد واشنطن ومتخصص في العلاقات العربية الإسرائيلية.
[10] مدير مشروع مواجهة حركة المقاطعة في مركز القدس للشؤون العامة.
[11] صحفي فلسطيني.