القراءة الشهرية لأبرز دراسات مراكز الأبحاث الأجنبية
(آذار ٢٠٢١)
محمد حسن 1
تطرق هذا التقرير لقراءة أبرز القضايا التي ناقشتها مراكز الأبحاث الغربية المختصة في قضايا الشأن الفلسطيني و”الإسرائيلي”، في مقدمتها الانتخابات الفلسطينية. ومالت الآراء إلى اعتبار أن جوهر الانتخابات الفلسطينية، يدور حول المعارك الداخلية لحركة فتح. من ناحية أخرى، الانتخابات الفلسطينية ستحسم لصالح حركة حماس. وفي هذا السياق، تناول مركز دراسات الأمن القومي الطرق التي يجب أن تعمل عليها الحكومة الإسرائيلية، لتعطيل أي شرعية ممكن أن تكتسبها حركة حماس من الانتخابات، دون أن تعترف بالاتفاقيات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. إضافة إلى سيناريوهات ما بعد الانتخابات. لم تنحصر آراء مراكز الأبحاث في ملف الانتخابات الفلسطينية فقط، بل ناقشت ملف الانتخابات الإسرائيلية، وموضوع التلقيح ضد فيروس كورونا/ كوفيد 19، وسياسة الاستثنائية الأمريكية في دعم إسرائيل، وملف الاتحاد الأوروبي والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
الانتخابات الفلسطينية
في تحليله المعنون “إذا جرت الانتخابات الفلسطينية، ربما ستكون اليد العليا لحماس“، يتوقع غيث العمري، المحلل السياسي في معهد واشنطن، أن يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتأجيل الانتخابات على خلفية الانقسامات الحادة داخل حركة فتح، في الوقت الذي تخوض فيه حركة المقاومة الإسلامية حماس الانتخابات موحدة. كما يرى العمري أن انتخابات 2021 لن تكون كانتخابات 2006، خاصة أن نظام التمثيل النسبي لن يؤدي إلى هيمنة أغلبية على مقاعد المجلس التشريعي.
وحسب الكاتب ميشيل ملستن، وبناء على تقديره السياسي “الانتخابات الفلسطينية: مدى حقيقتها، وأي نتائج” المنشور على صفحات معهد واشنطن، هناك ثلاث مشاكل مركزية قد تشكل تهديدا لعقد الانتخابات الفلسطينية القادمة، وهي:
- التزام كل من حماس وفتح بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
- أي توترات تتسبب بها قيادة السلطة الفلسطينية، حول نوايا حماس الانخراط في صفقة السلطة الفلسطينية مع مصر لتنمية حقول الغاز على حدود غزة البحرية.
- عقد الانتخابات في القدس.
يناقش ملستن أيضا السيناريوهات المختلفة المرتبطة بالانتخابات الفلسطينية، وهي:
- انفجار سياسي داخلي: يحدث ذلك إذا حصلت توترات بين حماس وفتح. سيدفع ذلك الرئيس عباس للانخراط في عملية السلام مع “إسرائيل” من جديد.
- فشل للانتخابات تكون سببه إسرائيل، قد يحدث ذلك نتيجة للضغط الإسرائيلي على حماس في الضفة الغربية.
- انتصار فتح: لا يبدو هذا السيناريو واقعيا، خاصة في ظل الانقسامات الداخلية في الحركة.
- انتصار حماس: قد يؤدي هذا السيناريو إلى “النموذج الجزائري”، حيث لن يقبل أبو مازن نتيجة الانتخابات، وفي حال حدث ذلك ستذهب الأحداث إلى صدامات بين أعضاء كلا الحركتين في الضفة الغربية.
- تشكيل حكومة وحدة وطنية: قد يحدث هذا نتيجة لتحالفات أو اتفاقيات بين فتح وحماس، وسيدفع هذا السيناريو لضغوط خارجية وداخلية على حماس للاعتراف بالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
معركة داخل فتح
“الانتخابات الفلسطينية المخطط إجراؤها، هي في الحقيقة معركة داخل فتح””، هذا هو محور النقاش الذي يثيره الكاتب إنباري في مقال الرأي المنشور في موقع مركز القدس للشؤون العامة. يرى إنباري أنه لا توجد هناك فتح واحدة، وإنما “فتح اثنتين”؛ تتكون “فتح الأولى” من قادة منظمة التحرير الذين قدموا من تونس بعد اتفاق أوسلو، وتعود أصول معظمهم إلى المدن والقرى الفلسطينية التي هجر أبناؤها في النكبة عام 1948، ويطلق عليهم إنباري اسم “التنظيم التونسي”. أما “فتح الثانية”، فتتألف من أولئك الذين يعيشون في الضفة الغربية، ولا يرتبطون مباشرة بمناطق النكبة عام 1948، ويطلق عليهم اسم “التنظيم المحلي”. وفي الوقت الذي يمثل فيه محمود عباس “التنظيم التونسي”، فإن قادة مثل مروان البرغوثي وجبريل الرجوب، يمثلون “التنظيم المحلي”. يستخلص الكاتب نتيجة مفادها أن هزيمة محمود عباس تعني انتهاء دور تياره، ويرى أن هذه المعركة داخل فتح ستحسم في النهاية، بانتخابات أو دون انتخابات.
كيف ستعمل “إسرائيل” على كبح جماح إعادة التقارب بين حماس وفتح
في محاولتهما الإجابة على سؤال “التقارب الممكن بين فتح وحماس، هل “إسرائيل” مستعدة؟” يناقش يوهانان تزوريف هذا الأمر، على افتراض أن حماس ستفوز في الانتخابات، خاصة أنها تخوض الانتخابات موحدة مقابل منافس تاريخي منقسم. يوصي الكاتب السلطات الإسرائيلية باتخاذ خطوات استباقية جدية من شأنها دفع الأطراف الدولية، كالإدارة الأمريكية، لرفض التعامل مع أي حكومة تكون حماس جزءا منها. يحذر الكاتب الحكومة الإسرائيلية من تقارب جدي بين حماس وفتح، الأمر الذي قد يمنح شرعية داخلية وخارجية لحركة حماس.
لقاح كوفيد 19 بين الفلسطينيين والإسرائيليين
يرى الكاتب “تونكو فارادارجان” فيما يتعلق باللقاح ضد كوفيد 19، تم التعامل مع الفلسطينيين وكأنهم أصحاب دولة مستقلة، ولم يتحمل الإسرائيليون مسؤوليتهم كقوة محتلة للأراضي الفلسطينية. وفي الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من النقص الهائل في القدرات الطبية، وعدم المقدرة على تحصيل كميات كافية من اللقاح، استطاع 55% من الإسرائيليين الحصول على جرعة اللقاح، الأمر الذي جعل من “إسرائيل” دولة قائدة في عالم اللقاحات، إذ تحتل مرتبة متقدمة بين الدول في المناعة ضد الفيروس، وتتفوق على الولايات المتحدة بأربعة أضعاف إذا ما قورنت النسبة بينهما.
الاستثنائية الأمريكية والاتجاهات الأوروبية تجاه “إسرائيل”
تحت عنوان “تحدي استثنائية “إسرائيل” في السياسة الأمريكية“، يناقش خالد الجندي، الكاتب في “معهد فن الحكم المسؤول”، كيف أصبح الدعم الأمريكي الحزبي غير المشروط لإسرائيل قابلا للتغير، إذ أصبح صوت الديمقراطيين، وخاصة اليساريين منهم، أعلى في دعم حقوق الفلسطينيين من جهة، وإبداء حالة عدم الرضا من الدعم غير المشروط للإسرائيليين من جهة أخرى.
“في حين يرى كل من “شمعون شتاين” و”عوديد عيران” أن إدارة بايدن لن تتناقض مع سياسة رفع مستويات التطبيع الإسرائيلية مع دول عربية وإسلامية، لكنها ستبطؤها. سيؤثر ازدياد التعاون عبر الأطلسي على “إسرائيل” بالنسبة للملف النووي الإيراني، حيث ستشرع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى عقد اتفاقية مع طهران، ولن تكون وفقا للرغبة الإسرائيلية، الأمر الذي سينظر إليه صناع القرار في “إسرائيل” على أنه تهديد للأمن القومي الإسرائيلي.
في محاولته للتنبؤ بالدبلوماسية الأوروبية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في غضون عام، يتوقع أوسيويكز، الكاتب في معهد الشرق الأوسط، احتفاظ الاتحاد الأوروبي بموقفه السابق، حيث سيدعم عملية سلام تقود في النهاية إلى حل الدولتين. وبالرغم من الإيجابية المعلن عنها من الاتحاد الاوروبي تجاه التطبيع بين إسرائيل ودول عربية، إلا أن هناك إيمانا لدى القادة الأوروبيين، بأن التطبيع بحد ذاته لن يصل إلى نتيجة بخصوص حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
[1] باحث في العلوم السياسية