القدس.. مُشْعِلَة الهبات الشعبية

كريم قرط

باحث في مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية

تمهيد

تشهد مدينة القدس المحتلة في الآونة الأخيرة، هجمة صهيونية متجددة، لا تنعزل عن سابقاتها التي استهدفت الوجود الفلسطيني في المدينة، ماديا ومعنويا، وهي تطال مختلف أشكال الوجود الفلسطيني، وبمختلف وسائل المحو والاقتلاع. تشهد القدس هجمة صهيونية متواصلة منذ بداية احتلالها عام 1967؛ لإفراغها من أصحابها الفلسطينيين، ومحو وجودهم الثقافي فيها، وامتدت الهجمة لمحاولة حرمان المقدسيين من الحيز العام، وجعله حكرا لليهود، تحت ذرائع قانونية، وذرائع حرية العبادة لجميع الأديان.

ومع أن استهداف الوجود الفلسطيني في القدس هو سياسة قديمة، إلا أنها أخذت زخما كبيرا بعد انزياح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف، الذي أسهم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في تصاعده؛ بسبب دعمه وتحالفه مع تيار الحرديم والصهيونية الدينية المتطرفة، التي أصبحت اليوم ممثلة في الكنيست الإسرائيلي بشكل مباشر، بعد فوز إيتمار بن غفير، زعيم حزب “عوتسما يهوديت”، بمقعد في الكنيست في جولة الانتخابات الأخيرة في آذار/ مارس 2021. وتعود جذور بن غفير إلى حركة كاخ المتطرفة، التي أسسها مئير كاهانا عام 1971، والتي كانت تدعو لترحيل الفلسطينيين من وطنهم، وتمارس العنف ضدهم، وتدعم الاستيطان، ومع أن هذه الحركة حُظرت، إلا أن فكرها لا يزال مستشريا بين أتباعها السابقين، ومنهم بن غفير، الذي أصبح عضوا في الكنيست الإسرائيلي. وقد قام بن غفير في الأيام الأخيرة بنقل مكتبه لحي الشيخ جراح المقدسي، وهو ما أدى لزيادة وتيرة العنف ضد الفلسطينيين فيه.

يسعى المقال إلى إلقاء الضوء على دور مدينة القدس في إطلاق الهبات والاحتجاجات في انحاء فلسطين خلال السنوات الأخيرة

 

2014 مرحلة مفصلية

في عام 2014، أقدمت مجموعة من المستوطنين على اختطاف الفتى المقدسي محمد أبو خضير وإحراقه، مما أدى إلى اندلاع هبة شعبية في القدس ومناطق أخرى من فلسطين، تدحرجت لتنتهي بحرب إسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما شكل مرحلة مفصلية في شكل الاستهداف الإسرائيلي لمدينة القدس وطبيعته، حيث تصاعدت منذ ذلك الحين وتيرة الاستهداف وأشكاله، وهو ما استدعى، وما يزال يستدعي، تصدي المقدسيين لهذه الهجمات والمخططات الهادفة إلى تهجيرهم من المدينة.

أصدر وزير الحرب الإسرائيلي في عام 2015 موشيه يعلون، قرارا يحظر ما أسماه “تنظيم المرابطات والمرابطين”، وتبعه اعتداء إسرائيلي على المرابطات وسحلهن في باحات الأقصى، مما أدى إلى اندلاع ما عرف بـ”انتفاضة السكاكين” أو “هبة القدس”، التي جرت خلالها كثير من العمليات الفردية، شملت الطعن بالسكاكين وعمليات دهس، نفذها فلسطينيون في مختلف أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس. وقد استمرت هذه الهبة بشكل متقطع حتى بدايات عام 2017، إلى أن تراجعت وخف زخمها تدريجيا.

ولم تكد الأمور تهدأ حتى حدثت هبة جديدة عرفت بـ “هبة الأسباط”، والتي تطورت لتصبح “معركة البوابات”، التي حدثت على إثر قيام ثلاثة من الشبان الفلسطينيين من أم الفحم، بتنفيذ عملية داخل المسجد الأقصى، أدت إلى استشهادهم وقتل اثنين من أفراد الشرطة الإسرائيلية، وذلك في تموز 2017. ردت السلطات الإسرائيلية على تلك العملية باقتحام المسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين، ومنع إقامة صلاة الجمعة فيه، ولكن الحكومة الإسرائيلية سرعان ما تراجعت عن ذلك القرار؛ بسبب الغضب الشعبي الذي تجلى في مواجهات واعتصامات حول المسجد الأقصى، وفي أماكن أخرى من القدس والضفة الغربية. إلا أن الحكومة الإسرائيلية وضعت بوابات إلكترونية على أبواب المسجد الأقصى؛ لإجبار المصلين على المرور من خلالها؛ لتفتيشهم عند الدخول والخروج، مما أدى إلى حدوث مواجهات واعتصامات فلسطينية استمرت 14 يوما رفضا لهذه الخطوة المستفزة. وبسبب الهبة الشعبية التي خاضها المقدسيون، تراجع الاحتلال عن قراراه، وأزال البوابات الإلكترونية، وتمكن الفلسطينيون من أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، في مشهد احتفالي بالانتصار الذي حققوه على الاحتلال وسياساته.

ولم تكد الأمور تهدأ مجددا حتى سارعت سلطات الاحتلال لاتخاذ خطوة جديدة، تهدف لتقسيم المسجد الأقصى مكانيا، وذلك في محاولة للاستيلاء على المنطقة الشرقية منه، ومنع الوجود الفلسطيني فيها، وتمثل ذلك في المحاولات الإسرائيلية المتتالية للاستيلاء على مصلى باب الرحمة، وإغلاقه في وجه المصلين الفلسطينيين. حيث بدأ التحرك الصهيوني في الأوساط الأمنية، لفرض السيطرة على المنطقة الشرقية للأقصى ومصلى باب الرحمة، وذلك حينما تقدم روني الشيخ، المفتش العام لشرطة الاحتلال الصهيوني في القدس، في شهر أيلول/ سبتمبر 2017، إلى المحكمة الصهيونية، بطلب لإغلاق مصلى باب الرحمة بشكل نهائي. وهو ما تزامن مع مساعٍ صهيونية رسمية لتهويد المحيط الشرقي للمسجد الأقصى من الخارج، بواسطة سلطة الآثار الصهيونية، التي شرعت بإغلاق مقبرة باب الرحمة الإسلامية، الملاصقة للسور الشرقي للمسجد الأقصى، وأزالت عددا من الأشجار في محيط المقبرة.

وقد أدت هذه السياسة إلى قيام سلطات الاحتلال بإغلاق مصلى باب الرحمة بالأقفال الحديدية، بشكل كامل في شباط/ فبراير 2019، وأدت هذه الخطوة إلى اندلاع احتجاجات فلسطينية، وإقدام الفلسطينيين على التجمهر في مصلى باب الرحمة، وأداء الصلوات فيهن ثم خلع أقفاله، وإسقاط المخطط الصهيوني الهادف للاستيلاء عليه.

 

2021 هبة باب العامود

تداخلت عدة معطيات في بداية شهر رمضان 2021، أدت إلى حدوث حالة من الغضب الشعبي الفلسطيني في مدينة القدس. فبداية كان هناك مخطط تهجير عدد من العائلات في حي الشيخ جراح، الذي أثار غضب المقدسيين، ودفعهم إلى التضامن مع سكان الحي، وسبقه حادثة تسريب عقارات في سلوان لمنظمات صهيونية. وإلى ذلك قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في اليوم الأول من رمضان، 13 نيسان/ إبريل الماضي، بوضع حواجز حديديّة في ساحة باب العامود، وهو ما يعني حرمان المقدسيين من حقهم في الحيز العام للمدينة.

ترافقت سياسة الاحتلال هذه مع دعوة 27 منظمة صهيونية لاقتحام المسجد الأقصى في ذكرى ما يسمى بـ “توحيد القدس”، أي ذكرى احتلال كامل المدينة عام 1967، وهو اليوم الذي اعتادت فيه المنظمات الصهيونية على الخروج بـ “مسيرة الأعلام” للاحتفال بهذه الذكرى، التي كان موعدها في 28 رمضان الماضي، وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها ستغلق باب العامود أمام العرب حتى الساعة السابعة والنصف من مساء ذلك اليوم؛ بحجة منع الاحتكاك، وبسبب التوتر الأمني في الضفة الغربية والقدس. وفي ذات الإطار، دعت منظمة “لاهافا” للتظاهر في القدس، ومهاجمة العرب والاعتداء عليهم. تأسست منظمة “لاهافا” عام 1999 على يد المتطرف بن تسيون غوفشتاين. وهي إحدى المنظمات الصهيونية التي تدعو باستمرار، إلى اقتحام المسجد الأقصى ومحيطه، وإقامة الطقوس التلمودية فيه، إلى جانب الاعتداء الجسدي والمعنوي على الفلسطينيين المتواجدين فيه.

عملت هذه الأحداث مجتمعة، وإن أتت بشكل منفصل عن بعضها، على تأجيج الأوضاع في القدس، واندلاع هبة القدس المتواصلة، التي أطلق عليها في بداية الأمر “هبة باب العامود”، ولكن الاحتجاجات والمواجهات بين المقدسيين وسلطات الاحتلال ومستوطنيه، ظلت تتجدد مع كل هذه الأحداث في باب العامود، وداخل المسجد الأقصى، وفي حي الشيخ جراح، ومختلف أحياء وبلدات القدس العربية، منذ بداية شهر رمضان وحتى نهايته. يمثل حجم الرد المقدسي على هذه الخطوات الإسرائيلية، حالة من التراكمات التي نتجت عن سياسات التضييق والاعتداء المتواصل بحق المقدسيين، والتي دفعتهم للانفجار في وجه سياسات المحتل، ومجابهتها بصدورهم العارية.

اتساع رقعة المواجهة الحالية

توسعت المواجهات في 22 ابريل الماضي بعد أن جابت تظاهرة للمستوطنين، الأعضاء في منظمة “لاهافا”، عددا من أحياء المدينة العربية، لا سيما حي الشيخ جراح، الذين قاموا بإلقاء الحجارة على منازل الفلسطينيين، وإعطاب إطارات سياراتهم، وحاولوا التوجه إلى منطقة باب العامود وهم يهتفون: “الموت للعرب”، و  “العرب إلى الخارج”. وتواصلت المواجهات مساء اليوم التالي في أطراف البلدة القديمة، وجرت مواجهات بين الشرطة والشبان الفلسطينيين بالقرب من باب العامود، بعد صلاة التراويح التي شارك فيها الآلاف من المصلين، وكانت حصيلة المواجهات حسب الهلال الأحمر الفلسطيني، سقوط 105 جرحى فلسطينيين، وأعلنت الشرطة الإسرائيلية، التي استخدمت القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، ضد الفلسطينيين الذين تصدوا لاعتداء المستوطنين، عن وقوع 20 جريحا بين صفوفها، جراء قيام المتظاهرين الفلسطينيين بإلقاء الحجارة وزجاجات الماء عليها، وقامت باعتقال عشرات المتظاهرين منهم.

وعلى إثر الهبة المقدسية ضد الاحتلال وسياساته، تراجعت سلطات الاحتلال، وأزالت الحواجز التي وضعتها في باب العامود، بعد 12 يوما من المواجهات المستمرة مع الشبان المقدسيين.

ولم تهدأ الاحتجاجات في القدس بعد ذلك بسبب استمرار عدوان الاحتلال ومستوطنيه ضد حي الشيخ جراح، وتأكيد الجماعات الصهيونية المتطرفة على نيتها اقتحام المسجد الأقصى في 28 رمضان، بما يتزامن مع مسيرة الأعلام في ذكرى احتلال بقية القدس عام 1967. حيث شهد صباح الاثنين 28 رمضان اقتحام الشرطة الإسرائيلية باحات المسجد الأقصى لإخراج المرابطين منه، الذين اعتكفوا فيه لمنع اقتحام المستوطنين له. واعتدت الشرطة الإسرائيلية على المرابطين وعلى المسجد بصورة وحشية ما أدى إلى وقوع مئات الإصابات في صفوف المرابطين، ولكن المرابطين تمكنوا من إفشال مخطط الجماعات الصهيونية، المدعومة من شرطة الاحتلال، لاقتحام المسجد الأقصى.

 

ردود الفعل الفلسطينية

على إثر اعتداء الاحتلال على المسجد الأقصى، وحصاره للمرابطين فيه، ومنعهم من الخروج منه، واستمرار العدوان الإسرائيلي ضد القدس، أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، أن “غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة، تمنح الاحتلال مهلة حتى الساعة السادسة من مساء اليوم، لسحب جنوده ومغتصبيه من المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح، والإفراج عن كافة المعتقلين خلال هبة القدس الأخيرة، وإلا فقد أعذر من أنذر”. كما دعت حركة الجهاد الإسلامي إلى إعلان النفير والغضب في كافة أنحاء فلسطين، ومخيمات اللجوء والشتات، نصرة للفلسطينيين في القدس. هذا، وقد كان القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وجه تحذيرا أخيرا للاحتلال قبل عدة إيام، لوقف الاعتداء على القدس.

وفي تمام الساعة السادسة من يوم الاثنين 10 أيار/ مايو الجاري، أعلنت كتائب القسام أنها وجهت ضربة صاروخية تجاه القدس ردا على جرائم الاحتلال بحق المقدسيين، وتوالت بعدها الرشقات الصاروخية، واستهداف مواقع الاحتلال من قبل المقاومة الفلسطينية، ردا على جرائمه.

اتسعت رقعة المواجهة مع الاحتلال بعد قصف المقاومة الفلسطينية للمدن الإسرائيلية، مما أدى إلى إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن شن عملية عسكرية ضد قطاع غزة تحت اسم “حارس الأسوار”، التي بدأها بقصف عنيف ضد أهداف مدنية، كان ضحيتها العديد من الشهداء والجرحى. وفي المقابل، أعلنت فصائل المقاومة أنها تخوض معركة ضد العدو الإسرائيلي أسمتها “سيف القدس“، وبدأتها باستهداف مدينة القدس بعدد من الصواريخ، ثم اتسعت المواجهة لتشمل الكثير من المدن المحتلة عام 1948، بما فيها “تل أبيب”.

سيناريوهات متوقعة

لا يمكن التنبؤ بموعد نهاية هذه الجولة من المواجهة بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، وذلك في ظل توسع رقعة المواجهة، وتحولها من هبة شعبية في القدس، إلى احتجاجات مساندة في الضفة الغربية والمناطق المحتلة عام 1948، وإلى مواجهة عسكرية مفتوحة مع قطاع غزة.  إلا أن قدرات المقاومة العسكرية التي ظهرت حتى الآن، وخاصة قدرتها على التحكم في زخم الاستهداف لمواقع الاحتلال ونوعيته، تؤشر إلى مجموعة من السيناريوهات المتوقعة، وهي:

أولا: تصعيد مرحلي فصي ر المدى؛ تسعى من خلاله “إسرائيل” إلى توجيه ضربات متنوعة إلى قطاع غزة، بهدف حفظ صورة الردع لها أمام قوى المقاومة، وفي ذات الوقت تقبل بوساطات عربية أو إقليمية أو دولية، تقود إلى بعض التفاهمات في هذا الإطار، وتفضي إلى تنفيذ بعض شروط المقاومة مرحليا، من بينها تخفيف حدة التوتر بمدينة القدس المحتلة. في المقابل، توافق فصائل المقاومة على إنهاء هذه الجولة انطلاقا من أمرين، الأول أنها استطاعت تثبيت قواعد جديدة للاشتباك مع الاحتلال، والثاني أنها أوفت بوعدها للمقدسيين، ولبت نداءهم أمام ممارسات الاحتلال والجماعات المتطرفة. وقد يكون جزء من هذه الترتيبات تقديم ضمانات تتعلق بالشق السياسي، وبالتحديد إلزام “إسرائيل” بالموافقة على إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في مدينة القدس المحتلة، وهو ما قد يمثل إعادة تفعيل للمسار الديمقراطي السياسي، الذي تعطل بحجة عدم سماح “إسرائيل” بمشاركة المقدسيين في الانتخابات. ما يعزز هذا السيناريو  دخول الأراضي الفلسطينية المحتلة على خط المواجهة، والانتفاضة الشعبية، وارتقاء الشهداء برصاص الاحتلال، مما قد يؤدي إلى حالة من الغليان تجعل الاحتلال يتخوف من فقدان السيطرة، وكذلك تصاعد المواجهة في الضفة الغربية، وتحولها لحالة شعبية أشبه بالانتفاضة العامة، إضافة إلى استمرار الاحتجاجات في القدس المحتلة، وهذا يعني أن الاحتلال قد يخشى الدخول في انتفاضة مفتوحة، على غرار ما جرى في عام 2000، وانطلاق انتفاضة الأقصى.

ثانيا: الانزلاق لمواجهة مفتوحة تمتد لفترات تقارب المواجهات السابقة ما بين الاحتلال والمقاومة في قطاع غزة، والتي كانت تصل إلى قرابة شهر، وبعضها إلى خمسين يوما، وهذه المواجهة قد تأتي تحت إطار الخسائر الكبيرة التي قد يتعرض لها الاحتلال، إذا ما كثفت المقاومة من ضرباتها لمواقع مختلفة في الأراضي المحتلة عام 1948. وفي المقابل، تحاول “إسرائيل” عدم إظهار الضعف، وتعمل على تعميق ضرباتها لقطاع غزة. ما يعزز هذا السيناريو سعي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إلى عدم الخروج من المشهد السياسي الإسرائيلي منهزما، وبالتالي القضاء على أمل عودته له إذا ما رضخ لشروط المقاومة بشكل سريع، كذلك محاولة حرف الأنظار عن حالة الغليان التي تمر بها المدن الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948، والتي يخشى الاحتلال من تصاعدها، وبالتالي يحاول التصعيد باتجاه غزة. إضافة إلى المطالب التي قد تضعها المقاومة أمام أي مساع للتهدئة، ويكون من الصعب قبول “إسرائيل” بها في وقت مبكر، كمطلب منع الجماعات الدينية من اقتحام الأقصى، ومنع ترحيل أهالي الشيخ جراح، وإبرام تفاهمات سياسية تتعلق بالواقع المعيشي في قطاع غزة، وكذلك إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية بضمانات دولية وإقليمية، والاعتراف بنتائجها، بما فيها الانتخابات في مدينة القدس المحتلة.

في المحصلة، فإن الجولة الحالية من المواجهة ستترك بصمات خاصة بها تختلف عن سابقاتها، سواء من حيث إدارتها وتوقيتها الذي تمسك به قوى المقاومة، أو بحجم المشاركة والتوزيع الجغرافي الذي شملته، وهو ما يعني أن على الاحتلال الإسرائيلي قراءة المعطيات جيدا، وعدم الانخداع بأنه تم حصر المواجهة مع قطاع غزة فقط، والاعتراف بأن النضال الفلسطيني سيظل حاضرا في كل الأراضي الفلسطينية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى