الطلاب والمقاومة في فلسطين: الكتب، البنادق، والسياسة

مقدمة

يقع كتاب إيدو زيلكوفيتس (الطلاب والمقاومة في فلسطين: الكتب، البنادق، والسياسة) في تسعة فصول، يناقش ويستعرض الدور التاريخي للحركة الطلابية الفلسطينية وخاصة بعد نكبة عام 1948 ولغاية عام 2015، ويشرح زيلكوفيتس التشكيلات المؤسساتية للطلبة الفلسطينيين في الداخل والخارج الفلسطيني، ويحلل التحولات الفكرية والأيديولوجية لهذه المؤسسات تجاه العديد من القضايا، لاسيما تجاه الصراع مع "إسرائيل".

تمثل الحركات الطلابية في جامعات فلسطين أكثر الأجسام الشبابية تنظيمًا وترتيبًا، ولديها دور هام في أبرز منعطفات التاريخ الفلسطيني الحديث، والحركة الطلابية الفلسطينية ليست حركة نقابية في أهدافها فحسب، بل حركة ذات أهدف سياسية، وتجسد أفكار حركاتها الأم، ومن الممكن اتخاذ التوجهات السياسية للحركات الطلابية في الجامعات مؤشرًا لدراسة توجهات الشباب الفلسطيني.

 لقد لعبت الجامعات دورًا حيويًّا في الهبّة الحالية التي اندلعت في أكتوبر الماضي، وشاركت الحركة الطلابية في المسيرات والمظاهرات والمواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه نظّمت العديد من الأنشطة التي تدعم الهبّة وتتعاضد مع أهالي الأسر والمعتقلين، وقد جعل هذا من الجامعات هدفًا للحملات الأمنية من قبل الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية.

تكمن أهمية الحركة الطلابية في الفعل الانتفاضي بأنها الجسم الأكثر حيوية وتنظيمًا في ظل ترهل الفصائل الفلسطينية في الضفة وتفككها بسبب الحملات الأمنية المنظمة ضدها من قبل الاحتلال الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبالتالي فقد لعبت دورًا استثنائيًّا، بل تكاد تحمل المسؤولية الكبرى في الاستمرار في فعاليات الهبّة والدفع بعدم خفوت جذوتها.

يُظهر الكتاب الاهتمام الأكاديمي "الإسرائيلي" بالحركات الطلابية الفلسطينية، وهذا الاهتمام بلا شك يتقاطع مع اهتمام الدوائر السياسية والأمنية "الإسرائيلية"؛ فبالإضافة لاعتماد زيلكوفيتس على مصادر ومراجع متنوعة لجمع المعلومات من كتب وصحف ومجلات وبيانات، إلا أنه اعتمد أيضًا على مصادر من إرشيف مؤسسات أمنية وعسكرية "إسرائيلية".

ويأخذ كتاب زيلكوفيتس طابعًا أكاديميًّا في البحث والمنهجية، ولم يكن هو الأكاديمي "الإسرائيلي" الوحيد الذي اهتم بالحركات الطلابية، فهناك أيضا ريفن باز(1)  (2000) في دراسته "التعليم العالي وتطور الجماعات الإسلامية الفلسطينية"، حيث ركز باز على دور الجامعات بصفتها منصات رئيسة لصعود الحركات الإسلامية في فلسطين من خلال أجنحتها الطلابية. وهناك أيضًا العديد من الدراسات الأمنية حول الكتلة الإسلامية لباحثين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية (عنات(2) ، 1996، علمة(3) ، 2013). 

لقد اهتم العديد من الكتاب والباحثين الفلسطينيين والعرب والأجانب بالحركة الطلابية الفلسطينية، مثل عماد غياظة(4) ، ودلال باجس(5) ، وإبراهيم أبو لغد(6) ، ولوري براند(7) ، واهتمت هذه الدراسات بشكل عام بتاريخ الحركات الطلابية في السياق الفلسطيني، ودورها في التاريخ الفلسطيني الحديث وبناء الهوية الفلسطينية بعد الانتداب البريطاني والنكبة الفلسطينية عام 1948.

في استهلال كتابه يوضح زيلكوفيتس أهمية الحركات الطلابية عبر الأزمنة والأمكنة، ودورها الهام في التأثير على السياق العام للمجتمعات، حيث كان الطلبة محفزًا رئيسًا للتحولات الاجتماعية منذ التحولات الكبرى في ألمانيا والنمسا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وشكّلوا حالات ثورية نموذجية في العديد من الدول النامية أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

وفي أوائل القرن العشرين، حسب زيلكوفيتس، زادت مشاركة الحركات الطلابية على نحو متزايد في صراعات التحرر الوطني؛ ففي الإمبراطورية الصينية لعب الطلاب دورًا مهمًّا في الإطاحة بالسلالة الحاكمة وفي تسريع عملية التحديث. كما لعب الطلبة دورًا مهمًّا ضد الاستعمار في جميع أنحاء الدول الأفرو-آسيوية.

ومن أهم الأسئلة التي يطرحها الكاتب في دراسته: ما الذي يميز "الاحتجاجات الطلابية" عن أي شكل آخر من الاحتجاجات؟ وعلى الرغم من أن الكاتب يرى أن الحركات الطلابية تحمل صفات تنظيمية متشابهة، إلا أنه لا يمكن إيجاد نموذج تفسيري واحد لدراسة الحركات الطلابية بسبب التنوع في البيئة الثقافية والسياسية، واختلاف علاقة السلطة مع التعليم العالي عبر الأمكنة والأزمنة. والكاتب يحاول أن يجيب عن هذا السؤال من خلال دراسة الحالة للحركات الطلابية في فلسطين.

ولفهم قوة الحركات الطلابية، يرى زيلكوفيتس أنه من الضروري فحص اثنين من المفاهيم الأساسية التي توضح الدور الفريد المُمارس من قبل الجامعات على المجتمع والسياق العام. المفهومان هما استقلالية الجامعات والحرية الأكاديمية، ولا شك فإن دراسة هذين المفهومين ستؤدي لفهم أعمق لعلاقة السلطة بالمؤسسات الأكاديمية وما ينتج عن ذلك من فهم لقوة الحركات الطلابية.

يجادل زيلكوفيتس أنه بعد نكبة عام 1948 ظهر فراغ كبير في الهيئات والقيادات الوطنية التي تمثل الفلسطينيين، في تلك اللحظة شكل طلبة الجامعات نواة للحركة الوطنية الفلسطينية التي لعبت دورًا مهمًّا فيما بعد للدفاع عن الهوية الوطنية الفلسطينية.

واعتبر الكاتب أن مصر مثّلت مركزًا وثقلاً كبيرًا للمؤسسات الأكاديمية والثقافية في العالم العربي، وقد انعكس هذا على قوة حضور الحركة الطلابية المصرية والعربية بشكل عام والحركة الطلابية الفلسطينية بشكل خاص.

الهدف والمنهجية:

يهدف كتاب زيلكوفيتس إلى دراسة الحركة الطلابية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات الفلسطيني، وفرضية الكاتب هي أنه على الرغم من الاختلافات السياسية والاجتماعية الأساسية بين التجمعات الفلسطينية فإن هذه التجمعات كانت تعمل ضمن مجال ثقافي موحد نحو هدف مشترك، هو الاستقلال الوطني وإقامة دولة ذات سيادة.

ويبحث زيلكوفيتس في كتابه أيضًا عن دور التعليم العالي في النظام السياسي الفلسطيني؛ حيث يركّز على الدور السياسي للجامعات الفلسطينية. ويفترض الكاتب أن العلاقة بين الطلبة والجامعات هي جزء لا يتجزأ من مجتمع يسعى للتحرر وتقرير مصيره.

ويناقش زيلكوفيتس مسألة الهوية في ظل غياب المؤسسات الوطنية، فضلاً عن دور التعليم العالي بصفته وكيلاً للتغيير الاجتماعي وحافزًا لتشكيل الهوية الوطنية. ويتناول الكتاب مساهمات الطلاب الفلسطينيين لبناء الهوية والدولة على طول الخط الزمني الممتد بين 1950 ولغاية 2000.

ويعتمد الكاتب على المنهجية التاريخية في وصف دور الحركات الطلابية الفلسطينية في السياق الفلسطيني، بالإضافة إلى أدوات التحليل السيميائية المستنبطة من علم اجتماع المعرفة (The Sociology of Knowledge) لتحليل الحالة الاجتماعية والثقافية للسياق الطلابي الفلسطيني. وقد حاول الاعتماد على كتاب "معذبو الأرض" لفرانز فانون في تحليل استخدام "العنف" ضد المستعمِر وتبريرات ذلك الأخلاقية من قبل المستعمَر.

الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين 

يرى زيلكوفيتس أنه في النصف الثاني من القرن العشرين لعبت الحركة الطلابية الفلسطينية دورًا محوريًّا في تشكيل الخريطة السياسية وإعادة تأسيس الهوية الوطنية الفلسطينية في حقبة ما بعد النكبة. وكان التحدي الرئيس الذي واجه الاتحاد العام لطلبة فلسطين هو جمع غالبية الطلاب الفلسطينيين تحت سقف تنظيمي مشترك، وما بين عامي 1950 و1960 لعب الاتحاد دورًا مهمًّا في الترتيب الإداري لجسم الطلبة، وكان لذلك آثار اجتماعية وسياسية إيجابية في أوساط الطلبة. 

كان الاتحاد من الأجسام التمثيلية السياسية المهمّة للفلسطينيين إلى حين تأسيس منظمة التحرير. ونجح الاتحاد في احتواء كافة التوجهات الفكرية، الإسلامية والقومية، كما سعى لإقامة تحالفات دولية لتعزيز مكانته في الساحة الدولية، وتعزّز موقعه أكثر بعد المؤتمر الذي عقده عام 1962، بعد ذلك بعامين تأسست منظمة التحرير الفلسطينية. وكانت العلاقة بين المنظمة والاتحاد في البداية علاقة جيدة إلا أنها لم تدم طويلاً، وسعت منظمة التحرير لإخضاع الاتحاد، وخاض الطرفان صراعًا طويلاً على التمثيل الفلسطيني.

يرى زيلكوفيتس أن الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين اعتمد نهج الكفاح المسلح، وأنشأ معسكرات للتدريب العسكري المكثف خلال عطل الجامعات الصيفية، ونشأ الطلبة في هذه المعسكرات على عقيدة قتالية تجعلهم يعتبرون أنفسهم كتيبة الاحتياط في الثورة الفلسطينية.

ويجادل الكاتب أن الإخوان المسلمين انضمّوا بشكل كبير إلى الاتحاد، إلا أن نشاط الإخوان قل داخل الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين بسبب تحجيم منظمة التحرير لهم، وهذا التحجيم لم يؤثّر على نشاطاتهم وأدائهم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في فلسطين المحتلة

يستعرض زيلكوفيتس بداية الحركة الطلابية في الداخل الفلسطيني المُحتل، ويرى أنه مع بداية السبعينيات بدأت الحركة الطلابية تتشكل في الأراضي المحتلة، فبعد العام 1970، تطور دور الجامعات الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني، ولم يعد التعليم مقتصرًا على نخب اقتصادية وسياسية واجتماعية فلسطينية خارج فلسطين، فإنشاء مؤسسات التعليم العالي المحلية فتح أبوابًا جديدة للشباب من مناطق ريفية ومخيمات اللجوء والطبقات المتوسطة في المدن للتعلم والانتساب للجامعات. 

 ويرى الكاتب أن الجامعات الفلسطينية ساهمت في النضال الوطني الفلسطيني، ووفرت معينًا لا ينضب من الكفاءات السياسية والاجتماعية والأكاديمية من الذين أخذوا على عاتقهم بناء الهوية الوطنية الفلسطينية، وقد دفع هذا "إسرائيل" إلى نفي العديد من الأكاديميين من الضفة الغربية كرئيس جامعة بيرزيت حنا ناصر عام 1974، وفي وقت لاحق، وضعت السلطة العسكرية الإسرائيلية إجراءات الإشراف والرقابة العسكرية على النظام الأكاديمي الفلسطيني، التي منحت "الإدارة المدنية" الهيمنة على النظام الأكاديمي.

ويجادل زيلكوفيتس بأن رغبة "الإدارة الإسرائيلية" للإشراف على الكليات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية أدّى إلى خلاف ونقاش حول مسألة الحرية الأكاديمية، فقد اشترطت "الإدارة الإسرائيلية المدنية" على المحاضرين الأجانب، وخاصة في جامعة بيرزيت، الامتناع عن دعم مع منظمة التحرير أو التعاطف معها، وإلا فإنهم سيواجهون الترحيل.

 ومن جهة أخرى، يناقش الكاتب مخاوف منظمة التحرير من الزعماء المحليين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذين عملوا على توطيد نفوذهم السياسي بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية، وحاولت المنظمة إحباط هذه الجهود من أجل تحقيق هيمنة أكبر لها. 

إن الجامعات الفلسطينية التي تأسست بعد عام 1970 احتاجت بنية تحتية إدارية لإدارة أنشطتها، وقد قام المجلس الفلسطيني للتعليم العالي الذي تشكل عام 1972 بهذا الدور، وحصل المجلس على توجيهات ودعم مالي من قبل منظمة التحرير.

ويرى الكاتب أن منظمة التحرير واجهت تحديًّا في "إزالة" أعضاء وقيادات اليسار من المناصب القيادية في المؤسسات التعليمية، بهدف فرض أجندة منظمة التحرير على التعليم العالي في الضفة الغربية وقطاع غزة. 
الحركة الطلابية في الضفة الغربية وقطاع غزة

بدأت العلاقة بين الطلبة وإدارة الجامعات تتوثق من أجل مواجهة القرارات العسكرية المجحفة، ويرى الكاتب أن هذه التحركات كشفت عن ضعف الأطر التنظيمية لمواجهة القرارات العسكرية، مما دفع الطلبة إلى تطوير تجربتهم التنظيمية والدبلوماسية.

وحسب زيلكوفيتش فإن الانفصال الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة مثّل تحديًّا كبيرًا لتمثيل جسم طلابي موحد وممثل للطلبة، وقد اعتبرت الحركة الطلابية في الضفة الغربية وقطاع غزة نفسها طليعة النضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير، ومن أجل ذلك تشجعت الحركة الطلابية لنقل رؤيتها للتغيير الاجتماعي خارج الحرم الجامعي، واستندت في أساليبها على البرامج الاجتماعية التطوعية التي من شأنها أن تُعزّز العلاقة بين الطلاب وقطاعات مختلفة من المجتمع الفلسطيني.

ويرى زيلكوفيتس أن الحركة الشيوعية أول من بدأت بالأنشطة التطوعية خارج إطار الجامعات، ومن ثم حركة فتح التي عزّزت مكانتها وسيطرتها على الحركة الطلابية من خلال تعزيز عمل لجان العمل الخاصة بها في جميع أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1980. 

ويحلل زيلكوفيتش تجربة الاعتقال في السجون "الإسرائيلية"، والتي كانت مهمّة بالنسبة للطلبة، وخاصة الطلبة من أعضاء حركة فتح، حيث اكتسبوا خبرات تنظيمية وقيادية تم الاستفادة منها في وقت لاحق خارج السجون في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبشكل عام احتلت قضية الأسرى مكانة مهمّة لدى الحركات الطلابية بمختلف توجهاتهم الفكرية والأيديولوجية.

ومع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، ينحاز الكاتب للرواية الإسرائيلية في أسباب اندلاع الانتفاضة الأولى، معتبرًا أن مجموعة من العوامل الاقتصادية المتأزمة منذ العام 1980 دفعت مجموعة من الشباب بقيادة ما أسماه "أعمال شغب"، وقد ردّت "إسرائيل" على ذلك بتعطيل الدوام الجامعي، وأغلقت العديد من الجامعات معتبرة إياها نقطة تجمع للمظاهرات الحاشدة. 

ومع توقيع اتفاقية السلام في مدريد عام 1991، يرى الكاتب أن الطلبة الفلسطينيين تفاءلوا بأن الذي ناضلوا من أجله أتى بثماره، وأخذت بعض الحركات الطلابية على عاتقها الترويج للاتفاق وتقديم القيم الديمقراطية لجمهورها.

واعتبر زيلكوفيتس أن التوقيع على اتفاقات أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية كان بمثابة نقطة مرجعية مهمّة في تاريخ الحركة الطلابية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ فقد أحدثت اتفاقات أوسلو انقسامًا داخل الفصائل المنضوية تحت إطار منظمة التحرير، وهذه الانقسامات خلقت بعض الشراكات "الغريبة" بين حماس واليسار وشكّلت تحالفات ضد اتفاق أوسلو. ويرى الكاتب أن اتفاقات أوسلو عزّزت مكانة حماس بين الطلبة وضربت مصداقية فتح بين الطلبة.

ويرى زيلكوفيتس أن حماس قدمت برنامجًا سياسيًّا مقنعًا، مضمونه الكفاح المسلح الذي لا هوادة فيه ورفض التسوية السياسية، مع فتوى أن كامل أرض فلسطين هي إسلامية مما يحظر المفاوضات أخلاقيًّا، واعتمدت حركة حماس على  ذراعها الطلابي (الكتلة الإسلامية)، لتكون سباقة في إحداث التغيير الاجتماعي والسياسي، ونشر رؤية حماس للصراع، وأنها يجب أن تكون جزءًا من الهيكل الإداري لمنظمة التحرير الفلسطينية وانضم إلى هذا التصور حركة الجهاد الإسلامي.

واعترضت الكتل الطلابية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي على اتفاقات أوسلو وعلى قرارات الأمم المتحدة 242 و338، التي اعترفت على نحو فعّال بحق "إسرائيل" في الوجود.

ويرى الكاتب أن الكتلة الإسلامية شكّلت بنية تحتية للذراع العسكرية لحركة حماس، وهذا ما جعل الأجهزة الأمنية الفلسطينية تُخضع الكتلة الإسلامية للرقابة الأمنية، فقد داهمت سكنات نشطاء الكتلة واعتقلت العديد من نشطائهم.

ويَعتبر الكاتب أن هذا السلوك من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد عزّز من مكانة حماس لدى جمهور الطلبة، ويرى أيضًا أن العلاقة المتوترة بين حماس وفتح، واختفاء الأنشطة الطلابية المجتمعية خارج إطار الجامعات التي تميزت بها في أوائل عام 1980، وتمدد مؤسسات السلطة والمجتمع المدني أدّى إلى إضعاف تأثير الحركة الطلابية الفلسطينية على المجال العام. 

وحسب زيلكوفيتس فإن "سيطرة حماس على غزة" أثّر بشكل كبير على الحركة الطلابية، ويرى أن حماس عملت على إضعاف الشبيبة الطلابية في غزة ومحاصرة أنشطتها، وكذلك أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة ضيقت على أنشطة وعناصر الكتلة الإسلامية في جامعات الضفة الغربية.

هذه السلوكيات المتبادلة للحركتين في قطاع غزة والضفة الغربية أسهمت بتقويض الشرعية الديمقراطية للانتخابات الطلابية، فقد قاطعت حماس انتخابات مجلس الطلبة في جامعة بيرزيت، والنجاح وبيت لحم في 2009-2010، وامتنعت الشبيبة من المشاركة في انتخابات مجالس الطلبة في غزة بعد العام 2007.

الخلاصة:

يصل الكاتب إلى نتيجة أن الفصائل الفلسطينية وخاصة بعد اتفاقات أوسلو عام 1990 أصبحت اللاعب الأساسي في الهيمنة على المجتمع الفلسطيني، وأصبحت تتحكم بالحركة الطلابية، على خلاف ما كانت عليه الحركات الطلابية منذ نشوئها بداية السبعينيات في الداخل الفلسطيني، وفقدت الحركة الطلابية الكثير من نفوذها في المجال العام، بمعنى انقلب رأس الهرم، فبعد أن كانت الحركات الطلابية هي المؤسسة للفصائل والنشاط السياسي والاجتماعي العام، أصبحت الفصائل هي التي تتحكم وتهيمن على السياسة والمجتمع بما فيها الحركات الطلابية.

إيدو زيلكوفيتس باحث في المجتمع والسياسة الفلسطينية، ويعمل باحثًا في مركز إزري للدراسات الإيرانية و "الخليج الفارسي" في جامعة حيفا. 

معلومات الكتاب

العنوان: الطلاب والمقاومة في فلسطين: الكتب، البنادق، والسياسة.
المؤلف: إيدو زيلكوفيتس.
عرض: حسن عبيد  – باحث في مركز رؤية للتنمية السياسية في إسطنبول.
الناشر: روتدلج.
لغة الكتاب: الإنجليزية.
تاريخ النشر: 2015
عدد الصفحات: 213

 

 

المصادر والمراجع 

1. Paz, R. (2000). Higher Education and The Development of Palestinian Islamic Groups. Middle East Review of International Affairs, 4(2), 81-95.

2. ترجمة تقرير الخبيرة الأمنية الإسرائيلية  "عنات"حول الكتل الإسلامية من إرشيف الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت.

3. علمة. (2013). الكتلة الإسلامية: دراسة في تقدير المخاطر (ترجمة عاصم عصيدة). إسرائيل: جهاز الأمن العام.

4. غياظة، عماد (2000). الحركة الطلابية الفلسطينية: الممارسة والفاعلية. رام الله: مواطن.

5. باجس، دلال (2012). الحركة الطلابية الإسلامية في فلسطين: الكتلة الإسلامية نموذجا. رام الله: مواطن.

6. Abu Lughod, I. (2000). Palestinian Higher Education: National Identity, liberation, and Globalization.  Boundary 2, 27 (1), 75-95.

7. Brand, L. A. (1988). Palestinians in the Arab world: Institution building and the search for state. New York: Columbia University Press.

 
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى