السلوك “الإسرائيلي” المستبيح للقيم الإنسانية والأخلاقية في الحرب على غزة: الأبعاد والدوافع
يُقدم الاحتلال “الإسرائيلي” نموذجًا فجًا للتوحّش والسادية ضد الفلسطينيين في غزة على وجه الخصوص، سواء من خلال خطابيه الديني والسياسي، أو من خلال ممارساته الفعلية في الحرب على غزة، ولقد وجد الاحتلال في عملية “طوفان الأقصى” وحجم الصدمة الكبيرة لدى “الإسرائيليين”، الفرصة لتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وهو جزء أساسي من الحرب الإعلامية على الفلسطينيين لتبرير حرب الإبادة، وإنكار الواقع الحقيقي، واستباحة القانون الدولي والقيم الإنسانية والأخلاقية في الحرب على غزة.
يتجاوز سلوك الجيش “الإسرائيلي” وأخلاقياته المتأثرة بالخطاب الديني والسياسي، وحربها الوحشية المتواصلة على قطاع غزة، كل تلك الادعاءات التي تقول فيها “تل أبيب” أنها ملتزمة بقواعد الأخلاق، وبالعمل وفق القانون الدولي، وأنّ “جيشها يتصرف بأكبر قدر ممكن من الأخلاقيات في قطاع غزة، الأمر الذي دفع بعض الجهات الدولية إلى الحديث عن “إبادة جماعية” تقوم بها “إسرائيل” في غزة دون مراعاة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، بسبب الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عمومًا.
يسعى هذا التقرير إلى الوقوف على السلوك “الإسرائيلي” المستبيح للقيم الإنسانية والأخلاقية في الحرب على غزة، ويتجلى هذا السلوك بشيطنة الفلسطينيين ونزع صفة الإنسانية عنهم، عبر نشر الأخبار الزائفة وتلفيق الأكاذيب، وفق خطاب ممنهج لتبرير الجرائم الوحشية بصورها المختلفة وأشكالها المتعددة ضد المدنيين والأسرى الفلسطينيين في المعتقلات “الإسرائيلية”.
السلوك “الإسرائيلي” خلال الحرب على غزة:
يُظهر السلوك “الإسرائيلي” المتوحش ضد الفلسطينيين طبيعة الاحتلال العنصرية، وعدم ثقته بالنفس رغم قوته العسكرية الهائلة، فقد انتهكت “إسرائيل” في حربها على قطاع غزة كل القوانين والمبادئ الإنسانية، وتجاوزت القيم والضوابط الأخلاقية، ولا تزال تستخدم في حربها الانتقامية أسلحة محرمة دوليًا شديدة الفتك والدمار، وتوظيفها في جريمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية بحق السكان في غزة، لإيقاع أقصى الألم بكل الفلسطينيين، رجالًا ونساءً وأطفالًا وشيوخًا، باعتباره عاملًا أساسيًا في حسم المعركة وتحقيق أهدافها التي لم تحقق أيّا منها حتى الآن، ومن أشكال هذا السلوك ما يلي:.
1. نزع الإنسانية عن الفلسطينيين:
ارتكز الخطاب “الإسرائيلي” الموجّه إلى الجمهور “الإسرائيلي” على نزع الإنسانية عن الفلسطينيين (Dehumanization) منذ بداية الحرب “الإسرائيلية” على غزة، وذلك بهدف نزع أيّ تعاطف معهم، وتبرير الممارسات العنيفة ضدهم، سواء القتل عبر القصف، أو الحصار والتجويع، أو تدمير المباني على رؤوس ساكنيها المدنيين والعزل من الأطفال والنساء وكبار السن، من دون أيّة رحمة أو رأفة، أو تأثُّر بمشاهد الأطفال والأبرياء وأشلائهم بعد قصف بيوتهم، ومن “الإسرائيليين” من اعتبر أنّ عملية “طوفان الأقصى” تشبه هجمات 11 سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك من رأى فيها استمرارًا للكارثة اليهودية (الهولوكوست)، من خلال وصف العملية بأنها أكبر “بوغروم”، أيّ اعتداءات جماعية على اليهود منذ “الكارثة اليهودية”، واصفين حماس بالنازييين أو الدواعش.
يظهر أنّ استراتيجية تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم هي جزء أساس من الحرب الإعلامية على الفلسطينيين، حيث وصف “نتنياهو” غزة بأنها “مدينة الشر”، وقد صرَّح وزير الحرب “الإسرائيلي” “يوآف غالانت” في معرض حديثه عن شنّ عدوان على قطاع غزة بقوله: “نحن نحارب حيوانات بشرية”، وذلك في تبريره لقطع الكهرباء والماء والطعام عن قطاع غزة، كما انتشرت عبارات مثل “يجب محو غزة” أو “تسويتها في الأرض”، دون استعداد لقبول أيّ نوع من المساواة بين القتلى “الإسرائيليين” المدنيين والقتلى الفلسطينيين المدنيين، مثل تصريح وزير التراث ا”لإسرائيلي” “عميحاي إلياهو” الذي قال: “إنّ أحد خيارات “إسرائيل” في الحرب على غزة هو إسقاط قنبلة نووية”، وقال وزير الأمن القومي “الإسرائيلي” “إيتمار بن غفير”: “بأن الشيء الوحيد الذي يحتاج إلى دخول غزة هو مئات الأطنان من المتفجرات”، وقد تم تشبيه الفلسطينيين على حسابات السوشيال الميديا الإسرائيلية بـ”الجرذان أو الثعابين”، كل هذه التصريحات هي أمثلة واضحة على هذه الاستراتيجية التي تهدف إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وبنفس الوقت تبرير جرائم الحرب “الإسرائيلية” ضد الفلسطينيين.
من جانب آخر، فإنّ صدمة السابع من أكتوبر تفسر التجنيد الكبير في المجتمع “الإسرائيلي”، والتأييد الشامل لعملية عسكرية “إسرائيلية” قاسية في القطاع، سواء من الجو أو من خلال دعم عملية برية للقضاء على حكم حركة حماس في قطاع غزة، الأمر الذي يُظهر جليًا المواقف المتطرفة داخل المجتمع “الإسرائيلي” تجاه قطاع غزة، وليس حركة حماس فقط، فقد تجندت المعارضة “الإسرائيلية” إلى جانب الحكومة والجيش، وشُكّلت حكومة طوارئ لإدارة الحرب بمشاركة حزب “المعسكر الرسمي”، وبقيادة وزيري الأمن السابقيْن “بيني غانتس” و”غادي أيزنكوت”، اللذيْن لا تختلف مواقفهما عن مواقف الإجماع الأمني “الإسرائيلي”، ومنها اجتياح غزة البري، والأهم هو احتمال فتح جبهة ثانية على الحدود الشمالية مع حزب الله، وما ذُكر ليس بعيدًا عن دفاع الرئيس “الإسرائيلي” “إسحق هرتسوغ” منذ بداية الحرب عن القصف المكثف على قطاع غزة، رغم الأعداد الكبيرة للقتلى من الأطفال والنساء وكبار السن، وقد كشفت القذيفة نية زرع الدمار وقتل الأبرياء في غزة، حيث وقع عليها “هرتسوغ” قبل إطلاقها باتجاه قطاع غزة أثناء زيارته للجنود على حدود قطاع غزة، وكتب عليها (أنا أعتمد عليكم)، وهو محاط بالجنود المبتسمين في ما يشبه الحفل البهيج، كما كشفت عن التأييد الشامل لعملية عسكرية “إسرائيلية” قاسية في غزة، وأنّ “هرتسوغ” الذي يُقدَّم على أنه “حمامة سلام”، لا يختلف بعقليته عن العقلية “الإسرائيلية” الانتقامية في حرب الإبادة في غزة.
إلى جانب ذلك، فإن الغالبية العظمى من نقاشات المجتمع الأكاديمي والثقافي “الإسرائيلي” اصطفت إلى جانب الجيش في تبرير القتل واسع النطاق للمدنيين الفلسطينيين، باعتبارها حربًا وجودية، بينما حاولت قلة محدودة جدًا إعادة عملية السابع من أكتوبر إلى جذرها الأصلي، وهو الاحتلال والتهجير والإهانة والقمع والحصار والقتل المستمر لسكان البلاد الأصليين، وهذا ما يُظهر أنّ المجتمع الأكاديمي “الإسرائيلي” في غالبيته هو جزء أساس من تركيبة المجتمع “الإسرائيلي” وفكرته التي لا ترى الفلسطيني إلّا ميتًا أو خارج الجغرافيا والتاريخ.
تهدف استراتيجية تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم عن طريق شيطنة المقاومة الفلسطينية وحتى المدنيين، إلى صناعة وعي مشوه للحصول على تبرير ومباركة من الدول الكبرى، والغرب خصوصًا لإنجاز المجازر الدموية التي خطّط الاحتلال لارتكابها في قطاع غزة، على الرغم من خروجه عن القيم الإنسانية والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الحرب.
2. الخطاب الديني التحريضي:
استدعت “إسرائيل” مبكرًا الخطاب الديني في حرب الإبادية على قطاع غزة، ووظفت البُعد الديني التوراتي من أجل الحشد والتعبئة في صفوف “الإسرائيليين” للانخراط في القتال بالمعارك في غزة، وبدا الخطاب الديني المصاحب للعدوان “الإسرائيلي” على غزة، خطاب منظومة الحكم السائدة والمهيمنة داخل المجتمع “الإسرائيلي”، وتضم على السواء نخبًا سياسية وعسكرية ودينية.
استدعى “نتنياهو” “نبوءة إشعياء” في خطاب متلفز يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إطار سعيه لمواصلة حرب الإبادة على قطاع غزة، وقال: “نحن أبناء النور، بينما هم أبناء الظلام، وسينتصر النور على الظلام”، مضيفًا “سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معًا وسنحقق النصر”، كما استدعى “نتنياهو” نصًا دينيًا آخر، حين قال: “يجب أن تتذكروا ما فعله عماليق بكم، كما يقول لنا كتابنا المقدس، ونحن نتذكر ذلك بالفعل، ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل”.
تحيل كلمة العماليق إلى قبيلة من البدو الرحل سكنوا شبه جزيرة سيناء وجنوبي فلسطين، وصارت تعني في الثقافة اليهودية “ذروة الشر الجسدي والروحي”، ويجد ذلك من يقرأ في سفر صموئيل الأول “اذهب وحارب عماليق، اقض عليهم قضاءً تامًا، هم وكل ما لهم، لا تشفق عليهم، اقتل جميع الرِجال والنساء والأطفال والرضع، واقتل ثيرانهم وغنمهم وجمالهم وحميرهم، وحاربهم حتى يَفنوا”، لذا، فإن استدعاء هذا النص الديني يشير إلى استخدام القوة الطاغية في الانتقام الشرس من قوى المقاومة، بتنفيذ سياسات العقاب الجماعي ضد المدنيين، وسفك الدماء وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها، وإعادة الحياة قرونا إلى الوراء، ومن مضامين هذا المصطلح أيضًا استخدام سياسة الحصار والإذلال، والقضاء على مصادر الرزق، ومنع حرية الحركة ومنع الخدمات الصحية، وشن عمليات الاعتقال والتعذيب، في محاولة من جيش الاحتلال لهزيمة الفلسطيني نفسيًا، وإشعاره بالعجز ليستسلم للأمر الواقع.
يهدف “نتنياهو” أيضًا إلى ربط الذهنية اليهودية والمسيحية بأنّ الفلسطينيين هم العماليق، وبأنّ العمل العسكري “الإسرائيلي” في غزة وضد فلسطين بشكل عام هو تنفيذ لإرادة الرب في العهد القديم، كما يلمح إلى أنّ الغرض العسكري سيكون إبادة ممثلي العماليق في فلسطين حاليًا حسب روايته اللاهوتية، قبل أن ينتقل إلى استدعاء فقرات من “أسفار الأنبياء”، مشيرًا إلى أنّ “إسرائيل” تمثل النور، وحماس تمثل الظلام”.
تحدث الحاخام “مانيس فريدمان” صراحة عن أنّ الطريقة الوحيدة لخوض حرب أخلاقية هي الطريقة اليهودية: “دمر أماكنهم المقدسة، واقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم”، وأنّ تلك هي قيم التوراة التي ستجعل “الإسرائيليين” “النور الذي يشع للأمم التي تعاني الهزيمة بسبب الأخلاقيات المدمرة التي اخترعها الإنسان”، ويؤكد أنها الطريقة التي تشكل “الرادع الوحيد والحقيقي للتخلص من ثبات الفلسطينيين ومقاومتهم المستمرة”، كما وتعبّر تصريحات الوزير “عميحاي إلياهو” التي دعا فيها إلى إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة وإعادة بناء المستوطنات فيه، عن تيار كبير متغلغل داخل المجتمع “الإسرائيلي”، ويحظى بنفوذ داخل دوائر صنع القرار السياسي، ويبرر هذا التيار -الذي تقوده التعاليم التوراتية المحرفة- العنف ضد من يسميهم “الأغيار” من غير اليهود، وطردهم مما يزعمون أنها أرض “إسرائيل”، أو قتلهم، فليس أمام هؤلاء الأغيار خيار غير الإبادة أو التهجير، وفق معتقداتهم.
مع بداية العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة، تطوع المئات من الشبان “الحريديم” (المتدينين) للقتال على جبهة غزة، على الرغم من أنّ قانون التجنيد لا يلزمهم بالخدمة العسكرية، كونهم يكرسون حياتهم في المدارس الدينية لتعلُّم الديانة اليهودية والتوراة، وتتغلغل المعتقدات الدينية اليهودية في مختلف وحدات الجيش “الإسرائيلي” المشاركة في عمليات التوغل البري في غزة، وتشير الأناشيد الكاهانية التي تتغنى بها هذه القوات إلى أنّ فكر “القومية المسيحانية” منتشر بينها، ولا سيّما وهي ترفع على الدبابات المتوغلة شعارات عودة الاستيطان إلى “غوش قطيف”.
يشير كل ذلك إلى أنّ منظومة الحكم “الإسرائيلية” لجأت إلى هذه المقولات التوراتية لتسويغ حربهم في غزة، واعتبارها “حربا أخلاقية” تهدف إلى إبادة “مجموعة من العصابات التي لا تفهم معنى الإنسانية”.
3. وحشية التعامل مع الأسرى الفلسطينيين:
لقد تغيّر التعامل مع الأسرى الفلسطينيين في السجون “الإسرائيلية” بعد السابع من أكتوبر الماضي من سيء إلى أسوأ، وتفاقمت معاناتهم، وأصبحت ظروف حياتهم خلف قضبان السجون وفي الزنازين تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة البشرية، وازدادت الاعتقالات وارتفعت أرقامها، وتصاعدت الانتهاكات “الإسرائيلية” والجرائم بحقهم بشكل خطير وغير مسبوق، وقد فقدَ 18 أسيرًا حياته منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى الآن، نتيجة للتعذيب الممنهج أو الإهمال الطبي، وفيما يلي ملخص معطيات حملات الاعتقال بعد السابع من أكتوبر حتى تاريخ 8/5/2024، ويشمل فقط من اعتُقلوا من الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس.
حصيلة الاعتقالات | النساء | الأطفال | الصحافيين | أوامر الاعتقال الإداري |
8640 | 290 (منهن 17 معتقلة إداريًا) | 610 | 75 – تبقى منهم 48 | 5900 |
إلى جانب ذلك، لا يزال معتقلو غزة رهن الإخفاء القسري، ويُقدَّر عددهم بـ 3 آلاف معتقل، حيث يُعرّفون (بعد 7 أكتوبر) على أنهم “مقاتلين غير شرعيين”، ويخضعون مباشرة للجيش، وليس لمصلحة السجون، إذ تمنع “إسرائيل” أي تواصل معهم عن طريق الصليب الأحمر أو المحامين، ولا تُصرّح بأسمائهم أو ظروف احتجازهم، وحين يتم إحضارهم أمام قاض يتم ذلك من دون محام، وعن طريق الفيديو كونفرنس (V.C).
سنَّت “إسرائيل” وعدَّلت منذ إعلان الحرب ولغاية الآن العديد من القوانين والقرارات التي اتُّخِذت ضد المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، والتي لا تتماشى مع القانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي وقعتها “تل أبيب”، وتلك المُلزمة لها، حيث تنتهك حقوقًا أساسية للأسرى، مما يضعهم في خطر تعرضهم للتعذيب والاختفاء القسري، أو حتى الموت.
يتعرض الأسرى الفلسطينيين في السجون “الإسرائيلية” بشكل يومي لأبشع صنوف العذاب والانتهاكات والتجاوزات، وأكدت الشهادات وجود معتقلين من الرجال والنساء في السجون “الإسرائيلية” تراوحت أعمارهم بين 6 أعوام و82 عامًا، وأنّ بعضهم تُوفي بسبب أعمال عنف وظروف احتجاز سيئة للغاية من قِبَل الاحتلال، وأكدت روايات من معتقلين تعرّضهم للضرب والتجريد من ملابسهم، والسرقة، وعصب أعينهم، والاعتداء الجنسي، وحرمانهم من الاتصال بالمحامين والأطباء، لأكثر من شهر في كثير من الأحيان، وكشف أسرى فلسطينيون من قطاع غزة كانوا محتجزين لدى قوات الاحتلال، عن هول ما عانوه من تعذيب مستمر، وتحقيق ميداني لا يخضع لأية رقابة أو قوانين، وحرمان من الطعام والنوم، علاوة على فظائع تعذيب أسرى غزة بالمعتقلات الميدانية التي كشفها طبيب “إسرائيلي“.
كشفت شهادات عشرات الأسرى، والتي جمعها محامون من قِبَل منظمة أطباء لحقوق الإنسان أثناء زياراتهم للأسرى في مختلف السجون، إلقاء السجانين الشتائم البذيئة على الأسرى، والصفعات واللكمات أثناء نقلهم بين المهاجع، كما يجبر السجانون المعتقلين على تقبيل العلم “الإسرائيلي”، ويضربون من يرفض القيام بذلك، ويجرد الحراس الأسرى من ملابسهم بالقوة، ويسخرون منهم ويهينونهم أثناء تفتيشهم، ويُعاقَب الأسير الذي يشتكي أمام المحكمة أو محاميه أنه يتعرض للضرب والتنكيل، ويتم ضربه أكثر أو وضعه في العزل، وأضافت الشهادات أنّ أسرى غزة احتُجِزوا في مراكز اعتقال في منطقة “زيكيم” وسجن “النقب”، حيث تعرضوا للضرب بالهراوات المعدنية وعصي الكهرباء، وصب الماء الساخن على رؤوسهم، وذلك بحضور المدنيين “الإسرائيليين” الذين كانوا يصورون الجرائم على هواتفهم النقالة، كما وتم تعريتهم وتعريضهم للتعذيب بشكل علني، وبمشاركة مدنيين “إسرائيليين”، حيث وُجِّهت الضربات والشتائم لهم باللغة العربية.
كشف تحقيق لشبكة “سي إن إن” الأميركية مؤخرًا حالة التعذيب والوحشية التي يتعامل بها جيش الاحتلال “الإسرائيلي” مع المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، وأظهر أنّ هنالك انتهاكات وتعذيب لمعتقلين فلسطينيين على يد جنود “إسرائيليين” في مركز اعتقال سري بالنقب، وذكر التحقيق أنه شوهدت صفوف من الرجال يرتدون بدلات رياضية رمادية يجلسون على مراتب رقيقة من الورق، ومحاطة بسياج شائك، ويبدو الجميع معصوبي الأعين، ورؤوسهم معلقة بثقل تحت وهج الأضواء الكاشفة، ورائحة كريهة ملأت الهواء، وكانت الغرفة تضج بأصوات الرجال، ومُنعوا من التحدث مع بعضهم البعض، ووفقاً للتحقيق، فإنّ المنشأة التي تقع على بعد حوالي 18 ميلًا من حدود غزة مقسمة إلى قسمين: حاويات: حيث يتم وضع حوالي 70 معتقلًا فلسطينيًا من غزة تحت قيود جسدية شديدة، ومستشفى ميداني: حيث يُربَط المعتقلين الجرحى إلى أسرّتهم، ويرتدون حفاضات، ويتم تغذيتهم من خلال مصاصات بلاستيكية، بحيث جردوهم من أي شيء يشبه البشر، ويشير تحقيق شبكة “سي إن إن” أنّ الضرب لم يكن لجمع المعلومات الاستخبارية، إنما بدافع الانتقام.
تضاف هذه الجرائم إلى سجل طويل من الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون على يد الجيش “الإسرائيلي” في قطاع غزة والمناطق الفلسطينية الأخرى، ويحاول الاحتلال من خلال سلوكه المنهجي بحق الأسرى الفلسطينيين تحقيق مجموعة من الأهداف، مبررًا ذلك بمحاربة الإرهاب، في محاولة لإخراج قضية استهداف الأسرى عن سياقها الحقيقي المكفول وفقًا لقرارات دولية، ويفترض بها أن توفر الحماية الكاملة لهم، باعتبارهم يقبعون تحت الاحتلال “الإسرائيلي”، مع التأكيد على أنّ الهجمة على الأسرى الفلسطينيين وما يتعرضون له من انتهاكات جسيمة تطاول حقوقهم الأساسية موجودة منذ بداية الاحتلال، ولم تكن حياة الأسرى الفلسطينيين داخل السجون “فندق 5 نجوم”، لكن الظروف والممارسات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون بعد 7 أكتوبر فاقت وتجاوزت كافة الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، وفي مقدمتها القانون الإنساني الدولي، و”اتفاقية جنيف الرابعة”، ومبادئ حقوق الإنسان، و”النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.
4. نهب ممتلكات الفلسطينيين:
أطلق الجيش “الإسرائيلي” العنان لجنوده في قطاع غزة للإقدام على ممارسات غير أخلاقية بحق المدنيين الفلسطينيين خلال مداهمة منازلهم، شملت أعمال نهب وسرقة الممتلكات، ووفقًا لتقرير نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإنه تلقى شهادات جديدة حول قيام قوات الجيش الإسرائيلي بعمليات سلب وسرقات واسعة من المواطنين ومنازلهم، وتشير الإفادات التي وثّقها المرصد إلى سرقة متعلقات شخصية لمدنيين فلسطينيين، وأعمال نهب واسعة لمقتنيات ثمينة قد تتجاوز حصيلتها عشرات الملايين من الدولارات، بما يشمل الذهب ومبالغ مالية وهواتف نقالة وأجهزة كمبيوتر محمولة، وأضاف المرصد أنّ العديد من المنازل التي تعرضت للسلب والسرقة أحرقها الجنود أو قصفوها ودمروها، في إطار نهج يقوم على الانتقام الجماعي ونزع الصفة الإنسانية والمدنية من الفلسطينيين، إلى جانب نشر جنود “إسرائيليون” على منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات توثق تعمدهم تخريب منازل المدنيين في غزة وحرقها، فضلًا عن التفاخر بالاستيلاء على أموال ومقتنيات ثمينة.
من جانب آخر، يؤكد “ناحوم بارنياع” المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” “الإسرائيلية” أنّ جيش بلاده ارتكب أعمال نهب وهدم غير مبررة طالت منازل الفلسطينيين في غزة، وحذَّر “بارنياع” من انعكاس هذه الممارسات على “إسرائيل” نفسها، كما أبدى تخوفه من استخدام مشاهد وصور الانتقام الجماعي من السكان الفلسطينيين في غزة ضدها (إسرائيل) أمام محكمة العدل الدولية.
يُستَبعَد أن يكون دافع الجنود وسلوكهم في النهب لتلبية احتياجاتهم الجسدية، كما أنهم ليسوا بالضرورة مدفوعين بالجشع، بل إنّ النهب أثناء القتال هو تعبير عن الرغبة في الانتقام، كما يقوم الجنود بالانتقام الرمزي، حيث إنّ الاستيلاء على ممتلكات أعدائهم بعد هزيمتهم يرمز إلى النصر الكامل، وهذا ما يؤكده الكاتب “ياجيل ليفي” في مقال له في صحيفة “هآرتس”، الذي يرى أيضًا أنّ النهب هو رمز للانتقام العام، وليس من قبيل الصدفة أن يصاحب ذلك تدمير للممتلكات، بما في ذلك أكثر من حادثة أُحرقت فيها المنازل دون داعٍ، إلى جانب أنّ النهب يعكس إنكارًا لإنسانية سكان العدو، مما يجعل من تفتيش ممتلكاتهم الشخصية مقبولًا، حتى الأكثر حميمية منها، واختيار ما يجب أخذه، وفي السياق ذاته لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ عمليات النهب وسرقة الممتلكات في الحرب ليست ظاهرة مستحدثة على الجيش “الإسرائيلي”، بل ميراث متجذر في العقلية الصهيونية، لا سيّما وأن الأرشيفات “الإسرائيلية” قد كشفت حديثًا عن عمليات نهب العسكريين والمدنيين اليهود كل ما طالته أيديهم إبان النكبة في جميع أنحاء فلسطين.
لم يقتصر الأمر على نهب الممتلكات في قطاع غزة، فالضفة الغربية شهدت سرقات الجيش “الإسرائيلي” لممتلكات المواطنين، سواء من الأموال والذهب وحتى سيارات خاصة وممتلكات أخرى.
5. استخدام التجويع المحرم دوليًا:
لا تزال “إسرائيل” تتبع سياسة الأرض المحروقة في حربها الإنتقامية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فدمرت المحاصيل الزراعية، ومنعت السكان المدنيين من الوصول إليها، وأغلقت المعابر ومنعت دخول شاحنات المساعدات الإغاثية الإنسانية، كما قصفت الطائرات “الإسرائيلية” الأشجار المثمرة والمزارع والحقول، وخزّانات المياه، ومنعت دخول جميع الشاحنات التي تحمل مواد غذائية إلى أهالي القطاع.
منذ اليوم الأول للحرب، لجأت “إسرائيل” إلى استخدام سلاح التجويع المحرم دوليًا، وتوظيفه في جريمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية بحق السكان المدنيين في غزة، من خلال فرض حصار كامل على القطاع، وبذلك تُطبِّق حرفيًا أوامر وزير الحرب “الإسرائيلي” طيوآف غالانت”، التي قال فيها: “لقد أعطيت أمرًا: غزة ستكون تحت حصار تام لا كهرباء، لا طعام، لا وقود، كل شيء مغلق”، كما أنها استجابة لجنرالات وسياسيين “إسرائيليين” يطالبون بعدم التخلي عن “سياسة التجويع” في غزة.
أظهرت معطيات نشرتها جهات حقوقية أنّ قتل الجياع وقصف المساعدات نهج “إسرائيلي” متعمد لتكريس المجاعة في غزة، كما أنّ الجيش “الإسرائيلي” قتل 563 فلسطينيًّا وأصاب 1523 آخرين خلال عملياته العسكرية التي استهدف فيها بشكل مباشر منتظري المساعدات، ومراكز توزيع، وعاملين ومسؤولين عن تنظيم وحماية المساعدات وتوزيعها في قطاع غزة، يضاف إلى ذلك إعلان 11 دولة تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في أعقاب ادعاءات “إسرائيلية” لـ 12 من موظفيها من الفلسطينيين بالمشاركة في عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر، مع أنّ “إسرائيل” لم تقدم رسميًا للأمم المتحدة بعد ملفها بشأن اتهام موظفين من وكالة الأونروا بغزة، وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام، ويدل على أنّ وقف تمويل الأونروا هو المرحلة الأخيرة من الإبادة الجماعية لأهل غزة، وهو ما يزيد الحصار “الإسرائيلي” ويعمق معاناة السكان المدنيين في غزة، ويفاقم شبح المجاعة الذي صار يُخيِّم على قطاع غزة، نتيجة لاستخدام سلاح التجويع المحرم دوليًا.
يُستنتَج من ذلك كله أنّ الإجراءات التي تطبقها “إسرائيل”، والعقوبات الجماعية التي تفرضها على قطاع غزة، تهدف بشكل مباشر وواضح إلى تجويع جميع السكان، ليس فقط أسلوب من أساليب الحرب، بل جريمة حرب قائمة بحد ذاتها، وتعريضهم لخطر الهلاك الفعلي، كما أنّ هذه الأفعال تشكل جزءًا أساسيًا من جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها “تل أبيب” ضد جميع سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي.
أسباب هذه السلوكيات والتوحش “الإسرائيلي”:
تكشف المعطيات التي تم الحديث عنها فيما سبق جملة من الدوافع والأسباب التي تشكل عوامل تحفيز للتوحش “الإسرائيلي” غير المسبوق، ومن هذه العوامل:
- العامل الديني: إنّ توظيف الخطاب الديني التحريضي في “إسرائيل”، وتقديم الرواية اللاهوتية التوراتية إلى العالم لتبرير حربهم ضد الفلسطينيين ليس جديدًا، فقادة الاحتلال “الإسرائيلي” يستندون إلى نصوصهم الدينية المحرفة، والتي تدعو إلى ارتكاب المذابح والإجرام لإعطاء مزيدًا من الحماسة لجنودهم لتنفيذ أهدافهم الإجرامية، كما يهدف “نتنياهو” التأكيد على أنّ وجه “إسرائيل” تغير من دولة صهيونية إلى دولة يهودية، تتخذ من شريعة التوراة أساسًا للحكم ولتنفيذ القرار السياسي والعسكري، وبالتالي يسعى “نتنياهو لإكساب الحرب ضد غزة وحماس الطابع الديني، أملًا في أن يحفز ذلك المجتمع الديني في “إسرائيل” على الاشتراك في الحرب، والموافقة على الخدمة العسكرية في المستقبل، علاوة على ذلك أنّ “نتنياهو” يسعى من خلال التوظيف الديني إلى ترميم قاعدته الانتخابية والشعبية، إذ كشفت استطلاعات الرأي عن تراجع حاد في شعبيته، واستدعاء “نتنياهو” لللاهوت التوراتي والمسيحي يأتي لأنه يوفر له تأييد 13 في المائة من المجتمع “الإسرائيلي” المتدين، مع ما تتمتع به هذه الفئة من نفوذ سياسي وديني يعتمد عليه للهروب من الملاحقات القضائية.
- شيطنة الفلسطينيين: لقد أدتحالة الصدمة الكبيرة التي أحدثتها عملية “طوفان الأقصى” وتداعيتها السلبية على المجتمع “الإسرائيلي” عامة، والشعور بالهزيمة المرّة ويوم الإذلال والمهانة والعار الوطني، إلى انفلات الوحشية “الإسرائيلية” من عقالها بشكل غير مسبوق، فقد مهدت حملة التحريض الدموية “الإسرائيلية” ضد الفلسطينيين للعملية العسكرية الواسعة وغير المقيّدة التي أطلقتها “تل أبيب” ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتحولت إلى حرب للإبادة والتهجير، والتي ترافقت أيضًا مع حملة افتراءات غير مسبوقة لشيطنة الشعب الفلسطيني والمقاومة، ووصفها بالإرهاب وتبرير انتهاك القوانين الدولية إلى درجة ارتكاب جرائم حرب موصوفة.
- فقدان حالة الاستقرار: لقد مثّلت 7 أكتوبر لحظة فارقة في المستقبل الوجودي لمشروع “إسرائيل” في المنطقة وتغيرت قواعد الصراع، ويعتبر هذا الحادث أكبر صدمة في التاريخ اليهودي بعد المحرقة، إذ تم التشكيك في الواقع الوجودي للكيان “الإسرائيلي” الآتي من الخارج، وبالتالي جعل ذلك “إسرائيل” تستحضر “الخطر الوجودي” على بقائها وعلى مشروعها، وتكثر من الحديث عنه في هكذا “بيئة معادية”، وهو عامل محفز للتوحش “الإسرائيلي” ضد الفلسطينيين، ليظهر ما يعتقدونه قوة تساعدهم على إحداث التوازن النفسي لديهم، بالإضافة إلى أنّ “تل أبيب” سعت بأقصى طاقتها لتوحيد جبهتها الداخلية لإظهار وحدتها وتماسكها أمام ما تواجهه من خطر وجودي، وعبَّر عن ذلك “نتنياهو” بالقول: “عندما يكون هناك خطر وجودي نوحّد القوى ولا نفرّقها”، فشكَّلت “إسرائيل” حكومة الطوارئ، ووحدّت من خلفها الشارع “الإسرائيلي” الذي تعالت أصواته بالانتقام من الفلسطينيين.
- الخوف من الفشل العسكري: استمرار الحرب على غزة، والفشل في حسمها وتحقيق أهدافها، والسعي بكل قوة لتحقيق انتصار أو “صور انتصار” تغذي الرغبة “الإسرائيلية” في الانتقام من الفلسطينيين والتوحش غير المسبوق ضدهم.
- الدعم الغربي: ضمان المساندة الغربية لـ “إسرائيل”، والدعم الأمريكي والغربي اللامحدود لتصرفاتها، وعدم المساءلة والمحاسبة الدولية على وحشيتها وجرائمها، يشجعها في الاستمرار بالتوحش ضد الفلسطينيين، وفي مواصلة انتهاك القوانين الدولية، وعدم المبالاة لقرارات المحكمة الدولية ومجلس الأمن، إلى جانب الضعف العربي والإسلامي وعدم القدرة على لجم عدوان الاحتلال “الإسرائيلي” على غزة ومعاقبته عليه.
الخاتمة:
تضع سلوكيات الجيش “الإسرائيلي” وأخلاقياته المتوحشة والسادية الفعلية في الحرب على غزة ضد الفلسطينيين “إسرائيل” تحت المجهر الدولي بشكل متزايد، لا سيّما وأنّ حرب الإبادة التي تشنها “تل أبيب” على غزة، والمتواصلة منذ سبعة أشهر، كشفت ضياع البوصلة الأخلاقية، ووضعت العالم في مأزق أخلاقي وقانوني وسياسي، ولن تكون علاقة دول العالم الخارجية مع “إسرائيل” كما كانت من قبل، وعلى صعيد الرأي العام العالمي، بما في ذلك الرأي العام الغربي، فقد تبلورت صورة مختلفة إلى حد كبير عن “إسرائيل”، والتي تحولت إلى حد بعيد إلى دولة منبوذة في الرأي العام الدولي، وباتت في خانة دولة احتلال تنفذ جرائم حرب، وهي صورة مختلفة تمامًا عما عملت واجتهدت “إسرائيل” والمؤسسات الصهيونية في تسويقها قرابة قرن، كما أنّ خضوع “إسرائيل” للمحاكمة في محكمة العدل الدولية بتهمة إبادة شعب حَوَّلها إلى متهمة رسميا بجرائم حرب وإبادة شعب، مع توثيق وتدعيم بقرائن وأدلة عديدة.
بالرغم من “تسريبات” وثيقة داخلية لوزارة الخارجية الأمريكية تشير لمخاوف واشنطن من سلوك “تل أبيب” في حربها على غزة وتحذر من أنّ سمعة “إسرائيل” تتضرر عالميًا، وتؤكد أيضًا على وجود “أزمة مصداقية” كبيرة تواجهها كل من الولايات المتحدة و “إسرائيل” جراء العمليات العسكرية في غزة، إلّا أنّ ضمان عدم مساءلة ومحاسبة “تل أبيب” على وحشيتها وجرائمها التي لا تتوقف عن ارتكابها ومسؤوليتها عن اندلاع الحرب والكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة، يبقى مرتبطًا بتوقف استمرار النفاق والانحياز الغربي الذي يحول بينها وبين المساءلة من قبل المؤسسات الدولية.
[1] باحث أكاديمي في القضايا السياسية من الناصرة.